النبوءات في القضية الجنوبية وما ينبغي التفطن له حتى لانعود من حيث بدأنا

[نبيل العوذلي]

شكلت النبوءات الكونية سندا حقيقيا قديما وحدسثا لكثير من الناس في اتخاذ القرارات المصيرية وبناء الولاءات والعداءات على اساس هذه النبوءات ..ولعل كتاب – النبوءة والسياسة –للكاتبة الامريكية غريس هالسل من اهم الكتب التي تبين حقيقة هذه العلاقة
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]
ياويل عدن من صنعاء وياويل صنعاء من دثينة
وعقب احداث13 يناير1986بين ابناء المحافظات الجنوبية ونزوحنا جمع كبير من اتباع الرئيس علي ناصر محمد هذا الرئيس الذي برهنت الايام ان كثير من اراءه السابقة كانت بمحل من الحكمة السياسية والتي مبناها على الانفتاح المحكوم بدولة قوية ..
وقد كنت واحدا من الفارين الى الشمال ..ومن اهم المواقف التي يعرفها كل من كان في معسكر السوادية هس زيارة الشيخ عبدالله صعتر وقتذاك للجنوبيين من اتباع الرئيس علي ناصر وحديثه عن نبوءة كونية وشرعية اخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم وهي
--يخرج من عدن ابين اثنا عشر الفا ينصرون الله ورسوله هم خير ما بيني وبينهم---
كان هذا الكلام جديدا على الجنوبيين والذين لايعرفون الكثير عن مفهوم النبوءات ..سوى ما كان يتناقله العامة ممن كان اليهود يعيشون في بعض مناطقهم والذين يتميزون بعلم الحساب المتعلق بالنبوءات الكونية والذي يقول ابن القيم عن هذا العلم ما يلي
يقول ابن القيم في زاد المعاد ج 1 ص2626

والسادس: من استدلال بآثار علوية جعلها الله تعالى علامات وأدلة وأسباباً لحوادث أرضية لا يعلمُها أكثرُ الناس، فإن الله سبحانه لم يخلق شيئاً سدى ولا عبثاً. وربط سبحانه العالَم العُلوي بالسُّفلي، وجعل عُلويه مؤثراً في سُفليه دون العكسِ، فالشمس، والقمرُ لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وإن كان كسوفُهما لِسبب شر يحدث في الأرض، ولٰهذا شرع سُبحانه تغيـيرَ الشر عند كُسوفهما بما يدفع ذلك الشر المتوقعَ مِن الصلاة والذكر والدعاء والتوبة والاستغفار والعتق، فإن هذه الأشياءَ تُعارضُ أسباب الشر، وتُقاومها، وتدفع موجباتها إن قويت عليها. وقد جعل الله سبحانه حركةَ الشمس والقمر، واختلافَ مطالعهما سبباً للفصول التي هي سببُ الحر والبرد، والشتاء والصيف، وما يحدُث فيهما مما يليق بكُل فصل منها، فمن له اعتناء بحركاتهما، واختلاف مطالعهما، يستدِلُّ على ما يحدث في النبات والحيوان وغيرهما، وهٰذا أمر يعرفه كثيرٌ من أهل الفلاحة والزراعة، ونواتي السفن لهم استدلالاتٌ بأحوالهما وأحوالِ الكواكب على أسباب السلامةِ والعطبِ مِن اختلاف الرياح وقوتها وعُصوفها، لا تكاد تَختَلُّ.
والأطباءُ لهم استدلالات بأحوال القمر والشمس على اختلاف طبـيعة الإنسان وتهيئها لِقبول التغير، واستعدادها لأمور غريبة ونحو ذلك.
وواضعو الملاحم لهم عناية شديدة بهذا، وأمور متوارثَة عن قدماء المنجمين، ثم يستنتجون مِن هٰذا كُله قياسات وأحكاماً تشبه ما تقدم ونظيره.
وسنة الله في خلقه جارية على سنن اقتضته حكمته، فحكم النظير حكمُ نظيره. وحكمُ الشيء حكم مثله، وهٰؤلاء صرفوا قوى أذهانهم إلى أحكام القضاءِ والقدر، واعتبار بعضه ببعض، والاستدلال ببعضه على بعض، كما صرف أئمة الشرع قوى أذهانهم إلى أحكام الأمر والشرع، واعتبار بعضه ببعض، والاستدلال ببعضه على بعض، والله سبحانه له الخلق والأمر، ومصدر خلقه وأمره عن حكمة لا تختل ولا تتعطل ولا تنتقِضُ، ومن صرف قوى ذهنه وفكره، واستنفد ساعاتِ عمره في شيءٍ مِن أحكام هٰذا العالم وعلمه، كان له فيه من النفوذ والمعرفة والاطلاع ما ليس لغيره.ويكفي الاعتبارُ بفرع واحدٍ من فروعه، وهو عبارة الرؤيا، فإن العبد إذا نفد فيها، وكَمُل اطلاعه، جاء بالعجائب. وقد شاهدنا نحن وغيرُنا مِن ذلك أموراً عجيبة، يحكم فيها المعبرُ بأحكام متلازمة صادقة، سريعة وبطيئة، ويقول سامعها؛ هٰذه علم غيب. وإنما هي معرفة ما غاب عن غيره بأسبابٍ انفرد هو بعلمها، وخفيت على غيره، والشارع صلوات الله عليه حرم من تعاطي ذٰلك ما مضرتُه راجحة على منفعته، أو ما لا منفعة فيه، أو ما يُخشى على صاحبه أن يجره إلى الشرك،---
لقد شكل حديث خروج اثنا عشر الفا من عدن ابين بعدا لقادة عسكريين ومشايخ دينيين وفرق وطوائف من ابناء المحافظات الشمالية ...لم تظهر لدى ابناء المحافظات الجنوبية ولعل من انكت هذه الاهتمامات لدى بعض الاتجاهات الاسلامية ما كشفته محاكمة ابي الحسن المحضار وابي هريرة التونسي والذي كشف من انه حينما كان طالبا في جامعة الايمان كان الحديث يدور حول امكانية تجهييز اثنا عشر الفا من طلاب جامعة الايمان بحيث يمكن نقلهم الى عدن ابين ليكونوا هم من ينطبق عليهم الحديث ...وما اشاعه القادة العسكريين من ان العمالقه ابان حرب 94 هم المعنيين بالحديث وكلام لقائد المحور الجنوبي يقصه علي احد المسؤولين بمحافظة ابين من ان قائد المحور الجنوبي اخبرهم وهم في جلسة قات ..اسمعوا لاتصدقوا الحديث هذا حق عدن ابين ...ومفتي النظام زبارة انكر الحديث من اصله ..اما الشيعة الحوثية فقد خطوا خطوات للعمل باحياء سنة هذا الحديث اولها ما اتصل ببناء مسجد ال البيت بساحة العروض بخورمكسر ..وقد سموه مسجد ال البيت تمهيدا لما تمليه عيهم قراءاتهم من ان خورمكسر هي نواة خروج هذه النبوءة ....وتحركهم في منطقة القلوعة للاتصال بالعدنيين والذين تميزوا بفتوة العراك والبلطجة ابان الايام السابقة وحديثهم عن فتح صحيفة الفتوة لان هذه الصفة بزعمهم اهم ما كان يتميز بها الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه ..فلابد من احياء سنة الفتوة والاهتمام بنوع من الفتيان والفتوة ..والملاحظ ان الكثير من اهل البيت الفارسي لانهم ينحدرون من احدى زوجات الحسين رشي الله عنه الفارسية بزعمهم متواجدين في عدن ويحتلون مراكز قوية في الامن السياسي والجيش ..بل تكشف القراءات لبعض الملاحظين من محاولة لتكثير وتكثيف اهل البيت بالتجارة والجبش والامن في عدن لاجل الاستعداد لهذه النبوءة....
والسكان الاصليين لبلاد عدن ابين من اهل يافع والضالع والفضبي والعوذلي والعولقي ..الخ ليس لهم شأن بهذا الحديث كما يبدوا من تحركاتهم
الجانب الاخر الذي اهتم بهذه النبوءة من اهل البيت هم طبقة الصوفية بدءا بقصة ابي الحسن المحضار والذي كان على اتصال بهم الى احد قادات جيش عدن ابين السابقين وما قصه علي من استدعاء احد مشايخ الصوفية بمسجد العيدروس وحثه هذا الرمز للعديد من الشباب في عدن ابين للخروج ..هؤلاء يرون ان المعني بالحديث جنوبيين
يبدوا لي انه صراع بين قراءتين لاجندتين عند اهل البيت القرشي الرومي والفارسي الصوفي والشيعي لهذا الحديث ولدولة الخلافة المنشود قيامها بدءا من بلاد عدن ابين ..الى الان يغيب دور البيت القرشي العربي ..وقد قلنا اهل البيت القرشي الرومي والفارسي الصوفي والشيعي على اعتبار المشابهة والمماثلة كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية عن ذلك في اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة اصحاب الجحيم حيث يقول رحمه الله
--قال: فعُلم بخبره الصدق أن لا بدّ من أن يكون في أمّته قومٌ منحرفون إلى شعبة من شعب اليهود، أو إلى شعبة من شعب النصارى.. وهذا الانحراف أمرٌ تتقاضاه الطباع، ويزيِّنه الشيطان، فلذلك أُمر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصرانية أصلاً".---انتهى
وكذلك الحال بالمشابهة في الرومية والفارسية
واهتمام الفرس يأتي من كون الجالية الفارسية كانت متواجدة ببلاد عدن ولايزال معبد الفرس قابعا على جبل شمسان ويتحركون بهدوء متحالفين مع الاسماعيلية المكرمية – البهرة—ومقبرتهم عقب نزولك من عقبة عدن وكذلك اليهود الذين يتخذون من مقبرتهم مسمار جحا لاثبات تواجدهم وصحة قراءة بعض الاحبار منهم لعدن ابين ..حيث برى بعض احبارهم ان دولة سليمان لابد ان تقوم من عدن الى اورشليم وحكاية ارسال جن الى بلاد عدن من اسرائيل مشهورة لدى القراء الذين يقراءون على المصابين بالمس في منطقة القلوعه والمعلا ويرفها الكثير من الناس في عدن ..ويأتي الاهتمام ببلاد عدن لانها مذكورة في التوراة
يقول الكاتب الروسي انيكين في كتابه الشيطان الاصفر – الذهب والرأسمالية
لقد حسب فرانكلين هوبس الموما اليه- أي حفيد الفيلسوف هوبس-ان ذكر الذهب في التوراة ورد 415مرة . وان ذكره لاول مرة يلقي الاضواءعلى سحر الذهب , وفي الفصل الثاني من كتاب العهد القديم – التكوين- وصف لجنة عدن التي انزل الله فيها الانسان حالما خلقه ..كان الله قد خلق ادم ولم يخلق حواء بعد ..وجاء في العهد القديم قوله- ينبع من عدن نهر لارواء الجنة وبعد ذلك يتفرع الى اربعة انهار اسم احدها فيسون وهو يجري في كل اراضي خولة التي يوجد فيها الذهب وذهب تلك الاراضي جيد –( يمكن تفسير الاهتمام الان ببلاد عدن ابين)
والانجليز لهم حكمتهم ..ولعل اوضحها ما يردده البعض من نقل للحسبات الكونية حتى تخرج رايتين راية بريطانية وراية اسلامية..وقد كتبنا عن حكمة بيغ بن كما جاء في مقدمتنا ما يلي
قواعد الحكمة الكونية لبيغ بن
القاعدة الاولى
استمرارية عناصر الخلق والامر على حال من السكون او الحركة بمعدل ثابت ومنتظم كلا الى قراره الحتمي ما لم يؤثر على ذلك مؤثر خارجي
لقد انعكس اثر هذه القاعدة على سياسة الانجليز فهم يرون ان هناك حتمية كونية على عناصر الخلق من انسان وحيوان وجماد وسائل وغازات ارضية وسماوية..والامر من القوانين والمعادلات فيزيائيا وكيميائيا وبيولوجيا وسيكولوجيا وجيولوجيا..الخ هذه الحتمية تجعل كل عنصر وكل امر على حال او مقام او منزل من السكون – الهدوء الغفلة الاسترخاء النوم – او الحركة – الصعود او النزول او التقدم او التراجع او الانحراف يمينا او يسار ..الخ ما لم يدخل عامل خارجي يؤثر في ذلك السكون او تلك الحركة
هذه هي اجندة البلاط الملكي البريطاني ..الاحترام الانقياد الاستسلام للقدر الكوني الا بعوامل خارجية
هل عرفت فلسفة المملكة المتحدة السياسية في تسكين الاضداد الكونية للدول- ( المعارضة)- ومن ثم تحريكها في الوقت الذي تراه مناسبا حسب قراءة حكماءها للحكمة الكونية
طبعا هناك قصور اذ جعلوا التأثير على حركة او سكون المراد فقط خارجيا لان الله تعالى يقول بشأن الجماد كما في سورة الكهف((( فوجد فيها جدارا يريد ان ينقض فأقامه)))..فجعل الخطاب للجدار ارادة – مؤثر داخلي- فأذا كان هذا بشأن الجماد فمابالك بشأن البشر ..ولكن يبدوا لي انهم صححوا وجه القصور من ميكانيكا الكم
هل يلزم لكل حركة تغيير مؤثر خارجي يدفعها للثورة فقط؟؟
هل الارادة التي تنشأ عند الناس تكون فقط بسبب وكما يعتقد اساطين هذه المدرسة من تأثير الافلاك؟؟
هل يرى اساطين هذه الحكمة ان الوقت قد حان لمد المعارضة الساكنة عندهم منذ وقت للدول العربية بقوة تدفعهم للحراك والتغيير لتقسيم جديد للجزيرة العربية؟؟
ما هي ردود الافعال المناسبة للاستفادة من هذه الاجندة الفلسفية؟؟
هل يمكن ان تكون هناك نقاط التقاء او نقاط اختلاف مع هذه الاجندة؟؟

القاعدة الثانية
يمكن التأثير على معدلات السكون او الحركة لعناصر الخلق والامر اما بالزيادة او بالنقصان او بتسبيق العنصر الموالي

ولعل هذا ما يميز الحكمة الانجليزية ..اذ يعترفون بالقدر الكوني الحتمي الواقع ولكن يحاولوا ام ان يعجلوا من الضديد الكوني الموالي لهم بحيث يحقق السبق لعدوهم او ينقصوا من سرعة العدو المضاد لهم ..ولذا تجد ان بريطانيا حينما ثار عليها الشعوب تعاملت مع هذه الرياح الكونية بالاحترام الى حد تيقنت فيه انه ثابت فانسحبت لتحتضن الضديد الكوني لتلك الرياح وتسكنه الى الوقت المعلوم ومن ثم تدفعه بمؤثرات تحركه على عكس حكمة برج ايفل

القاعدة الثالثة
حتمية الصراع بين الاضداد الكونية متعادلة ومستمرة والجزاء من جنس العمل ..ولذا تجد ان تعامل الانجليز مع البلاط الملكي وتعامل البلاط الملكي مع رياح التغيير كان على هذا الاساس ..على عكس الثورة الفرنسية التي نفت البلاط الملكي الفرنسي .. ولكن هذه القوة التي يتحدثون عنها هي قائمة بالله تعالى وحده كما يقول ابن القيم في شفاء العليل
-حيث يقول رحمه الله تعالى
وهذه القوة هي المشار إليها بقولنا: «لا حول ولا قوة إلاَّ بالله العليّ العظيم»، وشأن الكلمة أعظم ممّا قال، فإن العالم العلوي والسفليّ له تحوّل من حال إلى حال، وذلك التحوّل لا يقع إلاَّ بقوة يقع بها التحوّل، فكذلك الحول، وتلك القوة قائمة بالله وحده، ليست بالتحويل، فيدخل في هذا كلّ حركة في العالم العلوي والسفلي، وكلّ قوة على تلك الحركة قسْرية أو إرادية أو طبيعية، وسواء كانت من الوسط أو إلى الوسط أو على الوسط، وسواء كانت في الكمّ أو الكيف أو في الأَيْن، كحركة النبات وحركة الطبيعية وحركة الحيوان وحركة الفلك وحركة النفس والقلب، والقوة على هذه الحركات التي هي حول، فلا حول ولا قوة إلاَّ بالله. ولما كان الكنز هو المال النفيس المجتمع الذي يخفَى على أكثر الناس، وكان هذا شأن هذه الكلمة كانت كنزاً من كنوز الجنة فأُوتيها النبي صلى الله عليه وسلم من كنز تحت العرش. وكأن قائلها أسلم واستلم لمن أزمة الأمور بيديه وفوّض أمره إليه. انتهى كلامه رحمه الله---لمزيد من التفصيل راجع
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]
هذا كله نجده في حراك القضية الجنوبية ...ولكن الله تعالى يقول
(((يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب)))
فنقول حتى لاتخرج رايات متضاربة بعضها ببعض وتتكر ر نفس المأساة التي حصلت منذ الاستقلال 76حتى يناير 86 وحرب 94 ادعوا القادة الجنوبيين الى التفطن لتلك الاجندات ودعوة اصحابها الى الاتفاق على كلمة سواء بيننا وبينهم والا فأن الله تعالى يقول(((وان عدتم عدنا))))
وقد بينا اهم النقاط الفعالة لتفادي هذه المشكلة في موضوعنا
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]