كلمة وفاء بحق اخ وصديق افتقدته بعد الرجيل

[ضياء الاسمر]

بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة وفاء بحق اخ وصديق افتقدته بعد الرجيل

بعد اكثر من اربعة اعوام من الصراع المرير مع المرض والالم جراء اصابة جسمانيه تعرض لها وهو يودي واجبه داخل السفارة في اريتيريا اصابة شكلت تهديدا خطيرا على حياته التي كانت اصلا مليئة بالعذاب والمعاناة النفسية نتيجة للمعاملة السيئة المذلة والغير انسانية وغير العادلة في الوظيفة. الحرمان من ابسط الحقوق الادمية هو وضع يعاني منه من تبقى من ابناء الجنوب في الاجهزة والمرافق الحكومية...
عيدروس بخيت إبن أبين الرجولة ذلك الانسان الطيب صاحب القلب الكبير والابتسامة الودودة الصادقة التي لا تفارق محياه... كم كان مؤلما على القلب والنفس ان اسمع خبر الرحيل المفاجى لاخي وصديقي المرحوم عيدروس طيب الله ثراه.
(... صديقك عيدروس بخيت توفى الى رحمة الله بعد معاناة مع المرض نتيجة الحادث الذي تعرض له وهو يؤدي واجبه بصدق واخلاص. هكذا اخبرني احد الاخوة.. نعم، أكثر ما اعرفه عن المرحوم عيدروس هو إخلاصه وصدقه وامانته في تأدية واجبه وفي علاقاته الشخصية .. لن انسى ابدا اجمل ايام العمر التي جمعتني بالمرحوم عيدروس والكثير من زملاء الدراسة اطال الله في اعمار الاحياء منهم اينما كانوا وجنبهم كل مكروه بحبيب او صديق..
(.. لا احد ينافسني في الانضباط غيرك .. هكذا كان المرحوم عيدروس يخاطبني ونحن نتنافس للقيام بمهامنا الشبابية في صفوف اتحاد الشباب في الجامعه – بلغاريا 1980 -86م. اختلفنا عندما املت علينا السياسة دواعي الاختلاف في 13 يناير 86م. ولكن سرعان ماتناسينا وتجاوزنا الام ومرارة الاختلاف لان ما كان ولايزال يجمعنا هو شي كبير وبحجم الوطن كانت ولازالت سمته الاساسية الاخوة والصدق والوفاء والاحترام المتبادل وكلماتي المتواضعه هذه تعبير عن الوفاء لاخ افتقدته وساظل...
اكتب راثيا اخي وصديقي المرحوم عيدروس، اليوم في الوقت الذي يقوم النظام الحاكم في صنعاء بعد واحصاء انفاسنا ومراقبة تحركاتنا ونحن بعيدين عن الوطن ويتهم من نلتقي ونتواصل معهم بالتأمر على البلد وما حصل للصحفي الشاب والشجاع جمال عامر مؤخرا خير دليل على ذلك.. وربما يقول احدهم هنا بان المرحوم عيدروس كان انفصاليا لانني اكتب وفاء له ولعلاقات الاخوة بيننا.. ساوفر عليهم الاجتهاد واقول ان اخر لقاء جمعني بالمرحوم عيدروس كان في عدن عام 90م. عندما تفرقنا عن المدينة التي احببناها والتي سنظل نحملها بين الضلوع مهما حيينا عاصمة للجنوب حتى نعود اليها رافعين الرؤوس وبكرامة الجنوبيين الاحرار..
وهنا ارجوا ان يصفح لي اخي وصديقي المرحوم عيدروس لانني ساشاطر بعض الاصدقاء الذين جمعتني واياه بهم سنين من العمر لن تنسى.. ايام الدراسة في بلغاريا تلتها ايام العمل معا في ديوان وزارة الخارجية – مدينة الشعب
وحسب معرفتي اتحدث كيف تعرض المرحوم للاصابة التي خسر حياته فيها وفقا لمعلوماتي القليلة حول الحادث واخر ايام المرحوم راجيا من لديه معلومات دقيقه من الاخوان والزملاء تصحيح وتوضيح اكثر لمعاناة الرحوم عيدروس وفاء له ولعلاقات الاخوة والصداقة...
... فقد علمت بانه في اخر زياره للرئيس الى ارتيريا كان المرحوم عيدروس يهم بتعليق صورته في صالون السفارة ولكن سقط فجأة ارضا من على الكرسي ولم يستطع الحراك، تدهورت بعد ذلك الحادث صحته بشكل خطير. وبالرغم من انها اصابة عمل وهناك تامين صحي لكل دبلوماسي فلم يتلقى المرحوم لا الاهتمام من مرؤسيه ولا العناية ولا العلاج اللازم لمرضه. ولا اتردد في القول هنا وبكل بساطة بانه لو كان المرحوم من قبيلة الرئيس أو حزب الرئيس او منتميا لجهاز امنه السياسي او الخماسي او السداسي لربما اختلف الوضع.. ولا نعني بذلك والعياذ بالله اي اعتراض على مشيئة الخالق فهوا الذي يحيي ويميت. والموت حق على كل مخلوق. ولكن لان المرحوم جنوبي ومن اسرة متواضعه وكان شخصية نزيهه ونظيفه بكل المقاييس لذلك عومل بهذ الشكل. فلم يشفع ماتعرض له المرحوم عند مرؤسيه ليبقى في اريتيريا او على الاقل يتم نقله الى دوله اخرى حتى ينهي مدة عمله لكي يتلقى العلاج الضروري بل صدرت اوامر باعادته الى اليمن قبل انهاء الفترة المقرره له باكثر من عام. وفي البلد ظل بعدها يراوح بين منزله وديوان وزارة الخارجية وصحته تتدهور يوما بعد اخر. وفوق كل ذلك لم تعطى له الفرصة حسب قانون الاولويه لتعيينه في سفاره على الاقل لتلقي العلاج خارج البلاد...
ظل المرحوم بمرارة وصمت يتابع دوواين الخارجية وبعض الجهات في راس الدولة وبالذات من ينتمون الى
منطقته ابين أو من يسمون انفسهم بالمسؤولين الجنوبيين ولكن دون جدوى فلم ينصفه لا الجنوبيين السلطويين ولا الشماليين المتسلطين حتى فارق الحياة ورحل صامتا بدون وداع الى دار الاخرة حيث تنام النفس امنة مطمئنه الى جوار باريها...وليس بيدنا هنا سوى الترحم على روحه الطاهرة... فنم يااخي وصديقي قرير العين ولانامت اعين الجبناء.. نسال الله جل وعلى ان يسكنك فسيح جناته ويلهم اهلك وذويك وجميع ال بخيت الكرام الصبر والسلوان وهو على كل شي قدير. ولا حول ولاقوة الى بالله العلي العظيم..
ولآؤلئك النفر من الاخوة الذين يحتفظون بصور الرئيس في دواوينهم نقول لن تجلب لكم ولاسركم ولوطنكم سوى المصائب. وليكن حال المرحوم عيدروس عبرة لنا جميعا ... اما نحن فعزائنا للفقيد عيدروس والشهيد سمير الردوع والشهداء منتصر وياسر وزكريا وايثار ومنيره ومن سبقهم في الاستشهاد فداء للجنوب ولكل المهمشين والمبعدين قسرا من الوظيفة والمشردين داخل وخارج الوطن في ظل الوحدة المزيفة عزائنا لهم بان نظل نحمل رايه وطننا الجنوبي بامانه حتى يحق الحق وتعاد الامور الى نصابها والله على ما نقول شهيد..

احمد مثى علي
دبلوماسي سابق
عضو اللجنة التنفيذية ممثل تاج في امريكا
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]