القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
|||
|
|||
دور القبيلة الإفتراضي في النظام الجديد ..
تمهيد :
القبيلة بمعناها التجريدي ليست اختراعاً بشرياً ، ولا يمكن النظر إليها كنتاج مجتمعي تمخض عن جهود علماء الإجتماع ، فهي بطبيعتها مكوّن إلهي ، يقرر حقيقة وجودها قول الحق جل وعلا : " وجعلناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا " ولأن هذه الخلاصة ظلت غائبةً عن إدراك المشرعين في عالم السياسة والإجتماع ، أو على أقل تقدير كانت عرضةً للتجاهل أمام تطلعات البعض إلى دحض الأطروحات الدينية المرتبطة بالعقيدة ارتباطاً وثيقاً . وكان من الطبيعي أن تذهب محاولاتهم للنيل منها أدراج الرياح ، ذلك لأن إرادة الفاعل في قوله : "وجعلناكم " لها خاصية " كن فيكون " التي تعود إليه وحده ، ومنها تعلم الإنسان ما لم يكن يعلم . القبيلة في أدبيات الحزب الإشتراكي : كان الإعتقاد السائد لدى صُنّاع القرار السياسي بُعَيد الإستقلال بأن القبيلة بمكوناتها العُرفية وموروثاتها الطبقية سوف تشكل عائقاً في طريق التنمية بصنوفها الشتّى ، فسعوا إلى تقويض هذا البنيان المجتمعي العريق ، بدءاً بتحييد رموزه التقليديين ، ومن الطريف أن بعضاً من المتربعين على هرم السلطة آنذاك تخلوا عن ألقابهم المتعارف عليها في خضم التنكر لما يَمُت إلى القبيلة بصلة ، ومنهم علي ناصر محمد نفسه المعروف سابقاً بعلي ناصر الحسني .. ولأن النظام برمته يمر بتجربة قابلة لكافة الإحتمالات ، فقد نجح في طمس مظاهر القبيلة ، لكنه لم يفلح في اجتثاث جذورها من نفوس الأفراد ، وظل الإنتماء العشائري يَحكم غريزتهم ، حتى قيل عنها ( القبائل الماركسية ) بمعنى أنّ عادات وتقاليد القبيلة احتلت حيّزاً في وجدان دعاة التغيير أنفسهم ، وتجاوبوا معهافي معظم الأحيان بصورة لا إرادية .بين شدّ الآلة الإعلامية ، وتبشيرها بإصلاحات في غياب مفاهيم القبيلة العتيقة ، وجذب الحنين إلى الأصالة في العلاقات الإجتماعية ، ونكهة المثُل التي تعبّر عنها مفردات النخوة ، والشهامة ، والمروءة ، وكأنها جميعها تعكس مفهوم الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، عاش الجيل المعاصر لتلك الحقبة من الزمن ، وكان بمثابة شاهد عيان على التحوّل القسري ، والإجراءات القمعية البالغة حد الطيش ، لا سيما في تعرضها لرجال الدين وقبور الموتى . كاهل القبيلة وثِقل السيئآت : لم تكتفِ السلطة القبلية ممثلةً في سلاطين ومشائخ المحميات في الجنوب العربي المحتل بدورها المنظم لأعراف وتقاليد القبيلة ، وجعل هذا الدور يتسم بصبغة ديمقراطية ، تضمن للفرد في القبيلة ممارسة الإحتجاج والجدل ، وحرية الإعتراض ، وإشهار التظلم ، وذهبت إلى أبعاد تصل حدّ الرقّ ، وكانت ملكية المواطن عُرضة للمصادرة متى رغب فيها الشيخ بعقود صورية تُشرعِن واقعة الإستيلاءعليها عُنوَةً ، وتفاوتت حدة هذه الظاهرة من منطقة لأخرى ، وبدا تفاقمها في منطقة دلتا أبين تحددياً حيث الأراضي الخصبة المتاخمة للشريط الساحلي ، والمقدرة بمئآت الهكتارات ، والمتصلة بسهول لحج الخضراء ، فكان ريع تلك الأراضي حِكراً على عائلة السلطان وحدها .وقد لعب الجهل دوراً أساسياً في توجيه دفة نزعات التملك هذه ، فكان نصيب بعض المناطق أقل من سواها ، وعلى سبيل المثال فإن حضرموت يمكن تسميتها بمملكة القعيطي ، لكنها ترفعت عن استعباد شريحة الفلاحين ، ربما لثقافة المجتمع المتعلمة غالبيته العظمى ، والمستمسكة بأصول الدين الذي يحرّم استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، وعلى غرار ذلك تبدو يافع التي تفرّدت بموروثها الثقافي الضارب أطنابه في القِدَم ، واهتمام أمرائها بالحفاظ على هذا الموروث من خلال احتواء المثقفين الشعبيين ، والشعراء منهم على وجه الخصوص ، وتضاءل في ديوانهاعنصر الجشع ، علاوةً على تحرّيها الحكمة في مجريات حياتها اليومية ، فتَوافَق في ذلك رشاد الحاكم وفِطنة المحكوم . ولعدن خصوصيتها ، فهي وإن كانت في حيازة السلطان العبدلي ، إلا أن معاهدة الحماية الموقعة مع المملكة المتحدة تركت للتاج البريطاني تولي تشكيل البنية الإجتماعية للفيف البشر القادمين من كل حدبٍ وصوب ، على اختلاف مشاربهم وأعراقهم . التأثر بنمط المتغيرات الفكرية والثقافية : بالأمس القريب كانت الحدود الجغرافية تكفي لعزل كل دولة عن باقي دول المعمورة ، فلا يدري ابن الرافدين بما يجري في أرض الكنانة ، ولا ابن صنعاء اليمن بما يدور في العاصمة عدن ، حتى شاءت الأقدار أن تُمكن الإنسان من استخدام الفضاء الكوني ، فزرعَ الأقمار الإصطناعية " وفُتحت السماءُ فكانت أبوابا " ومن خلال هذه الأبواب تدفقت المعلومات ، وبَثت القنوات الفضائية مختلف الثقافات الإنسانية ، وتيسرت وسائل الإتصال عبر الهواتف النقالة ، وتحرر ابن آدم على مستوى كوكب الأرض من ثقافة التلقين الموجهة بشروط ولي الأمر ، وكان من نتيجة هذه الثورة التكنولوجية أن فتحت الباب على مصراعيه أمام التبادل الثقافي ، وعبر الشبكة العنكبوتية من خلال مواقع التواصل الإجتماعي الكترونياً ، وطفت على السطح مسميات ، وجدت مناخاً ملائماً للتفعيل كحقوق الإنسان ، وغوث اللاجئين ، وأطباء بلا حدود ، وأصدقاء البيئة ... وهلم جرا ، وسادت مفاهيم جديدة في علوم السياسة والإجتماع ، بلورتها معاهد الدراسات ، التي هي أيضاً نتاج لهذا التحول العصري في الفكر والثقافة . ولأن الحالة الجنوبية هي التي تهمنا أكثر من غيرها ، تليها الحالة اليمنية بالضرورة فإنه يجدُر بنا الإشارة إلى مدى استفادة التركيبة القبلية من موجة التغيير الشامل ، وانعكاس ذلك على واقعها الجديد، وفي هذا الإطار تبدو الصورة في الجنوب العربي مغايرة تماماً لمثيلتها في اليمن ، ففي الوقت الذي أجبِرَ فيه سلاطين وأمراء الجنوب على النزوح خارج الوطن ، وتجميد نشاطهم منذ أواخر ستينيات القرن الماضي إلا أن شيوخ اليمن ظلوا وما يزالون يعتلون سنام الحكم ( الجمهوري في ظاهره والعشائري في باطنه ) ولم تصلهم ثورة الكون العلمية إلا في العام 2007 عندما انطلقت شرارة الحراك الجنوبي السلمية ، وفتحت أبصار الشباب في اليمن ليكتشفوا بأنهم أحق بالثورة من سواهم ، وهبّوا مسبوقين بثورات الشعوب الأخرى كتونس وليبيا ومصر ، ولكن اختطاف ثورتهم باتت تخطط له أدمغة قبلية ، وهي على وشك تجييرها لتصب في حوض آل الأحمر ، الذين تأتمر بأمرهم كبرى قبائل اليمن ممثلة في حاشد وبكيل . دور القبيلة في ضوء التحولات الجارية : لا شك وأن جميع أشكال النظم التي قُدّر لها أن تمارس دور الحاكم المطاع في الجنوب العربي حزبيةً كانت أم قبلية قد عجزت عن تقديم النموذج الأمثل في إدارة شؤون المجتمع كما يجب ، وبالتالي تسقط كل أوجه المحاسبة والمعاتبة ، وتبقى مصلحة الوطن ممسكة بأعناق الجميع ، وقد أدرك الشيوخ الجنوبيون لا سيما الجيل الشاب ضرورة النظر إلى المشهد بعدسة الحاضر ، وتلمس موقعه في جبهة البناء لأداء الدور المنوط بهم تحمله محرراً من رواسب الماضي ، ومستوعباً في ذلك قدسية الرسالة الملقاة على عاتق الجميع دون استثناء ، وبما يخدم التوجه الديمقراطي ، الذي يجعل من الكل سيداً غير مسيود ، ولأن النظام الجديد يفسح المجال أمام أبناء الجنوب كافة دون قيدٍ أو شرط ، فإن الشيوخ وسلاطين الأمس هم الأكثر أهلية من حيث التجربة ورصيد الخبرة للعب مثل هذا الدور في النظام الجديد ، وأي مسعىً لن يكون ذا فاعلية ما لم يقترن بعقلية مغايرة تماماً لمفاهيم الماضي ، وتدشين منظومة جديدة من التدابير التي تتماشى وروح العصر ، وفي كل الأحوال سيقتصر دورها على تشكيل دوائرَ عُرفيّة ، مخوّلة بحل النزاعات ، والفصل في القضايا ذات الطابع الخلافي الصرف ، أما الجنائية منها والسياسية فطبيعي أنها من اختصاص الجهات الأمنية والقضائية ، وحتماً ستكون لأحكامها الصفة الإعتبارية لدى الجهات التنفيذية . عديدةٌ هي اللقاءات التي جمعتني بأمراء من سلاطين الجنوب ، وطويلة هي النقاشات التي خضناها بشأن مستقبل الوطن وهمومه ، وقد سعُدتُ كثيراً بمرئيات أولئك الشباب التي أخذَت بعين الإعتبار متغيرات العصر ، ودواعي التضحية بكل غالٍ ونفيس لمستقبل جيلٍ يبذل دمه وروحه ليحيا حياةً كريمة ، وليتنفس حرية . تحياتي طائرالاشجان |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
أدوات الموضوع | |
طريقة عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
الساعة الآن 09:36 AM.