الحراك الشعبي

[ahmadkhalifa00]

الحراك الشعبي في الجنوب



قبل أيام أقيم هذا المنتدى في العاصمة صنعاء وقد تم بثه على قناة الجزيرة مباشر مرتين ..

مايهمني هنا هو التعليق على كلمة الحراك السياسي في الجنوب ..

فعندما خرجت الجماهير المجمهرة لتهدم جدار برلين كان ذلك حراك سياسي لمشاركة مئات الاف من الناس فيه .. وعندما قامت الثورة البرتقالية في أوكرانيا كانت الجماهير المحتشدة في العاصمة تقدر بمئات الآلاف .. وكذلك الحال في جورجيا وغيرها لكن هل ما يحدث في المحافظات الجنوبية حراك شعبي .. الحضور في ساحة الهاشمي لم يزد عن خمسين ألف وكلهم من خارج مدينة عدن أو أغلبهم .. فما السر ..

لنكن واضحين وأنا مواطن يمني من أبناء الجنوب الذين تربوا و ترعرعوا في مدينة تعز الكريمة .. والسؤال لماذا أنا وغيري عشرات الآلاف من أبناء المحافظات الجنوبية قدر لنا أن نولد أو نعيش في تعز والحديدة وصنعاء منذ أوائل السبعينات وحتى إعلان الوحدة أو حتى الآن ؟؟

الجواب بمنتهى البساطة والوضوح أنه في تلك الفترة تم إقصاء آبائنا وأهالينا من حياتهم وممتلكاتهم ومساكنهم في عدن وحضرموت وغيرها من مناطق اليمن ولصالح فئات من اليمن تنتمي لمناطق محددة هي في الضالع ويافع وأبين .. كان آباؤنا من حملة الشهادات العليا وهم لم يكونوا .. كان آباؤنا من المشاركين في النضال الوطني ضد الاستعمار والإمامة وهم لم يكونوا .. لذلك بمنتهى البساطة وحتى يتمكنوا من حكم البلد قاموا بالتنكيل بمن هم أفضل منهم مكانة وعلما وكفاءة .. لذلك جاء لحكم جنوب اليمن أناس من أمثال قحطان الشعبي وسالمين وعلي ناصر وعلي عنتر و من لا يعرف القراءة أو الكتابة.. لم تكن الأيديولوجية هي المسار الذي يسير عليه الجميع ولكن كانت القبلية والمناطقية العفنة .. لم يحدث في التاريخ أن تم قتل الناس بالبطاقة الشخصية أو بطريقة نطقهم لبعض الحروف .. لم يشهد التاريخ تخلفا ووضاعة مثل تلك التي خلفتها قطعان المحتلين لعدن وغيرها من مدن الجنوب بعد الاستقلال .. وبعد كل مسلسلات الدمار والدماء التي ذاقها اليمنيون الجنوبيون ليسوا كلهم على استعداد لخوض غمار المغامرة مرة أخرى بتسليم الدفة لهؤلاء من جديد .. ولو نظرنا إلى تركيبة القائمين على الحراك السياسي لوجدناها مؤلفة في الأساس من تلك لتركيبة المناطقية الضيقة المتخلفة والسبب أن الانخراط في الجيش والشرطة والحصول على المناصب الكبرى لم يكن متاحا إلا لأبناء تلك المناطق الموتورة والمتألمة من كونها كانت محرومة من دخول عدن أو المكلا للعمل حتى ولو في خدمة البيوت .. ثم هم لم يكونوا يحملوا أي ثقافة أو تعليم لأن وضع سلطنات الجنوب كان في مستوى وضع مملكة الإمام إن لم يكن أسوأ.. ولكن صحيح أن بعضهم يحملون شهادات الدكتوراه ولكن أيضا كلنا يعرف كيف حصلوا عليها في دول المعسكر الشرقي لذلك عندما عاد بعضهم للتدريس في جامعة عدن كان مستوى مخرجاتها من نوعية المحامية عفراء التي شاركت في ندوة الحراك الشعبي في الجنوب ومن نوعيتها هذه الغير مشرفة لأبناء الجنوب الكثير ممن تربوا على أيدي خريجي دول المعسكر الشرقي للأسف.. تلك التي تحدثت عن ضرورة عدم الوصاية على الحراك الشعبي وتركه يحدد ما يريد .. وهذا هو الجنون بعينه .. فالمجنون والمخبول هو الذي لا يدري إلى أين يسير وماذا يريد وماذا يتوقع وماذا يتمنى .. لذلك فإن أي حركة في العالم على مر التاريخ كان لها أهداف قصوى ودنيا ووسائل تحقيق تلك الأهداف وغايات سامية خلف تلك الأهداف.. وتصور لما يمكن تحقيقه ومالا يمكن.. وتصور عن حجم التنازلات ومتى تقدم.. هكذا يفكر العقلاء وهكذا ينظرون وبكذا تفكير يوصفون بأنهم ناشطون سياسيون أو حقوقيون وليس بتلك العقلية الضحلة فكرا وأسلوبا ولغة عند تلك ألناشطة (بين قوسين) ..

في تلك الندوة تحدث شخص عن ثلثي الثروة والأرض .. في الحقيقة فإنه يجب الحديث عن ثلثي الديون والكادر الغير مؤهل التي تحملت الدولة أعباءها .. ثلثا المصانع التي أنشأت بالدين وهي قديمة وكُهنة وتحملت الدولة الناشئة كل هذا وأكثر ..

لنترك كل هذا جانبا وليجبني أي واحد من قادة ما يسمى بالحراك السياسي في الجنوب هل لدى أي واحد منكم يسكن في شقة أو بيت تم تمليكه له قبل الوحدة أو بعدها الاستعداد لإعادتها لأصحابها الذين حرموا منها أو إعادتها إلى ورثتهم قبل الحديث عن الحقوق والواجبات ؟؟؟؟

لماذا التصالح والتسامح معكم فقط ومع النظام الذي كنتم تمثلونه في زمن ما فقط ؟؟؟ لماذا لا يكون التصالح مع الوطن ككل من شرقه إلى غربه .. من جنوبه إلى شماله .. إذا كان يمكن التصالح مع من قتل بالبطاقة فلما لا يمكن التصالح مع من لم يفعل ذلك .. مع الوطن .. لماذا يريد البعض هدم المسجد على المصلين والبيت على القاطنين جميعا لأنه يريد الصلاة في الصف الأول أو السكن في الغرفة القريبة من الحمام .. لك حق طالب به و لكن في سياقه فإن فتحت أبوابا فتوقع أن قد يكون فيها أبواب تفتح على جهنم .. أنا لا أمتلك الحقيقة الكاملة كما يتهم الإسلاميون بأنهم يدعون امتلاك تلك الحقيقة فأقول ستصيبكم لعنات الله وغضبه لأنكم تمزقون أمة أرادها موحدة .. لن أقول ذلك مع أيماني به ولا أخجل منه ولا من انتمائي إليه.. لكن أقول ما يهمكم من هذه الحياة وهو أن التاريخ سيرميكم في أسوأ منطقة فيه مع كل من تسبب في الإضرار بأمته ووطنه .. والأيام ستشهد على ذلك ..

إذا ما الحل ؟؟؟

الحل في الدفع نحو حراك جماهيري حقيقي يؤمن به كل المظلومين في اليمن نحو دولة مدنية وتنموية تقوم على أسس سليمة .. ومعارضة النظام وليس الدولة .. لقد أقنعنا أنفسنا وأقنعنا غيرنا بأن محاولة الانفصال في1994 م كانت عن النظام وليس عن الوطن بدليل إبقائها على الدستور والسلام الوطني و .. وقد يكون في ذلك مغالطة ولكن هذا أقصى مايمكن تبريره ولكن ما بعد ذلك يكون الخط الأحمر .. نعم ولماذا لا تكون هناك خطوط حمراء لكل من يؤذي الوطن ليس باعتقاله أو تصفيته كما تم في الماضي ولكن بمنع الأسباب التي أدت إليه.. وبصدق لا يمكن أن نسمع من رئيس الجمهورية عن حل أكثر من 90% من المشاكل المتعلقة بالمتقاعدين ثم يأتي أحد وزرائه بعد شهرين ويقول تم حل 70% من المشاكل .. الحقيقة أنه لا 70% ولا 90% حُلت .. لأنه لا يوجد صدق أو شفافية.. مع خطايا النظام الحالي المطلوب هو النضال ضد الفساد والمتسببين بكل المآسي لليمنيين وليس الوطن فالوطن بريء منهم..

وأن يتول قيادة الجماهير عقول واعية رصينة ذات مشروع وطني حقيقي وليس مجموعة من الموتورين والفاقدي المصالح فهؤلاء لا يرون أبعد من أقدامهم ..

ومازال السؤال مطروحا وبحاجة لإجابة هل أنتم مستعدون لإعادة ما استوليتم عليه منا قبل الحديث عن أي حقوق أو واجبات ..

حقوق الناس لا تنتهي بقرار جمهوري من الرئيس .. أو بتعيين أبناء من تسببوا في كل هذه المآسي في مناصب حكومية مرموقة لأن ذلك زيادة في الإثم والظلم .. كما أن الحقوق لا تذهب بمهرجانات هنا أو هناك يرعاها هؤلاء أو أولئك ..

الحقوق تعاد للناس فردا فردا وكل صاحب حق سيحصل عليه آجلا أم عاجلا .. والأيام ستشهد على ذلك..