تذرعهم بالفساد ... وموقفنا في حق تقرير المصير / د. فاروق حمــــــــــــزه

[abu khaled]

تذرعهم بالفساد ... وموقفنا في حق تقرير المصير


د. فاروق حمــــــــــــزه


يبدو أنه لأضحوكة كبيرة بأن نترك نحن الجنوبيين قضيتنا الأساسية أي قضية الجنوب أرضاً وإنسانا، ولنتوه نحن الجنوبيين بقضايا ثانوية، أساسها بشر، أناس يسلبون وينهبون وينصوب على المال العام، لآ لشئ إلا لمجرد أنهم مدعوميين من قوة متنفذة تعمل على حمايتهم من ناحية، ومن ناحية أخرى، هذا إن لم يكونوا أنفسهم المعنيون بذلك، لأسباب عدة منها الكسب الغير مشروع وبلوغ الثراء، بل والفاحش، مع الأخد بعين الاٍعتبار تلقيم الوسطاء. والأساس هو أن يتوهونا نحن الجنوبيين بأن قضايا الساعة هي فقط تكمن بموضوع الفساد الذي يقتضي بالنهب والسلب للمال العام، وأنهم سيتصدون له بشماعة المحاربة أو من خلال وضع مشروع لذلك، وهو ما يسمونه أو يدعون به المحاربة للفساد والمفسدين. أي أن نرمي بكل شئ نحن الجنوبيين ونتجه نحو موضوع محاربة الفساد معهم، والذي يبدو لي أن النظام نفسه هو الأساس في كل ذلك، وهو المسبب الرئيسي في ذلك، فاكرين بأنهم قد أستطاعوا إنهماكنا نحن الجنوبيين والعالم أجمع في الإستغراب ببسالة النظام بهكذا مشروع وطني. وهكذا يبدو أن النظام الشمالي وهي عادته وموضته الجديدة، الذي يعمل جاهداً بها كي يوهم نفسه والعالم أجمع بأنه يواكب المتغيرات وكل جديد، ويا خطابات الله حني، ويخصص لنفسه هكذا مشروعات، والميزانيات الكبيرة وكل شئ يهون في ذلك، المهم هو أن يقال بأن النظام يحارب الفساد، والغرض كله هو أن يتوه نفسه والعالم أجمع بأن لا يكون موضوع أو حوار البشر في الداخل والخارج هو قضية الجنوب.

فبالله عليكم، وإن لا سمج الله قلنا طيب وفليكن وبانمشي معاكم، وهيا، بس أقنعونا طيب يا أخوان، لماذا برزت وفاحت في بلادكم قضايا الفساد والمفسدين، وبهذا الشكل المفزع الكبير وأزدادت، لدرجة إن البعض من هؤلاء، أي عتاولة النهب والسلب، تحولوا إلى مليارديهات، ولدرجة أنه صار على الواحد من هؤلاء، بل ويصعب على هؤلاء التحدث، أو مجرد التحديث عن أو بالعملة العادية، وكل هذا يحدُث لمجرد شعورهم بالتفاوت الكبير والكبير جداً بينهم وبين عامة الشعب. ولأنهم يشعرون حقاً بأنه، ومتى كان نظام الشمال ساري بأنظمة أو قوانين وحتى اللحظة، أو أنه يسير بقوانين إدارية معينة، قادرة من ردع هؤلاء النصابين والسالبين لحق الشعب، فالمثل الشعبي يقول المال السائب يعلم السرقة، ولأنهم هكذا، فهذا هو واقعهم، ومن الصعب أن يتجاوزوه لأنهم غير قادرين على سن القوانين أو الأنظمة التي تحد أو تمنع هكذا أساليب في أسباب الكسب الغير مشروع، وتعمل على الحفاظ على المال العام. ولهذا يبدو أنه صار كل شئ مباح وفي كل المجالات وصلت إلى حد الابتزاز في كرامة البشر.

ورغم أن هذه المعظلة هي ليست بقضية، وإنما عبارة عن مشكلة، وإذا أرادت سلطة صنعاء الوقوف أمامها لأستطاعت فعل ذلك وبكل سهولة، ودون أي عناء كبير، وأقصد بكل المجالات، فالإفراط بالمال العام، هو أصلاً وبصورة غير مباشرة يعتبر الإفراط في كل مناحي الحياة العامة، وذلك من خلال القوة المالية المفرطة والغير مشروعة والمسببة للخلل الأساسي للتركيبة العامة للمجتمع أي أنها شئنا أم أبينا تكون هي النموذج السيئ في المعادلة المغلوطة في كل مناحي الحياة.

وفي الأخير، أحبد أنا هنا طرح سؤال واحد فقط، لماذا وحتى ممن هم أصلاُ جنوبيين أكانوا ممن كان في السلطة في الجنوب سابقاً أو من الجدد وطبعاً بالتأكيد هم قليلون، لم يكونوا، هكذا تجار كبار؟! ولماذا أثناء دولة الجنوب لم يجرؤ أحدأ منهم أن يكون بهكذا ثراء غير مشروع؟!، حتى وإن غالطنا أنفسنا وقلنا أستغلوا وضع معين وأنهمكوا بأعمال التجارة، هل سيكونوا بهكذا ثراء من كسبهم في العمل التجاري، أم أن المناخ الفاسد هو السبب في ذلك، فيبدو ليّ أنا شخصياً، إن المسألة كلها مفبركة، لأنه وحتى من يفتكر ويريد على أن يعمل على مكافحة الفساد، كذاب ولا يستطع فعل ذلك إطلاقاً، علماً بأن الفاسدين هم أصلاً من المتنفذين أي من رجالات السلطة وعذرهم أنهم صاروا أثرياء نتيجة جهودهم الخاصة، وعادوا لم يقتنعوا بهكذا، وإنما يقولون بأن المسألة ديمقراطية والمجالات مفتوحة على ذراعيها، وكأن الحديث الذي يتكلمون به وعلى مدار الساعة هو الديمقراطية، وكأن الديمقراطية هي الكلمة الرديفة للكسب الغير مشروع، بل ومتناسيين بأن أبجدية النظام الديمقراطي يحرم إطلاقاً وعلى الرسميين الجمع بين وظيفتين، ويفرض النظام والقانون على الجميع سواسيا.

فالواقع يا أخواننا يبدو إن غياب هيبة الدولة هو أصلاً السبب الرئيسي في ذلك، وهذا شئ طبيعي ومعروف، وهو ما ينظر به لما يجري من سلب ونهب للمال العام ويقصدون به فقط في نظام الشمال السابق الحاضر، أي في أطار دولتهم السابقة الحالية وهذا شئ واضح ومعروف ومش غريب وإلا نظام الشمال ومتى كان مستقر أو نظام دولة وقانون، لأن دولة النظام والقانون هي وعلى الدوام ماتعكس إلا التحول إلى نظام الشرعية الدستورية ولا غيره أما التزمت بالشرعية التقليدية، والاٍدعاء بالنظام والقوانين فهذا هو جوهر الموضوع والمشروع الفاشل، والمخالف أيضاً لشرعنة القوانين، والذي أنا شخصياً وعلى الدوام أستطيع قوله، بأن هكذا خلط أوراق، لا يقصد به إلا المحاولة المستميتة الفاشلة بالإلتفاف على قضية الجنوب والتي كل يوم جديد وهي تتجدر أكثر فأكثر، وتنمو أكثر فأكثر، وتتصدر أي تكون في الصدارة، وإنشاء الله عماً قريب ستتضح الأمور أكثر فأكثر، وسيعرف القاسي والداني من هي دولة الجنوب ومن هم أبناء الجنوب وكيف تمت عملية مغالطة الداخل والخارج في هكذا قضية واضحة وضوح الشمس، كما ستتضح أكثر وأكثر بالرغم من إدراك الناس لكل ما يجري، وبأنه لا توجد وحدة إطلاقاً وإنما الموجود هو سلب ونهب مقدرات الجنوب وبالمليان، وإلا ما الذي يمنعهم وفي أقل التقديرات فقط طرح مجرد سؤال واحد، أو بصورة أخرى لا أحد فيهم قال من هو المسئول عن ماجرى ويجري من جرائم تجاه دولة الجنوب وأهلها؟! فألم تكن هذه هي جرائم واضحة أرتكبت ولازالت ترتكب وحتى اللحظة؟! أم أنهم فعلا قد وصلوا إلى قناعة بأن معاناهم، إي إن معاناة إخوتنا أبناء الشمال ،هي ليست من نظام الوحده حتى تكون مفاهيم معاناتنا كلنا هي واحده، و إنما معاناتهم هي من نظام الشمال الذي أعيد أنتاجه عبر حرب 1994م . ولذلك فإن معاناة أبناء الجنوب لها طابع سياسي يتعلق بالوحده بين الشمال والجنوب والتي عطلتها الحرب،أي حرب صيف 1994م ، بينما معاناة أبناء الشمال لها طابع حقوقي يتعلق بالعدل. وهو أيضا وما يتجسد بهكذا فهم بأن مفهوم الوحده الوطنيه له طابع حقوقي يتعلق بالعدل، بينما مفهوم الوحده اليمنيه له طابع سياسي يتعلق بالهوية،بل وفي المفهوم الجغرافي والسياسي للوحده ،أي شمال و جنوب هو ملازم للوحده و هو دليل وجودها ، لأنه بدون ذلك يسقط مفهوم الوحده أصلاً، و تتحول العلاقه بين الشمال و الجنوب من علاقة وحده إلى علاقة إحتلال، و ما يترتب على ذلك من شرعيه لحق تقرير المصيربالنسبه للجنوب.


صنعاء في ديسمبر 13 ، 2006
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]