اليمن : البيض= الجنوب = ألفضلي !!!

[بورتال]

اليمن : البيض= الجنوب = ألفضلي !!!


د. عبد الله الشعيبي



21/11/2009


العنوان لا يحمل أي معان لا تحتمل فوق طاقة المرء كي يفسرها البعض بطريقته الخاصة، وبما لا نعنيه هنا في مساهمتنا هذه التي نحاول من خلالها معرفة بعض من العلاقة القائمه بين طرفين اوخطين لم يلتقيا سابقاً ولكنهم اتفقا مؤخراً على التلاقي تحت شعار (الجنوب) . يعني يمكن لبعض الناس القول أن البيض = الجنوب أي أنه أسقط الجنوب وأختزله على شخصية واحدة فقط ... هذا أسميه الجنون بكله لمن يدعي ويعمل من أجل ذلك، وأما أن ألفضلي هو أيضاُ = الجنوب فذلك ورب الكعبة الجنون الأكبر مع احترامي لشخصيهما وطبيعة تفكيرهما وتفكير أنصارهما ...فانا اراهما قد فاتهما القطار لذا يسارعان الخطى لركوب قطار جديد ليس لهما أي دور في قيادته ونموه ونمو حركته ومسيرته ونقصد هنا بالحراك الجنوبي .
والغرابة ان الشيخ الفضلي من نسل آل الفضلي أخر حكام سلطنة الفضلي وأحد المؤسسين الأساسيين لاتحاد الجنوب العربي ألذي اسسته سلطات الاستعمار البريطاني حينها (1829 م-1967م) بداية الستينات من القرن العشرين يتحالف اليوم مع أحد أشد أعداء ذلك الكيان ثم رئيس لجمهورية اليمن الديمقراطية ويمكن عكس ذلك على طرف البيض . الطرفان كانا الى ما قبل أسابيع مضت أي شهرين او ثلاثة مضت يسيران في طريقين مختلفين شديدي الاختلاف في الرؤئ والافكار والأهداف،
(نحن هنا لا نشهر بأي من الطرفين) ولكننا نحاول نتساءل ونطرح بعض الاستفسارات بهدف الوصول الى الحقيقة والتي يسعى الكثير من الناس الى احتكارها لنفسه.
فكيف توافق الطرفان؟ وهل توافقهما على الجنوب العربي او الجنوب اليمني؟ وهل اتفقوا على نسيان الماضي بكل ما حملته من احداث مأساوية أضرت بالأخضر واليابس على حد سواء؟ وهل توافقهما يساعد على لملمة الشتات أم العكس؟
هناك فترة زمنية قصيرة ظهر فيها الطرفين على ساحة الحراك السياسي الجنوبي والفارق الزمني بين ظهورهما قصير, وهناك من يحلل ظهورهم من زوايا عدة منها :
(1) أن الطرفين وجدا في الحراك الجنوبي فرصة ثمينة لركوب قطار الحراك.
(2) ان تقارب الطرفين ألان وبعد فترة طويلة من العداء لا يحمل اي من المؤشرات التي تدعو للتفاؤل في وضع حلول ومخارج معينه ومقبولة وواقعية للقضية الجنوبية.
(3) ان ظهورهما المفاجئ ومع أتساع وتصاعد مسيرة الحراك وارتفاع سقف مطالبه السياسية لهما أكثر من دلالة قد تعصف بمسيرة الحراك من خلال الآتي :
أ- ان البيض صمت طويلاً وتجاهل نداءات لكثير من الناس تطالبه بالظهور وقيادة القضية الجنوبية وطال صمته لمدة 15 عاما وليس له ما يبرره، كما أنه يرفض الإفصاح عن حقيقة ما تم قبل ويوم الوحدة حتى حرب 1994.
ب- ان البيض كان بعيد عن أحوال وهموم الشعب ومنهم المشردين معه ولم يتمكن حتى من لملمة صفوف المعارضة الجنوبية الخارجية وبما يخالف وصفة القائد والمناضل .
ج- ان الفضلي كان الى وقت قريب احد الحلفاء الرئيسين للنظام اليمني وان تضارب مصالحه الخاصة مع مصالح النظام هي التي دفعته للخروج من دائرة النظام والتوجه الى دائرة الحراك الجنوبي وسعيه نحو قيادته بالتنسيق مع العدو القديم .
د- ان ألفضلي بخروجه من دائرة النظام وركوبه المباشر لأحد مكونات الحراك وبدعم من البيض (دعم سياسي ومعنوي وغيره) ربما يكون خروجه وفقاً لخطط معدة من قبل النظام بهدف تشتيت وتفريخ الحراك ومن ثم اضعافه وصولاً الى تراجع مطالبه وتحولها الى مطالب حقوقية او انهائها نهائياً والله أعلم .
(4) ان الطرفين (البيض والفضلي) بظهورهما أثاروا' شوشرة' وضجة بين أوساط الحراك أدت الى التباعد فيما بين مكونات الحراك بدلاً من توحيدها في كيان واحد .
(5) ان توافق الطرفين وبصورة مفاجئه وأختيار البيض صفة رئيس جمهورية اليمن الديمقراطي - اي الكيان الذي اعلنه في 20 ايار/مايو 1994م اثناء الحرب الاهلية حينها ولم يعترف بها احد - يعني انه نصب نفسه رئيساً وهو لم يكن رئيساً حتى يوم وقع اتفاقية الوحدة في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1989م بل كان أميناً عاماً للحزب الاشتراكي اليمني من كانون الثاني/ يناير 1986م- آيار/مايو 1994م، وقد تجاوز الدستور حينها وكل ألاعراف والمواثيق القانونية والدولية حينما تفرد بالتوقيع على وثيقة الوحدة اليمنية، أن هذا التوافق غير مقبول من معظم صفوف وعناصر المعارضة الجنوبية الخارجية وكذلك بعض مكونات الحراك.
(6) ان الطرفين تجاهلا الشخصيات الجنوبية المعارضه في الخارج وعلى رأسهم الرئيسان السابقان علي ناصر محمد وحيدر العطاس وغيرهم من الشخصيات القيادية الجنوبية . وهناك من يرى أنه يستحيل التوافق بين علي ناصر محمد وعلي سالم البيض وهي نتيجة طبيعية لحالة العداء التاريخية بين الشخصين منذُ فترة طويلة حيث كان الاول (ناصر رئيساً وقائداً للثاني البيض) وسعى الأول الى التخلص من الثاني بكل الوسائل حتى كانت أحداث 13كانون الثاني/يناير 1986م وهي التي قصمت ظهر البعير وكان الأول قد حكم على الثاني مع مجموعة من القيادات بالإعدام ولكن الثاني نجا بينما الأول انهزم وترك الحكم والبلاد لخصومه المنتصرين وتحمل الثاني زعامة الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم للجنوب حينها والعطاس رئيساً للجمهورية وعند تحقيق الوحدة في22 ايار/مايو 1990م توافقت قيادتا الشطرين على خروج علي ناصر وبعض رفاقه وعساكره من صنعاء بل واشتراط عدم مشاركته في الحكم باليمن أو بقائه فيها .
وفي 1994م جنح الرئيس (ناصر) مع الرئيس اليمني الموحد علي عبدالله صالح وساهم وجماعته مساهمة فعالة في هزيمة القوات العسكرية الجنوبية والحزب الاشتراكي وفرار معظم قياداته وعلى رأسهم البيض الى الخارج وتلك المساهمة أثمرت عن مشاركة مجموعة ناصر في الحكم وهذا يعتبر استحقاق طبيعي لشركاء الحرب المنتصرين، ولكن الرئيس ناصر شخصياً لم يشارك في الحكم ربما عن ذلك يعود لأسباب شخصية لا أحد يعرفها غيره، وظل بين الحين والاخر يرسل بعض الإشارات السياسية التي تنم عن معارضته للتوجهات العامه للنظام حتى انه كما يقال انه هو مهندس مشروع التصالح والتسامح الذي تم بين ابناء المحافظات الجنوبية قبل عامين بل ويقال انه يدعم احد مكونات الحراك والذي يقوده العميد ناصر النوبة.
ثم هل فعلاً ان حركة الشيخ الفضلي تحظى بدعم ورضا كل مكونات الحراك والمعارضة الخارجية؟ وهل فعلاً هم في وارد التصالح والتسامح تحت شعار ((من اجل الجنوب اليمني لا بد من تناسي الماضي))؟
(7) كيف اقتنع الطرفان على ان هناك مظلومية على أبناء الجنوب وكلاهما شاركا وبنسب متفاوتة في تلك المظلومية بصورة وأخرى ولكنهما لم يعترفا بمسؤوليتهما تلك؟
وكيف لعامة الناس أن تعرف ملامح ذلك الاقتناع والتوافق وماذا سيحققانه للناس والوطن؟
بل وهل من حق عامة الناس ان يناقشوا ذلك ومتى يحق لهم ذلك كي يمنحوا التفويض لأشخاص يتحدثون باسمهم؟ يعني هل الوقت مناسب ومتى؟
(8) ظهر البيض وأعترف انه كان الوحدوي الأول في اليمن وأنطلاقاً من مسؤوليته التاريخية والاخلاقية والسياسية فهل يمكن أن يقول للناس عن ماحدث قبل التوقيع على اتفاقيات الوحدة ومابعدها حتى اندلاع حرب 1994م وكيف لم يقتنع بالأفكار التي حملها الرئيس علي عبدالله صالح إلى عدن مثل (الفيدرالية أو الكونفدرالية) وكيف تمكن من أقناع الرئيس صالح بالفكرة الاندماجية واليوم نراه يطالب بفك الارتباط بعد 19 سنة ونيف من قيام الوحدة؟
(9) هل ظهور الفضلي ينطلق من توجه لتنظيم القاعدة بضرورة قيادة الحراك الجنوبي خدمةً لإغراضها السياسية والتنظيمية والفكرية والميدانية انطلاقاً من العلاقة التنظيمية القديمة التي ربطت الفضلي بالقاعدة وزعيمها الشيخ اسامة بن لادن المطلوب رقم-1- لأمريكا وبعض دول العالم على الرغم من نفي الفضلي لذلك؟ ثم هل البيض على علم بذلك أم انه يحاول استخدام الفضلي كورقة لخدمة افكاره وتوجهاته؟
(10) لماذا لا يتفق الطرفان البيض والفضلي على أشراك بقية الشخصيات الجنوبية المعروفة من سلاطين وأمراء ومشايخ وغيرهم أم أنهم وحدهم المختصين بالجنوب بناء على مرسوم رباني بقيادة القضية الجنوبية وتسخيرها لمصالحهما الشخصية والسياسية ؟
(11) لماذا الطرفان ورغم ظهورهما المتأخر وركوبهما للحراك لا يعملان على توحيد الحراك في مكون واحد وذي رؤية واحدة وقيادة واحدة كي يعرف الآخرين مع من يتعامل ام ان الفوضى هي شعارهم؟
نعم وهناك من حاول ربط القضية بالبيض وكأن القضية لا تعني غيره وهذه محاولة لتكريس مفاهيم الفشل والدكتاتورية، أنها محاولات مقززة لأختزال الوطن في مكون ماء واما البقية فلا حول لهم ولا قوة... أن ظروف تحالف البيض والفضلي قد يقود إلى تحالفات جديدة بين زعامات جنوبية أخرى مضادة ستفضي إلى المزيد من تعقيد القضية وأي حلول ممكنه لها.
(12) ما هي مبررات البيض والفضلي في عدم فتح حوار مباشر مع القيادات الجنوبية المعارضة مثل الرئيس ناصر والرئيس العطاس؟ وهل هناك أمكانية لأحداث التقارب والتواصل فيما بين كل القيادات من غير استثناء أحد؟
(13) لماذا البيض والفضلي يرفضان الحوار مع الرئيس صالح أي ما هي مبررات رفضهما؟ ومن الذي سيتحاوران معه وهل هناك طرف أخر ينشدون للتفاوض معه ومن هو؟ أنا لا أرى أي طرف يمكن أن يفاوضهم غير الرئيس علي عبد الله صالح كونه الوحيد القادر على أقناع من معه للتفاوض مع أي كان، أما مسالة لا حوار مع النظام فهذه عبارة عن قصور في الوعي السياسي والفكري لدى بعض الناس وهم لا يصلحون للسياسة ولا لممارستها إلا بعد أن يتعلموا فنونها وقوانينها وأصولها ... ويكفي الأمة تجارب وحروب وتدمير وتمزق وتشريد ... وكيف يريدون فك الارتباط ومع من؟ أم أن الأمر هكذا 'خلاص ما فيش' طرف رسمي وفاعل على الأرض أو يمكن أن الولايات المتحدة وعلى 'شان خاطر' عيونهم هي من ستمنحهم حق فك الارتباط هكذا من غير حوارات ولا' أحم ولا دستور' وتلك مغالطة لم تعد تنطلي على أحد .' كل شي عاوز عقلنه' بل لمراجعة دائمة لأفكاره وتوجهاته العامة والخاصة و'بلاش' استخدام الدروشة والزندقة في السياسة التي تسيدت في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن المنصرم التي لم نجن منها إلا دورات دموية على شكل خطط خمسيه مقززة ودامية أكلت الأخضر واليابس.
(14) أن لغة الطرفين يسودها الفكر الثوري وهذا الفكر تعبنا وعانينا منه فمرحلة التثوير لم تعد مجدية في العصر الراهن ثم أن التثوير يجب ان يكون في العقول والأفكار وليس في الرقاب ومصائر الشعوب ... ويكفي البلد نصف قرن من التثوير بدلاً من التفكير في كيفية بناء دولة النظام والقانون. وإذا كانت الثورات قد اختصرت الأوطان في الثوار وأنصارهم وعلى هذا الأساس يظل التثوير لغة كل الزمان ومن هنا على الشعب بكل فئاته وقواه العمل على تغيير كل مفاهيم التثوير البليدة إلى مفاهيم للبناء والنمو والعدالة والمساواة والحرية والتسامح والسلام والحب وفقاً لأسس جديدة أساسها دولة النظام والقانون .
(15) ونتيجة لتضارب المصالح بين الطرفين فيتوقع أن لا يستمر التحالف بينهما وربما لسبب أن العالم لم ينس بعد تأثير تنظيم القاعدة ومن يقترب منه سواء بالتحالف معه أو مجرد التنسيق.
نعم هناك قضية جنوبية والجميع متفق عليها ولكن لا احد من الجميع قال لنا ماهي تلك القضية وكيف يمكن حلحلة أشكالياتها؟ .. نعم هناك قضية جنوبية ولكن هناك من يحاول استغلالها لأغراض شخصية بل وهناك أطراف إقليمية ودولية من صالحها أن تتوسع دائرة المشاكل وعدم الاستقرار في اليمن لتحقيق مصالحهم الإستراتيجية ؟
وهناك قوى سياسية من صالحها أن تظل قضايا اليمن من غير حلول وبالذات القضية الجنوبية التي ينبغي أن لا تهمل وتترك مكابرةً وعناداً لثارات سياسية وحزبية ولمصالح حزبية ضيقة لا تخدم وحدة اليمن أن كانت تلك الوحدة تعز عليهم . والحوار الوطني على أي مشكلة ومهما كان حجمها ليس فيه أي عيب بل العيب هو عندما نرفض الحوار ونتشدد في مطالبنا وشروطنا وكأن الوطن قد أختزل في حزب معين أو مجموعة من الناس وهنا مكمن الخطأ .
ربما سيكون للحديث بقية .
كاتب وباحث يمني


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]