معهد القدس : التحدي الأخطر الذي يواجهه اليمن هو التحدي الجنوبي

[اسدالجنوب]

التحدي الأخطر الذي يواجهه نظام الرئيس اليمني هو التحدي الجنوبي وخطر الانفصال
عدن تايمز – بنحاس عنبري - معهد القدس للشؤون العامة و الدولة


التحدي الأخطر الذي يواجهه نظام الرئيس اليمني
هو التحدي الجنوبي وخطر الانفصال

اليمن بين مطرقة الحراك الجنوبي وسندان تنظيم القاعدة
التحدي الأخطر الذي يواجهه نظام الرئيس اليمني
هو التحدي الجنوبي وخطر الانفصال

لم تسفر الهدنة بين الرئيس اليمني عبد الله صالح مع الحوثيين في منطقة صعدة شمال اليمن عن عودة الاستقرار والهدوء إلى ربوع اليمن.
المتابعة الفاحصة لتطور الأوضاع في اليمن خلال الآونة الأخيرة، تؤكد أنّ اتجاه الأحداث في اليمن يميل نحو مزيد من الصراعات والمواجهات، وأنّ اليمن أبعد ما يكون عن القدرة في احتواء الصراعات المحتدمة فوق أراضيه.
من خلال قراءة موضوعية للتطورات الأخيرة التي شهدها اليمن ومازال، ندرك الآتي:
أولا: أنّ التحدي يواجهه نظام الرئيس اليمني عبد الله صالح هو تحدي بنيوي لا سبيل للتغلب عليه أو القضاء المبرم عليه في المدى المنظور.
التهديد الذي يفرضه الحراك في الجنوب أي الحملة التي تشن من أجل الانفصال تحولّ إلى حملة مواجهة شاملة وضارية بين النظام وقوى الحراك في الجنوب، التي تؤكد على تصميمها بعدم التراجع عن هدفها الرئيسي ألا وهو الانفصال عن الشمال وإعادة إحياء دولة الجنوب وعاصمتها عدن.
هناك مواجهات مستمرة تأخذ منحى تصعيديا تخوضها عناصر مسلحة استطاعت إحداث إرباك واضطراب في الجيش اليمني وتكبيده خسائر كبيرة وتحول محافظات الجنوب إلى ميادين قتال فعلية.
ورغم أنّ نظام الرئيس عبد الله صالح يواجه هذه الحركة ذات النزعة الاستقلالية بمنتهى الشدّة ويزج بجيشه وقوات الحرس الجمهوري في هذه المواجهة، إلا أنّ المتابعين يلاحظون أنّ الجيش اليمني يتعرض لحرب استنزاف ستكون لها تداعيات خطيرة على تماسكه ووحدة صفوفه.
الباحث الإستراتيجي الأمريكي (أنتوني كوردسمان) وفي محاضرة ألقاها في مؤسسة "راند" في نهاية شهر أبريل 2010، أكّد بشكل صريح أنّ الجيش اليمني قد يتفكك إذا ما استمرت الحرب والمواجهات بين الشمال والجنوب، لأنّ المنتسبين من أبناء الجنوب في هذا الجيش لن يطيقوا توجيه السلاح إلى إخوانهم في الضالع وحضرموت وفي عدن.
أمّا عن مستقبل اليمن الموحد فقد شكّك في بقاء الوحدة بين الشمال والجنوب لأنّها تفرض الآن بقوة السلاح وأنّ الجنوبيين قد عقدوا العزم على تقويض أواصر العلاقة مع الشمال الذي ينظر إليه الآن بأنّه غزا جنوب اليمن واحتله ومارس كل أساليب التمييز والقهر ضد أبنائه بدعوى الوحدة.

ثانيا: تحدي تنظيم القاعدة في اليمن:

تشهد الساحة اليمنية وبالتزامن مع تصاعد المواجهات في الجنوب تصعيدا آخرا من قبل تنظيم القاعدة الذي استطاع حتى قبل أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 من إيجاد موطئ قدم فاعل في اليمن، وهذا بدوره يفرض تحديا آخرا على نظام الرئيس اليمني لا يقل خطورة، لأنّه يكمن في شمال اليمن وستكون له طابع الاستمرارية والديمومة حتى إذا ما انشطر اليمن مرة أخرى إلى دولة الشمال ودول الجنوب.

صحيح أنّ كفة المواجهة بين الحكومة اليمنية وتنظيم القاعدة قد رجحت لصالح الرئيس اليمني عبد الله صالح، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة وأهمها:
- الدعم الأمريكي المباشر والواسع لنظام عبد الله صالح في حربه ضد تنظيم القاعدة، هذا الدعم اتخذ في الآونة الأخيرة أبعادا غير مسبوقة هجمات جوية تشنّ بين الحين والآخر على عناصر وقيادات القاعدة في محافظة أبيين ومحافظات أخرى، على غرار الهجمات التي تشن من قبل الطائرات المسيرة في أفغانستان ضد طالبان وعناصر القاعدة في وزيرستان شمال باكستان.
هذا الدعم وارتكانا إلى ما عبّر عنه وزير الدفاع الأمريكي (روبرت جيتس) يأتي في نطاق استمرار الحرب ضد الإرهاب، لأنّ محاربة الإرهاب في اليمن هو امتداد للحرب التي تخوضها الولايات المتحدة والتحالف الدولي في أفغانستان وشمال باكستان وفي الصومال.
الولايات المتحدة تعتبر المعركة ضد القاعدة في اليمن تستند إلى أرضية أوسع وأشمل وهو ما يعني أنّ الولايات المتحدة تدعم نظام صالح في حربه ضد تنظيم القاعدة ولكنّها تحجم عن دعمه في حربه ضد الحوثيين.

هناك تيار من التحليلات يقرّر أن الرئيس اليمني يوظف وجود تنظيم القاعدة في اليمن من أجل توريط الولايات المتحدة ودول إقليمية مثل السعودية في المعركة الأخرى التي يخوضها ضد الحراك الجنوبي عن طريق تلقي المزيد من الدعم المالي والعسكري والسياسي، وهناك ما يوحي بشيء من المبالغة في بيانات الحكومة المركزية في صنعاء على صعيد:
- المبالغة في قوة تنظيم القاعدة في اليمن وفي حجم التهديد الذي يشكّله.
- المبالغة في الإنجازات التي تحققها الحرب والمواجهة ضد تنظيم القاعدة مثل قتل قيادات وكوادر تنظيم القاعدة وحجم الاعتقالات التي تنفذ والتي يعلن عنها يوميا، وآخرها الإعلان عن تورط رعايا أمريكيين.



هل بإمكان نظام صالح حسم الصراع الدائر في اليمن
مع الحراك الجنوبي ومع تنظيم القاعدة؟
بالطبع لن يتم ذلك ببساطة على الأقل بالنسبة للمواجهة على ساحة الجنوب اليمني، الصراع هنا ليس على السلطة بين النظام الحاكم والمعارضة السياسية الشرعية الممثلة في البرلمان، الصراع ينطلق من زاويتين:
- تتعلق الأولى بحملة مسلحة وسياسية لإنهاء العلاقة بين الجنوب والشمال والعودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل عام 1994.
إنّ من يتابع حملات وعمليات الحراك الجنوبي والسيناريوهات المتصورة لها قد يكشف أنّها تثير احتمالات أسوأ مما جرى حتى الآن، ويمكن ببساطة عدم استبعاد إنجاز مشروع الانفصال من قبل الحراك في المستقبل.

- وتتعلق الزاوية الثانية بالمواجهة بين نظام علي عبد الله صالح وتنظيم القاعدة في ساحة الصراع، على هذه الساحة الرئيس اليمني يتمتع بعدّة مزايا دعم إقليمي سعودي وخليجي ودعم دولي أمريكي وبريطاني وأوروبي، ورغم ذلك ليست هناك إمكانية لحسم هذا الصراع نهائيا وكاملا ضد تنظيم القاعدة.
الخبراء في الإرهاب الدولي وبينهم قيادات أمنية سابقة في الولايات المتحدة وفي بريطانيا وفرنسا أنّ تنظيم القاعدة موجود في اليمن وأنّه يتمركز في عدّة مناطق داخل الكهوف وفي الجبال، وأنّه يخوض حرب عصابات مما يجعل القضاء عليه قضاء مبرما مهمة مستحيلة بينما إضعاف القاعدة أمر في متناول اليد.

وبعد، فإنّ النتيجة لم تتغير على صعيد المواجهة بين الحكومة المركزية وتنظيم القاعدة رغم أنّه يتلقى ضربات موجعة من قبل قوات الحكومة والطائرات الأمريكية، ولعل أهمّ أسباب ذلك يعود إلى كون الساحة اليمنية جاذبة لأفراد تنظيم القاعدة من الصومال وأفغانستان بل ومن داخل اليمن والسعودية.
أضف إلى ذلك أنّ الرئيس اليمني عبد الله صالح ظلّ يتعامل مع تنظيم القاعدة بقفاز حريري وأنّه جرى توظيف للتنظيم في مواجهة أعدائه في الداخل وعلى الأخص الجيوش وفي الخارج المملكة السعودية.

أمّا بالنسبة للصراع في جنوب اليمن فإنّ ما لا يمكن تأكيده هو صعوبة حسم هذا الصراع من قبل الرئيس اليمني، رغم إفراطه في استخدام الجيش والأجهزة الأمنية وهنا يصعب الجزم أنّ الرئيس اليمني سينتصر في هذه المعركة التي تواجه فيها حركة شعبية وحركة مسلحة ومنظمة ترفع لواء الانفصال عن الشمال و بأي ثمن.

عدن تايمز :
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]