الناكعون من خلف أبواب التاريخ

[نصر اسد]

صار الجنوبي وبشكل مفضوح عرضة لكل الممارسات الشوفينية الناتجة عن شعور الإستقواء بالإنتماء الأسري أو المناطقي لفئة المنتصرين في حرب 94
قبل أيام حدثني أحد الشباب عن تعرضه هو وأصدقائه للتعسف والتصرفات الهمجية في إحدى النقاط العسكرية التي يزخر بها الجنوب
فقد أستفزهم الجنود في النقطة العسكرية ليس بسبب أي شيئ إنما بسبب سمرة بشرتهم ونعتوهم بالصومال وكادت أن تحدث كارثة
هذا التصرف الهمجي حفز كل من تواجد من الجنوبيين بما فيهم جنود وضباط لمساندتهم و لولا أن الشباب تحلوا بالصبر والحلم وردوا عليهم بما جبل به الجنوبيون من أخلاق وتركوهم ونظرات الإحتقار تصب عليهم من كل السيارات المارة بالنقطة

حتى لو فرضنا جدلاً أن هولاء الشباب من الصومال فعلاً فهل يستحقون هذه المعاملة؟
ألم ينه الدين عن التمييز بين البشر؟
هذا التمييز منتشر في الشمال وهذه خاصية للمتخلفين والمصابين بعقد النقص
لكننا في الجنوب لم نتعود على التمييز بسبب لون البشرة لأن من سمات المجتمع الحضاري والمدني عدم الركون إلى الفوارق العرقية بل العقلية والفكرية
ويحتفظ السجل الجنوبي بالكثير من وقائع التمييز العنصري مع ما يحتفظ به من وثائق عن جرائم الإحتلال المتخلف وممارساته القمعية ضد أحرار الجنوب

أحسن ما عجبني في الرواية التي حدثني بها الشاب أنه وأصدقائه أعضاء في المؤتمر الشعبي العام وكانوا يرفضون الإنضمام للحراك ويرفضون كذلك المطالبة بعودة دولة الجنوب ولكنهم منذ أن لمسوا بأنفسهم مدى قذارة وإنحطاط الوحدويين الجدد قرروا الإنضمام إلى صفوف الحراك وإعتبار أن البقاء مع هولاء في وحدة أو إتحاد أو أي شيئ يجمعهم بهم هو عمل إجرامي في حق الجنوب وشعبه
بالرغم من تأخر إكتشاف هولاء الشباب للحقيقة التي تنخز عين كل من به عمى وتخرق أذن كل من به صمم لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبدا
فبعد الحياة في مجتمع حضاري ومدني لا يمكن للمرء أن يرمي نفسه بين أحضان هولاء الذين نساهم التاريخ فنكعوا من خلف أبوابه