القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
|
#1
|
|||
|
|||
اليمن بين دعاوى الوحدة وحقائق التاريخ
ظلت وحدة البلدان الجنوبية ( اليمنية) ،في التاريخ المعاصر ، مثار جدل بين النخب السياسية في تلك البلدان على الصعيدين الحكومي والشعبي .. ليس باعتبارها هدفا نهائيا ،وانما كخطوة على طريق بناء صرح وحدة البلاد العربية. وقد تعاظم هذا الاهتمام حين ظهر المشروع القومي للرئيس جمال عبدالناصر بعد ترسخ ثورة يوليو 1952، في اعقاب العدوان الثلاثي على مص . وهذا المشروع قد زاد من الحماس الوحدوي لدى حركات التحرر العربية عموما، وهي تصيغ برامجها السياسية تحت شعار ( الحرية، الوحدة، الاشتراكية ). وفي البلدان الجنوبية العربية نشأت الحركات الوطنية تحت تاثير وتعاظم نفوذ الحركات الوطنية في البلدان العربية وثورة يوليو في مصر بالذات . وبدعم الاخيرة تمكنت تلك الحركات وتنظيماتها السياسية من إسقاط نظام الإمامة في اليمن في 26سبتمبر 1972 ومواجهة الاستعمار في بقية البلدان الجنوبية والظفر بالاستقلال الوطني في 30نوفمبر1967 .
منذ ما بعد1967 دخلت البلاد العربية الجنوبية مرحلة جديدة شابتها كثير من الملابسات السياسية ، ادت الى صياغة جديدة للتاريخ املتها القوى السياسية المنتصرة والمؤثرةعلى الساحة الوطنية، فظهر مصطلحا الجنوب والشمال اليمني .. وطوعت الجغرافيا و التاريخ قسرا لخدمة هذين المصطلحين ...ثم ظهر مرافقا لذلك ، على الساحة الوطنية ،جدل سياسي يدور حول مفهوم (الجنوب) هل هو جنوب عربي؟ وماهو موقع اليمن الدوله فيه.. ام هو جنوب يمني او جنوب اليمن ؟ وان كان كذلك فإلى اين يمتد وماحدود نهايته الشرقية؟ ويومها اعتبرت القوى الرافعة لمصطلح الجنوب العربي والرافضة لمصطلح الجنوب اليمني إنفصالية ولا تتسع الساحة الوطنية لها. علما بان كلمة (يمن) إنما في الاصل تعني (جنوب). وبقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية و(وتوحد) غالبية الدول الجنوبية فيها (عدن والمحميات ) ، باستثناء (دولة عمان )و (الجمهورية العربية اليمنية )، وسطرت صفحات جديدة في تاريخ هذه البلدان .وكان البعض (وبالذات ابناء عدن والمحميات الغربية والشرقية ) يعتبر هذا (التوحيد) ،يومها، خطوة نحو توحد عربي اكبر من المحيط الى الخليج، تضع البلدان الجنوبية اللبنة الاولى فيه. وحتى اعلان تلك الجمهورية في 1967م لم يكن وارد في وثائق اعلان الدولتين اللتين حملتا اسم ( اليمن العربية واليمن الجنوبية ) ، اي إشارة الى انهما يشكلان تاريخيا بلدا واحدا. ولكن الوقائع اثبتت فيما بعد ان خلافا كان يسود داخل القيادة السياسية للدولة الجديدة (اليمن الجنوبية ) حول تلك التسمية ، ومستقبل العلاقة مع الجمهورية العربية اليمنية ، وان بدايات ذلك الخلاف قد تجسدت قبل الاستقلال ،وقد عبر عنه بتغيير تسمية الجبهة القومية ، التنظيم السياسي الذي قاد الثورة، ( من الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني الى الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن ) وهذا التغيير في التسمية يحمل دلالالت سياسية عميقة ذات بعد تاريخي وجغرافي. ولعل المصدر الاساسي للخلاف يعود البنية التنظيمية للجبهة القومية ،والتى تكونت منذ البداية من ابناء عدن وابناء الجمهورية العربية اليمنية ،الذين يعملون في عدن والفارين من الاضطهاد المذهبي للدولة الزيدية والمنضمين الى النقابات العمالية. وفي مجرى العملية الثورية وخضم التحولات التي جرت في جمهورية اليمن الجنوبية ، تحول الخلاف الى صراعات داخلية في التنظيم السياسيالجبهة القومية والدولة ، اتسم جلها بالدموية ، كان يصفى في نهاية كل مرحلة منها عدد من القيادين الجنوبيين (ابناء عدن والمحميات سابقا ) ، في حين يضل زملاؤهم المشاركون في حكم هذه الجمهورية من ابناء الجمهورية العربية اليمنية ، خارج التصفية رغم انهم داخل الصراع ، بل انهم ربما يشكلون محوره الاساسي ، حيث ظلوا في معظم مراحل الصراع يتولون قيادة التنظيم السياسي الجبهة القومية منذ 1969، ثم الحزب الاشتراكي بعد قيامه 1978م. وبقيام الحزب الاشتراكي في اكتوبر 1978م في جمهورية اليمن الجنوبية (الديمقراطية) ثم تأسيس فرع له، في الجمهورية العربية اليمنية تحت اسم ( حزب الوحدة الشعبية ) ، تعززت مواقع الشماليين ( ابناء الجمهورية العربية اليمنية ) اكثر في القرار السياسي في جمهورية اليمن الجنوبية ..وباتت قضية وحدة الدولتين تطرح بشكل اكثر إلحاحا، وتساق على نحو مختلف من قبل العناصر الشمالية باعتبارها استعادة لوحدة تاريخية كانت قائمة.. ومما يؤسف له ان عددا من القادة والساسين ( الجنوبيين ) لم يقرأ التاريخ من مصادره، فصدقوا ما كان يردده "رفاق المسيرة " عن الوحدة وعن الشعب الواحد والحضارة الواحدة والدولة الواحدة . وعلا شعار "الوحدة اليمنية " في الخطاب السياسي الإعلامي والنشاط الجماهيري للحزب الأشتراكي اليمني على مدى ربع قرن من الزمن. ولأن الشعوب دائما تواقة الى المستقبل الذي ترى فيه القوة والمنعة والتطور والإزدهار ، فقد واكبت الاحداث وسارت في ركبها بشكل عفوي تحت تأثير معاناتها الآنية وتطلعها نحو الافضل .. وتمت ( الوحدة ) في 22مايو 1990م . وبعد اقل من عام ظهر أن تلك الأحلام كانت سرابا... وأن الوحدة في نظر حكام صنعاء ماهي إلا ضم وإلحاق وعودة الفرع إلى الأصل!!! وحين قال الجنوبيون كلمتهم في الجمهورية التي كانوا شركاء في صنعها اعلنت عليهم وعلى بلدانهم الحرب وكرس الضم والإلحاق بقوة السلاح في عام 1994م . وكان الكثير يعتقدون ان ماحدث في صيف ذلك العام اما هو صراع على السلطة بين فرقاء الحكم والسياسة .. وان نتائج تلك الحرب سرعان ماستنتهي بعد إخراج الشريك الجنوبي ، من السلطة وانفراد عسكر الجمهورية العربية اليمنية بحكم "الجمهورية اليمنية" .. ولكن ذلك الاعتقاد لم يكن في مكانة ولم يكن اصحاب هذا الراي محقين فيما ذهبوا اليه.فقد زادت معاناة ( الجنوبيين ) بع الحرب ومورست ضدهم كل انواع العسف والإضطهاد ، وشنت ضدهم هجمة سياسية تجسدت ملامحها في : 1. التعامل معهم كمواطنيين من الدرجة الثالثة. 2. تشديد القيود السياسية ، ليس على السياسين منهم فحسب وإنما على مثقفيهم ،وكتابهم وصحفييهم وكل المبدعين في المجالات الفكرية والثقافية. 3. السعي الى تفتيت وتقسيم بعض المناطق الجنوبية لتدمير العلاقات الازلية بين السكان ن طري تبني السلطة لمشاريع سياسية منها ، تقسيم حضرموت وتفريق القيائل وزرع الفتن فيما بينهم في المناطق الجنوبية ، خلافا لما هو سائد في الشمال. واليوم وبعد انقضاء اكثر من عشرين عاما من المعاناة وصل الشعب في الجنوب الى حقيقة مؤداها ان كل ماهو جيد نظريا قد لايكون كذلك عمليا وماقد ينجح في مكان ما ليس بالضرورة ان ينجح في كل مكان . فالتاريخ واحداثه تصنعه البشر وهؤلاء البشر يختلفون في عقلياتهم وتفكيرهم ومصالحهم وبالتالي فان مأساة الوحدة وفشل الاندماج الوطني قد نتج عن عقلية وسلوك من يدّعون زيفا انهم حاملو لوائها ويتحدثون باسمها. إن الاتهام بالإنفصالية والتخوين اصبح اليوم سلاحا يوجه الى كل منتقد لتلك العقلية وكل رافض لذاك السلوك، كما ان صفة المواطن الوحدوي تطلق عندهم على كل من" يتفهم الواقع" ، الذي هو في الحقيقة عندهم كل ما يبقي على مصالحهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ذن فتلك العقلية التي تسود وتحكم اليوم ، تطرح امامنا تساؤلات جّمة يصعب الإجابة عليها دون فهم الأساس التاريخي الذي قامت عليه . يتفق المؤرخون ، في دراستهم لتاريخ الوطن العربي ( قبل الاسلام ) على تقسيمه جهويا ، حيث نجدهم ، في دراستهم التاريخية للجزيرة العربية ، قد تحدثوا عن قسمين جهويين ، القسم الجنوبي والذي يسمى قديما ب( ذيمنت ) والقسم الشمالي والذي يسمى ب( ذشامت )ز وقد تناول المؤرخون في ابحاثهم ودراساتهم بلدان وشعوب و دول وممالك وحضارات في كل من ( الجنوب_ ذيمنت )و ( الشمال_ذشامت) بتسمياتها. وقد اعتبر الخط الفاصل بين (ذيمنت-الجنوب) و(ذشامت- الشمال) هو الكعبة ، غربا الى الصحراء شرقا (قبل الاسلام) وفي هذين القسمين عاشت شعوب وقامت دول وممالك اهمها (معين)و(قتبان) و(وحضرموت)و(سبأ) في بلدان الجنوب "ذيمنت". كما عاشت شعوب اخرى ودولا وممالك في بلدان في الشمال "ذشامت". ومع تداول اللفظ الدال على التسمية الجهوية ، عبر السنين ، تغير نطقه من ( ذيمنت و ذشامت ) إلى ( يمنت و شامت ) ثم إلى (يمن و شام ) مع الاحتفاظ بمدلوله الجهوي ( الجنوب و الشمال ). ويؤكد المؤرخ والباحث د/ محمد عبدالقادر بافقيه في ( كتابه تاريخ اليمن القديم ) على : "أن (اليمن) اسم شامل للمناطق الجنوبية من جزيرة العرب في مقابل ( الشام ) الذي يشمل المناطق الشمالية من الجزيرة. وهذه التسمية لم ترد بهذه الصورة في أي من النقوش اليمنية المعروفة ... وجاء في النقوش اليمنية لفظ مشابه وهو "يمنت"...وهذا اللفظ اللي يحمل نفس المعنى اللغوي من ناحية الدلالة على " الجنوب" اذ كان في النقوش القديمة مقابلا "لشامت" أي الشمال". ونفس المعنى للدلالة الجهوية للتسمية يذهب اليها الاتاذ علي بن علي صبرة ، حيث يقول في ( كتابه معالم التكامل القومي الحضاري ودور اليمن _ اليمن ...الوطن الأم : " في عصر الدول قتبان، معين، حضرموت في القرن الحادي عشر قبل الميلاد اطلق اسم ( اليمن ) على القسم الجنوبي ....إشارة الى ان التسمية جغرافية لوقوع اليمن في الجزء الجنوبي من جزيرة العرب ، كذا كانوا ومازالوا يطلقون على جهة الجنوب يمنا والشمال شاما" وعند ظهور الاسلام وتبؤ الكعبة اهمية دينية اكبر ومكانة روحية أسمى لدى المسلمين، تحولت الى مركز وحيد لتحديد عندهم ، بالنسبة ل( يمن وشام ) وتقلص الخط الفاصل فاصبح اللفظ دلا جهويا على المناطق الواقعة على جنوبها وعلى شمالها ، المباشرين ، فصار اليمن مقصودا به الجهة الجنوبية للكعبة وحدها والتي عرفت في التاريخ الحديث بالمملكة المتوكلية اليمنية ، والشام مقصودا به الجهة الواقعة على شمالها ( والتي احتضنت دولا اربع الاردن ،سوريا ، لبنان ، فلسطين ). يقول العلامة الحافظ أبوالضيا عبدالرحمن بن علي اليبع الشيباني الزبيدي ( المتوفي عام 943 هجرية ) في كتابه قرة العيون باخبار اليمن الميمون حول التسمية والتقسيم : سمي اليمن يمنا ليمنه ، وقيل لانه عن يمين الكعبة وعن يمينها ركنان الايمنان : وهما الركن اليماني وركن الحجر الاسود وسمي الشام شاما لشامات سود وبيض في ارضه وذلك لاختلاف الترب والبقع وقيل سمي به لشؤمه وقيل لانه على شماله الكعبة قالو وسمي الحجاز حجازا لانه حجز بين الشام واليمن . واليمن يمنان اعلا واسفل ،فاليمن الاعلى وقصبته صنعاء وهي احدى جنان الارض... واما اليمن الاسفل فقصبته مدينة زبيد" ومن قول العلامة الزبيدي (الذي كتب منذ 500عام ) قبل ان يسيس التاريخ، نستطيع الوقوف على حقيقتين الاولى الاستدلال على النطاق الجغرافي لليمن والشام بدليل الحجاز (باعتباره الحاجز بينهما ) فالحجاز ثابتا على كل الخرائط الجغرافية في مساحة لاتتجاوز 42 و 35 درجة طولا ،وهذا يعني ان كل ماهو شرق وغرب خط الطول هذا قد خرج عن نطاق اليمن والشام وهي التسمية التي نشأت بعد ظهر الاسلام . والثانية ان اليمن ،في اطار هذه الحدود الجغرافية ، قسم عند اهل اليمن (منذ ظهور الددولة الزيدية) الى يمنين اعلى واسفل فالاعلى هو الزيدي وعاصمته صنعاء والاسفل هو الشافعي وعاصمته زبيد. أن جنوب جزيرة العرب لم يشهد على مدى التاريخ اي شكل من أشكال التوحد او الإندماج السياسي – وأن كل ما حدث في التاريخ لم يتجاوز الغزو والضم والالحاق بقوة السلاح في فترات إستقواء بعض الدول. كما استطاع ، من خلال أسانيد عدة ، أن يصل إلى حقيقة " اليمن " التي لا تعدو كونها تسمية أطلقت على جهة الجنوب من جزيرة العرب تقابلها تسمية " الشام " للجهة الشمالية من الجزيرة .. وهذه التسميات "يمن" و "شام" كالفاظ ذات دلالات جهوية ، مازالت تستخدم حتى اليوم في عدد من بلدان الجزيرة العربية ، حيث نجد في بعض وثائق الملكية العقارية ( للأراضي والمنازل ) – عند توضيح الحدود – ذكر "يمن" و "شام" عند الإشارة الى الجنوب و الشمال. وذلك يمكن القول وعن يقين تام بأن "اليمن" و "الشام" لم تكن يوما تعني بلدا واحدا أو دولة محددة أو شعب بعينه. فاليمن – الجهة – قد احتضنت سته شعوب وست دول ، عبر التاريخ ، ومايزال "الشام" حتى اليوم تتواجد به اربع شعوب واربع دول ذات سيادة وتتمتع بعضوية جامعة الدول العربية. ولعل ذلك دليل أكيد على أن هذه التسمية "يمن" و "شام" ماهي إلا تسميات جهوية ، وأن وجود دول اليوم استمدت اسماءها من الجهات لا تعني مطلقا وبأي حال من الأحوال أحقية تاريخية لهذه الدول في حكم الجهة بكاملها. فما فعلته الدول الزيدية حين أقامت ( دولة اليمن ثم المملكة المتوكلية اليمنية ) واستمدت اسمها من الجهة لم تفعله الدولة الهاشمية في مراكش حين أقامت ( المملكة المغربية ) ولم تدع لها حقا في كل الجهة الغربية. |
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 07:55 AM.