عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-23-2014, 04:21 AM
الصورة الرمزية العبد لله بو صالح
المـشـرف الـعـام
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجنوب العربي - حضرموت
المشاركات: 13,714
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي

خطة أمريكية لمصالحة سعودية ـ إيرانية , ثمنها اليمن مقابل العراق !

د .محمد شمسان

إن تصاعُد الأحداث في قلب صنعاء وما حولها يبرر للمراقب أن يفترض وجود قوى أكبر إقليمية ودولية وراء ـ أو مستفيدة ـ من هذا التصعيد وخاصة بالتزامن مع ما يحدث في العراق بشكل أساسي , وسوريا وغزة ولبنان . وما دعانا لوضع أمريكا كقطب رحى لهذه الخطة ليس هو نظرية المؤامرة التي تبرز تقليديا في مثل هذه الظروف , ولكن هو الكثير من المؤشرات العملية والكتابات والتصريحات والدراسات لمتخصصين في السياسة الأمريكية تؤكد أنها تريد الخروج من منطقة الشرق الأوسط بأسرع ما يمكن وبأي وسيلة وبأقل الخسائر مع ضمان بقاء مصالحها الذاتية والإسرائيلية والغربية في أيد موثوقة (حليفة) تكون وكيلة عنها مستقبلاً ؟!

وهذا التغيُر الاستراتيجي والدراماتيكي أهم أسبابه هو حتمية ومصيرية تواجدها بكل ثقلها المالي والعسكري والسياسي في منطقة شرق وجنوب آسيا لمواجهة النفوذ الاقتصادي الكاسح للتنين الصيني أساسا (وربما مستقبلاً يتولد تحالف أوسع ـ بقيادة صينية ـ , التي تعترف كل الدوائر الاقتصادية ومنها الامريكية انها خلال 10 ـ 15 سنة ستخلف أمريكا على عرش أقوى اقتصاد في العالم ـ وإنه يسعى ليضم معه اليابان والهند وروسيا والنمور) وهذا التنين الماضي قُدما بهدوء وتؤودة وحكمة يُعرف بها الشرق كلاسيكيا , إن لم يستطع اليانكي إيقافه أو على الأقل تبطئ زحفه قد يحول أمريكا لدولة مريضة او من الدرجة الثانية اقتصاديا وهو أساس النفوذ السياسي واستمرارية بناء أكبر قوة عسكرية في التأريخ لبلد مفرد منذ العصر الإمبراطوري الروماني !

وفي إطار هذا السعي الامريكي الحثيث توجب عليها أن تحاول إيجاد أقصى درجة (تستطيعها) من التفاهمات بين إيران (النووية) والغنية وأعدائها وخصومها التقليديين مثل : السعودية وإسرائيل وتركيا بشكل أساسي , والذي بدأ بوساطة عُمانية مدعومة بحلفاء أمريكا مثل بريطانيا للتفاوض بين امريكا وايران والذي أدى الى إسراع بريطانيا لفتح سفارتها المغلقة في طهران , وكذلك الخلاف الحاد بين السعودية وعمان بسبب رفض عمان القاطع لإنشاء اتحاد فيدرالي خليجي يعلم الجميع ان الهدف السعودي الاساسي منه عسكريا واستراتيجيا لمجابهة إيران التي تستطيع اكتساح الشاطئ العربي للخليج بأكثر من مليون من قوات المشاة ودعم بقية القطاعات العسكرية الفعالة لديها بدون الحاجة لاستخدام سلاح نووي كما تروج إسرائيل وبعض العرب المتأثرين بالدعاية الصهيونية لسبب بسيط أن أي عارف لمبادئ الفيزياء والجغرافيا يدرك أن الإشعاع والحرارة والغبار النوويين سيعم كل محيط الخليج (عربيا وفارسيا) .

الخطوة الثانية هي المفاوضات الجادة للمرة الاولى لتفاهم نووي يأخذ مطالب إيران في التخصيب بعين الاعتبار . كما أثرت نتائج الفشل الذريع للحملة على سوريا لصالح ايران وتحجيم حزب الله لنفوذ اسرائيل شمالا والمقاومة الحمساوية بسلاح وتقنية ايرانية كانت في هذا الإطار أكثر من الذرائع التي تطرحها فكرة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (فهو رسالة استباقية لإسرائيل بما تستطيع إيران فعله في قلب إسرائيل وبعنف وفعالية أكبر بمراحل من صواريخ حماس) , أيضا تقدُم داعش في العراق دفع ايران للإسراع لخلق توازنات مضادة في أماكن نفوذ تقليدية أمريكية ـ سعودية أخرى فيما لو خسرت جزءاً من نفوذها في العراق , وتأتي المسألة الحوثية وشبيهاتها (ربما البحرين والكويت والاحساء مستقبلا) في إطار هذا السياق !!

ولكي لا تتورط أمريكا عسكريا في اليمن والسعودية , وربما تليها بقية حلفائها الخليجيين وهذا محتمل ويؤكده رضوخ أوباما لضغط اليمين الأمريكي واللوبي الصهيوني و اقحامه في المشاركة العسكرية جوا في العراق ؟! وما تفعله الان ادارة اوباما هو الضغط في كل الاتجاهات للتقريب بين الموقفين المتنافرين طائفيا وسياسيا ومصلحيا بين السعودية وايران وذلك بعرضها مقترحا أظنه يناقش الان جديا في الرياض وطهران وتل ابيب وانقرة : بأن يتم تحييد داعش بطريق ما ـ غير واضحة حتى الان ـ مقابل إرضاء سنة العراق بإعطائهم دوراً أكثر فعالية في الحكم والثروة وذلك لانهم الحاضنة الاساسية لداعش وبقية القوى المناوئة لإيران وشيعة العراق , وبدأ ذلك فعليا بإزاحة المالكي (القزم) وبمباركة قُم و النجف معاً ! أي أن البراجماتية الايرانية تحركت فعلا لأنها تعرف ان من لا يحوز كل شيء لا يجب ان يخسر كل شيء ؟! وتعرف انه في حالة أي تعنُت سعودي ضد الخطة الامريكية معناه الحتمي تخلي أمريكا نهائيا عن حلفها التاريخي مع آل سعود وعندها تطرح إيران المعتدلة نفسها كبديل عن السعودية مع الوكلاء الاثنين الاخرين (إسرائيل وتركيا) ليقوموا بالهدف المطروح أعلاه وهو ضمان المصالح الامريكية والغربية في المنطقة من الوكلاء الثلاثة وربما بإشراف بريطاني ـ فرنسي بدايةً قد تلحقه روسيا إذا قدمت تنازلات في القضية الاوكرانية .

المقابل المُعطى لإيران سيكون في اليمن ذات الاهمية الجنوبية بالذات لخليج عدن ومينائه التاريخي (البديل الذي تتلهف بريطانيا لعودته بدلا عن خسارة هونج كونج) وذلك عن طريق تعديل بسيط (في آخر خريطة نشرتها النيوز ويك لتقسيم الشرق الاوسط الجديد)لإرضاء ايران أساسا وبقية الاطراف تاليا, بإقامة إقليم شيعي (زيدي) في شمال الشمال (نفوذ إيراني) وهذا ما يضغط به الحوثي على الارض الان, وسني (شافعي) في وسط اليمن وجنوب الشمال (نفوذ سعودي وما سيتكشف من تحالفات جديدة ربما مصر) !! ويعود كل جنوب اليمن كما كان أيام الجنوب العربي (محمية شرقية مركزها حضرموت) وتحت نفوذ ايراني ـ سعودي مشترك !؟ (وهذا يفسر تحالفات زعيمي الحراك البيض وباعوم ـ كل منهما مع طرف , وهما اللذان سيصبحان شريكين في إدارة المنطقة وفق الخطة الامريكية) ... (ومحمية غربية مركزها عدن) تحت الاشراف البريطاني التي ستسمح لكل الشركاء العالميين الاستفادة من الموقع الجغرافي التجاري الهام لعدن ـ وفق السياسة البريطانية البراجماتية اقتصاديا ـ ولكن ... ستبقى أمامنا عدد من المشاكل لم أقدر على ان استقرائها ولم يتم ـ اقتراح او تصور ـ حل لها حتى الان

(1) علاقة الاربعة الاقاليم (المحتملة) ببعضها مستقبليا ؟ وهل سيستقل الجنوب العربي بإقليمين أم بدولة واحدة كما ترغب أغلبية الجماهير الجنوبية

(2) ما هو الموقف من تنظيم انصار الشريعة (شقيق داعش) هل تم التفاهم حوله كما في العراق أم سيتحول الى نسخة من " النصرة " التي مازالت تقاتل في سوريا ؟

(3) إذا نجحت هذه الخطة من دون عوائق , ماذا سيكون موقف الجماهير والقوى السياسية الشمالية ؟ و بالتأكيد أن مخرجات الحوار ستؤواد وتموت كما بدأت ميته ! في هذه الحالة ماذا سيكون مصير الرئيس عبدربه وحلفائه إن بقى حلفاء شماليون له ! هل سيبقى في إقليم أو دولة الشمال السنية ؟ أم سيقرر العودة إلى موطنه الأصلي في محمية الجنوب الغربية ؟ وفي هذه الحالة ماذا سيكون موقف أبناء الجنوب منه , هل سيعتبروه قد فرّط في استقلالهم وحريتهم تحت إغراء حكم كل اليمن ؟ أم سيتعاملون معه كما تعاملوا مع الرئيس البيض ؟ عندما أعلن على الملأ مسؤوليته عن خطأ الوحدة الاندماجية القسرية (الفوقية ـ المنفردة) وأعتذر , فقبل أغلب الجنوبيين الحضاريين المتسامحين اعتذاره , بل نصّبوه الزعيم الأول لحراكهم نحو استعادة دولتهم المستقلة لما قبل 90م !

(4) ما مصير بقية زعماء الحراك الكبار مثل العطاس وعلي ناصر ومؤتمر القاهرة , والعنصر الثالث محمد علي , والنوبة ومن قبلوا مشروع هادي الفيدرالي على اساس مخرجات الحوار ؟ هذا بافتراض أن باعوم سيكون مصيره وما سيسري عليه نفس مصير البيض ... *

الخلاصة : يجب ان يعرف الجميع جنوبا وشمالا انه لا زعماء لهم ـ يتولون قيادهم الان ـ يستطيعون ان يقرروا باستقلالية حرة لشعبهم (في كل دولهم أو أقاليمهم) ! والقرار الفيصل معروف , كان وسيكون لمن من القوى الاقليمية والدولية .

ولهذا فعلى الاشقاء في الشطرين او الدولتين او الاربع دول المستقبلية ان يتخذوا القرار بأنفسهم بما يخدم مصالحهم المشروعة فالشعب هو القوة الوحيدة القادرة في مثل هكذا ظروف ان يهزم أعتى القوى, لو توحدت ـ قواه ـ وما أتمناه شخصيا ان تبقى العلاقة بين المواطنين الكل طبيعية كما كانت أيام الإمامة والاستعمار , ومتعاونة كجيران على الاقل ! كما اقول دائما : " شعب واحد في دولتين .. او اكثر ! " .كما لا يجب أن يتخلى الأشقاء عن بعض في حال الاعتداء من طرف ثالث . * قد يصدُق ما توصلت اليه من تحليل في هذا المقال بنسبة كبيرة او صغيرة منه ... وقد يكون مجرد تخرُصات ناتجة عن تخزينات متعددة متتالية اختلطت بحَر عدن وسخونة صنعاء ـ العسكرية ـ الباردة . ودمتم .

ملحوظة : كنتُ جهزتُ الجزء الثالث الذي فيه إجابات عن أسئلة المقال السابق , إلا أن الأحداث الاخيرة التي شرحتها في المقال أعلاه قلبت كل التوقعات التي في الإجابات ! ولهذا ألغيتها لتعديلها لاحقاً إلى حين تتوضح الرؤية.
__________________






رد مع اقتباس