اليمنيون يودّعون عامهم متوجسين خيفة على وحدتهم

[العرزاله]

يودع اليمنيون العام 2007 وهم يتوجسون خيفة على وحدتهم التي لم يكتمل عقدها الثاني، بعد أن لاحت في الأفق بوادر تفككها، منذ اندلاع موجة الاحتجاجات اليومية التي تعم مدن الجنوب منذ مارس/آذار الماضي، وأدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى وموجة من الاعتقالات.

ودأب الرئيس اليمني علي عبدالله صالح طوال العام على التأكيد بأن “الوحدة اليمنية معمدة بالدم وهي راسخة رسوخ الجبال الرواسي، وان من يفكر في العودة للماضي التشطيري واهم”. وتكتنف تأكيدات صالح الكثير من المخاوف مع زيادة حدة احتجاجات المحافظات الجنوبية التي بدأت مطالبها بعودة نحو 70 ألف متقاعد عسكري ومدني إلى وظائفهم، لتنتهي بالدعوة علناً من قبل منظميها إلى الشروع في التخطيط ل “ثورة برتقالية”، يستعيد فيها أهل الجنوب ما باتوا يطلقون عليه “تقرير المصير”.

وقلل حزب “المؤتمر الشعبي العام” الحاكم من أهمية تلك الاحتقانات الشعبية حيث قال رئيس الدائرة الإعلامية للحزب طارق الشامي “لا خوف على الوحدة، فهي مطلب شعب بأكمله وتم التوافق عليها بالطرق السلمية، وأما تلك الاحتجاجات فقد تم التوصل إلى حل الكثير منها، وعودة آلاف من المتقاعدين إلى أعمالهم”.

وقال الناشط السياسي حسين العرولي “قناعتي انه لن يحدث انفصال طالما ان الرئيس صالح يحكم البلاد، والخشية هي مما سيحدث بعده، فسياسة التحريض وإثارة الفتن ليست في مصلحة الوطن والهدف منها الوصول للكرسي والساعين إلى ذلك لن يحكموا اليمن موحدا بهذا الأسلوب”.

وتمت الوحدة اليمنية عام 1990 بطرق سلمية بين صانعيها المؤتمر الشعبي العام “ممثلا للشمال” و”الحزب الاشتراكي اليمني” عن الجنوب، غير أنها تعرضت لهزات متلاحقة منذ عام 1994 إثر حرب أهلية بين شريكي الوحدة أفضت لخروج الاشتراكي من السلطة. وللمعارضة اليمنية، ممثلة في “اللقاء المشترك” الذي يضم لفيفاً من الأحزاب ذات التوجهات القومية والإسلامية، واليسارية وجهة نظر تجاه الأحداث المتلاحقة حول استمرارية الوحدة من عدمها. وعلق عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح المعارض محمد قحطان على سلسلة الأحداث المتعلقة التي جرت على مدار الأشهر الماضية بالقول إن الوحدة “في مهب الريح ما لم يحدث اصطفاف إلى جانب المظلومين من أبناء الجنوب”. وأكد أنه “إذا لم نلتحم جميعاً لحماية الحقوق والحريات، والدفاع، عن المظلومين وفي مقدمتهم أبناء المحافظات الجنوبية فإن الوحدة لن تكون وحدها في مهب الريح بل أيضا الثورة والوطن وكل المكتسبات”.

ولخص نائب الأمين العام للحزب الاشتراكي خالد صائل، ما تواجهه الوحدة التي وقع عليها مع المؤتمر بالقول “الوحدة اليمنية بحاجة إلى تصحيح السياسات الخاطئة للنظام السياسي، والاختلالات التي لحقت بها جراء حرب 1994”. وأضاف أن الممارسات الحالية “أجهضت المضمون السلمي الديمقراطي للوحدة وضربت التوازنات الاجتماعية والوطنية التي صنعتها ومكنت دوائر الفساد من تحويل الجنوب إلى ضيعة للنهب، وإقصاء كل المقومات المرتبطة بصيغة الدولة الوطنية السابقة هناك”.

وفي مواجهة المخاوف من انفراط عقد الوحدة هرع الرئيس صالح وأركان حكومته إلى مدينة عدن، كبرى مدن الجنوب، منذ أكتوبر/تشرين الاول الماضي ليدير من هناك شؤون الحكم ويتفاوض مع من لهم مصلحة في استمرار الوحدة. ورأى مراقبون أن صالح يرسل عبر تواجده في عدن رسائل لخصومه تؤكد تمسكه باستمرارية الوحدة بعد أن المح في كثير من خطاباته إلى وجود دعم خارجي لدعوات انفصال الجنوب عن الشمال. وقال نقيب الصحافيين اليمنيين نصر طه إن صالح لم يتوقف طيلة مدة إقامته في عدن عن “لقاء مختلف القيادات السياسية والواجهات الاجتماعية في جميع المحافظات الجنوبية وليس فقط في محافظة عدن سواء للتشاور معها أو لحل مشكلاتها أو لاستيعابها وتنبيهها لمخاطر اللعب بورقة الوحدة اليمنية لأغراض مطلبية”.

وعلى اعتبار أن البعد الخارجي لورقة الوحدة اليمنية حاضر في المشهد السياسي فقد بعث صالح بوزير خارجيته أبو بكر القربي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على عجل، إلى عدد من الدول الخليجية لاكتناه موقفها من استمرارية الوحدة اليمنية. وقال القربي “يجمع قادة دول الخليج كلهم، على استمرارية الوحدة اليمنية ويؤكدون أن استمرارها هو استمرار لأمن الجزيرة والخليج”.

ولم تغب القبلية عن أحداث اليمن، لأن القاعدة في الحالة اليمنية تقول إن “القبيلة هي من تحكم” وعليه تم تشكيل أكثر من كيان قبلي وكلها تدعو إلى ما يسمى تصحيح مسار الوحدة، ولعل أبرزها “مجلس التضامن الوطني” برئاسة الشيخ حسين الأحمر نجل رئيس البرلمان، عبدالله الأحمر.

هكذا ينقضي العام فيما اليمنيون بكل أطيافهم يخشون على وحدتهم، بعد أن طالت موجة الاحتجاجات التي شهدتها مدن الجنوب في معظم شهور السنة المنصرمة، من دون التوصل إلى حلول عملية ترضي أطراف الصراع في هذا البلد المصنف من قبل الأمم المتحدة على أنه أفقر دول الجزيرة والخليج على الإطلاق.