معاناة

[حبيبي الجنوب]

معاناة

معاناة اكتبها في سطور مسكونة برمال بلادي الجنوب . . تلك البلاد الساكنة في روحي ونبضات القلب المجروح . حين ابتدأت اخط أول حرف من هذه المقالة كانت تتسول لغة لا يعرفها أحد ،كنت أطلق قلبي في ملكوت السماء وأنا ابحث عن بلادي في الذاكرة وجاءني نفق لا ضوء فيه كان يرسم أمامي عذابات الطاغية . . فكان حرفي شوكا ً دامي . . حينها تخلى جسدي عن روحي . . وعانقني الصمت بالحسرات كأنهما يرقصان فوق جسدي .الأيادي مرتجفة وقدماي لا تعرف جهاتها ، مشغولة بالبحث بين الأرصفة عن
الأسئلة ومراوغة الأجوبة التي أطاردها بكل قوة ، خوفا ً أن تختفي أو تطمس هويتنا الجنوبية . . لكن كانت الصدمة أقوى من كل التوقعات عندما عرفت أن هويتي بدأت تنتهي فعاليتها ؟ ! الحق بعد التغيير كنا بعيدين ولا نمثل شروط الضرورة . . ( ماذا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها . ؟ ) لقد عشنا نحن الجنوبيين مغتربين داخل وخارج الوطن بعيدا ً عن الوطن المرجى بعيدين . ! ألا يكفي فراقك وخسارتك يا وطن والى متى أبقى مجروحا ً كطائر عندما يسقط في شبكة الصياد ، وهاهي عباراتي ارددها واصرخ قائلا ً : يا جنوب أنت وحدك الذي سكنت الروح لا غيرك . . اعذرني عندما اعترفت لك سلفا أني قد تنازلت عنك . . وفي هذه السطور اكرر الاعتراف عن تنازلي عنك . . لكن بكل صدق أقولها ليس عن ترابك وسمائك ، بل عن هؤلاء الذين يشوهون سمعتك بالاستبداد الذي لازلنا نعاني من تركاته الثقيلة على صعيد الواقع . . وهم يشبهون مصاصي الدماء وماحين هوية الغير وظهروا بمظهر الشيطان لتحقيق أمنياتهم لا أمنيات الوطن .لا شيء غير أن دخلاء السلطة وحقدهم المسكون في إشعال نارهم في اليمن الجنوبي ليحرقوا كل جنوبي وليحرقوا كل شيء يذكر الجنوب أو حتى يلمح إليهً ، فتزيد هواء الشحناء اتساعا ً ، وتصبح نقطة الالتقاء بعيدة . . بعيدة على أبنائك يا بلادي . ؟ ! حين أذكرك يؤكلني الحزن لكن أبقى اسبح بترانيم العشق في أفكاري وصراخي . . إلى أن تملاني نشوة الحب والحنان . . أبقى بعيدا ً في الجسد عنك أما الروح تغمرني بالمسرة فهي لك بعشق المعشوقة ولهفتها المعتوب . . أنت وحدك في القلب ، وتبقى صاحب الكرامة والكرم وهذا من طبعك .

نعم أنت نبع الحنان . . أنت جمال ينشد أعذب الألحان ، نعم اعترف أنني تنازلت عن جسدي في الوطن . . وها قد تركت ذكرياتي فيه ، نعم اعترف أن الوحدة كانت فكرة لعينة بنزوة ونشوة ذبحت الإنسان اليمني الجنوبي والإنسانية . . إلى أين يمضي حقدهم . ؟ أناشدكم أيها الأصدقاء أناشدكم أيها الجنوبيين فإننا إن لم نتجاوز واقعة الملعون أو نسمو عليه فسوف نغرق في بئر عميق لا قرار لها ،! . وأخيرا يتساءلون عن هذا الذي أزعجنا بشخبطاتنا على الأوراق الضائعة ؟ ؟ يسألونني من أنت . . ؟ أنا جنوبي وبلادي الجنوب ! يا بلادي قـُللي انك مسامحني أم أني اعتذرتك . . فلأني ذهبت في الحق البعيد . . فيما قلت كل الحق . . وقل نعم لك كل الحق أن تتركني اعترف أيضا لي كما أنا اعترفت لك . ؟ غابت أجراس العيد ومضت بعيدا ً دون أثر ركعتُ اصلي متوسلا ً بالخالق عز وجل أن يعيد علي ّ نشوتي في بلادي .

حبيبي الجنوب
16-03-2005