القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
||||
|
||||
الأطعمة العضوية.. تقليعة جديدة أم فوائد صحية؟
الأطعمة العضوية.. تقليعة جديدة أم فوائد صحية؟ أغذية ومستحضرات تجميل طبيعية تنتج بالعودة إلى الطرق القديمة الرياض: د. حسن محمد صندقجي إن كان على المرء، في السابق، الذهاب إلى المزارع أو إلى أسواق معينة، لإشباع رغبته في الحصول على ما يُسمى بـ «الأطعمة العضوية»، التي لا تُستخدم في إنتاجها الطرق الحديثة في الزراعة أو تربية المواشي، فإن تعب البحث للحصول عليها ليس ضرورياً اليوم، حيث إن بعضاً من شركات سلسلة أسواق السوبر ماركت، في أنحاء شتى من العالم، تتبنى توفير تلك المنتجات مباشرة من المزارعين والرعاة إلى المستهلكين، تحت مسمى المنتجات الغذائية العضوية. وتَعدُ تلك المتاجر بتوفيرها بأسعار مقاربة لأسعار المنتجات الغذائية التقليدية، أي التي تُستخدم الطرق الحديثة في الزراعة وتربية الماشية لإنتاجها. هذا التطور يأتي بعد ضجة الدعايات الإعلامية حول المنتجات الغذائية العضوية، خاصة من ناحية إغراء المستهلكين بفوائدها الصحية وقدرتها على معالجة الأمراض، إضافة إلى حماية البيئة، بالمقارنة مع المنتجات الغذائية التقليدية الشائعة في العالم أجمع. وقد أثارت تلك الدعايات الاهتمام بين الناس والهيئات العلمية والرسمية وجمعيات حماية المستهلك. وهذا الأمر يطرح تساؤلات من قبل الجمهور، على الأطباء واختصاصي التغذية، مفادها هل نحن أمام تقليعة جديدة أخذت تغزو العالم بقوة، أم أن تفضيل المنتجات العضوية هو بناء على أسس علمية أثبتت الفوائد الصحية والطبية المنسوبة إليها، نتيجة لدراسات طبية مقارنة؟ أم أن مجرد تفكير البعض حول أسباب تمادي طوفان موجات الأمراض وتفشيها دون هوادة خلال العقود الماضية، قادهم بلا أدلة علمية طبية إلى أن السبب يكمن في الطرق الحديثة لإنتاج الأغذية، ما جعل الحل المباشر هو في اللجوء إلى تناول الأطعمة المنتجة بالطرق الزراعية أو الرعوية القديمة؟ كما تطرح تساؤلات من الجمهور على المختصين في هذه الشؤون من غير الأطباء، حول الآثار البيئية لكلتا الطريقتين في الإنتاج الزراعي والحيواني. والأهم، من هذا كله، هو هل كل ما يُكتب اليوم عليه بأنه عضوي، هو صحيح كذلك؟ وإن كان صحيحاً اليوم، فهل سيكون صحيحاً غداً، مع دخول الشركات الكبرى في المضمار ووعودها بأن يكون ثمن المنتجات تلك رخيصاً؟ ضجة وهوس * يُمكن إجمال الأسباب التي أثارت، في الآونة الأخيرة، اهتمام الأوساط العلمية والزراعية والقانونية وحماية المستهلك وغيرها، بالمنتجات الغذائية العضوية، في ثلاثة أمور رئيسية: الأمر الأول أن ثمة نمواً سنوياً مضطرداً وبنسب عالية لإنتاج وتوزيع واستهلاك المنتجات الغذائية العضوية، فالإحصاءات الحديثة في مجال الإنتاج الزراعي تقول إن إقبال المستهلكين على شراء المنتجات العضوية، لدواعي صحية بالدرجة الأولى، فرض حصول نمو في استهلاكها. وبالرغم من أن المنتجات الغذائية العضوية لا تُمثل سوى 2% من إجمالي مبيعات المنتجات الغذائية في العالم، إلا أن سوق المنتجات العضوية ينمو بشكل متزايد بالمقارنة مع بقية أنواع المنتجات الغذائية، سواء في الدول المتقدمة أو في غيرها. في عام 2002 بلغ إجمالي حجم سوق المنتجات العضوية أكثر من 23 مليار دولار. وبالمقارنة مع استهلاك عام 1990 فإن النمو في حجم سوق المنتجات العضوية تجاوز 20% سنوياً، مع توقع الخبراء أن يبلغ النمو السنوي ما بين 10 إلى 50%، على تباين في التوقعات بحسب كل دولة في العالم. الأمر الثاني صدور تقريرين للمرصد العضوي، وهو مؤسسة بريطانية تُعنى بأبحاث المنتجات الغذائية العضوية في العالم، في الشهرين الماضيين أثارا واقع النمو وواقع الإنتاج، ففي نوفمبر من هذا العام ذكر المرصد في التقرير الأول بأن ثمة توسعاً فريداً في حجم سوق المنتجات الغذائية العضوية في الولايات المتحدة، بلغ أكثر من 40 مليار دولار هذا العام! أي ما أكد التوقعات التي صدرت عام 2002 ، كما سبق ذكره آنفاً. هذا مع شكوى كثير من المستهلكين في عدة مناطق فيها من شح توفر المنتجات تلك إزاء ازدياد الطلب الاستهلاكي عليها. وأضاف المرصد في تقريره أن النقص في توفر المعروض من تلك المنتجات الغذائية العضوية يطال اليوم دول الاتحاد الأوروبي. وفي سبتمبر الماضي، نشر المرصد العضوي تقريره حول واقع السوق الأوروبي للمنتجات الطبيعية، لكن ليس في قطاع التغذية، بل في مستحضرات التجميل! ووصف مبيعات مستحضرات التجميل الطبيعية بأنها في ارتفاع بوتيرة سريعة، وبأرباح إجمالية تتضاعف كل بضع سنوات. ويُصنف التقرير بأنه الأول الذي تناول واقع المستحضرات التجميلية الطبيعية في دول الإتحاد الأوروبي. وأضاف التقرير أن الطلب الأكبر لهذه المستحضرات الطبيعية كان من قبل المستهلكين الذين عانوا من أنواع الحساسية للمستحضرات الصناعية، لكن شريحة المستهلكين اليوم تشملهم وتشمل غيرهم ممن لم يعانوا من المستحضرات الصناعية. وما لفت الانتباه حقيقة في التقرير هو نمو سوق نوعية أخرى من مستحضرات التجميل الطبيعية، وهي المستحضرات الطبيعية العضوية. ما يفتح الباب على مصراعيه لتطور سوق نوع جديد من المنتجات العضوية غير الغذائية. الأمر الثالث هو إعلان إحدى كبريات شركات سلسلة المتاجر العامة في الولايات المتحدة، وهي متاجر وول مارت، بأنها تعتزم مضاعفة حجم مبيعاتها من المنتجات العضوية، ومحاولتها وعد المستهلكين بتقلص الفارق بين سعر المنتجات التقليدية والمنتجات العضوية. ما أثار مؤسسة كورنيكوبا في ويسكونسن بالولايات المتحدة، وهي مؤسسة تُعنى بشأن المنتجات الغذائية العضوية، إلى إصدار تقريرين في السابع عشر والسادس عشر من ديسمبر الحالي حول تدخل الشركات الكبرى في هذا المضمار الطبيعي وآثار ذلك على نقاء وصفاء المنتجات العضوية الطبيعية. حيرة علمية * وبعيداً عن الدخول المتعمق فيما يخرج عن نطاق الطب والصحة، فإنه لا توجد حتى اليوم دراسات طبية متخصصة وكافية في مقارنة الآثار الصحية والطبية لتناول المنتجات الغذائية العضوية بالمقارنة مع المنتجات الغذائية التقليدية. ولذا فإن العديد من المصادر الطبية لم تستطع الجزم بتفضيل المنتجات العضوية على غيرها ابتغاء رفع مستوى صحة الإنسان. وحينما تعرض الباحثون من مايوكلينك، وغيرهم، في نشراتهم لموضوع المنتجات العضوية فإنهم تحدثوا بلغة عامة غير طبية متخصصة واضحة الإرشادات. وتركوا الأمر للمستهلكين في تفضيل ما يختارون، مع حرصهم على تأكيد أهمية البحث عما هو مفيد وصحي وغني بالعناصر الغذائية اللازمة للجسم. وهي آراء متطابقة مع نشرات وزارة الزراعة الأميركية التي لم تذكر عبارات ملزمة حول أن هل المنتجات الغذائية العضوية أكثر أماناً أو أغنى محتوى من العناصر الغذائية بالمقارنة مع المنتجات الغذائية التقليدية. أما من النواحي الصحية العامة، فالأمور متضاربة النتائج حول تفضيل أي منهما على الآخر. وليس بالمقدور، بما هو متوفر من معلومات علمية على كثرتها، الجزم بذلك. وكما تقول نشرات مايوكلينك، إن ثمة محاسن ومساوئ لكلا النوعين من الأطعمة. وأسباب هذه الحيرة العلمية تكمن في أن الأمر متشعب وغير واضح، بصفة أكبر مما يظن الأطباء وأخصائيو التغذية. وحتى عند الحديث عن الأسمدة والمبيدات الحشرية ومبيدات النبات المزاحمة ووسائل الحفظ والتغليف والتوزيع وغيرها، فليست صورة المقارنة بين نوعي المنتجات الغذائية كما يصورها كثير من وسائل الإعلام أو الآراء الشخصية للمتحمسين لكل ما يُظن بأنه مُنتج طبيعي في الظاهر. كما أن الآثار البيئية للطرق الحديثة في الزراعة والإنتاج الحيواني، التي يُقال دوماً وعموما أنها سيئة على صحة الإنسان، ليست كذلك على الإطلاق. وفي المقابل فإن وسائل الزراعة والإنتاج الحيواني القديمة ليست حسنة أيضاً من هذا الجانب على عموم العبارات. نقاط بحث ساخنة * وأقوى ما هو معروف أن التعرض للمواد الكيميائية المستخدمة في المبيدات الحشرية أو غيرها، قد يطال سلامة العاملين في المزارع، نظراً للتأثيرات الصحية السلبية للمركبات الكيمائية. وهو ما يطول شرحه الا أن التعامل السليم، وفق إرشادات السلامة، معها يحول دون التأثر بها. وشأن السلامة منوط بالعاملين أنفسهم بالدرجة الأولى. وإلا فإن ثمة الكثير من المهن، بدءاً من الطب وانتهاء بما تشاء من الوظائف، مرتبطة بمخاطر على السلامة الصحية، بل قد لا تخلو منها مهنة. أما الكميات المتبقية من المبيدات الحشرية على المنتجات الغذائية فإن الدراسات الطبية غير جازمة في تأكيد ضرر الكميات الضئيلة تلك، واللازمة للمحافظة على سلامة المنتجات إلى حين وصولها إلى المستهلك. وإن كان من حين لآخر تظهر دراسات طبية تحذر من أضرارها، إلا أن التعامل السليم مع المنتجات الغذائية من حين الشراء إلى التناول بالأكل يُقلل من مضارها كما تُؤكده العديد من الهيئات الصحية العالمية. أي تحديداً الغسل بماء جارٍ وغيرها من الخطوات التي سبق لي عرضها في مواضيع التغذية بملحق الصحة في الشرق الأوسط. ونواحي تغذية المواشي بالأعلاف، المختلفة المكونات، تحتاج إلى إعادة تقويم من ناحية آثارها الصحية. وسبق لملحق الصحة بالشرق الأوسط ان عرض قبل بضعة أسابيع تأثيرات تناول الدواجن للمضادات الحيوية. ومما هو واضح من تلك الدراسات أن ثمة هواجس علمية، لا ترقى إلى حد التأكيد، حول نشوء أنواع من البكتيريا الشرسة في الإنسان نتيجة تناول الدواجن المغذاة بالمضادات الحيوية. ومع ذلك فإن الهيئات الصحية وغيرها في دول الاتحاد الأوروبي متقدمة على مثيلاتها في الولايات المتحدة من ناحية منع استخدام أنواع معينة من المضادات الحيوية ومنع استخدام أنواع من المبيدات الحشرية. ويرى بعض الباحثين أن ثمة نقاطاً تُؤخذ في المقابل على المنتجات العضوية، تتجاوز ارتفاع السعر وشُح التوفر، إذْ انها ليست كذلك نظيفة بالضرورة من التلوث بالمواد الكيميائية الضارة، فهناك بعض المواد الطبيعية المستخدمة في المزارع العضوية لا تقل ضرراً على الصحة من المبيدات الحشرية، نظراً لغناها بعناصر كالنحاس أو غيره. وبعضها ضار بالحشرات الطبيعية المفيدة كالنحل. إلى غير ذلك من التفاصيل التي إدراكها لا يُعطي صورة براقة بالضرورة لطرق الإنتاج الزراعي أو الحيواني العضوية. لكن المتأمل يجد أن ثمرة الخلاف وفائدة دخول المنتجات الزراعية والحيوانية العضوية على موجة الاستهلاك ستكون في ظهور منتجات غذائية جديدة تجمع محاسن كلتا الطريقتين ودون مساوئ أي منهما. وهو ما يبدو واضحاً من اتجاه الطرق العضوية في الاستفادة من اللقاحات ضد الأمراض الحيوانية والسماح باستخدام بعض المواد الكيميائية الصناعية كمبيدات لحشرات النباتات، وكذلك أيضاً في اتجاه الطرق الحديثة نحو ضبط الانفلات في استخدام المبيدات الحشرية ومنع استخدام أنواع منها وتقليل الاعتماد على المضادات الحيوية وأصناف من هرمونات النمو. وتفاصيل هذه العبارات المختصرة وشواهدها كثيرة لا مجال للاستطراد فيها في هذا العرض. تعريف المنتج الغذائي العضوي * وفق تعريف وزارة الزراعة الأميركية، الصادر في 21 أكتوبر عام 2002، فإن المنتجات الغذائية العضوية هي منتجات المزارعين الذين يحرصون على استخدام موارد متجددة ويُحافظون على التربة والمياه للإبقاء على نوعية عالية من سلامة البيئة للأجيال القادمة. أي أن سلسلة العمليات الإنتاجية لها لا تُستخدم فيها طرق الإنتاج التقليدي. بمعنى أن تحفيز نمو النباتات لا يكون بالأسمدة المصنوعة بطريقة كيميائية، بل باستخدام أسمدة طبيعية كروث البقر أو مخلفات المواشي الأخرى. وللقضاء على الحشرات الضارة بالمحاصيل لا تُستخدم المبيدات الحشرية الكيميائية الصناعية، بل تُستخدم مواد طبيعية أو الطيور أو الأساليب القديمة لمنع تزاوج الحشرات وتكاثرها. لكن عند ظهور وباء في المحاصيل لا يُمكن السيطرة عليه، فإن بالإمكان استخدام مبيدات حشرية مأخوذة من مواد طبيعية أو أقرتها السلطات الحكومية. ولا تُستخدم التقنيات الحديثة في الحفظ والتغليف كالمواد الحافظة وغيرها من أساليب الكيمياء الحيوية أو التعقيم باستخدام المواد المشعة أو غيرها. ولا تُستخدم فيها تطبيقات التعديل الجيني بالهندسة الوراثية. هذا كله مع التأكيد على أن تربة المزرعة يجب أن لا تكون قد تعرضت خلال السنوات الثلاث الماضية لأي من تلك المواد الممنوعة، أي الأسمدة العضوية والمبيدات الحشرية والفضلات البشرية وغيرها. بمعنى أنه لا يستطيع المزارع تحويل مزرعة تقليدية إلى مزرعة عضوية بين ليلة وضحاها. ومنتجات اللحوم والدواجن ومشتقات الألبان والبيض العضوية لا ُتستخدم في إنتاجها مضادات حيوية أو هرمونات النمو أو أعلاف تقليدية، بمعنى أنه منذ الثلث الأخير للحمل بالعجول أو غيرها، وبدءًا من اليوم الثاني لتفقيس البيض بالنسبة للدواجن، يجب أن تتلقى الحيوانات والدواجن تغذيتها بأعلاف عضوية المصدر 100%. ويجب أن تُترك الحيوانات لترعى في المراعي الخارجية، أي خارج أماكن مبيتها. ولزيادة نمو حجمها ووقايتها من الأمراض يُمكن إعطاؤها فيتامينات أو معادن، وحتى لقاحات الأمراض التي قد تصيب الحيوانات. مع الحرص على توفير أماكن مبيت ذات مواصفات خاصة من ناحية الشكل والتصميم والتهوية والتنظيف وسعة المكان لحركتها وغير ذلك. وثمة فارق بين المنتجات العضوية وبين كل مما يقُال عنه منتجات طبيعية، أو التي يُكتب عليها بأنها من مزارع مكشوفة وغير محمية، أو الخالية من الهرمونات، أو مُغذاة بسماد طبيعي أو غير ذلك. والمنتجات العضوية يُمكن أن تتوفر طازجة. كما ويُمكن أن تتوفر محفوظة ومعالجة، أي دون مواد حافظة أو حفظ بالأشعة، كمعلبات المربيات أو الخضار المجمدة أو أطباق الطعام الجاهزة للطهي. تأثير الشركات الكبرى ومخالفات على أرض الواقع * بالتأمل في واقع المنتجات الغذائية العضوية اليوم، نجد أن القضية متشعبة أكثر مما كان يُظن. وعلى وجه الخصوص أكثر مما يظن المزارعون البسطاء أنفسهم. إذْ حينما رفضوا كل جديد في وسائل الإنتاج الزراعي، وحافظوا على أسلوبهم القديم لإنتاج أطعمة أقرب إلى ما كان يتم في القرون الماضية، لم يدر بخلدهم أنهم سيواجهون اليوم عدة تحديات لم تكن في السابق، فالأرض غير الأرض والمناخ غير المناخ والعوامل البيئية تغيرت كثيراً، ما فرض عليهم تطوراً في التعامل الإنتاجي معها لتلبية توفير كميات هائلة من حاجة سكان الأرض للأغذية بصفة متنامية الكمية، وأقدر على البقاء فترات أطول للوصول إلى موائد المستهلكين. وتقول بعض المصادر العلمية والتجارية عنه بأن ثمة تحدياً آخر يتمثل في سحب للبساط من تحت أقدام المزارعين البسطاء، قليلي الحيلة والقدرة الإنتاجية والمادية، بسبب دخول الشركات الكبرى في هذا المضمار. وعليه فإن الحاجة ملحة اليوم إلى وضع ضوابط قانونية، ليست بالضرورة صارمة بل واضحة، في تعريف ما هو المنتج العضوي. وعللوا الأمر بأن كل ما تم في هذا الشأن، وعلى وجه الخصوص تدخل وزارة الزراعة الأميركية عام 2002 وإصدارها قوانين في هذا المضمار لإعادة شيء من التوازن، لا يكفي. لأنها صدرت حينما لم يكبر حجم السوق كما هو حاصل اليوم، وحين أيضاً لم تركب الشركات الكبرى موجة الإقبال العالمي على المنتجات العضوية. يقول مارك كاستل، المدير المساعد لمؤسسة كورنيكيا الأميركية، إن نصف المنتجات العضوية تُباع اليوم في أرفف سلسلة من المتاجر الكبرى، وهذا التحول حصل تدريجياً خلال الأعوام القليلة الماضية. وتوقع أن يتوسع هذا النمط في العرض للمستهلكين بشكل مضطرد في المستقبل. وأتى كلامه هذا في معرض التعليق على خبر رغبة متاجر وول مارت مضاعفة توفيرها للمنتجات الغذائية العضوية ووعدها بتقليص فارق السعر مع المنتجات الغذائية التقليدية. وهو ما يشك كثير من الخبراء في إمكانية تحقيقه. إذْ قال روني كيمينس، المدير القومي لرابطة مستهلكي المنتجات العضوية في الولايات المتحدة، وهي مؤسسة تتبع وزارة الزراعة الأميركية ومقرها في ولاية مينوسوتا، إن الكلفة الإنتاجية للأغذية العضوية أعلى بمقدار يتراوح ما بين 25 إلى 100% مقارنة مع المنتجات التقليدية. والناس متقبلون للفارق في السعر بينهما. لكن مع إمكانية توفرها بشكل واسع، سيصبح من الصعب على المستهلك معرفة ما هو عضوي حقيقة من المنتجات الغذائية، وما سيختار بالتالي منها للاستهلاك بناء على معرفة كيفية فهم العبارات التعريفية في الملصقات المرفقة بتلك المنتجات. وسيحصل تساهل في تطبيق القوانين المفروضة على إنتاجها. وعلى سبيل المثال، فإن الحليب حينما يُوصف بأنه عضوي، يتوقع الكثيرون أنه من إنتاج مزارع أبقار يتركها مربوها ترعى العشب في البراري أو المراعي الخارجية. بينما في الواقع ثمة ما يُصنف حليباً عضوياً في أسواق الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم، وهو من إنتاج مزارع تربية الأبقار، حيث يُقدم فيها العلف إليها بدل ذهابها للرعي، كما يتم حلْبها عدة مرات في اليوم، أسوة بما يجرى في مزارع الأبقار التقليدية. ووصف ميلي فانتل، مدير الأبحاث في مؤسسة كورنيكا الأميركية، ما عملته المؤسسة لمساعدة المستهلكين على التمييز بين ما هو حقيقة عضوي من الحليب وما ليس كذلك وإن كُتب عليه بأنه عضوي، هو إجراء أبحاث لمدة عام على أنواع من الحليب الموصوف بأنه عضوي، بلغت 68 نوعاً، في أسواق الولايات المتحدة. وبينت أن بعض شركات إنتاج الحليب العضوي لا تلتزم بالمواصفات الإنتاجية اللازمة. وقُدمت النتائج في مؤتمر المجلس القومي لمواصفات المنتجات العضوية التابع لوزارة الزراعة الأميركية في إبريل الماضي. |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 09:19 PM.