كفى أفكا يا بو عمر ... وكفى تزيف لذاكرة المواطن الجنوبي

[حسان العود]

كفى أفكا يا بو عمر ... وكفى تزيف لذاكرة المواطن الجنوبيا

كثر في الأواني الأخيرة من على صفحات المواقع والمنتديات الجنوبية ،ليس فقط جلد الذات الجنوبية فحسب ،بل تعداه إلى تحليلات عدائية ضد المنجزات والتاريخ الجنوبي ،من خلال خلط الأوراق وتزيف الوعي والتاريخ والوقائع ،وتجريم المنجزات ،وإدانة المناضلين ،ولم يقتصر الأمر عند ذلك بل وصل إلى الاستشهاد بالقران الكريم وإسقاط آياته على أفعال ووقائع ليس للقران علاقة أو صلة بها ،أو مدلول ديني عنها .
وكان للمدعو بو عمر الدور الريادي في ذلك ،من خلال كتاباته المتكررة الذي تخصص فيها بالموعظة الناقدة لإفرازات ثورة أكتوبر المجيدة في الجنوب وما رافق تجربة بناء الدولة الوطنية في الجنوب من أخطاء، وشتما لقياداتها ومنجزاتها على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ،وصولا إلى مقت و ذم الاحتفال بذكرى 30 نوفمبر العظيم ،وقد البس انتقاداته لباس التقوى ،في حين إن في باطنها الحقد عن كل منجزات شعب الجنوب العظيم ،وهو إن حاول التباكي عن الحضارة الجنوبية ودولة الجنوب العربي ، فانك تشعر من خلال قرأت كتاباته انه يضمر العداء والحقد لكل ما هو جنوبي ،بل فهو في حقيقة الأمر يلتقي مع نظام صنعاء في زرع البغضاء والتنافر والصراع بين أبناء الجنوب ،بهدف ضرب الحراك ورموزه المناضلة تحت مبررات وادعاءات شتى ،إن التباكي الزائف لبو عمر عن الجنوب العربي ،قد انكشف ولم يعود له تأثير عندي وخصوصا بعد أن تابعت كتاباته التي بلغت حد السذاجة والتي لن تمر عندي مرور الكرام ،وانأ أتكلم هنا عن نفسي ،فهو يلقي الاتهامات التي يطلقها على القيادات الفاعلة في الحراك الجنوبي حينا ،وحينا أخر على القيادات السابقة في الجنوب وحينا على الحزب الاشتراكي ،وأخير على الشيخ طارق الفضلي ،وكلها تتفق مع الاتهامات التي تطلقها السلطة ضد هؤلاء ،وهذا ما يجعلنا نجزم بان بو عمر هذا ،ما هو إلا أجير لدى السلطة يعمل على شق الصف الجنوبي ،وتشويه نضال قياداته ،والتشكيك بها ،وافتعال معارك جانبية بين الجنوبيين تلهيهم عن النضال الرئيسي لهم ضد الظلم والاستبداد والطغيان ،وهذا ما نجده في موضوعه الأخير " الفضلي منّ ذا أمرك بهذا " ، كما نجده يستنجد بـالبيض موجها ومرشدا عندما قال : " السيد علي سالم البيض عليه أن يكون حازماً في هذه المسألة لأنها تقود الوطن للمهلكة ولاشك" وهو من شتمه وشتم رفاقه في قيادات الجنوب في مواضيع سابقة ونأخذ منها ما يلي مثلا : فهو يقول :-

"مثير أن يتشدق الغاوون اليوم تحت شعارات الزيف والبهتان ، يقولون قضيتنا ليست مع تاريخنا الشيوعي ، وليست مع جهالتنا القومية ، وليست مع جرائم الرفاق التي لا تحصى ، أنهم يؤكدون على أن القضية محصورة في ( الاحتلال اليمني ) ، مثير أن نقف مع هذا الاحتلال ونقول من جاء به غيركم أيها الغاوون أحفاد الأبناء العاقون للجنوب العربي ، هكذا نقف اليوم تجاه مرتزقة التاريخ والعابثين بالهوية السياسية للجنوب العربي في إثارة متجددة لا تنضب أبدا."

وهو هنا يتفق مع أعداء الجنوب في تشويه التاريخ والوقائع ،فينسب إلى الجنوب إن تاريخه شيوعي ،برغم إن الجنوب لا يعرف عن الشيوعية إلا إنها مرحلة من مراحل التطور الاقتصادي ،التي كان تنشدها الأنظمة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي ومن نهج نفس التوجه في العالم ،وقد أثبتت التجارب إن هذه الدول لم تستطيع أن تستمر في نهجها ، وعادت إلى اقتصاد حرية السوق ومنها من استطاعت أن تحدث نقالات هائلة في اقتصادياتها مثل الصين ،وكان لدولة الجنوب تحالفاتها الدولية مع هذه الدول الاشتراكية ،ونهجت نهجا اقتصاديا يصب في التوجه الاشتراكي ،أما في ما يخص الفكر القومي فشعب الجنوب بكل فئاته من أحزاب ،وقبائل ، وسلاطين ومشائخ قد تشربوا الفكر القومي وهذا ليس عيبا ،فالجنوب هو أصل العرب ومنبتهم ،فان معظم شعوب شمال إفريقيا هم من جنوب الجزيرة وخصوصا حضرموت ،فالبربر ،وقبائل الصحراء العربية هم من حضرموت ،ونقصد حضرموت الممتدة من المهرة شرقا إلى باب المندب غربا ، وقد كانت هناك إلى عهد قريب في تونس منطقة تسمى حضرموت قامت السلطات التونسية بتغيرها إلى سوسة،وهناك مناطق واسعة وقبائل في الجزائر لا زال سكانها محتفظين بعاداتهم وتقاليدهم الجنوبية وينسبون أنفسهم إلى يافع ، وكذا جنوب و شرق أفريقيا هناك سكان من أصول حضرمية وهكذا اندونيسيا وماليزيا وسنجفورة والهند والفلبين ،وبوروناي ،وغيرها من البلدان ،كما لا ننسى إن الفكر القومي في أربعينات وخمسينات القرن الماضي قد اشتد عوده ولقي رواجا كبيرا في معظم الدول العربية ،نتيجة للثورات التحررية والمد القومي الناصري ،ونكبة فلسطين وغيرها من الظروف الموضوعية والذاتية التي هيئة الجنوب لسير في هذا التوجه ،

كما انه يقول في فقرة أخرى :
" الشعوب تثور على جلاديها ، والشعوب تبغض التواريخ المجحفة ، غير الشعب في الجنوب العربي يحشدونه كما حشدوه قبل عقود أربعة ليقدموه في مشروع تآمري جديد ، مشروع لا يقوم على أي مرجعية غير مرجعية الأهواء والطيش والوقوف عرياً في الهواء الملوث ، شعارات الزيف المقدمة لن ترتقي لتحيي جزءاً ولو صغيراً من جسد هذا الجنوب العربي المكتوي بنيران ليست صديقة بل نيران الأبناء العابثون بهذا الوطن في كل الزمن التاريخي للجنوب العربي ...

يصنفون الداعين للجنوب العربي بالخونة ، بالداعين إلى عودة المستعمر البريطاني ، يصنف الجنوبي العربي اليوم بأنه قزم أمام أصحاب العروش من الملوك الجيران في خصوصهم ، النياشين والأنواط لديهم جاهزة يضعونها على أكتاف من يعتقدون بمشاريعهم الواهمة ، التخوين والسحل والتعذيب هي صفات ملازمة لأؤلئك القادمين من الخيانة العظمى للوطن الجنوبي العربي ".

وهو يصب جام غضبه على شعب الجنوب وحوله إلى دمية يتم التلاعب بها ،من قبل من لم يتم توضيحهم ،ونحن نقول بان شعب الجنوب عبر تاريخه الطويل مع الغزاة والمحتلين لم يركع ،وكان ينهض دائما من تحت الأنقاض والركام ،ليشق طريقه إلى الحرية والشموخ والعزة والكرامة ويقدم من اجل ذلك التضحيات الجسام حتى النصر ،وقد علمنا التاريخ أن شعب الجنوب كانت تتم هزائمه عندما يتم اختراقه وتفرق قبائله ومناطقه بخلافات جانبية وحروب ثأرية،كما هو حاصل الآن ،ولكنه كان يعود إلى أوج قوته وعزته عندما كانت تزول أسباب الاختراق والتفرقة بين قبائله ومناطقه .

كما انه يقول :

" شتان بين من جاؤوا من مقر هيئة الأمم المتحدة بقرار الاستقلال في الحادي عشر من ديسمبر 1963م وبين تآمر على الوطن الجنوبي العربي من الجبهة القومية ، شتان بين الطرفين ، شتان بين الابن النجيب ، وبين الابن الجبان ، شتان بين من أعلن قيم ومبادئ الجبهة القومية المعادية لكل ما هو جنوبي عربي ، وبين من جاء بوثيقة الاستقلال الوطني ، هنا محاكاة تاريخية تستحق الوقوف عندها ملياً مجردين من تبعات كل شيء غير هذا الوطن المصلوب منذ الثلاثين من نوفمبر 1967م ".

وهو هنا يسترشد ببعض الفقرات من مطالب رابطة الجنوب العربي من لجنة تصفية الاستعمار وهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ،و إعلان ميثاق الجبهة القومية ،علما بان هناك فرقا بين ما حاول الاسترشاد به وبين ما حاول إيضاحه ،فالأول كانت عبارة عن مطالب في خطاب عرض على هيئة الأمم المتحدة باسم شعب الجنوب ،وبين ميثاق جبهة اختارت الكفاح المسلح لتحرير الأرض ،وهو لا يمثل سوى أعضاءها المنضويين تحت برنامجها ،ولا يمثل شعب الجنوب بالضرورة ،كما إن نهج الرابطة كحزب قد تغير منذ ذلك الحين ،وأصبحت قيادة الرابطة وخطاباتها هي اقرب إلى نظام صنعاء من شعب الجنوب أو حتى دولة الجنوب العربي التي يتباكى عليها بوعمر ،ولا نجده في كل كاتباته يذكر قيادة الرابطة بسوء برغم أنها أكثر خطرا على الجنوب ،من غيرها الفعاليات الجنوبية الأخرى في تاريخنا المعاصر وليس القديم ،

كما انه يسترسل في هذيانه الغير مبرر عندما يقول:

" هنالك من دعا إلى الجنوب العربي وخذل وسحل وعذب وسجن وهتكت كل حقوقه على الأرض وتحت الأرض ، وهنالك من دعا إلى يمننة الجنوب العربي ، وحقق مشروعه نجاح عظيم وامتلك حق السيادة لكل ما على الأرض وما في بطنها ، علق النجمة الحمراء ، وأعلن ألا شريعة إلا شريعة الإلحاد والكفر والطغيان ، وأعلن أن الأرض ومن عليها لليمن زيفاً وجوراً وطغياناً ، حتى أن غوايتهم القصوى جعلتهم بداية أن يسموا وطنهم باليمن الجنوبي قبل أن يتداركوا أمرهم ويجعلوه يمناً شعبياً وفق مرجعيته الكافرة بالوجود الرباني " .
وهنا نقول لأخينا بو عمر لا تتلاعب بالألفاظ والعبارات فكفى زيفا وكفى كذبا على الماضي والتاريخ ،فالجنوب وشعب الجنوب لم يكن ملحدا ولا كافرا ولا طاغيا ، فانا من أبناء عدن ،وعشت أبان بناء الدولة الوطنية في الجنوب بحلوها ومرها ،ولم يحث مما تقوله شيئا ،بل كانت المساجد في عدن مفتوحة على مدار الساعة للصلاة لمن يريد دون اكره ،ومسكنا لعابري السبيل ،كما كانت هناك إدارة للأوقاف في وزارة العدل تقوم بالاهتمام بالمساجد وأموال وعقارات الأوقاف التي ظلت تمارس نشاطها حتى 94م ،عندما جاء المتاسلمون الجدد لينهبوها ويحولونها إلى أملاك شخصية لهم ،أو يبيعونها ليستنفعوا بأموالها لمصالحهم وحتى المقابر لم تسلم من البيع ، كما انه كان هناك دستور للبلاد وكانت الشريعة الإسلامية احد المصادر الرئيسية في التشريع، أما ما سماه طغيان ،فان رئيس الجمهورية سالمين على سبيل المثال كان له سيارة مرسديس ورثها عن دولة الجنوب العربي وكانت تتبع رئاسة الجمهورية ،وكان عندما يأتي إلى منطقة التواهي ليشرب شاهي في مقهى عام لكل الناس يأتي ومعه حارس شخصي يجلس بجانبه يحمل مسدس في خصره ،وسائق السيارة ،وكان كل وزير لديه سيارة بيجو 454 ،أو سيارة لادى لكبار المسئولين وكانوا يسوقنها بأنفسهم ودون حراسات ،وكانت إذا حدثت مشكلة بين أي مواطن وبين أي مسئول تقوم الشرطة بإحضار ذلك المسئول ويتم إنصاف المواطن تحت سيادة القانون الذي لا نراه الآن حاضر بيننا ،كما كان الوزراء والمسئولين يسكنون في مساكن أو شقق يسكنها كل المواطنين . ولا نرى أي تمايز بينها ،ولا ندري عن أي طغيان يتحدث صاحبنا بو عمر ، كما انه يجب ألا ننكر إن هناك حدثت أخطاء ،في كثير من المسائل الاقتصادية والسياسية ،والناتجة عن التأمر الذي استهدف الجنوب من قبل الأنظمة الغربية والعربية السائرة في فلكها على الجنوب ، من خلال الحصار الاقتصادي ،والتأمر الذي قام به أبناء الشمال لمصالحهم ومصالح دولة الشمال،مما سبب بروز الصراع الدموي بين أبناء الجنوب على خلفيات هذا التأمر الذي استهدفهم مما ساعد على إضعافهم وسيطرت الطرف الشمالي على كثير من مفاصل القرار ،مما أدى إلى دخولهم في وحدة مع الشمال غير مدروسة ومتسرعة ،أدت فيما أدت إلى إعلان الحرب على الجنوب وإبعاد الطرف الجنوبي من السلطة والحكم ،واستباحة أرضه وثروته لمصالح القوى المتنفذة الشمالية ،بل إن القيادات التي ارتكبت الأخطاء في دولة الجنوب هم الآن من ضمن قوام قيادة الدولة والمؤتمر الشعبي العام الحاكم ،وليس في الحراك الجنوني .
ويظهر إن بو عمر هذا ،أما انه لم يعيش في داخل البلاد أثناء دولة الجنوب الوطنية ،أو انه من القيادات السلفية الموالية لنظام صنعاء أو من حزب رابطة أبناء اليمن السائر في فلك السلطة ،ولذا لا نستغرب ما يكتبه ،لان حزب الرابطة في تاريخه القديم الجديد لم يستطيع أن يكون حزب شعبي جماهيري ،فظل حزب اسري ضعيف التأثير والفعل ،وأما التيار السلفي فهو تيار ديني مصلحي يقدس الفرد الحاكم ،و يسعى إلى تقيد نهضة الأمة وتطورها وإبقائها أسيرة الأفكار المتخلفة ،ولذا لا نستغرب عداء الطرفين للحراك الجنوبي ،كون الحراك الجنوبي هو فعل جماهيري مناهض للظلم والاستبداد والتسلط ،وهذا ما يحد من نشاط كل من الرابطة والسلفية مما يزعجهما ،ولذا فهما يسعيان إلى نبش الماضي عسى أن يجدا فيه ما يضعف الحراك الجنوبي وينهيه ،ولذا لا نستغرب التحالف بين الطرفين والسلطة لتشويه صورة الحراك ،بين أبناء الجنوب .

ونخلص إلى القول ،بأنه يجب أن لا نحاكم الماضي وظروفه ،بظروف الحاضر ومقتضياته ،بل يجب أن نستفيد من الماضي لإصلاح الحاضر والسير بالطرق الآمنة نحو المستقبل ،لا أن ننبش في الماضي لإحياء صراعات انتهت وولت ،نحن في حاجة ماسة لتغيير الحاضر المأساوي لأننا نعيش فيه ،ونضع فيه الأسس الصحيحة لبناء المستقبل الذي سيعيش به أبناءنا وأحفادنا ،لا أن نزرع الأشواك في طريقهم ،نحن يجب أن نرسي الأسس الصحيحة لتصالح والتسامح والسمو على الجراح والآلام ،يجب أن نترفع عن المهاترات والنعرات وندرك من هو عدو الجنوب من صديقة ،ونؤسس لحياة قابلة للاستمرار والتطور ،وهذا لن يتم إلا من خلال دفن الماضي بما كان فيه ،وبناء الحاضر بكل ما نحن عليه ،لنسير إلى المستقبل لكل ما نحلم .

نقل عن منتديات الضالع بوابة الجنوب

بواسطه الاخ

احمد العدني