الجنوب..لماذا يكرهون الدحابشة

[سام الصبيحي]

الجنوب..لماذا يكرهون الدحابشة
ا
بقلم/ فضل علي مبارك

مأرب برس - خاص


أولا ينبغي التأكيد ان ( الدحابشة ) أنواع وأصناف .. وهذا التقسيم لا يرتكز على المعيار القبلي مثلما لا يستند على الجينات المناطقية , بقدر ماأساسه يكمن في الموروث الثقافي الذي ابى كثير من أصحابه الخروج من قوقعة تلك الأنماط السلوكية الموغلة في التخلف والقدم والتي ولدت سلوكا ثقافيا اقل مايمكن ان يقال عنه بأنه شاذا , ومن رحم ربي وهم القلة فقد استطاعوا الانفتاح على العصر بمعطياته واخذوا بها شكلا ومضمونا وتكونت لديهم القدرة على التحرر من رقة هذا النمط بعكس الأكثرية التي تعالت بأخذ القشور وأهملت الثمرة حتى لاينفك إسارها من جلباب ماضيها العتيق رغم انه كان ولازال بمقدورها فعل ذلك .


ووفقا وهذا فهناك الدحباشي " الأليف " وهناك الدحباشي " نص كم " وبينهما يوجد الدحباشي الذي لايطاق.


وأتذكر ان صديقي محمد الغباري وهو من الصنف الأليف قد سألني ذات مساء عدني عندما لفت غيوم الاحتجاجات الجنوبية المكان , وزرعت خوفا غير مبرر لدى كثيرون من أبناء المحافظات الشمالية بعدم زيارة عدن حتى في مناسبات الأعياد التي كانوا يسعدون بها , سألني : لماذا تكرهون الدحابشة ؟ كان وقع سؤاله قاسيا وقد كنا نفك – معا – طلاسم الاحتكاك الذي تعمل السلطة على تغذيته وزرعه في المجتمع وسعيها لتسميم أجواء التواد والتراحم بين الناس .


وأردف صديقي قبل ان أفيق معللا : الدحابشة ليسوا كلهم سلطة .. كما ويمكن كسب كثيرون منهم الى صف هذه المطالب المشروعة ؟


وأقول اليوم مثلما قلت لصديقي حينها : وبالمقابل فلا يمكن إسقاط الكراهية على كل أبناء الجنوب ثم انه ينبغي التفريق وعدم الربط بين موضوع الوحدة وحب الجنوبيين لها قيادة وشعب والذين ضحوا وبذلوا الكثير في سبيلها وتنازلوا عن الغالي والنفيس في سبيل تحقيقها بأكثر الكثير من الطرف الشمالي , وبين ما يمكن ان يسميه البعض كراهية لأبناء المحافظات الشمالية. ثم ان هذه الكراهية ان جاز ان نسميها كذلك فإنها ليست كراهية لذات الأشخاص، وأما كراهية لتصرفاتهم الشاذة تلك التي تدفع الجنوبيين الى موقفهم هذا ,,


ومن حيث التعميم فان أبناء المحافظات الشمالية الذين ينزلون الى الجنوب سواً بسبب الوظيفة التي وجدوها في الجنوب مرتعا حللت لهم وحرمت على الجنوبيين، او بدواعي الفيد الذي سنحت ظروفه وتهيأت دواعيه بفعل .


" انتصار 7يوليو " المؤزر , اذ تجد هؤلاء في عدن او أبين وحضرموت اوشبوة او لحج او الضالع وكأنهم الجنس الآري والجنوبيين عبيدا خلقوا لخدمتهم والسهر على راحتهم , ولا غرابة ان تجد ذلك السلوك لا يطبق على دحابشة شمال الشمال فقط , ولكن هناك الأكثرية من أبناء المنطقة الوسطى – وكأن لسان حالهم يقول – وهم الأكثر انسحاقا من نظام صنعاء : نريد الانتقام لأنفسنا من الحلقة الأضعف، بما معناه , اعتقادا منهم أنهم ينتصرون لماء وجوههم المهدور من دحابشة الشمال .. وعلى طريقة المثل " البدوي " إذا دهفك الذي وراءك ادهف الذي قدامك ) .


واقسم لك ياصديقي لو كنت معي الاثنين قبل الماضي في نقطة مدينة شقرة ، عندما كنت عائدا من مهمة عمل من مدينة احور كيف كان سلوك وطريقة تعامل جندي الأمن المركزي معي لأنه لاحظ لهجتي وشاهد رقم لوحة سيارتي ،فيما كانت سيارات أخرى ذات لوات أرقام ( 1, 2 , 4 ) تمرغ دون سلام للجندي حتى .. وكم أقيس لك عدد , هل أقول لك ان المدير الشمالي عندما يتبوأ منصبه هنا لابد إن يحضر معه كتيبة , ولا اكشف لك سرا ان قلت لك ان 70% من قيادات ومدراء عموم مكاتب الوزارات هم من المحافظات الشمالية , وماذا تقول وأنت تعلم انه لا يوجد محافظ لأي محافظة جنوبية يحمل جينات جنوبية , وكذلك ثلثي الوكلاء في هذه المحافظات ,.


وبالنسبة لما أشرت إليهم من ذوي الجينات الشمالية والذي مضى عليهم أكثر من مائة وخمسين عاما في الجنوب والذين يصفهم البعض بدحابشة 48 , اقسم لك ان احدهم وهو لاعب رياضي مشهور , أجريت معه مقابلة صحفية وتبرأ عن مكان مولده هنا وقال ولدت في تعز وكان ذلك عقب حرب صيف 1994م ظناً منه ب (......).


واحدهم تاجر معروف كون ثروة طائلة في أبين وحصل على منزل مجانا لم يلقه كثيرون من أبناء الأرض وعندما جاء يحي الراعي محافظا لأبين عام 1990 خرج يصيح زاعما جور حل به وتعسف ، ولكن تعال اليوم انظر إلى حاله وكيف غدت تجارته. لقد ( أصبح بعد العز نجارا ) ., وهل أزيد لك ان العسكري لأنه من "مطلع " يتكلم على المدير الجنوبي من ( نخرته ) لأنه يستقوي بمن خلفه باعتبار الجوب وأهلها ( دار حرب ) وفق الفتوى المشهورة التي لازال كثيرون يتغنون بمجدها , وأتحداك تثبت لي بوجود جندي جنوبي في نقطة عسكرية على مداخل مدن الجنوب .


* تعرف أكثر ما يعجبني في ( أحبتي ) الدحابشة أنهم يسيرون وفق قانون " أنا وأخي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب " وهذا ما عزز من قوتهم وبسطتهم في الجنوب حتى ولو لم يكونوا متعارفين قبلا , بعكس أبناء الجنوب الذين يتماشون مع حكمة " ما يقبصك إلا قمل ثوبك " .


* حاشا لله إن أكون أدعو او أوافق على شطط البعض بما يرددونه هذه الأيام من شعارات مغالية لأني أرى في ذلك ( شرا مستطيرا ) لكن ما اخذ يتنامى من سلوكيات تدعونا إلى التمترس لمواجهة خطر محدق بنا , لا يريد نهب الخيرات والثروة في الجنوب ، بل يريد طمس الهوية والثقافة وكل ماله علاقة بكلمة جنوب ، ومع ان لايحتاج ذلك .. فكل دول العالم مقسمة بحسب ماهو متعارف عليه إلى اتجاهات جغرافية ولا نقول سياسية.


* لقد دفعني صديقي الى هذا البوح دفعا وما كنت أريده تحوطا من تربصات البعض وعمليات الصيد في المياه العكرة ،لكن قناعتي بان القي حجرا في بركة آسنة خير من لعن الظروف .


* وأخيرا اود البوح بصوت مرتفع , انه لا يمكنني العيش في مجتمع خال من الدحابشة أمثالك والأعزاء سامي غالب وجلال الشرعبي ومحمد صدام ومراد هاشم وحمود منصر وعبد الحكيم هلال ونبيل الصوفي وخالد راوح وفكري قاسم وخالد المهدي والحمادي ونبيل الاسيدي وحمود قائد الشرعبي ونايف حسان والنصاري , وأمثالكم من الدحابشة الأليفين الذين لايتسع الحيز لذكرهم .

[غلاب العدى]

اشبع بهم ولا رح عندهم