((( إلى شيخنا سلمان .. سلاماً وأما بعد )))

[بوعمر]

إلى شيخنا سلمان .. سلاماً وأما بعد



مقدمة :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وأما بعد




ويشهد الله تعالى أننا نحبكم فيه

على ما تحرصون من أشد الحرص على أمة الإسلام من كل ما يحيط بها من ملمات وأحوال ، وفي حين نحرص على متابعتكم كل يوم جمعة ونتلمس حديثكم ونستأنس برأيكم ، ونغبطكم لشمول أفكاركم وتعاطي الناس معها وتلهفا للأخذ منها ، كثير فيكم من المحاسن والفضائل والشمائل غدت قرينة بكم كيف لا وأنتم لدين الأمة من حماتها ورموزها تحذرون من الملمات وتقفون مع الضعفاء ، وتذكرون الظالمين ...

شيخنا الجليل سلمان بن فهد العودة حفظكم الله لا شك وأن لرأيكم ثقل عظيم في الموازين وفي أمزجة الناس ، فأنتم لكل الأمة صغيرها وكبيرها ، عالمها وجاهلها ، وقد تحدثتم عن مسألة اليمن ومخاطر ما يجري فيه ، وأنكم طلبتوا من الفرقاء الأخذ بجانب الحوار والصبر والحكمة حرصاً على أن تبقى دولة اليمن واحدة ، ففي وحدتها من جهتكم مصالح جمة وفي خلاف ذلك منكرات كثيرة ، وفي هذا لنا وجهة نظر نعلم بأننا لسنا في المقام الذي يخالفكم ولكن في القلوب أوجاع وأسقام مصابة من وحدة اليمن نسأل الله تعالى أن يوسع لنا في صدركم ونجد شيئاً من قبول لرأينا وأخذ به ففيه والله ما فيه من الحق العظيم ...

*** *** ***

شيخنا الكريم الجليل لن نعود بذكر أيام الحكم الشمولي لبلادنا ، ولن نسرد الحقبة الماركسية ففيها من المظالم ما تعلمون ، فلقد تركنا بلادنا وسكن غالب أهلنا من حضرموت والجنوب العربي في مملكة آل سعود ، خرج من بلادنا العلماء والتجار والطلاب وحتى الضعفاء فارين بعقيدة الإسلام إلى دار الإسلام ، بلغت الأحوال ما بلغت وتعاملت حكومة المملكة العربية السعودية مع الأمور بواقعها إبان حكم الملك فيصل يرحمه الله ، وسكن أهلنا في بلاد السعودية وتركوا بلادهم وأموالهم غنيمة لحزب لا يؤمن بالله رباً ، وبالإسلام دينا ، وعانت البلاد الشح والظلم ، وحتى زال حكم الشيوعيين من بلادنا ودخلنا في دولة الوحدة مع الجارة الجمهورية العربية اليمنية وكنا نتلمس ضوء في نهاية نفق طويل أمتد فيه الظلام ثلاثة عقود كنا نعتقد بأن يوم 22 مايو 1990م هو يوم النور وما كان نوراً بل عتمةً على مزيد من الظلم والكربة ...

ذهبت قيادة اليمن الجنوبية بكل إرادتها وبكامل عقليتها إلى التوحد مع اليمن الشمالية ، استبشر القوميين العرب بأن نظرياتهم في وحدة العرب قادمة ، وأن الأنموذج الحي ماثل بين عدن وصنعاء ، الجنوب يقدم الدولة ، يرضى بالمناصب التالية من الدولة ، يسجل كل ما في الجنوب لصالح الشمال ، وحدة حملت العواطف الشجية حتى عند التيار الإسلامي المبغض للوجود الماركسي ففي مشهد الوحدة اختزال لأزمنة طويلة من تناحر الأشقاء ليس في اليمن فقط بل على كامل تراب الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها ...

تمت الوحدة وفيما كان الجميع يتلمس الصبح الآتي بعد ظلام طويل ، عاد الظلام مرة أخرى يوم وقفت حكومة اليمن موقفاً لا يرضاه الله ولا رسوله ولا المؤمنين ، تجاوزت حكومة اليمن الواحد العقل والمنطق حينما تحالفت مع العراق في غزو الكويت فجر الثاني من أغسطس 1990م لتخذل وطناً كان إلينا سنداً في سنوات طويلة من الألم ، خذل الكويت ووقف مع العراق ، بل وتآمر مع العراق على تقسيم جزيرة العرب ، موقف أرعن ، وموقف جبان من حكومة لم تراعي الله تعالى قبل أن تراعي الإنسانية والأخوة في الدين الإسلامي ...

شيخنا الجليل ..
قد ترون بأن الموقف آنذاك كانت تحكمه ظروف وأحوال ، ولكننا ومنذ اليوم الأول كنا نعرف بمغزى الأمر كل الأمر ، فهذا النظام السياسي الحاكم لبلاد اليمن لا يعرف غير الغدر والخيانة والتآمر وكان موقفه من حرب الكويت مجرد كشف صريح لوجه نظام خبيث قبلي يعتبر بأن ما يمتلك غنيمة ، وأن الغدر شيمة من شيماته وصفاته وخصاله ...

ولم يخذل النظام اليمني العارفين بأغواره ، فجاء يوم 27 ابريل 1994م وأعلن الحرب على الجنوب ، والجنوب شريك الوحدة بل هو صاحب دولة الوحدة ، فنكث وغدر وخان وثيقة العهد والاتفاق الموقعة في عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية برغم ضمانات كان على رأسها تأييد المملكة العربية السعودية ، وجاء إعلان الحرب ظلماً وعدواناً على الجنوب والذي أعلن الانفصال وفك الارتباط بالوحدة اليمنية بعد أسابيع من نشوبها في تأكيد على أن العدوان اليمني على بلادنا كان له غاية ممبيته في صدر النظام اليمني ...

وقعت الحرب واستبيحت في الحرب اليمنية على بلادنا كل المحرمات ، تحالفت صنعاء مع الشيطان الأمريكي وكل قوى الشر كانت معها ، وخرجت فتوى التكفير لأهل الجنوب ، فأصبح الموحد بالله كافراً به والشمالي اليماني توزع له صكوك دخول الجنة وضمانها ، وشمل التكفير كل ما على الجنوب وقلة في الأمة من أنكر فتوى التكفير الظالمة وعلى رأس المنكرين الرافضين لها سماحة الشيخ العَالم العابد ابن عثيمين يرحمه الله فرد الفتوى على أصحابها وأنكر كل من عليها سار وانتهج بنهجها الظالم ...

هزم أهل الوحدة الحقيقيون ، ولكن الشعب في الجنوب لم يخسر سوى جولة من جولات البقاء في هذه الحياة التي ابتلانا الله فيها باليمن حكومة وشعباً يريدون الوحدة لمجرد أنها غنيمة حرب يأخذ من أرض الجنوب الثروة ، وعلى أرض الجنوب تنتهك الحقوق وتسلب من الإنسان كامل إنسانيته ليحيى اليمني متغنياً بوحدة لا نعرف له مفهوم صريح غير أنها احتلال يوافق احتلال اليهود لأرض فلسطين وأمريكا لبلاد العراق وأفغانستان ...

شيخنا الكريم يحفظكم الله ويرعاكم ..

واقعنا مرير في بلادنا نكون مواطنين من الدرجة الخمسة والعشرين بعد المائة ، بل أن الثور في عقيدة اليمني ونهجه القبلي المقيت هو أكرم من عشرات من أبناء الجنوب ، عانينا من الظلم ما لم تعرفه جزيرة العرب كلها ، فلم يعرف شعباً من شعوب الجزيرة العربية ضيماً مثلما عرفناه ، ولم يعرف أحد خذلان مثلما نلمسه من الأشقاء والأحبة ، والقضية هنا في أصلها المكين قضية الإنسان في حضرموت والجنوب العربي قضية هوية وانتماء ، فنحن لسنا يمنيين ولن نكون ، ولن نقبل أن تسلب منا هويتنا وتنهب ثرواتنا ليعيش اليمني ونموت كأخدام تحت أقدام اليمنيين من أجل شعارات زائفة ، فما نحن فيه لا يوصف بالوحدة إلا كذباً وزوراً وبهتانا ...

نتلمس اليوم وقفة جادة من كل الأمة وأنتم على ثغر من ثغورها ، نعلم بأنكم كما نحن نريد لأمة الإسلام وحدة تجمع الشمل وترص الصفوف ، ولكننا قد أخذنا نصيبنا المر منها حتى غدت حلقونا مجروحة من حتى نطق كلمة الوحدة ، خذلتنا الشعارات والأهواء ، وخذلنا الأشقاء والأقرباء ونعلم علم اليقين أن لا حلاً إلا بالخلاص من هذا المنكر العظيم المسمى ( الوحدة ) ...

في الجنوب العربي شعب يريد حق الاستقلال أن تكونوا معنا فهو الخير الذي نرجوه كما رجاه الأخوة في البوسنة والهرسك وكوسوفو وغيرها ممن أيدتم له حق استقلاله ، وإن شئتم غير ذلك فاتركونا وشأننا فوالله قد بلغ منا الحال مبلغه ، لن يخيفنا أن يستعرض الطاغية في صنعاء بثلاثمائة ألف من جنوده جنود الشيطان الرجيم ، ذلكم من لكم أن تقولوا له أمن أجل النفط والأرض واستعباد المسلمين تستعرض بالجيوش والصواريخ والطائرات ، ذلكم الطاغية الذي يجب أن تتحدثوا إليه أما نحن فنحن لا نلام بعد كل ما كان ويكون وسيكون ...

شيخنا الجليل / سلمان بن فهد العودة

لن نكون أنموذجاً تريدون أن تجعلوه مثالاً لوحدة العرب والإسلام ، هاتوا كل شعوب الأرض لتتوحد مع اليمن أما شعب الجنوب العربي فقد قرر الخلاص من هذا الأنموذج الظالم ، قرر السير في معركة استقلاله حتى نهاية الطريق ، سموها مؤامرة أو سموها ما شئتم فتنة أو محنة فلن يثني الشعب غير الافتكاك من هذا الشر الذي يتربص بنا يسلب حتى هويتنا ويجعلنا نتحدث بهويته ينكرنا في كل شيء هذا والله من الظلم والجور ونربأ بكم هذا غفر الله لنا ولكم ...

قال الله تعالى
{ أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير }




اللهم ابرم لشعب الجنوب العربي ابرام رشد
يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية