جديد فاروق ناصر علي

[ابوشهد]

"وداعـًا لما سوف يأتي به الوقت بعد قليل.. وداعَا
وداعـًا لما سوف تأتي به الأمكنة ..
تشابه في الليل ليلي، وفي الرمل رملي، وما عاد قلبي مشاعَا
وداعـًا لمن سأراها بلادًا لنفسي.. لمن سأراها ضياعَا
سأعرف كيف سأحلم بعد قليل، وكيف سأحلم بعد سنه
وأعرف ما سوف يحدثُ في رقصة السيف والسوسنه
أأسرقُ عمري لاحيا دقائق أخرى، دقائق بين السراديب والمئذنه
لأشهد طقس القيامه في حفلة الكهنه
لأعرف ما كنتُ أعرف ؟! إني رأيت .. رأيتُ الوداعَا"

محمود درويش

* تذهلني التساؤلات التي يطرحها البعض وينتظر الإجابة عليها بكل شوق ولهفة مشوبة بالغضب يقول هذا البعض :
لماذا تلقى (صعدة) كل هذا الاهتمام من العرب والأجانب وأيضـًا من نظام صنعاء؟!
لماذا هذا الاهتمام من جامعة الدول العربية والدول الأجنبية بما يجري في (صعدة) ونحن كنا دولة ذات سيادة مستقلة وكل ما تهتم به هذه الدول خوفـًا على مصالحها يقع في (الجنوب) ومع ذلك لا يعيرون الجنوب أي أهمية؟! لماذا هذه الضجة الكبرى على وحول (صعدة) والحرب دائرة فيها منذ (6 أعوام)؟! بينما الجنوب في كل مهرجاناته ومسيراته السلمية التي يقمعها نظام صنعاء المحتل بكل الأسلحة ويسقط الشهيد تلو الشهيد والجرحى والمعتقلين في كل السجون ومن كل الأعمار، والمطاردين والملاحقين والاتهامات النازلة علينا كالمطر وكلها من نسيج خيال هذا الاحتلال.. بأننا قتلة، مخربين... الخ.. والعالم كله يعرف أنها أكذوبة ومع ذلك لا يهتم وكأن ما يجري في الجنوب وأمام نظره وترصده كل مخابراته وأقماره الصناعية التجسسية إنما يجري في كوكب آخر؟!
نعم تذهلني التساؤلات وكأنها تدور في كوكب مسحور مع أن الإجابة عليها قد طرحناها منذ وقتٍ مبكر في مقالاتنا من سابق حذرنا من الاهتمام بالعالم العربي والدول الكبرى، وبأنهم سيكونون إلى جانب الحق، وقلنا نحن أهل هذه الأرض، ونحن من يفرض الواقع الذي يريد.. ومع ذلك سأبين باختصار مفيد لماذا كل هذا الاهتمام.
* لأن أبناء صعدة اتخذوا الطريق المؤدي إلى حسم قضيتهم من دون الالتفات إلى المنصات والخطابات والمهرجانات وخلق الشُلل الحزبية لأحزاب مريضة بوهم (الوصاية الشرعية) على الجنوب... اتخذوا الطريق الحقيقي لكل الشعوب والأقليات الثائرة الرافضة للظلم والباطل.. خاضوا غمار الكفاح المسلح (6 أعوام) وما زالت وخلالها كان المجتمع الدولي العالمي وكذا جامعة الدول العربية المُعاقة ودول مجلس التعاون الخليجي المتأرجحة دومـًا بين الحق والباطل ولا يستقيم حالها إلا إذا جاءها الضوء الأخضر من (البيت الأبيض) كلهم كانوا يلهثون وراء تسوية مُريحة... وجرت التسويات ولعلعة الرصاص ودوي هدير المدافع وابترع الإعلام الرسمي؛ لأن (صعدة) جزء لا يتجزأ من (الجمهورية العربية اليمنية).
كان نظام صنعاء الحاكم والمحتل للجنوب يميل إلى التسوية وإلى إعطاء الاهتمام الدولي والعربي لقضية تخص (البيت الواحد) كي تمحي قضية احتلال الجنوب وتذوب من خلال أحزاب (المشترك).

* لكن الحقيقة الواجب معرفتها أن أبناء صعدة كان خيارهم الكفاح المسلح ولم ينتهجوا سياسة البيع والشراء في سوق (الحرية) من أجل ركوب المنصات وإلقاء الخطابات والمسيرات والمهرجانات التي يريدها (المشترك)، وكذا (كلاب الصيد الجنوبية أي الوشاة) وجعل هؤلاء من الدجل أسطورة : بأن النضال السلمي هو لغة العصر ومنطق العصر، في ظل عالم لا يحترمُ غير الأقوياء ويحتقر المتسولين وكم كتبنا من المقالات كي نوعي هؤلاء العملاء في الداخل والخارج، لكن من دون جدوى.. ألا سحقـًا لكل هؤلاء وتبـًا لهم جميعًا.. لقد أضاعوا على الثورة الجنوبية الثانية أهم وأعظم أركانها المؤدية إلى الانتصار... أضاعوا بنذالة منقطعة النظير "القيادة الواعية والناضجة" ألا سحقـًا لهؤلاء وتبـًا لهم جميعًا.

* ويبقى القول ... الشمس قد شارفت على المغيب وقافلة الصمت والبصمات لا تنزوي ولا تغيب... تطوف من غير كلل وبلا ملل، تفتش بلا حياء أو خجل عن بطل، عن نصف بطل عن شبه بطل في زمنٍ أصبح الإنسان في الجنوب أرخص من كيلو بصل... الخيانة قد قهرت البحر وأذلت الجبل !!
"الزنبقاتُ السودث في قلبي
وفي شفتي اللهب
من أي غاب جئتني
ياكل صلبان الغضب؟
غضبٌ يدي...
غضبٌ فمي ...
ودماء أوردتي عصيرٌ من غضب
يا قارئي ..
لا ترجُ مني الهمس
لا ترجُ الطرب
هذا عذابي ...
ضربةٌ في الرمل طائشةٌ
وأخرى في السُحُب
حسبي بأني غاضبٌ
والنار أولها غضب!!"

محمود درويش
عدن 15 فبراير 2010م