بطليموس في زيارته لعدن..بقلم / صالح اْحمد البابكري*

[راجع ياوطني]

بطليموس في زيارته لعدن
بقلم /صالح اْحمد البابكري *

تعد الحضارة الاْغريقية من اْعظم الحضارات التي عرفتها البشرية عبر رحلتها على الارض ’ واذا كانت الحضارات الشرقية هي السباقة في وضع لبنات التطور والنهوض بالانسان ونقله من العصور الموغلة الى عالم المعرفة والادراك واْطلاق العنان للعقل اْن يفكر ويبتكر ويبداْ رحلة البناء لحياته مستفيدا من النعم التي اْورثها الله عز وجل له على هذه المعمورة ليطور حياته في رحلته المؤقته الى حين يرث الدنيا بقيام الساعة التي علمها عند الله سبحانه وتعالى .
إن من الطبيعي إن يكون الشرق الاْدنى هو قاعدة الاْنطلاق للبشرية (الشرق الاْوسط ) في تاْسيس ووضع الخطى البنيوية التحضرية لقيام الحضارة الانسانية في شكلها العام نظرا لخلق الانسان في هذه البقعة من المعمورة اْكان في طوره الاْول اْبان اْدم عليه السلام اْم في طورها الثاني بعد الطوفان اْبان نبي الله نوح عليه السلام ومن هنا كانت بلاد الشرق هي الحاضنة بارادة الله لبداية الحياة التحضرية والاكتشافات النفعية للثروات للاستفادة منها بعد ان تطور عقل الانسان في الشرق الذي يعد مركز اشعاع الديانات السماوية ’ واهتدى الانسان الى كيفية معالجة هذه الثروات المختلفة وتحديدا في ما سمي بعلمم التعدين ’ اْي اْستخراج المادة وصقلها من الاْتربة والشوائب حتى تصل في النهاية الى وضعها وشكلها الطبيعي ومن اْهم المواد المكتشفة في قديم الزمن هي الحديد والبرونز والنحاس والذهب والتي بداْت الحضارات عصر الصناعة بتلك المواد الخام وغيرها من المواد التعدينية .. وتشير كل البحوث المتعلقة بالتاريخ البشري قديمها وحديثها بما لايدع مجالا للشك اْن تلك المواد التعدينية قد تم اْكتشافها في العربية الجنوبية من شبه الجزيرة العربية قبل اْي بقعة اْخرى في الكرة الاْرضية , وسبحان الله العظيم الذي جعل من هذه الاْرض المباركة الحياة الاْولى للبشرية وجعل سبل الحياة وتطورها وتحضرها ايضا من هذه الارض المباركة وجعلها بداية التنظيم في كل مايتعلق بالنهوض البشري تمكينا وتوفيقا من عند الله عز وجل ..
وكانت اْهم مناطق الاكتشافات في وسط حضرموت الكبرى وهي ما يعرف حاليا ارض باكازم من محافظة اْبين واْكتشف الذهب في شرق حبان من محافظة شبوة واكتشف الحديد في محافظة عدن واكتشف النحاس في ,,عمان ’’ والتي يرد اسمها في تاريخ الاغريق (غمان ) والمقصود بها حاليا سلطنة عمان الشقيقة ’ وهذه الاكتشافات التي نتحدث عنها بكل تاْكيد في غابر الاْزمان وعند بداية خطى الانسان نحو التحضر والحضارة فما بالك اليوم عندما حقق الانسان من اْدوات التقنية الحديثة ما يذهل العقل ويخطف لبه وكيف سيكون عليه واقع الحال لشعب الجنوب العربي العظيم في المستقبل المنظور بعد انتزاعه استقلاله من براثن الجهل والتخلف المسمى ,,باليمن ’’ ..
لقد زار بطليموس عدن في حوالي 280 قبل الميلاد وهناك من كتاب التاريخ من اْرخ قبل ذلك وهم قلة ’ إلا إنه من المرجح اْن تكون الزيارة في القرن الثالث قبل الميلاد ’ وبطليموس يعد من اْكبر العلماء الجغرافيون الاْغريق و العالم في العصور القديمة وقد ظل اْسمه محفورا في عقول الاْجيال البشرية في رحلة الاْغريق الى بحر العرب والمحيط الهندي’ و في ذلك الزمان كان العرب الجنوبيون منشغلين بالحروب الداخلية والتي تكاد لاتنتهي حتى تعود مجددا بين حضرموت الكبرى اْم حضارات العرب الجنوبيون من جهة ودولة سباْ وليدة دولة معين الاْراميه من جهة اْخرى بعد اْن حطمت دولة سباْ دولة اْوسان ودولة قتبان في حروب ضروس لاتذر ولاتبقي على شيء واْشعلت النيران في كل اْرجاء شبه الجزيرة العربية تلك الحروب التي نتج عنها عودة الارام من منطقة الرها في اْعالي سوريا واْسفل بلاد الاْناضول , حيث اْقدم معين الرهوي على غزو الجنوب العربي ,, العرب الجنوبيون والتي هي نفسها حضرموت الكبرى ’’ واْسس له دولة في اْطراف الجنوب العربي الغربية ’ وكذلك الاْغريق قدموا لنفس الغرض التوسعي في مرحلة ضعف العرب الجنوبيون جراء انشغالهم بالحروب مع المعينيين ومن ثم اْمتدادهم السبئيين واحتلوا جزيرة سقطرى وراْس العار واْسسوا لهم ميناء بالقرب من مصوع هو ميناء اْدوليس على الطرف الاْخر من بحر القلزم واْسسوا مستعمرة اسموها ارتيريا وتعني باللغة الاْغريقية الاْرض الحمراء كما اسموا بحر القلزم الذي كان اسمه البحر الاْحمر’ وزار بطليموس عدن وتحدث عنها قائلا : هي ميناء طبيعي ومدينة عبارة عن قرية يسكنها الضعفاء من العربية الجنوبية وهي محروسة من الاْلهه من فعل فيها اْي من الفواحش كانت نهايته مؤلمة ويحكمها القمريون ويعني بطليموس بالقمريون مالكي السفن الحضارمة من العرب الجنوبيون وهم من يرتادون البحر ويستدلون بنجوم في السماء والاْجرام في رحلاتهم البحرية..
والى لقاء قادم إن شاء الله
*كاتب سياسي وباحث في التاريخ
9ديسمبر 2014م