الإخوان المسلمون،،والإنقلاب بالمحاكــاة(لتجمع الإصلاح "جنوب اليمن ليـس غــزه")!!

[الأطلال]

هنالكـ ما يعرف في العلوم السياسية بـ نموذج "المحاكاة" ،، ويقصد به نقل نموذج (سياسي) من بيئة إلى أخرى ..
من خلال توفير نفس الظروف والمعطيات .

النمذجـة أو المحاكاة لا تعني إنطباق نفس المعايير على كلا النموذجين ( الأصلي ) و( البديل) ،،
بقدر ما تستخدم عادة للوصول للأهداف النهائية ..

وهو ما ينطبق هنا على الفكرة التي يريد هذا المقال ايصالها ،،
فالوضع الفلسطيني له خصوصياته التي لا تنطبق على المعطيات السياسية اليمنية .

ففلسطين :
دولة محتلة " واقعه تحت الإحتلال "
وحماس "حركـة مقاومـة"
وديموغرافيا فلسطين غير واضحة لحد كبير !!

أما اليمن :
فهي دولة ذات سياده .
واضحــة الحدود والمعالم ..
يسكنها شعب واحد ، ولها نظام سياسي وكيان إعتباريـ

كما أن حماس ليست الإصلاح ، والشعبي العام ليس "حركــة فتح"


***

كل ما في الأمــر ،،
أن عدوى (الإنقلاب) قد سادت في أوساط التيارات الراديكالية في المنطقه ، ،

وإعلان "إمارة حماس الإسلامية " في غزه ،، من منطلق خصوصية الوضع الفلسطيني

دفع بعدد من الجماعات المتطرفه في المنطقه لمحاولة (محاكاة) إنقلاب حماس في غزه ..

مؤشرة هذه (النمذجه) أو التقمص ظهرت في إمارة (نهر البارد الإسلامية) على أيدي (فتح الإسلام) ..

و(إمــارة الرماديـ الإسلامية ) التي أعلنها تنظيم القاعده في بلاد الرافدين ..

ومحاولات (المحاكم الإسلامية) السيطرة على بعض المواقع في الصومااال ..

وهي مشاهد لصراع يتكرر في باكستان ، افغانستان ، والمغرب العربي وووووو .

فالحالة الفلسطينية فتحت شهيــة عدد من الجماعات الأصوليـة ،
التي لم تدركـ أن للوضع الفلسطيني خصوصياته ومعطياته ..

لكن تلكـ "الخصوصية" كانت على الهامش في إعتبارات التيارات المتشدده التي تتطلع نحو السلطة ،، وإن جاءت على حساب المصالح الوطنية ..
وإن جسدت لأمارات " الحارات" ،، على حساب المشروع الأكبر الذيـ تدعيه ..

****

في اليمن بدأ مشروع ( الإمارة) قبل فترة كبيره ..
لكنه كان مشروعا يمتد بإمتداد جغرافيا اليمن ،
قبل أن يختزله ( الإسلاميون الجدد ) في عدد من المحافظات .

إنخراط التيارات الأصولية في اليمن تحت مظلة التجمع اليمني للإصلاح ..
وتحديدا بعد إتفاقية الوحدة المباركــه .

كان جزء من التكتيكـ الذيـ لجات له التيارات الأصولية في سبيل الوصول إلى السلطة ،
وهو ما بات يعرف بالــ "التقية السياسية" ..

مبدأ التقيه ، وإستراتيجية التكتيكـ ..
عكست نفسها على مستوى (الغموض) الذيـ رافق أداء التجمع في اليمن .

غموض بدا واضحا في أهداف الحزب ومبادئه وآلياته وهيكليته الحزبية ومكوناته وقراراته ..
ومواقفه من مختلف القضايا !!

لذلكـ ،
فعندما كان التجمع اليمني للإصلاح يخوض حرب صيف 1994م ، إلى جانب قوات الشرعية ..

كان الجميع يعتقد ومن بينهم كان "كاتب السطور" ،،
أن منطلقات إسلامية ووطنية هي التي قادت التجمع لخوض تلكـ الحرب ،،

لنكتشف بعد أعوام ،، أنه في الوقت الذيـ كانت في (قوات الشرعية) تقاتل رافعة شعار ،،
(الوحدة أو الموت) ..

فإن التجمع اليمني للإصلاح ،، كان يقاتل إنطلاقا من أجندة خــأصة وخاصــة جداا .. حاملين معهم صكوكـ الغفران (فتوى الديلمي) ومنهم ما يعرف اليوم بتياره المجدد (الليبرالي) ..

الذيـ يتحدث رموزه اليوم عن المعطيات "الإقليمية والدولية" التي قادته للإنحياز للشرعية والوحده ..

أنتهت حرب صيف 1994م ،،
وأعتقد الإصلاح المتشدد أن بإمكانه الإنقضاض على المحافظات الجنوبية بعد أن حملت الشيوعية عصاها ورحلت من الجنوب وفي ظل عدم وجود قوة حقيقية أو (ايدلوجيا) بديله ..

لكن مشاريع الإصلاح أحبطت وآماله ظلت مقيدة بسبب عوامل عده أهمها :

ـ الآلية الديمقراطية التي وجد الإصلاح نفسه مرغما على الرضوخ لقواعدها ،،
فهو جزء من تعدد سياسي يحتكم للصندوق والإرادة الجماهيرية .

ـ الثقافة المجتمعية لمواطني المحافظات الجنوبية والتي تميل بالطبع للدولة المدنية منها إلى "النموذج الطالباني" في الحكم والذيـ عكسته فتوى دحــابه الأخيرة ..

بعد عدة سنوات من 94م وصل "الإصلاحيون الجـدد" وعلى رأسهم " محمد قحطان" إلى نتيجــة مفادها أن اللعبة الديمقراطية لم تعد مجديه ..

وأن المزاج الشعبي لم ولن يتقبل فكرة ( الإمارة الظلامية ) في اليمن ،،
في مقابل دولة المؤسسات والنظام والقانون .

لذلكـ فقد عمد الإصلاحيون الجدد ،،
على محاولة محاكاة (الوضع الفلسطيني) ،،
من خلال إشاعة مناخات الإحتقان في المحافظات الجنوبية ..

والدفع بالأمور نحو الفوضى التي تسبق العاصفة ..

وتمهيدا لتلكـ العاصفة التي حدد موعدها المهندس باصرة بـ (أبريل) القادم ..
فقد عمد التجمع المتشدد إلى جـر النظام السياسي للمستنقع الجنوبي ورفع حـالة الاحتقان الشعبي في الجنوب لتحقيق مكاسب عدة ..

فمن ناحية .. فإن الحدث كفيل بصرف جهود النظام السياسي عن تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية وتشتيت جهود وإمكانات الدولة في معاركـ عبثية واستنزاف قدراتها .

ومن ناحية أخرى .. تعقيد المناخ السياسي اليمني وإجبار السلطة على الرضوخ لمطالب الإصلاحيين الجدد بالعودة لمربع التقاسم السياسي أو تنفيذ مخطط " المحاكاة " .

والهدف الأهم .. يتمثل في بسط الإصلاح نفوذه على كامل المحافظات الجنوبية كبديل أيدلوجي للاشتراكية المنهارة ..

وسيرا في سيناريو (الإنقلاب بالمحاكاة) فقد قاد تجمع الإصلاح قواعده لساحات الاعتصام في الجنوب ..
ووظف كل إمكانياته السياسية والإعلامية في تجسيد حالة الفوضى هناكـ ..

وليس مبالغة القول أن التجمع اليمني كان هو اللاعب الأبرز في المعتركـ الجنوبي ..
وأنــــ أجندة الفوضى هناكـ لم تصب إلا في رصيده هو "على المدى القريب" .

فقد أستطاع تجمع الإصلاح إدارة اللعبة بما يخدم أهدافه فقط ..
دون أن يتيح للآخرين من حلفائه جني أي مكاسب .
وأنتهي به الأمر متفردا بـ (الحراكـ) !!

وفي ظل هذا الإنفلات الوطني الذيـ يجتاح التجمع اليمني للإصلاح ،،
فليس مستغربا أن يكون المخطط الإصلاحي أبعد بكثير مما يتصور الكثير ..

بحيث يتم جر الأمور للوصول لحالة من الفوضى ،،
لتجهيز "الأرض الخصبة" لمحاكاة الوضع الفلسطيني ..

ومحاولة سيطرة "الإسلاميين الجدد " على " المحافظات الجنوبية " بتقمص دور حماس في غزة ..

إنطلاقــا من الحقائق التالية :

1 ـ أن مقارنة (التجمع اليمني للإصلاح) بمكونات ما يسمى (الحراكـ الجنوبي) يضعنا أمام حقيقة أن التجمع هو القوة الأكبر بين المكونات الهزيلة لذلكـ الحراكـ .

2ـ أن النشاط الملحوظ للتجمع اليمني للإصلاح في أطار ما يسمى (الحراكـ الجنوبي) يكشف حقيقة المشروع الخاص الذيـ يقوده التجمع اليمني للإصلاح .. وهو ما يتضح من خلال تصريحات المرشد العام للجماعه في الجنوب السيد باصرة عن (أشهر ومهلــه) ،،
وكأنه يكشف عن سيناريو محدد المعالم والخطوات يجريـ السير فيه على قدم وســاق ..

3ـ النشاط الملحوظ للجماعات المتطرفة والمنظمات الإرهابية في "المحافظات الجنوبية " في السنوات الأخيرة ومنها :
ـ جيش عدن أبين الإسلامي .
ـ الجماعة الجهادية لخالد عبدالنبي .
ـ التواجد الكثيف للجماعات السلفية في عدن وحضرموت وابين ..
ـ الحوادث الأمنية الأخيرة والتي أعلنت (مجموعة كتائب جند اليمن ) التابعه لتنظيم القاعده عن تبنيها لها ..
مع ملاحظة أن المجموعة هي "خليه جديده للتنظيم" ، ونستطيع الإصطلاح على تسميتهم بـ (الجهاديون الجدد)

4 ـ أن إحساس بعض مكونات ما يسمي بـ "الحراكـ الجنوبي" بالنوايا المبيته لتجمع الإصلاح ، دفعهم للخروج على الملا للحديث عن محاولات (التجمع اليمني للإصلاح) إحتكار الحراكـ الجنوبي ،
وهو ما وصفه النوبه قبل أيام بالمشاريع الخاصة ..
وكان لهذه الآراء ردة فعل قوية لدى " الإصلاحيين الجدد" الذين شنوا هجوما حادا على من كانوا يعتبرون في الإعلام الإخواني برموز "الحراكـ الجنوبي" ..

لينتهى الأمر بإقصاء (النوبه ، باعوم ) عن جمعيات المتقاعدين العسكريين ..

5ـ فتوى الشيخ دحابة الأخيرة ضد مهرجان أصاله ،،
والتي جاءت بعد عدد من المهرجانات الفنية في عدد من المحافظات التي لم تحظي بنفس الإهتمام الأخواني ،،
وفسر البعض الأمـر بإعتباره دفاعا عن ما يعتبره (مشائخ الإصلاح) ، مناطق النفوذ ..

وأن الحزب المتشدد أصبح ينظر للمحافظات الجنوبية كجزء من مناطق نفوذه ..

6ـ وأخيرا ، مواقف التجمع اليمني للإصلاح من (الوحدة اليمنية) والتي لا يمكن تجاهلها في سياق الحديث عن مخطط كهذا .
فمواقف التجمع أكتنفت بالغموض والضبابية ، طوال مراحل الإعداد للوحدة ومن ثم إعلانها ،، ودور الحزب في الأزمـة التي رافقت (المرحلة الإنتقالية ) ..
وجميعها تثبت أن قناعات التجمع اليمني للإصلاح لم تكن في أي من الأيام وحدويــة ،، وأن مواقف (الإخوان المسلمين) في اليمن تجاه ( الوحدة) أنطلقت من منطلق نفعي " النفعية السياسية"،
وهو ما سيتناوله موضوع قادم .


الموضوع القادم : الإصــلاح والوحــدة "إزدواجية الخطاب " و "تاريــــخ من التناقض" !!

محبة الأطلال