لن يشرب الحضارمة من كأس تاج ...



مقدمة :

سيقولون إنما نشق الصف ، نجيبهم بنعم فنحن سيوف تبغض .. الباطل




ألح صديق بدأ يستفيق من سكرته بعد أن أقسم بالأيمان المغلظة البارحة بأن يقلع نهائياً عن تناول ـ المسكر ـ الجنوبي من كأس تاج بعد أكثر من عام نادم تلكم الكأس وأفاق قبل أيام بعد أن قرأ في تعقيب لمراسل من مراسلي الحركة اللندنية كلمة ( أدبيات ) فنقب في الأدبيات قليلاً فأعلن بسرعة توبته من معاقرة الكأس التاجية وألح أن أمارس الطواف والسعي على مشاعر الأدبيات التاجية ففيها مكامن النجاة ، صديقي لم يكمل المناسك كلها فقد توقف ليترك لنا الذبح والرجم لنتم النسك الصحيح بلا عثرات وأخطاء تحسب علينا ...

الأدبيات وما أدرى صانعيها بها ، ولن نكون هنا لنبتر الوريد كاملاً بل لنمارس فقط التنبيه لجهالة الكثيرين المعتبرين بأن حتمية المرحلة السياسية تحتم الوقوف ضد الاحتلال اليمني للوطن الحضرمي ، خاصة وأن في جبهات المقاومة تبدو ( حركة تاج ) كوصي لا يمكن إعطاءه الشرعية حتى وإن تم تنصيب عسكري بتوجيه مواعيد القنوت أو ما يسمى اعتصامات في الشارع الجنوبي المنهوك بالاحتلال اليمني العسكري ، فلم نعد نعرف أي مطلب من مطالب المسرحين أو التائهين بين مطلب وطني ومطلب حقوقي يمكن المطالبة به دون محاولة إدعاء الوصاية على قضية وطنية حساسة ...

مؤكد بأن الأسطر القادمة ستجعل كل الممسكين بالكأس التاجية وخصوصاً من بني جلدتي الحضرميين وغيرهم يكسرون الكؤوس وسيتساءلون عن ما نحن نتساءل عنه فالنقطة الأولى هي ما ورد في التوجهات العامة للتجمع الديمقراطي الجنوبي وتحديداً في البند السادس والذي يحوي النص التالي :
" أن الوحدة اليمنية هي هدف إستراتيجي وهي جزء لا يتجزأ من الوحدة العربية الشاملة والتي يجب أن تقوم على الأسس التي تضمن جميع الحقوق السياسية والمدنية للأطراف المشاركة فيها "
وهنا نتساءل إذا كانت الوحدة اليمنية هي الهدف الاستراتيجي فلماذا الدعوة إلى الاستقلال الجنوبي ، بل ولماذا المتاجرة بقضية الجنوب العربي وهي مشروع لا يمثل أحداً من أدعياء اليوم وأحفاد قادة الدولة المقبورة ، ونكررها تالياً قضية الجنوب العربي لم تكن يوماً قضية غير قضية الحضارمة هم منّ قدموا المشروع وهم أهله وأصحابه أما غيرهم فهم تجار شنطة يبحثون عن مبيعات لبضاعة انتهت مع انتهاء فترة صلاحية الفكرة الشيوعية تاريخياً في مطالع تسعينيات القرن المنصرم ...

إذا كانت الوحدة اليمنية هي الهدف فلماذا كل هذا العناء لأجل المطالبة بالاستقلال وإثبات مشروعية الهوية الجنوبية التي لا توجد أصلاً في أي منطق كان ، ولولا المشروع السياسي الذي قدمه المناضل الحضرمي شيخان الحبشي يرحمه الله لم يكن هناك جنوب عربي ، ولعل التاريخ يعيد نفسه هذه المرة بشيء من التمرد فحاملي المشروع يحاولون الالتفاف لانتزاع حضرموت من جديد ولكن هذه المرة للحضارمة رؤيتهم التي تمكنهم من الوقوف خطوات من المحظور ...

" الجنوب العربي هوية من لا هوية له "

أغضبوا كما تشاؤون وإلى حيث يأخذكم الغضب ، لا يوجد شيء أسمه جنوب عربي وأنتم بما أوردتموه في أدبياتكم تزيحون الستار كاملاً وتكشفون زيفاً غثائياً بأن الانتماء الوحيد لكم هو اليمن ، فأنتم تشكلون امتداده الطبيعي ، ومناداتكم بالاستقلال هو محاولة ارتزاق سياسي على اعتبار الظروف والتبعات السياسية والمرحلية الآنية التي شكلت الفكرة الخبيثة لإعادة الدولة الماركسية إلى سابق عهدها والعودة إلى انتهاك التاريخ من جديد بالحكم والسلطة بالحديد والنار على حضرموت أما بقية التركة اليمنية فهي لكم بكامل ملحقات اليمن التاريخية ...

من الصعوبة بمكان استبدال الذي أدنى بالذي هو خير ، والأدنى بالطبع هو أن نذهب مخمورين إلى مساعيكم البالية ونستبدل اليمنيين بكل حماقاتهم وتخلفهم وأكاذيبهم وعنجهيتهم وحتى بما يستنزفونه من طاقات وموارد طبيعية وتاريخية ، المسافة الطويلة لا يمكن اختصارها في عودة الدولة الماركسية فهذا خطأ لن يقع فيه حضرمي يدرك تماماً أن مشروعه السياسي هو الصحيح والأصح وأن العودة إلى غير ذلك هو العودة إلى دولة ما بعد نوفمبر 1967م ...


لقد تنبهنا منذ البداية لوجود علم الدولة اليمنية الجنوبية ، واليوم نتنبه إلى سطرين فقط مما يسمى أدبيات ، وإلى الهدف الاستراتيجي ، ثم يقال بأننا نشق الصف الجنوبي ، وهنا نقولها أين هو ذلكم الصف الجنوبي أصلاً وأنتم تبحثون عن هوية ولا تجدون لكم هوية فمرة تطلقون الجنوب العربي ومرة الجنوب وبعض منكم مازال يردد الجنوب اليمني ، هذه الهوية تشكل أرقاً وصداعاً مزمناً يمكنكم علاجه أولاً بإقراركم أن الجهوية اليمنية تشملكم وأنكم جزء يماني عرفت اليمن كيف تستدرجكم وتشملكم بكثير من صفاتها ومنها الارتزاق ...

وإذا سلمنا بأن حركة تاج نجحت في تحريك القوى على الأرض وتحقق الاستقلال فلن تكون الدولة المولودة غير كيان سياسي مسخ مشوه فليس لأي كيان لا يحمل الأبوة الشرعية وجود ، ولعل المشهد السياسي العراقي الحاضر اليوم دليل على ذلك ، فمع كل المسرحيات والمسلسلات السياسية بين عواصم الدنيا فمازالت حكومات العراق لا تملك شرعية لأنها قائمة على احتلال أجنبي ، فالشرعية ملزمة في الوجود السياسي على الأرض وهذا ما لن تستطيع حركة تاج وكل الحركات المنادية بحق الاستقلال الجنوبي تحقيقه بالمطلق ...

حركة تاج بالتأكيد ستعاني طويلاً من مفهوم الهوية لأنها تنطلق من مفهوم خاطىء ، حتى وإن تم تسويق البضاعة الكاسدة الفاسدة على أنها ارتكاز سياسي على أبعاد سياسية تتمثل بما كان قائماً قبل الثاني والعشرين من مايو 1990م وما نتج عن حرب صيف العام 1994م ويشمل ذلك مقررات مجلس الأمن الدولي ، فهذه المرتكزات السياسية لا يمكن أن تشكل أي بعد جنوبي إطلاقاً لأنها تمثل شرعية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهي الدولة التي مازال رموزها موجودين وهم فقط من يقرر كيفية عودتها السياسية إن كان للموتى من عودة ...

لقد تمت المتاجرة بهذا الجنوب العربي بشكل مقزز جداً ، وتم تحوير مطالب العسكر والمسرحين بشكل لا يمثل وجهاً إنسانياً ، وتمت وتتم حركة تاج توزيع نايشين الوطنية بدرجاتها على من تريد ومن تراه منسجماً مع حركتها ، كل ما تقدمة تاج اليوم لا يمكن القبول له وبه ، والأجدى هو العودة إلى مشروعهم الصحيح الذي يكشف كل الزيف والخداع بتحمل ميراث الشيوعيين ومحاولة نبش القبور عن المدفونين وإعادتهم إلى الحياة من جديد ...

أحفاد الرفاق ...

حضرموت لن تكون في موكبكم الهادف لتكوين وحدة مع الجمهورية اليمنية ، حضرموت عصية لجرها إلى مشروع بليد ، مشروع يمثل الماركسية في أوج زيفها وكذبها ونفاقها وحضورها الملعون من رب السماء والأرض ، مشروع وإن ألبستموه ألف عباءة ، وحشمتموه ألف احتشام ، يظل أيضاً بليداً متهالكاً لا يمثل أحد من معاشر الحضارمة الأوفياء لمنهجهم الديني والتاريخي ...

أخيراً ...

كسر حضرمي آخر كأساً تاجية مملوءة بالوهم والكذب والتدليس ...

يبدو أننا زدنا صب الملح على جرحكم :)