قائمة الشرف



العودة   منتديات مركز صوت الجنوب العربي (صبر) للحوار > قسم المنتديات الأخبارية و السياسية > المنتدى السياسي

القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن

عاجل



آخر المواضيع

آخر 10 مواضيع : الأثنين القادم فعالية تأبين كبرى لـ«فقيد» الوطن اللواء د عبدالله أحمد الحالمي في عدن (الكاتـب : nsr - مشاركات : 0 - المشاهدات : 5439 - الوقت: 12:13 AM - التاريخ: 07-04-2024)           »          الرئيس الزبيدي يلتقي دول مجلس الأمن الخمس في الرياض (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 19519 - الوقت: 03:28 PM - التاريخ: 11-22-2021)           »          لقاء الرئيس الزبيدي بالمبعوث الامريكي بالرياض ١٨ نوفمبر٢٠٢١م (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 9255 - الوقت: 09:12 PM - التاريخ: 11-18-2021)           »          الحرب القادمة ام المعارك (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 15747 - الوقت: 04:32 AM - التاريخ: 11-05-2021)           »          اتجاة الاخوان لمواجهة النخبة الشبوانية في معسكر العلم نهاية لاتفاق الرياض (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 9031 - الوقت: 05:20 AM - التاريخ: 11-02-2021)           »          اقترح تعيين اللواء الركن /صالح علي زنقل محافظ لمحافظة شبوة (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8920 - الوقت: 02:35 AM - التاريخ: 11-02-2021)           »          ندعو لتقديم الدعم النوعي للقوات الجنوبية لمواجهة قوى الإرهاب (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 9014 - الوقت: 08:52 AM - التاريخ: 10-31-2021)           »          التأهيل والتدريب (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8663 - الوقت: 04:49 AM - التاريخ: 10-29-2021)           »          الرئيس الزبيدي يجري محادثات مع وفد رفيع المستوى من الاتحاد الأوروبي (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8955 - الوقت: 12:56 PM - التاريخ: 10-27-2021)           »          تحرير ماتبقى من اراضي الجنوب العربي (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8943 - الوقت: 02:53 AM - التاريخ: 10-15-2021)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-18-2010, 02:38 PM
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
المشاركات: 628
افتراضي هل تعلم !! يوجد عبيد في اليمن بالقرن 21 ؟ هذا حالهم بكيف نتوحد معهم

في القرن الـ21 ما زال عبيد اليمن يصرخون: لدينا حلم

"المصدر أونلاين" يفتح الملف الذي لم يفتح من قبل ويروي حكاية 500 عبد وجارية في اليمن


إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها .

المصدر أونلاين- خاص: عمر العمقي
ثلاث سنوات خلت، منذ تلك اللحظة التي حدثني فيها الزميل حمدي البهلولي عن وجود فئة من العبيد والجواري مقيمة في شمال غرب اليمن.

وفي أواخر العام 2007م، قررت عمل ملف عن هذه الشريحة، وانطلقت حينها صوب محافظة الحديدة باحثاً عنهم، وبعد أسبوع عدت مكلّلاً بالفشل. وفي فبراير 2009 تبين لي ذلك الحيز الجغرافي الذي يستوطن فيه ضحايا الرق والاسترقاق، وظللت أرقب اللحظة المناسبة للملمة قصصهم وحكايتهم!

في الثالث والرابع من يونيو الجاري تسنى لي زيارة معقل العبيد والجواري في بلادنا، واستعنت في مهمتي بالصديقين سليمان مخيط ومجاهد الربعي المنتميين لمديرية كعيدنة.
"كعيدنة" التي يتعالى على قمم جبالها أنين المستضعفين، و"الزهرة" التي تلطخت رمالها بدموع الرقيق المهانين.

"المصدر أونلاين" يكشف فيما يلي من السطور عن كارثة إنسانية تنبئ عن فداحة صمت الأجهزة الحكومية في محافظتي حجة والحديدة اللتين لا تزال أقدام العبيد والجواري تمضي على سطحهما غدواً وعشياً.. إلى التفاصيل:

يجهل "قناف" تاريخ ولادته، بيد أنه يدرك تماماً بأن التفاصيل الدقيقة كانت في الغرفة المحاذية لزريبة الأغنام في الدرك الأسفل من دار سيده ومولاه.

إنها الغرفة ذاتها التي شهدت ميلاد والدته الجارية "سيار". وفيها أنجبت على التوالي فهد، فيصل، شعية، وقناف. ولكن للأسف الشديد بعد أن بلغ هذا الأخير سن السادسة اضطروا لمغادرتها.

إذ لم يكن بمقدورهم عمل شيء إزاء هذا الأمر، حين اتفق ورثة محمد صغير جبران على تقاسم تركة والدهم. التركة التي اشتملت على أرض زراعية شاسعة، وقطيع كبير من الماشية: أغنام، أبقار، وثيران، إلى جانب الدواجن وغيرها من الثروات التي خلفها لهم والدهم الذي توفى قبل ميلاد "قناف"، لكن التركة لم يتم تقاسمها إلا بعد وفاته بأعوام.

ماسبق قد يأتي معظمه في إطار ما هو طبيعي، إلا أن الأمر المثير هنا، أن تقاسم التركة بين الورثة شمل العبيد والجواري بالقرعة عبر "السهم"..! كان يجب على كل واحد من الورثة أن يرتضي بما جاء في سهمه: ذكراً أم أنثى، صغيراً أم كبير!
كانت الأم "سيار" أفضل حالاً بين أقرانها من العبيد والجواري، فقد شاءت الأقدار أن تكون من نصيب إحدى الإناث، والتي – على عكس أقاربها - قررت على الفورعتق رقبة "سيار"، فيما اقتاد بقية الورثة عبيدهم وجواريهم إلى ديارهم، معتبرين أن ما قامت به شقيقتهم أمراً شاذا ودخيلاً على أسلوب حياتهم التي لا يمكنها أن تستقيم إلا بوجود العبيد والجواري!

لقد كان "قناف" أكثر تعاسة من رفاقه، إذ لم يكن بمقدوره أن يعيش برفقة والدته بعد أن أصبحت حرة، بينما أن عقد العبودية كان يلتف بإحكام على رقبته النحيلة.

الآن بوسعكم تخيل المأساة على هذه الشاكلة: طفل في السادسة من العمر لا يعيش في حضن والدته، بل ليس بمقدوره رؤيتها لكونها تقيم في قرية أخرى، كما لا يمكنه قضاء ساعات عائلية مع أشقائه بعد أن فرقتهم التركة. ومما زاد المأساة أنه، وكعبد مملوك، كان يتوجب عليه الخضوع لأوامر سيده، ذلك الذي عرف بإفتقاده معنى الرحمة والشفقة!

لغة العبودية
في القرن الواحد والعشرين، استوطنت العبودية حياة الطفل الصغير منذ نعومة أظفاره. حاله كحال أقرانه من العبيد والجواري الذين توجب عليهم التدريب - منذ سن الثانية من العمر - على نطق كلمة "سيدي".

يسعى العبيد والجواري في إرضاء أسيادهم ودفع فلذات أكبادهم – في تلك السن – على حفظ وترديد اللغة المفترضة للعبيد، لغة الخضوع والطاعة لمولاه. منذ أن يمتلك الطفل القدرة على نطق الأحرف وحفظ الكلمات عليه أن يبدأ بأحرف الخضوع وكلمات الطاعة حتى دونما إدراك لمعناها!

اللغة التي أتقنها "قناف" وسكنت كافة سلوكيات حياته خلال ربع قرن من الزمن، هي ذاتها التي لم تفارقه، أو بالأحرى لم يستطع تجاوزها، حين كان يسرد مأساته لنشرها.

"تفضل يا سيد عمر"..هكذا خاطبني – لا شعورياً – أثناء تناول طعام العشاء. المني الموقف فما كان مني إلا أن عاتبته بطريقه حرصت فيها كثيراً أن لا تجرح مشاعره كإنسان، ثم ضممته إلى صدري بلطف، وتلقيت منه وعداً بأن لا يسمعني إياها!

بين العبودية والاحتقار
"هناك ما هو أشد وأقسى من العبودية، وهو أن تعيش ذليلاً وحقيراً". يعتقد "قناف" ابن "سيار" الجارية السابقة والحرة حالياً.
يختزل قناف فلسفته تلك بكلماته التهامية: "ام ناس متعودين على ام أبوديه، هم يأبدون ربهن ذي خلقهن، وفي ناس مثلنا يزيدوا يأبدون أسيادهم من ام بشر، وهذي إرادة ربنا، لكن يُآملونك بذل واستحقار ما يرضي بها ربنا".

من يعرف اللهجة التهامية لا يحتاج إلى شرح المعني. أما المعني لمن قد يعجز عن الفهم فهو: أن البشر بطبعهم متعودون على العبودية، من خلال عبادتهم ربهم جل في علاه، غير أن هناك أناس كالعبيد والجواري، مبتلين بعبادة أخرى لا تمت للأولى بصلة، تلك هي عبادة أسيادهم، أبناء جنسهم من البشر، ومع ذلك فالمؤلم أن هؤلاء الأسياد يعاملونهم بذل واحتقار لا يرضى عنه الخالق.

على أن هذه العبودية يعيشها "قناف" برضا وقناعة تامة، غير أنه يتألم حين يصل حد تلك العبودية إلى استنقاص إنسانيته، وامتهان كرامته، ويتم معاملته والنظر إليه بذل واحتقار.

ولذلك يعتقد "قناف" أنه كان أسوأ حظاً من بين أقرانه العبيد، كون "سيده" حمدي جبران هو الأشد قسوة وغلظة من بين كل "أسياد" العبيد والجواري.

ويفرغ آلامه، من خلال وصفه "سيده" ذاك: الرحمة لا تعرف طريقاً إلى قلبه. كما أن الشفقة واللين لا معنى لها عند ذلك الرجل الذي تلقى منه الصفعة الأولى في حياته حين كان ما يزال طفلاً صغيراً، وبعد لحظات من انتقال ملكيته إليه. لكنها ربما كانت الصفعة التي ساعدت الطفل "قناف" على تقوية جسده يوماً تلو آخر.

كان "السيد" بين الفينة والأخرى، يغدق في إكرام عبده فيشبعه ضرباً بالسوط والنعال. حسب تأكيده.
لماذا لم تهرب؟" سألته، فأجاب: "لو أهرب من سيدي حمدي يضربني أكثر، لكن لوما أجلس في ام أرض يضربني قليل ويبوك له". أي يروح له.

حين أدرك "قناف" أني بدأت أشعر بمرارة ما ذاقه من مختلف أصناف الأذى والعقاب من سيده، شعر بالإحراج ففضل التوقف عن سرد المزيد من تلك الآلام التي كان الشارع مسرحاً لمثلها بعض الأحيان، حسب تأكيده. وقال إن آخر صفعة تلقاها خده كانت قبل أسبوع واحد فقط من نيل حريته.

من هم العرب؟
لم يتسن لقناف الالتحاق بالمدرسة وتلقي العلم، فذلك كان حكراً على ما يسميه السكان بـ"أبناء العرب". ويقصد بهم "الأحرار". فالعرب في نظر سكان شمال غرب اليمن، هم السكان المحليون وسلالتهم من الذين لم تسلب حرياتهم، أو وقعوا ذات زمن في شراك العبودية.

وكغيره من العبيد، ظل "قناف" راعياً للأغنام، وجالباً للمياه من الآبار، وغيرها من المهام الشاقة التي تناط به وبأمثاله طوال ساعات اليوم.
باكراً، منذ الساعات الأولى لبزوغ النهار، كان يتوجب على "قناف" أن يصحو باكراً لممارسة مهامه، التي لا تنتهي إلا عندما ينتصف الليل، عندها فقط كان يخلد للنوم في فناء المنزل. "احنا ننام في أم حوش.. في حر أو في برد..كله سوى". يقول قناف.

ومع أن "قناف" اعتاد على تلك الحياة كـ"عبد" منذ طفولته، إلا أنه لم يكن بمقدوره كـ"إنسان" مواصلة القبول بقسوتها. ذلك بعد أن غدت تعاملات سيده الدنيئة تشعره يوماً بعد آخر بلا إنسانيته، تمتهنه وتشعره بالذل والاحتقار. كانت المعاناة والألم يبلغان ذروتهما حين كان سيده يرفض السماح له بزيارة والدته!
إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها .
لكن، ولما كانت ما تسمى بالحياة منعدمة تماماً بالنسبة له، وحيث أنه لن يضره لو زادت قسوتها قسوة، بجلدات أخرى تطال ظهره من سوط سيده. وعندما اشتد ذات يوم حنينه إلى أمه، قرر كسر حاجز الخوف. ترك الأغنام في المرعى وذهب إلى زيارتها خلسة. بعدها كان "قناف" كلما اشتد به الحنين إلى أمه بين الحين والآخر، يترك الأغنام ويتجه خلسة للقائها في بيت زوجها الذي اقترنت به عقب نيلها حريتها.

يقول "قناف" أنه عندما كان يزور والدته كانت أمه تسير أمامه تترقب الطريق يملؤها الخوف من ردة فعل سيده "حمدي": ماذا لو علم بفعل نجلها، الذي كان يترك الأغنام في المرعى من أجل رؤيتها؟ وحسب تأكيده كانت أمه تمنحه مائة ريال تعبيراً عن امتنانها لما يقوم به من أجلها.

العبد يقرر التخلص من عبوديته
استمرت الحياة على موالها القاسي، لا تمنح "قناف" سوى ظهرها. ومع بلوغه مرحلة من الإدراك انقطع معه أمله الوحيد الذي عاش يحلم به، وهو: أن تطرق الرحمة يوماً قلب سيده، فإما يعتقه وذلك حلمه الأكبر، وإما يخفف من قسوة معاملته معه، وذلك أضعف الإيمان. لكن -وعلى مر الأعوام- لم يحدث من ذلك شيء، بل حتى لم تبد أي مؤشرات تعزز أمله في تحقق أي من تلك الأحلام.

وذات يوم مشرق، شعر "قناف" أنه لم يعد قادراً على المواصلة أكثر، فقرر الهروب من دار سيده!
فكر في حيلة ذكية لتنفيذ خطته بإحكام. أقنع سيده حمدي بأن بمقدوره الذهاب بمفرده إلى السوق لشراء احتياجات المنزل. إنها رغبة حمدي بأن يزيح عن كاهله هم السوق الأسبوعي الذي يتدافع إليه القرويون من كل مكان. وافق الرجل وأعطاه 4000 ألف ريال ليشتري متطلبات أفراد العائلة.

وصل "قناف" سوق "خميس الهيج" الذي يفصل محافظة حجة عن محافظة الحديدة. ولأنه يقع على الخط الدولي، قرر الاستدارة شمالاً باتجاه المملكة العربية السعودية- الجارة الغنية بالنفط.
لم يكن "قناف" يعرف المملكة، لكنه -كغيره من أبناء المحافظة المحاددة لها- يسمع عنها الكثير. عن أناس ذهبوا إليها بحقيبة واحدة فعادوا محملين العديد منها.

بعد ساعات من المشي على قديمه، استوقفه شخص وسأله: إلى أين ستذهب؟ أجاب ببساطة وتلقائية: "أشتي السعودية"..! لم يكن قناف على علم بأن الرجل الغريب الذي يتجاذب أطراف الحديث معه ليس سوى ضابط الترحيل السعودي..!
ومع ذلك، يبدو أن حياة القسوة التي قرر الفرار منها وتركها وراء ظهره، قد بدأت فعلاً بالتعاضد معه ومؤازرته بالسير في الاتجاه الذي أراده. كان حديثه الصادق مع الضابط، هو من دفع الأخير على مساعدته ونقله على متن سيارة شرطة الجوازات. وإلى قرية صغيرة في منطقة نجران أوصله، ثم أعطاه 50 ريال سعودي، وقال له: اذهب للعمل في تلك القرية.

لم يكن قناف يدرك قيمة تلك الورقة، فقام بربطها في أحد الخيوط المتدلية من معوزه، (زي شعبي يرتديه اليمنيون على النصف السفلي من أجسادهم، بدلاً من البنطال)، مواصلاً سيره باتجاه القرية.

عقب وصوله، تلقفته امرأة سعودية طاعنة في السن، طالبة منه العمل لديها في رعي الأغنام نظير 500 ريال سعودي شهرياً. وبعد عامين من العمل لديها، شعر فيها بحياة أخرى، مختلفة كثيراً. عرف فيها معنى أن تعمل مقابل جني المال، وكيفية المحافظة عليه.. شعر أنه إنسان، فقرر العودة إلى بلده للزواج.

شباك العبودية من جديد
بعد وصوله إلى منطقته، تقدم لخطبة شقيقة عبده مكي العشي، وقام بدفع التكاليف المالية لصهره.
لكن وقبل يوم واحد من زفافه، تفاجأ بقدوم سيده ومولاه حميد جبران. أصر السيد على أن يعود عبده برفقته والامتثال لطاعته، لكن العبد الذي عرف معنى الحياة، رفض بقوة العودة إلى ماضيه المؤلم. نعم رفض حتى مع تهديد "حمدي" له بأنه سيسعى إلى تطليق زوجته منه (في الشريعة الإسلامية يجوز للسيد أن يطلق زوجة العبد وتعتبر طلقة شرعية).

لكن حياة الحرية التي تزوج بها "قناف" مؤخراً، جعلته يفضل الهرب مع زوجته ليلة عرسهما، خوفاً من إجباره على العودة إلى حياة العبودية وجبروت سيده "حمدي".

بعد زواجته بأسابيع نال قناف حريته بعد أن أعتقه الشيخ ورجل الأعمال في المحافظة، عبدالرحمن أحمد سهيل (وهو نجل الشخيصة المعروفة الشيخ أحمد سهيل، شقيق عضو مجلس النواب يحيى سهيل) ككفارة لتسببه في مقتل أحد المارة بسيارته.
بعد فترة وجيزة قرر أن يتزوج من فتاته التي حلم بها (جارية)، لكن رفض سيدها بدا أنه سيأتي على تدمير حلمه.

غير أن الرجل الذي نال حريته بصعوبة، وهو الآن يريد أن يشعر بإنسانيته من خلال تحقيق حلمه بالزواج ممن يحبها، لم يستسلم أبدا، فقرر الفرار مع حبيبته خلسة من سيدها، فجاء بها إلى منزله الجديد بمديرية الزهرة - محافظة الحديدة حيث تسكن زوجته الأولى.

زوجته الجديدة التي لم تنل بعد حريتها من سيدها، دفعت قناف أواخر العام الماضي للانتقال إلى مدينة حجة، وذلك لقطع بطاقة شخصية لكليهما.
وعند وصولهما إلى مصلحة الأحوال الشخصية وعرضهما لعقد زواجهما، قام الضابط بإيداعهما في السجن بتهمة أن بشرة قناف سوداء وبشرة زوجته بيضاء، وأن ذلك دليل على عدم صحة عقد الزواج، وبالتالي فإن زواجهما باطل في نظر إدارة أمن محافظة حجة.

لقد استعصى على هؤلاء القبول بزواج رجل أسود من امرأة بيضاء. وضع قناف في زنزانة انفراديه، بينما وضعت زوجته في أخرى حتى منتصف الليل حين وصل أحد مدراء المكاتب الحكومية بالمحافظة– مصادفة - واستمع إلى أقوال "قناف" حين كان يدلي بأقواله لأحد الضباط في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً، مع أن اعتقالهما كان في التاسعة صباحاً.

حينها أكد المسوؤل الحكومي بأنه يعرف "قناف"، وقد سبق وأن التقى به في منزل سيده "حمدي"، وأن تلك الفتاة هي زوجته الشرعية، فتم على إثر ذلك الإفراج عنهما، لكنهما لم يتمكنا حتى اللحظة من الحصول على بطاقة شخصية، رغم تردد قناف عدة مرات على الجهات المعنية بذلك.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-18-2010, 02:41 PM
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
المشاركات: 628
افتراضي

"المصدر أونلاين" في حوار حصري مع أشهر العبيد في اليمن

قناف ابن الجارية السابقة "سيار" يناشد الرئيس تحرير شقيقته ويقول: "إذا شيأمل مأروف يحرر بقية العبيد وام جواري"


إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها .

المصدر أونلاين- خاص: عمر العمقي
في الرابع من يونيو الجاري، اضطررت مراراً للاستعانة بأحدهم لكي يكون حلقة وصل بيني وبين الأشخاص الذين التقيت بهم في مديريتي كعيدنه والزهرة، وذلك بعد أن استعصى عليّ فهم تلك اللكنة التي يتحدث بها السكان المحليون.


وفي الساعة الأولى من لقائي مع "قناف" بدوت بليداً وأنا أصغي إليه، فقد كنت عاجزاً عن فهم حديثه المنحدر كسيل من رأس جبل. ولكن مع مرور الوقت تمكنت من فهم أشياء كثيرة من كلامه الذي يمكن وصفه بالمزيج بين لكنه سكان حجة والحديدة.
فيما يلي من السطور نكتفي بنشر جزء من الحوار الصحفي الأول الذي قبل به "قناف" ابن الجارية السابقة "سيار"، وينفرد المصدر أونلاين بنشره، مع ملاحظة أن إجابات الضيف تم تحويلها إلى الفصحى لكي يسهل فهمها.. إلى التفاصيل:

* هل لديك أخوة؟
- لي من الأشقاء اثنين من الذكور، وأنثى وحيدة، إضافة إلى شقيقين آخرين من أمي.

* وأين هم؟
- أخي الكبير فهد هو عبد عند حمود جبران، وأخي فيصل هو عبد عند أحمد شيخ، وأختي شعيه جارية عند ابن محمد صغير.

* وأنت؟
- نلت حريتي قبل أقل من عامين.

* كيف حصلت على حريتك؟
- بعد أن اشتراني الشيخ عبدالرحمن بن أحمد سهيل، قام بعتقي كفارة لارتكابه حادثاً مرورياً أدى إلى مقتل أحد المارة.

* ممن اشتراك؟
- من سيدي حمدي محمد صغير جبران، الذي كنت من نصيبه بعد أن تقاسم هو وإخوانه تركة والدهم.

* هل كنت راضياً عن بيعك؟
- نعم، فذلك ما كنت أبحث عنه.

* لماذا؟
- لأن سيدي حمدي كان يعاملني بقسوة وعنف ويقوم بضربي بشدة.

* وكيف قرر بيعك؟
- قام يحيى علي شيبة بالتوسط وأقنع السيد حمدي بالموافقة على بيعي.

* بكم؟
- خمسمائة ألف ريال.

* وأين تم ذلك؟
- عند الأمين الشرعي محمد علي علوان، وبحضور البائع والمشتري والوسيط وعدد من المشايخ.

* وبعد ذلك؟
- ذهبنا إلى المحكمة وعمدنا البصيرة، واستلم سيدي المبلغ وأخذ الوسيط حصته البالغة مائة ألف ريال وأعطاني منها 20 ألف ريال. من دون أن يعلم أحد. أما سيدي فلم يعطني شيئاً.

* وهل استلمت صك حريتك "وثيقة عتق"؟
- نعم ولكن النائب العام عبدالله العلفي أخذها مني.

* لماذا؟
- بعد أن تحدثت وسائل الإعلام عن قضيتي، جاء إلى عندي أبناء الشيخ أحمد سهيل وطلبوا مني مرافقتهم إلى صنعاء.

* هل كنت تعرف السبب؟
- قالوا يجب أن أقوم بالإدلاء بشهادتي أمام النائب العام.

* وهل وافقت؟
- نعم، وأعطوني عشرة ألف ريال، وطلبوا مني أن لا أكشف حقيقة ما حدث وما يحدث في بلادنا.

* وهل قبلت بذلك؟
- نعم، وقد وعدتهم وأنا عند وعدي.

* ما الذي حدث عندما قابلت النائب العام؟
- لا شيء سوى أنه أخذ بصيرتي (صك الحرية) ولم يعيدها حتى اللحظة، واستمع لبعض أقوالي التي كنت قد لقنت قولها سلفاً من قبل أولاد سهيل.

* لماذا؟
- لست أدري..! (يسكت لبرهة من الزمن).

* بماذا تفكر الآن؟
- أفكر بتلك الورقة الصفراء، فبدونها لا أملك شيء يثبت بأني صرت حراً.

* هل تخشى من العودة إلى العبودية؟
- بصراحة أنا أخاف من ذلك، أخاف من أن يأتي سيدي ويجبرني على العودة إلى داره، أخشى أن يقوم مجموعة من الناس بأخذي بالقوة وبيعي في السوق.

* لماذا كل هذه التخوفات؟
- يا أخي ورقة عتقي عند العلفي، وهذا يعني أني لا أملك دليلاً على أني صرت حراً.

* لكن الكل يعرف حقيقة ما جرى لك؟
- صحيح لكن لا أحد سيقف بجوارك، سيتخلى عنك الجميع.

* لكن هناك حكومة وأجهزة أمنية؟
- يضحك، أخبرها إذن عن مئات العبيد والجواري الموجودين.

* أنت قلت عنهم عبيداً فيما أنت نلت حريتك؟
- وما يثبت أني حر؟ أنا لدي ثلاثة من الأطفال وأخاف عليهم من العبودية، أخاف من لؤم الأسياد الذين قد يقومون بخطفهم وجعلهم عبيداً في منازلهم.

* كيف ترى الحل بنظرك إذاً؟
- (أجاب بالحرف الواحد وباللكنة التهامية): اشا من الريس يتصل لمنائب العام، ويقل له يدي امورقة حق قناف، عشان أنام أمليل من غير سهر ولا عقلي شارد.. ماشاش اكلف على ام ريس علي عبدلله صالح، لكن إذ شا يخدمني، يأين "يبحث" لي حل لمقهدة (يعني أخته) حقي.. "وبمعنى آخر يضيف قناف": والا كلموه يحرر كل العبيد عندنا وام جواري.. مساكين العبيد.


قناف.. يعرف أوباما وفؤاد الكبسي ويحفظ الشعر

كنت أخشى من فشل مهمتي وأن لا يحالفني الحظ بمقابلة أشهر العبيد في الجمهورية اليمنية.
وبقدر حرصي على النجاح في ذلك، كنت حذراً للغاية من التهور وارتكاب حماقة ما قد تتسبب في امتناع قناف عن مقابلتي.
صباح الجمعة 4 يونيو الجاري، تلقى قناف اتصالاً من صديقي سليمان الذي طلب منه المجيء إلينا، وكان الطعم الذي اقترحته لصديقي لاستدراج قناف هو مبلغ مالي بعثه أحد الخيرين لنوصله إليه.

في المكالمة الثالثة اقتنع قناف بحديثنا وحينها ذهبت مطمئناً للنوم بعد أن استعصى عليَّ النوم في الليلة الفائتة.
قطع قناف مسافة 35 كيلو لكي يصل إلى منزل الشيخ عمرو الجبلي الذي أغدق في إكرامنا واستضافتنا.

بعيد وصوله هرول أحدهم لإيقاظي، وعلى الفور انطلقت إليه بعد أن أكدت على الحاضرين عدم الكشف عن هويتي. بعد تناولنا لطعام الغداء، جلست بجواره صامتاً، وقام الحاضرون بالتحدث إليه وسؤاله عن أشياء من حياته.

لحظات.. وتتفشى الطمأنينة في كيانه، ويبدأ بسرد حكايته بطلاقة وبساطة.
كشفت له عن هويتي وعرضت عليه رغبتي في عرض قضيته في الصحافة كان قناف صريحاً للغاية، فكل ما بقلبه ينطق به لسانه دونما تكلف أو تردد.

قبيل عودتي إلى صنعاء أصر قناف على استضافتنا بغرفته الطينية، وأن نتناول طعام العشاء عنده.
بصراحة.. لقد راودتني ظنون سيئة، فلربما يكون الطعام سيئاً، وأننا لن نستسيغه، أو على الأقل قد لا يكون بكوخه من الطعام ما يكفي، وأننا سنتسبب في إحراجه!

حينها همست في أذن صديقي بأن يقوم بشراء معلبات من الفول والفاصوليا وطبق بيض، وأن يتم ذلك في السر.
أثناء ذلك انكشف أمرنا وعلم قناف بمكيدتنا فقال بلطف وأدب: "لا تقلق كل شيء موجود".
وصلنا إلى منزله، وجلسنا في الساحة، المقابلة لغرفته.

كان الجو حاراً والرياح عاتية والظلام على أشده، وأمامي حط قناف فانوس غازي، سبق لي وأن رأيت مثله بقريتنا قبل خمسة عشر عاماً.

يدعونا قناف للاستدارة نحو الطعام الذي حطه على الأرض وهنا كانت المفاجأة التي تنبئ عن كرم.إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها .
قمت حينها بالتهام قطع من اللحم والدجاج، لقد أكلت حتى امتلأت معدتي، وكان صنعي بهدف التعبير عن امتناني لصديقي قناف.

لا زلت أتذكر كلام قناف حين عبر عن خوفه من اتصالنا وتفكيره بأننا سنغدر به وسنقوم بتضليله واستدراجه إلينا بهدف بيعه!
ولا زلت أتذكر سؤاله إن كان ما سنقوم بنشره قد يتسبب في إلحاق الأذى به وبأسرته وأطفاله!
وأتذكر حديثه إن كان رئيس الجمهورية سيهتم بحاله وحال بقية العبيد والجواري!

وأتذكر حديثه عن أوباما وعن الفنان فؤاد الكبسي!

وأتذكر ذلك البيت الشعري الذي دفعني لحفظه وهو للشاعرة غزال المقدشي:
سوى سوى يا عباد الله متساوية
ما حد ولد حر والثاني ولد جارية
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-18-2010, 02:59 PM
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
المشاركات: 628
افتراضي

هل كان القاضي أبو عساج مجرد ضحية

كيف استعصى على فيلسوف العبيد مقابلة رئيس الجمهورية؟




المصدر أونلاين- خاص: عمر العمقي
يبدو العبد "خالد" كملهم لرفقائه من العبيد والجواري في كعيدنة. فلغة الحوار والإقناع التي يتقنها ببارعة، كان قد سخرها لرفع شيء من الظلم والانتهاك الذي يتعرضون له. وهي (أي تلك اللغة) من دفعته لتربع تلك المكانة المرموقة لشريحة الضعفاء.

ومع أنه في طفولته كان يتلقى الأوامر تباعاً من سيده وينفذها على الفور، إلا أنه كان يعتذر بلطف عن تنفيذ مالا يستسيغه منها. فبحسب والدته أن خالد تلقى ذات يوم أمراً من سيده بضرب أحدهم لكونه قام بضرب ابنه، (كان خالد في الثانية عشرة من عمره فيما الآخر قد بلغ الـ17 من العمر)، لكنه – تستدرك والدته – عاد بعد لحظات وبرفقته الشاب، ليقدم اعتذاره للسيد نتيجة الاعتداء بالضرب الذي طال ابنه ويكتفي بذلك الاعتذار.

منذ ذلك الحين وخالد لا يتوانى في التمرد على القرارات الخاطئة لسيده أو أسياد أقرانه من العبيد، لكن تمرده يقتصر على مخاطبة الطرف الآخر وإقناعه فقط، فليس بمقدوره استخدام العنف مع أسياده بتاتاً مهما بلغ كهنوتهم وظلمهم.
مع مرور الأيام بدأت تلوح بمخيلة ذلك العبد أفكار عن التحرر من قيد العبودية.

في البداية كان ينحصر في سرد أحلامه وأمانيه تلك على والدته، لكنها كانت تعمل على كبحها، وتنبهه بأن هذا المصير الذي يعيشه هو اختيار من الخالق وينبغي عليه الرضا والإقتناع به.

فترة وجيزة انتقل بعدها نحو أقرانه يحدثهم عن أحلامه ويستثير هممهم لتحقيقها بالطرق المشروعة.
لم يكتفِ بذلك، بل سعى لمخاطبة الأسياد واحداً تلو الآخر، حتى أنه تمكن من إقناع اثنين منهم بعتق رقاب عبيدهم، فيما استعصى عليه إقناع البقية، المتشبثين بفكرة أن تلقيهم للمال هي الوسيلة الوحيدة لتحريرهم من قيود العبودية.

لم يكن بمقدورهم توفير تلك المبالغ المالية لأسيادهم. ولعجزهم وافتقارهم لملكية أي شيء يقدر بقيمة مالية، اعتراهم اليأس من كل جانب، حتى أضحت أحلام الحرية بمنأى عنهم.

في خضم ذلك عرف أحد العبيد بمعلومة مهمة، فهرول إلى خالد ليخبره بأن رئيس الجمهورية سيزور كعيدنة بعد أسبوع.
كان ذلك في أواخر العام 2003م. قرر فيلسوف العبيد استثمار هذه الزيارة بالتحدث إلى الرئيس مباشرة. أفصح عن رغبته تلك لسيده، وقال له بثقة عالية: "سأقنع الرئيس بأن يتكفل بعتقنا ويدفع لكم ما شئتم من الأموال، وأرجو منك مساعدتي في الوصول إليه".

استعد خالد جيداً لذلك الحدث بعد أن تقرر عليه مرافقة سيده لملاقات رئيس الجمهورية.
بدأ العبيد والجواري يتحدثون عن ذلك بسرور بالغ، بعد أن أهلت عليهم فرصة تحررهم.

في تلك الليلة نام خالد جيداً، فليس هناك ما يقلقه، فلديه قدرة فائقة على إقناع الرئيس بصوابية مطالبهم.
وفي صباح الـ25 من ديسمبر وصل رئيس الجمهورية إلى مديرية كعيدنة، وبرفقته عبدالعزيز عبدالغني، وحسين بن عبدالله بن حسين الأحمر.

غير أن الزيارة بدأت وأنفضت دونما نتائج. لم يتمكن خالد من الالتقاء برئيس الجمهورية، بعد أن أغلق عليه سيده باب الغرفة.
لم يكن خالد وحده من تعرض لذلك، فبحسب والدته الجارية "فارعة" اتفق الأسياد جميعهم على حجز عبيدهم وجواريهم بمساكنهم خوفاً من أن ينفضح أمرهم.

خالد في الخامسة والعشرين من عمره، أسمر البشرة، أمرد الوجه، غليظ البدن، متوسط الطول، هكذا تبدو مواصفاته كما سردتها لـ"المصدر أونلاين" والدته.

وأنهت حديثها بسرور وهي تقول أن نجلها الوحيد يعمل حالياً في السعودية. فمنذ خمس سنوات استطاع "خالد" أن يقنع سيده بأنه سيذهب هناك لجمع المال الذي يفي بتحريره وتحرير والدته ذات الخمسين عاماً.
لست أدري متى سيتسنى لذلك الأمي العودة إلى سيده لتسليمه ذلك المبلغ المهول، لكني لا زلت أتذكر تلك الدمعة التي انسابت من على خدها شوقاً وحنيناً لولدها!

اشترطت الجارية فارعة على "المصدر أونلاين" عدم الكشف عن اسم سيدها وقريته والمبلغ المطلوب.

هل كان القاضي أبو عساج مجرد ضحية
بوسعي يا رئيس الجمهورية أن أدلك على منازل العبيد واحداً تلو الآخر!
حينما تصغي لتلك المآسي التي عاشها العبيد والجواري، تنتابك الحيرة من الصمت المطبق للأجهزة الحكومية والأمنية في محافظتي حجة والحديدة، التي تعمدت التغاضي عن ذلك الواقع المر الذي يعاني منه ضحايا الرق والعبودية في اليمن. والأسوأ من ذلك تنصل السلطة القضائية عن تحرير العبيد والجواري.

يبدو القاضي هادي حسن أبو عساج في نظر الكثيرين مخطئاً لقيامه بتعميد ورقة بيع وعتق العبد قناف بن سيار، والتي كشف عنها في فبراير 2009.

حينها كنت كغيري من المعارضين لما قام به رئيس محكمة كعيدنة، وبدا فعله حينها شرعنة للرق والاسترقاق، وشنت وسائل الإعلام حملة استهدفت القاضي وتغاضت عن الجلاد.
تلك الهستيريا التي صعقت كثيرين انتهت بعزل القاضي أبو عساج من القضاء نهائياً، وسحب وثيقة العتق من قناف وصادرها منه النائب العام الدكتور عبدالله العلفي.

حينها انتهت القضية كما شاءها الأسياد، وانحصرت نظرة الجميع على القاضي أبو عساج الذي كان مغزى صنيعه ينبئ عن فعل إنساني بحت، بينما انطفأت فرحة قناف بوثيقة حريته، وبات مرعوباً من عودته إلى العبودية.
ربما كان القاضي أبو عساج يعلم بوجود العبيد والجواري، ولكنه عاجز عن تحريرهم، وحينما سنحت له فرصة الإشارة إلى تلك الكارثة الإنسانية نالته الاتهامات.

كان المرصد اليمني لحقوق الإنسان هو من تبنى كشف تلك الوثيقة وتعهد في بيانه حينها بمتابعة قضايا الاسترقاق في كعيدنة، وأنه سيقوم بالكشف عنها تباعاً، ولكن وعلى مدى الأربعة عشر شهراً الماضية لم يقم المرصد بالإيفاء بتعهداته تلك. لم تنحصر تلك التعهدات على المرصد، بل امتدت إلى النائب العام الذي أعلن في تصريح صحفي إحالة القضية إلى المحكمة للبت فيها، ولكن لم يحدث من ذلك شيء.


الآن نضع كل هذا بين يدي الرئيس، فهل يستطيع النافذون في كعيدنة والزهرة تمييع القضية، في حال تدخل الرئيس شخصياً فيها؟ لا أظن ذلك، كما أني متأكد أنهم لم يتمكنوا من تكرار ما حدث في فبراير 2009 والذي انشغل فيه الرأي العام بقضية قناف، لكنها انتهت تماماً بعد أن انحصرت التهمة على القاضي أبو عساج.

مبروك..نجل سلالة العبيد

العبودية والرق ليست فرقعة تم رصده لا يعدو كونه إشارة إلى مأساة يعاني منها أكثر من 500 من العبيد والجواري حسب السكان المحليين وإن كنت أجهل أسماءهم، لكن بوسعي يا فخامة الرئيس أن أدلك على مساكن العديد منهم، فعلاً بمقدوري إيصالك إلى الجارية شعية وإلى الرضيعة نارمين والطفل ماجد والعبد فيصل وفهد وغيرهم ممن تسنى لي الالتقاء بهم.

في طفولته وصل إلى مسامعه بأن والده صار حراً طليقا، وذلك بعد أن أعتق رقبته سيده ومولاه أبو عيسى أدرس.
حينها لم يفقه صغير السن المغزى من ذلك، وواصل السير برفقة أغنام أسياده.
في المساء أنصت لوالده، الذي سرد عليه حكاية قرن من العبودية عاشها أباه وجده في بني مرداس، والتي انتهت بتحريرهم من قيد العبودية والمهانة والذل.

كان السرور يعتري الأب بعد أن أضحى مطمئناً على مستقبل نجله، الذي شاءت له الأقدار أن يقترن بميلاد فجراً جديد، هو: فجر السادس والعشرين من سبتمبر 1962م. فمع قيام الثورة (التي نص أحد أهدافها الستة على التحرر من الاستبداد بكل أشكاله وتحقيق المساواة بين كل أبناء الشعب) صار مبروك عيسى مبارك، جاراً لأسياد والده وجده.

لكن الثورة لم تكن هي من حققت تلك المعجزة، بل كان أيفاءاً بالنذر الذي قطعه مرداس على نفسه على أن يحرر عبيده وجواريه، والذي كان من ضمنهم عيسى والد مبروك.

غير أن مبروك، الذي لم يتسن له الالتحاق بالتعليم، عاش على مدى الأربعة العقود الماضية لحظات مؤلمة وحرجة، تتجدد مع شروق شمس كل يوم. وعلى الرغم من نيل والده للحرية قبل نصف قرن، إلا أن السكان لا يزالون ينظرون إليه بدونية باعتباره نجل سلالة العبيد..! بل إن تلك الحرية هي ذاتها من جعلته محط أنظار العبيد الذين يرمقونه بنظرة يملؤها الحسد.
في غمرة ذلك قرر مبروك الرحيل من بلدته، فاتجه نحو الأرض السعودية للعمل في حقولها نظير أجر مادي.

المبالغ التي كان يتقاضاها سهلت له الزواج من إحدى نساء قريته، وبعد زواجه ظل متنقلاً بين عمله في السعودية وعائلته باليمن.
مطلع التسعينيات اضطر لمغادرة السعودية، حاله كحال مئات الآلاف من اليمنيين الذين كانوا ضحية ذلك الاحتقان السياسي بين حكومتي البلدين الجارين، بسبب موقف اليمن من غزو العراق للكويت.

بعد عودته قام مبروك بتقديم طلب للمسؤولين المحليين بأن يدرجوا اسمه ضمن كشوفات الضمان الاجتماعي المعتمدة لمحافظة حجة، فتلقى وعوداً بتلبية طلبه.

رغم صك الحرية الذي ناله والده، إلا أن مبروك -حاله كحال العبيد أو المحررين من قيد العبودية- يستحيل عليهم تملك الأراضي أو فتح الدكاكين. فما كان متاحاً لهذه الشريحة انحصر فقط على العمل كأجراء في زراعة أراضي الأسياد أو في رعي أغنامهم أو نقل المياه أو طهي الطعام وغيرها من المهن الدونية.

في ظل ذلك الواقع، اضطر مبروك للعمل في فلاحة أرض جيرانه من الأسياد، واستمر في التردد على المشايخ والمسؤولين راجياً منهم تضمين اسمه بين أسماء المستحقين للضمان الاجتماعي.

في 4 يونيو الجاري زاره "المصدر أونلاين" في عشته الطينية الواقعة بقرية المقشاب، والتي يسكن فيها "الرجل" السبعيني رفقة أولاده الثمانية باستثناء نجله الأكبر علي مبروك (20 عاماً) والذي يعمل حالياً في السعودية.

لم يكن بمقدور "علي" مواصلة تعليمه الدراسي، وكذلك حال شقيقه أحمد (18 عام)، فاكتفيا – مجبرين - بشهادة الصف السادس الابتدائي، أسوة بأقرانهم من أحفاد العبيد.

وعلى الرغم من إدراج أسماء الكثير من الميسورين والعديد من المشايخ في كشوفات الضمان الاجتماعي، إلا أنه - وخلال العشرين عاماً الماضية - عجز "مبروك" من الحصول على إعانة الضمان الاجتماعي، وهو ما يعتبره تصنيفاً عنصريا بحقه وحق عائلته، حسب ما قاله لـ"المصدر أونلاين" الشيخان: عمر ومحمد الجبلي..


عبدالله وزوجته يجهلان الحياة التي يعيشها أتعس جيران القصر الجمهوري الذي تتسابق مؤسسة الصالح وجمعية الإصلاح على إطعامه!

بالأمس احتفل عبدالله بخمسين عاماً من العبودية، واليوم احتفت زوجته بمضي ثمانية وأربعين عاماً من الرق، وغداً تنتشي حكومتنا بالعيد التاسع والأربعين لاندلاع الثورة.


لاحقاً فكروا ملياً في تلك التناقضات، ودعوني أسرد لكم شيئاً مما قاله العشيقان لـ"المصدر أونلاين": "تمكنا من الزواج بصعوبة بالغة وذلك لتعنت سيدينا اللذين عاملانا بقسوة وغلظة، وبعد سنوات من زواجنا قمنا بالهروب من ذلك الظلم الذي مارسه أسيادنا في كعيدنة، واتجهنا نحو مديرية الزهرة". خلال العامين الماضيين تمكن عبدالله وزوجته من العيش بصعوبة شديدة، نتيجة فقرهما المدقع وانتمائها لفئة العبيد، والأخيرة حالت دون تمكنهما من تملك قطعة أرض.

وإثر وصولهما إلى منطقة "المراوغ" بمديرية الزهرة محافظة الحديدة، بالكاد تمكن الزوجان من الحصول على موافقة أحد السكان للإقامة بجواره.
تلك الموافقة تضمنت شروطاً لا نهاية لها من قبل جارهم الحر، وانتهت بمساحة ضيقة شيد فيها الزوجان عشة طينية، غرفة دائرية مبنية من الطين وسقفها من أوراق الشجر، لا تصل إليها أسلاك الكهرباء ولا أنابيب المياه.

لم يعر الزوجان ذلك أدنى اهتمام، فقد اعتادا على مدى نصف قرن من الزمن على العيش بعيداً عن تلك الخدمات التي قد تبدو في نظر كثيرين ضرورية وهامة. وفي سبيل توفير القوت الضروري، اضطر العجوزان الطاعنان في السن للعمل في رعي الأغنام لجيرانهما.

قد تبدو الحياة مملة في نظر كثيرين، لكنها وبحسب الزوجين ممتعة بعد أن تخلصا من قيد العبودية، وما يحتاجانه هو قضاء ما بقي من أيام حياتهما، دون خوف على مستقبل ولديهما.

عبدالله وزوجته يجهلان تماماً الحياة الحضرية التي يعيشها البسطاء المجاورون لدار الرئاسة بالعاصمة، تماماً كما يجهلان مؤسسة الصالح وجمعية الإصلاح اللتين تغدقان على الفقراء المقيمين بصنعاء.
وبالتالي لا يعرفان شيئاً عن نجل الرئيس الطامح لخلافة والده، أو الساسة المعارضين للتوريث.

لم يسبق لهما زيارة صنعاء أو أي من مدن اليمن، وكل ما يعرفانه هو قرية أسيادهما بكعيدنة وجيرانهما في الزهرة.
لحظة وقوفهما أمام عدسة "المصدر أونلاين" كانت نقطة مهمة في حياتهما، فلم يسبق لهما الابتسامة مطلقاً للكاميرا، تماماً كما هو الحال مع عجزهما على نيل بطاقة شخصية أو انتخابية تستلزم إرفاق صور شمسية.

إذن لا جدوى من المقارنة بين واقعهما اليوم ومع سكان العاصمة، وبالتالي فمستقبل نجلهما يستعصى على العاقل مقارنته بمستقل أتعس جيران القصر الجمهوري.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:56 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
الحقوق محفوظة لدى منتديات مركز صوت الجنوب العربي (صبر) للحوار 2004-2012م

ما ينشر يعبر عن وجهة نظر الكاتب أو المصدر و لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة