عرض مشاركة واحدة
  #40  
قديم 05-29-2008, 11:40 AM
الصورة الرمزية شعيفان
عضو ألماسي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2004
الدولة: جمهورية سيدونيا
المشاركات: 9,617
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي



يندبون على جانبي (باب المندب)!



حسن البطل


مَن يعين اليمن على اليمانيين؟ بمعنى مَن الذي سيتوسط لإنهاء حرب أهلية يمنية تدور بين دولة الجيش ودولة القبيلة، ولو وضعوها في (برواظ) صراع العسكر والخوذة مع المتديّنين والعمامة!
من بغدان إلى تطوان عالم عربي يغلي بالنزاعات والقلاقل الداخلية، ولجميعها هناك مشعلو نيران وإطفائيون من الأقربين العرب والأبعدين الأجانب.. إلاّ هذا اليمن، المتروك وحده يقلع (ويزرع) شوكه بأيدي أبنائه.
من العقيد عبد الله السلال، الذي رفع غطاء الإمامة عن طنجرة الضغط، إلى العقيد علي عبد الله صالح الذي حقّق الوحدة القومية اليمانية بالقوّة، لم تهدأ بلاد اليمن السعيد إلاّ استراحة المحارب بين حربين.
هل الاخوان اليمانيون هم لبنانيو جنوب الجزيرة العربية، أم اللبنانيون هم يمانيو شمالي هذه الجزيرة، المقسومة وهمياً - غير وهمي بين شمالي خط العقبة - البصرة وجنوبه؟
شمالي ذلك الخط عرب الرئاسة، أو عرب عسكر الرئاسة، بالتحاق جمهورية لبنان بالركب مؤخراً.. مع استثناء ملكي أردني. جنوبي ذلك الخط عرب الملوك والأمراء والسلاطين.. مع استثناء جمهوري يماني، ينتمي إلى عرب الرئاسة، أو عرب رئاسة العسكر!
الضرير عبد الله البردوني المجيد، شاعر اليمن السعيد، رسم، شعراً، موازييك التناقضات اليمانية:
شماليون في عدن / جنوبيون في صنعاء.
يمانيون في المنفى / قبليون في اليمن.
لبنان لا ينقصه شعراء مجيدون، قد يقول أحدهم:
لبنانيون في المنفى / طائفيون في لبنان.
حتى سنوات قريبة، كانت الرياسة العسكرتارية اليمنية تميّز بلاد بلقيس وسباق باقي بلاد ملوك وسلاطين وأمراء جنوبي الجزيرة العربية.. وشيء آخر؟ النفط، إلى أن انضم اليمن إلى هذه النعمة - النقمة؟!
مَن يعرف اليمانيين عن قرب، يعرف أنهم أذكياء وأنهم عصاة معاً، لكن جميعهم يمانيون عريقون إزاء دول وممالك حديثة شمالهم، وفي الوقت ذاته قبائليون في بلادهم، سواء عندما كانوا شماليين وجنوبيين، أو بعد أن تغلبت دولة الجيش القبلية الشمالية على دولة الحزب الماركسي القبلية الجنوبية.. بعد حوار وحدوي، متعرج وطويل، شاركت فيه الفصائل الفلسطينية إيجاباً وسلباً، وبخاصة الفصائل اليسارية التي تطلعت إلى نموذج عدن الثورية، كما تطلعت عدن إلى الأبوية الفكرية الفصائلية الفلسطينية.
عن اليمانيين العصاة، حدّثنا في الشام ضابط مصري، برتبة مقدم، خاض معارك الجمهورية ضد الإمامة قال: الرماة القنّاصون اليمانيون أهلكونا في وديان جبال اليمن.. كيف؟ باصبعين من أصابع أقدامهم الحافية، بينهما ماسورة بندقية، بينما كانوا يستلقون خلف الصخور في أعالي الجبال.. فأي جندي من خيرة جنود الصاعقة المصرية يستطيع أن يصوِّب على فوّهة بندقية خلفها عين حادّة البصر؟
هيكل روى تفصيلاً آخر عن قوّة شكيمة اليماني المحارب في قوات الإمام بدر. قال: يذهب إلى الحرب مع ثلاث جعب: جعبة رصاص، وجعبة طحين، ومطرية (زمزمية) ماء. فإن جاع، عجن الطحين بالماء والملح، وجهّز لنفسه رغيفاً بدفن العجينة في رماد الأعشاب الجافة. إنّه رغيف (المِلّه).
حرب الإمامة - الجمهورية مطلع الستينيات، كانت حرباً سعودية - مصرية؛ وحرب إلحاق جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بالجمهورية العربية اليمنية. كانت حرب عرب الممالك والإمارات والسلاطين ضد (الكفّار) في عدن، الذين أقاموا مصنع الجعّة (البيرة) الوحيد في جنوبي الجزيرة العربية.
.. وأما حرب عبد الله الحوثي - عبد الله صالح، فالبعض الأميركي بخاصة يراها ريشة في جناح الحرب ضد الأصولية، وأمّا عرب الخليج والشمال والمغرب فلهم اهتماماتهم وهمومهم، وليقلع اليمانيون أشواكهم بأيديهم. إذا لم يحسم جيش الدولة حربه ضد الحوثيين، أو إذا لم يجنح الأخيرون للسّلم، فقد تستيقظ في عدن نزعات الحنين إلى دولة الحزب.
يبدو اليمن مثل الرمضاء التي يستجير بها الهاربون من حروب القرن الافريقي، عبر سفن لاجئين.. وأما الصوماليون، العصاة بدورهم، فإن البرّ الصومالي ضاق بحروبهم، فملأوا خليج عدن وبحر العرب بالقرصنة.
مضيق عدن الاستراتيجي لم يعد استراتيجياً. إنّه يصرخ ألماً على شاطئيه. إنّه يستحق اسمه: باب المندب؟!

حسن البطل
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]




[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]


رد مع اقتباس