عرض مشاركة واحدة
  #28  
قديم 10-21-2009, 01:13 PM
مشرف و شاعر و أديب منتديات صوت الجنوب العربي
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
المشاركات: 1,223
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي

أراد الدكتور الحالمي من خلال هذه المبادرة أن يبرئ ذمته أمام الله وأمام الوطن ، وأنا كمعقّب على المبادرة بعد ‏قراءتي لها إنما يخالجني الشعور ذاته ، ويملي على قلمي مفردات هذا الرد عموم الغاية نفسها فأقول‎ :‎

لكل مرحلةٍ سماتها ومعطياتها ، وعلينا أن نتفهم خصائص المرحلة التي نعيشها في ظل حراك سلمي يتربص به ‏المحتل ، ويسعى لإلحاق الشتات بعناصره ، من خلال منع المسيرات الإحتجاجية ، وملاحقة نشطاء الحراك ، حرصاً ‏منه على طمس كافة مظاهر الثورة الجنوبية ، واقتلاع جذور القضية التي باتت تشغل حيزاً في الواقع لم يكن يتوقعه ‏المحتل ، بعد أن بذل ما في وسعه لاستقطاب مجموعة من قادة الجنوب ، وما زال يسوّق غزله المغري لشراء ذمم ‏الكثيرين من الأوفياء لوطنهم الغالي‎ .‎

إن العنصر البشري كما تعلمون هو المرتكز للحراك السلمي ، وعندما نتحدث عن هذا العنصر فإننا نقصد ذلك ‏المواطن البسيط الذي لا يمتلك من الثقافة الشيء الكثير ، كل ما يدخل في دائرة اهتمامهِ هو أن هذا المحتل انتزع منه ‏حقه في العيش الكريم ، وأنه بات لزاماً عليه حمل الحجر إذا عزّت البندقية لمقاومة هذا الظلم ، ويرى أن أولى ‏الأولويات مقارعة المحتل الذي لا يمكن له أن يسلّم بدون العنف المنظم ، وإذاً فأي مبادرات خارج مفهوم المقاومة ‏تظل عبارة عن تنظير لفترة زمنية لم يحن أوانها بعد ، وهي وإن فرضت نفسها بالضرورة كإطار تنظيمي يحدد ‏ملامح النهج المستقبلي ، لكنها لا تلغي دور المرحلة الراهنة ، ولا تحل محل النضال الذي بطبيعته لن يستمر سلمياً ‏في حال جابهته السلطة بأدوات قمعها ، واستمر مسلسل القتل العمد لمتظاهري المسيرات السلمية ، في ظل غياب ‏محاسبتنا لعملاء النظام المكلفين بتنفيذ الإغتيالات بدمٍ بارد .‏

إن حصول الجنوب على استقلاله الثاني ، وخلاصهِ من مستعمرٍ شرس ، يرى في استيلائه على ثروات الجنوب ‏مغنماً دونه الموت ، يتطلب وضع آلية للكفاح المسلح على غرار ما كانت تقوم به الجبهة القومية ضد الإستعمار ‏البريطاني – حرب عصابات – وتأطير جميع المقاتلين في تنظيم يتبنى القيام بواجبات العمل الثوري المسلح ، كونها ‏اللغة الوحيدة التي يتعاطى معها المستحمر وأعوانه ، ولا يفهم لغةً سواها .‏

وربما كان تنظيماً واحداً وليكن ( تنظيم ثوار الجنوب العربي ) كافٍ للتواجد على الساحة في الوقت الراهن ، كون ‏الهدف الأساسي هو التحرير ، ومن يرى غير هذه الوجهة فهو بحاجة إلى إعادة النظر في حساباته ، وبالتالي لا شيء ‏يشغل أبناء الجنوب سوى طرد المحتل من بلادهم ، وبناء دولتهم المستقلة ، وبسط سيادتهم على كامل تراب الوطن ‏الغالي ، أما المحتل فيرى في " الجنوب العربي " رمزاً للتلاحم المضاد ، ومن هنا تتضح معالم طرفي الصراع ، ولا ‏أرى جدوى في أن يكون " كل حزبٍ بما لديهم فرحون " وبدلاً من إضمار العداء للمحتل تنشأ أحقاداً بين المكونات ‏الحزبية ذاتها ويتنافسون في استقطاب الموالين لهم ، وتنشأ تجاذبات على حساب الهدف المشترك ، وربما خدمت ‏المحتل بشكل مباشر أو غير مباشر ، فتركيبة المواطن البسيط لا يمكن مقارنتها بالتركيبة اللبنانية من حيث تعدد ‏الأحزاب بحكم عوامل الثقافة ، والدين ، والعرق ، والمذهبية والطائفية ، علاوةً على توفر الأسلحة في شوارع ‏الجنوب كميزة تزيدالأمر تفاقماً في هذه المعادلة .‏

وإذاً فأي تنظيم في الجنوب لا يضع في حسبانه المقاومة وما يترتب عليها من استحقاقات ، فهو إنما يغرد خارج سرب ‏الجماهير ، وتطلعاتها لنيل حقوقها المسلوبة . ‏
وقبل أن أختم لا يفوتني الإشارة إلى مسمى التنظيم ( نوح ) الذي اقترحه الدكتور الحالمي فأقول بأن الإسم في حد ذاته ‏غير مستساغ مع احترامي الشديد للدكتور فهو – الإسم – يوحي بالنواح ، ولا يتناسب مع إصرار الجنوبيين على ‏المضي بعزيمة وتصميم وليس ببكاء ونواح .‏
وتبقى هذه المبادرة ذات قيمة عالية من الجانب النظري ، ورؤيا سياسية جديرة بالتداول ، مثلما أن طبيعة الصراع ‏على الساحة يتجه نحو المواجهة ، ويحتم علينا وضع البدائل للعمل السلمي .‏

تحياتي
طائر الاشجان
رد مع اقتباس