12-16-2016, 01:38 PM
|
|
مــشــرف
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2016
الدولة: لبنان
المشاركات: 2,523
|
|
الإسلام يدعو إلى عمارة الأرض
الإسلام يدعو إلى عمارة الأرض
عن ابي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قامت الساعة وفي يد احدكم فسيلة , فإن استطاع ان لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها رواه احمد ومسلم .
أخي المسلم
هذه الوصية النبوية الشريفة تدل على مدى حرص الاسلام على العمل وعمارة الارض فالاسلام اعلن الحرب على التواكل ودعا الى العمل واتقانه ودعا الاسلام الى الجهاد والضرب في الارض بحثا عن القوت والرزق ولعل ما كان يدور في ذهن السامعين لهذا الحديث ان يقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قامت الساعة فليسرع كل منكم ليستغفر ربه عما قدمت يداه وليتوجه لله بدعوه خالصة ان يميته على الايمان ولعلهم توقعوا ان يقول لهم اسرعوا فانفضوا ايدكم من تراب الارض وانقطعوا عن كل ما يربطكم بها , ولو قال لهم ذلك فهل من عجب فيه ؟
اليس الطبيعي وقد تيقن الناس من القيامة ان ينصرفوا لهذه اللحظة الرهيبة اليس من الطبيعي والهول على الابواب ان ينسلخ الناس من كل شئ يربطهم بالارض ويتطلعوا في رهبة الخائف وذهول المرتجف الى قيام اليوم الموعود فإذا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقفوا مذهولين ولكن توجهوا الى الله ان ينقذكم من هذا الكرب العظيم اذا قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فقد وضع البلسم الشافي ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل شيئا من ذلك كله الذي توقعه السامعون بل قال لهم (ان كان بيد احدكم فسيلة فإن استطاع ان يغرسها قبل ان تقوم الساعة فليغرسها فله بذلك اجر . يا الله يغرسها ! وما هي ؟ فسيلة النخل التي لا تثمر الا بعد سنين ؟ والقيامة في طريقها ان تقوم؟ يا الله لن يقول هذا الا نبي الاسلام خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم .
وهذا تاريخ الارض كلها ليس فيه مثل هذه القبسه من قبسات الرسول صلى الله عليه وسلم وهي كلمة بسيطة لا غموض فيها وتضم بين دفتيها منهج الحياة .
فالاسلام اعلن الحرب على التواكل ونفر منه وحث على طلب الحلال ورغب فيه , فالاسلام يرى تعمير الارض عبادة , وشغل المسلم فيه ثواب واستدرار الارزاق منها جهاد والدليل على ذالك ايات قرآنية كثيرة منها قول الله تبارك وتعالى: (هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور) سورة الملك آية 15 قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية .
اي فسافروا حيث شئتم من اقطارها وترددوا في اقاليمها وارجائها في انواع المكاسب والتجارة واعلموا ان سعيكم لا يجدي عليكم شيئا الا أن ييسره الله لكم ولهذا قال تعالى: (وكلوا من رزقه) فالسعي في السبب لاينافي التوكل ومن اهم اسباب إعمار الارض ان يسعى المسلم للعمل مبكرا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم بارك لأمتي في بكورها) اخي المسلم الكريم ـ لقد مر ـ على الناس وقت كانوا يعتقدون ان العمل للأخرة يقتضي الانقطاع عن الدنيا واعتزال العالم وكان في نظرهم ان المتدين لايعرف شيئا عن الدنيا , وانه ينتقل من بيته الى المسجد ومن المسجد الى البيت ويعيش عالة على غيره وقد ادى هذا الامر الى تأخر المسلمين وهزيمتهم في كل الميادين , فهل أمرهم دينهم بهذا؟ وهل هذا المسلك يرضى الله تعالى حقا؟ ان الرهبانية ليست عدوانا على الدين فقط ولكنها ختام سئ للحياة لذا يجب على كل مسلم ان يعلم ان هذه الدنيا مخلوقة لنا , قال تعالى (الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء) فلماذا نرفض هدية الله ولا نقبلها منه شاكرين لماذا لا نصلح الدنيا بالدين؟ الم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم (اليد العليا خير من اليد السفلى) الم يقل ان كانت بيد احدكم فسيلة فاستطاع ان يغرسها قبل ان تقوم الساعة فليغرسها فله بذلك اجر) ان في ذلك درسا يقتدي فيه المسلمون بنبيهم ويهدون به البشرية الضالة الى سواء السبيل , يجب على كل مسلم ومسلمة ان يعلموا ان الدين ليس عزلة عن الحياة انما هو من صميم الحياة ويجب علينا ان نعلم ان رضا الله عزوجل في العمل لخدمة الدين والبعد عن العزلة .
على المسلم ان يأكل باسم الله ويتزوج باسم الله ويتعلم ويتفوق في تعليمه لكي ينفع الناس بعلمه ويجب على المسلم ألا تشغله الدنيا عن الاخرة ولا الاخرة عن الدنيا لانهما طريق واحد لا يختلفان , وحين يتعلم المسلمون انهم لايمكن ان يخدموا الاخرة الابإصلاح الدنيا ولا يصلوا للاخرة الا عن طريق الارض وان عليهم ان يظلوا الى اخر لحظة من حياتهم يعمرون الارض ويغرسون فسائلها والا فلن يصلوا الى رضوان الله حين ذلك يكونون مسلمين حقا .
وحين ذلك يكونون قدوة للامم كلها على سطح الارض ان العمل في الارض لاينبغي ان ينقطع لحظة واحدة بسبب اليأس من النتيجة حتى لو ان القيامة بعد لحظة حين لاتكون هناك ثمرة من العمل وحتى عند اليأس من الحياة فمن كانت في يده فسيلة فليغرسها .
انها دفعة عجيبة للعمل والاستمرار فيه والاصرار عليه , وبمثل هذه الروح الجبارة تعمر الارض حقا وتشيد فيها الحضارات , والاسلام حين يدعو لتعمير الارض والعمل في سبيلها لاينحرف بالافكار والمشاعر عن طريق الله وطريق الاخرة لانه لايفصل بين الدنيا والاخرة .
اخي المسلم ان العمل وإعمار الارض من اهداف الاسلام التي دعا اليها ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة لكل المسلمين في هذا ولقد اخبرنا صلى الله عليه وسلم ان افضل طعام يأكله ابن ادم هو ما كان من عمل يده وكان الانبياء جميعا يعملون ويعمرون الارض حتى تستمر حركة الحياة الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا ليتنا نجد ونجتهد في العمل ويكون هذا العمل فيه النية مقدمة على كل شئ ونجعل النية خالصة لله تعالى نسأل الله ان يوفقنا ويهدينا الى سواء السبيل اللهم امين .
ابراهيم السيد العربي
|
__________________
ربما ذات ربيع
بين شدو الطيور
ونثر الزهور
قد يُخلق لنا لقاء
|