}{}{ ويعجبني الفأل }{}{

[بوعمر]

ويعجبني الفأل







مقدمة :
قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم :
( لا عدوى ولا طيرة ، ويعجبني الفأل )








على شفا ختام شهر يوليو 2009م تفشى نبأ كاد أن يسلب سنوات عمل طويلة لطالما تفاعل معها الجنوبيين الأعراب ، فنبأ تواصل ما يسمى بالقيادات التاريخية الجنوبية مع موفدين من نظام الاحتلال اليمني في العاصمة المصرية القاهرة أحتوى على شيء هائل من الاختلال في مضمون القضية الجنوبية العربية وبين ما يمكن أن تذهب إليه هذه القضية من مصير قد يراه البعض بأنه السير إلى حقل ألغام يمكن فيه إنهاء القضية الجنوبية العربية بالكيفية التي يرتضيها المحتلين والمتواطئين وتفوت فرصة التاريخ المثلى في تحرير الجنوب العربي صفة وواقعاً ...

غير أن واحدة من الايجابيات التي خرجت منه قضية الجنوب العربي في الشهر المنصرم تبدو فيما يسمى ( الرموز التاريخية ) ، وكم راق لنا تعليق أحد الجنوبيين الأحرار جداً عندما سرد قول الله تعالى { وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً } ، وهذا من أهم ما يجب التلفت إليه فمن يسمون رموزاً تاريخية أما حان الوقت لتكون في موقعها الملائم ، في خارج نطاق الجنوب العربي ، فمنهم من لم يستبين الخيط الأبيض من الأسود من الفجر الجنوبي العربي ، ومنهم مازالت أصوات طلقات رصاص 1986م تدوي في مسامعه ، ومنهم من يعتقد بأنه ناصري أكثر من صاحب الناصرية نفسه ...

الرموز التاريخية وعندما تصدر بياناتها الخانعة الهزيلة وايضاً الذليلة ، لا يمكن أن توصف برموز تاريخية ناهيك عن أنها تمثل وجهاً قاتماً من وجوه الدولة الشمولية في أقصى وأشد لظاها ، أحد الرموز يسمى بمهندس انفصال 1994م ، ومن أطلق الوصف هو رئيس دولة الاحتلال اليمني للجنوب العربي وللأسف مازال أبناء الجنوب العربي يسمونه بالمهندس وما هو بمهندس لتحرير الجنوب العربي لأن ببساطة أن الجنوب العربي تجاوز كثير من الرموز في أفكارهم وقناعاتهم وحتى في قدرتهم على استيعاب الحراك الجنوبي ...

قد نكون نكرر خطأ من أخطاء الماضي عندما نساير من يسمون رموزاً تاريخية ، نكرر الخطأ كما حدث في الستينيات الميلادية من القرن العشرين الماضي عندما حلت النكبة بالجنوب العربي وراء شعارات زائفة لم تمثل جوهر قضية الجنوب العربي ، بل كانت جزء من مؤامرة بغيضة كان ضحيتها الجنوب العربي ومشروع الاستقلال ولنقف قليلاً عند ميثاق تأسيس الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن ولنقرأ بتأمل عميق :
حدد الميثاق أهداف ثورة 14 أكتوبر المنطلقة من على قمم جبال ردفان الشماء وهي على النحو التالي:

1 / النضال ضد الاستعمار البريطاني المحتل عدن.

2 / النضال ضد الحكم الانجلوسلاطيني ( السلطنات المشيخات الأمارات والدول والولايات القائمة في الجنوب العربي ) .

3 / النضال ضد الدولة الانفصالية اتحاد الجنوب العربي المزيف.

4 / النضال ضد إذناب الاستعمار من سلاطين وعقال ومشايخ وإداريين متخلفين والضباط والمستوزرين من العهد البائد.

5 / النضال ضد الإقطاعيين والبرجوازيين والكهنوتين والقبلية المتخلفة.

6 / النضال من اجل تحقيق وحدة تراب وارض اليمن التي شطرها وجزئها الاستعمار الأجنبي.

7 / النضال من اجل بنا الدولة الوطنية اليمنية التقدمية.

هذا ما صدر في العام 1966م ويبدو البيان محملاً برغبة جامحة من العداوة للجنوب العربي ، وقد جاء آنذاك من ما يسمى رموزاً تاريخية وكأن التاريخ يستعاد ببيانات لا ترتقي لقضية الشعب الجنوبي العربي وهو ينازع حتى رموزه التاريخية في حقه على ترابه وتحت سمائه ، مفارقة من المفارقات التاريخية يجب أن تستحضر وتقرأ لمن يسمون بالرموز التاريخية ...

ولأننا متفائلون فأننا على قناعة من طرف آخر يكاد يعلن هزيمته في معركة الجنوب العربي قبل أن يبدأ النزال ، فالرئيس علي صالح رئيس اليمن لن يراهن إلا على الرموز التاريخية المهزومة في داخلها ، الرموز التاريخية التي لا تعرف ما هو الجنوب العربي ، والرموز التي تحمل كراهية لهذا الجنوب العربي ، والرموز التي تحمل الماضي البغيض من جنوبها اليمني لتصبه في الجنوب العربي ، هذا ما يمتلكه الرئيس اليمني الآن رهانات على أوراق محترقة في نظر الشعب الذي حدد ماذا هو يريد ، هذه هي القناعة الموجب سردها في كل وقت تذكيراً للرموز ، وتنبيهاً لمن يعتد بالرموز ...

ولاشك أننا جد في الجنوب العربي نعترف بعدم وجود قيادات رمزية حاضرة ، حتى أصبح حالنا كحال حركة فتح في مؤتمرها السادس وهي تستعيد صور رمز فلسطين الكبير ياسر عرفات ، فأصبحنا لا نكاد نستحضر رمزاً من الموتى نتبعه برمز آخر ممن رحلوا ولكنهم تركوا تركة هي عنواننا اليوم كأمثال شيخان الحبشي ومحمد علي الجفري والسلطان العبدلي ، هذه رموز رحل منهم من رحل ولكنهم مازالوا عناوين كبيرة في قضية تحرير الجنوب العربي ...

ولكن وهذا الجنوب العربي وهو يستعيد قضيته داخلياً وفكرياً حتى أن رمزاً تاجياً سابقاً سجل حضوره الفكري الدقيق في هذه القضية أما حان له أن يتحرر من الماضي ، هنا تحدٍ جدير وأن يعمل به الجنوبيين خاصة وأنهم يذهبون بقضهم وقضيضهم إلى الحرية ، أليس من الحرية أن تلقى الرموز التاريخية في مقبرة الموتى ، لنعتبرهم ممن استشهدوا على تخوم قضية الشيوعية الأولى ، ونعتبرهم حتى قضوا جوعى وعطشى المهم أنهم غير موجودين ، هل نستطيع أن نلغيهم من حضورهم الباهت والذي لا يتوافق مع الزمان والمكان ...

أطلقنا عليهم القاعدون خزياً ، وأخشى أن نطلق عليهم من بعد المتآمرون ذلاً ، هؤلاء من يسمون رموزاً إن شاءوا حضوراً فلماذا لا يذهبون إلى علي سالم البيض ويلتقون به تحت أي عنوان كان مصارحة ومصالحة ، تسامح وتصالح ، أي عنوان يريدون ليذهبوا أولاً إلى من أفاق من غيبوبته ويساعدونه على السير خطوة بعد خطوة بدلاً من ممارسة الاستقطاب السياسي الفارغ من مضمون القضية كلها ، بل الفارغ حتى من كل شيء في هذا الوجود ...

الجنوب العربي وهو يستعيد أنفاس ما قبل 30 نوفمبر 1967م يكاد يخرج من نفق طويل من الظلام ، يكاد يحقق ما عجزت رموزه التاريخية الأولى أن تحققه ، تلكم الرموز التي توارت عنوةً وقهراً بعد أن وجدت أن ما بذلت له نفسها ، وضحت من أجله ذهب إلى أتباع الجهل والحماقة ، تلكم الرموز الأولى التي جاءت بما لم يجيء به أحد من العرب عندما جاءت بحق الاستقلال الوطني وإرغام بريطانيا بعظمتها أن تدفع تعويضات عن مدة احتلالها لمدينة عدن ، تلكم هي الرموز التاريخية الصحيحة التي لابد وأن تستحضر في الجنوب العربي ، تلكم الرمزية الفكرية التي تأتي بالحلول وتلتف حولها الجماهير لأنها رموز اختارت موقع الشرف لا موقع الذل ...