بعد عملية المحفد ,, بقلم د عيدروس النقيب

[المنذري]

(1,782 قراءة) الإثنين 21 ديسمبر-كانون الأول 2009 09:37 م
--------------------------------------------------------------------------------

صباح الخميس الموافق 18 ديسمبر الجاري، كانت قرية المعجلة بمديرية المحفد على موعد مع نوع جديد من الموت، ليس الموت الناجم عن السكتة القلبية أو الذبحة الصدرية أو حتى الزلزال والطوفان، إنه موت بمرسوم حكومي صادر من أعلى مقامات الحكم في اليمن عندما قررت السلطات اليمنية أن تقدم هدية لصديقتها وحليفتها في محاربة الإرهاب في العالم، وهي الولايات المتحدة بمخابراتها ومباحثها التي يقال انها تعلم دبيب النمل، وصواريخها التي تستطيع اصطياد أهدافها أينما اختبأت وحيثما توارت.

ولأن السلطات اليمنية لم تستطع، بل ولا ترغب في الوصول إلى الإرهابيين الحقيقيين، الذين تبحث عنهم صديقتها أمريكا فقد قررت أن تختار أسهل الطرق وأقصرها، وذلك من خلال قصف قرية من قرى مديرية المحفد لتقتل العشرات من الأطفال اليمنيين والنساء اليمنيات فضلا عن إبادة الماشية وحرق المساكن، ثم تتقدم بطلب استلام المكافأة على هذه الهدية من زعيمة العالم في مكافحة الإرهاب.

لست مع الذين يقولون ان السلطات اليمنية أخطأت الهدف فأصابت الأبرياء عن طريق الخطأ، لأن المخابرات اليمنية التي ترصد المكالمات الهاتفية وتعلم أين نام وأين أفطر ومن أين اشترى قادة المعارضة الشرعية المواد التموينية ومع من خزنوا ومع من التقوا، لا يمكن أن تجهل أين يقيم قادة وأعضاء تنظيم القاعدة، الذي تزعم أنها تحاربه، أو أنها تجهل من أين يتمونون، ويتمولون، لكنها (أي السلطات اليمنية) أرادت الاستجابة للضغوط الدولية بمحاربة الإرهاب فاختارت ما اختارت من الضحايا، وليذهب المواطنون إلى الجحيم فرضى الـ cia هو الأهم أما دماء وأرواح وجثث الأطفال من أبناء المحفد التي لا تختلف عن أرواح ودماء ضحايا العنف ضد الفعاليات الاحتجاجية السلمية والقصف العشوائي لمخيمات النازحين في عمران ورازح، فلا وزن لها ولا أهمية

في ميزان السلطات اليمنية، وذوي الضحايا سنتخبون مرشحيها في الانتخابات القادمة حتى لو قتلتهم جميعا.

الذين اتخذوا قرار قصف قرية المجعلة لم يحسبوا حسابا لما بعد الحادثة واستهانوا بمشاعر كل مواطن يمني يأبى الظلم والقهر المعنوي والمادي ناهيك عن القتل وحرق الأشلاء وسحق الجثث بنيران الصواريخ وقذائف الطيران.

لم يعد الاحتجاج وحده يكفي ولا تقديم التعازي لذوي الضحايا والجرحى يكفي، كما لا يكفي التعويض المادي حتى بدفع ديات القتلى وعلاج الجرحى، بالمحدعش ومربوع المحدعش1 كما يجرى في العرف القبلي الذي تتعامل به السلطة في بعض المناطق.

المطلوب اليوم، الكشف عن من أمر بقتل الأطفال والنساء وإعلان اسمه في وسائل الإعلام الرسمية وعلى النائب العام أن يصدر أمرا بالقبض عليه ووضعه في قفص الاتهام والتعزير به قصاصا لأرواح الضحايا الأبرياء.

برقيات:

• من المخجل أن بعض المسؤولين يتباهون بهذه العملية ويعتبرونها فتحا عظيما في تاريخ السلطة اليمنية دون أن يأبهوا لمشاعر ذوي الضحايا وأنصار حقوق الإنسان، ودون ذرة خجل من حجم الفضيحة وصداها المدوي.

• تباينت الروايات حول مصدر القصف في العملية فمن قائل أن القصف تم بالطيران اليمني، إلى قائل بأن القصف تم بصاروخ أو عدة صواريخ من قاعدة بحرية في بحر العرب، فضلا عمن يقول بأن الطائرة التي نفذت المهمة هي طائرة بدون طيار، هل ستتحفنا السلطات اليمنية بإيضاح حقيقة ما جرى.

• هل سيجرؤ النائب العام د. عبد الله العلفي بإصدار دعوى قضائية ضد وزيري الدفاع والداخلية حتى يكشفا لنا من الذي أمر بارتكاب هذه المجزرة أم أن أوامره لا تصدر إلا ضد قادة النضال السلمي الذين لم يقتلوا حتى نمله ولم يفجروا حتى طماشة؟

1.حسب الاصطلاح القبلي في محافظات شمالية، المحدعش هو احتساب دية القتيل أحد عشر ضعفا، ومربوع المحدعش، احتسابها أحد عشر مضروبا في أربعة

. المقال ينشر بالتزامن مع صحيفة الوطني

[/color][/color][/color]