القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
|||
|
|||
جيل الوحدة يجني ثمارها إحباطأ ...
منذ استقلال الجنوب من هيمنة الإستعمار البريطاني في العام 1967م وشغف الوحدة يملأ قلوب أبنائه ، حتى بات الأمل في تحقيقها هاجسهم الذي يطيب لهم التغني به في أناشيدهم الوطنية ، وكأنهم على موعدٍ مع حدثٍ لم يكن الإستقلال إلا مبشراً بميلاده من رحم المستحيل ، أما النظام الحاكم في صنعاء فلم يكن هواه ليتناغم مع هذه السيمفونية المعزوفة من طرفٍ واحد ، وراح يهزأ بها ، ويسعى للنيل منها عبر تمويل مرتزقته بالمال والسلاح للقيام بأعمال تخريب في القرى الحدودية المتاخمة لخطوط التماس ، فيما واكب الإعلام هذا التولي بمزيد من رد الفعل ، وكانت الديمقراطية تمثل مادة للسخرية لدى هؤلاء ، أو كما يحلو لهم تحريفها " الديمخراطية " - انظر كيف يضعونها اليوم في جيوبهم كورقة نقدية تفرضها مصلحة التداول - وكانت أنشودة " نشوان " تجسيداً لهذا الطفح الثقافي الإعلامي ، ودليلاً على الهوة السحيقة التي تفصل بين نظامين يسيران في تضاد ، ولا تجمعهم نقاط إلتقاء ، ويزيد في تفاقم هذا التنافر مَعرفة القادة بكون يمننة الجنوب جاء عُنوةً ، وأقحِمَ إقحاما . وعلى الصعيد الشعبي فإن هذا المشروع لم يكن مرحّباً به من جانب قبائل حاشد وبكيل اللتان تشكلان عماد النظام في اليمن والموجتهان لدفة الحكم على كافة الأطُر.
إذاً فالوحدة صناعة جنوبية تفهمها الجمهورية اليمنية على أنها مشروع إلتفاف على كيانها ، مستحضرةً صور الماضي والتوغلات المتلاحقة في شأن هذا القطر على مدى تاريخه الحافل بالإنكسارات تحت سنابك خيول الأعداء ، وقد أثْرَتْ هذه التجارب العقلية اليمنية وجعلتها تعيش حالة من التحفُّز في وجه أية أخطارٍ مُحتَملة ، لا بل أنها ذهبت بها إلى التوظيف الأمثل الذي كان من نتيجته احتلال الجنوب في العام 94م مستفيدة من الغطاء الشرعي المعطوف على اتفاقية الوحدة ، والتي سبقت الحرب بسنواتٍ أربع ، ما كان لها أن تنتهي إلا بتفجير الموقف ، فنمط الحكم في صنعاء كما تبين للجنوبيين لا يمثل دولة بقدر ما يمثل أسرة تتبعها أسَر ، وشيخٌ تدين له مشائخ ، وهي تركيبة يرفضها الجنوبيون ، ولكنها أمر واقع ، ومسلم به ، مثلما أن رئيس الدولة لا يمكن استبداله حتى تأتيه المنية ، وحتى لو أتته ، فوليّ عهده مقَدّرٌ له أن يخلفهُ ، والكل يعرفُ ذلك . وإذاً فنظامٌ غريبٌ مثل هذا يزاول النمط الملكي ويلتحف ُالزي الجمهوري ، وهو الواقع الذي لا يملك أحدٌ تغييره . من قبيل الصدف أن يحقق الجانب اليمني نصرهُ ويحتل الجنوب تحت وابلٍ من نيران أبنائه ، والذين عادوا بعد نزوحهم في 13 يناير 1986م يحملون ثأرات داحس والغبراء ، وهو النصر الذي لم يكن يحلم به نظام صنعاء عبر حروبه المستمرة مع الجنوبيين ، صدفة أهدته خلافات الفُرَقاء وانقساماتهم فيما عُرفَ " بالطغمة والزمرة " وأجاد استغلاله بشكلٍ إحترافي ، بدأ بالتخطيط لتمركُز الألوية العسكرية الجنوبية في الشمال ، بحيث يسهل تطويقها وإبادتها ، وتقوم ألويته في الجنوب بعملها دون مقاومة . إن طرفاً يسعى للتوحد مع طرفٍ آخر فيعمد إلى وضع الخطط الجهنمية للإستيلاء على ممتلكات ذاك الطرف ، وإنهائه من الوجود لا يمكنه الإدعاء بالشرف لأن فِعالهُ ليست شريفة ، ولا يمكن القول بحماية الوحدة لأنه وجّه إليها حِراباً قاتلة ، وتصدعت بما فيه الكفايه ، ولم تعد تسمع سوى الحديث عن غالبٍ ومغلوب ، وسالبٍ ومسلوب ، وهنا لا بد من الوقوف على محطات ، نعتبرها أقنعة وضعها نظام صنعاء على وجهه خلال مسيرة الوحدة ليواري خلفها بشاعة الصورة وفيما يلي بعضاً منها :- أولاً : كرّس النظام فكرة يمننة الجنوب ، وسعى إلى طمس كافة ملامح الخصوصية الجنوبية ، ومضى في تغيير أسماء الشوارع والمدن ، ومنها العاصمة عدن لتصبح مدينة 22 مايو ، وفَرَض على الجنوبيين ما اصطلح على تسميته " خليك بالبيت " في خطوة عملية لاجتثاث كل ما يغذي الإنتماء إلى تربة الوطن الغالي ، المشوّه بيد المحتل وبملئ إرادته . ثانياً : ضخ ملايين الدولارات لشراء ذمم الكثير من الجنوبيين في تطبيقٍ حيّ لنظرية " الإنسان عبد الإحسان " والتي يجيد التعاطي معها بامتياز ، ومَنَح المساكن والسيارات كهِبات عينية ، والمناصب المختلفة في السلطة ، وأوكلَ إلى أصحابها مهمة النفخ في أبواق الدعاية للوحدة ، فراحوا يتفننون في تلفيق كل ما من شأنه رضاء سيدهم ، وعلى ألسنتهم سمعنا البطولات التي خاضها نظام صنعاء في حرب تحرير الجنوب من الإستعمار البريطاني ، والجهود الحثيثة التي كان يبذلها هذا النظام لإعادة توحيد اليمن المشطّر بفعل السياسة الإستعمارية ، وكأن الجنوب كان ملتحماً باليمن ففتقه المستعمر وهم اليوم يعيدون صورة الماضي التي ليس لها وجود إلا في مخيلة الوحدويين ، ووصلوا إلى حد القول بأن إخوتهم الإتفصاليين يريدون عودة بريطانيا إلى المنطقة وفي ذلك سببٌ كافٍ لمحاربتهم . ثالثاً : وصل التشنيع بأبناء الجنوب إلى حد وصفهم بوباء انفلونزا الخنازير ، وأنهم بقايا هنود وصومال ، وهذا على لسان رأس الدولة ، وهو إنما يمثلُ قراءة سمعية لنفسية النظام ، وما يكنّه للجنوبيين لأنهم يقفون حائلاً دون بلوغه أهداف السطو التام على مقدرات وثروات بلادهم ، وصدحَت المآذن بخُطَب الفقهاء من علماء السلطة ، وانسلّت منهم الفتاوى المحرّضة على اعتبار فك الإرتباط وما يحلو لهم وصفه " إنفصالاً " هو عين الكفر ، وأطلقوا مصطلح " الردّة " على الجنوبيين ، وأن المرتد عقوبته القتل ، هكذا وبكل جُرأة يتم توظيف الدين لخدمة أطماع المحتل ، ويُطوّع وفق مصلحة النظام الحاكم . رابعاً : في مساعيه المجنونة لإحكام سيطرته على الجنوب زجّ المحتل بقواته العسكرية داخل مدن وقرى الجنوب ، ووجه فوهات البنادق إلى صدور أبنائنا العزل ، الذين لا يملكون سوى أصواتهم التي تناشد أحرار العالم لنجدتهم ، حاول إسكات هذا الصوت الآثم في نظره بأسلوب لم تقدم عليه فرَق الكومندوز البريطانية فقتل العشرات منهم ، وجرح المئات ، واعتقل الآلاف ، لكنه لم يستطع حجب بشاعته التي نطقت بها الصور على شاشات التلفزة وفي ثنايا المواقع الألكترونية ، وبالرغم من محاولاته الفاشلة لملاحقة عناصر الفكر الجنوبي الحُر خارج حدود مملكته ، إلا أنه لم يفلح في إفساد مفعولها المؤثر جداً على سير الحراك السلمي ، والداعم سياسياً لمشروع الإستقلال ومطلب الحرية التي يطمح إليه ليس أبناء الجنوب فحسب ، وإنما جموع المحرومين من أبناء الجمهورية اليمنية ، الذين لم يروا من جمهوريتهم سوى الإسم والإسم فقط . ولقد بدا واضحاً استماتة هذا النظام المتهالك في تضليل الرأي العام بتصويره لثورة الجنوبيين على أنها طيش يقوم به بعض " الزعران " لكنه أخفق في إقناع الرأي العام بهذا الإدعاء الفاضح ، لأن الإنتفاضة غدت في رقعة الوطن بأكمله كالشمس لا تحجبها السحب . ولأن أقنعة الزيف مليئة بها جعبة المحتل ، فإني أترك المجال لمن يرغب في الحديث عن بعض من هذه الأقنعة والألاعيب التي يطالعنا بها زبانية النظام الحاكم بين الفينة والأخرى ، ويقيني أن غيري عنده الكثير مما يقوله في هذا الشأن . |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 10:59 PM.