عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-29-2012, 08:39 AM
الصورة الرمزية %الوحيد%
مـشـرف عـام +مستشار أداري
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: الجنوب العربي
المشاركات: 3,316
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي

مكتبة عبادي لم تحظ بأي تكريم منذ تأسيسها «الأيام» أمل عياش:
مكتبة عبادي التي تقع في أعرق حي تجاري في عدن (الشارع الطويل)زارها معظم رواد الفكر في عدن خصوصاً واليمن عموماً.. مثل لطفي جعفر أمان، محمد محمود الزبيري، أحمد النعمان وآل لقمان.. معلومات لأول مرة يرويها لنا راعي المكتبة الحالي الأخ جمال عبداللطيف عبادي.

< ممكن تعطينا فكرة عن تأسيس المكتبة؟

- المكتبة قديمة تأسست عام 1884 أي قبل مائة وثلاثة وعشرين عاماً تقريباً، ومؤسسها الحاج عبادي حسن الهاشمي وهو من مواليد الربع الأول من القرن التاسع عشر، وتوفي عام 1928م.. وكان أول من أدخل مولدا كهربائيا إلى عدن في الوقت الذي كانت عدن تنار بيوتها على (لمبات الجاز). واستطرد قائلاً: «لقد تزوج جدي عبادي من ثلاث عشرة امرأة. وتعود جذوره إلى منطقة تريم حضرموت (أسرة الهاشمي). وبعدها تولى إدارة المكتبة جدي عبدالحميد عبادي حسن الهاشمي، وهو من مواليد 1868م وتوفي عام 1959م.. ثم تولى الإشراف على المكتبة والدي الحاج عبداللطيف عبدالحميد عبادي حسن، وهو من مواليد 1929 وتوفي عام 1983م.. وأعتبر أنا الآن صاحب المكتبة».

البداية

«المكتبة حملت اسم (دار الكتب العربية) ولكنها اشتهرت باسم مكتبة الحاج عبادي. الكثيرون لا يعرفون المكتبة إلا باسم جدي الحاج (عبادي) وهو مؤسسها».

وللعلم ليس هذا موقعها منذ بداية تأسيسها، بل كان الموقع الأول في بداية هذا الشارع، وهذا هو المكان الثاني.

< ما سبب الانتقال؟

- أعتقد أن مالك الموقع الأول احتاج إليه، وانتقل جدي عبادي إلى الموقع الثاني (الحالي) وكان المكان أيضا مؤجراً من مالكيه اليهود.. وفي عام 1948م تم شراء العقار من وكيل اليهود وأصبح ملكاً لجدي الحاج عبادي.

واستطرد عن البداية قائلا: بعد سنتين من افتتاح المكتبة، أي في عام 1886م، تم نشر وطباعة أول كتاب باسم المكتبة.. وفي السنتين الأوليين كان يتم استيراد الكتب من مصر ولبنان، وفي ذلك الوقت لم تكن توجد رقابة على الكتب إلا في مصر ولبنان وبعض الدول العربية الأخرى، ويتم تسويقها في عدن، ومن عدن كانت تنطلق الكتب إلى مناطق مختلفة، منها شرق أفريقيا، أراضي الحجاز (السعودية حالياً)، الإمارات المتصالحة (الإمارات العربية المتحدة حالياً)، عمان، وظفار.

< لمن كان الكتاب الأول الذي طبع في مكتبتكم وما الاسم الذي حمله وعن ماذا يتحدث؟

- اسم المؤلف محمد عبدالقادر المكاوي، وعنوان الكتاب (النهر الفائض في أحكام الفرائض) وكان باللغتين العربية والإنجليزية، أي صفحة بالعربية والصفحة المقابلة لها بالانجليزية.

يتحدث الكتاب عن أحكام الزواج والطلاق والميراث، لأن كثيرا من المسلمين المقيمين في عدن لم يكونوا يجيدون اللغة العربية (مثل القادمين من أفريقيا، الهند، والصومال) بالرغم من أنهم مسلمون، والقضاة في محاكم عدن كان معظمهم هنوداً وإنجليزاً.. وقد اعتمد قضاة المحاكم في تلك الفترة على هذا الكتاب في الفصل في الأمور الشرعية، بحكم أن الكتاب مترجم إلى الانجليزية.

وأضاف قائلاً: ثم توالت الإصدارات واستمرت إلى وقتنا الحالي.. وكثير من الناس استفادوا من المكتبة وكان يتردد عليها بشكل مستمر كثير من المثقفين منذ فترة التأسيس إلى بداية النهضة في عدن خصوصاً، واليمن بشكل عام.

الكل استفاد منها لأنها كانت خلال فترة ما هي المكتبة الوحيدة والأولى في اليمن والجزيرة العربية كلها.. وكانت تحوي جميع الإصدارات في تلك الفترة، وكان صاحب المكتبة هو الوكيل الحصري لتوزيع الكتب في عموم الجزيرة العربية وشرق أفريقيا.. ورغم ذلك كانت الكتب العربية تصدر من عدن إلى شرق آسيا، أندونيسيا، سنغفورة، وماليزيا، قبل أن تنشأ مطابع خاصة عندهم.

< حدثنا عن أسعار الكتب في السابق وحالياً؟

- الفرق كبير جداً من ناحية الأسعار، فمستوى دخل الفرد اليوم ضئيل جداً وانخفض حتى أصبح القارئ يتردد كثيرا قبل أن يشتري كتابا، فهناك احتياجات أولية كثيرة أهم بالنسبة له.. إلى جانب تطور الاتصالات وتقنياتها مثل الانترنت والقنوات الفضائية التي شغلت الناس وصرفتهم عن الكتاب، ففي السابق كان هناك وقت فراغ، والآن هناك أشياء أخرى تزاحم الكتاب.. ورغم أن هذه البدائل لم تقلل من مكانة الكتاب من حيث المعلومات إلا أن مستوى البيع أصبح ضئيلاً جداً. وبالمقارنة مع فترة سابقة فالمستوى انخفض إلى 70 % أو 80 % رغم أن الكتب بانواعها موجودة، إذ أصبح القارئ هو الغائب إلا بنسبة قليلة، والسبب الرئيسي هو الأسعار، والسبب الثانوي هو القنوات الفضائية والانترنت.

واستطرد قائلاً: الدول المتقدمة تدعم الكتاب وتقيم معارض للكتاب، والكتاب معفى من الجمارك عند استيراده ومعفى من الضرائب، والمكتبات تدفع ضرائب أقل، ولهذا يكون سعر الكتاب منخفضاً.. هنا عندنا العكس، ندفع ضرائب على الكتاب مثلنا مثل أي تاجر، وندفع جمارك وكأنه سلعة.

< تدفعون ضرائب ورسوم جمارك على الكتاب.. إذن كيف تتعاملون مع سعر الكتاب؟

- نحاول أن نقلل من نسبة الربح، فلدينا نسبة من كل نسخة نبيعها.. نقبل بربح قليل حتى نسير مصاريفنا ومصاريف المكتبة، وحتى تبقى المكتبة باسمها وتاريخها العريق.. سأعطيك مثلاً: المحل الصغير الذي أمامي إيجاره مائة ألف ريال يمني شهرياً، وأنا لي أن أوجر المكتبة بحوالي خمسمائة ألف ريال شهرياً.. سأنام في بيتي وأتسلّم شهرياً مبلغ الإيجار وأنا مرتاح.. وأنا هذا المبلغ لا أحصل عليه من بيع الكتب لا في شهر ولا شهرين أو حتى في ستة أشهر، نحن نحافظ على المكتبة وبيع الكتب لأنه تاريخ.

< كم تحتوي خزانتك في آخر اليوم؟

- في اليوم أحياناً أبيع بعشرين ألفا أو أكثر، وأحياناً يصل المبلغ في خزانتي إلى مائتي ريال فقط. في السابق كان الدخل كبيراً لأن القارئ كان موجوداً.. نحن عملنا تجاري، ولكنه ثقافي في الوقت نفسه، ومهمتنا توفير الكتاب المطلوب والمفيد للقارئ.. في هذه الأيام الكتب موجودة ومتوفرة ولكن القارئ غير موجود.

< هل حدثت تغييرات في المكتبة منذ بداية تأسيسها إلى الآن؟

- في المواد القرطاسية فقط، تغييرات بسيطة جداً.. والباقي هي نفسها.. وقد حاولنا أن نبيع فيها جرائد ولكننا توقفنا.

< كيف واتت جدك فكرة تأسيس مكتبة؟

- جدي مؤسس المكتبة كان قارئاً، ورجل علم مطلع، وراودته فكرة لإنشاء مكتبة لأنه لم يكن في عدن مكتبة في ذلك الوقت.. وقبل أن يفكر جدي بإنشاء المكتبة كان يعمل في التجارة، ولكن لم يوفق فيها.

وعن الأسرة قال: «هي أسرة كانت مهتمة بالعلم والقراءة، الحاج عبادي حسن مؤسس المكتبة وأخوه السيد حمود طه الهاشمي أول مؤسس دار سينما في عدن.. الحاج عبادي اتجه إلى مجال الطباعة والنشر والمكتبات، والحاج حمود اتجه إلى مجال الفن والسينما والمسرح.. وهي أسرة ثقافية فنية، وقد حرصا أن يرث أولادهما من بعدهما العلم والثقافة والاطلاع الدائم.. ونحن أيضاً مهتمون بأن يرث أولادنا بعدنا هذا الميراث العظيم والعريق في المعرفة.

< ما الفائدة التي جنيتموها من المكتبة؟

- المكتبة منذ تأسيسها إلى الآن تعولنا، ومن رصيدها المادي فتحت بيوتنا وكبرتنا وثقفتنا فكرياً وإلى الآن.

< هل تحتفظ المكتبة بصحف ومجلات يمنية قديمة إلى الآن؟

- كان في مستودعنا كتب قديمة وصحف كانت تصدر في عدن، ونتيجة لعامل الزمن وفي فترة سابقة حدث أن غمرت مياه الامطار الشوارع، ودخلت المياه إلى المستودع وأتلفت صحفاً ومجلات كثيرة، كما األفت اكليشات قديمة وأغلفة لكتب كنا نحتفظ بها.

منذ عام 1971م توقفت عملية إصدار الكتب بسبب ظهور مؤسسة أكتوبر للطباعة والنشر والصحافة، واستمر الحال إلى عام 1986م وقمت أنا باستيراد أول دفعة بعد التوقف.. في عام 86م كان هناك نوع من الانفتاح الثقافي، قدمت رسالة إلى وزير الثقافة وكان حينها د.جرهوم، ووافق وحوّلنا حينها إلى قسم الرقابة والمصنفات ولم تصادر الوزارة غير كتابين فقط من بين كل الكتب التي استوردناها، وسمح لنا باستيراد الكتب التي كان يستحيل استيرادها بعد.. وكان د. جرهوم من رواد المكتبة.

< في فترة التوقيف هل خسرت المكتبة؟

- لا طبعاً، فقد كنا نعمل على المخزون القديم.. ربما كان البيع ضئيلا لكنه لم يتوقف. وعندما تم إيقاف الاستيراد كان لدينا مخزون كبير لأننا كنا وكلاء لبعض دور النشر في بعض الدول العربية مثل مصر ولبنان، وكان التصدير إلى شرق أفريقيا وإلى بعض مناطق الجزيرة العربية في ذلك الوقت (في 67م) يتم عبر عدن، وبقي المخزون لدينا إلى بداية عام 1990م.

< من هم رواد المكتبة من الشخصيات والمسؤولين؟

- كان من أوائل الرواد آل لقمان، ابتداءً من محمد علي لقمان المحامي إلى آخرهم، والشيخ محمد سالم البيحاني، الشيخ باحميش، الشاعر الكبير لطفي جعفر أمان، الشاعر محمد عبده غانم وولداه قيس ونزار، الشاعر محمد سعيد جرادة، أبو الأحرار محمد محمود الزبيري، أحمد النعمان، سعيد عوض باوزير، محمد عوض باوزير، عبدالقوي مكاوي، وغيرهم من المثقفين.

وأتذكر وأنا صغير أنه كانت تعقد في المكتبة ندوات أسبوعية، وأحياناً تتغير الوجوه.. وهؤلاء كان جزء منهم يتناقشون في جميع الإصدارات وفي شتى المجالات.. وبعض الشعراء والكتاب كانوا يترددون على المكتبة باستمرار للقراءة والاطلاع وشراء الكتب، وبعدها أصبحوا من الرواد والمفكرين الذين تطبع لهم المكتبة كتبهم وإصداراتهم وتعرض فيها.

< هل كُرّمت المكتبة لتاريخها وتاريخ روادها العمالقة؟

- لم يزرها أحد من المسؤولين كتاريخ، وإنما جاءت بعض وسائل الإعلام المرئية من الدول العربية المجاورة مثل قناة الجزيرة، وصحيفة «14 أكتوبر» فقط.

< ماذا تتمنى للمكتبة لكي تظل؟

- نحن لا نطلب من الدولة أي دعم، فنحن قطاع خاص، ونطلب منهم أن يخففوا المضايقات.

< قاطعته .. مضايقات مثل ماذا؟

- مثل الواجبات، وهي مختصة بالزكاة، وعندما أذهب إلى الواجبات يقولون لنا أنتم مكانكم كبير وعليكم أن تدفعوا، يجب أن تعرف رأسمالي حتى تثمن زكاته المستحقة، لكنهم يضعون المبلغ على حسب المكانة وليس على قيمة البضاعة، فيكون تقدير الزكاة جزافياً وليس عقلانياً.

وإذا خففوا من هذه الضغوط يمكن أن يسخر جزء كبير مما ندفعه بغير وجه حق لتحسين العمل وتخفيض سعر الكتاب.
__________________

الجنوب العربي وطنــــــــــــي
من كوخ طلاب الحياة
كوخ الوجوه السمر شاحبة الجباه
يتصارع الضدان
لا المهزوم يفنى، لا وليس المنتصر ضامن بقاه


[
رد مع اقتباس