القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
||||
|
||||
الخيال .. أداة التجول العقلي
الخيال .. أداة التجول العقلي
إن الخيال أقوى من المعرفة، والأسطورة أقوى من التاريخ، والأحلام أقوى من الحقائق. " روبير لا أؤمن بحذافير ما قاله روبير، لكني مؤمنة أن الخيال وجه من وجوه الأحلام، وأنه شكل من أشكال التعبير عن الذات، وأن الأطفال أكثر أحلاماً، وأن أحلامهم كبيرة لدرجة يتضاءل أمامها الجسد، وما أجمل فلسفة أبي الطيب المتنبي في علاقة الأحلام بالأجساد : وإذا كانت النفوس كباراً .. تعبت في مرادها الأجسام وكلّما كان الفارق بين الروح / الحلم / الهمّة والجسد الذي يكتنزها كبيراً عظمت الهوّة، واتّسع حجم الشقاء بصيرورة ما يؤمل لمستحيل، ليبقى الدوران في فلك الاستغراق الواقعي أبرز ملامح الأزمة ! لكن الطفل ببساطته لا يفهم كل هذه الفلسفة، بل ولا تعنيه فهو متشعب الخيال حدّ الجنون! ويظهر هذا جلياً في أسئلته التي لا تعرف قراراً، ولا يمنع نفودها سلطان، فأدوات التفكير خاصته لا تخضع لنواميس الكبار، ومِثْلُ هذا الانعتاق عن عُقَدِ عالمنا ينفع الصغار، خاصة إذا شحذه الفضول الطبيعي، فهو بلا شك مثرٍ للثقة بالنفس، ويعتبر معبراً آمناً لفهم أعمق لمهارات الإدارة الجيدة لمستقبل أيامهم إذا أُحيط كل هذا بإطار عام من القيم والمبادئ التي ينتمي إليها المجتمع. وهو متمسك لتحسين تفاعلهم الاجتماعي، وزيادة مسؤوليتهم الاجتماعية، وباب للتفكير المنطقي فيما بعد، ومشجّعٌ على البحث، وامتلاك أدواته. ومن جانبٍ آخر فإن الاستجابة الجماعية للتحدي الفكري في التعامل مع الأفكار المشتركة والأساسية لحياتنا شيء مثير لجميع الأطفال، خاصة لأولئك الذين يعانون صعوبات في التعلم والتركيز، ومن المهم إذا رأيت الطفل قد استغرق في أحلامه ألا تقطع عليه متعة هذا الشرود الخيالي، فإن التعويم الحرّ للعواطف يصنع الأفكار، فالأفكار لا تأتِ من فراغ ، كلها أجزاء من روحٍ نشطة الخيال، والهدف هو إعطاء صوت لجانبي الشخصية في الإنسان، وإنشاء خط اتصال حيّ بين الوعي واللاوعي. جميل أن نحكي للطفل قصة عند نومه، لكن الأجمل أن يحكي هو لنا أيضاً عن قصصه الخيالية، ونسمع منه، ونناقشه في شخوص قصته وأحداثها، ومدى قناعته بأدوارها، وليست هذه الطريقة الوحيدة لشحذ فكره وإنضاجه، بل حتى الترويح واللعب ينبغي ألا يخلو من هاته الوقفات المهمّة، مع الحذر من السخرية بقدراتهم أو الاستهانة بفهمهم، وقد روى ابن سعد في طبقاته عن الصدّيقة بنت الصدّيق رضي الله عنهما قالت : ( دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً وأنا ألعب بالبنات - عرائس - فقال : ما هذا يا عائشة ؟ فقلت : خيل سليمان ، فضحك )، فعائشة رضي الله عنها، والتي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة كانت يوم دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم صبية صغيرة ولها لُعَب، ساقها خيالها، الذي شكّله بيت النبوّة أن تجعل لتلك الدمى أجنحة، ثم النبي صلى الله عليه وسلم يسألها عن هاته الأجنحة، فتستدل في سرعة بديهة بقصة خيل سليمان عليه السلام، فيضحك النبي صلى الله عليه وسلم لصنيعها. من المحفزات للتفكير أن يُفسح في ركن من البيت لكوخ صغيره أو نحوه وتوضع به ملابس لشخصيات قديمة وملحقاتها، وليكن الطباشير الملون ، والألوان المائية ، والطين ، والبناء والورق والغراء في مكان يسهل الوصول إليه، مع توفير الأغطية والصفائح لصنع الألعاب الإبداعية، وليُشجع الطفل على البناء كبناء مبنى، ومدينة، وتعبيد طريق، كما أن من وسائل دعم التفكير عرض صورٍ من الكاريكاتير الصامت في قالب سهل ليفكّ رموزه، ولننأى بالصغار عن التلفاز والحاسوب وغيرها من الأجهزة قدر الإمكان، لأن الدراسات تشير أن من نواتجها التبلّد وفقدان الإحساس، وضعف التركيز. كانت المعلمة إنعام تطلب منا - وتعدادنا ما بين الـ40 إلى 50 فتاة - في حبّ وحبور أن نجلس على مقاعدنا بهدوء واسترخاء، ونغمض أعيننا، ونتخيّل، ونستغرق في الخيال: هيا من لبيبة ؟ من سترحل معي إلى السحاب .. أتعرفون كيف يتكوّن السحاب ؟ وربما مرّت بالمنتبهة منّا لتضع في فمها حلوى، وهكذا كانت تشرح كل دروس العلوم، قد لا يتصوّر أحدكم كيف كنا نتسابق إلى المعمل قبل بدء درسها،كانت تملك قدرات عالية في جذب اهتمامنا، وفي توجيه هذا العدد من الصغيرات دون إشكالات مع السيطرة على الموقف. إذن الخيال ليس للتسلية فقط، بل هو أسلوب تثقيف، وهو إحدى الأساسيات لنجاح الإعلانات التي تستهدف السوق، ولا تعجب إن قلت أن الخيال أحد طرق العلاج النفسي، ومن الجدير بالملاحظة هنا أن بعض المنفصلين عن آلام أسرهم ومجتمعاتهم يفضّل الارتحال للخيال للإقامة الجبرية هناك ظاناً أن بيده كل الاحتمالات، ومتناسياً في الوقت نفسه أن هذا هروبٌ حقيقي من تداعيات الواقع، والذي هو أغرب من الخيال أحياناً، كما أنه هروب من قول الحقيقة. إن من المهم أن تكون الصور، والمشاعر، والأفكار حيّة، عن طريق التركيز على الرسائل في أحداث اليوم، وحتى في لحظات الاسترخاء العميق يمكن إبقاء الذهنية واضحة، مع السماح بتوارد الأفكار والأحاسيس الجزئية في دعة، وكل هذا لا يتأتى إلا بإنفاقٍ سخيّ من الوقت الذي نقضي جله في اهتمامات غير مجدية. وكم هو جميل أن تخلق شيئاً إيجابياً في الوقت المناسب لحياة الطفل خاصة، وأن تتذكّر أن الأطفال كالاسمنت المبلل أيّ شيء يسقط عليهم يترك أثراً ..!
__________________
ربما ذات ربيع بين شدو الطيور ونثر الزهور قد يُخلق لنا لقاء |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
أدوات الموضوع | |
طريقة عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
الساعة الآن 12:12 PM.