رسالة الجنوب للأخ المناضل محمد علي أحمد

[اسدالجنوب]

رسالة الجنوب للأخ المناضل محمد علي أحمد ... سيظل الجنوب جنوباً عربياً والشمال شمال يمنياً
بقلم / ناصر أحمد هادي

لقد وجدت الثورة السلمية في الجنوب لتعوض عن غباء وجهل القيادات الجنوبية .
سلام عليك يا بن علي، من الغريب أن نتحدث عن وطننا الجنوب، وكأننا غرباء عنه.. لكن حين نريد أن نحكي عن وطننا الجنوب، فعلاً نجد أنفسنا غرباء.. لا نفهم أو لعلنا لا نريد أن نصدق أن كل التضحيات والالم والدم المسفوك على أرض الجنوب ضد الانجليز، ولاحقاً ضد بعضنا البعض، تحول وصار عقاب لنا على كل أفعالنا ومواقفنا في ماضينا، تجاه قضايا العروبة والوحدة والاستقلال والحرية.. لا نريد أن نصدق أن دماء أبناء الجنوب تذهب هدراً، على مذبح تدمير الجنوب والغاء وجوده. ليصبح أثراً بعد عين، ثم يحشرنا زمن العار بين النحر والانتحار، على غرار ما جرى لإمارة (عربستان). لكن علينا أن نصدق أننا هنا في الجنوب، وسط حفل تنكري، فقدت فيه كل القيم الانسانية، وأستبيحت على قارعته المعاني الوطنية المخلصة. بحيث لم يعد يشعر المواطن الجنوبي أو يحس الا بالغربة في وطنه الذي لم يعد يعطينا سوى الشعور والحسرة بالعار، فهل يوجد مهانة أكبر من مهانة الاحتلال؟ فقد تم تصفية أبطال الامس، حتى لايكونوا شهود على ضعفنا وعجزنا، وبالتالي يرفضوا الاستسلام بالقول والفعل، ويتصدروا تجديد قيادة النضال في وجه الطاغية ونظامه، مهما أعترض سبيلنا من صعاب وعقبات ولاحقينا من محن وصدمات.
(( فالوطن كما الافراد يحزن ، يتألم ، يبكي.. يصيبه الاحباط وينتابه الذعر.. تنشطر روحه حين ينشطر شعبه.. الوطن يخشى الموت أيضاً. وليس صحيحاً أن الاوطان لا تموت..ينتهي الوطن حين يخسر سر وجوده وبقائه..حين مساحة من الارض لا تتسع لكل بنيه.. في لحظات الغرق يلتفت الوطن حوله.. لا دواء من الخارج..لهذا يفتش عن رجل بحجم الخطر المحدق.. الويل لبلاد لا تعثر في ساعة الشدة على قيادة رجل ينقذها من اقتراب جنازتها)). غسان شربل، رئيس تحرير صحيفة الحياة.
سلام عليك يا بن علي، لقد علمتنا فضائل الجود والكرم، كقائد ميداني عملي، خلقك الله (هيك)، من طراز الشهيد البطل (سالمين) وغيره من الابطال، رجال العزة والكرامة والرجولة والشهامة، الذين عرفناهم شجعان لا يهابون الموت، أوفياء أستشهدوا وقتلوا وهم واقفين كأشجار السنديان، دون ما يملكون القصور والثروة والسيارات الفارهة والنساء الجميلات، وأنت ممن بقوا على قيد الحياة، ربما ليأتي دورك في اللحظة الفاصلة، كتعويض عن خسائرنا في الماضي والحاضر، فلا تخيب آمالنا ولا تسقط تطلعاتنا وطموحاتنا، ولا تراهن على الجواد الخاسر.
يقول بيجن: \"العالم لا يحترم الضحايا، ولكن يحترم المحاربين في الميدان\". فلا تنتظر مساعدة وإعتراف العالم بالجنوب، وانما الوقائع على الارض هي التي تفرض مساعدة وإعتراف العالم بالجنوب، أنت الثائر المؤمن، الذي لم يعرف الخوف طريقاً الى قلبه، ولم يتمكن منه يوماً التشاؤم أو اليأس أو الاحباط، رغم كل عوامل الاحباط واليأس.. أنت رجل قضية لا تموت، ونضال لا يعرف التراجع، وإنتفاضة سلمية لا تعرف المهادنة.. كقائد مؤمن بأنه من غير المسموح لرجال الجنوب بعد اليوم أن يعرفوا الخوف والاستسلام، خصوصاً وإن أبناء الجنوب في إطار نضالهم وثورتهم العادلة والمشروعة، لإستعادة وطنهم ودولتهم، يواجهون خصماً خطيراً هو الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، تكمن خطورته في أنه لا يتورع في إستخدام أبغض الوسائل، والدوس على كل القيم، للقضاء على خصومه، ويمكن للجنوبيين وضع نهاية لعربدة هذا الرئيس وقياداته، بتوظيف وسائل عديدة لتقوية نضال أبناء الجنوب، في المواجهة لعل أهمها :
1-لابد من البحث عن أساليب وأشكال نضالية جديدة مبتكرة، كرديف للنضال السلمي، لا تجعل من الجنوبيين صيداً سهلاً، لان سكون الضحية، لم يؤد عبر التاريخ الانساني كله، الا الى إزدياد هيجان غرائز الرابضين فوق جثث ضحاياهم.
2-خضنا نضال مشترك ضد عدونا بالامس- وبالتأكيد سيكون صديقنا اليوم، إنطلاقاً من مقولة تشرشل: ( لا صداقة دائمة أو عداوة دائمة، بل مصالح دائمة)- وحققنا الاستقلال معاً، وعلينا أن نستند الى حائط التاريخ، الذي هدمناه بالامس بايدينا، وإبتعدنا عن معطياته، ونعود الى إستعادة زمام المبادرة كسبيل وحيد، لتوحيد الصفوف على الارض وليس على الورق على قاعدة وثيقة إعلان عدن.
3- أترك الاخوة: علي ناصر محمد، وحيدر أبوبكر العطاس في شغلهم، وأترك البيض يواصل إعتكافه، وأترك سالم صالح وعبدالرحمن الجفري يقدموا نصائحهم، وأترك عبدربه منصور وأحمد مساعد يراوحوا مكانهم لا من الجنوب ولا من السلطة، وأعلن مؤتمر وطني أو مجلس وطني، كخطوة أولى، والخطوة التالية نحو الجنوب، وكل هذه القيادات سوف تعمل ( يمين دور ) نحو الجنوب بعدك.. لا تترك الشماليين يتنمرون ويتآمرون علينا بعد اليوم، حتى لا يخرجن نساء الجنوب ويعلقن ثيابهن فوق بيوتهن، كما خرجت نور العفيفي اليافعية وعلقت ثوبها فوق أحد مساجد يافع.
وفي الختام أهدي اليك هذين البيتين من الشعر، للشخصية السودانية محمد أحمد محجوب، كان دائماً يردد هذا البيت ويقول:
لو إنا على حجر ذبحنا
جرى الدميان بالخبر اليقين
معناه أنه حتى في حالة الذبح على حجر واحدة، فإن الدم المصري له مجرى يسيل فيه، والدم السوداني له مجرى آخر، ولا يلتقيان الدميان أبداً.
سيظل الجنوب جنوباً عربياً، والشمال شمال يمنياً، الى يوم البعث والنشور ولو حتى أستعمرونا 129 عام، سيخرجون كما دخلوا.
*محافظة أبين – الوضيع
8 سبتمبر 2008