القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
|||
|
|||
كلنا مسئولون.. كلنا قتلة!
كلنا مسئولون.. كلنا قتلة!
الإرهاب الديني بدا يوم بدأت المزايدة الشعبية على الإسلام، فكانت الهوية الدينية تساهم إلى حد كبير في تغطية كل الجرائم والآثام. فوالد الفتاة اليمنيه التي يتقدم لها شاب يشترط فيه أن يكون متدينا، لا يعرف غير المسجد والبيت، أما الأمور الأخريات والامانه والثقافة والعدل والرحمة ودور هذا الشاب في مجتمعه فلا تهم في قليل أو كثير، إنما المهم أن يراه كل من يعرفه مؤديا الصلوات الخمس في المسجد. ورب الأسرة يشترط على أولاده مصاحبة الشباب المتدين فقط، أي الذي تبدو على ظاهره أمور الورع والتقوى، لكن رب الأسرة هذا لا يسعى لمعرفة أبعد من الظاهر، وهو يعلم تماما أن هذه الأشياء هي الأسهل تمثيلا، وهي المخرج من مصاعب ومشاكل قد يتعرض لها أي شخص. والكُتّاب الإسلاميون تسابقوا في العقد الأخير لوصف الصحوة الدينية، مبشرين الأمة الإسلامية بالانتصار على الأعداء، واكتساح العالم الغربي الذي سيأتيهم راكعا مسبحا بحمد الله(سباق محموم غريب اشترك فيه تقريبا كل الكتاب الإسلاميين، أو المحسوبين على الصحوة الدينية، تمهيدا لحجز أماكن لهم في المجتمع الجديد، المجتمع الذي وصفه سيد قطب بنواة الأمة الإسلامية عندما يتم القضاء على الطاغوت وتسليم الحكم لله، بعد انتزاعه من أيدي الجاهلية الجديدة. لا يهم بعد ذلك من الذي سيحكم؛ فالخطوات واحدة في كل مكان. والصالح كان لا يرحم صغيرا أو عجوزا أو امرأة، لكن إعلانه بأنه يحكم بما أنزل الله، ويقطع أيدي اللصوص ( الذين تقتلهم المجاعة) كان كفيلا أن يلجم الأعداء (!!) والمهووسين الذين يطالبون بالديمقراطية والانتخابات العادلة والنزيهة، وحقوق المواطن. وعندما جاء إلى السلطة كان لا بد من تغطية دينية ظاهرية تمده بطاقة الاستمرار في السلطة والإمساك برقاب شعبه واستنزاف ثروته، فقرر" أسلمة" القوانين اليمنيه على الاوراق. حينئذ وجد الصالح الجماعات الدينية بكل أنواعها، الزندانيه اوالإخوانية تؤيده وتشد من أزره، وتتولى إعلاميا الدفاع عنه، حتى أن صحفهم لولا بقية من حياء لجعلت منه خليفة المسلمين.مع العلم بان الزنداني في احدى خطبه في تعز اشار الى اوجه الشبه بين الصالح والخلفاء الراشدين. ويزداد عدد المشتركين في المزاد الديني، فيدخل فيه كل من له م والصحفيون المحترمون وتجار وكالة البلح وأعضاء المجالس النيابية والرصلحه في ان تمشي اموره بسلاسه من رياضيون،,ودكاتره وقانونيين ومن كل فئات الشعب تقريبا. المهم أن يحصل كل مشترك على الهوية الدينية، فتتفتح له الأبواب والنوافذ ويدخل مغارة علي بابا. ولأن المجتمع كله تساهل في الإرهاب الصغير، فقد دفعت اليمن ثمنا غاليا عندما كبر وتوحش وامتد إلى كل مكان عندما يسأل سائق سيارة الأجرة الراكب إن كان مسلما أم لا، فإن الأمر يصبح خطيرا ولا يمكن السكوت عليه. لكن الواقع أن هذه الظاهرة المقيتة انتشرت إلى حد كبير. وقس على هذا كل صور التخلف والإعلان عن الهوية الإسلامية، وكأن كل شخص يقوم بتقديم رشوة علنية حتى يسمح له المجتمع أن يكون فردا صالحا فيه !! في الفيلم الرائع ( الطوفان مشهد كان هناك مشهد لمسؤل يرتكب كل الموبقات لكنه قرر بعد عملية تزوير كبيرة أن يتبرع بمبلغ كبير للفقراء بعد نجاح العملية، فردت عليه السيدة الفاضلة المؤمنة، التي كانت ترمز في الفيلم إلى الوطن قائلة: حتى الله تعالى تريد أن تقدم له رشوة!! الحقيقة أن ما يحدث في اليمن الآن كان متوقعا خلال السنوات العشر الأخيرة، عندما بدأ السباق المحموم في تقديم " الرشوة" الدينية. هل هناك صحوة دينية في اليمن؟ عشرات من الكتاب والمفكرين والإعلاميين ورجال الدين كتبوا ونشروا مقالات وألقوا محاضرات عن الصحوة الدينية التي تبشر بكل خير، وجند كبار الكتاب أقلامهم واصفين " الصحوة الدينية" بأنها عودة إلى أصول الإسلام النقي. إنها مأساة بكل المقاييس عندما يتحول الدين العظيم الذي اختاره لنا رب العزة ليكون خاتم الأديان، وآخر الرسالات السماوية، إلى قشور ومظاهر تخفي خلفها جبالا من الفساد والموبقات والاعتداء على حريات الآخرين والتخلف بكل صوره. كيف تكون صحوة دينية مرتبطة بالاعتداء على الآخرين؟ كيف تكون صحوة دينية، ومعها يزداد الفساد، وتنتشر الرشوة، ويعبد" المؤمنون الجدد" المال أكثر من عبادتهم للواحد القهار؟! كيف تكون صحوة دينية، ومعها الكسل والبطالة والسرقة والاغتصاب، ويخيم على البلد العظيم صاحب الحضارات وحامل لواء الإسلام ومركز الإشعاع الديني، ظلم المسلم لأخيه وأبيه وأمه ووطنه، وتزداد الأمية فلا تتقدم جماعة دينية واحدة بمشروع مساعدة الدولة في محوها؟! كيف تكونصحوة دينية، في حين ترتبط صور السرقات الكبرى، سرقات العصر، بأكثر الناس تمسكا بمظاهرها! كيف تكون صحوة دينية وفي نفس الوقت يكره أصحابها كل صور الجمال والفن والإبداع ، ويقفون منها موقف العداء؟! الصحوة الدينية يقظة وليست غيابا عن الوعي، وما نشاهده ونسمعه ونلمسه الآن لا علاقة له البتة بيقظة المسلم وفهمه للإسلام، واستمداده طاقة وحيوية ونشاطا وعقلانية وإيمانا صادقا من تعاليمه السمحاء. يخوضون في الحديث عن محاسن الصحوة الدينية، فيقعون في مأزق كبير لأنهم يعلمون علم اليقين أن هناك تناسبا طرديا بين التمسك بالعقيدة السمحاء لخاتم الأديان و.. توسعة رقعة الأخلاق الحميدة والعمل والتقدم والصدق والتوازن النفسي والعلاقات الاجتماعية الصحيحة. ولو تأملت التفاصيل الدقيقة لأحد أيام مواطن يمني مسلم في عصر الصحوة الدينية لوجدتها بعيدة تماما عن الحياة التي تمنيناها، وكان لنا في رسول الله أسوة حسنة. ... فهو يستيقظ من نومه مرتين، الأولى عند اذان صلاة الفجرثم يتوجه إلى المسجد عشرون شخصا يتجه معظمهم إلى أعمالهم بَعَيْدَ الصلاة. ويستيقظ مرة ثانية، ثم يتوجه إلى عمله متأخرا أو" يزوغ" من العمل، أو يستقل سيارة أجرة فيكتشف أن سائق السيارة رفع صوت الكاسيت على تسجيل لآيات القرآن الكريم تسمع المارين بالناحية الأخرى من الشارع(!!)، ولا يحتج، فهي لعبة القط والفأر. الأول يمهد لسرقة الراكب في رفع الأجرة، ويقود سيارة لم ينظفها منذ سنوات. والثاني لا يطلب خفض الصوت لئلا يتهم بالعداء للدين، وهي تهمة أسهل من إلقاء تحية الصباح، وأكثر سهولة من القبض على مائة شخص بدون تهمة في أحد شوارع اليمن أو طهران أو إسلام آباد...! ويصل إلى عمله، فإن كان يعمل في القطاع العام أو الحكومة فقد ارتكب في كل يوم من الذنوب ما يثقل ميزان خطاياه، من تكاسل وغياب ونكث بالوعود والكذب على أصحاب الحاجات...الخ ، وإن كان يعمل في القطاع الخاص، فالرشوة والمحسوبية والتحايل على الآخرين وامتصاص دماء الضعفاء سمة مميزة لأغلب العاملين في هذا القطاع. في المساء يجلس في المقهى او امام التلفاز ساعات طويلة يخوض في أحاديث اللغو والغيبة والنميمة، ويترك زوجته وأولاده في المنزل؛ فهو ليس مسؤولا عن التربية إنما تنحصر مسؤوليته في اللهو والضحك مع الأصدقاء وسهرات السمر والأنس. أليست هذه يوميات" طبق الأصل" لمئات الآلاف من المسلمين في زمن الصحوة الدينية؟! الم ترتفع نسبة مدمني المخدرات بكل أنواعها إلى عشر أمثالها في أقل من عشر سنوات؟ هل أدت الصحوة الدينية إلى زيادة المثقفين؟ وهل زاد الإقبال على الكتاب؟ المدرس غير الأمين الذي لا يتقي الله في تلاميذه حتى يضطروا إلى طلب دروس خصوصية، هل هو حالة فردية، أم إنه في عصر الصحوة الدينية أصبح كالإيدز الحكاية بكل بساطة أن الصحوة الدينية هي عنوان لتمنيات وأحلام المسلم الصادق، المدرك لرسالة الإسلام الحقيقية، لكنها ليست عنوانا لواقع قائم. الصحوة الدينية التي يخوض في الحديث عنها شيوخنا وعلماؤنا الأفاضل وكتابنا ومثقفونا هي ردة دينية، وابتعاد عن الإسلام العظيم الذي ارتضاه لنا خالق الكون سبحانه وتعالى ليكون كلمة الفصل لبني آدم حتى يرث الله الأرض ومن عليها. أما" الصحوة الدينية" التي مظاهرها في كل مكان ـ تقريبا ـ فهي مزاد للنفاق والفساد، وفهم معوج لتعاليم مستقيمة. لهذا كان من السهل لأي شخص أن ينخرط فيها لأنها لا تتطلب الكثير من الأعباء والتكاليف: حجاب أو نقاب أو لحية، وشراء بعض الكتب عن عذاب القبر ونظرة الإسلام للمرأة والتبرج، وكتاب عن الغزو الفكري ، وتفسير سورة النور للمودودي، وكتاب معركة التقاليد لمحمد قطب، و مائة شريط للشيخ الزنداني تحتوي على شتائمه وسخرياته من الفن والفنانين والصحافة، ثم بعض الدروس في مساجد أهلية. شاب صغير السن لم يعمل منذ تخرجه، يكاد يقتله الجنس الذي يجري في دمائه كالسم الزعاف. يجلس محاطا بأتباع من الشباب الصغار ويحدثهم عن قرب عودة الخلافة، ويسهب في الحديث عن الفساد في أوروبا والانحلال والتفكك الأسري، ويمنيهم في كل مرة أن الإسلام سيقود أتباعه قريبا إلى سحق قوى الظلم في الغرب المنحل. ويعود صاحبنا إلى البيت وقد امتلك الدنيا كلها بين إصبعين من أصابعه، فيقرأ قبل أن ينام بضع صفحات في كتاب" جاهلية القرن العشرين" لمحمد قطب ليزداد اقتناعه بالمهمة العظيمة الملقاة على عاتقه، ثم يخلد إلى نوم غير عميق. فدوره الرائد والعظيم لم يمنعه من التفكير في تدبير لقمة العيش ومصروفات الزواج والاستمتاع بزوجة في الحلال بعد أن أنهكه التفكير في الجنس!! إن للتطرف طرقا كثيرة، كلها تقريبا تؤدي إلى نفس النتائج، لكن أوسعها انتشارا ووضوحا وتأثيرا كان ومازال هو التدين الزائف، والمزايدة على حمل الهوية الدينية، والنفاق الاجتماعي الذي يسمح بوضع قشرة مقدسة فوق الفساد. إذن فالواقع يؤكد أنها جريمة في حق الدين والوطن ومستقبل الامه، يشترك فيها الشعب قبل السلطة الدعم الجماهيري يأخذ صورا عدة أهمها تقديم الدين السمح في صورة دفاع عن الظلم والفساد والتخلف والأمية والجهل، والإشهار عن الهوية الدينية صبحا ومساء، في العمل والمدرسة والمصنع والسوق والشارع والتاكسي؛ فصلاتهم لا تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي. الآن فإن المسلم الحديث، مسلم الصحوة الدينية، لا يرضى لنفسه أن يكون الله تعالى شاهدا وحيدا على حسن إيمانه وإسلامه، فهو يبحث عن أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع يؤكدون تمسكه بتعاليم الدين وفضائل الأخلاق. فصاحب المقهى يعرف أن لا أحد من عشرات الجالسين الذين يلعبون " الطاولة" و " الكوتشينة" و " الدومينو" ويتناقشون في كل الأمور الدينية والدنيوية يستمع إلى ترتيل آيات القرآن الكريم التي تنطلق من مذياع أو كاسيت داخل المقهى. ونفس الأمر ينسحب على المحلات الخاصة وسيارات الأجرة. فالقرآن الكريم الذي من المفترض إذا تلي على المؤمنين خشعت قلوبهم لذكر الله، والذي إذا أنزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، يجعلون منه بضاعة رخيصة، وإعلانا مجانيا عن صلاح وتقوى وأمانة صاحبه، أعني صاحب الإعلان؛ أو الرشوة الدينية. كلنا ساهمنا، مباشرة أو صراحة، في محاولات اغتيال الامه، وبدأت عمليات اغتيال الوطن عندما تحول الدين على أيدينا إلى إرهاب فكري، ورفض لحريات الآخرين، والاعتداء على خصوصياتهم، والتلويح بنار جهنم لكل من يخالفنا الرأي. أيها السادة؛ كلنا مسئولون في ما وصلت إليه الأوضاع في اليمن ،مسؤولية جماعية يتحملها لاننا نجعل المدخل الديني جواز مرور لكل السيئات والمفاسد والاعتداءات، ثم نطالب الحكومة أن تحمينا وتساعدنا وتوفر لنا الأمن والأمان والسلام الاجتماعي. وكلنا قتلة لأننا لم نحافظ على أمن اليمن، بل إننا ندافع عن الفساد، ونعيش في ازدواجية فكرية وسلوكية تسمح لنا أن نهادن الملائكة والشياطين في وقت واحد، فنطالب بالديمقراطية ونحن مستبدون، ونفرق بين العلم والإسلام، ونبني آلاف المساجد ثم نبخل على أنفسنا إذا تعلق الأمر بترميم مدرسة أو اثنتين. كلنا قتلة لأننا سمحنا لقوى التخلف والظلام والفساد أن تسيطر على حياتنا. |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 06:04 AM.