القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
|||
|
|||
قرى حزينة بين إنصاف الماضي وجفاء الحاضر
كتبها صبر [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]
الخميس, 21 سبتمبر 2006 12:56 «الأيام» تستطلع معاناة مناطق حدابة كرش .. قرى حزينة بين إنصاف الماضي وجفاء الحاضر «الأيام» أنيس منصور:21/09/2006م أحد الأطفال يقطع وادي حدابة بحثاً عن الماء على جنوب مدينة كرش تقع قرى حدابة .. تخبرك تقاسيم العبوس عن تفاصيل أحداث ومآس مؤلمة عايشتها قرى حبيل الاحناش والقاصية والسفيلي والاعشار والجريبة وحرذ، فمن هذه القرى المفعمة بالحزن مر المناضلون الافذاذ متنقلين بين شطري اليمن سابقاً.. لقد كانت حدابة وسهولها ووديانها عظيمة الشأن، كبيرة القدر، لأنها وسط جمهوريتين، كذلك كانت بؤرة اشتد على سفوح جبالها الصراع وسقط منها شهد الثورة ويناير والوحدة بالحق كانت أراضيها ساحة للدموع بين لقاء الأحبة وعناق الاقران .. إنها حزم من بيوت متفاوتة على تلال جبلية متقاربة المسافة، تعاني مآسي وأنات متشابكة من الصعوبة وصفها في جرة قلم عابرة.. مظاهر من القلق والشكوى، ناهيك عن ظلام دامس، ورحلات ومغامرات أشبه بمسلسلات الكرتون الهم الاساسي فيها هو البحث عن قطرة ماء نقية صعبة المنال في طرق وعرة، إضافة إلى الإهمال المتعمد .. مساحات تقاس بالوزن من ضيم وظلم .. لقطات مثيرة تثير الأحزان لأناس ينشدون اللقمة ويبحثون عن أمان الخدمات حتى لو كلفهم ذلك البحث الحبو على الركب .. «الأيام» استطلعت حال ومآل قرى حدابة ذات التعداد السكاني الذي يصل الى نحو 3500 نسمة وإليكم الحصيلة: البداية كانت عند مشاهدة أعمدة الكهرباء وأسلاكها الممزقة التي تنعى ذاتها وماضيها العزيز، أصبحت اعمدة الكهرباء أشباحاً يخاف منها الناظر في عز الظهيرة.. بلهجة بسيطة وصوت مبحوح تحدث إلينا الوالد علي جازم سعيد القاضي قائلاً: «قصة كهرباء حدابة طويلة ومحزنة، فلقد نعمنا بالنور سنين ثم انطفأ، ففي العهد السابق ومنذ عام 88م الى 94م ونحن في أحسن حال، وفي حرب صيف 94م دمرت مكينة التشغيل وتحولت الأسلاك الى فيد وغنائم، ومنذ ذلك التاريخ لم تقم لكهرباء حدابة قائمة.. هناك وعود ومسكنات اعتدنا عليها عند المواسم الانتخابية (نزل مهندسون، نزلت لجنة، نزلت مناقصة) لكن الاعتماد يتم ترحيله من عام إلى عام.. مجرد كلام وهمي اعتدنا عليه وخطاب عار من الصحة». كانت كلمات علي جازم خانقة وهو يشير بيده الى المحولات والأعمدة العارية من الأسلاك ثم اضاف قائلاً: «يتعاملون مع أهالي حدابة كأنهم كائنات ملحقة ووجود ثانوي، وكم تساءل الناس الى متى سنكون آذاناً مستمعة وشفاهاً صامتة». عبدالله علي محسن اعترض سيري في وادي حدابة مخاطباً: «يا صاحب «الأيام» لماذا لم تكتب عن موضوع الكهرباء والوعود والمناقصات وترحيل اعتمادها، وهي الممارسات الحكومية التي تلقى قدراً كبيراً من السخرية واللا مبالاة». وقال: «لقد أصبح الناس يرددون (إذا دخل الجمل في سم الخيط وعاد اللبن إلى الثدي فإن كهرباء حدابة سيتم تشغيلها في اقرب وقت) وعبارات كثيرة تمثل اليأس والقنوط تولدت لدى المواطن في حدابة بعد اثني عشر عاما من التعثر والضياع». بعد حسرة علقت في محيا الاخوين عبده ناجي أحمد ونصر أحمد محمد سريع وبمعنى واحد قالا: «مازلنا نستضيء بالفوانيس وبعض المنازل لم تصلها الفوانيس، وتوارث الابناء عن الاباء الاستضاءة بالقماقم أو ما يسمى (المسرجة) وهي عبارة عن علبة من علب الصلصة والفول تملأ بالجاز بعد احكام الغطاء ثم يقومون بإحداث ثقب لإنزال فتيل الإشعال». هكذا تم اختصار الحياة في حدابة وفي ضوء هذا الفتيل يسامرون البؤس والحرمان ويتحدثون عن احلامهم الوردية في الحصول على لمبة كهرباء، ولقد شاهدنا عجائز متحلقين حول فتيل القمقم .. منظر ليلي أبت الكامير التقاط صورة فوتغرافية له لعدم وجود الضوء الكافي. محنة الجفاف رحلات الذهاب والإياب لنساء وفتيات خلف أسراب الحمير.. حالات طوارئ .. آبار نازفة ومشروع مياه ألحق بمشروع الكهرباء .. أجيال تتعاقب وهمّ جفاف الماء محنة لم تجد المعالجات .. تورمت أقدام النساء وتجعدت وجوههن، فالحصول على قطرة من الماء همّ يؤرق كل منزل. بجانب إحدى الآبار وجدنا شباناً من خريجي الجامعات في طابور ليلي، كل منهم يمثل أسرته لأخذ نسبة محددة من اللترات يتم توزيعها كأنهم أمام مؤسسة تعاونية حكومية .. يخافون الموت عطشاً ويخشون أن تحل بهم الكارثة لأنهم يعلمون علم اليقين أن حكومتهم لن تستجيب مع سبق الاصرار والترصد.. أطفال في عمر الزهور يفدون صباحاً من قرى الحدب وحرذ والسفيلي الى بئر جوبح، بئر واحدة تحتلق حولها عشرات النساء ومن قرى عديدة، ونساء أخريات في انتظار الدور، فيما بعض الاسر الميسورة الحال تقوم بشراء صهاريج المياه بمبالغ باهظة .. مناظر تئن لها الإنسانية ويندى لها الجبين في وطن بلاء ماء. علي مقبل باقش، ابتسم ابتسامة تخفي خلفها جبالاً من الغصص والعذابات وتحدث عن قضية مشروع المياه الذي افتتحه رئيس الجمهورية: «تعاقبت عليه إدارات وتم تحصيل سندات مالية باسم المشروع لكن لم نستفد منه أبداً، وأخص بالذكر قريتي الحدب والجريبة.. وقضية سرقة انابيب المشروع منظورة أمام النيابة.. المشروع متعثر ويريد من ينقذه».. بهذه الكلمت ختم علي باقش حديثه.. فالجميع في مرتفعات حدابة لا يحفظون من أغاني أيوب طارش سوى أغنية (مكانني ظمآن) و ارتسمت ملامح الأهوال بشكل واضح على شفاه الساكنين لشدة حاجتهم الى الماء .. أناس قذفت بهم سياسة الإفقار والتجريع الى سراديب الفاقة والفقر، وكانت كلماتهم تخرج كالصواعق لعلها تجد آذاناً صاغية وضمائر حية. التعليم من يعلّمه! الجانب التعليمي فساد وثائق وملفات وشكاوى ملابساتها كثيرة وجلادوها أكثر، فامتحانات النقل الداخلية خير وأفضل من الامتحانات الوزارية، ومدرسة حدابة تحولت إلى مدرسة النجاح بالدفع مقدماً .. طلاب وطالبات لا يحضرون إلا أيام الامتحانات بتواطؤ إداري، ومعلمون يداومون على حضورهم يومياً وبينما آخرون توقيعاتهم في كراسة التحضير بواسطة (الريموت)، ناهيك عن مغادرة المدارس قبل انتهاء الدوام في سباق أشبه بسباق السيارات اليونانية، يركضون للحاق بالسيارات الذاهبة الى سوق القات .. بعض من هذه المهازل والتصرفات تتم تحت غطاء ومسمى مبادلة الحصص أو انتهاء المنهج، وهي أعذار ومبررات واهية. تلك هي نقاط وملاحظات عريضة استقيناها من حديث عشرات الآباء والطلاب والمعلمين النموذجيين، ويصف لنا الاستاذ ياسين محسن صالح أن خريجي الثانوية يجدون صعوبة في النجاح في امتحانات قبول الجامعات والمعاهد، ويرجع السبب كما أشار المسئول النقابي صالح أحمد سالم إلى رداءة التحصيل العلمي والغش المتعمد لتجهيل الأجيال. مجلس الآباء ذكر أن نتائج العام الماضي لم تعلن حتى الآن. وبدون سابق إنذار مع بداية العام الدراسي دخلنا مع بعض من المعلمين الى مدرسة عمار بن ياسر، وهي من اقدم المدارس، وتجولنا في فصولها فوجدناها تتحدث بلغة الماضي.. خطوط الذكريات تمتلئ بها الجدران، شخابيط وجمل كُتبت حفراً بالمسامير، ودعايات انتخابية.. معلقات وقصص وأشعار غرامية لطلاب قدامى.. هزتني أشجان الذكريات الى زمن الصبا حين كنت تلميذا في الابتدائية مع أقراني، لا أدري كيف رجعت الى الذكريات الغافية ربما لأن الماضي افضل بألف مرة من الحاضر حينما كان للتعليم لذة وقيمة يعتز بها الطالب. والتقينا مدير المدرسة أمين سيف قلعان الذي قال: «ان وضع المدرسة مترد، فجدران وأسطح الفصول مشققة وتكاد أن تنهار على روؤس الطلاب، وعندما تسقط الامطار يمتنع الطلاب عن الحضور لأن فصول الدراسة تتحول الى بحيرات، كما أن لدينا فصلين تحت الاشجار، ونعاني من نقص في الكادر الوظيفي المتخصص ونقص الكتب والوسائل التعليمية، والأنشطة المدرسية قائمة على تبرعات وهبات المعلمين، وقد قمنا بالتعاون لشراء جهاز (امبري فاير) لإذاعة المدرسة" ثم سكت مدير المدرسة برهة وقال: "أنت من أبناء المنطقة وأخبر بها، فكل شيء تراه أمامك مؤلم جداً». قادني الفضول الإعلامي الى فتح سجل الزائرين وفيه وقعت عيني على عشرات السطور كتبت بأنامل مسؤولين.. ثلاثة مدراء تعاقبوا على المديرية سجلوا عبارات ووعودا وتباكيا على وضعية المدرسة المتردية المنهارة، لكنها كما يبدو كانت مجرد كتابة على الورق. أعمدة كهرباء حدابة وأسلاكها لكنها متوقفة منذ 94 جامعيون يرعون الأغنام هل رأيت جامعياً يرعى الأغنام ويبيع الفحم وجامعياً يعمل (مباشراً) في المطاعم والبوفيات أو يبيع القات؟ قد يبدو الأمر غريباً، لكنها الحقيقة المؤلمة.. شاهدنا بأم عيوننا جيلا متخرجا يرعون الأغنام يجترون آلامهم دون وظائف، يغنّون ويطربون للمستقبل، ومنهم من له سبع سنوات في انتظار التوظيف، وبداية كل عام يعملون على تجديد قيدهم في سجلات مكاتب الخدمة، لكنهم يتساءلون إلى متى؟ وطائفة منهم لفظتها قراهم إلى المدن وأماكن الحرف المهنية كي يعملوا. الشاب فهيم ردمان يوسف الحداد، خريج جامعي اختصر جراح الوطن بهذه الكلمات: «يا أخي سئمنا الحياة في ظل الإهانات، وكم تمنيت لو أني لم أعرف مبنى الخدمة المدنية، وظائفنا ذهبت باسم المناطقية والمحسوبية، وقد طال طال انتظار الفرج». غير أن تونس سيف محمد، جامعي آخر تخرج منذ سنوات أوضح ما يحدث قائلاً: «التلاعب بوظائفنا وإعطاؤها لغير مستحقيها تجاوز حدود المعقول والتأزم يزداد ما لم تتدخل الجهات المعنية لإيقاف مثل هذه الممارسات». الصحة في خطر عالم لا يرحم .. وعلاج في المشمش .. وشاعرهم يردد كلمات جمال أنعم «هذا العالم ما أقساه .. نسي الله .. نسي الحب» فانتشار الامراض النفسية والسرطانات يقابلها ضآلة في الخدمات الصحية المقدمة وارتفاع تكاليف الإسعافات. تركنا الحديث لأحد أبناء المنطقة وهو معاذ احمد سالم، الذي قال: «وضعنا الصحي يرثى له، فلا عيادة صحية ولا خدمات، ومن يصيبه المرض يتم إسعافه الى مستوصف كرش ومستشفى الراهدة، ويتحمل المرضى تكاليف باهظة أجرة السيارات التي تنقله.. وعبر صحيفة «الأيام» أناشد المسؤولين الاهتمام بالجانب الصحي في مناطقنا». كانت تلك هي آخر محطة تم الوقوف عندها بمناطق حدابة البائسة الحزينة الواقفة على اطلال الماضي، حيث لا شيء هناك سوى الحرمان المسيطر على جنباتها والإهمال المستشري في مساكنها، تنعى ذاتها الضعيفة من وخزات الحاضر، وتسكنها العديد من الأزمات والمشاكل مع سبق الإصرار والترصد والمعاناة فيها أكبر من الوصف. قفشات ما يحدث في حدابة يمثل حالة نادرة معقدة تتداخل فيها القوى وتختلط المصالح، ويجيد المتغطرسون مناورة اللعب بأوراق صفراء تحت مسمى مناقصة كهرباء حدابة. كل ما تناولناه في استطلاعنا من هموم ومعاناة نضعها على طاولة الجهات المسئولة وأمام كل من يتشدق بالإصلاحات وانتشار خير الخدمات، معززة بالصور والورق
__________________
|
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
أدوات الموضوع | |
طريقة عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|
الساعة الآن 01:08 PM.