عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-21-2009, 12:56 PM
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 16
Arrow غزو الزيود الي حضرموت

غزو الزيود إلى حضرموت


في يوم 15 من شوال سنة 1069 جهز الإمام المتوكل على الله إسماعيل جيشا تحت قيادة أحمد بن الحسن الصفى للاستيلاء على حضرموت والانتقام من السلطان بدر بن عبد الله الكثيري ، فسار الجيش في طريق خولان ومأرب وبيحان وبلاد العوالق ، ولما وصلوا وادي حجر لاقوا كثير من المصاعب والمتاعب لوعرة الطريق وانقطاع المدد ، وكادوا يضلون الطريق ويموتون جوعا ، لولا أنهم أكلوا لحوم الحمر ؛ ولما وصلوا عقبة بامسدوس وجدوا جماعة من جيش السلطان بدر بن عبد الله مرابطين هناك ، فزحف الصفى بجيشه وهزمه ، ثم انحدر إلى الهجرين بعد أن ضمّ إليه بعض قبائل نوّح من أهالي حجر ، وثارت الحرب بينهم وبين آل محفوظ ، وجاء نهد لينضموا في صف آل محفوظ ، ولكنهم وجدوا الصفى قد احتل البلد وأباحها لعسكره يقتلون ويعذبون وينهبون ويسلبون ، ثم سار إلى هينن فخرج السلطان بدر بن عبد الله بقومه لملاقاته وهم ينشدون قول الشاعر : د


كتب القتل والقتال علينا = وعلى الغانيات جرّ الذيول

فثارت الحرب بين الفريقين ودامت أياما كاد الحضارم ينتصرون فيها على العدوّ لولا أنه كان لديه من السلاح ما ليس لديهم ، ولولا أنه كان يعرف من فنون الحرب مالا يعرفه الحضرميون ، لذلك انتصر عليهم بعد أن سالت الدماء وذهبت أرواح المئات من الطرفين ، ثم سار إلى شبام واستولى عليها قهرا بالسيف ، وكان الزيود في طريقهم من الهجرين إلى هينن ومن هينن إلى شبام يقتلون كل من يلاقونه أمامهم من الرجال والنساء والولدان ، لذلك سماهم الحضرميون سيل الليل . ولما رأى السلطان بدر بن عبد الله وحشية عدوّه وجلافته وفتكه وتنكيله بالأهالي ، ورأى انتصاراته تترى ، أعلن الطاعة للإمام حقنا للدماء وحفظا لأرواح الضعفاء من الشيوخ والعجزة والنساء والولدان . ولكن الصفى ألقى القبض عليه وأرسله إلى الإمام المتوكل ، فسجنه هذا أياما ثم سمح له بالعودة إلى حضرموت [4] أما أحمد بن الحسن الصفى فقد عاد من حضرموت إلى اليمن ولديه من الغنائم والمكاسب ما ليس له حصر . قال الكبسي : ((وقد عاد مولانا أحمد من حضرموت في أبهة عظيمة ومملكة جسيمة ، وقد فاز بخير الدنيا والآخرة ( كذا ) )) . أراد الإمام أن يولى ابن أخيه الحسين بن الحسن على حضرموت فامتنع ، فأرسل أحد أقاربه إليها ، ولما جاءها لم يقابله الحضارم باحترام ولم يخضعوا له ولم يقيموا له وزنا ولاثمنا ، فعاد إلى اليمن غير مأسوف عليه ولامحمود ، فاضطرّ الإمام بعد ذلك أن يجعل السلطان بدر بن عمر الكثيري واليا من قبله على حضرموت ، فكان ذلك ، وفي سنة 1071 شعر جماعة من عقلاء آل كثير بسوء عاقبة التنافر والتشاحن والتنازع القائم بين السلطان بدر بن عمر وابن أخيه السلطان بدر بن عبد الله ، ووجدوا أن تنازعهما على السلطة مصدر الرزايا ورسول الخراب ، رأوا أن الخلاف القائم بينهما هو السبب الوحيد لاستيلاء الإمام على حضرموت ، ولقتل كثي! ر من الأبرياء ، ولذهاب أموال لا تحصى ، لذلك سعوا بكل مقدورهم لإزالة الشحناء والبغضاء بين الأميرين ولإيجاد الوفاق والوئام بينهما ، ولقد نجحوا في مساعيهم الشريفة حيث تسامح الأميران وتناسيا ما حدث فيما مضى من الشقاق وقتال ، وارتبط كل منهما بالآخر ارتباطا متينا وساد عليهما الحب والولاء والوئام ، ففرح الشعب لذلك فرحا عظيما ، وجاءت رؤساء القبائل تهنئ الأميرين بالصلح وتشكرهما لجنوحهما للسلم والإخاء والوئام .


ظل السلطان بدر بن عمر الكثيري يحكم حضرموت من قبل الإمام ، وكانت العلائق بينه وبين اليمن متينة والصلات قوية . ولما توفى قام بالأمر بعده ابنه السلطان عمر بن بدر ، وفي سنة 1079 قام أهل ظفار مع جماعة من الحضارم بالتحريض ضد الإمام لجور عامله ابن الشيخ زيد خليل ، وحاصروا هذا الوالي في قصره ومنعوا عنه القوت ، واعتدوا على سبعة وعشرين من رجاله بالضرب وكادوا يقضون عليهم ولما بلغ ذلك إلى الإمام أرسل مولاه عثمان بن زيد ، ولكنه رجع من ظفار خائبا ، فقد كاد يقتله الثائرون . استمرت هذه الاضطرابات والقلاقل شهورا ، وأخيرا طرد الثائرون الوالي ابن الشيخ زيد خليل ، وقطعوا كل علاقة باليمن وأظهروا الطاعة للسلطان عيسى بن بدر الكثيري ، وهكذا خلعت ظفار طاعة اليمن قبل أن تخلعها حضرموت ، وفضلت حكم الكثيري على حكم الإمام ، ولقد كان من المنتظر أن يرسل الإمام جيشا لاس! ترداد ظفار وإخضاع أهلها لحكمه ، ولكنه لم يفعل لاشتغاله بإخماد الفتن الداخلية التي اشتعل لهيبها في أرجاء اليمن . ولما توفى السلطان عيسى بن بدر الكثيري قام بالأمر بعده السلطان حسن بن عبد الله بن عمر الكثيري .
رد مع اقتباس