عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10-14-2013, 10:49 AM
الصورة الرمزية روابي الجنوب
المـشـرف الـعـام
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 121,433
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي

تقرير :”الوحدة” تقترب من النهاية و تنامي المطالب بـ “فك الإرتباط”

عدن / عدن حرة / خاص :

اجتياح القوات اليمنية الشمالية للجنوب وللعاصمة عدن ليس نهاية للأزمة في اليمن، و”الانتصار” العسكري الذي حققه نظام اليمن الشمالي بزعامة الرئيس السابق علي عبدالله صالح ليس انتصاراً مثل ماهو احتلالاً لأرض الجنوب وشعبه .

تدرك القوى اليمنية في صنعاء، بلا شك، أن الخيار العسكري لم يكن العلاج الشافي للأزمة السياسية بين الدولتين وادركت اليوم ان نتائج مواصلة هذا الخيار لن تكون لمصلحة الدولتين والشعبين ايضاً .

فلقد تسببت الحرب الظالمة التي شنها نظام اليمن الشمالي على الجنوب في العام 1994م بالغاء الوحدة في نفوس الشعبين ، قبل الوحدة لم يكن موجوداً في وعي الشعبين من هو شمالي ومن هو جنوبي، لكن اليوم اصبح هذا وارداً تماماً، ما يجري الآن على ارض الواقع من حراك شعبي جنوبي هو نتاج طبيعي للحرب الشعواء التي قضت على احلام الجنوبيين ، وللسياسات العنصرية التي مارسها ” المنتصر ” على “المهزوم ” من جرائم بشعة منتهكة لحقوق الانسان .

حيث بدت الأزمة السياسية التي تعصف باليمن اكثر تعقيداً وتعدداً في أطرافها وأبعادها عقب حرب اجتياح الجنوب ، ومع نشوء الحركة الاحتجاجية الجنوبية “الحراك الجنوبي” المطالب بفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية السابقة ، وبدا الامد الزمني للوحدة يقترب من الحافة بالشكل الذي يصعب من رؤيتها والتكهن بنهايتها .

واذا ماعدنا قليلاً للخلف قبل اندلاع حرب صيف 94م من قبل نظام اليمن الشمالي سنجد ان جميع القوى السياسية في اليمن الموحد ومن دون استثناء اعلنت رسمياً ان أياً من الطرفين يلجأ الى الحرب، يعتبر انه اعلن الانفصال وألغى الوحدة، وان الجميع ضده. هكذا اعلنت كل القوى، بما فيها المؤتمر والاصلاح والاشتراكي، ولكن القوى السياسية الشمالية بسبب طابعها الشطري تنصلت من هذا الموقف وأيّدت نتائج الحرب، ولهذا فإن المسؤول عن الحرب هو المسؤول عما تلاها.

وتأكيداً عما سبق فقد اجاب الدكتور عبدالكريم الارياني بعد الحرب مباشرة عندما اعلن ان الحرب مقدسة وانها كانت ضرورة من اجل منع الانفصال. ثم تأكدت هذه المسألة في كتاب الدكتور عبدالولي الشميري عضو المؤتمر الشعبي العام “1000 ساعة حرب” الاول والثاني، حيث اكد ان صنعاء هي المسؤولة عن الحرب وانها الحرب كانت ضرورة لمنع الانفصال. كذلك اكدها الرئيس اليمني السابق ” صالح ” في اكثر من خطاب، ولهذا فان مسألة من المسؤول اصبحت محسومة لأن الطرف الشمالي اعترف بها رسمياً.

وهناك اطراف شمالية عديدة تقول ان الحرب قامت خوفاً من الانفصال !! فهذا لا يبرر قيامها، حتى بلغة القرون الوسطى، لأن الخوف من الانفصال مسألة احتمالية قد تحصل وقد لا تحصل وبالتالي ليست مبرراً لقيام الحرب. ثم ان اعتراف المسؤولين في السلطة بأن الحرب مقدسة وانها كان ضرورية لمنع الانفصال هو اعتراف ضمني بأن الحرب هي بين الشمال والجنوب وليست ضد الحزب الاشتراكي ولا ضد مجموعة انفصالية كما يدعون، وهو اعتراف ضمني بأن الوحدة تتم بالقوة. وبالتالي فان الوحدة بالقوة تلغي ما تم الاتفاق عليه بين قيادتي الدولتين حول قيام الوحدة، وهذا ايضاً في حدّ ذاته يلغي مسألة الديموقراطية، لأن الديموقراطية لا تتفق مطلقاً مع منطق القوة. ولا وجود للديموقراطية الا باستبعاد مطلق لفكر القوة،

ومن البديهي ان استبدال الاتفاق الطوعي لقيام الوحدة، بالقوة يلغي عملياً هذا الاتفاق الطوعي، ولأنه يلغيه فبديهي ان يلغي الوحدة من الناحية العملية، وقدم عدد كبير من قيادات الحزب الاشتراكي آنذاك مقترحات وحلول لاصلاح مسار الوحدة كالتعثر الذي حصل في التوحيد بين مؤسسات واجهزة الدولتين اثناء الفترة الانتقالية، وهذا التعثر ناتج عن اختلاف النظامين والسلطتين والثقافتين والاقتصادين وغيرها، ففي الشمال كان الاقتصاد خاصاً وكانت الثقافة السائدة هي الثقافة القبلية، وفي الجنوب كان الاقتصاد عاماً وكانت الثقافة السائدة هي الثقافة المدنية، وغيرهما من الاختلافات كثيرة ، وتم تقديم كل تلك الحلول للرئيس اليمني السابق “صالح” الا انه ضرب بكل هذة الحلول والمقترحات عرض الحائط واصر على بقاء الحال كما هو عليه مما يدل على ان هناك كانت نوايا مبيته لشن حرباً على الجنوب واحتلاله بالقوة .

كما ان هناك ايضاً العملة النقدية، الريال يجسّد شخصية الجمهورية العربية اليمنية والدينار يجسد شخصية جمهورية اليمن الديموقراطية، وكان الاتفاق على عملة ثالثة تجسّد دولة الوحدة بدلاً من الريال والدينار، هذه المهام وغيرها كانت من مهام الفترة الانتقالية مايو 90 – ابريل 1993 بحيث يكون يوم نهايتها هو يوم قيام الوحدة عملياً، هذه اتفاقية الوحدة، لكن للأسف مرّت الفترة الانتقالية ولم ينفّذ اي من هذه المهام كلها، بل ظل عند ما تم اعلانه منها يوم اعلان الوحدة فقط، وهو ثلاثة اشياء: “العَلَم والنشيد الوطني والتمثيل الخارجي”.

لهذه الاسباب ظهرت الازمة بعد نهاية الفترة الانتقالية كتحصيل حاصل لعدم تنفيذ مهامها وعدم قيام دولة الوحدة عملياً، وسلّم الجنوبيون بالازمة في “وثيقة العهد والاتفاق” وبطرق حلها وبشكل دولة الوحدة البديلة للدولتين، لكن لم يتم شيء ، فبدلاً من السير نحو تنفيذ الوثيقة تم السير نحو الحرب التي ادت الى تعميق الازمة وليس الى حلّها،

لماذا؟ لأن ازالة الاختلاف بين السلطتين لم يتم في اطار وحدوي ثالث او باختيار النموذج الافضل، بل تم بازالة سلطة الجنوب وتثبيت سلطة الشمال، وهذا حلّ ضد الوحدة، وكذا الحال في ازالة الاختلاف بين المؤسسات العسكرية والامنية وبين نوعي الاقتصاد باعادة تركيبة الاقتصاد في الجنوب من عام الى خاص لغير مصلحة الجنوبيين، وهذا عمّق الاختلاف اكثر واكثر بين التركيبة في الجنوب والتركيبة في الشمال، وكذلك تمت ازالة الاختلاف بين العملتين والثقافتين والمنظمات الجماهيرية والاجتماعية وفي الادارة والنظام القضائي والمناهج الدراسية وغيرها، حيث تمت ازالة ما هو في النظام الجنوبي وتثبيت ما هو شمالي، وهذه حلول ضد الوحدة، بل انها حلول تلغي الوحدة من الناحية العملية،

ويقول الدكتور “حيدرة مسدوس” في حوار مع صحيفة خليجية في العام 1997م :

عندما يكون الصراع على السلطة، من البديهي ان نتائج الحرب تحكم تصرفات المتصارعين فيما بعد، لكن عندما يكون الصراع على وحدة بين بلدين فالامر يختلف. ففي الحالة الاولى يكون من شروط نجاح المنتصر ألا يتسامح مع المهزوم، لكن في الحالة الثانية يكون من شروط نجاحه ان يتسامح مع المهزوم لأن عدم التسامح يضرّ من الناحية السياسية بالوحدة التي يعتقد المنتصر انه احزرها. وفي هذه الحالة المسألة لا تتوقف على منتصر ومهزوم ولا على موازين القوى العسكرية والسياسية وانما على عدالة القضية من عدمها، لأن المسألة لا تتعلق بمصير حزب او اشخاص سياسيين وانما بمصير مستقبل شطرين في الوحدة، ونحن في لغتنا السياسية نتحدث من وجهة نظر مصير شطرين في الوحدة وليس من وجهة نظر مصيرنا كسياسيين او كحزب. واذا كنتم تنطلقون من مسألة النصر والهزيمة فقط بغضّ النظر عن مستقبل الشطرين في الوحدة، فنحن معترفون ومن دون نقاش بأن الطرف الآخر هو الاقوى عسكرياً وهو الاذكى سياسياً، لكن هل القوة العسكرية والذكاء السياسي هما الحل لقضية الوحدة ؟

ومع كل ماسبق من سرد لاسباب ونتائج حرب اجتياح واحتلال الجنوب في العام 1994 من قبل نظام اليمن الشمالي “الجمهورية العربية اليمنية” ، ومع بروز الحركة الوطنية الجنوبية “الحراك الجنوبي” في العام 2007 وازدياد شعبيتها واتساع رقعة الفعاليات والتظاهرات الجنوبية المطالبة بالاستقلال واستعادة دولة الجنوب السابقة ، يبرز لدينا ثلاث سيناريوهات ستكون حلولاً للأزمة السياسية في اليمن وهي :

1) تكريس “فك الارتباط” والعودة الى الدولتين السابقتين ، ويتمتع هذا الحل بتأييد داخلي من عدد كبير من الأطراف الجنوبية ويلقى تشجيعاً بصورة خاصة من الشخصيات السياسية التي وافقت على الوحدة الاندماجية ، كما يتمتع بتأييد عربي نستطيع ان نقول عنه “ضئيل” بوصفه حلاً مستنداً الى “الأمر الواقع” حفاظاُ على امن واستقرار المنطقة برمتها .

2) الفيدرالية والكونفيديرالية، ويمكن لهذا الحل أن يلقى تعاطفاً كبيراً لدى أطراف خارجية عربية ودولية، لكنه محلياً يصطدم برفض شعبي واسع في المحافظات الجنوبية وكذا رفضه من بعض الاحزاب اليمنية “كالمؤتمر والاصلاح” ، ولعل أطرافاً دولية وعربية فاعلة في الأزمة اليمنية تميل الى مثل هذا الحل وهي تملك وسائل للضغط من أجل إقراره، لكن السؤال الذي يظلّ معلقاً يتصل بمدى قابلية الأطراف الجنوبية وكذا الشمالية لتلقّي الضغوط وقدرتها على مواجهة الآثار التي يرتبها مثل هذا الحل على الخريطة السياسية.

3) اللامركزية وحكم واسع الصلاحيات للمحافظات ، لكن هذا الحل تكمن صعوبته في انه لايمثل الحد الادنى لمطالب الشعب في الجنوب الذي عبر عن رفضه لأي مشاريع لاتفضي الى استقلال واستعادة دولته السابقة ، خصوصاً وان الحراك الجنوبي هو المسيطر تقريباً على المحافظات الجنوبية .

4) استمرار الوضع كما هو عليه مع اشتداد الاحتقان ، إذا ما فشل مؤتمر الحوار اليمني والذي فشله بدأ يلوح بالافق لايجاد حلول ، فإن تعريب الأزمة والنزاع يصبح وارداً، خصوصاً أن الأطراف الدولية باتت تميل الى ايجاد حلول للأزمات في مجالها الاقليمي. ولعل هذا ما يفسر الموقف الأميركي من النزاع في اليمن .

وفي الختام نقول ان صنعاء وحكومتها تعرف ان هناك شبه تكيف إقليمي ودولي لهذه الدول في التعامل مع الأزمة وتطوراتها، فاذا كان أمن اليمن من أمن المنطقة فان أمن المنطقة جزء من المصالح الدولية فيها، هذه المصالح التي حشد لها العالم اكثر من نصف مليون جندي لحمايتها في حرب الخليج الثانية والحروب التي تلتها في المنطقة ، فهل يتعظ المتشددون في اليمن لئلا يقفل الباب في وجه المبعوث الدولي وتستمر سياسة الهروب الى الأمام فلا تعود حاجة الى القول : لا بد من صنعاء وإن طال السفر .

* متابعات خاصة من تقارير خليجية سابقة

__________________
رد مع اقتباس