الحراك الجنوبي مطيّة للطامعين ..

[طائر الأشجان]

الحراك الجنوبي لم يكن هدفه في يومٍ من الأيام إصلاح النظام في صنعاء ، لأن الهدف من نشوء هذا الحراك أكبر من مجرد إصلاح نظام ، إنه استعادة دولة وتحرير وطن ، وكلما التف الجنوبيون حول هذا الهدف ازدادت وتيرة الإنقضاض من قبل المحتل ، وجنّد طاقاته المادية والبشرية لاستثمار حراك الجنوبيين ليبدو وكأنه الوجه الآخر لثورة شباب التغيير ، وكثف تركيزه على العناصر الجنوبية التي تدين بالولاء له ، كما هو حال كل مرتزق درجَ على تصعير خده ، وقبِلَ بالعيش ملوماً مدحورا .

اليوم تفاجئنا أخبار المشهد اليمني كعادتها بخبر مقزز هو آخر ما أنتجته مطابخ الثورة الأحمرية المرابطة في الحصبة ، المكان الذي تحول إلى خشبة مسرح للفنون الجميلة ، بتكاليف يقوم بدفعها المتعهد حميد الأحمر ، ألا وهو إشهار ( جبهة إنقاذ الثورة ) وهذه الجبهة أريد لها أن تضم الحوثيين والحراك الجنوبي .. الموضوع ليس نكتة كما قد يتبادر إلى ذهن القارئ الجنوي ، إنها مفاجأة العام الجديد يقدمها الحالمون بالتغيير عشية رأس السنة الميلادية ، ليحتفل بها الجنوبيون من الفيدراليين والإستقلاليين كمعزوفة منفردة ، تخطف نغمة الجنوب لتضعها في السلم الموسيقي لتغيير النظام ، ليس بالضرورة أن يكون شباب الحراك الجنوبي بالفعل منضوياً تحت هذه الجبهة الوهمية ، لأنه من سابع المستحيلات أن يتحقق ذلك ، ولكن المهم أن يُشاع خبر هذه الجبهة ليشكل زوبعة ، وجلبة تشبه تلك التي أحدثها الناخبي حين أوهم زعيم هذه العصابة أن بمقدوره جرّ ثورة الحراك السلمي إلى أعتاب سيادته ، متكئاً على صفته كأمين عام للحراك ، متناسياً أن فاقد الشيء لا يعطيه ، وأن دعواه تذكرنا بدعوى القذافي أنه ملك ملوك أفريقيا ، فخابت ظنون الأفارقة فيه ، مثلما خابت ظنون حميد في الناخبي ، ألا بُعداً لحميد كما بَعُدَ معمر .

ويبقى السؤال بلا إجابة : مَن هو ولي أمر الحراك الجنوبي السلمي ؟ والذي يمكن لحميد من خلاله خطب ود هذا الحراك ، وتجيير نضاله ليخدم مستقبل هذه الأسرة التي أنفقت الكثير لتحقيق تلك الغاية ، وما تزال تنفق ؟! وتذهب هذه النفقات هدراً لأنها في غير محلها ، فمؤتمر القاهرة كلف الكثير ، وشراء ذمم أعضائه لم يكن بالثمن الزهيد ، وافتعال حرب جهاد ضد القاعدة المفترضة في أبين كلف الكثير ، بما في ذلك مخصصات الأيدي العاملة من الشيوخ لخدمة المشروع الأحمري في الجنوب العربي المحتل .

ونجد أنفسنا أمام حالة هزلية ، تستخف بأحلام الشعوب ، وتجيّش المال والعتاد وحثالات البشر ، لتسير على أشلاء البسطاء ، وترمي بأحلام المحرومين في قارعة الطريق ، فمتى يتنبه الجنوبيون لما يدبره العدو من مكائد ، ومتى يلتئم الجرح ويتوقف هذا النزف على أيدي المأجورين !!.

لقد بات واضحاً أن الحرب بين قطبي الصراع المسلح في اليمن يأخذ طابع الإستنزاف ، فبيت الأحمر يستنزفون أسرة الرئيس معنوياً ، ففي كل يوم تتضاءل شعبية فخامته ، ويتسرب جنده وعناصره ، وتقترب الثورة نحو الإطاحة بنظامه شيئاً فشيئاً ، وتكاد تكون نهايته وشيكة ، لولا الدعم المادي من دول الخليج ، التي تضخ المليارات سراً لشراء الولاءات العسكرية والمدنية لصالح الرئيس الذي بدوره يعتبرها حسنة ويتمنى لو أنها تدوم !، أما أسرة الرئيس وبلاطجته فيرون في استمرار الوضع على حالته تلك وسيلة للكسب والإرتزاق ، وسلاح فتاك بالخصم من حيث أنه يكلف أموالاً طائلة لا طاقة له بتحملها على المدى البعيد .

ولهذا يسارع أبناء الأحمر إلى إشهار الجبهات ، والسير بخطى حثيثة نحو الحسم ، وبكل الطرق ، وسنرى ترجمةً لهذه القراءة في غضون الأيام القليلة القادمة ، " فارتقب إنهم مرتقبون " .

تحياتي
طائر الاشجان