القرني: أبناء الجنوب هم أبناء اليمن والجريمة أن أحاكم بتهمة التضامن معهم

[المناضل الجنوبي]

تعز «الأيام» عبدالملك الشراعي:

وسط تواجد أمني كثيف وإغلاق الشوارع العامة المؤدية إلى المحكمة الاستئنافية في تعز عقدت أمس محكمة التعزية الابتدائية جلستها برئاسة فضيلة القاضي عبدالعزيز الورد وأمين سر الجلسة منصور الحجري وعضو النيابة العامة عبدالسلام مقبل، وبحضور محاميي الدفاع علي محمد المنصوب، محمد مسعد ناجي.

من جانب آخر حضر محامو الادعاء شرف الحسني وصادق الصبري وأحمد صالح شعبان وعبدالمؤمن عبدالسلام طاهر وعبدالقوي الدجنة وعبدالله عباس وخالد الغالبي.

في بداية الجلسة أذنت المحكمة للادعاء بتقديم أدلته، وجرى عرض (السيدي) المتضمن مشاهد مسرحية في مهرجان الراهدة، الأمر الذي شكك في صحته الفنان فهد القرني بالقول: إن «ما شاهدته هو اجتزاء يخل بوحدة موضوع المسرحية»، مؤكدا أن ما قام به هو عمل مسرحي وليس خطابا سياسيا، مشيرا إلى أن ما قاله «يقوله كل اليمنيين، وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية حفظه الله من محاربة الفساد».

وأثناء ذلك دخل إلى قاعة المحكمة نقيب المحامين بتعز عبدالله نعمان القدسي، وطلب من المحكمة السماح بدخول زملائه بقية هيئة الدفاع المتواجدين خارج المحكمة، وعندما لم تستجب المحكمة لطلبه أعلن مباشرة انسحابه من قاعة المحكمة.

من جانبه تحدث محامي الادعاء شرف الحسني قائلا: «لما كانت هذه المحكمة قد قررت في الجلسة السابقة عدم قبول طلب التصدي المقدم من جانب الادعاء الخاص فإننا نوجز بالآتي: نؤيد ما نسب للمتهم الماثل في الدعوى العامة طبقا للقيد والوصف الوارد بالبند الثاني من قرار الاتهام، ونعتبره دعوى لموكلينا في الحق الخاص لذلك، استنادا إلى المواد 43، 48 أ.ج. والمادة 304 من القانون المدني النافذ».

وطلب الحسني من عدالة المحكمة «الحكم على المتهم فهد سعيد إبراهيم القرني بالتعويضات عن الضرر الأدبي الذي لحق بموكلينا المجني عليهم تعويضات تتناسب مع جسامة الضرر، ونترك تقدير ذلك لعدالة المحكمة لما لها من سلطة تقديرية، والحكم بسحب الأشرطة والديسكات المتعلقة بالجريمة من السوق وإتلافها وحظر استخدامها أو تداولها وتسويقها، وأخيرا الحكم على المدعى عليه بالمصاريف القضائية».

من جهته أعرب محامي الدفاع علي محمد المنصوب عن شكره وامتنانه للمحكمة على إدارتها الجلسات بالشكل المقبول، واضعا بذلك عدة ملاحظات منها «الاحتفاظ بالطعن في قرارات المحكمة في الجلسة السابقة المتضمنة رفض الدفوع المقدمة من هيئة الدفاع ببطلان إجراءات القبض والتحقيق والاتهام، وانعدام الصفة للمدعيين بالحق الخاص، وكذا فيما يتعلق بالدليل (السيدي المعروض في هذه الجلسة) باعتباره ليس من الأدلة الجائزة قانونا وفقا لنصوص المواد ذات العلاقة من قانون الإجراءات الجزائية المحددة على سبيل الحصر».

وأضاف المنصوب بالقول: «نذكر الزملاء في الادعاء بشقيه العام والخاص أننا في وطن يحكمه الدستور والقانون»، مشيرا إلى أن «هذا المجتمع لايوجد فيه طوائف، ونحن نسعى لتحقيق وطن يسوده الرخاء والمحبة والألفة، ولايسود الظلم والفساد، وتنتفي فيه قيم التناصح والرأي والرأي الآخر التي يدعو إليها الجميع، وأولهم رئيس الجمهورية، فهل الحديث عن الفساد والظلم يعد جريمة في هذا البلد».

أما فيما يتعلق بالدسك المعروض في هذه الجلسة فتساءل: «من أين حصلت عليه النيابة؟ وهل تم مواجهة المتهم بهذا الشريط قبل التحقيق معه وتحديد العبارات التي تعتبرها النيابة أقوال مجرمة، ولأن ذلك لم يحدث فإن هذه الأدلة تعد من الأدلة غير الجائزة قانونا»، منوها إلى أنه لايخفى على عدالة المحكمة أنه إذا كان الادعاء يأتي بعبارات وجمل ويفسرها بالقصد والمعنى فإنه في مسائل التجريم والعقاب لايؤخذ بالقياس، وإنما يبنى على وقائع واضحة لاتحتمل إلا معنى واحدا وفقا لمبدأ الجريمة، ولاعقوبة إلا بنص، وأن الشك يفسر لصالح المتهم.

وإذا كانت النيابة مصرة على توجيه الاتهام وفقا لذلك فإني أطلب من المحكمة في هذه الجريمة بالذات سؤال المتهم ماذا يقصد من أي عبارة وردت في مسرحياته، باعتبار أن المعنى في بطن الشاعر، وليس في بطن النيابة.

أما بالنسبة للتهمة الأولى الموجهة للمتهم والمتضمنة إثارة عصيان مسلح، فالمتوقع أن تعرض النيابة مشاهد لهذا العصيان المسلح وأدواته المزعومة، لأن التهمة المسندة هي فقرة من نص مادة من قانون العقوبات تشتمل على جرائم ذات طابع عسكري، كجرائم التمرد والاستيلاء على السفن والمباني وقيادة مجموعات مسلحة.

وأما تهمة السب والإهانة لرئيس الجمهورية وهيئات الدولة، فلم يقدم الادعاء أي دليل يؤكد هذه التهمة، وأما تهمة إثارة النعرات الطائفية فلا يوجد محل لهذه الجريمة لانعدام الطوائف المزعومة».

واختتم المنصوب دفاعه متسائلا: «ما معنى أن يوجه الاتهام للفنان فهد القرني بالدعوة للتضامن مع أبناء الجنوب ضد المؤتمر الشعبي العام؟ فأبناء الجنوب يمنيون، وبعضهم منتمون إلى المؤتمر الشعبي العام، وبالتالي لا مجال لجعلهم طائفة متميزة عن المؤتمر الشعبي العام كحزب سياسي في البلد»، مشيرا إلى أن محاربة الفساد ينشر كقضية في سائر الصحف الأهلية والحزبية بل والحكومية، مذكرا بما نشرته صحيفة «الجمهورية» بالمانشيت العريض بخصوص خبر تشكيل الحكومة الجديدة، واستبعاد الوزراء الفاسدين، مطالبا المحكمة ببراءة موكله، والحكم له بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية.

وعقب عضو النيابة العامة عبدالسلام مقبل بالقول: «النيابة استعرضت أمام هيئة المحكمة والدفاع الدسك الذي تضمن المهرجان الذي أقامه المتهم في منطقة الراهدة، ولاشك أن المحكمة قد وقفت على الأقوال الصادرة من المتهم بقوله إنه يعزي الجماهير بموت الوطن والريال والكيس الدقيق الذي اغتيل من قبل فريق متكامل من العصابة والأوغاد الخونة واللصوص أبناء النهيق، وعنى بذلك الدولة ممثلة بالمؤتمر الشعبي العام، ثم أتى بشخص يمثل مسئولا في الحكومة وخلفه شخص آخر يرتدي البزة العسكرية قائلا: «أين الكهرباء أين الطاقة النووية، أين الوعود الانتخابية؟.. كذاب، كذاب، سارق، سارق!». ثم صاح الجمهور الذي جلبه إلى المهرجان «سارق.. أين ذهب المسئول. قالوا: هرب. قال: هرب عندما سمع أصواتكم».

ثم أردف بعد ذلك بقوله «إن الخوف على الوحدة هو من عصابة الشعبي العام الذين استحلوا عدن الحبيبة، وقتلوا شعبنا فوق منصة ردفان الأبية». وقال من يتضامن مع أبناء الجنوب معلقا عضو النيابة أن ذلك جاء منه في وقت حصلت فيه بعض المخالفات والمظاهرات في الضالع ولحج، فاقترب من موقع الحدث بإقامة ذلك المهرجان بالذات في مدينة الراهدة ليصب ذلك الزيت على النار بقصد إثارة الفتنة، وأين النقد الأدبي من هذا، مبينا أن من شروط النقد في سلك الوظيفة العامة أن يكون الناقد حسن النية، بحيث ينتقد أولئك العاملين بغير المساس في أعراضهم، وبما يتفق مع المصلحة العامة.

وأضاف عضوالنيابة العامة: «الغرض من المهرجان الترويج للقاء المشترك، والدعاية المبكرة للانتخابات البرلمانية القادمة، وما صدر منه في تلك الأقوال التي وجهها في المهرجان على نحو ما استمعت إليه المحكمة في فعالية المهرجان المسجل بالديسك والذي القصد منه إثارة الفتنة واستعداء فئة على أخرى لأبناء المجتمع اليمني الواحد، برز ذلك في قوله نريد أن «نحدد عدوا لنا»، وهو المؤتمر الشعبي العام وهو بذلك يقصد إثارة قواعد أحزاب اللقاء المشترك واستعدائهم لإخوانهم قواعد المؤتمر الشعبي العام ورموزه الممثلين في الدولة، وهذا يلحق الضرر ويخل بالأمن والسكينة العامة».

وقال مقبل: «ما أثاره محامي الدفاع بشأن ما نسب للمتهم بعدم توافر أركان الجرائم المسندة إليه في ذلك مردود عليه بما هو ثابت في ملف القضية والأدلة المقامة ضده، ولايشترط في تطبيق الفقرة 5 في المادة 132 عقوبات أن المتهم قد وزع سلاحا كما جاء في دفع محاميه في الجلسة قبل الماضية، فالجريمة هنا تثبت بمجرد الإثارة أو الشروع في الإثارة لما من شأنه تكدير الأمن والسلم العام، كقوله «نريد إيقاف بلطجة الدولة في الراهدة»، ودعا إلى ثورة ضد الدولة».

وأردف قائلا: «الأدلة المقامة ضد المتهم كافية لإدانته بارتكاب الجرائم المسندة إليه في قرار الاتهام»، منوها إلى أن «العبرة بما هو ثابت في أوراق القضية والأدلة الواردة فيها»، مشيرا إلى كل ما هو ثابت في ملف القضية، وقد تم مواجهة المتهم بحضور المحامين الحاضرين معه، لافتا إلى أن قول محاميه بعدم مواجهة المتهم بالوقائع المسندة إليه غير صحيح ومردود عليه بما هو ثابت في محاضر استجوابه في تحقيق النيابة، والتي جرت بحضور محامييه الموقعين معه في المحاضر.

واختتمت الجلسة برد الفنان فهد القرني الذي قال: «أبناء الجنوب هم أبناء اليمن، ومن الجريمة أن أحاكم بتهمة التضامن معهم!»، مشيرا إلى أن «الشخص الممثل في المسرحية هو بلغة المسرح عرض رمزي لشخص فاسد يؤذي المدرسين بنقلهم تعسفا»، مؤكدا في ذات الوقت أنه لايقصد «رئيس الجمهورية أو أي مسئول يحترم مسئولياته».

وأضاف الفنان القرني: «علينا جميعا أن نحارب الفساد، لأن محاربة الفساد مسئولية اجتماعية لاتقتصر على النيابة»،

وأكد أن «النيابة قد اجتزأت كلامي من الدسك المعروض في هذه الجلسة، حيث قلت أقسم يمينا علينا أن نتضامن مع كل من يطالب بحقوقه بالطرق السلمية، ونحن هنا نعلن تضامننا مع إخواننا في المحافظات الجنوبية التي نهبت أراضيهم».

وبالنسبة لقضية منصة ردفان قال القرني: «لقد قام رئيس الجمهورية حفظه الله بتشكيل لجنة أعلن عنها رسميا بالتحقيق في الموضوع، ومازال مرتكبو تلك الفعلة يحاكمون، وقد أنكرت على المؤتمر الشعبي العام أي دعوة للفوضى وإطلاق النار الحي على المواطنين وإهدار دمائهم بعيدا عن القانون»، مؤكدا أن «القصد من الدعوة لمحاربة الفساد هو كف المتنفذين عن العبث بمصير الناس، لأنهم يستغلون مسئولياتهم في أذية الشعب».

وناشد عدالة المحكمة أن تحكم ببراءته انتصارا للشعب المظلوم، وتعويضه عن كل ما لحقه من أضرار مادية ومعنوية، والإفراج عنه فورا، مؤكدا أن بقاءه مختطفا مخالف للدستور والقانون، ومسيئ للنهج الديمقراطي اليمني.

وقررت المحكمة حجز القضية للحكم إلى 9 يوليو المقبل.

تجدر الإشارة إلى أن الجلسة قد تمت بعد إغلاق بوابة المحكمة في وجه عدد من محاميي الدفاع والصحفيين وجمع كبير من عشاق ومحبي الفنان فهد القرني.

وفي تصريح خص به «الأيام» النائب البرلماني فؤاد دحابة قال: «لقد منعت من حضور جلسة محاكمة فنان الشعب فهد القرني، وهذا شيء يبعث على العجب، فقد طلب القاضي يحيى العنسي وعضو النيابة العامة عبدالسلام مقبل حضوري، ولما حضرت منعت من الدخول، ولا أدري لماذا الاستخفاف، وعلى العموم فما يهمني هو صحة إجراءات المحاكمة واستقلال القضاء، دون هذين الشرطين فالمحاكمة باطلة، وما بني على باطل فهو باطل».