((( الجنوب إلى اليمن .. محاكمة البيض ـ 2 ـ )))

[بوعمر]

الجنوب إلى اليمن .. محاكمة البيض






مقدمة
نـيـرانـكـم عادها تلقي شـرر=ودواكـم الـكـي يـابـيت القور



قبل ما يزيد عن عام كامل كتبت تحت تأثير الفكرة الوطنية الجنوبية مقالة بعنوان ( البيض .لو خضت بنا البحر لخضناه معك ) ، كانت المقالة بعد أن أشفق الرئيس اليمني علي عبدالله صالح على وضع السيد علي سالم البيض وهو تلقى من الإعلامي حسن معوض صفعات تتلوها ركلات ، وفي حالة الوجوم التي سادت واقع المنتديات وجدت تحت تأثيرات أن الوطن هو الأقدر على استعادة الآمال وتحقيق الطموحات ولو تحت بند ـ لعل وعسى ـ فكنا في موقعنا الذي ارتضيناه نذكي لروح الوطن حاجاته ، وما كنا نطيق احتمالات سقوط أو زلل سيكون ...

لماذا يجب أن نحاكم السيد / علي سالم البيض ..؟؟ ، ليس لأنه ذهب إلى الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م منفرداً مخموراً منقاداً أحمقاً أخرقاً ، بل يجب أن يحاكم لأنه عندما عاد من منفاه في سلطنة عمان بعد أن هرب مطروداً بعد حرب 1994م تعهد في الحادي والعشرين من مايو 2009م باستعادة الدولة اليمنية الجنوبية ومن ثم سيسلم القيادة السياسية إلى جيل آخر هو من يقوم بقيادة الدولة بالكيفية التي يراها هذا الجيل ...

إن مفهوم استعادة الدولة وإن كنا قد تجاوزنا عنه غضاضة كل حسب عقيدته السياسية والفكرية ، لا يعني إطلاقاً استمرار نزف الوطن في الداخل تحديداً تحت شعار المسيرات السلمية والقبول الكامل بالتعامل العسكري المشدد تجاه المعتقلين والجرحى في الوطن داخلاً ، إن هذا استنزاف فارغ المضامين السياسية ولن يؤدي إلى أي وصول لنتيجة على الواقع السياسي إطلاقاً ، كل ما يجري هو رفع رايات السيد البيض الخضراء وتتبع آخر البيانات القادمة من النمسا والمانيا والصادرة عن مكتب سيادته ، وهي كالعادة لا تحمل غير الهراء المتوالي ...

في الجزء الأول المعنون بـ ( حضرموت إلى الاستقلال ) ذكرنا أن ظهور السيد علي سالم البيض لم يكن يمثل للحراك في الداخل غير دفعة من الدوافع السياسية التي كانت يجب أن تتواكب مع حجم التضحيات المستمرة والتي ابتدأت منذ العام 1997م وليس كما يصنفه منظري الحراك اليوم بأنه ابتدأ منذ العام 2007م ، وبغض النظر عن هذه النقطة والتي يجب أن تخصص لها كتابات مستقلة مفصلة حتى لا يأتي أصحاب الثالوث المجنون ويستحوذوا على هذه كذلك كما هم دائماً يفعلون ، عموماً فأن ظهور السيد البيض كان يجب أن يكون مفصلياً في مفهوم القضية الجنوبية سياسياً وليس استحواذاً على بقايا الوطن المحتل والممزق ...

السيد البيض لم يدرك أن المملكة السعودية وهي الجارة الأكبر لنا ولغيرنا في شبة جزيرة العرب هي نقطة متى ما تقارب معها يمكن أن نشكل ضغطاً سياسياً مهولاً على دولة الاحتلال ، السيد البيض وهو يرسل في كل يوم بيان من مكتبه لم يدرك أن السعودية تحتفل بيومها الوطني في 23 سبتمبر ليرسل لها برقية تهنئة تحت بند ـ لعل وعسى ـ ، تجاهل ينم عن مكابرة فهو أرسل لـ حسن نصر الله رسالة بيوم النصر ، وقد يرسل له تهنئة بيوم وفاة عائشة رضي الله عنها ، ولن يرسل للمملكة السعودية شيئاً لأنه يراها دولة إمبريالية تتقاطع مصالحها السياسية والاقتصادية مع الرأسمالية الأمريكية وهو أي السيد البيض مازال في إطار عقيدته السوفيتية ...

المملكة السعودية التي قدمت أثناء حرب صيف العام 1994م أشياء كثيرة إن شاء سيادته أن نذكرها له ذكرناها ، ونعم هي لم تعترف آنذاك بالانفصال المعلن من طرف واحد ، ولكنها أطرت لقرارات يعتمد عليها من خلال قرارات دول إعلان دمشق ومقررات وزراء مجلس التعاون الخليجي الصادرة بشأن الحرب ، وهي الدولة التي تحتضن ما يزيد عن مليوني حضرمي يصنفون جنوبيين وما هم كذلك أبد الأبدين ...

إن تجاهل السيد البيض لأي تقارب مع الرياض يضعنا في مواجهة حقيقية معه ، فلسنا قطيع من أغنام ليدعونا للدخول قسراً في مكوناته ومجالسه التي لن تعبر إلا عن نفسها ، فلا توحيد الصفوف ولا غيرها من التصنيفات تقول بأن يجبر الجميع على الدخول تحت دعوة السيد البيض ، فهو لم يقدم مشروعاً وطنياً سياسياً واضح في معالمه ، ولم يقدم خطوة صحيحة واحدة منذ عاد ليشتت الحراك الوطني بدلاً من أن يقدم له مطالبه الجوهرية والممثلة في مشروع وطني سياسي ...

أن العالم لن يلتفت إلى المطالب الجنوبية مطلقاً ، لأن المضمون السياسي غير موجود بتاتاً ، عندما عاد السيد البيض أنطلق من إعلان دولة الانفصال المعلنة سلفاً في العام 1994م ، ولكنه لم يقم تباعاً لإعلان حكومة منفى ، ولم يقدم أي مبادرة فعلية لطي خطايا الميراث الدامي للجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية بما في ذلك الجريمة الأكبر الواقعة في 14 أكتوبر 1963م والتي سيحتفل بها سيادته قريباً مع إصدار بيان يرسله إلى التائهين في أرض الوطن وإلى جماهير شعبه المتلهفة لهراء المتدفق من مكتبه عبر المنتديات وعبر قناته الفضائية الهزيلة ...
الشتات هو عنوان مرحلة ما بعد ظهور السيد البيض ، فلقد أصبح الوطن غير قادر على التعاطي مع كل المحيط به ، فحتى دورة كأس الخليج التي ستحتمل نجاحاً آخر يضاف لرئيس اليمن تحت خطر أن تأثير سلبي سيعني معاداة إلى الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي والذين لا يكترث بهم أصلاً السيد البيض فهم يمثلون بالنسبة له أبناء الدول الرأسمالية التي لا يجب أن تكون لنا صداقة معهم فنحن متحالفين مع كوريا الشمالية وإيران وأي محور شر على هذه الأرض ...

لقد أطاح السيد البيض بكثير من الآمال والطموحات ، وبات من الواضح للعدو قبل غيره أننا سنذهب قسراً إلى حرب طاحنة جديدة لتكرار مجزرة يناير 1986م ، فخلافات المكونات والمجالس والهيئات كلها تصنع لليمنيين في جنوبهم كثير من تلكم الملهمات التي توارثوها جيل بعد جيل ليمارسوا ما اعتادوا عليه بينهم البين ، وفي ظل هذه التجاذبات التي لن تؤدي إلا نتيجة يعرفها أبناء الجنوب اليمني تمام المعرفة هل يجدر بالحضارمة الاستمرار في هذا الكابوس الجنوبي اليمني ..؟؟