الكاتبة الأمريكية جين نوفاك تقول :الديمقراطية ووحيد القرن في اليمن

[aden]

الكاتبة الأمريكية جين نوفاك تقول :

الديمقراطية ووحيد القرن في اليمن



كم هو بارع في الخداع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ، خدعني لفترة طويلة . أنشأت أحد موضوعاتي السابقة عندما قدم خطابا جميلا حول الديمقراطية واصفا إياها بـ " سفينة الإنقاذ لكل الأنظمة " .

لكنه لم يسمح للصحفيين بالدخول في مؤتمر الديمقراطية . أو جماعات حقوق الإنسان .

برلمان الأطفال مؤسسة كنت أعتقد أنها تجسد التزام الرئيس بتعليم اليمنيين من النشء كيفية تأسيس المبادئ الديمقراطية . لكني ما لبثت أن أدركت بأن البرلمان البالغ لم يسبق له أن بدأ أي تشريع . الإنجازات العظمى للبرلمان حتى الآن منعت القليل من قوانين الرئيس صالح المقترحة . الدرس الحقيقي الذي يعلمه الرئيس للأطفال في اليمن بأنه حتى البالغون في البرلمان ليس لديهم أية صلاحيات .

وإذا كان تقرير الشفافية الدولي صحيحا فيما يتعلق بوضع اليمن بين الدول الأكثر فساداً ، فإن البيروقراطية الحكومية لا تعني الأمر الواقع ، بل هي أكثر من ذلك تعض كالمافيا ، فالوظائف الحكومية ومواقع السلطة منحت على أساس القرابات وليس الكفاءة والذكاء ، فالشخص الأخلاقي الفقير ليس مقبولا .

وقد أثار إعجابي أن بعض النساء عُين أخيراً في مناصب حكومية . ولكني أدركت لاحقاً أن نسبة الأمية بين النساء في اليمن بلغت 70% ، لذا فإن التعيينات ليست إشارة هامة على تحرير عبودية أخواتنا اليمنيات في النظام السياسي .

كنت أعتقد أيضاً بأن اليمن كانت تتعاون طوعاً في الحرب على الإرهاب . لكني وجدت تقرير بيت الحرية لعام 2003م ، يشير إلى أن الرئيس صالح رفض اتخاذ أي إجراءات ضد مفجري المدمرة كول حتى هددت الولايات المتحدة بعمل عسكري في عام 2002م. والغريب أنه كيف يتمكن أولئك الجهاديون من الهروب من السجن بصورة متكررة .

عبدالكريم الخيواني محرر صحفي انتقد في تقاريره الفساد الحكومي ، حالياً هو في السجن ويتعرض للاعتداء بصورة منتظمة ، الخيواني كان قد سجن بتهم عدة منها "الإساءة للرئيس" . [ جرى إطلاقه من السجن في ظل ضغوط عالمية ]

انتقاد الرئيس يأخذ أهمية حقيقية كون الرئيس هو أيضاً ا لمسئول القضائي الرئيسي. وإذا كان لقضية الخيواني أي دلالة ، فهي أنك إذا كنت قد انتقدت الرئيس في اليمن ، فإنه لن يكون بإمكانك الحصول على محاكمة عادلة ، ولا محام للدفاع عنك ، ولا استئناف ، وإذا كنت صحفيا ، تذكر الحقيقة فإنك تعمل ضد القانون ، لأن الرئيس هو القانون . [ الرئيس اليمني بدأ حياته عسكري مرور بعد إكمال الابتدائية ]

الرئيس صالح يفتتح المركز الإقليمي للديمقراطية وسبق أن استضاف مؤتمرات الديمقراطية ، فإذا فتح مبنى ودعاه مركز دراسة وحيد القرن وتكلم كثيراً حول وحيد القرن ، فهل سيعتقد الغرب أن هناك حيوانات وحيد القرن في اليمن كما هو الحال في الديمقراطية ؟ بكل وضوح كلا الحالتين تعد من الأساطير .

هل أكون أنا الشخص الوحيد الذي يلاحظ بأن الرئيس بوش لا يشير إلى اليمن على الإطلاق ؟ في الخطابات المرضية بصورة حقيقية للرئيس بوش حول أهمية تشجيع ومساعدة النمو الديمقراطي في الشرق الأوسط . بطريقة ما اليمن لا تعد ضمن القائمة بصورة ثابتة . الواقع السياسي يواجه المثالين في اليمن ، وهو يفضي إلى مؤسسة ديمقراطية ممنوعة من حرية الرأي والتعبير .

الجزء المحزن حقاً فيما سبق هو وجود حنين واضح إلى الديمقراطية في اليمن وذلك بين الطبقة المتوسطة وطبقة المثقفين . وبينما يستعد صالح لإعطاء الرئاسة لابنه كسيارة مستعملة تعطي للولد الجيد ، يقع الديمقراطيون اليمنيون تحت الحصار ، والصحفيون تحت الرقابة ، والمواطنون مسجونون في بلادهم الخاصة . فيما لا تعد الإصلاحات في اليمن أكثر واقعية من وحيد القرن لكن على ما يبدو ظاهريا أنها لطيفة للتصديق بها .



العدالة في اليمن

لعل السلطة العظيمة والأكثر جديّة التي منحت للدولة من قبل مواطنيها هي القدرة على السجن . هذا العمل الذي يحتاج لكي يعمل به إلى عناية دقيقة حتى لا تقوض حقوق المواطنين ككل أو حتى حقوق مواطن واحد .

هناك متطلبات أساسية وضرورية لتأمين العدالة للدولة ، والمتهمين والمواطنين بشكل عام . أحد تلك المتطلبات هو التطبيق الصحيح للقانون . والثاني هو حق المتهمين في الدفاع عن أنفسهم . والثالث هو وجود سلطة قضائية نزيهة تتصرف بناء على مصلحة الأمة عن طريق تطبيق القانون بشكل محايد في القضايا المنظورة . العدالة يجب أن تكون عمياء بالنسبة لكل شيء عدا الحقائق والقانون .

حالة المحرر اليمني عبدالكريم الخيواني تبين بأن النظام القانوني بحد ذاته في اليمن لا يعد آلية للعدالة لكنه بالأحرى أداة للقمع . لا أحد يستطيع أن يطلع على أي من جوانب هذه القضية دون أن يتأثر بمحنة السيد الخيواني والشعب اليمني بشكل عام . كلاهما وقعا في فخ نزوات البعض الذين يملكون السلطة دون أن يوجد لهما أدنى عون .

أعتقل الخيواني بسبب تعبيره عن رأيه بصراحة . ولعل الحقيقة الأكثر إزعاجاً أن كامل القضية كانت ملتوية . وبموجب أن أي نظام شرعي هو عبارة عن تصنيف للحقوق المقبولة والطبيعية للإنسان ، فيما يعد سجن الخيواني ظلماً ضد الأخلاق وضد كل اليمنيين

وفي انتقاده للحكومة وللرئيس نفسه ، كان الخيواني يؤدي المهمة الأكثر أساسية في الصحافة . وهي مهمة فعالة جداً من أجل قوة البلاد ، ولذلك أعطى التعديل الأول للدستور الأمريكي حماية كلية لحرية الكلام والصحافة كآلية لتشجيع النقد . والحقيقة أن انتقادات الخيواني كانت على مستوى الحكومة والرئيس صالح هي إلى وجود هيئة صحفية أكثر مهنية . والحقيقة أيضاً أن سجنه من قبل الرئيس يعد إشارة إلى التركيب المريض والفاسد للحاكم .

وبإساءة استخدام السلطة الفعالة ، فإن الرئيس اليمني هو أيضاً المسئول القضائي الرئيسي والمقاضاة تأخذ طبيعة الثأر الشخصي .

محاكمة الخيواني كانت غريبة وانحرفت بصورة واضحة عن كل المعايير المقبولة في العدالة القانونية . وبين كل سخافات هذه القضية ، كان الأمر الأكثر قلقاً هو أن الخيواني منع من حقه في الدفاع والاستئناف .

تصرفات القاضي رئيس المحكمة أذهلت المحللين الغربيين . إن استعمال مقدرات الدولة كآلية للعدوان الشخصي يعد أمراً ممكنا فقط في الدكتاتوريات . هذه حقيقة أن الغرب لا يستطيع مواصلة الإهمال في علاقاته مع اليمن .

كان ذلك مصحوباً بالفزع العظيم حتى أن العديد من المراقبين الغربيين جاؤوا لرؤية الوجه الحقيقي لليمن والمتمثلة في " الإصلاح والعدالة " ، وكذلك الرئيس صالح .

على موقع الإنترنت الخاص بالسفارة اليمنية هناك اقتباس رائع من وصف الرئيس صالح للديمقراطية بأنها " سفينة الإنقاذ لكل الأنظمة " . وذلك دفعنا للاهتمام عن قرب بأعمال الرئيس صالح المروعة وليس بكلماته الجميلة ، نحن رأينا أن الوجه الحقيقي للرئيس صالح ليس هو الوجه الديمقراطي ولكن بدلا من ذلك وجه مخيف جداً في الحقيقة.

* صحفية ومحللة سياسية أمريكية ، تنشر بانتظام في الولايات المتحدة والشرق الأوسط وجنوب آسيا . نشرت هذه المقالة أولاً في الولايات ا لمتحدة في 20مارس/آذار 2005م