د ياسين : حرب الدفاع عن الوحدة أوجدت فجوة نفسية لدي أبناء المحافظات الجنوبية !! Sunday, April 09-صنعاء - نبيل سيف الكميم: نعم هناك من يدعو إلي الانفصال عن دولة الوحدة ويطرح ان الحزب الاشتراكي اليمني الذي حقق الوحدة اليمنية مع شريكه المؤتمر الشعبي العام في العام 1990 عليه مقاطعة الانتخابات المحلية والرئاسية المقرر ان تتم في سبتمبر القادم حتي لا يعطي الشرعية للنظام السياسي الموجود. ونعم فإن القيادات الاشتراكية التي تدعو الي الانفصال والي مقاطعة الانتخابات قد أعلنت ذلك بحرية.. إلا أن شرعية قيام الحزب الاشتراكي ومنذ أن اعلن عن منشأته في العام 1978 فيما كان يعرف بشطر اليمن الجنوبي قد قامت علي أسس نضاله وسعيه لتحقيق الوحدة اليمنية فتحقيق الوحدة وبقاؤها واستمرارها هي الواجهة العريضة لكيان سياسي مؤثر هو الحزب الاشتراكي اليمني. وفي حوار ساخن تطرق للكثير من القضايا والموضوعات الملتهبة التي تجري في الساحة اليمنية يؤكد الدكتور ياسين سعيد نعمان أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني لالراية الأسبوعية بأن الحزب يتحمل مسؤولية أخلاقية للدفاع عن أبناء المحافظات الجنوبية التي قادها الي الوحدة ويكشف ان الحزب ومنذ حرب صيف 1994 ما زال في حالة اقصاء واستبعاد متعمد من قبل شريكه في تحقيق الوحدة -حزب المؤتمر الشعبي العام. ويشير الدكتور ياسين سعيد نعمان الي ان الضرورة والواجب الوطني قد أملت علي أحزاب اللقاء المشترك للمعارضة بأن تقدم مشروع الاصلاح السياسي والوطني والذي اتفقت عليه علي الرغم من اختلافها العقائدي والايديولوجي وقال ان التقارب الحادث بين الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للاصلاح هو مؤشر علي تجاوز الاحزاب السياسية اليمنية وبالذات تلك التي نشأت علي أسس عقائدية لمرحلة العداء التي كانت قائمة فيما بينها معتبرا ان هذا التقارب يتم تحت مظلة حماية الديمقراطية وتعزيزا للحريات وهامشها المتاح. وفي الحوار يعلن امين عام الحزب الاشتراكي بأن الحزب سيشارك في الانتخابات القادمة وكونها استحقاق وطني يمني هام مهما كانت النتائج التي ستسفر عنهما وقال ان ما يهم هو توفر ضمانات لاجراء انتخابات حرة ونزيهة يخطو من خلالها اليمنيون خطوة للأمام فهذه الخطوة هي الأهم من مسألة الحديث عن من سيفوز بمنصب رئيس الجمهورية ومن سيترشح. - ما الذي يجري داخل الحزب الاشتراكي الآن؟ - ما يتم في الوقت الحاضر هو العمل علي اعادة صياغة الحزب علي ضوء ما خرج به مؤتمره العام الخامس وما اقره من برامج ووثائق ولا شك ان اعادة الصياغة عملية شاقة ومعقدة ونحن في قيادة الحزب نحاول ان تتم هذه العملية بكلفة اقل. - من اي ناحية؟ - اقصد بكلفة اقل من المعاناة ولا يعني ذلك المعاناة الشخصية ولكن المعاناة المؤسسية لقيادة الحزب وتعرف انه عندما تعيد صياغة اي مؤسسة سياسية حركية مرتبطة بالواقع فلابد ان تنشأ مع انجاز هذه المسألة خلافات ومثل هذه الخلافات لابد من ان تحسم وتحل بشكل كامل فاذا لم يتحقق ذلك فعلي الأقل هو تجنب ان يكون لها خسائر كبيرة والحزب الاشتراكي اليمني في دورة اللجنة المركزية التي عقدت في فبراير الماضي والتي تم خلالها مناقشة وبحث جملة من القضايا والتطورات الهامة في الحياة السياسية اليمنية استطاع ان ينجز واحدة من اهم مراحل اعادة صياغة الحزب وذلك علي ضوء برنامجه السياسي المقر من المؤتمر العام الخامس للحزب حيث كانت دورة اللجنة المركزية من أنجح الدورات. - كيف حدثت تباينات واختلاف بين قيادات الاشتراكي التي شاركت في اجتماعات اللجنة المركزية حيث انسحبت قيادات استراتيجية من اجتماعات تلك الدورة وحدث انشقاق في أوساط الحزب. أولاً: لا يوجد انشقاق داخل الحزب ولم يحدث انسحاب من أي طرف في قيادة الحزب من اجتماعات الدورة الثانية للجنة المركزية. - إذن ما الذي حدث. كان هناك تباين في الأفكار والأطروحات ومن الطبيعي وجود ذلك في اي مؤسسة حية - لكن هذه التباينات والخلافات استطاعت اللجنة المركزية ان تديرها بروح ودرجة عالية من الوعي والالتزام بالقواعد المنظمة لحياة الحزب الداخلية. تباينات وليس انشقاقاً قيادات اشتراكية أظهرت اعتراضها وتحفظها تجاه ما تتخذه قيادة الحزب من قرارات ومواقف.. اليس هذا الأمر هو سبب ما شهدته دورة اللجنة المركزية من تباين. ليس ذلك صحيحاً - لكن هناك من لم تعجبهم القرارات والمواقف التي اتخذتها اللجنة المركزية - وهم قلة - وأوكد هنا علي ان قناعاتنا هي الالتزام بحق الاقلية ان تعبر عنا رأيها وان تحمل رأيها الي اي مكان تريده وان تدافع عن هذا الرأي وقيادات الوطني فان علي الاقلية ان تلتزم برأي الأغلبية فان علي الأقلية ان تلتزم برأي الأغلبية طالما ان الجميع موجودون في اطار حزب واحد وبنية تنظيمية واحدة فعلي الجميع الالتزام بما تتخذه اللجنة المركزية من قرارات. - ذكر ان من انسحبوا من اجتماعات اللجنة المركزية كان بسبب عدم تبين مطالبهم فيما يتصل ببحث قضية الجنوب. اؤكد انه لم يحدث اي انسحاب - والحديث عن انسحاب قيادات في الحزب الاشتراكي من اجتماعات اللجنة المركزية حديث يتجاوز حقيقة ما حدث فعلاً. - بإيضاح أكبر دكتور.. ما حدث هو ان التصويت علي التقرير السياسي المقدم من المكتب السياسي والأمانة العامة للحزب حظي بأغلبية ساحقة لكن مجموعة اعترضت عليه - وهذا من حقهم ان يعترضوا علي التقرير السياسي.. بعد ذلك ظهرت فكرة انسحاب عدد صغير من المعترضين وكان ذلك عندما انتهت أعمال اللجنة المركزية. قضية الجنوب - وماذا عن قضية الجنوب كما تسير وقتها وانتقاد قيادة الحزب لعدم تبينها هذا القضية. ما يدعيه البعض عن قضية الجنوب كما يطرح ويثار بين وقت واخر من قبل بعض الأطراف والشخصيات داخل الحزب الاشتراكي اليمني.فأود هنا ان اشير الي ان الحزب الاشتراكي حزب وحدوي نشأ تاريخياً وهو يتبني قضية اليمن والوحدة اليمنية باعتبار ان هذه القضية الوطنية تمثل شرعية وجودة السياسيي - سابقاً وحتي الآن. - إذن ما الذي يدفع ببعض قيادات الحزب الي إثارة هذه القضية -والحديث عن الجنوب؟ - أعتقد ان ذلك يعود الي ما خلفته حرب 1994 من تداعيات ومنها ان الحزب الاشتراكي كان حاكماً لجزء الجنوبي من الوطن اليمني -حيث يري الحزب ان ما حدث في عام 1994م وما ترتب علي الحرب من آثار سواء تلك الآثار المتعلقة بأوضاع الناس والأوضاع المأساوية التي يعيشها حتي الآن هذا الجزء من الوطن اليمني.. وهو الجنوب- فإن الحزب الاشتراكي يري أنه من الضرورة العمل علي إعادة روح 22 مايو 1990م الذي تحققت فيه الوحدة بين شطري الوطن اليمني شمالاً وجنوباً. بل ان الحزب يعتبر ان هذه القضية -اعادة الروح للوحدة المحققة في 22 مايو 1990م هي القضية التي يتعامل معها ويسعي اليها وذلك في اطار رؤيته الوطنية -باعتبار ان هذه القضية من شأنها عند معالجة تداعياتها ستمكن اليمن من معالجة الآثار والمشكلات التي يعاني منها تحديداً أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية منذ حرب صيف 1994م. - اسمح لي.. لماذا هذا التحديد.. هل يعني أن المشاكل التي تعاني منها المحافظات الجنوبية والشرقية هي غير المشكلات التي تعاني منها أيضاً المحافظات الشمالية والقريبة؟ - لا.. هي مشاكل واحدة لا فرق -وهذه المشكلات التي تعاني منها اليمن يري الحزب الاشتراكي وكذا القوي السياسية الموجودة في الساحة اليمنية انها مشكلات وجدت من أساس واحد. - إذن ما الذي يثير الحديث عن مشكلات خاصة تعاني منها المحافظات الجنوبية؟ - حرب صيف 1994م -حرب الدفاع عن الوحدة- أقول لك بأنها أوجدت فعلاً فجوة نفسية لدي أبناء المحافظات الجنوبية لأن كل عملياتها العسكرية وقعت في مناطق المحافظات الجنوبية حيث أدي ذلك الي خلق آثار نفسية لدي سكان تلك المناطق وهذه الآثار التي خلفتها حرب صيف 94م أقول ان علي الجميع في الساحة اليمنية السعي والعمل علي معالجتها -بوسائل مختلفة- نحن في الحزب الاشتراكي اليمني طرحنا في برنامجنا السياسي رؤيتنا لكيفية معالجة آثار حرب صيف 1994م. حرب الانفصال - ما أبرز آثار حرب صيف 1994م من وجهة نظركم؟ - من شواهد ما تركته الحرب هي مشكلة الآلاف من الأشخاص ممن اصبحوا ومنذ سنوات بلا وظائف أو أعمال.. وكانوا قبل ان يتم اقصاؤهم عماد الكادر العسكري والإداري وأساس للدولة التي حكمت جنوب اليمن من بعد الاستقلال وخروج الاحتلال البريطاني عام 1967م وحتي اعادة تحقيق الوحدة اليمنية وقيام الدولة اليمنية الموحدة بينما كان يعرف بشطري اليمن عام 1990م. مسألة الآلاف من الأشخاص الذين أقصوا من وظائفهم وأعمالهم.. هي واحدة من الآثار السلبية التي خلفتها حرب العام 1994م.. وهذه المشكلة يفترض ان يتم معالجتها ووقف تداعياتها وذلك حتي يعاد لوحدة 22 مايو 1990م روحها التي سلبتها حرب صيف 1994م. - ألا تري دكتور ياسين أن تبني الحزب الآن لقضية أو مشكلة أبناء جنوب اليمن والمحافظات الجنوبية.. إذا جاز الوصف- بأنه يشكل تأييداً للقيادات الاشتراكية التي تورطت وتبنت مؤامراة الانفصال عن الوحدة اليمنية؟ - لا.. ذلك ليس صحيحاً -البعض داخل الحزب الاشتراكي يطرح مثل هذه القضايا بشكل عمومي- وهذا ما أقوله لك بكل وضوح- ولكن نحن في قيادة الحزب نقول ان مثل هذه القضايا يجب أن تعالج وفق رؤي وطنية لحل مشكلة قائمة اذا ما استمرت فإنها ستسبب مشكلات لا تحمد عقباها للوحدة الوطنية في المستقبل. - قضية الجنوب.. هناك من يطرحها داخل الحزب الاشتراكي وفقاً لخطاب وتوجه سياسي انفصالي؟ - ذلك صحيح -فهناك من يطرح هذه القضية وفقاً لذلك- الآن أنا أتحدث معك عن رؤية الحزب- وهي رؤية وحدوية تدعو الي معالجة آثار حرب صيف 1994 وفي ذات الوقت فإنها رؤية وطنية ووحدوية تهدف الي معالجة مشكلات اليمن. لا نريد أصناماً. - دعوتك دكتور ياسين سعيد نعمان لفتت الانتباه الي أحداث تغيير داخل بنية الحزب - ما الغاية من ذلك؟ - نعرف اننا في الحزب الاشتراكي اليمني وكذا في جميع الأحزاب السياسية في اليمن بأن ظهورنا وتأسيسنا كأحزاب قام علي أسس رؤي تقليدية كانت تقوم علي أساس أيديولوجي عقائدي قائم في الغالبية علي إقصاء بعضها البعض كأحزاب وفي ذات الوقت فانها في داخلها تتمسك بالقيادة التاريخية لها حتي تحولت معظم قيادات تلك الأحزاب الي أصنام وديناصورات وما يشبه المقدسات التي لا يستطيع أحد أن يزحزحها من مكانها وهذا الوضع أثر علي اداء ودور الهيئات داخل الأحزاب. - ما الذي تسعون لتحقيقه من خلال هذا المقترح؟ - الغاية هو ان نخرج الحزب الاشتراكي اليمني من أزمة بنيوية يرزح تحت وطأتها منذ عقود -وهذه الأزمة لا يعاني منها الحزب الاشتراكي فقط بل تعاني منها جميع الأحزاب اليمنية والعربية وخاصة تلك التي نشأت وقامت علي أسس أيديولوجية وعقائدية صرفة. ولذلك عندما طرحنا في قيادة الحزب مقترح تدوير المناصب القيادية داخل مختلف تكوينات الحزب كان الهدف الأساسي منه هو تجنب صناعة الأصنام.. وتعرف ان العرب في الجاهلية كانوا يصنعون الأصنام التي يعبدونها من التمر ويصلون لها وما ان يجوع أحدهم حتي يقوم بأكل الصنم الذي صنعه.. هذه الحالة هي نفسها التي وصلت اليها الأحزاب العربية في عصرنا الحديث وكانت نتيجة لتراكم عقود من السنوات والتي حولت قيادات أحزابها الي أصنام. بالنسبة لنا في الحزب الاشتراكي اليمني نحن نريد ونسعي الي ان نتجنب صناعة الأصنام ونتجنب تقديس القيادات التاريخية- وذلك من خلال تعزيز مكانة الهيئات التنظيمية والحزبية داخل الحزب حتي تؤدي مهامها ودورها. فأمين عام الحزب يمكن ان يستمر لمدة عام في هذا المنصب لأداء مهمته وبعد ذلك يمكن من داخل الهيئة القيادية للحزب -المكتب السياسي أن يتم اختيار شخص آخر يتولي منصب الأمين العام- وذلك حتي يشعر كل عضو في الهيئة القيادية للحزب بأنه قادر علي تحمل مسؤولية منصب الأمين العام، وبالتالي فإن أمين عام الحزب وهو يدير عمل الهيئة القيادية يديرها باعتبارها مسؤولية يؤديها لفترة محددة وليس باعتباره زعامة قيادية. وفي تقديري الشخصي بأنه اذا أردنا لحزبنا الحزب الاشتراكي اليمني ان يتجدد وان يتجاوز كل الصعوبات التي تفرضه فإن علينا ان نعمل علي تدوير نشاط وعمل القيادات فيه حتي نحدث حراكاً داخلياً في تكويناته وأطره. الاشتراكي والمؤتمر - أنتقل لموضوع توقف الحوار بين الحزب والمؤتمر الشعبي العام -الحزب الحاكم- ما أسبابه؟ - حوارنا مع المؤتمر الشعبي كان قد بدأ بعد أن انتهت أعمال المؤتمر العام الخامس للحزب وكنا في قيادة الحزب نلتمس طريقنا مع حزب المؤتمر الشعبي العام باتجاه تحديد ما هو الحوار وخياراته -طبعاً كان حوارنا يدور حول تغطية رئيسية وهي تصفية آثار الخصومة السياسية بين الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام وتصفية آثار حرب صيف عام 1994م. يمضي الاتفاق علي أن يعمل شريكا تحقيق الوحدة اليمنية وهما الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام علي تطبيع الحياة السياسية في اليمن بصورة عامة وفيما بينهما بشكل خاص. - تقصد دكتور ان الحزب ومنذ العام 1994 وعلي الرغم من تواجده ونشاطه السياسي علي الساحة اليمنية مازال في حالة إقصاء عن أداء دوره في الحياة السياسية؟ - الحزب الاشتراكي اليمني فعلا مازال يشعر بأنه في حالة اقصاء وابعاد متعمد وانا اتحدث معك حول هذا الواقع بصراحة شديدة، حيث يراد للحزب ان يظل مجرد عنوان وواجهة ديكورية لا أقل ولا أكثر للعملية الديمقراطية في اليمن فحتي الآن ومن بعد انتهاء حرب صيف 94 فإن كل شيء خاص بالحزب مصادر ممتلكاته ومقراته واستثماراته وأمواله، لكن الحزب مع كل ذلك بدأ يحرك نشاطه وفقا لما لديه من امكانيات، وهنا اشير الي ان الحمل الكبير الذي يقع علي عاتق الحزب ليس ما يتصل بسعيه الي اعادة أمواله وممتلكاته المصادرة ولكن همه الأكبر هو الدفاع عن الناس الذين قادهم الي الوحدة - لأن معظهم جالسون في بيوتهم منذ انتهي حرب صيف 1994. وهذه القضية بالنسبة للحزب هي قضية أخلاقية لا يستطيع ان يوافق أو يقبل بأي صيغة لمعالجة المشكلات التي يعاني منها دون ان يسبق ذلك حل مشكلة الناس الذين قادهم الي الوحدة. - هذا كان أحد مطالبكم عند بدء الحوار مع الحزب الحاكم، المؤتمر الشعبي العام، قبل أن يتوقف الحوار؟ - نحن طالبنا الأخوة في المؤتمر الشعبي العام ان تصفي الاثار الناجمة عن حرب 94 وان توجد حلول لها، وذلك حتي نتمكن من ان نخطو بالعمل السياسي خطوات الي الأمام. وبالفعل بدأنا الحوار مع الحزب الحاكم وتقدم الحزب الاشتراكي بمقترح حول آلية الحوار، حيث تضمن المقترح سؤالا واحدا هو ما الذي نريده من الحزب الاشتراكي وكذا ما يريده المؤتمر الشعبي العام ان يحققنا من الحوار بينهما وما هي القضايا التي يريدان ان يتم بحثها. - وماذا كانت النتيجة؟ المؤتمر الشعبي حمل الحزب الاشتراكي مسؤولية فشل الحوار.. - لا.. لم نكن السبب في توقف الحوار، لكن هناك بعض المؤشرات التي ظهرت خلال فترة الحوار والجلسات التي عقدناها وربما ان توقف الحوار مع المؤتمر يعود الي انتقالنا في الحزب بالترتيب لعقد مؤتمر الدورة الثانية لاجتماعات اللجنة المركزية وكذا انتقال الاخوة في المؤتمر الشعبي بالترتيب لعقد مؤتمرهم العام السابع. - ولماذا تستبعد دكتور ياسين وجود اطراف سياسية عملت علي التدخل بطريقة أو أخري لإفشال حواركم مع المؤتمر؟ - لا، لا.. أؤكد انه لا توجد أطراف أخري دفعت الي ان يتوقف الحوار بيننا والمؤتمر الشعبي، ولكن في تقديري ان انتقالنا بالترتيب لعقد اجتماعات اللجنة المركزية وانتقال المؤتمر بالترتيب لعقد مؤتمره العام السابع دفع الي توقف الحوار. نحن والمعارضة - مشروع الاصلاح السياسي والوطني الذي وقعت عليها أحزاب المعارضة المنضوية في اطار احزاب اللقاء المشترك وعلي رأسهما التجمع اليمني للاصلاح والحزب الاشتراكي، هل كان سببا لفشل ووقف الحوار؟ - ربما يكون ذلك صحيحا، لأن موضوع الحوار مع المؤتمر قد تداخل مع توقيع أحزاب المعارضة ومنها الحزب الاشتراكي علي مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني، والذي ربما يكون الأخوة في الحزب قد اعتبروا ان توقيع الحزب علي المبادرة هو موقف ضدهم. وهنا أود التأكيد باننا في الحزب الاشتراكي لم نوقف الحوار ولم نسع لذلك، واعتقد ان الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي سعي لوقفه لكن الحوار توقف دون مقدمات ومات موتا سريريا دون ان يتخذ أحد منا القرار بذلك. - مفترق الطرق بين الحزب والمؤتمر أوصلكم توقف الحوار أم انه محطة تباين بعدها قد يستأنف الحوار؟ - الحزب الاشتراكي سيعاود مساعيه للدخول في حوار جديد مع المؤتمر الشعبي العام وذلك تنفيذا لمفردات الدورة الثانية للجنة المركزي للحزب والتي طلبت من قيادة الحزب ان تعيد طرق باب الحوار مع المؤتمر وذلك في اطار الآلية التي اقرت من اللجنة المركزية والتي قدمناها للمؤتمر الشعبي العام في السابق وتتصل بقضايا إنهاء الخصومة السياسية وتطبيع العلاقة بين الحزبين شريكي تحقيق الوحدة اليمنية وتصفية اثار حرب صيف ،1994 وهذه قضايا محددة ولم يضع الحزب شروطا مسبقة حولها عندما بدأ الحوار مع المؤتمر وليس لديه تحفظات أو شروط بشأنها إذا ما تم استئناف هذا الحوار. - مبادرة الاصلاح السياسي والوطني التي اعلنتها أحزاب المعارضة اثارت الكثير من الاسئلة ومنها هل وصلت الاوضاع في اليمن الي مرحلة خطيرة جعلت فرقاء العمل السياسي بالامس كالإصلاح والاشتراكي يتجاوزان عداءهما ويتوجهان اليوم لمواجهة الاخطار المحيطة باليمن؟ - مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني الذي وقعت عليها احزاب المعارضة في ديسمبر العام الماضي اعتقد بانها مبادرة تمثل صيغة راقية للعمل السياسي اليمني فبموجب هذه المبادرة فإن أحزاب المعارضة انتقلت من الوضع القديم الذين كان فيه كل حزب يقصي الآخر وخاصة الاحزاب الايديولوجية، وتلاحظ ان معظم الاحزاب التي وقعت علي مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني كالاشتراكي والاصلاح والوحدوي الناصري - بأنها جميعها أحزاب قامت ونشأت علي أساس عقائدي وايديولوجي وانتقال هذه الاحزاب من الصيغة الايديولوجية الي الصيغة السياسية في التعامل فيما بينها حيال القضايا الوطنية يكسب الحياة السياسية في اليمن وضعية جديدة. - كيف ذلك؟ - الآن أصبحت القاعدة المشتركة بين هذه الاحزاب هي التعايش مع الآخر والقبول به واحزاب اللقاء المشترك بتوقيعها علي مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني تؤكد بذلك انها علي الرغم من اختلافها العقائدي تعتبر الديمقراطية هي القاسم المشترك الذي يجمع كل القوي والاحزاب الموجودة علي الساحة اليمنية؟ - تعتقدون ان احزاب المعارضة قدمت رؤيتها تجاه كيفية معالجة الاوضاع في اليمن من خلال هذا المشروع والمبادرة؟! - نعم - بالتأكيد- وأريد هنا ان اقول بأن التقاء هذه الاحزاب علي قواسم مشتركة.. يعد نقلة جديدة في عملها السياسي - حيث سبق ذلك ان تدارست هذه الاحزاب المشكلات التي تعاني منها اليمن في الوقت الراهن وما يمكن ان تفرضه من نتائج في المستقبل حيث رأت احزاب المعارضة - ان حاجة اليمن تكمن اولا في حماية الهامش الديمقراطي وان حماية هذا الهامش يتطلب وجود اصلاح سياسي يمكن جميع القوي من استشراف المستقبل بروح لا تسمح لأي نزعات ان تعود باليمن الي الوضع الشمولي القديم. وهذا هو الهدف الذي سعت احزاب المعارضة ان تقدمه لجماهير الشعب اليمني عبر هذه المبادرة والتي لخصت رؤية المعارضة لماهية الاصلاحات الواجب القيام بها وبالطبع فان هذه المبادرة هي محط اجماع وتوافق بين الاحزاب التي وقعت عليها وغير ملزمة لمن لم يوقع عليها. مقاطعة الانتخابات الانتخابات الرئاسية والمحلية الي ستجري في اليمن في سبتمبر القادم - هل سيشارك الحزب الاشتراكي فيها. نعم سيشارك الحزب في الانتخابات القادمة الرئاسية والمحلية باعتبارها استحقاقاً وطنياً. ماذا عن دعوات المقاطعة التي طالبت بها قيادات داخل الحزب!! نعم هناك رأي داخل قيادة الحزب يدعو الي ان يقاطع الحزب الانتخابات الرئاسية والمحلية المقرر ان تتم في سبتمبر هذا العام.. ولكن كما قلت لك في اجابة سابقة بانه من حق اي اقلية داخل الحزب ان تقول رأيها واتصلنه تجاه اي قضية ومنها مسألة الدعوة لان يقاطع الحزب الانتخابات الرئاسية والمحلية!. - ما مبررات الدعوة للمقاطعة - ما يطرح من دعوة لمقاطعة الانتخابات وكما قلت لك هو رأي البعض من قيادة الحزب. ومبررهم انهم بمقاطعة الانتخابات فانهم بذلك لن يعطوا الشرعية للنظام الحاكم الان. - كيف لا يعطونه الشرعية! حقيقة انا لا افهم هذا الموقف حتي الآن ومازلت بانتظار ان احصل علي اجابة ممن دعوا الي ان يقاطع الحزب الانتخابات لانهم لا يريدون ان يعطوا لها ليس صحيحاً نحن في الحزب الاشتراكي لم نناقش هنا موضوع المقاطعة للانتخابات بشكل موسع وانما هو رأي طرح من قبل البعض. وبالنسبة لنا في الحزب الاشتراكي اليمني فان التوجه العام لدينا هو ان الحزب جزء من العملية السياسية في اليمن ولذلك فان الحزب سيخوض الانتخابات بفعالية كبيرة - والمهم لدي الحزب هو توفر ضمانات انتخابية تسمح باجراء انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة وما يهم الحزب هو ان تتوفر للانتخابات الرئاسية والمحلية المقرر ان تتم في سبتمبر هذا العام كافة الضمانات القانونية والسياسية. لا يهم من يصل - من هو مرشحكم لمنصب الرئيس - هذا موضوع سابق لأوانه ونحن لا نبحث عن ذلك الانسان لاننا لا نريد ان نضع العربة قبل الحصان.. ما نسعي اليه الان هو ان نصل الي انتخابات حرة بعد ذلك يأتي لتولي منصب الرئيس من يأتي - فشخصية من سيأتي لمنصب الرئيس ليست مشكلة - ما يهمنا هو ان تؤسس لقواعد سياسية وقانونية تمكنا كيمنيين ان نخطو بتجربة الديمقراطية خطوة ايجابية للامام بايجاد انتخابات حرة ونزيهة بعد ذلك لايهم من يترشح ومن يفوز |
رجاء تطالب الحزب الاشتراكي باتخاذ خطوات جادة لتزكيتها لخوض الرئاسيات القادمة! [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] 9/4/2006 ناس برس -خاص- وديع عطـا طالبت سمية علي رجاء المعلنة عن ترشيح نفسها للانتخابات الرئاسية القادمة الحزب الاستراكي باتخاذ خطوات جادة في سبيل طرح اسمها مرسحةً عنه على أحزاب اللقاء المشترك. وقالت سمية رجاء في تصريحٍ خاص لـ(ناس برس)أن القيادي الاشتراكي علي الصراري رئيس دائرة المنظمات الجماهيرية في الحزب الاشتراكي عضو اللجنة المركزية في الحزب كان قد أعلن في وقتٍ سابق أن الحزب سيقترح اسمها مرشحة له على اللقاء المشترك لتزكيتها لخوض منافسات الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها اليمن في سبتمبر/أيلول القادم. وقالت أنها اعتبرت ذلك الإعلان التزاماً من الحزب وهو ما لم يؤكده الحزب حتى اللحظة . وقالت المرشحة أن تناول بعض وسائل الإعلام لما قاله القيادي الإشتراكي دون نفي من قبل الحزب يعتبر قبولاً بها مرشحةً عن الحزب. وكان موقعي (26سبتمبرنت)و(نبأ نيوز)أول من تناول ما أشارت إليه سمية رجاء ، وأوضحا أن طرخ القيادي الاشتراكي كان خلال ندوة تتعلق بالانتخابات الرئاسية عقدت مطلع مارس المنصرم، وزاد الموقع الأخير في ثنايا خبره أن اللقاء المشترك سيطرح اسم رجاء كبديل للشيخ حميد الأحمر الذي تقترحه بعض الأطراف لخوض المنافسات مرشحةً للقاء المشترك في حال لم يتم الاتفاق بين أحزاب اللقاء على مرشح للرئاسة. |
صحيفة «صوت الجنوب»..وجهات نظر حول استقلال الجنوب العربي [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] «الأيام» نجمي عبدالمجيد: هذه محاولة للاقتراب وقراءة في وجهات نظر حول استقلال الجنوب العربي، وهي رؤية سياسية - تاريخية لما طرح حول هذا الموضوع قبل عام 1967م، وهذه النظرة لا تخرج جوهرياً عن إطار الظرف الزمني الذي أوجد مثل تلك التفاعلات في حقبة امتدت فيها مسألة الاستقلال على اكثر من مساحة، وطرح كل طرف رأيه في كيفية نقل الجنوب العربي من مرحلة الحكم البريطاني إلى فترة الاستقلال الذي يوجد دولة لها من السيادة الوطنية ما يجعلها غير مشدودة إلى السابق او إدخالها في دوامات من الصراعات يكون من نتائجها الندم على الماضي اكثر من الانتماء إلى القادم. وهنا نقف امام ما كتب حول هذا الأمر لتقديم جانب من التاريخ السياسي للجنوب والتعرف على ابعاد من تلك الرؤية، والدور الذي تلعبه الصحافة في هذا الاتجاه. لعبة الخوف من الاستقلال في العدد 45 من صحيفة «صوت الجنوب» السنة الثالثة الصادر يوم الجمعة تاريخ 15 مايو 1964م الموافق 3 محرم 1383هـ وتحت هذا العنوان يكتب المعلق السياسي حول قضية الاستقلال وعلى أي اسس أو اهداف يكون هذا العمل، هناك جانب في هذه القضية هو أنه كانت تطلب الضمانات من الحكومة البريطانية التي تقدم هذا المشروع دون انحراف نحو الصراع السياسي الذي تسقط فيه كثير من الدول والشعوب بعد الاستقلال، وجانب آخر يرى حق الاستقلال بدون شروط. وحول هذا الاختلاف يقول الكاتب: «لا يتورع هؤلاء الناس عن الحديث بإفاضة وحماسة عن هذه الشروط والضمانات التي يطلبونها من الدولة الاجنبية، مبررين ذلك بوجود ما يسمونه خلافاً بين وزراء حكومتي الاتحاد وعدن حول موضوع الاستقلال ذاته بسبب بعض الاحوال المتخلفة في المنطقة، في حين أنهم يتناسون الجهة المسؤولة تاريخياً وادبياً ومعنوياً عن جود مثل هذه الاحوال التي يتخذون منها اليوم حجة واهية لعدم المطالبة بحصول المنطقة على استقلالها وحريتها، الأمر الذي لا يمكن ان يخدم مصلحة احد بقدر ما يمكن ان يخدم مصلحة استمرار الوجود الاجنبي في هذه الأرض العربية. ولعل الاغرب من هذا أن يحاول هؤلاء الناس التذرع بحجة عدم وجود ما يسمونه بالمؤسسات الديمقراطية ذات الطابع الغربي في معظم الولايات الاتحادية باستثناء ولاية عدن وافتعال القصص الوهمية عن السلاطين والحكام الذين يصورونهم كشخصيات اسطورية مفزعة ومرعبة، في حين أن الواقع يؤكد ان هذه المناطق المقصودة قد تعودت منذ الأزل على اختيار مشائخها وعقالها وحكامها وسلاطينها بالطرق العربية القبلية التقليدية التي لا تقل من حيث المضمون والجوهر عن الاساليب الديمقراطية الغربية المستحدثة.» حول وضع ولايات الجنوب العربي وموقعها الاقتصادي في دعم قضية الاستقلال والسيادة، طرحت عدة برامج وعمليات تنفيذية لخلق حالة توازن بين عدن الميناء الدولي والحركة الاقتصادية الواسعة، وبين المناطق الزراعية التي تجعل من اقتصاد الولايات مشاركاً في حركة التنمية. منذ عام 1940م اهتمت الحكومة البريطانية بإصلاح العديد من الأراضي في أبين ودراسة التربة التي ظهرت امكانية استغلالها في التطور الزراعي، ووضعت خطة لمدة اربع سنوات عرفت باسم «مشروع خنفر للتنمية» وفي شهر ابريل من عام 1947م أنشئت «لجنة أبين» بقرار من حاكم عدن السيد ريجنالد شامبيون «1944-1951م» والتي بهذا القرار حلت مكان المشروع السابق وأصبح ذلك الجهاز هو المسؤول عن تنمية ابين زراعياً وكانت الاهداف من هذا تتمثل في: 1- رعاية وتطوير الجهاز التقليدي للري بواسطة تنظيم مناسب لتوزيع المياه. 2- تنظيم المنتوجات المعيشية والسوقية والمساعدة على تحويلها وتسويقها. 3- تحسين رخاء ورفاهية السكان المحليين. في عام 1938م كانت مساحة الارض المزروعة في أبين أقل من 1000 فدان من اصل 120000 فدان التي يشتمل عليها حقل أبين، وفي عام 1940م تم استثمار مساحة إضافية بفضل معونة مقدارها 10000 جنيه استرليني قدمتها حكومة عدن، وجرى ري وزراعة حوالي 5000 فدان خلال الفترة الزمنية من 1934 إلى 1947م، وكان عام 1946م قد ادخلت زراعة القطن بصفة اختبارية ونجحت تلك المحاولة بعد ذلك، فوضعت عام 1947م خطة جديدة وهي «خطة تنمية أبين» وهي أكثر اتساعاً وإقداماً من «مشروع خنفر للتنمية». لماذا نطالب باستقلال الجنوب العربي؟ في العدد 46 الصادر يوم الجمعة 22 مايو 1964م الموافق 10 محرم 1384هـ من صحيفة «صوت الجنوب» يكتب المعلق السياسي قائلاً: «الحقيقة التي لا مراء فيها أن لا سبيل لمناقشة إمكانية تلقيح بقية انحاء الجنوب العربي بالاساليب الديمقراطية دون التعرض بالدرس والتحليل للنظام القبلي السائد ومضاعفاته وتعقيداته التي لا يمكن لأي فرد مهما أوتي من قوة ودهاء وحنكة أن يجتثها بمجرد جرة قلم أو بالطريقة العابرة التي يحاول بها بعض الناس أن يعالجوا الشؤون والمشاكل السياسية لهذه المنطقة. ولا يمكن لأحد أن يقلل أو يستهين بمشكلة النظام القبلي القديم والمتوارث والمعتمد حالياً كأساس لأنظمة الحكم القائمة في المنطقة ولو أنه قد امكن في الواقع بعد جهد جهيد إحراز بعض التقدم في التخفيف من مضاعفات وتعقيدات هذا النظام القبلي الصرف إثر ادخال النظم الادارية الحديثة في معظم الولايات الاتحادية، وهي النظم الادارية التي مازالت تلقى بعض المقاومة بسبب ما تنطوي عليه من سحب لبعض الصلاحيات والمسؤوليات التي ظل يتمتمع بها مشائخ وعقال القبائل منذ أن عرفت المنطقة اسلوب الحياة». يحدد التقرير السنوي لاتحاد الجنوب العربي لعام 1964م-1965م بعض جوانب التطور في ولايات الاتحاد، ويظل الجانب الزراعي هو الأهم من بين تلك الجوانب الساعية إلى الارتقاء بالوضع الاجتماعي للناس، من خلال تطوير العمل الاداري المساعد على تجاوز درجات الاختلاف بين عدن والمحميات. وفي عام 1953م أسست شعبة الري وكانت متفرعة عن دائرة الزراعة وتدخل ضمن برنامج المسح الهيدرولوجي، وبلغت مساحة الاراضي المحروثة حوالي 150000 فدان. وفي عام 1960م قام المستر د. س. فيرغوسون وهو خبير الاقنية والري في الوزارة البريطانية للتنمية وراء البحار بأول زيارة له إلى ولاية عدن، وكانت ضمن سلسلة الزيارات السنوية التي يقوم بها إلى عدن والمحميات، وقد طرحت عدة مشاريع رئيسية لتطوير وتنمية الاقتصاد الزراعي في محميات عدن وشملت البرامج التطويرية اموالاً خصصت لبناء السدود والحواجز ومنشآت ضبط مياه الاقنية وأجهزة استبعاد الطين وضبط تدفقات المياه وكذلك شق القنوات ووسائل توزيع المياه ومشروع للحفر الاستطلاعي القصد منه تقدير نسبة المياه الموجودة في باطن الارض في المناطق التي لا تتوفر عن مياهها الجوفية معلومات جيدة، وقد خصصت مبالغ لتنفيذ المشروعات التالية: 1- تطوير الري - 1183000 جنيه 2- الحفر الاستطلاعي - 130000 جنيه. 3- وضع خرائط لمنطقة لحج - 23600 جنيه. بلغت ميزانية مشروع احور للري 15000 جنيه، وفيه منشآت للمراقبة تحتوي على منفذين في قناة احور الرئيسية وذلك لضبط وتنظيم تدفق المياه في القناة الرئيسية اثناء الفيضانات، وتبلغ الاراضي المحروثة في دلتا احور نحو 18000 فدان، وتلك المنشآت قادرة على تأمين فوائد سريعة لنحو 2000 فدان، وقد عقدت في أواخر عام 1964م اتفاقية للقيام بأعمال هذه المنشآت وبدأ العمل بها في شهر ديسمبر عام 1964م وانتهي منه في شهر ابريل 1965م. وهذه الأعمال في الاقتصاد الزراعي في مناطق الجنوب العربي تظهر بأن تحسين الوضع الاجتماعي لدى حكومة الاتحاد كان يحتل المكانة الاولى قبل ادخال هذه المناطق في دوامة الصراعات السياسية، لأن تطور العامل الاقتصادي هو الدافع الموضوعي لطرح المشروع السياسي. المؤتمر الدستوري في العدد 48 الصادر يوم الجمعة بتاريخ 5 يونيو 1964م من صحيفة «صوت الجنوب»، يواصل المعلق السياسي كتابته حول قضية تحرر واستقلال الجنوب العربي والتي يراها لا تحتاج إلى صراعات حولها، حيث افتتح باب المفاوضات وكان في اول مؤتمر دستوري لبحث الوسائل الهادفة الى احراز تقدم دستوري لاتحاد الجنوب العربي في مسيرة استقلاله وحريته والسيادة على ارضه ووحدتها، وكان مقرراً عقد ذلك المؤتمر في بريطانيا بتاريخ 9 يونيو 1964م، وهناك محاولة جرت في عدن لعقد مؤتمر تمهيدي الغرض منه استطلاع كافة الآراء للفئات السياسية بغية توحيدها مع وجهات نظر الرجال المسؤولين من كل الولايات الاتحادية والذين كان من المقرر مشاركتهم في محادثات لندن. غير ان نتيجة المؤتمر التمهيدي كانت امتناع بعض الجهات عن الاشتراك فيه من باب الاحتجاج على عدم دعوتها لحضور المؤتمر في لندن، وقبول جهات أخرى للاشتراك فيه، وكذلك الاعلان عن ارسال من يمثلها إلى العاصمة البريطانية لكي يكونوا على صلة واطلاع بتطورات تلك المفاوضات، وهناك فئة ثالثة التزمت الصمت في هذه القضية ولم تتخذ اي موقف واضح. ويقول الكاتب حول هذا الموضوع: «يتضح من هذه النتيجة مدى حدة انقسام وتفاقم خلافات قطاعات الرأي العام في ولاية عدن وحدها حول عقد المؤتمر الدستوري، كما تؤكد ذلك الآراء والتعليقات التي ظهرت ومازالت تظهر في عدد من الصحف المحلية التي عالجت موضوع استقلال منطقة الجنوب بأسرها من جوانب وزوايا متضاربة ومتناقضة، وتناولته بعضها بطريقة مشحونة بالإثارة بدلاً من التروي والتعمق والدراسة لواقع وجوهر مشاكل هذه المنطقة. وبما أن الصراع الدائر حالياً حول المؤتمر الدستوري يكاد أن ينحصر داخل ولاية عدن بين مختلف المنظمات السياسية فإننا لا نجد ما يمكن ان يمنع قيام تفاهم بين جميع الاطراف المعنية بحيث تجتمع كلمتهم وتتحد آراؤهم في هذا الظرف العصيب.» وسط هذه الخلافات السياسية، كيف كانت الوضعية التنموية للخطط والمشاريع التي وضعتها حكومة الاتحاد؟ نقدم هنا بعضاً من برامج تلك المشاريع حتى تكون المقارنة بين السياسة والاقتصاد على مستوى متقارب من الرؤية، وبالعودة إلى خطة 1960-1964م نجد الارقام التالية: في 1- ابريل 1960م بدأ تنفيذ الخطة وقد خصص مبلغ 6330000 جنيه، وكذلك بناء المساكن مبلغ 2164000 جنيه، والخدمات العامة 1115000 جنيه، والخدمات الطبية والصحية 998000 جنيه، والمتفرقات 917000 جنيه، والمواصلات 570000 جنيه واخيراً التعليم 566000 جنيه، وفي 31 مارس 1963م وقبل انتهاء الخطة بعام كانت النفقات التي صرفت 3500000 جنيه، وقد قدرت نفقات السنة الاخيرة 1963-1964 بأكثر بقليل من 200000 جنيه. استقلال الجنوب العربي كفيل بتقويم كافة الاوضاع دون وصاية في العدد 49 الصادر يوم الجمعة بتاريخ 12 يونيو 1964م يكتب المعلق السياسي حول مسألة الاستقلال، وقد حدد ثلاث نقاط وقف امامها مؤتمر لندن وهي ادخال تعديلات على دستوري كل من ولاية عدن واتحاد الجنوب العربي لاكتساب صلاحيات دستورية اوسع، وتحديد موعد لاستقلال الاتحاد خلال مدة زمنية لا تطول، وكذلك دراسة مشاريع التنمية الاقتصادية التي كانت ستطبق في الجنوب العربي خلال المرحلة الانتقالية التي سوف تسبق موعد الاستقلال. وقد وقف الكاتب امام ورود إشارة صريحة وواضحة حول الرغبة في ادخال المؤسسات الديمقراطية المعرفة في ولاية عدن إلى كل الولايات الاتحادية، وتلك خطوة تهدف إلى رفع مستوى الوعي الاجتماعي في الريف إلى درجة المدينة. والكاتب يرى بهذا العمل تمهيدا لاجراء انتخابات عامة على مستوى المنطقة بأسرها قبل يوم الاستقلال، غير انه لا يغفل المخاطر والمشاكل المحتملة التي ربما تظهر بسبب مثل هذه الخطوة التي تعد جديدة على مجتمعات قبلية، حيث يحتمل ان تكون الاحتكاكات التي يسمع فيها صوت السلاح وسيلة للتنافس والاقناع وبالذات في المناطق التي لم يكن لمواطنيها سابق معرفة بالتعامل مع العمل الديمقراطي، لذلك كان من الواجب رفع مستويات التعليم في تلك المناطق حتى تكون في مستوى التجربة. ويقول الكاتب عن آلية النهوض السياسي في الجنوب العربي: «ان ما تحتاج اليه منطقة الجنوب العربي هو تحلل الحكومة المركزية من كافة القيود والاغلال التي تكبل انطلاقتها نحو آفاق واسعة من التطور والنهوض والرخاء والاستقلال والتحرر بمعانيها الحقيقية، ولهذه الاسباب وغيرها يستمد المؤتمر الدستوري الذي يعقد حالياً في العاصمة البريطانية اهميته الحقيقية إذ أن من شأن نتائجه ومقرراته أن تحدد معالم الطريق المؤدية إلى الهدف النهائي وهو الاستقلال بعد اجتياز المرحلة الانتقالية.» الارتباط العضوي بين وحدة الجنوب وحريته في العدد 50 من «صوت الجنوب» الصادر يوم الجمعة تاريخ 19 يونيو 1964م يواصل المعلق السياسي طرح وجهات نظره حول قضايا الجنوب العربي، ويرى أن الاختلافات السياسية في البلاد حالة ناتجة عن التطورات في آلية العمل، غير انها لا تخرج عن الهدف الاكبر وهو حق الجنوب العربي بالحرية والاستقلال حتى يمتلك القدرة على التقدم والانطلاق مع المجموعة العربية. ومن أجل ذلك كان الاتحاد والذي هو تجسيد عملي والذي بدونه لا تكون الحرية، كما يرى الكاتب، فهناك من وجهة نظره ارتباط عضوي بين الاتحاد والاستقلال، وهو يذكر أننا لو وضعنا قضية الاستقلال مسبقة عن قضية الاتحاد لكانت المسألة مثل الذي يجعل العربة قبل الحصان، ولوجدنا ان الحرية لا قيمة لها دون الاتحاد. ويطرح الكاتب وجهة نظره حول الاستقلال قائلا: «إن الاستقلال هو معركة من أجل البناء - بناء دعائم الوطن الجديد الذي يعتمد على رجاله ويقوم بفضل جهود ابنائه ويسير في اتجاه جديد لخلق اقتصاد وطني وتهيئة كيان جديد غير الكيان القديم ويتطلب انجازات أخرى يقوم عليها تطور هذا الكيان الجديد وانطلاقه نحو آفاق اكثر رحابة من ذلك الافق الضيق الذي كان منكمشاً فيه قبل ان يظفر الوطن بحريته واستقلاله. ونحن اليوم حين ننشد حرية بلادنا إنما ننشدها لنحقق غرضين اساسيين أولهما أن نقيم دعائم بلادنا ونرسي صرح غدها ومستقبلها. وثانيهما أن نقوم بواجبنا نحو أسرتنا العربية التي ننتمي اليها، وتحررنا هو الشرط الاساسي لعروبتنا.» [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] |
الصحف والمجلات في عدن أيام اتحاد الجنوب العربي وتم مصادرتها يوم 30 نوفمبر 1967م باعتبارها من العهد البائد البغيض!! [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] 1- (فتاة الجزيرة) / بدأت أسبوعية ثم يومية / أصدرت في 1 يناير 1940م / رئيس تحريرها محمد علي لقمان. 2- (صوت اليمن) / صدر العدد الأول في 23 أكتوبر عام 1946م / رئيس تحريرها محمد محمود الزبيري. 3- (الفضول) / أسبوعية مستقلة / صدر العدد الأول في 25 ديسمبر عام 1948م / رئيس تحريرها عبد الله عبد الوهاب نعمان. 4- (المستقبل) / صدر العدد الأول منها في الأول من يناير عام 1949م / رئيس تحريرها عائض سالمين باسنيد. 5- (الذكرى) / أسبوعية مستقلة/ أصدرت عام 1948/ صاحبها ورئيس تحريرها الشيخ محمد علي باحميش. 6- (أفكار) / أسبوعية مستقلة / أصدرت عام 1948م / صاحبها ورئيس تحريرها محمود لقمان. 7- (النهضة) / أسبوعية سياسية / أصدرت عام 1948 م / صاحبها ورئيس تحريرها عبد الرحمن عمر جرجره. 8- (صحيفة القلم العدني) / أسبوعية / أصدرت عام 1954م / رئيس تحريرها علي محمد لقمان. 9- (إيدن كر ونكل) / أسبوعية / صدرت عام 1952م / رئيس تحريرها المحامي محمد علي لقمان. 10- (الجنوب العربي) / أسبوعية مستقلة / أصدرت عام 1954م / رئيس تحريرها محمد عمر بأفقيه. 11- (البعث) / أسبوعية سياسية / أصدرت في عام 1955م / رئيس تحريرها محمد سالم علي عبده. 12- (اليقظة) / يومية / صدرت عام 1956م / رئيس تحريرها عبد الرحمن جرجره. 13- (الأيام) / يومية سياسية / صدر العدد الأول في يوم السبت التاسع من شهر أغسطس عام 1958م / رئيس تحريرها محمد علي باشرا حيل. 14- (الكفاح) / يومية مستقلة / أصدرت عام 1960 م / صاحبها ورئيس تحريرها حسين علي بيومي. 15- (الأخبار) / يوميه مستقلة / صدرت عام 1964م / رئيس تحريرها علي محمد لقمان. 16- (الحق) / يومية سياسية جامعة / صدرت عام 1965م / رئيس تحريرها عبد اللطيف كتبي. 17- (الطريق) / يومية سياسية مستقلة / صدرت في يناير عام 1966م / رئيس تحريرها محمد ناصر محمد. 18- (الأخبار) / يومية مستقلة / أصدرت عام 1964 م / صاحبها ورئيس تحريرها علي محمد لقمان. 19- (الحق) / يومية مستقلة / أصدرت عام 1965 م / صاحبها ورئيس تحريرها عبد اللطيف كتبي. 20- (العمال) / يومية / أصدرت عام 1966 م / صاحبها ورئيس تحريرها محمد سعيد بأشرين. 21- (القلم العدني) / أسبوعية مستقلة / أصدرت عام 1952 م / صاحبها ورئيس تحريرها علي محمد لقمان. 22- (الرقيب) /أسبوعية مستقلة بالغة العربية والإنجليزية / صاحبها ورئيس تحريرها محمد علي باشرا حيل. 23- (النور) / أسبوعية مستقلة /أصدرت عام 1957 م / صاحبها ورئيس تحريرها محمد سالم باسندوه. 24- (الزمان) / أسبوعية مستقلة / أصدرت عام 1958 م / صاحبها ورئيس تحريرها محمد حسن عوبلي. 25- (الفجر) / أسبوعية مستقلة / أصدرت عام 1957 م / صاحبها ورئيس تحريرها عيد روس الحامد. 26- (صوت الجنوب) / أسبوعية / صدرت عام 1962م / رئيس تحريرها احمد شريف الرفاعي. 27- (القات) / أسبوعية مستقلة / صدرت عام 1957م / صاحبها ورئيس تحريرها علي ناجي محسن. 28- (العامل) / أسبوعية / صدرت عام 1956م / صاحبها ورئيس تحريرها عبده خليل سليمان. 29- (الفكر) / أسبوعية مستقلة / صدرت عام 1956م / صاحبها ورئيس تحريرها هبة الله علي. 30- (الفاروق) / أسبوعية / صدرت عام 1964م / صاحبها ورئيس تحريرها عبد الله الخامري. 31- (الشعب) / أسبوعية / صدرت عام 1958م / صاحبها ورئيس تحريرها محمد سعيد ألحصيني. 32- (الجنبية) / أسبوعية / صدرت عام 1962م / لسان حال الحرس الوطني الاتحاد. 33- (الساعة) / أسبوعية / صدرت عام 1961م / لسان حال القوات البريطانية. 34- (الميزان) / أسبوعية / صدرت عام 1962م / صاحبها ورئيس تحريرها صالح الحريري. 35- (الحقيقة) / أسبوعية / صدرت عام 1962م / لسان حال حزب الشعب الاشتراكي لصاحبها محمد باسندوه. 36- (الأمل) / أسبوعية / صدرت عام 1965م / صاحبها ورئيس تحريرها عبد الله عبد الرزق باذيب. 37- (المصير) / أسبوعية / صدرت عام 1966م / صاحبها ورئيس تحريرها حسن مسعد الخمري. 38- (المعلم) / أسبوعية / صدرت عام 1949م / صاحبها ورئيس تحريرها حامد الصافي. 39- (فتاة شمسان) / أسبوعية / صدرت عام 1960م / صاحبها ورئيس تحريرها ماهية نجيب. 40- (المجتمع) / نصف شهرية / صدرت عام 1964م / صاحبها ورئيس تحريرها عدنان كامل. 41- (أنغام) / شهرية / صدرت عام 1962م / صاحبها ورئيس تحريرها علي عبد الله أمان. 42- (الغد) / شهرية / صدرت عام 1962م / صاحبها ورئيس تحريرها حسن علي عمر. 43- (الميناء) / شهرية / صدرت عام 1957م باللغة الإنجليزية والعربية ملونة تصدرها أمانة ميناء عدن. 44- (الصبـــــــــــاح) / صدرت عام 1966م / صاحبها ورئيس تحريرها سعيد علي. [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] |
تهديد د.ياسين نعمان واتهامه بـ (الانفصال) صنعاء «الأيام» :د. ياسين سعيد نعمان أدانت الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني محاولة استهداف الأخ د. ياسين سعيد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني رئيس مجلس النواب الأسبق. واعتبرت الأمانة العامة في بيان أصدرته يوم أمس الإثنين 10/4/2006م «أن ما حدث للأمين العام من تهديد إنما يعكس التأثير السلبي للدعاية الرسمية التي تحرض ضد أحزاب المعارضة ورموزها القيادية وتجسيد لثقافة الإقصاء والتخوين التي درجت عليها هذه الأجهزة، وذهب ضحيتها خيرة سياسيي ومثقفي الوطن.. وحملت الأمانة العامة السلطة مسؤولية الحفاظ على حياة الأخ د. ياسين سعيد نعمان، مجددة التأكيد بأن محاولة النيل من رمز سياسي وطني بقامة ومكانة د. ياسين تمثل استهدافاً للاستقرار السياسي والاجتماعي. وجددت الأمانة العامة أن مثل هذه الممارسات الإقصائية تجاه المعارضين السياسيين والتلويح بتهديد حياتهم لن تثني حزبنا ونشطاء الحياة السياسية عن مواصلة النضال السياسي السلمي دفاعاً عن حقوق وحريات الناس، وترسيخاً للقيم الديمقراطية. والأمانة العامة إذ تدين هذا العمل الجبان فإنها تهيب بكافة أعضاء الحزب وكوادره وأنصاره وكل القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لرفع درجة الوعي واليقظة ومجابهة كل المخاطر التي تحاول النيل من الشخصيات السياسية الوطنية والعبث بأمن واستقرار البلاد». إلى ذلك علمت «الأيام» أن الحوار الذي أجرته صحيفة «الراية» القطرية مع الأخ د. ياسين سعيد نعمان، أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني وأعادت نشره «الأيام» يوم أمس الاثنين كان قد أجراه مراسل «الراية» منذ شهرين وقام بتحوير بعض القضايا المتناولة في الحوار، الأمر الذي شوه الحوار، متجاهلا الأمانة الصحفية والمهنية.. وعلى إثره اتصل الأخ د. ياسين بمراسل «الراية» في صنعاء الذي أجرى الحوار معه وطلب منه أن يصحح الأخطاء التي وردت وهي بعض ما نسب إليه من أقوال لم يقلها وأسئلة لم يطرقها معه.. فرفض المراسل ذلك موجها للدكتور ياسين كيلا من الشتائم والتهديدات ونعته بـ «الانفصالي». «الأيام» اتصلت مساء أمس بالاخ د. ياسين سعيد نعمان وسألته عن ملابسات الموضوع فأكد «أن مراسل «الراية» عمل على تحوير بعض القضايا وتدخل في بعض الإجابات والأسئلة ومنها ما جاء تحت عنوان: تباينات وليس انشقاقا.. ففي سؤال مفاده: قيادات اشتراكية أظهرت اعتراضها وتحفظها تجاه ما تتخذه قيادة الحزب من قرارت ومواقف.. أليس هذا الأمر هو سبب ما شهدته دورة اللجنة المركزية من تباين؟ كانت إجابتي: ليس ذلك صحيحا، لكن هناك من لم تعجبهم القرارات والمواقف التي اتخذتها اللجنة المركزية - وهم قلة- وأؤكد هنا على أن قناعاتنا هي الالتزام بحق الأقلية أن تعبر عن رأيها وأن تحمل رأيها إلى أي مكان تريده، وأن تدافع عن هذا الرأي ومع ذلك فإن على الأقلية أن تلتزم برأي الأغلبية وأن على الأغلبية أن تحترم رأي الأقلية طالما أن الجميع موجودون في حزب واحد وبنية تنظيمية واحدة فعلى الجميع الالتزام بما تتخذه اللجنة المركزية من قرارات. لكن المراسل لم يواصل قولي في الاجابة.. وفي حزبنا لا توجد أغلبية دائمة أو أقلية دائمة». وأضاف د.ياسين:« وبالنسبة الى سؤال: اذن ما الذي يثير الحديث عن مشكلات خاصة تعاني منها المحافظات الجنوبية، أجبت بقولي: حرب صيف 1994م وهنا أدخل المراسل (حرب الدفاع عن الوحدة) وهي جملة لم أقلها على الاطلاق، وقلت: حرب صيف 1994م أقول لك بأنها أوجدت فعلا فجوة نفسية لدى أبناء المحافظات الجنوبية.. إلى آخر الاجابة.. ثم سألني: ألا ترى دكتور ياسين أن تبني الحزب الآن لقضية أو مشكلة أبناء جنوب اليمن والمحافظات الجنوبية- إذا جاز الوصف- وهنا ينتهي سؤاله لكنه أضاف إليه (بأنه يشكل تأييدا للقيادات الاشتراكية التي تورطت وتبنت مؤامرة الانفصال عن الوحدة اليمنية؟ وهذه اضافة منه. واستهللت جوابي: البعض داخل الحزب الاشتراكي يطرح مثل هذه القضايا بشكل عمومي.. لكن المراسل نسب الي قولي: لا.. ذلك ليس صحيحا.. ثم تدخل في اجابتي عن السؤال الذي يليه حول قضية الجنوب.. وهناك من يطرحها داخل الحزب الاشتراكي وفقا لخطاب وتوجه سياسي انفصالي؟ فنسب الي قولي: ذلك صحيح فهناك من يطرح هذه القضية وفقا لذلك.. وهو ما لم أقله بل استهللت جوابي بالقول: الآن أنا أتحدث عن رؤية الحزب وهي رؤية وحدوية.. وإلى آخر الاجابة. وفي ردي على سؤاله: دعوتك دكتور ياسين سعيد نعمان لفتت الانتباه إلى احداث تغيير داخل بنية الحزب- ما الغاية من ذلك؟ فنسب الي قولي أن الحزب الاشتراكي وجميع الاحزاب السياسية في اليمن ظهورها وتأسيسها (قام على أسس ورؤى تقليدية) هذه العبارة المقوسة لم أقلها، بل قلت: كانت تقوم على أساس ايديولوجي عقائدي... كما تدخل في اجابتي عن سؤال حول مشروع الاصلاح السياسي والوطني الذي وقعت عليه احزاب اللقاء المشترك هل كان سببا لفشل ووقف الحوار؟ ونسب الي القول: ربما يكون الاخوة في الحزب قد اعتبروا أن توقيع الحزب على المبادرة هو موقف ضدهم.. وهي عبارة اضافها بعد اجابتي التي قلت فيها: ربما يكون ذلك صحيحا لأن موضوع الحوار مع المؤتمر قد تداخل مع توقيع أحزاب المعارضة ومنها الحزب الاشتراكي على مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني. وهنا انتهت اجابتي. وفي خاتمة الحوار تدخل المراسل في اجابتي عن سؤال: من هو مرشحكم لمنصب الرئيس؟ فأجبته: هذا موضوع سابق لاوانه ونحن لا نبحث في ذلك حتى الآن- فأدخل المراسل عبارة: لا نبحث عن ذلك الإنسان. وهو ما لم أقله وتابعت اجابتي: لأننا لا نريد أن نضع العربة قبل الحصان وإلى آخر الاجابة |
ياريت يادكتور ياسين أن تستوعب وتقتنع وتكون على يقين بأنه اي جنوبي يقول الحق ويدافع عن اهله وناسه فهو انفصالي شوعي ملحد كافر متامر عميل وكل مصتطلحات التهم وياريت يادكتور تتوصل الى الحقيقة وهي أن عصابة الاحتلال لاتريد الجنوبيين ولاكنها تريد ارضهم أي أنها تريد الارض دون الشعب ياريت يادكتور أن لاتتعب نفسك وتقنعها بغير دلك ولاتضيع من عمرك في ماتحاول الى تغيره فحاول فقط تجد كيف المخرج وتقصر من عمر الاحتلال .
|
مشايخ الصبيحة:الإساءة للدكتور ياسين تسيء للوطن والشخصيات الشريفة! طور الباحة «الأيام» خاص: أعلن مشايخ وأعيان ومواطنو الصبيحة عن استنكارهم الشديد لما تعرض له الأخ د.ياسين سعيد نعمان، الشخصية الوطنية البارزة من تهديد واساءة مساء الأحد الماضي.. ورد ذلك في بلاغ أصدروه أمس.. جاء فيه: «نحن مشائخ وأعيان وأبناء منطقة الصبيحة وقبائلها نعبر عن أسفنا الشديد تجاه ما تعرض له د.ياسين سعيد نعمان، الشخصية الوطنية البارزة في اليمن من تهديد وإساءة مساء يوم الأحد الموافق 9 ابريل الجاري من أحد الأفراد الخارجين عن النظام والقانون. إن مثل هذه الأفعال تسيء للوطن والشخصيات الشريفة في اليمن وبسبب هذه الأفعال الدنيئة يسجل أبناء منطقة الصبيحة من مشائخ وأعيان ووجهاء وكوادر مدنية وعسكرية ادانتهم واستنكارهم الشديدين. إننا بهذا البيان نطالب الجهات المختصة في الدولة بأن تتحمل كامل مسئوليتها في حماية مثل هذه الشخصيات الوطنية ومحاسبة من قاموا بهذا العمل غير القانوني تجنبا للفتن التي نحن والوطن في غنى عنها، ونناشد كافة أبناء الوطن الوقوف صفا واحدا لإدانة مثل هذه الأعمال غير المسئولة |
المشترك:تهديد د.ياسين مدخل لافتعال الازمات! صنعاء «الأيام» خاص: عبر اللقاء المشترك لأحزاب المعارضة عن «إدانته الشديدة للتهديد والإيذاء اللذين تعرض لهما د. ياسين سعيد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني مساء يوم الأحد، واللذين تنتفي عنهما صفة الانفعال اللحظي غير الواعي وإنما جاءا في سياق الحملة الدعائية التشهيرية ضد الدكتور ياسين وضد عدد من قادة أحزاب اللقاء المشترك، تلك الحملة التي اتخذت من بعض وسائل الإعلام الرسمية والصحف الصادرة عن الحزب الحاكم ساحة لها منذ عدة أسابيع». جاء ذلك في بيان صادر أمس الثلاثاء عن أحزاب اللقاء المشترك وهي: التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وحزب الحق واتحاد القوى الشعبية اليمنية.. قالت فيه: «وفي حين أن قيادة اللقاء المشترك تعبر عن اعتزازها بالدكتور ياسين وتثمن عالياً أدواره السياسية الوطنية وتقدر مجمل الآراء والمواقف التي يتبناها بما تعكسه من مسئولية ونفاذ بصيرة وانسجاماً مع صوت العقل فإنها ترى أن استخدام أساليب التشهير ضده وتوجيه التهديدات إليه إنما يعكس العجز السياسي لدى أصحابها وما انحدروا إليه من إفلاس أخلاقي، الأمر الذي أوصلهم إلى التخلي عن لغة الحوار وعن التعامل الموضوعي مع الرأي الآخر، وبالتالي البحث عن المداخل لافتعال الأزمات للتغطية على عجزهم وإفلاسهم. ويؤكد اللقاء المشترك رفضه القاطع لأساليب التشهير والإساءات الشخصية في العمل السياسي ولأعمال التحريض غير المسئولة ضد أحزاب المعارضة وقياداتها من خلال وسائل الدعاية الرسمية وتعبئة منتسبي أجهزة الدولة بمشاعر الكراهية وبالنزعات العدائية القائمة على نشر الأكاذيب المختلفة، والترويج للتهم الباطلة المستندة إلى الطعن في وطنية المعارضين ودينهم وتزوير الحقائق بشأن مواقفهم وضمائرهم، الأمر الذي يفضي إلى بروز أدوات الاغتيال السياسي وتوجيهها في اقتراف أحط وأقذر الجرائم. وما اغتيال الشهيد جار الله عمر رحمه الله الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني قبل ثلاث سنوات إلا ثمرة مرة من ثمار هذا التحريض الأهوج والتعبئة الخاطئة. إن اللقاء المشترك يعبر عن استنكاره الشديد لهذا الاستهداف الإجرامي الذي يتعرض له الحزب الاشتراكي اليمني ويطال قادته ورموزه ويعرب عن التضامن الكامل معه ومع أمينه العام د. ياسين سعيد نعمان، الشخصية الوطنية المحترمة والذي يكن له الشعب اليمني قاطبة الحب والتقدير وترى فيه أحزابنا مصدراً للفخر كقائد سياسي يتمتع بالنضج والكفاءة والمصداقية. وتدعو أحزاب اللقاء المشترك وفروعها في المحافظات إلى تجسيد هذا التضامن في تطوير أدائها السياسي بين الناس، وفضح أهداف حملات التحريض والتشهير والتهديد التي تستهدف قادة ورموز المعارضة وتسعى إلى اختلاق الأزمات لتعكير أجواء الحياة السياسية، خاصة أن البلد مقدم على خوض استحقاقين وطنيين مهمين يتمثلان في الانتخابات الرئاسية والانتخابات المحلية في شهر سبتمبر القادم.. والله ولي التوفيق». |
حرب البيانات بين الكميم وأحزاب المشترك على خلفية حوار صحفي! الأربعاء, 12-أبريل-2006 - رفض الدكتور ياسين سعيد نعمان- الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني رفع شكوى إلى وزارة الداخلية بما أسمته الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني محاولة استهداف حياة أمينها العام الدكتور ياسين . وقال مصدر أمني بوزارة الداخلية نقل عنه "نبأ نيوز": أن وزير الداخلية استدعى امس الدكتور ياسين سعيد نعمان للاستعلام منه حول حقيقة التهديد الذي تعرض له ، والذي صدر به بيان إدانة من الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني ، فشرح للوزير أن الأمر يتعلق بحوار صحفي أجراه معه نبيل الكميم- مراسل "الراية القطرية"، وأعاد نشرة موقع الحزب الاشتراكي (الاشتراكي نت ) معدلاً وقيل أن مراسل الصحيفة أحدث فيه وهو ما نفاه الكميم قالاً في رسالة وجهها إلى نقابة الصحفيين ( تلقى نسخة منها ) انه لم يوجه أي تهديد للدكتور ياسين وروى الكميم أحدث تواصله مع عدد من أتباع نعمان الذين قالوا له عقب نشر المقابلة أن هناك بعض التحفظات للدكتور وسرعان مع تلقى اتصالاً هاتفياً من الدكتور ياسين سعيد نعمان الذي بادر بالهجوم بحسب ما ورد في رسالة الكميم وأنه قال له بأن الحوار ( أعد في مطابخ سياسية ) واتهامات عديدة منها الإخلال بالمصداقية والمهنية الصحفية . وأضاف الكميم أنه حال تواصله مع الدكتور لإعطائه نسخة من المقابلة في شريط إلى منزله يوم الاثنين وجده منفعلاً تبعته العديد من الشتائم والألفاظ ". وفي الوقت الذي اعتبر فيه الدكتور ياسين سعيد نعمان الحادث مهنياً وسيقدم به بلاغ إلى نقابة الصحفيين أصدرت أمانة العامة لحزبه بياناً تلاه بياناً لأحزاب المشترك قالت فيه :" (إن ما حدث لـ(الدكتور ياسين ) أمس (الأول) من تهديد إنما يعكس التأثير السلبي للدعاية الرسمية التي تحرض ضد أحزاب المعارضة ورموزها القيادية وتجسيد لثقافة الإقصاء والتخوين التي درجت عليها هذه الأجهزة، وذهب ضحيتها خيرة سياسيي ومثقفي الوطن ) واستطرد البيان بأن ذلك يعد :" تعبئة منتسبي أجهزة الدولة بمشاعر الكراهية وبالنزعات العدائية القائمة على نشر الأكاذيب المختلقة، والترويج للتهم الباطلة المستندة إلى الطعن في وطنية المعارضين ودينهم وتزوير الحقائق بشأن مواقفهم وضمائرهم، الأمر الذي يفضي إلى بروز أدوات الاغتيال السياسي، وتوجيهها في اقتراف أحط وأقذر الجرائم)!!!. إلا أن الدكتور ياسين سعيد نعمان قال في اتصال هاتفي لـ " أنه لا يعرف شيئاً عن البيان" وقال :" تواصلوا مع قيادات الحزب " التي ذكرت لـ أنه لا تعلم شيئاً عن البيان ومنهم عبد الغني عبد القادر . وتزامن هذا التصعيد ضد الصحفي نبيل الكميم أعادت نشر المقابلة معدلة إذ تم بتر العبارات التي ربما فهمت بأنها موجهة ضد بعض قيادات أجنحة الحزب الاشتراكي |
أخبار: بعد محاولة اغتيال فاشلة استهدفت الخامري! الأربعاء 12 أبريل 2006 «المشترك» يدين استهداف أمين عام الاشتراكي أدانت أحزاب اللقاء المشترك التهديد الذي تلقاه أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان بالاغتيال مساء الأحد الماضي. وقال بيان صادر عن «اللقاء المشترك» إن التهديد والإيذاء اللذين تعرض لهما ياسين «تنتفي عنهما صفة الانفعال اللحظي غير الواعي، وإنما جاء في سياق الحملة الدعائية التشهيرية ضد الدكتور ياسين وضد عدد من قادة احزاب اللقاء المشترك». وكان شخص قد هدد بتفجير منزل أمين عام الاشتراكي قبل أن يتم القبض عليه وبحوزته قنابل يدوية. وفي السياق نفسه تعرض رجل الأعمال المعروف والمرشح لانتخابات الرئاسة اليمنية المقررة في أيلول «سبتمبر» القادم توفيق محمد علي سيف الخامري مساء «الأحد» الماضي لمحاولة اغتيال كادت تودي بحياته بعد ثلاثة أيام فقط على تعرض منزله لإطلاق نار كثيف. وأكد توفيق الخامري لـ«الوسط» أن عدداً من المسلحين كانوا يستقلون سيارة «لم يحدد نوعها» كانوا بانتظاره أمام بوابة منزله في حي عذبان «جنوب غرب العاصمة صنعاء» وما أن وصل حتى باشروا بإطلاق نار كثيف باتجاهه، مشيراً إلى أن الحادث لم يُسفر عن أي إصابات نتيجة أنهم بدأوا إطلاق الرصاص بعد فتح حراسة المنزل للأبواب، الأمر الذي سهل على السائق الإسراع باتجاه الداخل فور سماعه بداية إطلاق الرصاص. وأضاف أمين عام اتحاد الفنادق اليمنية ونائب رئيس المجلس اليمني لرجال الأعمال والمستثمرين انه لايتهم أي جهة بالوقوف وراء الحادثتين، مطالباً السلطات الأمنية بالكشف عن التحقيقات التي أجرتها في الحادثة السابقة وتعقب الجناة ومعرفة ملابسات الحادثتين والقيام بدورها في ضبط الأمن ونشر السكينة في أوساط المجتمع. ونفى الخامري تلميحات بعض وسائل الإعلام التي تتهم بعض الجهات الرسمية بالوقوف وراء الحادثتين بسبب إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، مبرراً نفيه بأنه الوحيد الذي أعلن ولا يزال يعلن انه لن يترشح إذا تراجع الرئيس علي عبدالله صالح عن قراره الذي أعلنه في 17 يوليو العام الماضي لعدة اعتبارات أهمها العلاقة الشخصية التي تربطه بصالح وتسليمه بقدرة الرئيس وإمكانياته وخبراته المتراكمة في الحكم. وكان عددٌ من المسلحين قاموا مساء «الأربعاء» الماضي بإطلاق زخات كثيفة من الرصاص الحي على منزل توفيق الخامري. وقال شهود عيان -كانوا يتواجدون في إطار موقع الحادث آنذاك- إن السيارات التي لم يعرف عددها وهناك من يقول أنها تويوتا نوع هيلوكس باشرت بإطلاق النار على فيلا الخامري الموجودة ضمن مجمع الفلل التي يملكها مع أشقائه في حي عذبان من الناحية الخلفية أي من شارع الستين الغربي (الطريق المؤدي إلى دار الرئاسة). وقالت المصادر ذاتها إن الفيلا تعرضت لأضرار كبيرة وتخرّب جزء كبير من واجهتها الخلفية المطلة على شارع الستين العام جراء الرصاص الكثيف الذي أطلق عليها من قبل المسلحين الذين لم تعرف هويتهم حتى هذه اللحظة، مشيرة إلى زيارة بعض المسؤولين الأمنيين للخامري عقب الحادث مباشرة وأن أكثر من 20 طقماً عسكرياً يتواجدون حالياً حول المنزل. |
ادان تفجير مقر اشتراكي حضرموت ؟ اشتراكي لحج .. استهداف د.ياسين تهديد خطير للسلم الاجتماعي؟ لشورى نت-لحج ( 12/04/2006 ) ادانت منظمة الحزب الاشتراكي اليمني في محافظة لحج استهداف د.ياسين سعيد نعمان امين عام الاشتراكي ووصفت ما تعرض له بالاعمال والاساليب المشينة التي دائما ما تعبر عن لغة الحوار الوحيدة التي تجيدها القوى الظلامية التي لا تستطيع العيش في اوضاع مستقرة وآمنة تسودها العدالة الاجتماعية والأمن والاستقرار والمواطنة المتساوية وسيادة النظام والقانون. واعتبرت سكرتارية منظمة اشتراكي لحج استهداف د.ياسين استمرار لنسف الهامشين المحدودين للوحدة الوطنية والديمقراطية بل يعد تهديدا حقيقيا وخطيرا للسلم الاجتماعي. وادانت المنظمة في بيان لها صدر اليوم تفجير مقر منظمة الاشتراكي في حضرموت ووصفته بالفعل الاجرامي وطالبت الجهات المختصة بمتابعة الجناة وتقديمهم للعدالة. |
مع الأيــام..تهديد ياسين.. إساءة للوطن! د.هشام محسن السقاف: يندرج تهديد الأخ د. ياسين سعيد نعمان في خانة الإرهاب المنظم الذي يخرج بالسجال السياسي والحوار إلى منحدرات الاستقواء بالقوة والتلويح بها أو استخدامها لقمع الرأي المخالف والمغاير، وهي في حالة الدكتور ياسين تتعدى أخلاقيات الصحافة والفكر والسياسة لتعكس وعي القوة الذي تمارسه بعض الفئات المتخمة بنشوة النصر البغيض على الوطن، أو حتى أجزاء مهمة فيه، ليجري الحوار بين مجرد مراسل لصحيفة معمد ، وشخصية وطنية بحجم ومكانة الأخ الدكتور ياسين سعيد نعمان المشهود له بالاستقامة والنقاء السياسي والفكري، على منوال رمي الأخير بالتهمة الجاهزة «الانفصالية»، قبل أن تبلغ غضبة المنتشي بثقافة القوة على الوطن والشعب الدرجة «المضرية» فيجوز في عرفه تصفية الحوار الهادئ بالتهديد واستخدام السلاح.. وهي درجة من التشوه الخلقي الذي لحق بنا جراء التبشير بنظرية العصمة لفئات بعينها ووضع الجميع تحت طائلة الكفر والارتداد «الانفصالية» إذا جرى منهم التأكيد على حقهم في القول والحوار والمراجعة وطرح الآراء بعيدا عن الوصاية. إنها قاصمة الظهور- وحق الكعبة- أن يكون الفصل في قضايا سياسة وفكر عن طريق الجهر بالسوء ورمي الآخرين بالانفصالية والعمالة والخيانة، ولا خيار للمظلومين والمقهورين وأصحاب الرأي الآخر إلا أن يصمتوا، بل يصمتوا طويلا من المهد إلى اللحد، أو أن يغتسلوا بماء التوبة معمدين أنفسهم في رواق الوحدويين الحقيقيين الذين لا يأتيهم الباطل من خلاف، وبالتالي انضمامهم إلى الجوقة ذاتها لتغدو الديمقراطية اليمنية أو المتبقي من أشلائها بمثابة النظرية العالمية الثالثة أو الرابعة بعد نظرية الأخ العقيد الزعيم معمر القذافي، حيث لا طعم ولا رائحة ولا لون لديمقراطيتنا إلا ما يضفيه المنتشون عليها من طعامهم ورائحتهم ولونهم. وهذه حالة شاذة تسشتري بيننا دون أن نعي ردات فعلها الحقيقية لدى السواد الأعظم من شعبنا، التائق إلى الحرية الحقيقية والكرامة والمساواة بعيدا عن الاستقواء والإذلال والقهر وتقسيم الناس إلى قسمين لمجرد الاختلاف في الرأي. والقضية - أخيرا- ليس معنيا بها أو موجهة تجاه شخص الدكتور ياسين، وقد جرب في فترات سابقة إرهابا مماثلا لم يثنه عن رؤاه الوطنية أو يبدل من قناعاته، بقدر ما تمس هذه القضية مجموعة المفاهيم المغلوطة التي يجري تأصيلها في بعض النفوس لتمارس هيمنتها من منطلق القوة على كل ما عداها - وإن كان الوطن برمته- وهو ما يتطلب إحياء للقيم الوطنية النبيلة وتعزيز سلطة القانون وردع أصحاب نظرية القوة والعنف والإرهاب قبل أن تستفحل شوكتهم. |
السبت 01 أبريل 2006
نتشرف بأن نعرض عليكم ما يعتمل داخل الحزب حاليا من حوارات بناءة وتقارب ومطالب وحدوية صادقة، وانكم تعلمون علما بديهياً أن تلك الآراء إنما تحصل من قبل التيارين (تيار إصلاح مسار الوحدة وتيار إصلاح النظام السياسي) وحسب البرنامج والنظام الداخلي، وتعلمون أن من المصلحة الكبرى ألا يستبعد أحدهما الآخر فللتيارين فضل كبير في الحفاظ على الحزب الإشتراكي واغلبهم من مؤسسيه وقد عرضنا عليكم جمعا للشتات وتوحيدا للكلمة (في رسالة شخصية سابقة)وتقوية للحزب أن تثقوا بالتيارين، لا ثقة عمياء ولا تأييدا مطلقاً، بل مشروطاً بأن يكون على مبدأ وثائق المؤتمر العام الـ5 إنكم ربما تشكون في حالة البلاد والحزب، وحرج مكانة الحزب من جهة ما به من الاختلاف بين التيارين بشأن مسائل وطنية عليا، فتيار إصلاح النظام السياسي وانطلاقاً من إيمانه بقدرة احزاب اللقاء المشترك على النهوض بالمعارضة والاسهام في إصلاح النظام السياسي وترسيخ ثوابت الديمقراطية على اسس تداول السلطة سلميا وتنظيم شؤون المجتمع اليمني بالتشريعات الإنسانية الرفيعة والأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات، يحاول أن يؤهل الحزب الاشتراكي لهذه المهمة النبيلة أما تيار اصلاح مسار الوحدة فنظرا إلى ما اصاب الوحدة ومكانتها من كارثة حرب 94م ونكبات ومآسي لا حصر لها بفعل (القبائل المتنفذة) التي وصلت الجنوب، واغتصاب الأرض وإقامة مراكز للأمن والجيش فيها واستباحة المزارع والثروة والشواطئ والاستيلاء على مقدرات محافظات الجنوب، ونهب المباني والمؤسسات الحكومية والقطاع العام وتوقيف وطرد مئات الآلاف من العمال والموظفين الجنوبيين. هيثم الغريب* وتمييع كل محاولة خيرة تدعو إلى توقيف هذا الاعصار قبل أن يبلغ السيل الزبى ويطفح الكيل فهو الآخر إلى جانب المهمات التي ينشرها تيار اصلاح النظام السياسي المتماسك بهذه المبادئ الوحدوية النبيلة .. ونحن نرى يا استاذ ياسين أن تقوموا بواجب لم شمل التيارين خاصة وأنكم تحظون بموضع ثقتنا جميعا، فأنتم صاحب قيادة مجربة الصدقة ومعروفة المواقف، ولا توجد ذرة شك في مواقفكم الوطنية .. فبقاء الحزب موحدا على يد التيارين خير من الانفصال على يد أحدهما.. وبرهاننا على ذلك أن الاشتراكيين في التيارين هم معارضون مستقلون ليسوا تابعين في رأيهم لسلطة غير سلطة ضمائرهم، لا يلينون في دفاعهم عن حقوق البسطاء امام أي اعتبار من الاعتبارات . وبما أنني انتمي إلى التيارين فكرا وإلى تيار إصلاح الوحدة مبدأ ورأيا .. فإنني سأشرح لشخصكم رأي تيارنا (تيار إصلاح الوحدة) وشرح المظالم البشعة التي تتعرض لها محافظات الجنوب والقسوة المبالغة والتنكيل بالمتقاعدين من أبنائها حتى ضج الرأي العام فيها وشمأز من هذه الافعال في الداخل والخارج.. إن الحزب الاشتراكي اليمني قد اثبت قبل الوحدة وبعدها أنه حزب القانون والنظام وهذه الميزة كفيلة بنجاح النظام الداخلي فيه، ولكن حرب 94م احدثت رجة عنيفة نقلت الوحدة من حال إلى حال، وكانت فرصة لنمو أضرار الشهوات السياسية والسلب والنهب والفساد. ورأيت أن من واجبنا أن نشير إلى الخطة التي يجب أن يتبعها الحزب فيما يتعلق بالمسائل المثارة داخل من أجل إزالة العوائق التي تعوق تمتع الحزب بتقديره مصيره السياسي الذي كسبه قانونا ودستوريا وبتضحيات كبيرة قام بها أبناء اليمن في شماله والجنوب. ونرى من الضروري أن نبين لكم في هذه الرسالة موقفنا فيما يتعلق بمسألة احترام مختلف الآراء داخله الحزب، فنظام الرأي الواحد العتيق قد أصبح غير متفق مع المبادئ الديمقراطية الحديثة، ولا يألف مع روح العصر، كما أصبح ضئيل الفائدة بالنسبة للحزب الاشتراكي. كذلك نقول على وجه الاجمال أن كل حل لمسألة الحوار مع الجهات الأخرى يؤدي إلى استبعاد أحد التيارين 0 (تيار اصلاح مسار الوحدة أو تيار اصلاح النظام السياسي)، أو يخل بحقوقهما فيه، أو يعيق تمتعهما بآرائهما، فهو حل ليس فقط بعيدا عن قواعد الأخلاق والعدل، ومقتضيات الزمالة الحزبية التي تجمعنا والتي هي اساس وثائق الحزب التي اقرها المؤتمر العام الخامس، بل يكون حلالا لا يمكن أن ينال حتى رضاء المواطن العادي. ولا يجوز لنا أن نخطئ الرأي عن الحقوق التي كسبها الاشتراكي كنتيجة للاعتراف بشركاء الوحدة، إننا نظن أن الوقت قد حان للتمتع بهذه الحقوق، ولا نرى أن هناك عوائق تحول دون ذلك، كذلك لا نجد مبررا لبقاء التنافر بين التيارين الذي هو معطل من غير شك لنشاط حزبنا وعلينا أن ننزع الأوهام التي كانت داخل الاشتراكي قبل الوحدة والتي تجسدت من خلال العمل لتخلص كل من الآخر ورجاؤنا ان يتخلص الحزب على وجه السرعة من هذه الاوهام المكروهة (أي تشويه الآخر والتشكيك بطرحه والعمل على التخلص منه) فإن الحزب الاشتراكي كما تؤكد وثائقه يمقت ان يبقى للمساس برأي الآخرين أثر على الإطلاق. الأخ الصادق الدكتور ياسين : مهما كان وزن الاقوال التي تقال من قبل هذا التيار أو ذلك في حزبنا، ولن نتعرض إلى تمحيصها، فيجب أن تكون سنتنا في تطبيق مبادئنا وتنفيذ برنامجنا ليست عدائية لأي شخص كان ممن يخالفوننا الرأي داخل الحزب قبل خارجه، بل سنتنا على ضد ذلك، هي السعي إلى الاستماع إلى الرأي الآخر، وتطهير النفوس من الأحقاد التي يولدها (عادة) فهم الاختلاف في الرأي على غير ما يجب أن يفهم عليه، ونصيحتنا لمن يعملون في التيارين (وأنا واحد منهم) ألا يدفعهم حب التفوق على الآخر إلى الخروج عن نواحي الأخلاق ونشر الأكاذيب في ترويج سياستهم، وإلى الانتقاص من مخاليفهم بالرأي، إن هذا المذهب الأسود، فضلاً عن أنه غير لائق بالرجال، فإنه لا يجر وراءه إلا التنافر والتخاذل ونحن أحوج ما نكون إلى الوحدة الداخلية والوحدة الوطنية والتعاون. نعتقد أننا لم نقترح على أحد مذهبا متطرفا ولا برنامجا أنانياً مخالفا للوحدة والديمقراطية، وإنما سياسة بعيدة المدى وعقلانية، تدعو الجميع للتفتيش عن مخرج إلى رحاب الآراء المتنورة والقائمة على التفكير الجديد في مسألة الوحدة والديمقراطية، ومن خلال قراءتنا للواقع اليمني ومواقف القادة والشخصيات الأخرى، وإذا أجملنا الشيء الرئيسي فيها يمكن القول أن ثمة تفهماً لتعقد الوضع غير الطبيعي، ويعترفون بخطر النزاعات القادمة، ويوافقون على أن التسوية السياسية وليس اصلاح النظام السياسي هي الطريق الوحيد المقبول. والوضع الإعلامي السيئ يعكس كل تلك النزاعات لكن عندما يتطرق الحديث إلى كيفية تسوية المشاكل داخل الأحزاب أو خارجها فإن المواقف بالنقاش بين فرقاء العمل السياسي تفترق بحدة، ويبدو وحسب زعم بعض أحزاب المعارضة أو الشخصيات المؤثرة فيها أن الخطر الناتج عن الفساد والفقر والارهاب شيء سيء لكن (يجب الإبقاء) على الإدارة التي أوصلت الوطن إلى هذه المشاكل، ويحاولون في مسألة إزالة آثار حرب 94م الابقاء على الوضع الناتج عن الحرب المواصلة السلب والنهب المنظم للجنوب ويوافقون على تسوية الخلافات بين السلطة والمعارضة، لكن على حساب الحاق الضرر بمصالح فئات المجتمع والأعضاء المنتمين إلى تلك الأحزاب أما فيما يخص دور الإعلام فإنهم إلى جانب الهامش الديمقراطية لكن بشكل يجعل من الاحزاب تتحكم في هذا الميدان بالرأي الذي يقربها من السلطة أو يمكنها من ابقاء الصحف بأيدي مجموعات ضيقة من الأفراد الحزبيين، وهنا يمكن جزر كل تراكمات الصراع القادم - لو سمح الله - ومن ذلك نؤكد أن المخرج يكمن فقط في التفكير الجديد الذي يتطلب الاعتراف بالواقع وتكافؤ الآراء والمصالح ورفض المذاهب السياسية التي صاغها الماضي وقد اصبح من غير الممكن الآن بناء العلاقات الحزبية فقط لصالح القوى التي تمتلك المال والسلطة أو الغاء الرأي الآخر. إننا يا استاذ ياسين لا نقترح أبدا اساليب انشقاقية متطرفة، فنحن مثلا لا نقترح نسف العلاقات التاريخية التي ترسخت في النضال الوطني بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب، أولئك الذين كانوا على مدى نصف قرن في متراس واحد، ولا ندعو إلى إعادة النظر في وثائق ملزمة أقرها المؤتمر أعلى هيئة حزبية.. ولن يحصل هذا منا ولكن الحقيقة تقال إن الحزب الاشتراكي اليمني يمر الآن بأعقد مرحلة من تطوره، ويجب التحلي بالمسئولية والواقعية وثمة مبدآن أساسيان يمتازان بأنهما إيجابي إن وهما : الأخذ بعين الاعتبار بمبدأ إصلاح مسار الوحدة واحترام التوجه في اصلاح النظام السياسي، وهذا الموقف لو اتخذ سيكون عادلا وسنحافظ عليه جميعا وهو لغير صالح اولئك الذين لا يزالون يتمسكون بالعجرفة السياسية ويحددون مجال توجهاتهم الخاصة من هذا الاختلاف هذا من جهة ومن جهة أخرى إننا نقدر نشاطكم السياسي الخارجي للحزب، وندرك في هذه الحالة أن الظروف الموضوعية لا يسمح بها لكم، بأن نطلق بالكامل قدراتها الانسانية البناءة ومع ذلك إلا ان قسطها في عملية الاصلاح السياسي وفي تسوية العلاقات مع الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك .. بما في ذلك ضمن المشروع الذي تقدمتم به لإصلاح النظام السياسي واضح وكبير وهو يخدم المصالح العليا للحزب والوطن ويبين مسئوليته تجاه مجرى الأحداث في بلادنا. ونأمل أن يتركز اهتمامكم الذي تتسم به انطلاقة الحوار مع الحزب الحاكم من أجل حل العقدة الخطرة في الوحدة اليمنية (قضية الجنوب وقضية الديمقراطية وقضية الاعلام)، ونؤيد تأييدا كاملا جهودكم الرامية إلى معالجة آثار حرب 1994م الظالمة، ونحن ضد غرس التصورات المشوهة والزاعمة أن تيار اصلاح مسار الوحدة يريد إجراء سلسلة من التعقيدات في تلك الأمور التي ذكرتها إن ذلك بعيد جدا عما نمارسه في الواقع، وهو يناقض مبدأنا والتفكير الجديد وكل مفاهيم سياستنا الوحدوية الديمقراطية. نعم يا استاذ ياسين إن الوضع اليمني معقد ومتنوع، بيد أن هذا التنوع ليس نقصا من خاتمة المطاف، إنما هو موضوعي، فليبرهن كل طرف من أطراف الحق أن قراره هو الأفضل (ولكن دون التفكير بالغاء الآخر) وإذا استطاع إقناع الاغلبية بآرائه فعليه أن يحافظ على الآخرين زد على ذلك أن هذا يصبح ضروريا أكثر لتعزيز ترابط الأطياف السياسية والفكرية داخل الوطن الواحد. أما فيما يخص العلاقة بين التيارين (إصلاح مسار الوحدة واصلاح النظام السياسي) فهي حتى الآن ناضجة وقائمة على الاحترام المتبادل وهذا أحد المبادئ السياسية لتطوير الحزب الاشتراكي والذي يجب أن تنمو فيه شجرة التقاليد الديمقراطية، والتي تتطلب الالتفات إلى الآراء داخله والاعتراف بها واخصاعها للحوار والتصويت والنقاش وأي حزب لا يسمح - بل لا يحمي - الرأي الآخر داخله، يستحيل عليه حماية الرأي الآخر على مساحة الوطن كله. ومما يؤسف له يا دكتور ياسين أن سلطات الحزب المخولة بالحفاظ على تماسك الاشتراكي تتصرف (على طريقة الفرض) فقد صادق على وثائق الحزب في المؤتمر العام الخامس وتطالب اليوم باعادة النظر فيها مع أن المطلوب التقيد الجذري بهذه الوثائق التي تسمى في الأحزاب العريقة (ادبيات) في أسلوب وطرق إدارة الاختلاف داخل الاشتراكي ونلاحظ أن جوهر الاختلاف - بشكل عام - ليس في الفهم المختلف لمسائل بناء دولة الوحدة، وإنما يرتبط الاختلاف اساسا بصعوبة تغيير الوعي العدائي وعدم القدرة على حل القضايا الملحة لحياتنا بصورة صادقة وصريحة وعلى أخذ الرأي الآخر بعين الاعتبار واقناع الناس في صواب الفكرة والاعتراف بالخطأ ويعرف الاشتراكيون قبل غيرهم أن المجتمع لم يعد يفكر بالطريقة القديمة، فحتى وإن لم تصل به قناعاته إلى السلطة إلا أن التفكير الجديد يكتسب فعلا تحديثياً أما الأحزاب السياسية فمع الاسف ما زال العضو فيها يتربى على الإصغاء والطاعه والتصرف دون تفكير ما دام المسئول الاعلى يرى ذلك ولم تهتم الأحزاب كثيرا بأن يتعلم عضو الحزب كيف يدافع عن وجهة نظره رغم أن كثيرا من الحزبيين الذين ينتمون إلى مختلف الأحزاب يتمتعون بهذه الميزات (وعلى سبيل المثال لا الحصر خالد سلمان ونبيل الصوفي وعبدالجبار سعد و أحمد عمر بن فريد وغيرهم). فكيف يمكن أن نحقق الديمقراطية الداخلية دون ذلك؟! إن اولئك الكتاب والمثقفين الحزبيين من الشبان الذين يحاولون انقاذ احزابهم، ويحاولون انقاذ الوطن من التآكل وقبل أن تتقدم انتفاضة الجياع يجب معاملتهم ديمقراطيا، لأن ألف باء الديمقراطية هي حق الاعتراض والدفاع والاستماع والنقاش والمحاججة. وعلى الاشتراكي ان لا يهتم إن كان ذلك لا يرضى السلطة أو إن كان تطوير الديمقراطية اليوم يسبق كثيرا واقعنا التشريعي.. إن هؤلاء الكتاب الابطال يحاولون هدم النظام الاعتيادي القديم داخل احزابهم وبجهودهم الخاصة اكتسبوا الاستقلالية والجراءة بالتكفير وحب الناس لهم.. مع العلم أن الاجراءات الحزبية الداخلية الجارية في كافة احزاب المعارضة ضد هؤلاء الكتاب تكاد أن تكون موحدة.. ولا ننسى ان الحيرة والارتباك في الاعلام الرسمي ربما نتيجة لانعدام النزاهة في قول الحقيقة، وعلى اساس أن أحزاب المعارضة لن تقدم على قبول اظهار الحقائق بتلك الجرأة أبدا إلا ان القضية لا تتلخص في المبررات التي اخذتها احزاب المعارضة بعين الاعتبار مسبقا لمحاسبة وابعاد رؤساء تحرير صحفها، بل في رفض مسألة إظهار الحقائق بحد ذاتها، والصراحة تضطرني إلى القول بأن الرقابة على الصحافة الحزبية من قبل المعارضة نفسها قد نشأت كمرض وبائي قبل نشوء مرض حمى الضنك وبأنه مرض حتما سيتأخر شفاؤه ودواءه، هكذا ازداد الوضع اليمني تعقدا بعد ملاحقة قيادة بعض أحزاب المعارضة للمعارضين حيث اصبح أكبر أمر مجهول لسياسة عام 2005م من قبل كل احزاب اللقاء المشترك هو إعلام المعارضة نفسها وإذا كانت سياسة الإعلام الرسمية الكثيف قد صنعت قيود المجتمع الداخلية، فإن سياسة أحزاب اللقاء المشترك اصبحت قيداً داخليا صارما، وقد حولت انتصار اعلام المعارضة إلى تهمة يتحمل مسئوليتها اولئك الصحفيون الأحرار، نعم لقد جمدت أحزاب اللقاء المشترك الاقلام الشريفة، وكبلت إرادة وفكر الإنسان اليمني، وشكلت معارضة مؤجلة يجعل متابعتها لسير الأحداث صعبة جداً، وهل توجد يا استاذ ياسين مؤامرة على الوطن اكبر من هذه؟! وهل المنطق الشاذ والاستثنائي كافيان لاصلاح النظام السياسي؟! * عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي |
الدائرة الإعلامية للاشتراكي تنفي تصريحات (الثوري) وتؤكد موقف الحزب! الخميس, 13-أبريل-2006 - قال رئيس الدائرة الإعلامية بالحزب الاشتراكي اليمني: إن ما نشرته صحيفة "الثوري" اليوم -ونسبته إلى الدائرة الإعلامية حول موضوع الدكتور ياسين سعيد نعمان، وصحيفة "الراية القطرية"- لا يعبر عن الدائرة الإعلامية، ولم يصدر عنها. وأضاف أحمد بن دغر في تصريح لـ"": (لقد عرفت من "الثوري" أن مصدرهم، هو أحد الإخوان في اللجنة المركزية).وتساء ل عما ( إذا كانت هذه طريقة جديدة لابتداع المصادر). وقال: لقد لجئوا إلى استعارة الدائرة الإعلامية، ربما لأنهم لم يجدوا دائرة مناسبة لذلك التقرير! وأكد بأن موقف الحزب في موضوع الأمين العام الدكتور ياسين سعيد، ومراسل "الراية القطرية" قد تم توضيحه في البيان الصادر عن الأمانة العامة الذي لم يوجه التهمة ضد أحد، بل ترك القضية للدوائر المعنية في الحكومة. وكانت "الثوري" نسبت اليوم تصريحاً إلى مصدر في الدائرة الإعلامية للحزب، جاء فيه أن مراسل صحيفة "الراية القطرية" قام بعمل يتنافى مع أخلاق المهنة، لما أحدثه من تحوير وتشويه في المقالة التي أجراها مع أمين عام الحزب الاشتراكي د. ياسين سعيد نعمان. وأورد التصريح -الذي نفاه رئيس الدائرة الإعلامية- إن الكميم اعترف بنفسه أنه أضاف أشياء لم ترد في المقابلة، وإنه هدد بتفجير منزل أمين عام الاشتراكي على رؤوس من فيه. وأوضح المصدر أنه عندما طُلب من المذكور -في اتصال هاتفي مساء الأحد مع الأمين العام- القيام على الأقل بتصحيح ما اعترف هو نفسه بإضافته إلى المقابلة، رفض ذلك، مردداً أنه من (الحدأ) ولا يتراجع عما أقدم عليه، ثم هدد بتفجير البيت على رؤوس من فيه، قبل أن يغادر منزله، متوجهاً إلى منزل الأمين العام وبحوزته قنبلتان يدويتان وسلاح ناري –حسب ما أبلغت مصادر عائلية مقربة من الكميم زملاءه،-ومصطحباً عدداً من المسلحين باتجاه منزل أمين عام الاشتراكي. واضافت الصحيفة في الخبر الذي نفاه القيادي الاشتراكي ،انه إثر ذلك تم إبلاغ وزارة الداخلية وغرفة العمليات. ونسبت الى المصدر نفسه الاشارة إلى (أن هذا العمل البلطجي يعكس ثقافة الاستهتار والتعالي الكامنة في وعي البعض، معرباً عن أسفه من تولي بعض إعلام السلطة القيام بتبرير مثل هذا العمل وحماية هذه الثقافات وتشجيعها على النحو الذي أبرزه موقع "" التابع للحزب الحاكم |
عدن في عام 1866م .. صور من ذاكرة التاريخ!! [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] «الايام» نجمي عبدالمجيد: شارع سوق الطويل في كريتر بداية القرن العشرين ويبدو مبنى شرطة كريتر الى يسار الصورة والذي يقع حاليا فيه موقف سيارات الأجرة وتشاهد الجمال محملة بالحطب والقصب وعربات نقل الماء قبل دخول المياه إلى المنازل وإلى يمين الصورة بداية شارع سوق البز في عام 1866م، كانت عدن قد أصبحت ميناء بحريا هاما زاخرا بالنشاط التجاري لموقعها في مفترق الطرق البحرية بين الشرق والغرب، وكانت جغرافية عدن قد أدخلت ضمنها صخور عدن وشبه الجزيرة حتى خور مكسر، وفي اثناء المد العالي كانت خور مكسر مغطاة بمياه البحر إلا من طريق بحرية صغيرة، أما جغرافية شبه جزيرة عدن الصغرى (البريقة) فقد انضمت بعد ذلك إلى هذه الحدود. قسمت عدن حينها إلى ثلاثة أقسام، وهي مدينة عدن (كريتر)، وقرية المعلا والمرافئ، وسلطة ضواحي التواهي. وعدن في تلك الاثناء يحكمها المقيم السياسي البريطاني ميجر دبليو إل. مير يويدز الذي حكم عدن من عام 1863م حتى عام 1867م، وكان منزله في منطقة رأس تارشاين ويتكون من طابق واحد ويطل على الميناء، ومقر إدارته كان في وادي الخساف، وبني أساسا في ايام الكابتن هينس ( أول مقيم سياسي بريطاني لعدن وقد حكم من عام 1839م حتى 1854م) وكانت واجباته تقوم مقام واجبات الحاكم العام المدني وايضا قائد القوات الحربي في المعسكر، وكان يساعده شخصان: قاضي جزاء يقوم بالواجبات القضائية والمدنية في عدن، أما المساعد الثاني فقد كان رسميا وكان كذلك رئيسا للبوليس الذي قدرت قوته بـ 140 ما بين مفتش بوليس حسب ألقاب ذلك الزمان (جمعدار) و (هولدار) وعساكر. كانت مدينة عدن الرئيسية وكذلك جزء من المعسكر الحربي يقعان في مدينة (كريتر)، وقد احتوت على (2000) منزل بنيت من الطين والحجارة ومطلية باللون الأبيض، وقسمت عدن إلى أزقة وحارات، ومعظم المنازل ذات طابقين والقليل منها كانت مبنية على أسس قوية، أما المباني التي كانت قوية غير مسجد العيدروس فهي عمارات المحكمة وإدارة الخزينة القريبة من منارة عدن وكذا بناية المستشفى الأهلي التي هدمت بعد ذلك، وتذكر وثائق تلك المرحلة أن أهالي عدن ساهموا في بناء هذا المستشفى عام 1860م، أما مؤسسة الرومان كاثوليك فقد ضمت معبدا صغيرا في كريتر بني عام 1852م وآخر بني عام 1860م ويقع في واجهة الميناء بالتواهي. أما (الباكية) للباب الجنوبي الذي يقود إلى خليج حقات، فحماها جسر، أما الباب فيغلق كل مساء في الساعة الـ 6 لمنع التهريب، وكان خليج حقات يستعمل كمستودع للزوارق التجارية المحلية ولحفظ البضائع، أما المنحدر الضيق في الصخرة والممر في العقبة في الباب الشمالي فقد استعمل لغرض الدفاع، وطريقه تقود إلى البحر في المعلا، وكان الصومال المهاجرون يسكنون في أكواخ صنعت من (الجرع والهدم) وكانت توجد قاعدة المدفعية وجزء من الطريق، غير أن الممر قد سُوي ليفسح المجال لطريق أوسع، ومن تلك النقطة المرتفعة كان يرى الناظر عددا من المنازل الحجرية، ومركزا صغيرا للجمرك ومرفأ للزوارق الشراعية المحلية ..وكان ساحل المعلا عبارة عن(ورشة) لصنع وبناء السفن الشراعية بمختلف الاحجام والأنواع. وخرجت منطقة التواهي إلى دائرة الوجود كمركز اقتصادي وتجاري منفصل ليفي بحاجات عدد السفن المتكاثر مع الأيام والتوسع في حركة الميناء، وكانت تلك السفن تمون بالفحم أو البخار، أما المدينة فتكونت من منازل حجرية ذات طابقين أو ثلاثة ومحلات مموني البواخر بالطعام والماء وفندق بينما كانت تقع بالقرب من المدنية مرافئ الفحم ومرفأ لنزول الركاب والسياح، وكانت إدارة البريد قد افتتحت عام 1839، وانضمت تحت لواء المدير العام لإدارات البريد كلها في الهند عام 1859م وبعد ذلك شيد بناء من الطين مبيض الجدران في المكان نفسه الذي كانت تقع فيه إدارة البريد العام بالتواهي. وكان سعر البريد إلى بريطانيا وأمريكا 6 آنات لكل أوقية عن طريق برنديزي و4 آنات لكل أوقية إلى الصين، وبعيدا من مقر إدارة البريد كانت هناك صخرة مخروطية الشكل بمثابة محطة التأشيرة للبواخر في ميناء التواهي، وتحت الصخرة تقع كنسية البروتستانت التي بنيت عام 1863م، وكان القسيس هاردنج قد قدسها في عام 1864م وبنيت من مالية ساهم بدفعها كل الطوائف المقيمة في عدن وأهالي عدن والركاب والسياح الذين كانوا ينزلون من المراكب، وكان يوجد صندوق كبير مكتوب عليه (كنيسة عدن). كذلك ساهمت حكومة عدن البريطانية بمبالغ لبناء هذه الكنيسة في فترة حكم المقيم السياسي ميجر دبليو ال مير يويدز، وبالقرب منها وجدت ثكنات كبرى للجيش لأن المنطقة كانت صحياً أفضل بكثير من كريتر بالنسبة للجنود وكانت منازل ضباط سلاح المدفعية البريطانية تقع في رأس تارشاين، أما دار المقيم السياسي، وهي بناية ضخمة تقارب حجم دار الحكومة الآن، فكانت تطل على ميناء عدن. وعلى مسافة من الشاطئ ومن نقطة تارشاين كانت هناك باخرة عرفت باسم (الفنار) لإرشاد السفن الداخلة والخارجة من وإلى الميناء، إذ لم يكن قد بني الفنار، وكانت تلك الباخرة عبارة عن بارجة أخذت من الاسطول البريطاني وكان اسمها (اوكلاند) وأضيئت لأول مرة عام 1850م وسحبت إلى اشارة تبعد 18 قدما من الناحية الجنوبية من (الاوقيانوس) الرئيسي، خليج حقات، لونها أحمر وكانت تطلق مدفعية بالنهار وتضيء لونا أزرق عندما يأتي المساء، وكان ذلك في الوقت الذي تدخل فيه باخرة إلى الميناء، وذلك عبارة عن إشارة إلى السلطات بدخول البواخر إلى الميناء. اما بالنسبة لقضية مياه الشرب لسكان عدن الذين أخذوا بالتزايد في ذلك الحين (وكان احصاء عام 1856م قد حدد عدن سكان على النحو التالي: مسيحيون 1129، مسيحيون هنود 2557 ، مسلمون عرب 4812، مسلمون أفارقة 3627، مسلمون من جنسيات أخرى 58، الهندوك 5611، فرس 61، يهود 1224، آخرون 1659)، فقد أصبحت عام 1866م من المشاكل التي تواجه الحكومة البريطانية في عدن، وكانت صهاريج عدن التي رممت من جديد ما بين عام 1856 وعام 1858م من المصادر الهامة لتموين سكان عدن بالمياه، أما بئر البانيان في منطقة وادي الخساف فقد كانت تمد سكان المدينة بـ 2500 جالون من الماء العذب كل يوم، وكان الماء يأتي عبر الميناء الداخلي من الحسوة إما بواسطة الزوارق أو بالقرب الجلدية أو على ظهور الجمال، وأضيفت قنوات مياه جديدة عام 1867م تمتد من آبار الشيخ عثمان إلى الصهاريج بالقرب من جبل حديد ، وكانت الكنداسات للماء المقطر "الماء البمبة" قد بدأ استخدامها في عدن عام 1869م. أما التعليم في عدن تلك الأيام فمحدود وبسيط والمدارس الخاصة مرتبطة بالمساجد حيث يدرس القرآن الكريم، وفي عام 1856م بنيت مدرسة حكومية وعين مدير لها إنجليزي على مستوى ثقافي عال غير أن الاهالي لم يسندوا تلك المدرسة لعدم وجود العدد الكافي من الطلاب وأغلقت عام 1858م غير انها فتحت من جديد عام 1866م وحتى عام 1877م كان عدد الذين يحضرون اليها من التلاميذ 5 عرب من عدد 60 كما فتحت مدرسة اخرى وعرفت باسم المدرسة العربية الحكومية وبعدد تلاميذ بلغ (130) ولداً و30 فتاة، وإضافة الى تعليم القرآن كان الطلاب يتعلمون القراءة والكتابة والحساب، اما الجالية اليهودية فقد كانت تدير ثلاث مدارس خاصة وعدد طلابها (125) طالبا وكان للرومان كاثوليك مدرسة ولكل الاجناس والمذاهب. بعد دخول بريطانيا عدن عام 1839م جرى أول تعداد لسكان عدن وكانت نتيجته بلوغ عددهم (1300) نسمة من الرجال والنساء والاطفال من كافة الاجناس، وفي عام 1865م وصل عدد سكان عدن مع افراد الجيش الى (20738) نسمة وفي عام 1866م بلغ (20654) نسمة ولم يدخل افراد الجيش في هذا العدد، وفي عام 1872م اثناء فترة حكم المقيم السياسي جنرال جاي دبليو شنايدر والتي امتدت من عام 1872م حتى عام 1877م صار عدد سكان عدن (22722) نسمة بما فيهم (3433) من رجال القوات المسلحة البريطانية، اما عن الحالة المعيشية فيها للرسميين الذين كانوا يصلون حديثا والتجار وأرباب الاعمال والصناع وأهلهم أعلى نسبيا بـ (20%) في مدينة بوبمباي في ذلك الزمان وتلك المستويات من المعيشة كانت تضم الواردات من البضائع والاثاث من الهند والبضائع الجاهزة التي كانت ضرورية لبناء المنازل. أما عن المواصلات في عدن حتى عام 1866م كانت تستخدم فيها الجواري التي تجرها الخيول، وعدد رخص السياقة وصلت الى 45 رخصة واستعملت للاجرة، غير الجمال والحمير المستخدمة لنقل المياه والبضائع وكانت أعداد من الناس في عدن يملكون جواري من نوع "فيتنس وفكتورياس وبجبس" وهي خفيفة نوعا ما وكانت تستطيع أن تسحبها 14 يد حصان صغير وقد استوردت من الصومال، وكانت الرحلة من التواهي الى عدن شاقة نظرا للطرق المنتشرة فيها الاحجار وكانت العادة ان تترك هذه الجواري في قاعدة الممر الرئيسي (العقبة) ومن ثم يرتجل الفرد خيولا عربية ثم يسحب الجاري عبر الممر المحصن وكانت القوافل تسير مع حمالتها من الخضروات الطازجة من سلطنة لحج وقرب الماء من الحسوة وحمولة الخشب الذي كان يستخدم كوقود للنار من الاشجار في سهول لحج. قصة عدن الصغرى (البريقة) يذكر الباحث البريطاني هاري كوكريل أن البريقة عرفت قديما باسم جبل احسان، وأماكن تجمع الساكن في فقم والبريقة وقد توزع السكان بينهما وقرية الخيسة، وتؤكد بعض المصادر التاريخية أن سكان البريقة يعودون الى ما بين عام 4500 وعام 3000 ق.م إلا أن السكن بها بدأ مع بدايات القرن 19 عندما جاء اجداد السكان وعملوا على تأسيس موطنهم في هذه المنطقة، وفي هذه الاثناء كانت قبيلة العقارب تمتلك هذه الأرض وكانت قد انفصلت عن سلطنة لحج عام 1770م وتحت قيادة زعيمها الشيخ مهدي اسست دولة مستقلة وعاصمتها بئر أحمد. في عام 1834م زار البريقة الكابتن هينس من الاسطول الهندي لغرض إجراء عملية مسح للساحل الجنوبي وقد كتب عن بير فقم هذه الكلمات: «يقع ضريح الشيخ سمارة في الشاطئ الجنوبي من الخليج وتحيط به أكواخ الصيادين. إن القبر الابيض للشيخ الغدير هو عبارة عن 1100 ياردة من النقطة القصوى رأس أبي قيامة.. وبالقرب من هذه البقعة يأتي أهل العقارب بالقهوة والقطن وسلع مختلفة من زوارق تجارية تقف في ميناء بندر شيخ وخور الغدير وكان هذان الميناءان ضمن املاك قبيلة العقارب». وعن وضع البريقة وحالها في تلك الحقبة الزمنية يقول الكاتب البريطاني هاري كوكريل: «وبما أن الكابتن هينس لا يذكر قرية البريقة فمن المعقول انها لم تكن موجودة في تلك الايام الخوالي أو انها كانت صغيرة لم تر بالعين المجردة من مكان ناء بعيد. والغريب في الأمر.. أن الأناس الأول الذين استقروا في بير فقم لم يكونوا صيادين بالتقاليد والمهنة بل كانوا رجال قبائل جاؤوا من الداخل من وادي معادن بالقرب من حدود اليمن الحالية، وكانوا كلهم ينتمون الى قبيلة واحدة هي قبيلة المصافرة وسكنوا أولا في بندر شيخ في مكان كان يدعى تعجيز ولكن بعد نشوب خصومات ونزاعات مع رجال قبيلة العقربي انتقلوا الى ناحية الساحل واأسسوا مسكنهم في قرية بير فقم حيث بقوا إلى يومنا هذا. ورجال القبال الذين يرعون مواشيهم في شبه الجزيرة في ذلك الوقت كانوا فخيذة من قبيلة العقارب وكانوا يعرفون باسم المقوري وكانت مناطق مراعيهم للأغنام تمتد الى كل من الوادي الصامت وحول المنطقة حيث تقع اليوم المصافي. وكانت عدن الصغرى خضراء كثيرة الاشجار أكثر مما هي عليه اليوم.. ولا يزال بعض اعضاء قبيلة المقوري يتذكرون حتى اليوم وهم يهزون رؤوسهم على أنهم كانوا يقتفون أثر غزلانهم في الاماكن ذات الاشجار الكثيفة في الوادي الصامت ومع تأسيس هاتين القريتين جفت الاشجار في الوادي وقطعت ليستعمل خشبها كوقود نيران للطباخة وهكذا لم تعد المنطقة خضراء بل فقدت أشجارها، وبنقصان الاشجار وقلتها انتقلت قبيلة المقوري الى الرباك في الطريق الى عدن ولكن القائد الحالي للقبيلة الشيخ صالح بن سالم الدباش.. درويش آل مقود لا يزال يرعى جماله في أراضيها القديمة، وهو يزرع بقعة أرض بالقرب من المقبرة الحربية البريطانية في الوادي الصامت وهي تعرف عند أهل مقور باسم المهراقة. أما أوائل سكان قرية البريقة فقد قدموا من حضرموت ومن منطقة الشحر بالذات التي تقع في شرق المكلا ومن السكان الأوائل ايضا أفراد من الهنيدي والجبيلي والرصيدي وباستثناء الاخيرة فإن هذه القبائل ممثلة تمثيلا كاملا في المنطقة الى يومنا هذا، وفي الماضي كان السكان يقعون تحت حماية شيخ العقارب الذي كان طلب منهم دفع الضرائب». في عام 1850م قتل بحار بريطاني في عدن فحوصرت بلاد العقارب لمنع رجال القبائل من تموين وتزويد بير أحمد من أماكن النزول البحرية في الساحل في هذه المنطقة فقد كان السكان يهاجمون باستمرار من قبائل العقارب، وفي عام 1857م رفع الحصار وقد اعيدت العلاقة من جديد مع الانجليز، فلم تكن الامور اسعد حالا حتى حان وقت شراء بريطانيا لمنطقة البريقة بتاريخ 15 يوليو عام 1888م من الشيخ عبدالله حيدرة مهدي، شيخ العقارب وكان ذلك في فترة حكم المقيم السياسي البريطاني جنرال ايه. جي. اف موج والذي حكم عدن من 1885 حتى 1890م وكان المبلغ 30.000 دولار، وبعد شراء المنطقة الساحلية التي تقع بين عدن الصغرى في عام 1888م بسعر (2000) دولار عم الاستقرار البريقة وكانت العملية الادارية تتم من عدن. كانت مشاكل المياه الصالحة للشرب من القضايا الهامة التي واجهت سكان البريقة في ذلك الوقت، وكانت هناك ثلاث آبار رئيسة في المنطقة، أما بير فقم فقد كانت تتزود بالمياه من بير هريقة البعيدة قليلا عن الوادي القريب من القرية، أما قرية البريقة فقد كانت بها آبار مثل بئر ناصر قرب الخيسة وبئر أحمد في الوادي الصامت. وعندما كانت المنطقة في حكم العقارب كان يشترى الماء من بئر أحمد أو من قرية الحسوة البحرية، وكان ينقل الى البريقة على ظهور قوافل الجمال والمراكب الشراعية، وبعد شراء المنطقة اشترى سكان البريقة سفناً شراعية وعملوا على جلب الماء من خورمكسر، وبعد انتهاء القرن 19 وبداية القرن 20 طلب عاقل القرية في البريقة من الحكومة البريطانية بناء صهريجين للماء في الجبل الذي يقع خلف القرية كصهاريج عدن وقد اختلفت الآراء في ما إذا كان هذان الصهريجان قد بنيا قريبا أو حتى اصلاح نظام ما قديم يعود تاريخه الى فترة صهاريج عدن، وذكر الشيخ عبدالله صالح دباش: «أنه لم تكن هناكر صهاريج قبل أن تبنى الصهاريج الحالية» ويقول منصب الغدير: «ان الحكومة هي التي أصلحت وحددت النظام الحالي». معلومات هذه المادة هي من وثائق الكاتب البريطاني المستر دي. بي. دو والباحث هاري كوكريل وقد نشرت بالعربية عام 1966م ولكن بشكل محدود جدا. [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] |
تاريخ المجلس التشريعي العدني!! [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] ]«الأيام» نجمي عبدالمجيد: من اجتماعات المجلس التشريعي ويبدو عبدالله ابراهيم صعيدي (الأول من اليسار) بحضور بعض المسؤولين في الإدارة البريطانية في عام 1871م تم افتتاح مبنى المجلس التشريعي العدني الذي كان في ذلك الوقت كنيسة (القدسية ماريا)، وكان به لوحات تذكارية تمجد الرواد الأوائل الذين ذهبوا في أعمالهم على ازدهار عدن، وكانت حفلات افتتاحه في كل عام تلبس فيها النساء قبعاتهن الملونة ويرتدي الرجال ملابسهم الزاهية. وقصة المجلس التشريعي العدني في تاريخ الحكم البريطاني لعدن طويلة لها الكثير من المصادر والمراجع، فقد كان الهيئة التي تحكم عدن، ومدى التطور البرلماني الذي عرفته هذه المدينة، فقد كانت عدن تدار شؤونها عبر حكومة الهند ولكن في عام 1932م انفصلت عن محافظة بومباي وتحولت إلى مقاطعة تابعة لحكم (كمشنر رئيسي) يتبع حكومة الهند بشكل مباشر، وكان أول من حكم عدن في هذا الوضع السياسي هو الكولونيل (بي. أر. رايلي)1930- 1933م، وفي تاريخ 1 أبريل عام 1937م أصبحت عدن مستعمرة تابعة للتاج البريطاني، وكان ذلك في فترة حكم الكولونيل رايلي أيضاً وهي آخر فترة له بحكم عدن، وكانت الفترة الثانية من عام 1933م حتى عام 1937م والأخيرة من عام 1937م حتى عام 1940م، وكانت عدن تدار بواسطة إدارة المستعمرات في لندن، وفي ذلك التاريخ أصبح المقيم في عدن السير برنارد رايلي أول حاكم عام لمدينة عدن، كما ترأس الدستور الجديد الذي ظهر في ذلك الوقت. ومنذ عام 1937م وحتى عام 1947م كان التشريع في عدن بيد الحاكم العام، وقد شغل هذا المنصب السير ريجنالد شامبيون من عام 1944م حتى عام 1951م، والذي كان آخر من حكم في ذلك الوضع التشريعي لعدن ويساعده عدد من الرسميين، وعندما عدل القانون في عام 1944م أسس مجلس تشريعي وعين الحاكم العام كرئيس له، كما عين (4) أعضاء رسميين، وأكثر من (8) أعضاء غير رسميين. كان تاريخ افتتاح المجلس التشريعي لأول مرة في 6 يناير 1947م وللمرة الثانية في تاريخ 17 يناير عام 1956م، وكان ذلك عندما ادخل نظام الانتخابات حيث تم انتخاب (4) أعضاء شعبياً، وتلك خطوة رائدة نحو العمل البرلماني الذي شهدته عدن في تلك الحقبة، أما المجلس التشريعي الثالث فقد فتح في عام 1959م. قسمت أعمال المجلس التشريعي إلى دورات واجتماعات وجلسات، وكان الحاكم العام لعدن يفتتح كل دورة بخطاب سنوي يحمل أختام المستعمرة، وبهذا تفتتح الدورة وذلك العمل يشبه ما تقوم به ملكة بريطانيا عند افتتاح دورات البرلمان البريطاني، والدورة تستمر إن لم يصدر أمر بالتعطيل أو الحل من الحاكم العام، وتنقسم كل دورة في المجلس التشريعي إلى اجتماعات كما يقرر المجلس الوقت الذي تستغرقه تلك الجلسات ثم يستمر في اجتماعاته التي تقرر بالتصويت إلى أجل غير محدد. وكان عمل المجلس أثناء جلساته حسب نظامه الخاص وتبعاً لقوانينه الموضوعة التي عمل بها. وتلك القوانين تدار بواسطة رئيس المجلس الذي يكون مسؤولاً عن تطبيقها ولكن في حالة احتمال وجود سابقة لم ترد في القوانين فإن لديه البند - (1) 77- ليعود إليه، وهو ينص على أنه في حالة ما إذا كانت هناك حاجة لسن قانون لم يرد في نظم المجلس فإن سن هذا القانون يجب أن يتبع القوانين التي كانت موجودة في النظم الخاصة بمجلس العموم البريطاني بلندن، في تلك النقطة بالذات، فإذا لم تشمل النظم الخاصة بمجلس العموم البريطاني هذه النقطة، فمن حق الرئيس أن يبحث عن بند قد استعمل في مرات سابقة في لندن ويترك ذلك لحسن تدبيره المطلق، وكان المجلس لا يستطيع استجوابه عن ذلك غير أنه من الممكن لأي عضو أن يقدم اعتراضاً إذا لم يكن راضياً عن هذا القانون، وبعدها يناقش ذلك الاعتراض، ولكن قرارات المجلس التشريعي العدني لم تجد أي اعتراض. شملت مهام المجلس التشريعي العدني مشاريع القوانين والاستجوابات والاسئلة فيما عدا الجلسات الاعتيادية وأعمالها، وكانت أعمال المجلس تسير حسب القواعد التالية كما ذكرت في المراجع المتصلة بتاريخ المجلس التشريعي: 1- دخول رئيس المجلس. 2- قراءة خطاب الافتتاح. 3- ابتهالات. 4- حلف اليمين لأي عضو جديد. 5- رسائل من سعادة الحاكم العام بواسطة رئيس المجلس. 6- بلاغات أخرى من رئيس المجلس. 7- تقديم الطلبات. 8- أسئلة إلى أعضاء الحكومة. 9- إيضاحات من أعضاء الحكومة. 10- طلبات بالسماح لتأجيل المجلس لأمور تتعلق بمسائل شعبية ذات أهمية قصوى. 11- ايضاحات شخصية. 12- الاستجوابات المعلن عنها إلى الرئيس. 13- مشاريع القوانين. وكان أي عضو من حقه أن يطلب السماح له بتقديم مشروع بقانون يكون قد أعلن عنه ولكن مشاريع القوانين يمكن تقديمها بالنيابة عن الحكومة بدون طلب السماح من المجلس، أما التلاوة الأولى فكانت مسألة تقليدية. وحول هذا الجانب من تاريخ المجلس التشريعي تذكر مجلة «عدن» الصادرة عن شركة مصافي عدن (BP) ويرأس تحريرها الأستاذ حامد محمد علي لقمان العدد (5) شهر نوفمبر عام 1962م ما يلي: «من شروط مشاريع القوانين انها يجب أن تكون قد نشرت من قبل اسبوعين وأن يكون لدى كل عضو في المجلس نسخة كاملة عن التفاصيل لدراستها وقراءتها بدقة. وفي هذه المرحلة لا تناقش مشاريع القوانين بل يحدد تاريخ لقراءتها ثانياً. وفي التلاوة الثانية تناقش تفاصيل السياسة الاجمالية لمشروع القانون. أما مناقشة البنود بتفاصيلها فإنها تناقش فيما بعد بواسطة اللجان المختصة. ومن الممكن لكل عضو أن يتحدث مرة واحدة عند مناقشة المبادئ الأساسية لمشروع القانون. ولكن في هذه المرحلة من الممكن تقديم تعديلات، فإذا لم يوافق أغلب الاعضاء على مشروع القانون فمن الممكن أخذ الأصوات على قراءته مرة ثانية بعد مضي ستة أشهر، ومعنى ذلك أن مشروع القانون قد رفض. وتأتي المرحلة التالية عندما تدرس اللجنة المختصة تفاصيل مشروع القانون.. ومن الممكن اجراء ذلك بعد التلاوة الثانية. ويحدث هذا ما بين حين وآخر إذا كان المشروع بقانون لا يستدعى مناقشته. وإذا كان لا بد من مناقشة تفاصيل المشروع بقانون فإن المجلس يحدد تاريخاً معيناً لمناقشة ذلك. وعندما يناقش المجلس تفاصيل هذا المشروع كلجنة فليس معنى هذا أن أعمال المجلس بذاتها قد تغيرت، ولكن معناه أن رئيس المجلس يغادر كرسي الرئاسة ويجلس على طاولة كاتب المجلس التشريعي فيصبح بذلك رئيساً للجنة يكون أعضاؤها هم أعضاء المجلس التشريعي. وهنا تكون المناقشة غير رسمية فيتكلم الأعضاء كما يشاؤون وبكامل حريتهم. فيناقش المشروع بقانون بنداً بنداً ويؤخذ التصويت على كل قرار وكل النقاط مهما كانت صغيرة. وأما طريقة التصويت فتؤخذ عقب السؤال بنعم أم لا.. ويكون القرار واضحاً فيعلن رئيس المجلس موافقة الاغلبية أو رفضها. فإذا حدث انقسام فإن الكاتب يدعو كل عضو باسمه حسب الحروف الأبجدية وتؤخذ القرارات الفردية ويكون الجواب بنعم أو لا.. أو بالامتناع. ويعلن الرئيس النتيجة غير أنه ليس له صوت يرجح كفة فريق على الآخر. وإذا كانت أصوات الفريقين متعادلة فيصرف النظر عن الاستجواب، وبعد هذه المرحلة فإن المشروع بقانون يعود إلى المجلس مرة ثانية وهنا يجتمع المجلس بصفة رسمية حيث يقرأ المشروع مرة ثالثة وهذا نادراً ما يحدث. وتدور المناقشات حوله شريطة أن لا تطرق المناقشات السابقة التي قد نوقشت من قبل. وبعد هذا يطبع مشروع القانون في صيغته النهائية وتراجعه الوزارة المسؤولة وكذا كاتب المجلس. ويوقع رئيس المجلس في أسفل الصفحة الأخيرة من هذا المشروع بقانون ليؤكد أن محتوياته هي كل ما توصل إليه المجلس بعد مناقشته. ثم يؤخذ المشروع بقانون إلى سعادة الحاكم العام للموافقة الملكية التي عادة ما تتم بتوقيع اسم صاحب السعادة الحاكم العام على رأس الصفحة الأولى. إن المجلس التشريعي هيئة قابلة للتغيير كلما تطورت عدن وتقدمت .. وأنه خادم الشعب وحامي حماه ومصدر التشريعات.. والغرض من وجوده هواأزدهار وتقدم الشعب الذي يطمح لنيل مكانته اللائقة به تحت الشمس». من وثائق الافتتاح الأول للمجلس التشريعي (6 يناير 1947م ) من وثائق عدن في تلك الحقبة البرلمانية نقدم بعض المعلومات المتصلة بالافتتاح الأول لمجلس عدن التشريعي، وهي تعطي لنا صورة عن المهاد الذي سارت عليه هذه التجربة في هذا المجال الذي جعل لعدن خطوة متميزة في ذلك الزمان وعلى مستوى الجزيرة العربية من خلال ادخال هذا الجانب الأوروبي في العمل السياسي، والذي ساعد على تواصل العمل البرلماني في عدن وانتقاله من مرحلة إلى مرحلة حسب تقدم المستوى الثقافي والسياسي والاجتماعي عند كل من شارك في عمل هذا المجلس، الذي لم يدخل إليه إلا من كان عند مستوى المسؤولية؟ الافتتاح في ذلك اليوم، اجتمع أعضاء المجلس التشريعي وكانوا (8) من رجال الدولة وهم: 1- ما رشال الجو. 2- السكرتير العام. 3- المدعي العمومي. 4- مدير المالية. 5- رئيس الأطباء. 6- مدير الأشغال العمومية. 7- ضابط التنفيذ لسلطة الضواحي. 8 - مدير المعارف. و8 من رجال الطوائف في عدن وهم: 1- المستر تايلر . 2- خان بهادر محمد عبدالقادر مكاوي. 3- خان بهادر محمد سالم علي. 4- السيد عبده غانم. 5- المستر دنشا خورجي. 6- الشيخ محمد عبدالله المحامي. 7- جودا مناحم يهودا . 8- المستر كرتن. كما حضر ذلك الافتتاح عدد كبير من الأعيان وقناصل الدول وكبار الموظفين والسيدات وحملة الألقاب. بداية الاحتفال وصل حاكم عدن العام السير شامبيون والليدي قرينته، وكان في استقبالهما فرقة من البوليس المسلح بالتحية، واطلقت (17) طلقة مدفعية إعلاناً بهذا الحدث التاريخي في عدن، وكان كل من في البهو وقوفاً حتى دخل حاكم عدن، وبعد أن جلس برهة قصيرة، وقف الجميع في صمت منصتين إلى صلاة تلاها إلى الله مبتهلاً أن يسدد خطى العاملين فيه ويأخذ بأيديهم، وجلس بعد ذلك. وقف المستر آ. سكويرا، كاتب المجلس كي يعلن تقدم الأعضاء ليقسموا يمين الاخلاص والولاء للملك جورج السادس «1936- 1952» وورثته وخلفائه وقد اقسموا واحداً واحداً، وكل واحد ممسك بكتابه المقدس، إلا الدكتور كوكراين الذي رفع يده اليمنى لأنه كان من الذين يؤمنون بوحدانية الله ولا يعترفون بنظرية الثالوت المقدس، وبعد أن تمت كل تلك المراسيم البرلمانية، أمضى الاعضاء وأمضى حاكم عدن العام السير شامبيون إلى جانب امضاءاتهم واحداً واحداً، وقف والقى خطاب الرئاسة ومما جاء في خطابه: «إن الأوامر الدائمة لهذا المجلس المتبعة في مجالس التشريع في مستعمرات الأمبراطورية كلها تقوم على الأسس الموضوعية لأم مجالس الشورى في لندن وستستمر، وهي الضمان الدائم للحرية الفردية والعمومية المحافظة على أموال الشعب وحصانة نواب الأمة». ألقاب الشرف والميداليات على جانب في البهو الكبير الذي اجتمع فيه المجلس تقدم 7 من الموظفين الذين منحوا ألقاب الشرف والميداليات عام 1946م وهم: المستر هارتلي O.B.E والمستر أوزيورن O.B.E وعبدالله يعقوب خان، خان صاحب، والمستر ساينيز راو صاحب، وعبدالحكيم فقير محمد، وعبدالله حامد خليفة و،صالح محمد موشجي، شهادات شرف. تطور النظام التشريعي في عدن يقول الدكتور محمد عمر الحبشي في كتابه (اليمن الجنوبي) عن هذه التجربة: «لم يخل تطور الوضع السياسي في جنوب شرق آسيا وفي الهند وفي الشرق الأوسط بين الحربين العالميتين، من تأثير على الوضع الحقوقي لعدن، فقد تحولت عدن إلى مستعمرة للتاج بموجب الأمر الصادر في 28 أيلول 1936م الذي بدأ تطبيقه في أول نيسان من عام 1937م. ومنحت عندئذ النظام العادي والتشريع المعمول به في المستعمرات البريطانية. ومنذ ذلك الحين أصبحت حكومتها من النمط الاستعماري المباشر المقصور على الموظفين من أصل انجليزي. وقد أنشأت السلطات الاستعمارية خلال الفترة الواقعة بين عام 1937م وعام 1947م، من أجل تطبيق الشكل التشريعي الجديد، مجلسين: مجلس تنفيذي ومجلس تشريعي. 1- المجلس التنفيذي: وهو يعتبر أول حكومة في ظل الوضع التشريعي الجديد. وكان يتألف: - من حاكم يسميه التاج البريطاني بناء على اقتراح وزير المستعمرات يتولى الرئاسة، ومدته خمس سنوات. - من ثلاثة موظفين كبار تسميهم دائرة المستعمرات ويشتملون على أمين عام للحكومة، ومدع عام وسكرتير للمالية. - ومن موظفين أو خبراء يعينهم الحاكم حسب توجيهات لندن، يتراوح عددهم بين اثنين أو ثلاثة . 2- المجلس التشريعي: مع إنشاء المجلس التشريعي تبدأ الخطوة الأولى في التقدم الدستوري. وقد جرى تدشينه في أول كانون الثاني 1947م، أما فيما يتعلق بتكوين المجلس فهو في الأصل لا يشتمل إلا على أعضاء يسميهم الحاكم. وهم موزعون على ثلاث زمر. - أربعة أعضاء بريطانيين من دائرة المستعمرات. - أربعة أعضاء رسميين، يختارون من الموظفين الذين يستخدمهم التاج. - ثمانية أعضاء خصوصيين، يختارهم الحاكم من بين ممثلي مختلف فئات الشعب في المستعمرة، وخاصة البريطانيين والعرب والهنود واليهود. مهام المجلس التشريعي إن مهمة المجلس من حيث المبدأ إعداد التشريع المطبق في عدن. وأعضاؤه يملكون الحق في المبادهة في اقتراح القوانين ما خلا الأمور المتعلقة بالضرائب وبإلغاء القرارات الواردة من التاج. بيد أن جميع ما يصدر عن المجلس يمكن أن يعطله (فيتو) الحاكم. وهكذا فإن إمكانية اللجوء إلى استعمال حق الفيتو يقلص دور المجلس، ويجعل مهمته استشارية مجردة. فالحاكم هو الذي يملك السلطات الفعلية جميعها. وبموجب القرار الصادر في 3 آذار 1937م لم يعد الحاكم مسؤولاً أمام المجلس التشريعي. وبقي الأمر على هذه الحال حتى عام 1956م حيث أصبح قسم من الأعضاء يصلون إلى المجلس عن طريق الانتخاب. [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] |
برتوكولات حدود عدن عام 1903م .. الحدود الجغرافية والحدود السياسية!! [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] «الأيام» نجمي عبدالمجيد: هذه الوثائق يعود تاريخها إلى فترة المقيم السياسي البريطاني بريجيدير جنرال بي .جاي. ميتلاند (1901-1904م) في عدن وهي تدخل في إطار وضع الجغرافيا في دائرة العمل السياسي، والحدود الجغرافية في الأهداف السياسية هي التي تصنع القرار وتحدد الاتجاه وترسم بيانات المعارك وتضع سيادة الدولة في خندق المواجهة. وعن جغرافية عدن يقول الدكتور فاروق عثمان أباظة في كتابه، عدن والسياسة البريطانية في البحر الأحمر: «ورأس عدن الداخلة في بحر العرب عبارة عن بركان قديم يبلغ ارتفاعه حوالي 335 متراً فوق مستوى سطح البحر. ويمتد هذا الرأس إلى داخل البحر مبتعداً عن الساحل بنحو خمسة أميال، ويوصل بينهما برزخ خورمكسر الذي يشكل منخفضاً رملياً والذي يبلغ عرضه في المتوسط نحو 350 قدماً. ورأس عدن في دخولها تجاه البحر تصنع خليجين عميقين يشكلان بدورهما ميناءين صالحين لرسو السفن ويقع أحدهما في الشرق والآخر في الغرب. وتبلغ مساحة منطقة عدن 207 كيلومتر مربع. أما مدينة عدن القديمة فإنها تطل على الميناء الشرقي مباشرة وتحتل الجزء الشرقي من شبه جزيرة عدن التي تعرف برأس عدن وقد بنيت المدينة على حافة فوهة بركانية عرفت فيما بعد باسمها باللغة الانجليزية كريتر Crater». والهدف التاريخي من تقديم هذه المعلومات هو معرفة الأحداث التي مرت على عدن ودور الإدارة السياسية البريطانية في صياغة هذا العمل من منطلق تحديد الاتجاه من خلال رسم الحدود. عدن رقم (1) 1914م ملحق (أ) برتوكولات حدود عدن 1903م 1904م - 1905م 1903م (1) في الشمال يبدأ خط الحدود في نقطة تقع على الضفة الجنوبية (الجانب الأيمن) لنهر بنا، المسمى وادي بنا، من الجهة العليا في مكان التقاء وادي عراعر بوادي بنا، المشار إليه على الخريطة بـ (1) حيث تقع هذه النقطة، بالتقريب، في الشمال الشرقي من رأس علف ولم يتم تحديدها بنصب. (2) من النقطة (1) يتجه خط الحدود مباشرة إلى قمة رأس علف ويعتبر رأس علف الذي أشرنا إليه في الخريطة بـ (2) أعلى نقطة من رابية تقع غرب وادي عراعر (على الجانب الأيسر)، ولم يتم تحديد هذه النقطة بنصب، ومن رأس علف تتجه الحدود في خط مستقيم إلى الموابير. (3) تعتبر لكمة الموابير المشار إليها على الخريطة بـ (3) خاصرة جبل تقع على الجانب العربي (يساراً) من وادي عراعر. ومن لكمة الموابير تتجه الحدود في خط مستقيم إلى زرع المشارع. يعتبر زرع المشارع، المشار إليه على الخريطة بـ (4)، تلا صغيرا يقع على الجانب الغربي «يساراً» من وادي عراعر. ولم يتم تحديد هذه النقطة بنصب. من زرع المشارع يتبع خط الحدود خطا مستقيما يخترق مسيلة تسمى سفلى الجهاز تم تصل الى قمة العراعر. (5) تعتبر قبة العراعر، المشار إليها على الخريطة بـ (5)، مسجدا مهدما يقع على خاصرة جبل بين وادي عراعر ووادي كبي، ولم يتم تحديد هذه النقطة بنصب. من قبة العراعر يتجه خط الحدود، في خط مستقيم إلى درب الدناة. (6) يعتبر درب الدناة، المشار إليه على الخريطة بـ(6)، أنقاصا تقع على خاصرة جبل بين وادي صوفة ووادي نصران اللذين يكونان عند أسفل ملتقاهما، وادي عراعر. وقد تم تحديد هذه النقطة بنصب من الحجر غير المنحوت يبلغ ارتفاعه متراً واحداً تقريباً. ومن درب الدناة يخترق خط الحدود في خط مستقيم المنطقة الزراعية عند ملتقى مريس حتى مكان التقاء وادي نصران بوادي سلالة. (7) لم يتم تحديد ملتقى وادي نصران بوادي سلالة، المشار إليه على الخريطة بـ (7)، بنصب. ومن هذه النقطة يتبع خط الحدود مسيلة وادي سلالة يصل رأس هذا الوادي. (8) لم يتم تحديد رأس وادي سلالة، المشار إليه على الخريطة بـ (8) بنصب. ومنه يتبع خط الحدود الخط الذي يقسم مياه المسيلة المسماه نجد مسنة حتى يصل الطرف الشرقي من جبل جميمة. (9) يعتبر جبل جميمة، المشار إليه على الخريطة بـ (9) تلا يشاهد بوضوح بين قرى ساقية مريس وعريس. وقد تم هنا تشييد نصب من الحجر المنحوت والاسمنت له قاعدة مربعة يبلغ طول ضلعها 80 سنتمتراً ويبلغ ارتفاع النصب متراً ونصف ويقع النصب في الطرف الشمالي الشرقي من القمة وعلى بعد 10 أمتار تقريباً من أعلى نقطة في الجبل. من جبل جميمة يتجه خط الحدود، في خط مستقيم، إلى قوس الأسود (ذي طيبة). (10) يقع قوس ،المشار إليه على الخريطة بـ (10) على خاصرة جبل بين وادي حسوة ووادي متعرة. تم تحديد هذه النقطة بنصب من الحجر غير المنحوت وبدون تثبيت ومن قوس الأسود يتجه خط الحدود، في خط مستقيم، الى نجد المتعرة. (11) يعتبر نجد المتعرة، المشار إليه على الخريطة بـ (11) مكانا سهليا يطل على الممر الجبلي الذي يكون خط تقسيم مياه وادي المتعرة ووادي جرب. ولتحديد المكان تم بناء نصب من الحجر والاسمنت قاعدته عبارة عن مربع يبلغ طول ضلعه 80 سنتمترا، ويبلغ ارتفاعه مترا ونصف لكن رأي المفوضان أن النصب لم يكن مفيداًَ واتفقا على هدمه. من نجد المتعرة يتجه خط الحدود، في خط مستقيم، إلى لكمة الجثام. (12) تعتبر لكمة الجثام، المشار إليها على الخريطة بـ (12)، النقطة العليا من اللكمة نفسها، وقد تم تشييد نصب من الحجر والجير على بعد 30 مترا (جنوباً) من النقطة التي أقرتها اللجنة أي من قمة اللكمة ولكنه تم هدم هذا النصب بأمر من اللجنة لأن هذه المنطقة كانت نقطة خلاف بين سكان مريس وسكان الشعيب. من لكمة الجثام يخترق خط الحدود وادي الجربن في خط مستقيم، حتى يصل إلى لكمة الحمراء. (13) تعتبر لكمة الحمراء، المشار إليها على الخريطة بـ (12) خاصرة جبلا تقع بين المنطقة الزراعية في الحقل ووادي الجرب. ولم يتم تحديد هذه النقطة بنصب. ومن لكمة الحمراء يخترق خط الحدود، في خط مستقيم، لكمة سولا ومزارع الحقل ويمر تحت شجرة تين (بلس) ليلتقي بالطريق الذي يصل المنطقة الزراعية المسماة «الحقل» وأسفل جبل العوابل. وفي هذا المكان تم تشييد نصب أطلقت عليه اللجنة اسم نصب بلس. (14) يقع نصب بلس، المشار إليه على الخريطة بـ (14)، في الحافة الجنوبية من المنطقة الزراعية الحقل، جنوب شجرة التين. وقد تم تحديد هذه النقطة بنصب من الحجر والجير قاعدته عبارة عن مربع يبلغ طول ضلعه 80 سنتمترا وارتفاعه متر و70 سنتمترا تقريباً. ومن نصب بلس يتبع خط الحدود حافة الحقل الجنوبية حتى يصل قوس الحداة الأسود. (15) يعتبر قوس الحداه الأسود، المشار إليه على الخريطة بـ (15)، صخرة سوداء كبيرة تقع غرب وادي حداه عند أسفل خاصرة جبل شمال شرقي حيد خاتم. ومن قوس الحداه الأسود يتبع خط الحدود خط تقسيم مياه وادي حيد خاتم الى أعلى نقطة من الوادي. (16) يعتبر حيد خاتم، المشار إليه على الخريطة بـ (16) النقطة الأكثر ارتفاعاً من الجبل المعروف بنفس الاسم والذي يقع بين وادي عرش ووادي حداه. وقد تم تحديد هذه النقطة بنصب من الحجر المنحوت والاسمنت وبنفس حجم النصب المذكور في فقرة رقم (9). حرر في نسختين في قعطبة بتاريخ 18- أكتوبر 1903 آر.اه. وهاب، كولونيل، مفوض بريطاني مصطفى، كولونيل، مفوض عثماني. عدن - رقم (1) 1914م 1904م من حيد خاتم تتجه الحدود إلى رأس واد صغير يسمى تنامة (17) مخترقة المناطق الزراعية في عطيبان، ثم تتجه في خط مستقيم إلى نقطة تسمى زير التيس (18) ومنها تتجه مباشرة إلى رأس النقيل عدته (19) لتنطلق عبر ميمسمه إلى الفرد (20) ومن هذه المنطقة إلى زهر نقيل سويداء (21) لتتجه بعد ذلك في خط مستقيم إلى نجد معود (22) لتنطلق بمحاذاة خط تقسيم المياه حتى قمة جبل بركان (23). ومن هذه القمة تهبط الحدود حتى لكمة القوريبة (24) ومنها تتجه في خط مستقيم إلى لكمة قسم سراف (25) المحدد بنصب من الاسمنت ومن هنا تتجه الحدود إلى لكمة صغيرة (26) التي تقع في المنحدر الجنوبي لجبل جراد ومحددة أيضاً بنصب من الاسمنت ومن هنا تتجه الحدود في خط مستقيم إلى حبيل زيرة (27) المحدد بنصب من الاسمنت. ومنه الى النقطة (28) التي تقع على الطرف الغربي من حبيل بدر بقرب نجد العلسوم المحدد كذلك بنصب من الاسمنت. ومن هذه النقطة يتجه خط الحدود مباشرة إلى النقطة (29) التي تقع قرب الطرف الغربي من حبيل سورمي المحدد بنصب من الاسمنت، ثم تخترق الوادي إلى النقطة (30) الواقعة في حبيل العمودي والمحددة بنصب مثبت. ومن هنا تتجه، في خط مستقيم إلى نقط تقع في حبيل جردومي (31) والمحددة بنصب مثبت، ثم تخترق وادي عبرة في خط مستقيم إلى نقطة في حبيل جدل (32) محددة أيضا بنصب مثبت. ومن هذه النقطة تتجه الحدود، في خط مستقيم، إلى نقطة في حبيل دوار (33) محددة بنصب من الأسمنت ومنها تنطلق في خط مستقيم حتى حبيل النوس (34) وهنا تم تشييد نصب من الاسمنت. أر.أه. وهاب، كولونيل، مفوض بريطاني مصطفى، كولونيل، مفوض عثماني. ومن هنا تتجه الحدود في خط مستقيم إلى لكمة الترامة (35) المحددة بنصب من الاسمنت ومنها إلى النقطة (36) التي تقع في حبيل رحاء والمحددة كذلك بنصب من الاسمنت، ثم تنطلق، في خط مستقيم إلى قبر الولي عمر إسماعيل (37) ومنه تمر وسط عوالق السفلى المطلة على حبيل (38) حورة المحدد بنصب مثبت. ثم تمر الحدود وسط المنطقة الزراعية القريبة من عوالق السفلى لتصل إلى الدكم. ومن هذه النقطة تتجه الحدود في خط مستقيم إلى قمة جبل سرير (39). ومنها إلى النقطة المسماة منصورة (40) تاركة طريق عيشة الذي يقع بين النقطتين (39) و(40) بأكمله لتركيا. من منصورة تتجه الحدود إلى النقطة المسماة فنانة (41) تاركة المنطقة الزراعية التابعة لقرية حلفا في جبهة طريق عيشة. أر. أه. وهاب، كولونيل، مفوض بريطاني. مصطفى، كولونيل، مفوض عثماني. من فنانة تهبط الحدود، عبر خاصرة الجبل، إلى رأس حفجر ومنه تتبع سفح خاصرة الجبل، وبعد أن تمر على لكمة الشجة ولكمة حوش تصل إلى قمة جبل ريمة (42) ومن هنا، تتبع خط تقسيم المياه وتمر في جول عقربة لتصل إلى لكمة قمة، ثم تخترق وادي حورة تاركة قرية السنع لتركيا وقرية غانية وقبر غاني بن إبراهيم في جهة الأحمدي، وتصعد حتى تصل ربوة الفسيج ومنها تتجه في خط مستقيم إلى كود أسود (43) ومن هذا المكان تتبع الحدود خط تقسيم المياه حتى رأس دخر ومنه تتجه إلى حبيل شرجة التي تخترقه حتى تصل لكمة شبيه ومنها تتجه إلى لكمة الشفقة (44) مخترقة وادي تسمان عند التقائه بوادي مخيلان، ثم تتبع خط تقسيم المياه حتى لكمة البسيسة مخترقة النقاط المسماة لكمة سرايا، لكمة مشمر، ربوة هلهال، ولكمة الحصن ولكمة الممتاز (45). وفي هذه النقطة تلتقي حدود الحوشي والأحمدي والقميرة ولكمة قاسحة ولكمة الجبل ولكمة القفلة. من نقطة بسيسة (46) تنحدر الحدود مع خاصرة الجبل وتمر عبر شبن وربوة نجد الطويلة (47) المحددة بنصب من الاسمنت ومن هنا تمر الحدود بين قرى خرانين (الحوشبية) وقرى السارة (القميرية) وربوة الشيخ، حتى تصل إلى رأس المحارب، لتدور حول رأس وادي شبوة ثم تصل إلى الرسمية (48) المحددة بنصب من الاسمنت يقع في شمال شبوة ومنها تتجه الحدود إلى قمة تلال الطوال والعقادي (49) المحددة بنصب من الاسمنت ثم تتبع النقاط المرتفعة في حبيل العربي حتى تصل مسجد غربي. ومن هذه النقطة تتجه الحدود، في خط مستقيم، إلى أسفل عمشري (50) المحدد بنصب من الاسمنت ومنه تتبع لسفح خاصرة الجبل حتى تصل إلى جبل كويدات، ومنه تتبع خط تقسيم المياه حتى رأس نامس (51). أر. اه. وهاب، كولونيلن مفوض بريطاني مصطفى، كولونيل، مفوض عثماني راجع كتاب: مجموعة معاهدات والتزامات وسندات متعلقة بالهند والبلاد المجاورة لها "جنوب اليمن" المجلد (11). [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] |
ألأخوه ألأعزاء / أنا هو وشمسان عدن
ألأخ شمسان عدنأولا أنا هو ليس ممن وصفتهم بتلك الصفات والنعوتات فهو شخص منتمي الى الجنوب العربي أصل وفصل وله دور إيجابي في مسار الثوره الجنوبيه ووطنيته وإخلاصه للجنوب العربي أكثر مما تنعوتون بعضكم البعض فقد مر بعدة مراحل في خدمة الجنوب العربي وقدم حياته حاملا إياها على كفيه ليس إلا لقضية الوطن الجنوبي لاغير دون مصلحه يبحث عنها أو منصب يحلم للوصول اليه ولا يعني ألأختلاف بألأسلوب أوالطرح لبعض الاراء أو المعلومات أن نعتبر الشخص خارج عن سربنا مالم يكن يساير أسلوبي أو مزاجي بالطرح ، نحن وانا هو جميعًا نسعى الى تحرير الجنوب ونأمل إقامة دولتنا المستقله على أرض الجنوب العربي وبالتالي حتى إن وجد هنا أحدًا يخالفنا الرأي ويخالف ألأنتماء السياسي الذي ننتمي اليه فهذا لايعني إزاحته وعدم قبوله ، عمومًا أنا لن أكثر ولكن حبيت أن أوضح من هو هذا أنا هو ولو بشي بسيط ونحن بحاجه الى لم وشمل الصف الجنوبي ولسنا بحاجه الى فتح الثغرات التي لا تسمن ولاتغني من جوع للقضيه . مع تقديري جساس35/ الجنوب العربي |
دار سعد وتعني دار الامير وكانت في فترة الاحتلال البريطاني اقصى نقطة حدودية لمستعمرة عدن من جهة الغرب باتحاه السلطنة العبدلية بلحج . وقد اطلق عليها هذا الاسم نسبة الى احد الامراء العبادلة الذى بني فيها قصرا قبل الاحتلال. وكانت دار سعد تابعة لحي الشيخ عثمان قبل ان بشري الانجليز المنطقة من السلطان العبدلي . ولقد اهتموا بها باعتبارها اقصى نقطة جمركية مهمة في المستعمرة بمحاذاة سطنة العبادلة وممرا للقوافل ثم للسيارات المحملة بالبضائع والمسافرين الى شمال اليمن وامارات الجنوب في المحمية الغربية . وخلال الحرب العالمية الاولى والسنولت التي تلتها تزايدت اهمية حي دار سعد بسبب عاملين اولهما يتعلق بالمواصلات والثاني بالناحية العسكرية والامنية . فقد قام الاتراك في شهر جويليه 1915م بغزو محمية عدن الغربية من شمال اليمن واستطاعت قواتهم ان تحتل حي دار سعد وحي الشيخ عثمان الا انها انسحبت وتوقفت في سلطنة العبادلة في لحج خلال سنوات الحرب العالمية الاولى . لذلك كان من الطبيعي ان تزداد اهمية حي دار سعد الاستراتيجية والعسكرية خلال تللك السنوات . وبعدان مدت الحكومة سكة الحديد من عدن الى لحج صار القطار يمر بدار سعد واصبح الحي محطة هامة في طريقة . وفي هذه الفترة ظهرت في حي دار سعد بعض المباني السكنية المدنية والتجارية المختلقة وفق التخطيط الذي اراده الانجليز فظهرت العديد من المستودعات والمخازن وبعض المحلات التجارية . وبسبب انخفاض تجارة الصادرات والواردات في قطاعي السلع الغذائية والملابس من مستعمرة عدن الى خارجها خلال فترة الحرب العالمية الاولى ادزهرت تجارة التهريب الى خارج المستعمرة فاصبحت دار سعد بحكم موقعها على الحدود اهم نقطة للتهريب في المستعمرة مما ساعد على زيادة توسيع تجارة التهريب عدم قدرة البوليس البريطاني المكلفين بحراسة هذه النقطة الحديثة في دار سعد . ازدهرت دار سعد ادهارا كبيرا نتيجة لتجارة التهريب خلال سنوات الحرب وما بعدها قاثرى الكثير من المغامرين كما كانت دار سعد منقى للمعارضين للحكم البريطاني في مستعمرة عدن . فبعد ابعادهم عن احياء كريتر والمعلا والتواهي التي كان يسكنها البريطانيون تم نفيهم في حي دار سعد . وتواصل تطوير المباني في هذا الحي فوقع تشييد بعض المباتي السكنية الحكومية والمرافق و المحلات التجارية و الملاهي اليبسيطة . العمران في حي دار سعد بعد الحرب العالمية الثانية :- بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1950م تحديدا بنيت عديد البيوت السكنية والحدائق والبساتين وهي شبيهة بالمنازل السكنية في احياء المستعمرة وقد امدتها السلطة بكافة الخدمات من ماء وكهرباء وطرق معبدة وهاتف وتطهير وشملها ذلك الى النقطة الحدودية بين سلطنة العبادلة بلحج وحدود مستعمرة عدن في حي دار سعد. وبرزم عدد كبير من الصدف البحرية التي انحسر عنها البحر وفي هذا المكان توسعت حدود خور مكسر التي كانت لا تتعدى هذا الجدول والقنطرة التي عليه . وهذا الموقع هذا الذي حددته اول اتفافية سنة 1849م بين الانجليز والسلطان العبدلي (سلطان لحج) ليكن الحد الفاصل بين مستعمرة عدن وتقية اراضي السلطنة العبدلية . بقي خور مكسر موقعا عسكريا للقوات البريطانية وشيدت فيه بريطانيا الثكنات العسكرية للضباط والجنود . بعد ان تحولت قيادة القوات الجوية سنة 1927م الى عدن اهتمت بريطانيا بحي خور مكسر . وشيدت فيه مطارا جويا عسكريا وبعض المعسكرات والمباني لجنود القاعدة الجوية . وبعد الحرب العالمية الثانية خططت خور مكسر تخطيطا عمرانيا حديثا وفق الطراز الانجليزي وامدتها المحكومة بكافة المرافق وجددت المطار العسكري والى جانبه شيد مطار خور مكسر المعروف الان بمطار عدن الدولي وتبع ذلك بناء العديد من المنازل الخشبية التي تتكون بعضها من طابقين وبعضها الاخر من طابق واحد على النمط الهندسي الانجليزي وبعض الفيلات المطلية بالطلاء الابيض ولذلك عرفت هذه الوحدة السكنية بالوحدة البيضاء كما بنيت في خور مكسر اكبر المستشفيات واهمها مستشفى ايليزابيت الثانية . وفي نهاية الخمسيناتمن القرن الحالي شيدت في منطقة الشابات من هذا الحي عدد من العمارات السكنية الكبيرة التي تعددت طوابقها وشققها وعبدت الشوارع وشيدت كافة المرافق العامة كالمدارس والمعاهد والحدائق العمومية والكازينوهات والمراقص ودور السينما والفنادق . وكانت كلها من اجل خدمة جنود القاعدة العسكرية البريطانية في شرق السويس بعد ان تحولت القاعدة البريطانية الى عدن واصبح حي خور مكسر من افضل الاحياء الحديثة ذات الطراز البريطاني يسكنه الجنود والضباط الانجليز والساهرون على خدمتهم من العرب وغيرهم . كما ان الخدمات العامة كالماء والكهرباء والاتصالات والتطهير قد اكتملت فيه وجددت المعسكرات القديمة في بداية الستينات من هذا القرن وتوسعت وقد بلغ عددها في خور مكسر اكثر من سبعة معسكرات مجهزة تجهيزا كاملا وقد كان هذا الحي بكافة خدماته كان يخدم وزارة الدفاع البريطانية والمصالح البريطانية في الشرق الاوسط وفي الموقع الغربي من هذا الحي شيد الانجليز حي عدن الصغرى (البريقة) الذي يبعد عن خور مكسر 35 كيلو مترا وعن حي كريتر حوالي 38 كيلو مترا وقد بنى خصيصا لمهندسي و فنيي مصفاه النفط البريطانية بعد انشائها في عدن . |
هذا الكتاب صدر باللغة الإنجليزية قُبيل استقلال اليمن الجنوبي!! بسم الله الرحمن الرحيم هذه فقرات من الكتاب منقولة من شبكة المجلس اليمني. هذا الكتاب صدر باللغة الإنجليزية قُبيل استقلال اليمن الجنوبي و هو يمثل وثيقة تاريخية هامة للغاية، و على الرغم من مضي عقود على تلك الأحداث التي يستعرضها الكتاب، إلا أننا نرى مشاهدها تتكرر اليوم في عدة أجزاء من الوطن العربي...! لذلك انشر لكم هنا أجزاء من ذلك الكتاب، و بالتحديد ( المُلحق ) الذي يستعرض الأحداث التي سبقت استقلال اليمن الجنوبي، عسى أن ينال اهتمامكم. (( اليمن الجنوبي )) سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً. المؤلف: الدكتور / محمد عمر الحبشي. ترجمة: الدكتور اليأس فرح والدكتور خليل احمد خليل. كلمة الناشر: هذا الكتاب ( اليمن الجنوبي: سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً ) هو الأول من نوعه، و هو يلقي أضواء كاشفة على جميع نواحي الحياة في هذه الجمهورية الجديدة التي قامت حديثاً. و لا يمتاز هذا الكتاب بوفرة معلوماته فحسب، بل يمتاز أيضا بدقة المعلومات و شمولها. إنه كتاب هام عن منطقة عربية بدأت تحتل دوراً هاماً في الحياة السياسية العربية. دار الطليعة للطباعة و النشر: بيروت، آذار ( مارس ) 1968م. ( مُلحق ) الأحداث السياسية في فترة 1965 ـ 1967 م. إن ميزة هذه الفترة الأكثر بروزاً هي بدون شك الاتساع الذي أخذته الحركة الوطنية للتحرر مُعرِضة بذلك سياسة المملكة المتحدة في اليمن الجنوبي للفشل و مُبعدة قادة الاتحاد التقليديين. و قد آل النظام القائم إلى الزوال دون أدنى أسف. . 1 ـ مؤتمر لندن في شهر ( أغسطس ) 1965 م . في محاولة أخيرة لإنقاذ البناء الذي شُيد سنة 1959 من قبل المحافظين، دعا العماليين في شهر أغسطس 1965 إلى عقد مؤتمر جديد في لندن، اشترك فيه بالإضافة إلى البريطانيين و الزعماء التقليديين ، ممثلون عن حكومة عدن و سلطنات حضرموت و قادة حزب الشعب الاشتراكي و رابطة الجنوب العربي. و كان الاجتماع يرمي إلى البحث عن الوسائل التي يمكن بواسطتها التقريب بين مواقف الأحزاب و الفئات المتنازعة محلياً بقصد تشكيل ( حكومة اتحاد وطني ) كانت المملكة المتحدة تنوي تسليمها السلطة في وقت لاحق. و كان قد ظهر على الفور أن الخلافات كانت بالغة العمق و أن المواقف متباعدة جداً حتى يكون ثمة أمل بالتوصل إلى حل تقبله كل الأطراف. كان العماليين و أصدقائهم يريدون في الحقيقة أن يبقى النظام الاتحادي كما هو بينما كان ممثلو المعارضة يطالبون بإصلاحات دستورية تتعارض مع مصالح الطرف الأول. و نظراً لعدم التمكن من إيجاد مجال للتفاهم لم يكن على الحكومة البريطانية إلا أن تتقبل مرة أخرى فشل مجهودها. و في عدن، دخلت الأزمة التي تعيش منذ عدة سنوات، في مرحلة جديدة من التوتر ؛ فالحكومة العدنية التي كان يرأسها في تلك الفترة عبد القوي مكاوي ، عرفت تحولاً وطنياً واضحاً و رفضت مراعاة الاغتياظات البريطانية التي سببها الإرهاب . و بالرغم من شكوى علنية تقدم بها المندوب السامي، أمتنع المكاوي عن إدانة الهجمات و الاعتداءات المرتكبة ضد الرعايا البريطانيين و بالأخص اغتيال رئيس المجلس التشريعي. منذ ذلك الحين كانت أيام وزارة مكاوي معدودة. فبالاتفاق الضمني مع لندن أتخذ المندوب السامي في شهر سبتمبر 1965 القرار الخطير القاضي بتعليق دستور عدن، و بتنحية حكومة مكاوي.كان ذلك الأمر نهاية حقبة و بداية عهد جديد ستكون ميزته الأساسية التقدم المظفر للقوى الوطنية. 2 ـ نشأة جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل Flosy: بالرغم من المقدرة على المقاومة بالقوة، كان عبد القوي مكاوي و قادة حزب الشعب الاشتراكي لا يزالون يتحاشون اللجوء إلى القوة. في الحقيقة كانوا يحتفظون بأمل جر لندن إلى التعقل و الحكمة عن طريق الضغط و العمل السياسيين بالضبط. و لهذه الغاية، جزئياً، تم إنشاء منظمة التحرير سنة 1965. و أما السبب الخفي الذي أدى إلى إنشاء هذه المنظمة ثم إلى إنشاء ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) فقد كان، مع ذلك، رغبة قادة حزب الشعب الاشتراكي في إنقاذ الجامعة النقابية ( المؤتمر العمالي العدني ) التي قوضتها جدياً ( الجبهة القومية للتحرير ) التي توصلت سنة 1965 إلى كسب ست نقابات من أقوى نقابات المنطقة إلى جانبها. كانت منظمة التحرير تطمح منذ البدء إلى تجميع كل أحزاب المعارضة في داخلها. و قد نجحت في ذلك نجاحاً واسعاً في الظاهر على الأقل، لان هذه الأحزاب، باستثناء رابطة الجنوب العربي، قد أُعجبت بضرورة التجمع و الانضواء، حتى بضرورة الانصهار في منظمة واحدة تدعى من الآن فصاعداً ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ). كذلك وافقت رابطة الجنوب العربي على مبدأ الاتحاد لكنها رفضت أن تنحل في جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل.إلا أن الحدث الأكثر أهمية و بروزاً كان دخول ( الجبهة القومية للتحرير ) في المنظمة الجديدة. و حسب أقوال بعض المراقبين، يمكن أن يكون الدخول قد فرضه عليها مع ذلك بعض زعمائها الذين كانوا قرروا ، بمبادرتهم الخاصة ، إلزام ( الجبهة القومية للتحرير ) بدون استشارة قيادتها العليا . كذلك لم يكن هذا السراب من التعليل مقبولاً تماماً. فلم تلبث المنازعات أن ظهرت بجلاء.كان قادة منظمة التحرير السابقة المتمرسين في العمليات السياسية و الميالين قليلاً إلى النضال المسلح الذي كانت ( الجبهة القومية للتحرير ) تقوده منذ اكتوبر1965، يريدون أن يكونوا رجال سياسة قبل كل شيء، بينما كان قادة ( الجبهة القومية للتحرير ) يعتبرون أنفسهم كرجال فعل و عمل. هكذا كان مفهوم العمل الثوري الذي ينبغي الشروع به لتحرير البلد من النير الاستعماري يختلف كلياً من جماعة لأخرى. في البداية كان القادة الوطنيين يبذلون جهودهم للهيمنة على الخلافات نظراً لما تقتضيه الأحوال. غير أن اختيارات و أمزجة مختلف الأطراف المعنية كانت متعارضة لدرجة أن التحالف العدني كان يعاني بشدة يقول زعماء ( الجبهة القومية للتحرير ) أنهم كانوا ينوون ليس فقط تحرير البلد و إنما تصفية الماضي أيضاً، بينما كان زعماء ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) يعطون الأولوية ، على ما يبدو ، للتحرير السياسي . بعبارة أخرى ، كانت الخلافات تدور حول السياسة التي ينبغي نهجها ، بعد طرد الاستعمار و الرجعية أكثر مما كانت تدور حول نضال التحرير بمعناه الحقيقي . و تبدو هذه الخلافات كأنها تعبر دوماً عن الفرق الذي يفصل زعماء المنظمتين الوطنيتين المتنازعتين.لكل هذه الأسباب فسخ التحالف الذي جرى في 13 يناير 1966 في ديسمبر من السنة ذاتها. استعادت ( الجبهة القومية للتحرير ) حرية عملها و كثفت نشاطها العسكري في مناطق البلد الداخلية و الأعمال الإرهابية في المراكز الحضرية. و في نفس الوقت قوت و وطدت أوضاعها في الجيش و الشرطة و النقابات و في صفوف المثقفين الشبان، و ازداد تأصلها في الأرياف. و مع تبني هذا الخط القاسي عرفت الحركة الثورية تحولاً حاسماً.أما ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) فقد أناطت نفسها بقيادة عسكرية مستقلة ( المنظمة الشعبية ) عهد إليها برعاية النضال المسلح، و بمكتب سياسي يقع العمل السياسي على عاتقه. و قد ضاعفت مجهودها على الصعيد الداخلي و بذلت نشاطاً دبلوماسياً واسع النطاق في الخارج و بالأخص في هيئة الأمم المتحدة. 3 ـ بعثة هيئة الأمم المتحدة كانت مشكلة اليمن الجنوبي، منذ عدة سنوات، تطرح بانتظام أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. و قد بحثتها الجمعية العامة مرة أخرى في دورتها السنوية لعام 1966. و في نهاية تلك المناقشات، صوتت الجمعية العامة على قرار يطلب من الأمانة العامة إرسال بعثة خاصة إلى عدن لدرس رغبات السكان و للتشاور حول إجراءات حصول البلد على الاستقلال. و وعدت المملكة المتحدة بالتعاون مع البعثة. و في شهر مارس 1967، توقف أعضاء البعثة الثلاثة، و هم في طريقهم إلى عدن، في لندن و القاهرة و جدة للاتصال بالسلطات الرسمية و بممثلي المعارضة. استقبلتهم القاهرة استقبالاً بارداً. و كانت ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) و ( الجبهة القومية ) تتهمان البعثة علناً بأنها تلعب لعبة الاستعمار و الرجعية و قررتا تجاهل وجودها في عدن. و لدى وصولها إلى منطقة عدن قامت الجبهتان بموجة اضرابات و مظاهرات و صعّدتا الأعمال الإرهابية ضد الجيوش الإنجليزية حتى تظهر للبعثة عداء السكان لها و تبرهنا لها على قوتهما. من جهة أخرى كانت ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) تطالب، قبل البدء بأية محادثات، باعتراف البعثة بها كممثل وحيد لشعب اليمن الجنوبي. و أما ( الجبهة القومية ) التي لم تكن تنعت نفسها بتفرد كهذا، فقد قاطعت البعثة و رفضت كل مزاعم ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ). و خلال الإقامة القصيرة لممثلي هيئة الأمم المتحدة في عدن، كان خط قيادتها فطناً حقاً و لكنه صارم.أخيرا لم تكن رابطة الجنوب العربي، التي كان موقفها مشبوهاً و ضعيفاً منذ تفجير القنابل في حضرموت، في وضع يسمح لها بمجابهة التيار المعادي للبعثة و حتى بالإعراب عن وجهات نظرها لأعضاء البعثة. و بكل وضوح، تجاوزتها الأحداث تجاوزاً كاملاً. من الجانب البريطاني بذلت سلطات عدن كل ما في وسعها لعزل ممثلي هيئة الأمم المتحدة، بقصد إفشال مهمتهم. و كان التكتيك المتبع يقوم على جعل المنظمة الدولية تعترف بعدم مقدرتها على حل المشكلة و على جرها للاعتراف بشرعية النظام الاتحادي. و مع ذلك لم تخف نوايا هذا التكتيك على أعضاء البعثة و لا على الوطنيين. فأماط أعضاء البعثة و الوطنيو اللثام، بنجاح، عن مؤامرة السلطات الاستعمارية. و بالتالي، تنبهت البعثة بسرعة إلى أن وعود حكومة لندن و نواياها الحسنة كانت كاذبة. و أعطي لها الدليل على ذلك عندما قامت السلطات الاتحادية، الخاضعة مع ذلك للمندوب السامي، بمنع رئيس البعثة من الظهور على شاشة التلفزيون ليتحدث إلى السكان و إلى ممثليهم الفعليين، و منع قراره و بيانه بحجة أنه تجاهل الحكومة الاتحادية. عندئذ قام بمسعى آخر لدى المندوب السامي للأذن للبعثة بذلك، غير أن هذا الأخير رفضا أن يتدخل. فأنذرته البعثة بنتائج رفضه غير أن الإنذار لم يؤخذ بعين الاعتبار. و لم يكن أمامها آنذاك إلا أن تغادر عدن . و قد أثار سفرها المفاجئ ضجة كبيرة في العالم. و قد ضايقت الفضيحة حكومة ويلسون التي وجدت في شخص المندوب السامي المسئول كبش محرقة ممتازاً. و مع ذلك فهو لم يقم إلا بتنفيذ الأوامر التي تلقاها. و هكذا تمكنت الوزارة من إنقاذ ماء وجهها. كان يظن في البداية أن لندن تتظاهر بالرد لتغرر بالرأي العام البريطاني و العالمي فقط، في الحقيقة كانت عازمة فعلاً على وضع حد نهائي لمشكلة اليمن الجنوبي. 4 ـ سياسة لندن منذ سفر البعثة المفاجئ. في شهر أبريل سنة 1967، قامت لندن بتعيين اللورد شاكلتون ليتفحص الوضع عن كتب، و في شهر مايو تم تعيين مندوب سامي جديد ليقوم بتنفيذ التوجيهات المعطاة له. و المندوب السامي السير ها مفري تريفليان هو دبلوماسي محترف يعرف العالم العربي معرفة جيدة. مشاهداً فشل سياسة حكومته، أوصى المبعوث الخاص بتزايد و اطراد المسار الاستقلالي، نظراً لان قاعدة عدن لم تعد لها أهمية بالنسبة لإنجلترا منذ أن تقرر الجلاء عنها في شهر فبراير 1967. و أسرعت لندن في تبني توصيات الوزير المكلف و أعطيت الأوامر للسير ها مفري تريفليان لوضع حد، في أسرع وقت ممكن و بكل الوسائل، للوجود البريطاني في اليمن الجنوبي. و أول قرار جرى اتخاذه كان تحديد تاريخ استقلال البلد. و قد تم اختيارا التاسع من يناير 1967 كيوم حصول اليمن الجنوبي على السيادة الدولية. من الآن فصاعداً، ستمضي الأحداث السياسية في الاطراد على وتيرة غير معتادة . فقد تفكك النظام الاتحادي على أثر تمرد 20 يونيو 1967. و كمحاولة أولى، أشار المندوب السامي على المجلس الاتحادي الأعلى أن يعين حسين بيومي، وزير الإعلام، لتشكيل حكومة جديدة ينبغي عليها أن تظم عناصر يتقبلها الوطنيون. و كانت مهمة كذلك معرضة للفشل مسبقاً لأنه لم يكن من الوارد أن يؤيد الوطنيون حكومة تترأسها شخصية من النظام الاتحادي. و من جهة أخرى، عندما قدم بيومي لائحته، رفضها المجلس الأعلى دونما تردد لأنها كانت تظم شخصيات جامحة لا يوافق عليها حتى الزعماء التقليديين دون أن نتحدث عن موافقة المنظمات الوطنية عليها. و للنطق بالحقيقة، لم يكن رفض التشكيلة في الواقع سوى السبب الظاهري لفشل مهمة بيومي، كان السبب الحقيقي هو الاقتراح الذي قدمه بيومي مع موافقة البريطانيين إلى سلاطين لحج و ألفضلي و الدول و الإمارات الأكثر اقتراباً من عدن. لقد اقترح عليهم، في الحقيقة، إنشاء دولة موحدة تضم بالإضافة إلى عدن، سلطنتي العوذلي و ألفضلي. و ليجعل مشروعه جذاباً أكثر، أعلمهم أن الحكومة البريطانية كانت مستعدة للاعتراف بالدولة الجديدة و لإناطتها بمساعدة مالية و عسكرية. بعبارات أخرى، طلب منهم أن يعلنوا انسحاب إماراتهم من الاتحاد، و ضمن لهم دعم المملكة المتحدة سياسياً و مالياً. و عندما أطلع القادة الآخرون في الاتحاد على هذه المؤامرة الموجهة ضدهم ألغوا تكليف بيومي و شهّروا به علناً. إلا أن إجهاض هذا المشروع ذي الإيحاء البريطاني ورطهم. و أناح وصول بعثة الأمم المتحدة إلى جنيف في شهر أغسطس فرصة ممتازة أمام المندوب السامي ليتخلص بصورة نهائية من الزعماء التقليديين المضايقين. و بناء على طلبه سافرت أكثريتهم إلى سويسرا لمقابلة أعضاء البعثة. و بعد أن استمعت البعثة إليهم سافرت إلى بيروت و القاهرة على أمل التمكن من رؤية ممثلي ( الجبهة القومية للتحرير ) و ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) . و وافقت الأخيرة التي بدأت تظهر دلائل ضعفها، على مقابلة البعثة بينما أنكرة ( الجبهة القومية ) حق البعثة في مناقشة مشكلة اليمن الجنوبي. عندئذ توجب على البعثة أن تعودا إلى نيويورك لتقدم تقريرها إلى الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة. و في البلد، سلكت الأحداث منحى دراماتيكياً. ففي عدن تدهور الوضع بسرعة و بدأت ( الجبهة القومية ) في داخل البلد بزحفها على الإمارات. و في آخر لحظة أستنفر المجلس الأعلى الجيش لإنقاذ الاتحاد من الفوضى، فرفض الجيش أن يتدخل و رد بجفاء طلب رئيس المجلس الأعلى الذي طلب منه، أن يتسلم السلطة بلا شرط و لا استثناء. و لم يلبث النظام الاتحادي أن سقط تاركاً وراءه فراغاً كاملاً و مطبقاً. و علمت الحكومة البريطانية بهزيمة السلطة الاتحادية فتوجب عليها أن تعترف رسمياً في بيان مهم، بالقوى الوطنية كالممثل الوحيد لشعب اليمن الجنوبي. و في نفس الوقت دعا المندوب السامي الزعماء الوطنيين إلى التباحث حول شروط تسلم السلطة. و حسب مصادر مطلعة بوجه عام، نبههم إلى أنهم إذا لم يعزموا على إجراء المباحثات المطلوبة خلال شهرين من 3 سبتمبر إلى 3 نوفمبر 1967، فان حكومته ستتخذ الإجراءات اللازمة. إلا أنهم منحوا مهلة أسبوع للتفكير قبل أن تتخذ تلك الإجراءات. و تعني لندن، على ما يبدو، بالقوى الوطنية الجبهة القومية للتحرير و جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل. و أما نداء المندوب السامي فقد اعتبر بوجه عام موجهاً لزعماء المنظمتين. و في كل حال ستحاول كل منظمة من الآن فصاعداً أن تقوي وضعها محلياً على حساب المنظمة الأخرى في اغلب الأحيان، بقصد التباحث انطلاقاً من وضع قوي. و في هذا السباق مع الزمن، توصلت ( الجبهة القومية للتحرير ) التي سبقت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل منذ شهر يوليو في وقت قياسي إلى نشر نفوذها على معظم دول الإمارات في الاتحاد و كذلك على حضرموت. و استجابة لرضا السلطات الاستعمارية و العسكرية البريطانية، أدى هذا التسابق إلى اصطدامات دموية بالأخص في لحج و دار سعد و الشيخ عثمان التي صارت أخيرا تحت إشراف الجيش العربي. نُصّب الجيش بادئ ذي بدء حكماً بالرغم عنه، ثم ظهر كقوة ثالثة. و هكذا تم دخوله إلى المسرح السياسي، الأمر الذي يعرضه لمخاطر الانقسام و يجعل منه هدفاً سهل المنال من قبل هجوميات و انتقادات الفئات الأولى و الفئات الأخرى. كانوا يقولون أنه كان من الأفضل أن يظل الجيش بعيدا عن المشاحنات السياسية و الصراعات التحيزية. و لكن هل كان للجيش أن يختار في الواقع ؟ و في اختلاطها، سارعت السلطات البريطانية في إخلاء المدن و القرى التي جلت عنها جيوشها، أمام الجيش الوطني. و كان على الجيش عندئذ أن يعمل على استتباب الأمن في هذه المراكز المعرضة كثيرة للإرهاب و الرعب. و كيف كان يمكنه رفض القيام بهذه المسؤولية الأولية. فبانتظار عقد المصالحة الوطنية، كان الجيش وحدة، في الحقيقة، في وضع يسمح له بمواجهة المشاكل التي كان يطرحها استتباب الأمن. و كان الوطنيون، مع وعيهم لخطورة وضعهم، لا يبحثون من جهة أخرى عن التعارض معه حتى يتجنبوا إراقة الدماء و يوفروا على المواطنين آلاما إضافية لا تجدي تأسست الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل في 14 أكتوبر 1963، و كانت المحرك الحقيقي للتمرد المسلح في قبائل ردفان و لإحداث الثورة بوجه عام.و حتى نشأة ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) كانت ( الجبهة القومية للتحرير ) تتمتع بدعم الجمهورية العربية المتحدة التي كانت تقدم لها مساعدة مادية لا تُقدّر. و منذ ذلك الحين سيتجه تأييد الجمهورية العربية المتحدة إلى جانب ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) وحدها. و أخذت ( الجبهة القومية للتحرير ) تبتعد قليلاً عن القاهرة غير أنها حرصت على عدم قطع علاقتها مع مصر و على عدم مهاجمتها. و أدى تبدل التحالفات إلى إضعاف وضعية ( الجبهة القومية للتحرير ) بالأخص في الخارج حيث يتمتع خصمها بشهرة واسعة. مع ذلك، عرفت ( الجبهة القومية للتحرير ) أن تعوض عن هذه الخسارة بتقوية وضعها في الداخل. و منذ عام 1965، نجحت في التغلغل في الحركة النقابية و في الجيش. و يعود صعودها إلى هذه السنة بالضبط . و حتى عام 1966 كان تقدمها بطيئاً و لكنه متواصل. غير أن عام 1967 كان حاسماً. فتمرد الجنود و الشرطة الذي حدث في 20 يونيو 1967 و الذي جعل ( الجبهة القومية للتحرير ) و جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل تسيطران على مدينة كريتر طيلة أسبوعين تقريباً، قوى مجدداً نفوذ ( الجبهة القومية للتحرير ) . غير أن إخلاء العائلات المسيطرة، فجأة عن قطاعاتها منذ شهر أغسطس هو الذي فرض ( الجبهة القومية للتحرير ) بصفة نهائية و جعل منها المتباحث الأكثر قوة مع الحكومة البريطانية. كما كان ينتظر، أثار صعود ( الجبهة القومية للتحرير ) المفاجئ الصاعق تعليقات و توقعات مغرضة لا تعد. فقدا اشتبه أولاً بالجبهة القومية للتحرير، ثم اتهمت علناً بالتعاون و بالتآمر مع السلطات الاستعمارية. و كانت هذه الحملة ترمي إلى التشكيك بالجبهة القومية للتحرير أمام السكان و العالم العربي و إلى إذكاء الحرب الأهلية؛ و هكذا ألقت زيتاً على النار. و في الحقيقة يمكن تفسير سقوط الأنظمة الإقطاعية و اعتباراً من ذلك التقدم المظفر الذي أحرزته ( الجبهة القومية للتحرير ) في داخل البلد بالأمور التالية: ( أ ) ـ عندما قرر البريطانيون سحب جيوشهم من داخل البلد في بداية عام 1967، حكموا بالموت الأكيد على أنظمة الأمراء. فقد تخلى عن الأمراء أصدقاؤهم الإنكليز كما تخلت عنهم قبائلهم الخاصة بهم . هكذا سقطت إماراتهم كأوراق الخريف بلا قتال تقريباً. ( ب ) و أما رفض الجيش الاتحادي إغاثة الأنظمة الأميرية المهلهلة، فلم يكن أمرا مفاجئاً لان وضع الأمراء و الشيوخ كان قد أصبح غير مقبول و لان قسماً كبيراً من الضباط كان يعطف على الحركة الوطنية. ( ج ) ـ أخيراً، ثمة حدث مهم يستحق الذكر هنا. و المقصود بذلك هو التنظيم المرموق في ( الجبهة القومية للتحرير ) و تأصلها الصلد في الأرياف. إن فعالية و نفاذ جهازها هي التي كونت و لا تزال تكون قوة الجبهة. و هكذا، فمن جلي الأمور هو أننا لا نستطيع أن نتجاهل هنا الإشراف شبه الفعلي الذي تمارسه ( الجبهة القومية للتحرير ) على القسم الأعظم من اليمن الجنوبي. بفضل هذا الإشراف، خضع البلد، لأول مرة في التاريخ، لسلطة واحدة. 6 ـ تأثير النكسة العربية في حزيران 1967 على تطور الوضع في اليمن الجنوبي . إن مؤتمر القمة العربي الذي عقد في الخرطوم في شهر أغسطس 1967 قد كرس انتصار الاعتدال العربي؛ و كان المؤتمر أحدى النتائج لنكسة حزيران التي ضربت الحركة التقدمية في الشرق الأوسط.و قد تضررت الجمهورية العربية المتحدة تضرراً خطيراً من العدوان الإسرائيلي فأصبحت مجبرة على التعاون مع الأنظمة المعتدلة، و مقابل المساعدة المالية من العربية السعودية و الكويت و ليبيا توجب عليها أن تنسحب من جهات متعددة. و من بين الدلائل الكبرى لهذا الانسحاب، لن نذكر هنا سوى بالدلائل المتعلقة مباشرة بالجنوب العربي. فمن جهة انسحاب القوات المصرية اللاْ مشروط تقريباً من اليمن ( اتفاق جمال عبد الناصر ـ و فيصل ) و من جهة أخرى المجهود الذي تبذله جامعة الدول العربية في سبيل المصالحة الوطنية في اليمن الجنوبي. إن نهاية الوجود العسكري المصري و محاولة التنظيم العربية كان لهما نتائج تتعارض مع أوضاع القوى الوطنية في الجنوب اليمني. تابع الصفحة التالية مع تقديري اخوكم:أنا هو. |
( أ ) المجهود الذي بذلته الجامعة العربية في سبيل المصالحة: تحت ضغوطات مجتمعة من جانب الجمهورية العربية المتحدة و العربية السعودية، عينت الجامعة العربية في سبتمبر 1967، لجنة خاصة مؤلفة من خمسة أعضاء مهمتها درس الوسائل لتحقيق الوحدة الوطنية في اليمن الجنوبي. و أخذت اللجنة الوطنية على عاتقها الاستماع لكل الأحزاب و الفئات بما في ذلك الأمراء المخلوعين، و العمل بغية تشكيل حكومة اتحاد وطني. و بالطبع كانت العناصر المعتدلة و التقليدية التي تحميها العربية السعودية و التي كانت تقدم لها الجامعة العربية آخر خط في البقاء، هي أول من سافر إلى القاهرة. و اتخذت ( جبهة تحرير جنوب اليمن ) موقفاً تصالحيا و وافقت على الاشتراك في محادثات اللجنة الخاصة. و أما الجبهة القومية للتحرير فقد رفضت بتاتاً توسط الجامعة العربية الذي اعتبرته، بحق، مؤامرة موجهة لحرمانها من النصر. بالإضافة إلى ذلك فقد كانت مستعدة كحد أقصى لمقابلة زعماء جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل، و لهذا السبب لم تحقق أعمال اللجنة الخاصة أدنى تقدم . ومن جهة أخرى أدى فتح باب المحادثات بين جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل و بين الجبهة القومية للتحرير إلى وقف تلك الأعمال. ( ب ) أفول نجم جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل: كانت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل قد بدأت تفقد سرعتها و تطورها منذ يونيو 1967؛ فضعف الجمهورية العربية المتحدة الناجم عن الحرب العربية الإسرائيلية و التقدم الهام الذي حققته الجبهة القومية للتحرير في داخل البلد، وجها لجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ضربة قاسية، و عبثاً حاولت جبهة التحرير أن تستعيد توازنها لأن الأوان قد فات. في الحقيقة كانت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل تبحث عن الاستيلاء على الدول الأميرية غير المتحررة بعد. فاصطدمت بالجبهة القومية للتحرير في إمارات الضالع و لحج و توصلت فقط إلى نشر نفوذها على بعض القبائل العوذلية . و في سلطنتي الو احدي و ألكثيري أعلنت العناصر التقليدية حتى تكون في مأمن من هجمات الجبهة القومية للتحرير، انتمائها إلى جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل دون أن تكون مع ذلك من الأنصار المقتنعين بهذه الأخيرة. و حصلت الاصطدامات الخطيرة في عدن و بالأخص في القرى و الضواحي. سقطت عدن الصغرى في أيدي الجبهة القومية و المنصورة تحت إشراف جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل بينما كان الشيخ عثمان عرضة لتقسيم حقيقي بين المنظمتين. سببت هذه الاصطدامات الحزن المبرح العام و استاءت منها كل قطاعات السكان بالإجماع. و شرع رجال الدينون و العسكريون بمساعي عديدة لدى الزعماء الوطنيين و الرئيس جمال عبد الناصر لوقف التصادم الأخوي القاتل. و في هذه الظروف المأساوية وافقت المنظمتان على إجراء محادثات فيما بينهما. 7 ـ محادثات القاهرة: بعد أن فشلت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ( جبهة التحرير ) في تصحيح الوضع لصالحها، توجب عليها أن تلين مواقفها السابقة. فقد انقطعت عن اعتبار نفسها الممثل الوحيد لشعب اليمن الجنوبي و تخلت عن مشروعها الرامي إلى تشكيل حكومة في المنفى. و عدا عن ذلك، ظهرت موافقة على بعثة هيئة الأمم المتحدة و على اللجنة الخاصة الموفدة من قبل الجامعة العربية. باختصار، أعطت عدة دلائل على ضعفها. إلا انه ظل بيدها عدد لا ينكر من المقومات أهمها: جهازها العسكري و نفوذها في عدن و تأييد الجمهورية العربية المتحدة و العطف الدولي من جهة أخرى. و هكذا كانت أوضاع الجبهتين غير متعادلة عشية بدء المحادثات في القاهرة. كان ميزان القوى يميل بكل وضوح لصالح الجبهة القومية للتحرير. أن حالة الدونية هذه التي كانت فيها جبهة التحرير ستضغط بثقل على المحادثات. ( أ ) ـ بدء المباحثات. بدأت المباحثات في أول أكتوبر بحضور عبد القوي مكاوي و قحطان الشعبي الأول رئيس وفد جبهة التحرير و الثاني رئيس وفد الجبهة القومية. و كانت النقاط التي ينبغي على الموفدين مناقشتها تدور حول: ـ تشكيل حكومة مؤقتة، ـ وضع دستور مؤقت أيضاً، ـ و وضع برنامج عمل. منذ البداية، أحيطت المحادثات بتكتم شديد. و كان يظن أنها ستكون قصيرة جداً و حاسمة بسبب استمرار التوتر المحلي. و خاب أمل الجميع، لأنهم ظلوا يتباحثون طيلة أسبوعين تقريباً بدون أية نتيجة مجدية. و خلال ذلك الوقت استولت الجبهة القومية على حضرموت و هددت إمارتي العولقي و الو احدي اللتين كانتا قد أعلنتا، مع ذلك، ولاء هما لجبهة التحرير. غير أن الجبهة القومية قررت تحريرا هذه الدول لأنها كانت تعتبرها كآخر بؤر مقاومة لدى الإقطاعيين. و في هذا الجو المتوتر أذاع الضباط المنتمون إلى جبهة التحرير بياناً شهيراً في 20 أكتوبر يتهمون فيه السلطات البريطانية و بعض رفاقهم في الجيش بمعاونة الجبهة القومية لخنق مقاومة أنصار جبهة التحرير. و بهذا التغير المفاجئ حصل ما لا يمكن إصلاحه. فالجيش الذي تعرض بذلك لتناقضات السياسة انقسم إلى كتلتين متخاصمتين. و شبت حرب بيانات تتهم الجبهة القومية و جبهة التحرير بعضيهما البعض بهجوميات و استثارت مقصودة، بينما كان زعماء الجبهتين في القاهرة يظهرون سكوتاً مدهشاً. و استمرت الوضعية الداخلية في التدهور. و كان من الضروري فرض قرار طارئ لتخفيف التوتر و للإجابة على المندوب السامي الذي يكاد إنذاره أن ينتهي. أعلنت لندن، لإخضاع الزعماء الوطنيين، أنها ستذيع بياناً هاماً جداً في 2 نوفمبر. و كانت ردة فعل الزعماء الوطنيين سريعة للغاية؛ فقد أعلنوا في 1 نوفمبر اتفاق أولي و لكنهم لم يعطوا أي توضيح بشأن محتواه. غير أن المحادثات دخلت في طورها الأخير؛ و قد استقبل الاتفاق في عدن بسرور عظيم. و في 2 نوفمبر أعلن وزير الخارجية في مجلس العموم أن حكومته قد قررت تقديم تاريخ استقلال اليمن الجنوبي هذا، إلى نهاية نوفمبر 1967 بدلاً من 9 يناير 1968. و أدى إعلان رحيل البريطانيين القريب إلى تصعيد التوتر من جديد. ( ب ) ـ تدهور الوضعية. في ليلة الثاني من نوفمبر عادت المنازعات بعنف في عدة أماكن من عدن و أدت إلى سقوط بضع عشرات من الضحايا. و هيمن الخوف و اليأس على العائلات في الشيخ عثمان، و بسرعة دب الهلع في باقي عدن حيث دارت معارك ضارية. و تدخل الجيش، دونما نجاح، للتوصل إلى توقف المعارك و أخيرا اضطر للأمر بوقف إطلاق النار على الفور و فرض منع التجول في المناطق المضطربة. و في 4 نوفمبر وجه زعماء الجبهة القومية و جبهة التحرير نداء مؤثراً من القاهرة إلى أنصارهم يدعونهم فيه إلى وقف الاقتتال. و بعد هدنة دامت بضع ساعات، عادت الصدامات إلى الظهور برعب، و كانت نتيجتها تسميم الجو أكثر مما كان عليه. و اتهمت الجبهة القومية جبهة التحرير بانتهاك وقف إطلاق النار و طلبت من وفدها في القاهرة أن يوقف المباحثات و أن يعود إلى البلاد. على اثر هذه الأحداث الدامية، حمل الجيش جبهة التحرير مسؤولية الرجوع إلى المخاصمات. بناء على ذلك، قرر المندوب السامي في 6 نوفمبر الاعتراف بالجبهة القومية كممثل شرعي وحيد للشعب اليمني الجنوبي بينما كان يعتبر، قبل أسبوع فقط، الجبهة القومية و جبهة التحرير هما الممثلان للشعب. و في ذات الوقت طلب الجيش من الجبهة القومية و من الحكومة البريطانية أن تبدءا المحادثات في اقصر فترة. إن موقف الجيش قد حل الصراع بشكل نهائي لصالح الجبهة القومية و تسبب هكذا في إفشال مباحثات القاهرة التي أصبحت غير مجدية و متجاوزة. و بادرت جبهة التحرير إلى اتهام الجبهة القومية بالتآمر مع المملكة المتحدة و مع الجيش. خلف كل هذه الأحداث و الاصطدامات نجد بكل تأكيد الصراع من اجل السلطة في عدن و الرغبة في التباحث مع لندن بوضع قوي. و بالتالي، كان من الجلي أن المنظمتين كانتا تعتمدان قليلاً على مباحثات القاهرة و تعطيان أهمية رئيسية للاستيلاء على عدن. هيمنت الجبهة القومية على كل البلد تقريباً و وجدت أنه من غير الطبيعي أن تفلت عدن من نفوذها. و أما جبة التحرير فقد كانت عدن بالنسبة إليها ذات أهمية حياتية. فالإشراف على منطقة عدن كان أهم بكثير من السيطرة على مناطق البلد الداخلية. و هكذا كان الاستيلاء على عدن مسألة حياة أو موت بالنسبة لجبهة التحرير. و بعد عدة أيام من المعارك الطاحنة خسرت جبهة التحرير معركة عدن؛ و على الفور بدأت مطاردة أتباعها و منا ضليها . و تبع ذلك تطهير الجيش و الشرطة و الإدارة. 8 ـ سقوط النظام الاستعماري: إذن خرجت الجبهة القومية منتصرة من التصارع الدموي الذي دام من 1 إلى 6 نوفمبر؛ و بسقوط عدن صار البلد كله تقريباً تحت إشرافها؛ و سقط النظام الاستعماري كقلعة من الورق. إن وجود المندوب السامي و توقف الجيوش هما ظواهر السلطة الاستعمارية الوحيدة و الأخيرة. و أما الإدارة البريطانية فقد تلاشت بسرعة. بحثت الجبهة القومية، بسرعة، عن سد الفراغ و ذلك بحلولها محل السلطة الاتحادية في عدن و في داخل البلد. و لأول مرة في التاريخ الاستعماري تتخلى المملكة المتحدة عن القيام بمسؤولياتها. و في فلسطين بالذات كان ينبغي عليها أن تبقي سلطتها حتى يوم الرحيل النهائي. إن حلول سلطة الجبهة القومية مكان النظام الاستعماري تستحق أن يشار إليها بشدة. فلم تقبل السلطة الاستعمارية في أي مكان من العالم، بأن تقوم بتلاش و اختفاء مماثل قبل تسليم السلطة و إعلان الاستقلال. و مع ذلك هذا هو ما حدث في اليمن الجنوبي. و في هذه الظروف إذا كان للمباحثات بين الحكومة البريطانية من جهة و بين الجبهة القومية من جهة أخرى، المقررة في 20 نوفمبر في جنيف، لها معنى ما، فهو إناطة الدولة اليمنية الجنوبية بصلاحيات السيادة الخارجية و تحديدا مقدار المساعدة المالية البريطانية للدولة المستقلة الجديدة. و كل شيء يبدو مشيراً إلى أن البلد سيحصل في 30 نوفمبر على الاستقلال في الصفاء و الوحدة. مع ذلك، سيطرح الحصول على الاستقلال مشاكل بالغة التعقيد تستلزم وقتاً طويلاً لحلها. و لا يمكن لتغير و لو جزئي في ألبنا الموروثة من الماضي و لإنشاء بنى جديدة أن يتم دفعة واحدة نظراً لأن ظروف الانطلاق ستكون غير مواتية بصفة خاصة. حركة التحرر الوطني إن النضال المعادي للاستعمار، لم يأخذ شكله المنظم في اليمن الجنوبي إلا بعد الحرب العالمية الثانية. فقدا اشتعلت الحركة الوطنية بعد الحرب في أنحاء مختلفة ما تزال تحت السيطرة الاستعمارية. و هذه الفترة تقابل الفترة التي قامت فيها جامعة الدول العربية و ظهرت فيها ملامح اليقظة القومية في الوطن العربي ، وأصبحت فيها قوى المعسكر الاشتراكي في ازدياد . فعلى الصعيد المحلي، رافق نهضة عدن من الناحية الاقتصادية، اشتداد النشاط السياسي و الثقافي. و بدأت الأفكار الجديدة تغزو البلاد بسرعة كبيرة. و قد كان لهذه العوامل المختلفة أثر هائل على الوضع الاجتماعي و السياسي في اليمن الجنوبي و في اليمن. و قد كانت محاولة الانقلاب ضد الحكم المطلق الذي يتصدره الإمام يحيى في اليمن عام 1948 أول صدى لانعكاس الحوادث الخارجية على الوضع الداخلي في المنطقة. و على الرغم من فشل هذه المحاولة، فإنها اعتبرت أول مواجهة جدية بين الرجعية المسيطرة و بين النزعة القومية، و كان من نتائجها المباشرة تنبه الطليعة المثقفة في المستعمرة و شعورها بانتمائها إلى العائلة اليمنية الكبرى و إلى القومية العربية. و قد أكد هذا الشعور استقرار المحرض الأول على الانقلاب الفاشل ( حزب اليمن الحرة ) في عدن. و قد كانت السلطات البريطانية تأمل في أن تتخذ من هذه الحركة وسيلة لمحاربة الإمام الجديد و الضغط عليه. إلا أن هذه المنظمة خيبت أملها و لعبت على العكس دوراً رائداً في حركة تحرير اليمن الجنوبي، و ساهمت في تشكيل الخيرة الأولى للنزعة الوطنية المعادية للاستعمار. نشأة الحركة الوطنية: كانت ثورة الأمير ألكثيري المسلحة ابن عبدات (1) ضد السلطات المحلية و البريطانية أثناء الحرب العالمية إعلانا عن ولادة حركة وطنية في حضرموت. إلا انه على الرغم من كونه قد نجح في إثارة قسم من القبائل عام 1945، فقد أخذت حركته منذ البدء شكل تيار معزول و محدود النطاق. فقد كان للتكوين العشائري للمجتمع و لتخلف السكان أثرا هما في خنق آثار هذه الحركة و عدم شمول تأثيرها باقي أنحاء البلاد. يضاف إلى ذلك عدم وجود وسائل مواصلات و اتصال في ذلك الحين من شأنها أن تشجع انتشار الشعور الوطني بدلاً من العزلة و التقوقع و التجزئة. لذلك لم يحتاج الإنجليز في مثل هذه الشروط إلى بذل عناء كبير في سبيل خنق هذه الاندفاعات الوطنية في مهدها. و كان لا بد أن يأتي عام 1948 حتى تشتعل جذوة الوطنية من جديد في عدن هذه المرة. و الحقيقة أنه ما من شيء قبل ثورة اليمن، كان يدعو إلى التنبؤ بأن عدن سوف تصبح مركز الاندفاعات الوطنية. فمنذ تلك الحادثة الرئيسية التي هزت الجزيرة العربية، بدأت عدن تلعب دور قيادة الصراع المعادي للاستعمار و المعادي للإقطاع. و عندئذ ولدت حركة وطنية بكل ما في الكلمة من معنى في المنطقة. و استفادت من الانحسار الخجول للنظام الاستعماري بدءاً من عام 1947 و إنشاء المجلس التشريعي و سن القانون الذي اعترف بحرية التجمع و لعدة أسباب، منها سياسية و منها اقتصادية، انقسمت الحركة الوطنية منذ البدء إلى عدة اتجاهات تنتمي جميعها إلى القومية العربية. و قد لعب المثقفون دور المحرك الرئيسي للحركة الوطنية، و كانوا من وراء ذلك يهدفون إلى غايتين أساسيتين: 1 ـ تربية المواطنين العرب تربية سياسية و اجتماعية. 2 ـ تحرير البلاد. و كانوا في غالبيتهم صحفيين و أساتذة و خريجي جامعات، تلقوا تعليمهم في الخارج، و كانت الصحافة و النوادي و الجمعيات و الرابطات بمثابة منابر لهم . و عنها انبثقت الأحزاب و النقابات العمالية فيما بعد. و لقد ركزت الصحافة المحلية على العامل الاقتصادي بسبب النهضة التجارية في المنطقة. و قد مارست الصحف المتطرفة أمثال صحيفة النهضة و صحيفة الفضول، عملية تربية اجتماعية عن طريق نشر الموضوعات الخاصة بالعمال و بأرباب العمل. و ما لبثت الصحف المعتدلة الموالية للإنجليز أن سلكت نفس المسلك أمثال صحف فتاة الجزيرة، و القلم، و العدني. و قد استخدمت السلطات هذه الزمرة الأخيرة من الصحافة من اجل إجهاض الحركة والحيلولة دونها و دون التزام خط تقدمي. إلا أن خط الحركة الوطنية الصاعد لم يكن يقبل التراجع أو النكوص. و بفضل هذه الحركة الوطنية بدأ الوعي الاجتماعي و السياسي و الحس المدني و الحضاري ينمو بين سكان المدن. و قد بدأت حملة التوعية بقسم من المثقفين لتشكيل طليعة تتولى هي نفسها نشر الأفكار و الشعارات بين جماهير العمال الأميين بوجه عام. أما ما يتعلق بالعمل العمالي الصرف فقد كانت نوادي المثقفين و المغتربين العائدين إلى البلاد هي مراكز الانطلاق الرئيسية (2). إن ظهور النوادي و الجمعيات و ازدهارها، قد أعطى للحياة السياسية طعماً جديداً. فالطبقة المثقفة كانت تلتقي داخل المنظمات الرياضية و الثقافية و الفنية و في العديد من جمعيات الإحسان، لتناقش قضايا المنطقة و مصيرها في المستقبل. و كانت هذه المراكز تجمع بين أشخاص أتوا من شتى آفاق المعمورة و من مختلف الأوساط، تشغلهم جميعاً دراسة القضايا القومية و المسألة الوطنية. و أهم هذه المؤسسات في المستعمرة كانت: ـ النادي العدني، الجمعية الإسلامية، الجمعية العدنية، الاتحاد اليمني. أما في المحمية، فقد كانت: ـ جمعية الإحسان الحضرمية، النادي الشعبي في لحج.. الخ. و كان المغتربون يترددون بدورهم على هذه النوادي و الجمعيات و كانوا يتحدثون عن الأحداث التي عاشوهاء خلال اغترابهم، و كان بعضهم ممن أتوا من الشرق الأقصى قد شاركوا في الحركات الوطنية و الحركات الثورية في اندونيسيا و ماليزيا. و على سبيل المثال لعب المغتربون الحضرميون في جاوا دوراً سياسياً ذا طابع إصلاحي وحدوي (3). و قد كان ثمة مركزان من مراكز الاغتراب قد لعبا دوراً هاماً في تكوين الحركة الوطنية في اليمن الجنوبي هما: اندونيسيا و انجلترا. ففي اندونيسيا كانت الجالية الحضرمية على احتكاك بالحزب الوطني الاندونيسي كما كانت على اتصال بالأحزاب اليسارية و بمختلف الأحزاب ذات الطابع الإسلامي. و كانت هذه الجالية تملك أفكاراً نيّرة متقدمة. إلا أنها ما لبثت أن كانت أول ضحايا الحركة الوطنية في اندونيسيا. فأضطر قسما كبير منهم إلى العودة إلى اليمن الجنوبي حيث شكلوا مجموعة نشيطة لها تأثير في الحركة الوطنية. ثم انضم إليهم المثقفون الذين تلقوا علومهم في جامعات البلاد العربية. أما في إنجلترا، فالمهاجرون كانوا يتمركزون بأعداد وفيرة في منطقة كرديف حيث كانوا يعملون بحارة أو عمالاً. و تبعاً لذلك نشأ احتكاك بينهم و بين الأوساط العمالية الإنجليزية أي مع حزب العمال و مع أفكاره السياسية ذات الطابع المعتدل و الليبرالي، و مع الحركة النقابية. و قد ساهم العائدون من هذه المراكز مع العائدين من الشاطئ الفرنسي للصومال ( جيبوتي )، في تكوين الحركة النقابية في اليمن الجنوبي التي بدأت تتبلور منذ عام 1946. و قد استمر تطورها على الصعيدين الاجتماعي و السياسي دون أن تصطدم بعقبة جديدة حتى عام 1952. فقد مرت بالوطن العربي حادثة رئيسية، هي قيام الثورة المصرية. و قد ترك نجاح هذه الثورة و انتشار تأثيرها في الخارج أثراً كبيراً على مجرى الأمور. فكان من النتائج المباشرة لهذا كله أن دخلت الحركة النقابية في منعطف حاد. فقد أخذ الوضع السياسي شكله الواضح في اليمن الجنوبي، و شهدت الموجة الوطنية تصدعاً حاسماً بين المحافظين و بين التقدميين. و منذ ذلك الحين أخذ كل تيار طريقه المعاكس للآخر. فعلى النقيض مما حصل في عدد كبير من المستعمرات في القديم حيث كانت وحدة القوى الوطنية مسيطرة طيلة مرحلة التحرير، نجد أن اختلاف الاتجاهات حال دون شعور التيارات المختلفة بالرابطة التي تجمعها على صعيد واحد و هي: وحدة الصراع ضد الاستعمار. لذلك اتصفت الحركة الوطنية في اليمن الجنوبي بالانقسام و التشتت في الزمان و المكان. و كان ذلك سبباً من أسباب ضعفها. و يبدو في الظاهر إن تفسير هذه الظاهرة يمكن أن يتم بالرجوع إلى نقص الوعي السياسي لدى الجماهير و لدى القادة، أو بالخصومات الشخصية. إلا أن المسألة في الحقيقة هي أعقد من ذلك. فاختلاف الأصول الاجتماعية لرواد الحركة الوطنية و عناصرها هو العامل الرئيسي. فالاختلافات من جهة، كانت تدور حول مفهوم الصراع و وسائله. و من جهة أخرى كانت تدور حول الأهداف النهائية التي يسعى إليها كل فريق. فالبعض كانوا يقبلون بالتعاون مع السلطة الاستعمارية، و البعض الآخر يلتزم موقف الرفض الحاسم للتعاون و موقف النضال الدائم من أجل تحرير البلاد في أقصر فترة ممكنة. و بقي هذان الاتجاهان المتعارضان متلازمين في عدن، أما بالنسبة للمحمية، فقد بقي التياران بعيدين عنها بحكم عدم وجود ارتباط بين المستعمرة و المحمية يسهل عملية الانتشار تلك. و هكذا يبدو انه من المنطق أن نتكلم عن تيارات بدلاً من الكلام عن حركة واحدة منسجمة. و منذ عام 1952 – 1953، يمكن أن نميز من خلال ما كان يطرح من تعليقات في الصحافة العدنية، وجود تيارين للرأي العام: أحدوهما يطالب بالحكم الذاتي ، و الآخر يطالب بالتحرر الكامل . إن التيار الأول، أي التيار المعتدل الذي يعمل من أجل الحصول على الاستقلال الذاتي، هو في الواقع تيار الأقلية، لأنه يتشكل من الأجانب مواليد عدن، أي خليط من الأجناس، يشكل العنصر العربي الغالبية فيه، و تدعمه الجاليتان الهندية و الصومالية التي تتألف من حوالي عشرين ألف شخص. و كانت الرابطة العدنية التي أنشئت عام 1950 هي الوجه السياسي لهذا التيار. و كانت مطالبها تقتصر على الإصلاحات الاجتماعية، و على إنشاء مجلس تشريعي منتخب. و كانت تعتبر الاستقلال الذاتي مطلباً يجب أن يتم تحقيقه في عدن على مراحل و ضمن إطار الكومنولث. أما فيما يتعلق بالإطار العام للبلاد، فقد كانت تنادي بتعزيز الأواصر بين عدن و المحمية، إلا أنها كانت ترى بأن المحمية يجب أن تحتفظ بنظام الحماية. أن وجهات النظر الانفصالية التي كانت تبشر بها الرابطة العدنية، كانت تأتلف تماماً مع نظر الإدارة البريطانية خلال أعوام 1950 -1954. لذلك كانت تلقى منها تأييداً و مساعدة مالية. إلا أن هذا المفهوم الممالئ للإنجليز كان يشجب و يقاوم مقاومة عنيفة من قبل التيار المعاكس الذي كان يرفض مبدأ التطور البطيء لأنه يعتبره منطلقاً رجعياً و وسيلة لتثبيت النظام الاستعماري. كما كان يرى فيه عاملاً يهدد استمرار حركة التحرر الوطني و حيويتها. إن التيار الوطني التقدمي كان هو التيار المهيمن في أوساط الشعب العربي الذي يمثل ثلثي سكان المستعمرة. و كانت مطالبه عام 1952 تلخص فيما يلي: 1- إلغاء الوضع الخاص بعدن كمستعمرة تابعة للعرش، و جعلها عاصمة للمحمية. 2ـ توحيدا دول الأمراء. 3- إنشاء مجالس محلية منتخبة و مجلس اتحادي في عدن. 4 ـ الاستقلال الذاتي و دستور جديد للدولة الاتحادية الجديدة. 5 ـ الإصلاحات الاجتماعية. و عناصر هذا التيار تتألف من أعضاء الروابط و المنظمات القومية. و كان له صحيفتان تعبران عن مواقفه هما: النهضة و الفضول. و كان أنصار هذا التيار يُتهمون من قبل الإنجليز بالمشاغبين و المتطرفين. و كانت هذه الاتهامات مبرراً لملاحقتهم. و كان اعتقالهم يُبرر رسمياً بصيغة تقليدية: الإخلال بالأمن الداخلي للمحمية عن طريق نشر مقالات تمس الأمراء المناهضين لفكرة الاتحاد التي يطرحها الوطنيون. و الحقيقة هي أن السلطات الاستعمارية كانت تحاول أن تمنع فكرة دمج عدن بالمحمية من الانتشار، و تقوم باعتقال كل من يبشر بها في تلك الفترة. فحتى عام 1953 لم تكن سلطة الحماية تفكر بأكثر من توحيد الأمارات في ظل اتحاد فدرالي يستبعد عدن و يبقي عليها كمستعمرة. و كانت تأمل بطرح فكرة الاتحاد الفدرالي بالنسبة للأمارات، أن تستميل بعض العناصر الوطنية من جهة و أن تؤمن مستقبل الزعماء المحليين ثانية. و مع ذلك فقد فشل مخطط التجميع الذي رسمته لندن لأنه لم يكن يلبي شروط التيار التقدمي. و عندئذ أخذت السياسة الإنجليزية منحىً مكشوفاً في تأييد التيار المعتدل مع تصميم على تحطيم مقاومة خصومه. و منذ عام 1954 تأسست صحيفة جديدة سميت ( صحيفة الفجر ) و بدأت المرحلة الأولى من مخطط التيار التقدمي في مقاومة الاستعمار. (1) البكري ( حضرموت و المدن ) ص 168. (2) مجلة أفريقيا و آسيا، العدد 44، باريس 1958. (3) فإنسان مونتيل ( العرب )، باريس، 1959، ص 18. تابع الصفحة التالية مع تحيات اخوكم: أنا هو. |
الصراع المعادي للاستعمار!! لقد اشتد الصراع المعادي للاستعمار مع ظهور طبقات اجتماعية جديدة تتطلع إلى المزيد من الحرية و من المكتسبات الاجتماعية و الاقتصادية. فمقابل البرجوازية التجارية، قامت فئة من المثقفين المطبوعة بالأفكار التقدمية. و على الرغم من قلة عددهم فقد أرسوا دعائم التنظيمات السياسية في البلاد. و قد تلقوا دعم الطبقة العاملة الناشئة التي بدأت نواتها تتكون خلال الفترة ما بين عامي 1952 ـ 1954، مع إنشاء شركة مصفاة البترول البريطانية في عدن الصغرى. إن هذه الطبقة الجديدة التي كان عددها ما يزال محدوداً، استطاعت أن تفرض نفسها بسرعة، و أن تغدو خلال بضع سنوات قوة سياسية طليعية. و كانت تعرف سياسياً باسم ( مؤتمر نقابات عمال عدن ). و بفضل هذه المساندة التي لعبت دوراً حاسماً في السنوات التالية تعززت قوى التيار الوطني و تحول إلى حركة تحرير وطني بكل معنى الكلمة. و قد انظافت إلى قوة التيار الوطنية قوة أخرى تتمثل في القومية العربية التي تحرك بعمق كل طبقات الشعب. أن الفترة 1952 ـ 1954، تشكل مرحلة الانطلاق في هذا الصراع لسببين رئيسيين: 1 ـ فهي الفترة التي شهدت نشوء طلائع التنظيمات السياسية و النقابية. 2 ـ و هي الفترة التي تتفق و قيام حوادث الاصطدامات الكبرى بين الحركة الوطنية و بين الاستعمار البريطاني و حلفائه. و الواقع أن عدة تجمعات سياسية و أيدلوجية ولدت خلال هذه الفترة. و قد بقيت مشتتة مبعثرة طيلة مرحلة الانتقال من الإدارة المباشرة إلى الاستقلال الذاتي الداخلي. و قد عرفت السلطات الاستعمارية كيف تبقي على الانقسام بين القوى، و كيف توسع رقعة الخلاف و الشقة فيما بينها . و بتأثير تدخلها من جهة و تضافر الحوادث في الشرق الأوسط عام 1956 ( السويس ) و عام 1958 ( اتحاد سورية و مصر، و ثورة العراق ) فقد عرف التياران على السواء تطورات عميقة في داخلهما. فكلاهما اخذ يعمل على التكيف مع الظروف الجديدة حتى يكسب الشعب إلى جانبه. إلا أن هذا السباق الذي كان مصحوباً بالمزايدات و بالديماغوجية ، قد عرّض التيار المعتدل لنكسات قاسية ، رغم دعم السلطات له . و فد اندفع قسم من القادة الشبان إلى الانفصال عن الرابطة الإسلامية بعدما لاحظوه من جمودها و عدم فعاليتها، و أشأوا عام 1950 رابطة أبناء الجنوب العربي (1)، التي أصبحت تشكل مع الرابطة العدنية المنظمة الكبيرة الثانية في عدن. و أصبحت الرابطة على رأس الحركة الوطنية المعادية للاستعمار. و كانت تحظى بتأييد حزب اليمن الحرة، و عدة منظمات اجتماعية و ثقافية. و تحت إلحاحها و تحريضها، تشكلت عام 1953 أولى النقابات العمالية و نقابات المستخدمين. و لهذا السبب أخذت الحركة النقابية منذ البدء طابعاً سياسياً. و كلما ازدادت وطأت المطالب الوطنية وضوحاً و دقة، كلما أدرك الإنجليز أن اهتمامهم بتنفيذ مطالب التيار المعتدل يضع بين أيديهم كفة معادلة في وجه المتطرفين. و على هذا الأساس أيدوا ( الاتحاد العدني )، و كانوا يطمحون من وراء ذلك إلى إنشاء قاعدة ثابتة للتيار المعتدل و تحويل أنظار الشبيبة العدنية عن التيار التقدمي الذي أصبح قوة ذات شأن و خطر. أما القوى الوطنية فقد كانت تجمع النوادي و الروابط و النقابات. و هي عبارة عن مجموعات منظمة نشيطة تضيق ذرعاً بالنظام الاستعماري و تقف كتلة واحدة في وجهه. وتجدر الإشارة إلى أن برنامجها قد خضع لتبديلات عميقة، كما يبدو من خلال الصحف التقدمية ( الفجر، البعث، الجنوب، العربي ) و يتلخص هذا البرنامج على الشكل التالي: 1 ـ الدعوة الملحة إلى وحدة النوادي و التجمعات الوطنية. 2 ـ الدعاية لاتحاد اليمن الجنوبي كما تتصوره الحركة الوطنية، لدى زعماء القبائل. 3 ـ الدعوة إلى الوطنية و إلى القومية العربية و إلى التخلي عن الروح العشائرية. 4 ـ خلق حركات تعبئ الرأي العام للضغط على الإدارة البريطانية من أجل تطوير تعليم العربية و من اجل فرضها كلغة رسمية محل اللغة الإنجليزية ( على سبيل المثال: في عام 1955 هدد سائقي التاكسي بالإضراب إذا لم يصبح استعمال الحروف و الأرقام العربية إلزامياً على لوحات السيارات ). 5 ـ تمجيد القومية العربية في جميع أشكالها و خاصة مصر رائدة القومية العربية . إن إحدى المظاهر البارزة لهذه الدعاية التي لفتت نظر ( ت. برنيي ) (2) هي عدم وجود مكان بارز للدين فيها. و أنها تحمل اسم القومية العربية. إن التطور الذي حصل على الصعيد الفكري بين هذا البرنامج و بين برنامج عام 1952، تطور واضح و كبير. فقد أصبح التركيز على الوحدة، و على القومية العربية و على النزعة الوطنية المعادية للقبيلة و للاستعمار. و تجاوزت الحركة الوطنية الصراعات الحزبية و المحلية، و ارتفعت الأصوات المطالبة بالقضايا السياسية و الاجتماعية. و أصبحت الإدارة الاستعمارية تصطدم بضغط الجماهير و تجد نفسها أمام ( جبهة وطنية موحدة ) تجمع القوى الوطنية، لا أمام حزب معارض واحد. و قد كان تحالف تلك القوى و عدم توحيدها، عاملاً في ازدياد قوتها و بأسها. إلا انه في الوقت نفسه كان يشكل عامل ضعف بالنسبة إليها. الجبهة الوطنية الموحدة: لقد قامت هذه الجبهة في نوفمبر 1955 قُبيل الانتخابات التشريعية التي جرت في 15 يناير, و قد نجحت هذه الجبهة في كسب التأييد المعنوي لقسم من التجار العرب في عدن، بالإضافة إلى الدعم المادي للتجمعات التقليدية. إلا أن العنصر الجديد حقاً هو دخول بعض الأمراء بشكل جزئي و خجول. و ذلك بفضل مشاركة بعض قادة ( رابطة أبناء الجنوب العربي ) التي كانت تتمتع بسمعة عالية في الجبهة الوطنية الموحدة.و قد وضع هذا التحالف بين القوى الوطنية لنفسه برنامجاً مؤلفاً من النقاط الثلاث التالية: 1 ـ تفشيل انتخابات 1955 و مشروع الاتحادات. 2 ـ تشجيع المطالب العمالية. 3 ـ انتهاجا خط سياسي موحد. و الواقع أن الجبهة وقفت حائلاً دون نجاح سياسة ( السير نحو الحكم الذاتي ) و ذلك عن طريق تنظيم حملة لمقاطعة الانتخابات. و لم يبق في المعركة الانتخابية سوى الإدارة البريطانية و المرشحين الذين ينتسبون إلى الاتحاد العدني. و هكذا باءت الانتخابات بفشل ذريع.أما المشروع الاتحادي الذي طُرح من جديد عام 1956، فلم يكن حظه في النجاح أوفر من حظ مشروع 1954، و ذلك بسبب وعي و يقظة القوى الوطنية. و على صعيد المطالب العمالية، كانت النقابات تطالب بحق الإضراب و بضمان العمل و بصندوق للبطالة، و بالتقاعد و رفع الأجور، و تحديد حد أدنى مكفول للأجور. و كانوا يحتجون ضد التشريع الذي يشجع الهجرة إلى عدن في البلدان التابعة للكومنولث. و كانت السلطات البريطانية تدّعي من جهتها بأن تدفق الشغيله اليمنيين يشكل تهديداً للعدنيين الذين يسعون وراء العمل، ناسية باقي الفئات من المهاجرين المتدفقين على عدن من بلاد تحت إشراف الإدارة البريطانية. و قد دعمت الجبهة النقابات دعماً كلياً ضد إدخال الأيدي العاملة الأجنبية. و قد نظمت الجبهة بالاشتراك مع النقابات سلسلة من الاضرابات ذات طابع مهني و سياسي عام 1956، كانت الأولى من نوعها في تاريخ اليمن الجنوبي. و قد وجدت السلطات البريطانية نفسها تجاه شمول حركة الاحتجاجات مدفوعة إلى معالجة شكوى الطبقة العاملة بتفهم. و هكذا حصل عمال و مستخدمو الطيران المدني على زيادة في مرتباتهم. و اتخذت تدابير لحماية العمال العرب من تدفق العمال المهاجرين. و منع استيراد اليد العاملة الأجنبية. و سويت أجور المؤسسات الخاصة. و على وجه الأجمال فقد كانت حصيلة تجربة القوة جيدة و خصبة. و قد وضعت الجبهة الوطنية الموحدة لنفسها هدفاً نهائياً إنشاء جمهورية للساحل اليمني ذات طابع مركزي تتألف من المحميتين و من اليمن. و تكون عدن هي العاصمة مؤقتاً بانتظار سقوط الحكم الملكي في صنعاء. و كانت الجبهة تعتبر الطريق الموصلة لهذا الهدف تمرا بمراحل ثلاث: 1 ـ توحيد السلطنات في دولة واحدة تحكم من عدن من قبل مجلس منتخب بواسطة الاقتراع العام. 2 ـ تخلي الإنجليز عن المستعمرة. 3 ـ ضم اليمن فيما بعد و إعلان الجمهورية. غير أن الجبهة ما لبثت مع الأسف أن تصدعت بتأثير التنافس الشخصي و الخصومات قبل أن تحقق برنامجها. و الحقيقة هي أن الجبهة لم تتمكن من امتصاص التجمعات التي وحدتها في وقت ما. و مع ذلك استطاعت رغم كيانها المهدد أن تحقق انتصارات هامة جداً لمجرد كونها تحالفاً للقوى التقدمية. فقد كانت منظمة كفاح، و قد وصل تأثيرها حتى للمعتدلين الذين وجدوا أنفسهم مرغمين على إعادة النظر في مواقفهم حتى لا يتهموا بالتخاذل و بالتخلي عن الشعب. كما كان من نتائج عملها اضطرار الإنجليز و إجبارهم على إعادة النظر في سياستهم. القوى المحافظة: يمكن اعتبار ( الرابطة العدنية ) و ( الاتحاد العدني ) لسان حال القوى المحافظة. و بقدر ما كانت الجبهة الوطنية المتحدة تجمعاً هجومياً غير متبلور التنظيم و الكيان، كانت الرابطة العدنية تجمعاً دفاعياً يمثل : 1 ـ البرجوازية العدنية و الطبقة التجارية الهامة المؤلفة بالدرجة الأولى من الآسيويين و الأوروبيين و بعض التجار العرب. 2- قسماً كبيراً من جهاز موظفي الدولة، و من الموظفين في المؤسسات الأجنبية . و دعم هاتين الفئتين للرابطة يعود إلى دوافع سياسية و اقتصادية. فعلى الصعيد السياسي لم يكن العدنيون غير العرب بوجه خاص، بمستعدين لوضع شؤون المستعمرة بين أيدي رجال الحركة الوطنية. و كانوا يتطلعون إلى نوع من الاستقلال الذاتي الداخلي داخل إطار العائلة البريطانية. أما على الصعيد الاقتصادي و الاجتماعي، و هو العامل الأشد تأثيراً، فقد كانت الطبقة التجارية مذعورة من اتساع نطاق المطالب العمالية و الاضرابات. فقد شل الإضراب العام الذي قادة اتحاد نقابات عمال عدن عام 1956 الحياة الاقتصادية في عدن خلال ستة اشهر. و كان عبئاً تحملت نتائجه البيوتات التجارية الكبرى. و أكثر من ذلك كانت أوساط الأعمال تربط مصير الاقتصاد بالوجود البريطاني. و بالتالي كانت ترغب في بقائه أطول مدة ممكنة لأن ذلك يتفق مع مصالحهم. و من جهة ثانية، كان الموظفون و المستخدمون في البيوتات الهندية و الأوروبية، و معظمهم من الأجانب، يخشون من فقدان وظائفهم إذا ما انتقلت السلطة إلى أيدي العناصر العربية. إن هذه المواقف النابعة من المصلحة الخاصة الأنانية التي لا تحسب حساباً لشيء آخر، كانت تخص الأوساط التي تهتم برفاهتها لا بتطور البلاد و تقدمها. و كان لا بد بطبيعة الأمر أن ينشأ تقارب بين الإدارة البريطانية و بين هؤلاء المعتدلين. و عندما شعر هؤلاء بأن الأحداث قد تجاوزتهم، حاولوا أن يُدخلوا في برنامجهم الإصلاحات الاجتماعية، و مشروع الاتحاد مع الاستقلال الذاتي الداخلي الذي ينادي به خصومهم. و لكن في حين أن خصومهم كانوا يعتبرون الاستقلال الذاتي خطوة أولى نحو الاستقلال الكامل، كانوا هم يعتبرونه الغاية النهائية. كما كان المحافظون يطالبون بالأمور التالية بصورة مستقلة بعضها عن بعض: ـ الحكم الذاتي بالنسبة إلى عدن، ـ وحدة المحمية، ـ جمع المستعمرة المستقلة ذاتياً مع المحميات داخل اتحاد، ـ إدخال الاتحاد ضمن الكومنولث. تلك هي الوحدة الممكنة في نظر هؤلاء. و بتعبير آخر، يمكن أن نقول بأن التقدميين كانوا يريدون وحدة مركزية، أما المعتدلون فكانوا يرغبون باتحاد فدرالي فقط. و كانت انجلترا تشاطر المعتدلين وجهة نظرهم. فقد تأثرت بما للجبهة الوطنية المتحدة من جماهيرية أي من صوت مسموع لدى الجماهير، لذلك لم تتردد في تبني البرنامج الإصلاحي و الفدرالي للرابطة العدنية. على أن ثمة خلافاً هاماً كان يقوم بين السلطات الإنجليزية و بين المحافظين المعتدلين، يتعلق بالأسباب العسكرية. فالسلطات البريطانية كانت تتمسك بالاحتفاظ بعدن نهائياً خارج الدولة الجديدة. الأمر الذي ما كان في وسع المحافظين الموافقة عليه خوفاً من الاتهام بالتخلي عن جزء من أرض الوطن.و قد استمر الإنجليز في التمسك بوجهة نظرهم، رغم أنها تضعف من جانب حلفائهم. و قد عوّض الإنجليز على هؤلاء الحلفاء بالمزيد من الدعم المعنوي و الدعم المالي. و قد دفع اضطرابات الأمور بسبب هذا التعنت إلى مجموعة من التدابير القمعية: كإعلان حالة الطوارئ و إصدار مجموعة من القوانين. (1) محمد الحفري ( حقائق عن جنوب الجزيرة العربية ) القاهرة 1956 ص 52 (2) مجلة أفريقيا و آسيا ، العدد 44 . و كان إعلان حالة الطوارئ بمثابة إعلان عن عزم السلطات الاستعمارية على القضاء على الجبهة الوطنية. و قد عبّرت السياسة التي طبقتها عن هذا الإصرار، أي سياسة إبعاد العناصر الوطنية و تعزيز جهاز المراقبة في سلطات البوليس. أما القوانين التي تم إصدارها نتيجة لإعلان حالة الطوارئ فتتعلق بمراقبة الصحافة و بتخويل السلطة صلاحية مصادرة و توقيف كل صحيفة. كما يتعلق بعضها الآخر بحرمان الجالية اليمنية من حق التصويت، بالإضافة إلى قوانين تحرّم تقديم أية مساعدة للجبهة الوطنية. و إلى جانب هذه السياسة العنيفة، عملت السلطات على دعم الرابطة العدنية دعماً متزايداً، كما أنها ضغطت على أرباب العمل لدفعهم إلى تلبية مطالب العمل قدر الإمكان. إلا أن النقطة الأهم في هذه المواجهة، هو طرح السلطات البريطانية لاحتمال انضمام اليمن إلى الدولة الاتحادية التي سيكون على رأسها ملك اليمن. و قد كانت السلطات البريطانية تهدف من وراء ذلك إلى إحداث انقسام داخل الجبهة الوطنية، لأن القسم الأعظم من الجبهة كان ضد هذا الاحتمال و يرفض أن تكون أسرة حميد الدين و السلالة الزيدية و لو على رأس دولة اتحادية تضم اليمن. هذا علماً بأن السلطات الإنجليزية لم تكن بشكل من الأشكال تقف موقفاً مشجعاً لمثل هذه الاحتمالات. و الخلاصة، فإن الأمر انتهى بحدوث انقسام داخل الجبهة بين الجناح اليساري الذي تدعمه النقابات و الذي استولى على قيادة الجبهة، و بين الجناح اليميني الذي أصبح ممثلاً برابطة أبناء الجنوب العربي و الذي انسحب من الجبهة. بهذا الانقسام دخلت الحركة الوطنية في أخطر أزمة عرفتها. و إذا كانت الحركة الوطنية قد احتفظت رغم ذلك بحيويتها و نشاطها، إلا أنها أخفقت في إعادة الالتحام إلى صفوفها. و كان ذلك طبعاً مبعث سرور لخصومها. أزمة الحركة الوطنية: لم يعمّر تحالف الجهات المعادية للاستعمار سوى أقل من ستة أشهر، أي تماماً الوقت اللازم لمجابهة الاستفتاء الذي نظمته السلطات الاستعمارية. فمنذ شهر مارس 1956، بدأت انقسامات خطيرة تظهر داخل الجبهة الوطنية الموحدة. فقد اتهمت النقابات ذات التابعية اليمنية، رابطة أبناء الجنوب العربي، بأنها تعمل على وضع النقابات تحت إشرافها المباشر و المطلق. كما اتهمت من قبل تجمعات يمنية أخرى بالعمل من أجل فصل عدن و محميتها و محميتها عن الوطن الأم في الشمال، و إنشاء جمهورية انفصالية في اليمن الجنوبي. و اتهمت الرابطة بدورها هؤلاء و أو لائك بأنهم يريدون أن يقسموا الحركة الوطنية و أن يدفعوا بها ضمن اتجاه موال لليمن.و قد كانت لهذه الاختلافات نتائج ثقيلة الوطأة. و أخذ الخلاف طابعاً سياسياً عندما شكلت النقابات بتاريخ 3 مارس 1956 اتحاد نقابات العمال العدني، و أعطت لهذا الاتحاد النقابي الكبير طابعاً اجتماعياً و سياسياً و عندما صدر بتاريخ 22 مارس 1956 عن رابطة أبناء الجنوب العربي تصريح مطول يشدد على شخصية الجنوب و على حقه في الاستقلال.و كان ذلك بمثابة الطلاق بين القدوتين الوطنيتين، هذا الطلاق الذي انتهى فيما بعد إلى حل الرابطة بينهما بعد أن يئس كل فريق من امتصاص الفريق الآخر. و قد استطاع اتحاد النقابات بفضل تنظيمه و تماسكه أن يسيطر بسرعة على المسرح السياسي في المستعمرة. و أن تجتمع من حوله معظم القوى الوطنية عدا رابطة أبناء الجنوب العربي. و قد كان للاضطراب العام الذي بدأ في مارس و انتهى في نوفمبر من عام 1956 و للنجاح الكبير الذي انتهى إليه، فضل في اتساع شهرتها وازديادها. و كان من الطبيعي نظراً لفشل التشكيلات السياسية التقليدية و إفلاسها، أن تصبح الحركة النقابية محور النضال السياسي ضد الاستعمار. لقد كان انغمار الطبقة العاملة في العمل السياسي شيئاً نابعاً من طبيعة الأمور، و ليس فيه ما يدعو للدهشة. فالنقابات العمالية في كثير من البلاد المتخلفة تبدو و كأنها القوى الوحيدة التي تتمتع بسند شعبي ملحوظ و بتنظيم قوي فعال. و هذا الواقع ينطبق على عدن أكثر من أي بلد آخر. فالحركة العمالية كان لها النصيب الأكبر في الكفاح ضد الاستعمار. و في نفس الوقت الذي كان فيه اتحاد النقابات يشق طريق الصعود، كانت رابطة أبناء الجنوب العربي تعاني من أزمتها الحادة بسبب انسحاب قسم من إطاراتها العليا و تفكك قيادتها. و هكذا بعد أن كانت رابطة أبناء الجنوب العربي المحرك الرئيسي للحركة الوطنية و العنصر البارز في الجبهة الوطنية المتحدة، غرقت في تعقيدات ظروف التجزئة الإقليمية. و دفعتها شكوكها بشأن اليمن إلى تبني مواقف أعطيت صفة الانفصالية من قبل عدد كبير من قادتها أنفسهم. و بعض هؤلاء القادة استنكروا علناً ذلك و لجأرا إلى المنظمة المقابلة. و في عام 1958 لجأ رئيسها و أمينهاْ العام إلى القاهرة تاركين ورائهم في عدن منظمة هزيلة إلى درجة لم يعد الإنجليز يحسبون لها أي حساب. أما في الخارج فقد تحولت ( رابطة أبناء الجنوب العربي ) إلى مجرد ( رابطة الجنوب العربي ). و عند إعلان قيام الجمهورية العربية المتحدة، ثم ( الدول العربية المتحدة )، حاولت الرابطة أن تعدل ميثاقها و أن تدخل فيه فقرات خاصة بالوحدة العربية و بالعلاقة بين جنوب و شمال الساحل اليمني، و أن ترفض القومية اليمنية. و عندما تقرر ضم عدن إلى الاتحاد، حاول الإنجليز جس نبض قادة الرابطة في المنفى للعودة و تشكيل الحكومة الاتحادية. إلا إنهم رفضوا هذا العرض و فضلوا الالتحاق بالمعارضة مع الإبقاء على مسافة ما بينها و بينهم. و بعد ثورة اليمن الجمهورية، حاولوا أيضاً تعديل برنامجهم و موقفهم الغامض إلا أن المحاولة جاءت متأخرة. فالرابطة على الرغم من أنها استعادت بعض نشاطها، إلا انه كان يلزمها وقت طويل و بذل جهد أكبر حتى تنهض من كبوتها و تحول الوضع إلى مصلحتها. الحركة النقابية: لقد قام اتحاد نقابات عمال عدن عام 1956 بعمل مزدوج: فمن جهة اهتم بالمسائل الاجتماعية التي تشغل العمال، و نجح في الحصول على اعتراف شرعي بالنقابات و بحقوقها. و من جهة ثانية أخذ الاتحاد اتجاهاً سياسياً مرناً و أصبحت الجبهة الوطنية الموحدة قاعدته الناطقة باسمه. و بعد فشل العدوان الثلاثي على السويس شددا مواقفها و كسبا الجو على حساب الرابطة العدنية التي تواطأت مع الإنجليز. و منذ عام 1957 أصبح الاتحاد اكبر منظمة شعبية في عدن. و أصبح له صحيفة ناطقة باسمه ( العامل ) كانت تنشر أسبوعياً مقالات مطولة حول الوضع الداخلي في الجنوب و الشمال. و قام الاتحاد بحملة عنيفة ضد الهجرة و ضد غلاء المعيشة عام 1958. و عندما قررت السلطات في أغسطس 1960 أن تسن تشريعاً جديداً يمنع الإضراب و يفرض التحكيم في خصومات العمل، شجبت صحيفة العامل بجرأة الرتيبات الجديدة. و على أثر الاضطدامات الدامية بين المضربين المتظاهرين و بين الشرطة، أُغلقت الصحيفة و لوحق جهاز التحرير المؤلف في غالبيته من النقابيين، بتهمة التحريض على مخالفة النظام. و بفضل انتساب المنظمة إلى اتحاد نقابات العمال العرب و الاتحاد الدولي، استفادت من تضامن المنظمات العمالية في آسيا و أفريقيا و أمريكا. و علقت الصحيفة الأسبوعية الفرنسية ( النوفيل أو بسر فاتورة ) على تلك الحوادث في عددها بتاريخ 7 سبتمبر 1960 بقولها: ( في عدن، ينظم العمال اضطرابا عاماً للاحتجاج على التعديات على الحرية النقابية، مطالبين إنهاء الإدارة البريطانية و تنظيم استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة ). و على الصعيد السياسي، ركز الاتحاد مع الجبهة جهود هما على إزالة الاستعمار في عدن و على تحرير اليمن من النظام الملكي. و كانت دعايتهم تطالب بدمج الجنوب مع الشمال. و بقدر ما كانت تلك الدعاية تحقر الإنجليز بقدر ما كانت تسبب القلق للسلالة الزيدية التي كانت تريد أن تجنب البلاد موجة الاضطرابات التي أثارها الوطنيون في المستعمرة. مع نهاية المعركة الانتخابية عام 1959، تصدع التحالف الواهي الذي كان يجمع القوى التقدمية. و أخذت الجبهة موقفاً يختلف عن موقف الاتحاد الذي انعطف انعطافاً واضحاً نحو اليسار عام 1960. و أصبح الاتحاد المركزي للنقابات في نظر الكثيرين من أبناء الجنوب المجسد الحقيقي ( للقومية اليمنية ). و من هذه الزاوية بدأ يتعرض للنقد الشديد.إلا أن الذي يجب أن يقال ، هو أن الاتحاد حاول عدة مرات أن يذيب مختلف الأحزاب الوطنية في بوتقة واحدة تحت رعايته ، إلا انه لم يصادف إلا نجاحاً جزئياً و خاصة لدى الروابط التي تهيمن عليها العناصر ذات الأصل اليمني . و ضمن هذا الاتجاه قاد عملية تشكيل الاتحاد الشعبي عام 1958 و الاتحاد الوطني اليمني عام 1959 و التجمع الوطني عام 1960 و تجمع المنظمات الوطنية و الشعبية عام 1961. و ساهم مساهمة فعالة في مؤتمر القاهرة الذي اجتمع عام 1961 و 1962 و ضم ممثلين عن (3): ـ النقابات العدنية، ـ حركة القوميون العرب، ـ الاتحاد اليمني، ـ حزب البعث العربي الاشتراكي ( فرع اليمن الجنوبي ). و قد حاول المؤتمرون أن يخلقوا جبهة وطنية جديدة إلا أنهم لم ينجحوا في ذلك. لذلك قرر الاتحاد المركزي للنقابات عشية مؤتمرا لندن في يوليو 1962 تأسيس حزب جماهيري. و هكذا تم نشوء ( حزب الشعب الاشتراكي ). و خلال ذلك كانت الجبهة الوطنية الموحدة قد زالت و لم يبق لها وجود. و قد قام ( حزب الشعب الاشتراكي ) بحملة عنيفة ضد المشروع الاتحادي الذي طرحته السلطات. و على الرغم من التدابير القمعية، نجح في تعبئة الرأي العام الداخلي و الخارجي ضد السياسة الإنجليزية. إلا أنه فشل في تجميع قوى المعارضة من حوله، بل و زاد في خصومتها له. . تابع الصفحة التالية مع تحيات اخوكم:أنا هو. |
الاتجاهات الراهنة: الخلاصة إننا نستطيع أن نميز على ضوء الاختلافات التي رافقت الكفاح الخصب الذي امتد على عشر سنوات ، الاتجاهات الخمسة التالية : 1 ـ الإقليمية الضيقة: التي يحرص عليها العدنيون المحافظون و غالبية الأمراء. و هي تقوم على المحافظة على التجزئة المحلية. و قد كانت السلطات الاستعمارية في البدء تشاطرهم وجهة نظرهم. إلا أن هذه السلطات بدأت تدرك مع تطور الوضع العربي خطر النزعة الانفصالية و التشتت. فأعادت النظر في سياستها و بدأت بتشجيع تجميع الإمارات داخل اتحاد فدرالي، ثم بتشجيع ضم عدن إلى الاتحاد من أجل إجهاض الاتجاهات الفكرية و تزوير الاندفاعات الوطنية. 2 ـ الإقليمية الواسعة: و قد كانت خلال فترة من العمل الوطني تتمتع بتأييد جميع القوى التقدمية. و هذه الإقليمية الواسعة تتجاوز حدود عدن و محميتها لتضم الساحل العربي بما في ذلك اليمن. و هي تعتمد في نظرتها على منطلقات جغرافية و تاريخية و بشرية عرقية. 3 ـ النزعة الوطنية اليمنية: التي كانت تجعل من اليمن محور العمل الوطني و تعترف له بالأولوية و بالقيادة. و كانت هذه النزعة تلقى تأييدا من قسم من العمال و من صغار التجار و من الطليعة المثقفة الذين ينحدرون من أصول يمنية. كما كان ( حزب الشعب الاشتراكي ) رائد هذه النزعة. الأمر الذي أثار شكوك العناصر الجنوبية التي كانت تمثلها رابطة الجنوب العربي، و التي كانت ترفض رفضاً قاطعاً إلحاق الجنوب باليمن، و تقول بالتقارب بينهما شرط رفع فكرة الإلحاق. و قد أعطت هذه العناصر المجال لنشوء حركة وطنية خاصة بالجنوب. 4 ـ النزعة الوطنية الجنوبية: و هي تعمل على جعل عدن و محميتها كياناً مستقلاً ذا سيادة. و قد كانت هذه النزعة تجد في رابطة الجنوب العربي حليفاً لها، كما كانت تعتمد على تأييد البرجوازية الوطنية الناشئة و على قسم من المثقفين و على السلاطين. و كانت انجلترا تدعم هذه النزعة سراً، و كانت تستعد لوضع السلطة في يدها يوماً ما ، لأنها كانت تتخذ منها وسيلة لمقاومة القومية اليمنية و القومية العربية . 5 ـ القومية العربية: إن شعب اليمن الجنوبي شديد الحساسية للقومية العربية. و باستثناء أصحاب النظرة الإقليمية الضيقة، تشكل القاسم المشترك لجميع الاتجاهات الأخرى بدرجات و نسب متفاوتة تتراوح بين رفع الشعار و بين الالتحام الكلي بحركة القومية العربية. إن لكل اتجاه من الاتجاهات السابقة أشياعه و جهاز دعايته الذي تتولاه الأحزاب السياسية. و هذه الأحزاب السياسية تنتشر بين الجماهير دون أن تعلن عن برامج محددة، و تطغى عليها اللفظية أي لغة الشعارات، و هي حسب التعبير الماركسي ( أحزاب البرجوازية الصغيرة ). (3) قحطان الشعبي ( الاستعمار البريطاني و معركتنا في الجنوب اليمني المحتل ) القاهرة 1962 الفصل السادس الأحزاب السياسية إن الأحزاب السياسية في الغرب تقوم بوجه عام بشكل رئيسي على المصالح المحددة تحديداً واضحاً للزمر الاجتماعية. و في معظم بلدان العالم الثالث، و في العالم العربي بوجه خاص، توجد مثل هذه الأحزاب، إلا أنها تبدو دونها تبلوراً. فالسياق التاريخي لهذه البلاد يجعل مفهوم الحزب القائم على أساس الطبقات الاجتماعية المتميزة شيئاً لا يتفق مع الواقع الداخلي لهذه البلاد، لا يسما في اليمن الجنوبي . فقد لاحظنا من خلال الفصول السابقة أن الرأي العام في اليمن الجنوبي ينقسم إلى اتجاهات و زمر غير مستقرة و غير ثابتة. لأن الشعب في غالبيته ما يزال يعيش ضمن وسط عشائري تتشكل على هامشه الطبقات الاجتماعية الجديدة التي لم تأخذ بعد طابعاً محدداً. بالإضافة إلى ذلك، فان الشعب تنقصه التربية السياسية و المدنية. فالفئات الهامشية المتمركزة في المدن و خاصة في مستعمرة عدن وحدها تملك ثقافة أولية من هذا النوع بفضل تعميم التعليم و بفضل الصحافة و المذياع و الدعاية الوطنية فلا مجال إذن إلى القول بأن هناك وعياً طبقياً أو حساً سياسياً متطوراً لدى الشعب و خاصة في المحمية. صحيح أننا نعثر في عدن على منظمة عمالية نشيطة كانت مصدر نشوء تنظيم سياسي عل صورة قاعدته الاجتماعية التي لا شك في أنها بروليتارية و فلاحية، إلا أنها دوماً ذات أصول قبلية عشائرية. كما كان لظروف الكفاح المعادي للاستعمار أكثر مما كان لوجود وعي طبقي حقيقي الفضل في حدوث تلك التغيرات المفاجئة. و هذه الملاحظة تصح أيضاً على باقي التنظيمات التي تهيمن على المسرح السياسي. فداخل الأحزاب السياسية لا نعثر على عنصر اجتماعي خاص، بل نجد أنفسنا أمام عدة فئات اجتماعية داخل الحزب الواحد. فالنضال من اجل الاستقلال لا يمكن أن يكون من صنع طبقة اجتماعية واحدة. بل هو من صنع شعب بأكمله.و هكذا يمكن أن نتساءل فيما إذا كانت توجد أحزاب بالمعنى الصحيح في اليمن الجنوبي ؟ إذا أخذنا بعين الاعتبار المقياس الأوروبي، أي الصيغة التقليدية للأحزاب في البلاد الديمقراطية الرأسمالية، وجدنا أن اليمن الجنوبي يعيش مرحلة ما قبل نشوء الأحزاب. أما إذا نظرنا إلى الوسط الاجتماعي الخاص باليمن الجنوبي و نظرنا نظرة اشمل إلى الواقع العربي بشكل عام، كان جوابنا إيجابياً. و هذا لا يمنع من القول بأن عدن و محميتها ما تزال في المرحلة الأولى من مراحل التطور، و أن الخط الفاصل بين المجموعات المنظمة و الأحزاب السياسية بالمعنى الدقيق للكلمة، ما يزال فيها سابقاً لأوانه. فالمعيار الرئيسي الذي يميز بينهما هو وجود ( المنظمة ). فالحقيقة أن أي تشكيل مزود بجهاز سياسي منظم و ببرنامج، يستطيع أن يعتبر نفسه قائماً كحزب. و في اليمن الجنوبي توجد عدة تجمعات تطالب بهذا الحق. و هي تطلق على نفسها صفة الحزبية و تعمل على أساس أنها أحزاب. و سنقف من هذه الأحزاب على أربعة تعتبر أهمها. لأن ما تبقى هي في الحقيقة تجمعات صغيرة، أما فيما يتعلق بالبرنامج، فهناك خطوط عامة و ليس هناك برامج محددة و متناسقة. أما فيما يتعلق بالتركيبات الاجتماعية، فهناك إلى جانب البرجوازية الوطنية و الأجنبية، الموظفون الوطنيون، و المثقفون، و العمال و القبائل. حزب المؤتمر الشعبي: لقد نشأ هذا الحزب عن الرابطة العدنية، و هو يعتبر نفسه الوريث الطبيعي لها. و هو يتميز بطابعه ( العائلي ) بحكم سيطرة عائلة ( لقمان ) عليه. و هذه الأسرة ( التي تعتبر مؤسسة لهذا الحزب ) تملك صحفاً ثلاثاً: ( فتاة الجزيرة )، ( القلم العدني )، و ( يوميات عدنية ). و قد حمل هذا الحزب لواء الدفاع عن ( الكيان العدني ). أما برنامجه، فقد عرض عرضاً غامضاً في نشرة للدعاية تحت عنوان: ( أهذا كتاب أبيض ). و كاتب هذه النشرة (1)، و هو احد قادة الحزب، يعتبر نفسه ناطقاً باسم شعب عدن. و يتحدث عن التقدم الذي حصل في المستعمرة و عن تأخر محميتها، و عن التمييز السياسي بين شطري البلاد، و عن عدم التكافؤ في التطور الاقتصادي فيما بينهما. ثم يشجب باسم الوحدة الإقليمية لعدن، عملية انتزاع جزر البريم و كوريا موريا. و ينتقد الطريقة التحكمية التي تمت بواسطتها عملية إدخال عدن في اتحاد الجنوب العربي. و لا يمنعه ذلك من استخلاص نتيجة تؤكد على ضرورة مساعدة عدن الفنية لمحميتها الفقيرة. و هكذا فإن برنامج حزب المؤتمر الشعبي يعارض الحل الفدرالي لأنه في زعمه ينتزع من العدنيين حقوقهم و يعيق سيرهم نحو الديمقراطية، و لأنه يخشى أن يعطل الحل الفدرالي فرص حصول عدن على استقلالها. لذلك فإن حزب المؤتمر الشعبي يطالب بما يلي: 1 ـ بانتخابات تشريعية عامة تقتصر على المستعمرة. 2 ـ تشكيل حكومة وطنية عدنية مسئولة أمام المجلس التشريعي المنتخب. 3 ـ بحصر مهمة هذه الحكومة في نقطتين رئيسيتين: تطبيق حق تقرير المصير و إعلان الاستقلال. و بكلمة أخرى، يطالب الحزب بدولة عدنية تتمتع بالسيادة الكاملة تصبح عضواً في الكومنولث. و شعاره المألوف ( عدن للعدنيين ) أما موضوع الاتحاد فلا يأتي إلا بعد أن يتحقق هذا الهدف، و عندئذ تفاوض عدن المستقلة الاتحاد الذي يكون بدوره قد استكمل سيادته من اجل الاندماج ضمن صيغة مرنة كون فدرالية. أن حزب المؤتمر الشعبي ينطلق من إطار التجزئة، لذلك فهو يلقى دعماً من عناصر الأقلية العدنية ذات الأصول الأجنبية التي تخشى من طغيان العناصر العربية، و التي تتجمع في عدة منظمات و جمعيات لتأمين حماية مصالحها. و هي مدعومة من البيوتات التجارية الأوروبية و الهندية التي تمول نشاطها من أجل إعاقة نشاط البرجوازية الوطنية التي تحاول استبعاد الرأسمال الأجنبي. و قد بقيت السلطات الإنجليزية تساند نشاط الأقلية حتى عام 1961، حيث تبين لها أن التجزئة التي تعمل الأقلية على تثبيتها، لم تعد شعاراً واقعياً. ثم جاءت الضرورات الإستراتيجية و مقتضيات السياسة العليا الخارجية، لتحدث تحولاً في موقف هذه السلطات. و كان الحزب الوطني الاتحادي الوليد الثاني للرابطة العدنية و المستفيد الأكبر من هذا التحول. الحزب الوطني الاتحادي: أمام اللغط الذي كان يصدر عن العناصر العدنية المعادية لدمج عدن، لم تتردد السلطات البريطانية في خلق حزب جديد مؤيد للسياسة البريطانية. و قد كانت ولادة الحزب الوطني الاتحادي في الحقيقة تعبيراً عن رغبة الإنجليزية في إسباغ مظهر شرعي على الدمج. و قد كان زعماء هذا الحزب هم الذين وقعوا اتفاقيات لندن، و شكلوا أول حكومة مستقلة في دولة عدن. كان برنامج الحزب الوطني الاتحادي يتطابق تماماً مع برنامج وزارة المستعمرات. فقدا نادى بتعاون وثيق مع الأمراء و بالمحافظة على المصالح الاقتصادية و الحربية لبريطانيا العظمى. إلا أنه كان خلال المفاوضات مركز على التفاوت الاقتصادي بين عدن و المحمية، و يعتبر التفاوت نتيجة لتمايز التطور الدستوري بينهما. و هكذا استطاع أن يحمل الأمراء على قبول مبدأ اعتبار عدن كياناً خاصاً داخل إطار اليمن الجنوبي السياسي و الاقتصادي الذي يشكل مجالاً حيوياً أكثر اتساعاً. كما انه طالب بتطمين العدنيين الأجانب بحيث أن يكون الدمج مصحوب بشروط تضمن لهم حقوقهم. و حصل لعدن على تمثيل قوي داخل المؤسسات الفدرالية. و على عكس حزب المؤتمر، رفض الحزب الوطني الاتحادي ان يتبنى فكرة حصول المستعمرة على الاستقلال. و كان يرد على أصحاب هذه الفكرة بأن عدن ما تزال دون مستوى القدرة على تشكيل دولة ذات سيادة. و يضيف إلى ذلك بأن هذه الدولة لن تصمد طويلاً أمام هجمات القوى الوطنية، و أن اتحاد الجنوب العربي بدون عدن، لا بد أن يتفكك سريعاً. فلإنقاذ عدن و الاتحاد معاً من الوطنية المتطرفة لا بد من دمجهما. و هنا تظهر المطابقة بين دعوى الحزب و بين المخطط البريطاني. إن الحزب الوطني الاتحادي منظمة ممالئة للإدارة الاستعمارية، و هو إلى جانب الدعم المالي الضخم الذي يأتيه من قبل السلطات يحظى بدعم رجال الأعمال الطامحين إلى الحصول على عقود تجارية مع الحكومة الاتحادية و مع الزعماء المحليين. و كذلك بتأييد قسم من جهاز الموظفين الرسميين و قسم من العدنيين العرب. و بصورة عامة، يمكن تصنيف الحزب الوطني الاتحادي مع حزب المؤتمر الشعبي، كممثلين للقطاع المؤيد للملكة المتحدة رغم اختلاف موقفهما نسبياً. فالحقيقة أن تخلي السلطة عن حزب المؤتمر ليس إلا ظاهرياً. فالعالم كله يعرف بأن السلطة تدعمه بصورة خفية، و بأن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم له مساعدة كبيرة. فالانجلو ساكسون يريدون أن يجعلوا من هذا الحزب أداة للضغط على الوطنيين لإرغامهم على التسليم بموضوع القواعد. ربما أن الأحزاب التقدمية لا مقاعد لها في المجلس، فإن حزبي المؤتمر و الوطني الاتحادي، كانا يمنيان النفس بأن يلعبا دور حزب السلطة و حزب المعارضة. و كان البريطانيون يغتبطون و يعتزون برؤية صورة مصغرة لمجلس العموم تتجسد في المجلس التشريعي، و يعتبرون ذلك دليلاً على نجاح سياستهم في إنهاء الاستعمار. و الغريب في الأمر، أن قسماً كبيراً من الرأي العام الإنجليزي كان يعتقد على ما يبدو بهذه الأسطورة ـ المهزلة ـ و أقل ما يمكن أن يقال بهذا الشأن هو أن هذا الجانب من الرأي العام كان ضحية دعاية فارغة موغلة في الادعاء. و يكفي للدلالة على ذلك التذكير بأن المجلس التشريعي قد تم انتخابه من قبل 26 في المئة فقط من مجموع الناخبين. و أنه ليس من المنطق في شيء أن يُعترف له بأي صفة تمثيلية، طالما أن 74 في المئة من الناخبين قد امتنعوا عن التصويت من اجل شجب هذه الصفة التمثيلية. و هنا تكمن قوة الأحزاب الوطنية ( رابطة الجنوب العربي و حزب الشعب الاشتراكي ) الذي حاول الإنجليز أن يكتمون أصواتها بواسطة التدابير القمعية البوليسية القاسية. و لكن على الرغم من ذلك، نجحت الأحزاب الوطنية في أن تشل القوى الممالئة للإنجليز. و هذا هو السر الذي جعل بريطانيا تعتمد على الأمراء المحليين الرجعيين الذين جعلتهم يشكلون جبهة في محاولتها تحطيم المقاومة الوطنية أكثر من اعتمادها على منظمات قيد التلاشي السريع كحزب المؤتمر و الحزب الوطني الاتحادي. رابطة الجنوب العربي: لقد عارضت رابطة الجنوب العربي المشروع الاتحادي البريطاني و الكيان العدني منذ البدء، و حرضت عام 1957 ـ 1958 سلطان لحج و نقيب يافع السفلى، على رفض المخطط الذي رسمته وزارة المستعمرات لتجميع الإمارات. و كان من نتائج ذلك إبعاد قيادة الرابطة و إزاحة الأمراء المتصلبين في موقفهم عن مناصبهم. و قد حاولت الرابطة في نوفمبر 1958 أن تنشئ حكومة في المنفى بمساعدة البلاد الشقيقة. إلا أن المحاولة باءت بالفشل نظراً لمعارضة اليمن (2). لقد أخذت رابطة الجنوب العربي على اتحاد الجنوب العربي طابعه المعادي للقومية العربية و كونه لم يأت نتيجة استشارات. فهو في نظر الرابطة مناورة هدفها الإبقاء على السيطرة البريطانية و على حالة التجزئة المصطنعة في البلاد و هي تعتبر مؤسسي الدولة الاتحادية مجرد موظفين مأجورين للسلطات البريطانية و بالتالي فإنها لا تعترف لهم بأي أهلية حقوقية تخولهم صلاحية عقد معاهدات تحدد مصير البلاد. و الخلاصة، فإن اتفاقيات 1959 و 1962 ليست لها صفة شرعية في نظر الرابطة، لا أن المفاوضين لم يكونوا ممثلين، و لأن تكافؤ القوى كان مفقوداً. أما برنامج الرابطة فينص على اعتبار عدن و محميتها تشكلان كياناً واحداً غير قابل للقسمة. كما ينص مقابل الدولة الاتحادية التي لا تقوم على أسس صحيحة، على إنشاء دولة مركزية موحدة. و قد أوضحت وجهة نظرها في مذكرة قدمها إلى هيئة الأمم المتحدة في نهاية عام 1962، حيث تقترح: 1 ـ بوضع اليمن الجنوبي لمدة سنتين تحت وصاية لجنة دولية مؤلفة من ممثلين عن البلاد غير المنحازة. 2 ـ بتحويل الإدارة إلى الوطنيين تحت إشراف لجنة دولية. 3 ـ بالاعتراف بحق شعب اليمن الجنوبي في تقرير مصيره و بضمان تطبيقه على كل أنحاء البلاد. 4 ـ و أخيرا بإنشاء مجلس تأسيسي منتخب بالاقتراع العام المباشر تكون مهمته الأساسية وضع دستور للبلاد و إعلان استقلالها. إلا أن هذا الحل لم يكن يملك أسباب النجاح. فالهيئة الدولية نظراً للصعوبات التي تواجهها في مناطق أخرى حساسة أيضاً، لم تكن تميل إلى تحمل مثل هذا العبء الجديد. و من جهة أخرى، فإن الحكومة البريطانية و الحكومة اليمنية و حزب الشعب الاشتراكي، و هي الهيئات التي لا يمكن حل المشكلة بدون اتفاقها، لم تكن موافقة على التدخل الدولي. و كانت رابطة الجنوب العربي ترفض كل مطلب و كل مسعى لإلحاق اليمن الجنوبي باليمن. إلا أنها لم تكن ترفض فكرة التقارب مع اليمن عندما يحصل اليمن الجنوبي على سيادته كاملة. و كانت تتطلع إلى اتحاد حر بين الدولتين يتم نتيجة مفاوضات متبادلة. أما المهمة العاجلة فهي في رأيها التحرر من السيطرة البريطانية، و عندما يتم الحصول على الاستقلال، يمكن توثيق الارتباط ما بين الشمال و الجنوب على ثلاث مراحل: 1 ـ تدعيم الدولة الوطنية في اليمن الجنوبي. 2 ـ توحيد الساحل العربي ضمن إطار واسع. 3 ـ تشجيع دمج و توحيد الشمال و الجنوب ضمن مجموع أكبر على غرار الجمهورية العربية المتحدة. و في حالة استمرار اليمن في معارضة انبثاق دولة متحررة في الجنوب، فأن رابطة الجنوب العربي تطالب باستفتاء الشعب تحت إشراف الأمم المتحدة. ثمة ملاحظتان تجدر الإشارة اليهماء بصدد موقف رابطة الجنوب العربي، سواء بالنسبة إلى الاستعمار أو بالنسبة للحركة الوطنية في اليمن. الملاحظة الأولى، تتلخص في أن برنامج الرابطة يتفق في عدة نقاط مع مخطط وزارة المستعمرات. فقد تبين لنا أن المملكة المتحدة قد سبق أن باشرت عملية تجميع دول الأمراء و عدن من اجل إنشاء دولة اتحادية تمنحها الاستقلال. فالفرق بين وجهة نظر الرابطة و وجهة النظر البريطانية يتلخص في أن بريطانيا ترفض: 1 ـ فكرة انتخابات مسبقة، 2 ـ الاعتراف بحق تقرير المصير، 3 ـ المعاهدات و الاتفاقيات التي تؤدي إلى إزالة القواعد و جلاء القوات البريطانية. ما عدا ذلك فإن وجهتي نظر الرابطة و السلطة الاستعمارية تتفقان في الهدف النهائي الذي هو حصول البلاد على سيادتها الدولية. أما الملاحظة الثانية، فتتعلق بموقف الرابطة من اليمن، ذاك الموقف الذي يعتمد على التمنيات. فهي لا تتصور وحدة الجنوب و الشمال إلا بعد الاستقلال. و تعتبر كل محاولة قبل ذلك أمرا لا يجوز التفكير به. فهناك مرحلة انتقالية طويلة الأمد لا بد منها في رأيها، تتم خلالها عملية القضاء على عقبات الوحدة قبل الوصول إليها. إن هذا الموقف قد جعل رابطة الجنوب العربي تتعرض لتهجمات عنيفة من قبل الحكومة اليمنية و خاصة من قبل حزب الشعب الاشتراكي. و اتهمت بأنها تلعب لعبة الاستعمار و التجزئة. إن رابطة الجنوب العربي هي أقدم منظمة في عدن و محميتها. و قد شهدت في البدء ازدهارا كبيراً. إلا أنها تعرضت منذ عام 1956 إلى هزات و أزمات متلاحقة أدت إلى عدة انقسامات ذات طابع يساري في قيادتها. و قد نالت الانسحابات التي شملت قسماً من جهاز الرابطة القيادي، من قوة الرابطة. و قد انظاف إلى هذا الخلل الذي لحق بتكوين الرابطة، تهديم السلطات لما تبقى من جهازها، و مصادرة صحيفتها الناطقة باسمها بعد إبعاد قادتها الرئيسيين. و على الرغم من هذه النكسة، فإن الرابطة ما تزال تتمتع بشعبية لدى الأوساط الوطنية التقليدية، و لدى بعض القبائل ، و كذلك لدى سكان الريف في المحمية ، و خاصة لدى البرجوازية الوطنية الناشئة . فقد اقتربت هذه الطبقة من الرابطة لأنها وجدت الأفكار الاشتراكية لدى حزب الشعب الاشتراكي فعالية في الثورية، و تثير القلق. حزب الشعب الاشتراكي: إن حزب الشعب الاشتراكي هو دون شك أهم المنظمات، لا في عدن فحسب، بل في الجزيرة العربية بوجه عام. فهو الوريث الشرعي للجبهة الوطنية الموحدة. و قد تأسس عام 1962 من اجل مقاومة المشاريع البريطانية. أما مؤسس هذا الحزب فهو اتحاد نقابات عمال عدن، الذي حاول أن يتجنب أخطاء الحركات الأخرى بشكل جعله مركزاً حزبياً لجميع الذين انشقوا عن المنظمات المتنافسة. إن حزب الشعب الاشتراكي يدين الوجود البريطاني في اليمن الجنوبي، و يدين الاتحاد الذي يجد فيه محاولة موجهة لفصل الجنوب نهائياً عن الشمال. و يطالب بإرجاعه إلى الوطن الأم. و كل حركة تحاول بشكل أو بآخر أن تقف عقبة في وجه هذه العودة، تعتبر حركة انفصالية. و هذا ما حصل بالنسبة لحزب المؤتمر الشعبي و للحزب الوطني الاتحادي، و إلى حد ما لرابطة الجنوب العربي. إلا أن هذه الأحزاب ترد التهمة و خاصة الرابطة التي تحمّل حزب الشعب الاشتراكي مسؤولية شطر الحركة الوطنية. أما برنامج الحزب فيدعو إلى أفكار وحدوية متقدمة كثيراً، إلا انه مطبوعة بطابع يمني واضح و صريح يتهمه خصومه بأنه طابع توسعي. و يتضمن برنامج الحزب النقاط الأساسية الثلاثة التالية: 1 ـ زوال الاستعمار بشكل كلّي و فوري، و كذلك القواعد المرتكزة على المعاهدات غير المتكافئة. 2 ـ رفض تكوين كيان خاص باليمن الجنوبي. 3 ـ التعجيل في إعادة ربط الجنوب المحتل بالشمال المتحرر. إن هذا البرنامج يقلل من أهمية الصفة الوطنية لليمن الجنوبي، و يصطدم تحقيقه من جهة أخرى بعدة عقبات أهمها: 1 ـ عداء الأمراء، و الأحزاب العدنية المدعومة من السلطة الاستعمارية. 2 ـ معارضة رابطة الجنوب العربي. 3 ـ تأرجح الموقف الشعبي. و الحقيقة انه، لا الأمراء، و لا حلفائهم الإنجليز، عازمون على تقديم عدن و محميتها إلى اليمن على طبق. أما العدنيون، فعواطفهم الانفصالية معروفة منذ زمن طويل. كذلك فإن رابطة الجنوب العربي ترتاب في موقف حزب الشعب الاشتراكي و تخشى أن يجعل من القومية اليمنية شعاراً للمزايدة يفرضه على شعب اليمن الجنوبي رغم أنفه، و أن يتجاهل التطلعات الحقيقية لهذا الشعب. كما أنها تعتبر تصلب حزب الشعب الاشتراكي عاملاً في تقوية النزعات الانفصالية على حساب الوحدة الوطنية. و هذه الحجج صحيحة إلى حد بعيد. ذلك لأن الإقليمية هي دوماً مغروسة في أذهان الناس و لأن الناس ما يزالون غير مالكين لصورة المستقبل بشكل محدد، لسبب بسيط و هو أنهم لم يُسألوا عن رأيهم بعد حول مستقبل البلاد. لذلك كان مجال عمل الحركة المؤيدة للدمج العضوي مع اليمن التي يبعثها حزب الشعب الاشتراكي، مقتصراً على عدن. فلا يكفي أن يقال بأن شعب اليمن الجنوبي في أكثريته الساحقة يرغب الدمج. بل يجب أن تعطى له الفرصة ليعبر بوضوح عن رأيه و عندئذ يُعرف رأيه. و ليس غير اللجوء إلى الاستفتاء يمكن أن يقرر شيئاً حاسماً بالنسبة إلى المستقبل. تابع الصفحة التالية مع تحياتي أخوكم: أنا هو. |
إلى جانب الحركة المؤيدة لليمن، توجد في حضرموت حركة موالية لوحدة المنطقة الشرقية و استقلالها، و مناهضة لمبدأ الالتحاق باليمن. و الحقيقة انه منذ اكتشاف البترول في المنطقة الشرقية، أصبحت فكرة المناداة بحضرموت دولة مستقلة، ذات إغراء كبير بالنسبة إلى السلاطين، يؤيدهم في ذلك معظم سكان المنطقة، كما يلقون تشجيعاً على هذه الفكرة من الإنجليز بشكل خفي. و يكفي أن تأتيهم الفرصة السانحة حتى يعلنوا استقلالهم. و هكذا فإن خصوم حزب الشعب الاشتراكي و معارضيه يملكون أسلحة متعددة لمحاربة مشروعاته، و يطمحون إلى قلب الوضع لمصلحة اليمن الجنوبي. و عندئذ ينتصر المخطط البريطاني الذي يسعى قبل أن تنسحب انجلترا من المنطقة، إلى تكريس الانفصال النهائي بين الشمال و الجنوب. و يبدو أن حزب الشعب الاشتراكي قد أدرك ذلك، لذلك تحول عن موقفه الأول، و أعلن استعداده للموافقة على استقلال عدن و المحمية. و يطالب بحق تقريرا المصير. و يبدو من خلال ما كتبته صحيفة أسبوعية في الكويت ( 2 ) ، إن الحزب قد عقد اتفاقاً مبدئياً مع حزب العمال البريطاني بموجبه يلتزم هذا الأخير بحق شعب اليمن الجنوبي بتقرير مصيره بنفسه عندما يصبح في السلطة . و بالمقابل يقبل حزب الشعب الاشتراكي بمبدأ تأجير قاعدة عدن للبريطانيين لمدة محددة. و يعتبر ذلك تراجعاً هاماً بالنسبة لمواقف الحزب السابقة. إلا أن حزب الشعب الاشتراكي لا يتوقف رغم ذلك عن متابعة حملته من أجل الرجوع إلى الوطن الأم. و هو يعتمد من أجل كسب الرأي العام في الداخل بوجهة نظره، على جهاز دعايته الذي نجح في كسب الرأي العام في عدن. و هو يظهر واقعية سياسية كانت أول نتائجها الطبيعية، التقارب بينه و بين رابطة الجنوب العربي. فقد قرر الطرفان (3) إنشاء جبهة موحدة ضد السلطتين الاستعمارية و الاتحادية. و عندما تقوى هذه الجبهة لا بد أن يكون لها تأثير ايجابي على ازدهار الحركة الوطنية. إن حزب الشعب الاشتراكي يملك في عدن قاعدة شعبية ضخمة. و تتألف جماهير الحزب من طبقة العمال و من فئات المستخدمين و صغار الموظفي و التجار و الشبيبة المثقفة. إلا أن دعامته الأساسية دوماً في اتحاد نقابات عدن. كما أن لحزب الشعب الاشتراكي تأثيراً كبيراً في أوساط المهاجرين اليمنيين الذين يعيشون في عدن. و هو يشكل مع رابطة الجنوب العربي المعارضة الوطنية التي عبرت عن نفسها من خلال الانفجاريات الشعبية و من خلال الثورة المسلحة. و في عدن نفسها عمت الاضطرابات و المظاهرات الجماهيرية و العصيان المدني ، و أعلن اتحاد العمال عن عزمه على مقاومة السياسة البريطانية لحكومة المحافظين بكل الوسائل الممكنة ، بما فيها الاغتيالات التي تعددت و اشتدت. و قد تسربت الاضطرابات إلى الداخل بسرعة حيث نجحت جبهة التحرير القومية (4) في إثارة القبائل ضد الإنجليز و الأمراء في ( ردفان ) ( إمارة الضالع ) و في يافع. و قد تصدت السلطات بعنف لموجة الهجوم هذه، و بذلت جهداً كبيراً من أجل القضاء على المعارضة و تحطيم أداتها. و اشتركت القوات الاتحادية و الإنجليزية في إخماد ثورة القبائل. و أصبح استخدام الطائرات المطاردة و قاذفات القنابل شيئاً مألوفاً. و قد جرى قذف و تدمير عدد كبير من القرى. و كان الطيران الملكي يطارد الثوار اللاجئين إلى الجبال أو في المناطق المتاخمة لليمن. و بحجة تدخل اليمن في الشؤون الداخلية للاتحاد، قامت وحدات الطيران بغارات على الجبهة اليمنية في حريب، و توجهت تعزيزات من انجلترا و ألمانيا إلى إمارة الضالع لدعم الجيش الاتحادي. و رغم ذلك فإنها لم تتمكن من القضاء على الثورة . و على وجه الأجمال، فإن العمل المركز الذي قام به الوطنيون الذين حققوا فيما بينهم مصالحة جزئية في المستعمرة، و الثورة في الداخل، قد هزت بعنف ركائز الدولة الاتحادية و أزعجت الإنجليز كثيراً. و أصبح موضوع تعميم العمل المسلح على جميع أنحاء البلاد هو مركز الاهتمام. إلا أن جدوى هذه الخطوة الشاملة بدت رهناً باتفاق المنظمتين الرئيسيتين سلفاً من أجل تنظيم و دعم مشترك لهذه الحملة. لأنه على الرغم من أن حزب الشعب الاشتراكي و رابطة الجنوب العربي هما هيئتان معاديتان للاستعمار و وطنيتان، إلا أنهما تصدران على صعيد المبادئ عن وجهتي نظر متقابلتين و متباعدتين. علماً بأنهما على صعيد الموقف العملي يجمعاهما هدف توحيد الشمال و الجنوب. و بكلمة واحدة فإن خلافاتهما سطحية و تتناول الوسائل لا الغايات. و على الرغم من اختلاف مواقف الأحزاب، فهي بوجه عام تتفق على إدانة الاستعمار و في هدف تحرير البلاد. فالأحزاب الليبرالية ( حزب المؤتمر الشعبي و الحزب الوطني الموحد ) كانت تفهم الاستقلال من خلال مفهوم التعاون المتبادل مع الإنجليز، و لا ترى ضرورة لأن يكون الاستقلال مصحوباً بقطيعة مع بريطانيا. فهو يمكن أن يكون المحطة الأخيرة في مراحل انحسار الاستعمار. و قد كان الأمراء يؤيدون وجهة النظر هذه. أما الأحزاب الوطنية فقد كانت تتطلع حسب تعبيرها إلى تخليص المنطقة من النفوذ الإنجليزي مرة واحدة بواسطة العنف. إن مفهوم التحرير بالنسبة ( للجنوبيين ) يعني تحرراً كاملاً يؤكد شخصية الجنوب دون أن يؤدي ذلك إلى استبعاد إقامة علاقة وثيقة مع اليمن بعد الحصول على الاستقلال. و هم يعتبرون مفهومهم هذا نموذجاً صالحاً للتطبيق في نطاق الوحدة العربية. فالوحدة تتوقف على حصول كل بلد عربي على استقلاله السياسي و الاقتصادي. أما ( الشماليين ) فيعتبرون التحرير مرحلة ضرورية و كافية لتحقيق الوحدة غير المشروطة مع اليمن. و يعتبر حزب الشعب الاشتراكي لسانهم الناطق باسمهم.و هكذا فإن نشاط الأحزاب السياسية لا ينصرف إلى الكفاح ضد الاستعمار فحسب، بل إن قسماً هاماً من هذا الكفاح يتركز على الهدف المباشر بعد الاستقلال. لذلك فإن نهاية مرحلة النضال ضد الاستعمار ترافق بداية مرحلة الصراع الأيدلوجي بين الأحزاب السياسية. الخصائص الرئيسية للأحزاب يتميز الوضع الحزبي في اليمن الجنوبي بالملامح الأساسية الثلاثة الآتية: 1 ـ التمركز في المدينة. 2 ـ عدم وجود حزب يجسّد الصفة الوطنية. 3 ـ غياب الأيدلوجية. هناك خصائص أخرى دون شك إلا أنها ذات قيمة ثانوية، و أبرزها كون قيادات الأحزاب تمثل قيادة النخبة المحدودة العدد، فالقيادات هي بالفعل أشبه بعصبة من القادة. حتى حزب الشعب الاشتراكي الذي هو منظمة جماهيرية، لم تأخذ القيادة فيه طابعاً آخر مختلفاً عن هذا الطابع العصبوي ( الأولغاركي ). التمركز في المدينة: ما يزال الانتظام داخلا الأحزاب محدوداً في المكان. فالأحزاب الوطنية ليس لها وجود خارج مراكز المدن في عدن و في الداخل. و التجمعات السياسية الموالية للإنجليز يقتصر وجودها على المستعمرة. و جميع الأحزاب تتخذ من عدن مركزاً لقيادتها. و فيها يتجمع القسم الأكبر من مؤيديها. و قلما يساهم سكان الريف و رجال البدو في النشاط الحزبي. لذلك لا يوجد حزب يجسد الصفة الوطنية. و سبب ذلك يرجع إلى زمرتين من الصعوبات: 1 ـ الأولى تتعلق بالتكوين الاجتماعي: ففي المحمية، تبدو ظاهرة الحزبية غريبة عن الوسط التقليدي. لأنها تصطدم بنوع من العطالة في التركيب الاجتماعي الذي تشكل القبيلة الخلية الحية فيه. ففي الحالة الراهنة للاقتصاد يبدو المجتمع القبلي من جميع الوجوه حالة من التوازن الطبقي توصل إليها مجتمع لا يعرف تقدماً أو تقهقراًً اقتصادياً إلا في حالات استثنائية. إذن لا بد من تغيير العامل الاقتصادي لحالة التوازن الساكن حتى يتوفر المجال لتطور العامل الاجتماعي أو لحدوث طفرة فيه (5). ضمن هذه الشروط لم تجد ظاهرة الحزبية سوى المدينة مستقراً لها. و قد دفع الشعور بأهمية هذه المشكلة قادة رابطة الجنوب العربي و قادة الجبهة الوطنية الموحدة ثم حزب الشعب الاشتراكي، إلى التصدي لها، و إلى محاولة التسرب إلى داخل القبائل. بيد أن حالة الانقسام و التجزئة التي تعم البلاد جعلت مصيرا كل تدخل مباشر خارجي الفشل نظراً للروح السلبية التي تقابل بها القبائل كل محاولة صادرة عن مراكز المدن. و ذلك يفسر السبب الذي دفع الأحزاب لأن تتخذ خلال فترة من الزمن من المدن التي تعبر فيها القبائل ( المكلا و سيئون ) أو من المراكز التجارية المشتركة لمجموعة من القبائل ( تريم ) أو من المناطق القريبة من عدن ( لحج و جعار و زنجبار )، مراكز لدعايتها. إن طابع الانتشار في المدن لم يكن نتيجة لطبيعة التركيب الاجتماعي فحسب، بل كان أيضا نتيجة لوجود عوائق تتعلق بمجمل الأوضاع و الظروف. 2 ـ الزمرة الثانية من الصعوبات: إذا كان وجود الأحزاب أمراً تحتمله السلطات في المستعمرة، إلا أنها تحظره في المحمية. و قد تم إغلاق مراكز الدعاية منذ عدة سنوات من قبل السلطات المحلية التي اعتبرتها أداة للاضطرابات.و هكذا فإننا لا نعثر داخل البلاد على أي أثر لحياة حزبية. و الحياة السياسية تجري على منوال واحد. فهي عبارة عن حوار بين الأمراء و بين المقيمين البريطانيين. و لم يكن في وسع أحد الطرفين أن يتصور أن طرفاً ثالثاً يمكن أن يتدخل في هذه العلاقة الثقافية المحاطة بمنتهى السرية في معظم الأحيان. لذلك فإن منع الحياة الحزبية يدفع بالأحزاب إلى التزام السرية في نشاطها. و على سبيل المثال نجد ( الحزب الوطني القعيطي ) يتأسس عام 1948 في المكلا ( حضرموت )، و بعد قيام الاضطرابات عام 1949 ـ 1950، يجري حله، و يحال قادته الرئيسيين أمام محكمة خاصة. و منذ ذلك الحين لم تقم محاولة جدية لتأسيس حزب بصورة رسمية، إلا أننا نلاحظ خلال الفترة التي شهدت منع الأحزاب 1950 ـ 1954، نشوء نواد و جمعيات على غرار عدن عرفت ازدهاراً كبيراً، و لعبت عملياً دور التوعية السياسية. و قد تركز نشاطها الذي ترددت أصداؤه في الصحف المحلية على تحرير الإمارات من النظم ذات الطابع الفردي. و على وجه العموم، نلاحظ أنه فيما عدا الاهتمام الذي يبديه سكان حضرموت ( الرابطة الحضرمية ) و لحج بالشؤون العامة، فإن ما تبقى من الشعب في المحمية يظهر إعراضاً عن الاهتمام بالأمور السياسية. و لا شك أن الانغلاق و الجهل هما السبب في هذا التخلف. إلا أن الأحزاب نفسها تتحمل بعض المسؤولية أيضا من حيث أن جهودها تفتقر إلى عنصر الترابط. فطالما أن المنظمات ذات الصفة التمثيلية الحقيقية، و التي تملك سمعة لدى الشعب، لا توحّد نشاطها و تجمع جهودها ضمن تيار مشترك من شأنه أن يقوم بعملية التوعية الجماهيرية و التربية السياسية، فإنها ستبقى بعيدة عن القدرة على التغلب على النزعة القبلية بسهولة. و البلاد ما تزال تحتاج إلى تشكيل سياسي يملك تنظيماً يمكنه: 1 ـ من الوصول إلى ابسط قرية، 2 ـ المساهمة في إيقاظ وعي قوي حقيقي، 3 ـ من إقامة نظام مركزي قوي يستطيع أن يضع حلولاً سريعة و حاسمة لمختلف مشاكل البلاد. عدم وجود حزب يجسد الصفة الوطنية: يوجد في عدن حوالي عشرة أحزاب، في داخل كل منها يمكن أن نلاحظ اتجاهات مختلفة. إن تعدد التيارات الذي كان شائعاً في الماضي، قد أفسح المجال أمام الانقسامات و التجزئة، التي ولدت بدورها تيارات مركزية و متطرفة. إلا إن هذا التعدد في الأحزاب لم ينتج عنه أي تجمع سياسي قادر على تمثيل دور المفاوض مع المملكة المتحدة. أن السيمياء العامة لتنظيم الأحزاب الرئيسية، تتجلى جملة على النحو التالي: ـ التيار المعتدل، في الماضي كان ممثلاً في ( الرابطة العدنية ) و في الحاضر يمثله:حزب المؤتمر الشعبي، الحزب الحر الديمقراطي، حزب الاستقلال، الحزب الوطني الاتحادي. ـ التيار الوطني، في الماضي كان ممثلاُ في ( الجبهة الوطنية الموحدة ) و في الحاضر يمثله:رابطة الجنوب العربي، حزب الشعب الاشتراكي، الاتحاد الديمقراطي الشعبي. أما عن الصيغة العامة للتطور التاريخي للحياة الحزبية، فيمكن أن نشير إلى أن تطور القوى السياسية في عدن قد تميز خلال السنوات العشر السابقة بسيطرة عاملين: العامل الأول يتعلق بتصدع الأحزاب القديمة التي كانت تفتقر إلى التمايز، و حلول أحزاب متميزة و مستقلة محلها. و قد مس هذا التصدع الأحزاب المعتدلة. فانقسمت الرابطة العدنية إلى عدة تيارات محافظة كما يظهر مما سبق. و يرجع هذا التفكك إلى التغير الذي طرأ على اتجاه السياسة الإنجليزية منذ عام 1961. أما العامل الثاني فيتعلق بالاستقرار النسبي في وضع الأحزاب التقدمية. صحيح أنها شهدت بدورها انقسامات، إلا أنها بقيت ضمن حدود غير منظورة، لذلك نجد التجمعات الأولية السابقة نفسها سواء بتسمياتها الأصلية ( رابطة الجنوب العربي ) أو بأسمائها الجديدة ( حزب الشعب الاشتراكي ). فالتحول في زمرة الأحزاب التقدمية كان على صعيد الأفكار. فقد قامت في وجه التقدمية الليبرالية، تقدمية إصلاحية ن بل اشتراكية ثورية ( الاتحاد الديمقراطي الشعبي ). أما عن درجة التمثيل للشعب التي تتوفر في أحزاب الجنوب العربي، فهي حسب تقدير مجلة الرائد العربية في نهاية 1962، كما يلي (6): 90 % من العرب في المستعمرة يؤيدون الأحزاب التقدمية، 7 % من السكان يؤيدون الحزب الوطني الاتحادي، 3 % فقط يناصرون حزبا المؤتمر الشعبي. إلا أن الوضع قد تبدل بعد ذلك التاريخ، فقد نجح حزب الشعب الاشتراكي في تدمير مواقع الحزب الوطني الاتحادي و حزب المؤتمر الشعبي. و هو يتمتع بتأييد مجموع السكان العرب في المستعمرة تقريباً. و هم يشكلون ثلاثة أرباع مجموع السكان. و قد كشفت الأحداث عن صحة ذلك، كما كشفت عن العزلة الصارخة التي يعيش فيها المعتدلون. فقد تفجرت أزمة داخلية خطيرة بين صفوف الأحزاب المعتدلة عقب ثورة اليمن ( 26 سبتمبر 1962 ). فقد قدم عدد من الوزراء، و هم أعضاء في الحزب الوطني الاتحادي الحاكم، استقالته احتجاجاً على رفض الحكومة البريطانية تأجيل تنفيذ مشروع دمج المستعمرة في اتحاد الجنوب العربي. و قد كان هذا الانسحاب ضربة قاصمة للحزب الوطني الاتحادي. و رغم كل ما قيل، فإن درجة تمثيل الأحزاب على مستوى مجموع البلاد، ما تزال ضعيفة مهما حملت من شعارات. و السبب يعود إلى أن الهوة السياسية ما تزال متمركزة في عدن، كما يرجع أيضاً إلى التعدد غير المعقول في عدد الأحزاب. و على كل حال، فإنه ليس من المغالاة في شيء القول بأنه ليس من المتوقع ضمن خط السير الذي تسير فيه حالياً حركة التحرير، أن يظهر حزب يمثل في أعين الشعب ضمانة للمصير الوطني. فالحقيقة هي أن الظروف التي سوف تحيط بالاستقلال قد لا تسمح لأيه منظمة سياسية مهما كانت تفوق المنظمات الأخرى في شعبيتها، بأن تكتسب حق التفاوض مع المستعمر، و بأن تنتزع أمام أعين الجماهير نعمة الاستقلال و السيادة. فالقوى السياسية هي على حال من الضعف و التشتت بشكل لا تستطيع واحدة منها أن تتوصل إلى إزاحة الآخرين المنافسين و أن تفرض نفسها. و الإنجليز أنفسهم لم يعملوا على تشجيع حزب للاستقلال يقوده الأمراء، كما فعلت في ماليزيا حيث لعب حزب الاتحاد هذا الدور. في مثل هذه الشروط التي لا أمل فيها بظهور حزب موحد، يشكل تعدد الأحزاب نقطة ضعف خطيرة في جدار الوحدة السياسية للبلاد. كما يشكل عاملاً في الافتقار إلى برامج هادفة تتطلع إلى مرحلة ما بعد الاستقلال، و في جهل الشروط الموضوعية الداخلية. فالأحزاب لم تلجأ بعد إلى تحليل معمق أو حتى إلى تحليل جزئي لتلك الشروط. و مرد ذلك إلى عدم وجود الأيدلوجية المحددة. فجميع أحزاب الجنوب العربي هي في الواقع بدون أيدلوجية تقريباً. و من هنا كان الخطر في أن تصبح الديماغوجية هي القاعدة العامة. غياب الأيدلوجية السياسية المحددة: هناك خطأن أيدلوجيان كبيران يتقاسمان العالم اليوم، كل منهما يناقض الآخر في جميع المجالات. إن هذا التعارض بين النظرية الماركسية و بين الفلسفة الليبرالية يضم بصورة خاصة بلاد العالم الثالث التي تفتش عن الطريق الذي يسمح لها بالتغلب على التخلف بصورة عامة. و معظم هذه البلاد يستبعد النظرية الرأسمالية لسببين رئيسيين: 1 ـ لأنها تبدو ملازمة للنزعة الاستعمارية و للإمبريالية، 2 ـ لأنها لا تعرف إمكانيات تحقيق تطور منسجم و سريع. إن هذا الرفض للديمقراطية الليبرالية من شأنه أن يوجه الأنظار باتجاه المفهوم الماركسي للتطور الاجتماعي الجدلي، لأنه يستجيب استجابة أفضل لمتطلبات النضال ضد التخلف. إن مثال بلدان أوروبا الوسطاء و آسيا، قد برهن برهاناً قاطعاً على نجوع الطريق الاشتراكي العلمي الأصيل. فقد أناح لهم هذا الطريق المجال لتلافي التخلف الاقتصادي و الاجتماعي خلال فترة قصيرة. إلا أن عدداً كبيراً من بلدان آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية، قد استبعدت طريق الماركسية كما استبعدت طريق الديمقراطية الليبرالية. و خاصة بعض العالم العربي الذي يبدو بأنه اختار طريقاً وسطاً بين الأيدلوجيتين، هو طريق الاشتراكية العربية الذي ينكر وجود طبقات اجتماعية متصارعة، و يطمح في تنظيم الجماهير داخل حزب واحد ليس له محتوى بروليتاري. أما بالنسبة لليمن الجنوبي، فقد كان العامل الحاسم هو التطور الفكري الذي حصل في مصر خلال الفترة بين عام 1958 ـ 1961. فقد كان لاختيار الجمهورية العربية طريق الاشتراكية العربية وقع كبير لدى القادة الوطنيين في اليمن الجنوبي. و قد أنضاف إلى هذا التأثير، تأثيران آخران يتمثل أحدهم في حزب البعث العربي الاشتراكي و الآخر في حزب العمال البريطاني. و يمكن حصر العوامل التي دفعت إلى رفض الماركسية باسم نزعة مثالية طوباوية و اشتراكية ذات طابع إصلاحي يكتنفه الغموض، في عاملين رئيسيين: الوسط الاجتماعي و الدين. أما العامل الاقتصادي فيشكل عضواً ثانوياً و لا يتدخل مع الأسف إلا بصفته عاملاً ثانوياً. الوسط الاجتماعي: إن غالبية الموجهين و القادة يفكرون بأن مجتمع اليمن الجنوبي هو مجتمع لا توجد فيه طبقات مختلفة محددة. إنهم يسلمون بوجود عدة فئات اجتماعية كالقبائل و الفلاحين و التجار و العمال و المستخدمين.. الخ، إلا أنهم سريعاً ما يقولون بأن هذه الفئات الاجتماعية المختلفة ليست بالضرورة في حالة صراع دائم ، لأنها كما يقولون ليست منتظمة على شكل طبقات مسيطرة و طبقات واقعة تحت السيطرة . و هم يستندون إلى القول بأن البلاد ما تزال غير مُصنعة. و بأن مستوى التقنيات لم يخلق بعض نظام الطبقات. و أخيرا يؤكدون على ان التمايز الاجتماعي هو في أدنى مستوياته، و يتخذون من ذلك كله حجة نظرية لدحض المبدأ الماركسي الذي يعتبر الخصومات السياسية محصلة للتركيبات الاجتماعية و الاقتصادية. و بكلمة واحدة، فان الصراع الطبقي ظاهرة غير معترفا به و مجهولة. و يعارضه مفهوم جمع الشعب ضمن حركة اتحاد قومي. و هذا التحالف يشكل في نظر بعض القادة و المثقفين الوسيلة الوحيدة للتغلب على الفردية البرجوازية و لتعزيز الاندفاعات الجماعية. و هم على غرار الكثيرين من القادة الإفريقيين و الآسيويين يعلنون تفضيلهم للطرق التي تمت بموجبها التنمية الاقتصادية و التحول الاجتماعي في البلدان ذات النظم الاشتراكية، دون انتساب إلى نظرية ماركس. و بتعبير آخر يستبعدون إقامة دكتاتورية انتقالية للبروليتاريا مع تأكيدهم على اتجاههم في تشجيع تملك الدولة للوسائل الرئيسية للإنتاج و التبادل، و في تعميم الطابع الجماعي بشكل طوعي على الحياة الزراعية. أن هذا المفهوم الجديد للاشتراكية هو السائد حالياً في اليمن الجنوبي، كما هو في كل مكان حيث يجتاز المجتمع مرحلة الانتقال بين اضمحلال النظام الاستعماري و بزوغ فجر الاستقلال. فالقادة التقدميون يعتبرون أنفسهم ممثلين لطبقة العاملة في طورها ألجنيني أو للطبقات المتوسطة فحسب، بل لجميع المواطنين مهما كان انتماؤهم الاجتماعي. فهم يؤلفون بين الاشتراكية و بين القومية. في حين أن القومية في اليمن الجنوبي مطبوعة بطابع العقائد الدينية . الدين: يلعب الدين في اليمن الجنوبي و في العالم العربي بوجه عام دوراً كبيراً. فالإسلام يملك في هذه البقعة طابعاً قومياً عميقاً. فهو يشكل جزءاً لا يتجزأ من حركة الكفاح ضد الاستعمار في اليمن الجنوبي، و يمتزج بأهدافه في المقاومة و التحرير. و التعلق بالإسلام هو في الوقت نفسه تعلق بالقضية القومية (7). و هذا ما يفسر السبب الذي يدفع قسماً كبيراً من القادة العرب، باستثناء الشيوعيين طبعاً، إلى التأكيد على أهمية الدين في كل منحى أيدلوجي، لأن الإسلام يمثل قوة مسيطرة. و هو الذي يشكل عاملاً قوياً في مقاومة الماركسية الملحدة. إلا أن الإسلام يأخذ في أذهان رجال السياسة، و بصورة خاصة المثقفين، شكلاً متجدداً. فهم يرون أن الدين الإسلامي هو في جوهره بسيط واضح و عادل. و هو يأتلف مع جميع أنماط المجتمعات، أكثرها تقدماً ( مصر، تونس ) حتى أكثرها تخلفاً ( الجزيرة العربية ) . فهم بتعبير آخر، يحاولون أن يسترجعوا للإسلام . وجهه التقدمي ( مؤتمر جبهة التحرير الوطني الجزائري ). أي إن يستشفوا طابع الحياة المشتركة الجماعية الكامن فيه، و أن يلائموا بين تعاليمه و بين متطلبات القرن العشرين.ضمن هذه الشروط، و تحت تأثير العاملين السابقين، قامت نزعة إسلامية إصلاحية، و نزعة اشتراكية اختبارية، اعتبرها قادتها و قدموها على أنها تتلاءم مع أوضاع اليمن الجنوبي على أفضل شكل. تابع الصفحة التالية مع تحيات أخوكم: أنا هو. |
النزعة الإصلاحية و النزعة الاشتراكية: إن الأحزاب الوطنية هي التي أبدت اهتماماً بالمسألة الأيدلوجية، لأن المحافظين لم يكونوا يشغلون أنفسهم بذلك، فاختيارهم كان قد استقر منذ زمن طويل على الليبرالية الغربية: الاقتصاد الحر و النظام البرلماني. ففضلاً عن أن كل تصنيف للاتجاهات العقائدية يبدو تعسفياً واهياً، فإن كل منظمة قومية تقدمية تحتفظ بطابع خاص متفرد و رغم ذلك يمكن أن تميز تيارين عقائديين: ـ تيار إصلاحي، تمثله رابطة الجنوب العربي. ـ تيار يميل إلى الاشتراكية، يمثله حزب الشعب الاشتراكي، إلا أن هذا التصنيف يبقى نظرياً طالما أن كلا التيارين لم يوضعا بعد موضع التطبيق. النزعة الإصلاحية الإسلامية: إن هذا التيار يستمد منابعه إلى حد بعيد من التجربة المصرية في الفترة 1952 ـ 1961، أي المرحلة التي تقابل الفترة الانتقالية الاختبارية في تلك التجربة.فقد احتاجت مصر ( الناصرية ) إلى عشر سنوات تقريباً قبل إن تقف إلى صف الاشتراكية. و كانت خلال تلك الفترة تركز على بناء نظام سياسي قوي، و اقتصاد مختلط. و كان العسكريون يكرسون جهودهم للتوفيق بين التعاليم الدينية و بين أيدلوجيتهم. و من هنا كانت إقامة الإسلام كدين للدولة. و قد أُعجب قادة رابطة الجنوب العربي الذين عاشوا التجربة المصرية بهذا الموقف الفكري، و أصبح موقفهم بالتبني، فهم يطمحون إلى بناء دولة إسلامية ديمقراطية قائمة على أساس العدالة الاجتماعية و على أساس الإسلام و العروبة (8). و هم يقصدون بالعدالة الاجتماعية رفع مستوى معيشة الشعب و تحسينا الشروط الاجتماعية و الثقافية. لذلك فان حدود وجهة النظر هذه واضحة: فهي لا تتطلع إلى إحداث تحول جذري في العلاقات الاجتماعية، و لا إلى تغيير التركيب الاقتصادي. و مهما ادّعى قادة هذا التيار إنهم اشتراكيون، فإنهم يبقون في الواقع ضمن إطار مفهوم الاقتصاد المختلط. و هم يلوذون بالقومية العربية لا لنهم يعرفون بأن الوحدة هي أعز هدف لدى الجماهير، و أن مصير اليمن الجنوبي مرتبط بمصير الأمة العربية. و ينسون بأن الوحدة هدف بعيد يتطلب تحقيقه فكراً ناضجاً. و الخلاصة، فإننا نجد أنفسنا تجاه نزعة إصلاحية من النوع التقليدي، تجد مشقة في الانحياز إلى الاشتراكية في الجمهورية العربية المتحدة القائمة على امتلاك الدولة و إدارتها للاقتصاد الوطني. و رابطة الجنوب العربي ترغب في أن تجمع كل فئات الشعب في عملية بناء الدولة الإسلامية التي تشكل البرجوازية الوطنية عهودها الفقري. الاشتراكية الاختبارية: أن حزب الشعب الاشتراكي يشايع هذه النزعة. و هو يقدم نفسه كممثل للجناح اليساري في حركة التحرير الوطني. إلا انه لا يأخذ بالماركسية، و يدفع عن نفسه تهمة مشاركة الشيوعيين وجهات نظرهم. هؤلاء الشيوعيون الذين يشكلون منذ عام 1961 ديسمبر ( الاتحاد الديمقراطي الشعبي ) الذي يدعو للاشتراكية العلمية التي ما يزال الوسط الاجتماعي و النخبة على حد سواء بعيدين عن التأثر بها. إن اتحاد نقابات العمال ثم حزب الشعب الاشتراكي، قد تأثر كل منهما بحزب العمال البريطاني و بالجمهورية العربية المتحدة و بحزب البعث العربي الاشتراكي في سورية. و هذا هو السبب في وجود تناقضان داخلية في كل منهما. إن قيام حزب العمال البريطاني بتأهيل الإطارات النقابية، و بإرسال المختصين بالتنظيم و بالعمل النقابي إلى عدن، و الدعم السياسي الذي كان يشد به أزر اتحاد النقابات في عدن، قد ترك تأثيره المعتدل على قاعدة حزب الشعب الاشتراكي الجماهيرية. كما نجح حزب العمال فترة من الزمن في توجيه النقابات وجهة المطالبة بالقضايا العمالية و تحديد نشاطها ضمن هذا الإطار، و إبقاءها داخل فلك الغرب ( الانضمام إلى الاتحاد الدولي للنقابات الحرة ). إلا أن اتحاد النقابات و الجبهة الوطنية المتحدة بادئ ذي بدء ن ثم حزب الشعب الاشتراكي بعدهما، بدأت منذ عام 1958 تتحرر من هذه الوصاية دون أن تقطع صلاتها مع حزب العمال البريطاني أو تترك الاتحاد الدولي للنقابات الحرة. لأن الحركة الاشتراكية بدأت تقوى في العراق و سورية و الجمهورية العربية المتحدة. و في عام 1960 يصرح اتحاد النقابات في عدن، بأنه سوف يعمل بعد الآن من أجل تحقيق مجتمع عربي اشتراكي (9). و حددت أهدافها بتحرير البلاد من الاستعمار و إعادة وحدة الشمال و اليمن الجنوبي و النضال ضد السلطة الاستعمارية و الإقطاعية. و في ميثاق حزب الشعب الاشتراكي، نجد انه يعلن عن عزمه على بناء مجتمع ديمقراطي و اشتراكي تسوده العدالة الاجتماعية. و في الوقت نفسه يعلن ولاءه للقومية العربية. و هو فيما يتعلق بالنقطة الأولى يميل إلى الإنجازات الاشتراكية التي تحققت في مصر منذ عام 1961 على شكل تأميمات سريعة للقطاعات الرئيسية و تدعيم للقطاع العام. أما على صعيد إدارة الاقتصاد، فهو يريد أن يشجع منذ البدء المشاركة الواسعة للعمال في قرارات الدولة عكس ما جرى في الجمهورية العربية المتحدة في الأصل. و إذا كان حزب الشعب الاشتراكي قد رفض حتى الآن صيغة الاتحاد القومي ذات الطابع البرجوازي، فهو لا يستبعد التعاون مع البرجوازية الوطنية شريطة أن لا يحول ذلك دون متابعته للنضال من اجل أهدافه الثورية. و هو من جهة ثانية لا يكتم آرائه في الكفاح ضد الإقطاعية و الإقطاعيين. إن نقطة الضعف في هذا كله تتلخص في أمرين: 1ـ أن التعاون بين حزب الشعب الاشتراكي الذي انبثق عن النقابات، و بين البرجوازية، هو ضرب من النظرية الطوباوية، على الأقل على المدى البعيد، بحكم تناقض مصالحها. 2 ـ أن النضال ضد الإقطاعية يتضمن تحديداً لموقف أو لسياسة تجاه طبقة الفلاحين لم يعلن عنها حزب الشعب الاشتراكي بعد، نظراً لعدم وجود ركائز له في أوساط الريف، و لأنه يجهل كل شيء عن قضاياه. يبقى موضوع القومية العربية. فحزب الشعب الاشتراكي شأن رابطة الجنوب العربي، اتجهت نظرته إلى أوساط المدينة وحدها. و مع ذلك فهو يريد أن يكون أول من يحمل شعار القومية العربية، لأن هذا الشعار قد أصبح مركز الحزب في الضواحي. و الخلاصة فان المسافة بين نزعة رابطة الجنوب العربي الإصلاحية و بين اتجاه حزب الشعب الاشتراكي، ليست كبيرة. على كل حال هناك فرق ملحوظ في مفهوماهما فيما يخص الشكل الذي يجب إن تأخذه دولة اليمن الجنوبي في المستقبل. فرابطة الجنوب العربي تريدها دولة إسلامية، و حزب الشعب الاشتراكي يريدها دولة اشتراكية. و نحن لا نعرف بعد شيئاً عن موقف هذا الأخير من المسألة الدينية. و المؤكد على كل حال، هو أنه لن يجرؤ على التصدي إليها بشكل مكشوف. و ثمة فرق آخر يتعلق بتحرر المرآة لا يمكن تجاهله. ففي حين أن رابطة الجنوب العربي تلتزم الصمت حول هذه النقطة مداراة لرجال الدين، يجعل حزب الشعب الاشتراكي من تحرر المرآة مسألة سياسية من الدرجة الأولى. و أخيرا نقطة مشتركة بينهما، و هي التزام مبدأ الحياد و عدم الانحياز، المبدأ الذي يتعارض مع رغبة الأوساط المعتدلة التي تريد أن تسلك سياسة خارجية قائمة على محاربة الشيوعية بصورة عمياء. و بصورة عامة فإن الأحزاب السياسية بدون استثناء، تتجنب القضايا التي سوف تطرحها المرحلة اللاحقة بالمرحلة الاستعمارية، و البلاد على أهبة الحصول على الاستقلال. و أشد خطورة من ذلك هو الغياب الكلي تقريباً للاهتمامات الاقتصادية و الاجتماعية الجدية. أما السبب فيجب التماسه في القادة أنفسهم الذين لا يملكون معرفة جيدة بسياق الأوضاع في اليمن الجنوبي، و لا رؤيا واضحة للعقبات الاقتصادية و الاجتماعية التي سوف يواجهونها في القريب العاجل. فهم يركزون جهودهم كلها على تغيير الأوضاع و على استلام السلطة. و برامجهم لا تتعدى النطاق السياسي، و تطغى على تفكيرهم الاهتمامات المباشرة و الانتهازية. و هم يدورون حول بعض الشعارات: ـ طرد الإمبريالية. ـ القضاء على عملاء الاستعمار و على الإقطاعيين. ـ الاستقلال و الديمقراطية. ـ الوحدة العربية و الاشتراكية العربية. إن الأحزاب السياسية تردد هذه الشعارات دون أن تبذل أي جهد لتحديد محتواها، أو الإشارة إلى الوسائل التي بواسطتها ستحول تلك الشعارات إلى أفعال، أو التحليل المعمق للوضع، لسبب بسيط هو عدم وجود مناضلين محترفين و إطارات مؤهلة. و بالنتيجة، فأن التقدميين قد تبنوا كل ما ورد في بنود الميثاق الوطني الذي قدمه الرئيس جمال عبد الناصر في مؤتمر القوى الشعبية عام 1962. هذا الميثاق الذي يربط الوحدة العربية بتطور الاشتراكية العربية داخل كل بلد، و يدعو الشعب لبناء هذه الاشتراكية، و يشدّد على وحدة الهدف ( الحرية الاشتراكية و الوحدة ) . و يجعل من مصر نموذجاً للتطور الاشتراكي ( الاشتراكية الديمقراطية التعاونية ). أما الإدارة السياسية لهذه الاشتراكية فهي الحزب الواحد ( الاتحاد الاشتراكي العربي ) (10). إن قادة حزب الشعب الاشتراكي يرغبون في احتذاء مثال الجمهورية العربية المتحدة، و يتبنون دون مناقشة الأفكار السابقة، و دون أن يتساءلوا فيما إذا كانت تنطبق فعلاً على التكوين الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي للبلاد. فهمهم الأكبر هو مع الأسف التفتيش عن الدعم الجماهيري عن طريق استخدام شعارات ديماغوجية لا واعية. أن الوحدة العربية على أساس اشتراكي هو غاية المنى. إلا أن تحقيق وحدة صلبة راسخة يتطلب قبل كل شيء أخذ الأوضاع الخاصة بعين الاعتبار و إدراك أهمية العوامل الاقتصادية. (1) عبده العضال. ( أهذا كتاب أبيض ) القاهرة 1962، ص 17 . (2) الطليعة، العدد 72، تاريخ 11 مارس 1964. (3) لوموند، 28 ديسمبر 1963. (4) عند كتابة هذه الصفحات، لم يكن المؤلف يملك معلومات مفصلة عن هذه المنظمة التي أنشئت حديثاً بمؤازرة حركة القوميين العرب ( المترجم ). (5) مجلة أفريقيا و آسيا، العدد 44. (6) الرائد ( المكلا ) العدد 96، سبتمبر 1962. (7) ارنولت، ص 243 (8) وثيقة نُشرت في القاهرة في مايو 1959. (9) مجلة الشرق الأوسط ( و ت ) الجزء 16، العدد 4، نيويورك 1962. (10) كولات، ص 174. نهاية الفصل السادس . الفصل السابع القضايا الخارجية لـ (( إتحاد الجنوب العربي )) تعود المشكلات التي واجهها الاتحاد بعد نشوئه، إلى زمن بعيد سابق لنشوئه. فهي ملازمة للتركيب الاجتماعي و الاقتصادي، و الإنجليز يتحملون القسط الأوفر من المسؤولية في خلق هذه المشكلات، لأن سياستهم بدلاً من أن تشجع على إصلاح البنية الاجتماعية و الاقتصادية لليمن الجنوبي في مجموعه، و تعمل على تهدئة الخواطر ، عمدت على العكس ، إلى إغراق البلاد في أوضاع التأزم . و تتركز تلك المشكلات حول استمرار الصراع الإنجليزي ـ اليمني، و حول وجود الدولة الاتحادية نفسها و اتساعها. فالاتحاد الذي لم يفعل أكثر من شحذ العواطف المعادية للإنجليز لدى الشعب، اعتبره الشعب صنيعة الإمبريالية البريطانية. فتواطؤ القائمون على هذا الاتحاد مع الإنجليز، و عجزهم عن انتهاج سياسة اقتصادية تقدمية و سياسة مفتوحة على العالم الخارجي و على الوطن العربي بوجه خاص.. كل ذلك شجع على تغذية الدعاية المعادية للاتحاد، و دعم حجج خصومه. و هذا ما يفسر اتساعا حركة التحرير الوطنية المعادية بالأصل للمشروع البريطاني. فقد قامت هذه الحركة بتنظيم الاضرابات و المظاهرات ثم عمدت إلى النضال المسلح مستهدفة إرغام انجلترا على إعادة النظر في سياستها، و جذب انتباه الرأي العام الدولي. و بفضل هذا النضال و هذا النشاط، وجدت مشكلة اليمن الجنوبي طريقها إلى المؤسسات العربية و الدولية. الصراع الإنجليزي ـ اليمني تمتد أصول النزاع الإنجليزي ـ اليمني إلى مطلع هذا القرن. و كان استمراره طيلة هذه الفترة عاملاً في إثارة القلاقل في المنطقة، و كذلك في تعكير العلاقة بين بريطانيا و اليمن. و من الطبيعي أن يرث اتحاد الجنوب العربي هذه المشكلة التي هي في الأصل مشكلة خلاف على ( الكيان ). إلا أن تجاهل اليمن لوجود الدولة الاتحادية و شجبها لإنشائها، قد زاد المشكلة تعقيداً، و أصبح من الصعوبة بمكان تطويق هذه المشكلة التي أصبحت أيضاً مشكلة خلاف على ( السيادة ). فصنعاء تعتبر عدن و محمياتها جزءاً لا يتجزأ من التراب اليمني و تطالب بعودتها. و لندن ترفض بدورها هذا المطلب كلياً. و ما كان للأمر أن يأخذ كل هذه الأهمية، لولا اعتبارات سياسية و دينية و اقتصادية تتدخل فيه. ففي عهد الإمامة اعترض الإمام الشيعي ( الزيدي ) على توحيد الإمارات في ظل إمام ( شافعي )، لأنه يخشى قيام حركة انفصالية لصالح الاتحاد (1)، لوجود عناصر شافعية ذات شأن في اليمن. و من جهة أخرى، فإن اكتشاف البترول على مقربة من اليمن، أثار أطماع الإمام كما أثار شهية الشركات الإنجليزية و الأمريكية. و كان من نتيجة ذلك كله تأزم الوضع تأزما خطيراً على طول الحدود. لقد نجحت حكومة صنعاء أكثر من مرة في إعاقة السياسة الإنجليزية في القسم الغربي من المحمية بفضل الدعم المالي و المادي الذي كانت تقدمه للعناصر المتمردة ضد السلطات المحلية. إلا أنها لم تتوصل إلى حد إشعال ثورة شاملة. لذلك فإن مصير الاتحاد، هذا المولود البريطاني الجديد، يتوقف على الحل الذي يمكن أن يوضع لإنهاء الخلاف اليمني ـ الإنجليزي . و لكي ندرك طبيعة هذا الخلاف نعود إلى عام 1918. ففي هذا العام استقلت اليمن. و منذ ذلك الحين و هي تطالب بحق التصرف الكامل بما تعتبره جزءاً من ترابها الوطني. فالوحدة الجغرافية و البشرية تتطلب وحدة الانتماء السياسي. و منذ خمسين عاماً، و هذا المطلب يصطدم بمعارضة بريطانيا التي تحتل اليمن الجنوبي. و التي ترفض أن تتخلى عن هذا الجزء، و التي تعتبر اليمن المستقل الوريث الطبيعي للإمبراطورية العثمانية، و بالتالي تعتبره مرتبطا بالمعاهدة التركية ـ البريطانية لعام 1914، و يمكن تلخيص الوضع الحقوقي لكلا الطرفين على النحو التالي: تابع الصفحة التالية مع تحيات أخوكم: أنا هو. |
اليمن: تركز مطالبها على حقوقها المكتسبة قبل الاحتلال البريطاني. المملكة المتحدة: تستند على معاهدات الحماية المعقودة مع زعماء المنطقة المتنازع عليها، التي توكل إليها مهمة الدفاع عن الدويلات الصغيرة. و تضيف إلى ذلك قولها بأن اليمن لم تكن له أية سلطة على هذه المنطقة منذ قرنين و الخلاصة، فإن الأراضي المتاخمة للمحمية تعتبر بالنسبة إلى اليمن ( منطقة حدود ) خاضعة للسيادة اليمنية. و الإنجليز بدورهم يعتبرون حدود الإمارات أو القبائل المرتبطة باتفاقيات مع التاج البريطاني ( حدوداً ) فاصلة بين المحمية و بين اليمن (2). من الناحية التاريخية، بقيت اليمن حتى أوائل القرن الثامن عشر تمارس نوعاً من الإشراف على هذه المنطقة، باستثناء حضرموت التي انفصلت منذ زمن طويل، و كانت تحكمها السلالة ( الكثيرية ). و في عام 1728 استولى السلطان العبد لي على لحج و عدن، و أعلن الاستقلال الذاتي و الانفصال عن السلطة المركزية في صنعاء. و هكذا فقد تلاشت سيطرة صنعاء تدريجياً على هذه المنطقة، حتى كادت تزول تماماً قبل أن تقوم شركة الهند في عدن عام 1839. و قد كان وصول المحتلين الإنجليز إليها بمثابة حكم قطعي على زوال تلك السيطرة. و على الرغم من تلاشي السلطة اليمنية، فإن سكان المنطقة بقوا تحت ظل السيطرة الروحية للإمام و خلال فترة من الزمن ، كان الإنجليز أنفسهم يعترفون بالسلطة الدينية للإمام على القبائل في الإمارات التسع . و أكثر من ذلك ، فإن خضوع اليمن الجنوبي للسيطرة البريطانية لم يمنع اليمن من التأثير على الحياة السياسية الداخلية فيه . إن بريطانيا تتسلح بمعاهدات الحماية كلما أصبح وجودها بالمنطقة موضوع بحث. إلا أن الموقف البريطاني لا يستند إلى حجج ذات قيمة جدية من الناحية الحقوقية. لأن تلك المعاهدات قد تم توقيعها في ظل التهديد و التزوير، و لأنها بالإضافة إلى ذلك ذات مظهر مخادع و مزاجي. و هذا النوع من الاتفاقيات لا يمكن أن يكون مقبولاً في عصرنا، لأنه مخالف لطبيعة الأشياء. لذلك فان العودة إلى هذه المعاهدات لا تجدي كثيراً. لقد حاولت لندن، في خلافها مع صنعاء أن تعمد منذ البدء إلى تصوير الخلاف في شكله البدائي، أي على شكل ( مسألة نزاع على الحدود )، حتى تبرر الاحتلال و تقلص أهمية النزاع. في حين أن اليمن كان يتهم انجلترا باحتلال جزء من التراب الوطني، أطلقت عليه اسم ( الجنوب المحتل ). و قد حاولت انجلترا أن تستغل الصعوبات الداخلية لحكم الإمامة في اليمن ( الغزو التركي، الحرب الأهلية، أزمة خلاف الأئمة ) من اجل فرض حل لهذا الخلاف. إلا أن محاولاتها باءت بالفشل. محاولات التسوية من وجهة نظر الحقوق الدولية، يمكن أن نميز الخطوات الثلاث التالية: ـ اتفاقية عام 1914 ـ معاهدة 1934 ـ اتفاقا عام 1951 اتفاقية 1914: طالب الأتراك بعد احتلالهم الجديد لليمن عاما 1872، بالمقاطعات التسع التي أصبحت تحت الحماية البريطانية. و قد كانت هذه المطالبة خيالية، لأن الأتراك كانوا قد وافقوا بصورة ضمنية من حيث المبدأ على المعاهدات التي وقعها الأمراء المحليون. و تحت ضغط الجيوش الإنجليزية و الهندية التي أرسلت إلى اليمن الجنوبي لوضع حد لخلافات الحدود ، قبلت تركيا الدخول في مفاوضات من أجل تحديد الخط الفاصل بين السيطرة التركية و السيطرة البريطانية . و قد أنشئت لجنة إنجليزية ـ تركية من اجل هذا الغرض عام 1902 (3)، انتهت إلى وضع معاهدة لندن عام 1914. إلا أن خط الحدود بقي غير محدد تحديداً دقيقاً. و هكذا فإن الاتفاقية لم تحل المشكلة. خلال الحرب العالمية الأولى 1914 ـ 1918 قام الأتراك بغزو المحمية من عدة جهات، و هددوا عدن. ثم انسحبوا عند نهاية الحرب بعد توقيع اتفاقية وقف القتال في مود روس بتاريخ 30 أكتوبر 1918 . و هكذا استعاد اليمن استقلاله، و كان أول بلد عربي يتمتع بسيادته. و لم يلبث الإمام يحيى الذي لم يعترف أبداً بالاتفاقية الإنجليزية ـ التركية عام 1914 أن طرح مجدداً مسألة الوجود البريطاني في اليمن الجنوبي. و أعلن ( بأن اليمن لا تعترف بشرعية الوجود البريطاني، و بأن الأرض التي يطلق عليها اسم محمية عدن هي القسم البحري لليمن في حدوده التاريخية ) (4). و عبثاً حاول إعادة بسط نفوذه و سيطرته على هذه المنطقة خلال عامي 1920 و 1928، لأن ميزان القوى لم يكن لصالحه. و قد حاولت حكومة صاحبة الجلالة أن تقدم له خلال هذه الفترة عرضاً هاماً. ففي عام 1923 تقدمت بعرض تعترف بموجبه للإمام بسيادته على سلطنة لحج، و كذلك على حضرموت لقاء ميثاق صداقة يعترف لانجلترا بمركز ممتاز من ناحية العقود و المشاريع التجارية (5). و قد اندفع الإمام إلى رفض هذا العرض. و في عام 1926 عقد معاهدة تجارة و صداقة مع ايطاليا تحت حكم موسيليني، بغية تحطيم العزلة الدبلوماسية و الحصول على السلاح. إلا أن الإنجليز الذين اعتبروا تلك الخطوة بمثابة إنذار بتسرب النفوذ الفاشستي إلى المنطقة، جردوا حملة واسعة ضد قوات الإمام. و قد استطاعت القوات البريطانية بما تملكه من تجهيزات و من دعم سلاح الجو الملكي الذي اتخذ من المنطقة قاعدة له، أن تجلي قوات الإمام عن إمارة العوذلي عام 1928، و أن تضع يدها على مناطق جديدة. و على أثر ذلك عقد الإمام اتفاقاُ تجارياً مع الاتحاد السوفيتي عام 1929. و كان هذا الانفتاح الخارجي مصدر قلق جديد للإنجليز، فحاولوا من جديد التفاهم معه. و قد قدمت لهم أحداث السنوات الثلاث التي تلت خدمات جلية. فقد ظهر خلاف جديد في شمال اليمن، و قد قاد هذا الخلاف اليمني ـ السعودي إلى إعلان الحرب بين البلدين خلال أعوام 1933 ـ 1934، و انتهى بفقدان اليمن لإمارة عسير لمصلحة العربية السعودية. فقد استغلت بريطانيا هذا الحادث من اجل عقد معاهدة عام 1934 مع الإمام. معاهدة صنعاء عام 1934: في الحادي عشر من فبراير 1934 وقعت في صنعاء معاهدة صداقة و تعاون مشترك بين المملكة المتحدة و اليمن. و بموجب نصوص هذا الاتفاق تتعهد الأطراف المتعاقدة بالحفاظ على الوضع الراهن لمدة أربعين سنة. أي حتى نهاية 1974. فاليمن لا تستطيع قبل هذا التاريخ أن تطلب فتح مفاوضات جديدة مع بريطانيا بشأن اليمن الجنوبي. و بمقابل هذه التنازلات الكبيرة، تعترف حكومة صاحبة الجلالة البريطانية بالإمام ملكاً على اليمن ، و تعترف بالاستقلال الكامل و المطلق لبلاده . و كان ذلك نصراً دبلوماسياً هاماً جداً بالنسبة لبريطانيا، لأنها نجحت بذلك في حملها الإمام بصورة غير مباشرة على القبول بالأمر الواقع. فهذا اعتراف ( بالأمر الواقع ) باليمن الجنوبي تحت الإدارة البريطانية. إن معاهدة صنعاء 1934 كانت بالنسبة إلى الانجليز مفتاحاً لتحقيق خطة سياسية طويلة الأمد. فهم كانوا يهدفون إلى جعل اليمن الجنوبي دولة مستقلة قبل انتهاء المعاهدة، يمكن أن يختار بين الدمج مع الشمال و بين البقاء ضمن إطار الكومنولث. و ما كادت تمضي خمس و عشرون سنة حتى تحقق هذا الحساب الدقيق في خطوطه الكبرى. و قد ظلت المعاهدة محترمة من الطرفين إلى حد ما حتى انقلاب 1948 الذي أطاح بالإمام يحيى. فقد اتهم خلف الإمام يحيى الإنجليز بمحاولة عرقلة الانقلاب، و اظهر جفاءه لهم. و قد زاد في هذا الجفاء سبب آخر، هو قرار فرع شركة البترول العراقية عام 1949 بإرسال فريق من الخبراء للتنقيب في منطقة شبوة (6) التي كانت تطالب بها اليمن. إلا أن الإمام أحمد ما لبث بعد فترة قصيرة من توليه عرش اليمن أن عقد مع الإنجليز اتفاق عام 1951. اتفاق لندن 1951: و هو عبارة عن رسائل متبادلة، تشكل بمجوعها مصدراً إضافياً و مرجعاً يعتمد على المعاهدة السابقة. إن نص هذا الاتفاق ينطوي على كل حال على عنصرين جديدين: 1 ـ الأول يتعلق بإقامة الروابط الدبلوماسية بين المملكتين. 2 ـ و الثاني يختص بتعيين لجنة تحكيم بين الجهتين مهمتها تحديد وضع كل من الطرفين و إيجاد الحلول للقضايا المعلقة. و حتى تبدأ هذه اللجنة عملها ينبغي في حالة تجدد النزاع أن يلجأ الطرفان إلى الأمم المتحدة طبقاً للمادة 33 من ميثاق سان فرانسيسكو. و قد بقيت هذه الالتزامات حبراً على ورق لأنها لم تنتقل إلى حيز التطبيق. يمكن إذن القول بأنها لم تحل شيئاً، لا معاهدة 1934 و لا اتفاق الطاولة المستديرة عام 1951. و أنها اقتصرت على إقرار واقع راهن مؤقت و على رسم طريقة لحل النزاعات لم تستخدم عملياً (7). و هكذا بقيت المشكلة برمتها. إلا أن الظرف الدولي بدا أكثر ملاءمة لليمن منه قبل الحرب. لأن العلاقة بين الاستعمار و الشعوب المستعمرة تعرضت لتحولات غير قابلة للنكوص. كما أن صنعاء بدأت تحس بأنها أقل عزلة على الصعيد الدبلوماسي منها في الماضي. و أنها أصبحت أقدر على المطالبة بحقوقها المشروعة في ( الجنوب المحتل ). و قد بدا لها أن التطور الذي دخلت فيه القضية العربية منذ عام 1952 هو في صالح دعم مطلبها. و قد تأيد ذلك خاصة بعد مؤتمر باندونغ. إلا أن السلالة الزيدية لم تستغل هذا الوضع، نظرا لعجز نظامها الأوتوقراطي عن جذب عطف الشعب اليمني و دعم الرأي العام الدولي. و قد أدرك الإنجليز بسرعة هذا الخلل، فقرروا أن يستغلوا ذلك عن طريق تطوير قاعدتهم في عدن و ذلك بإنشاء مصفاة ضخمة للبترول و زيادة احتياطها العسكري. تطور الخلاف حتى سقوط الملكية: يعتبر سورن سون في كتابه (8)، أن الإمام كان على وشك الاستعداد عام 1957 لإجراء مفاوضات مع بريطانيا من أجل حل الخلاف، و ذلك خلال زيارة ولي العهد للندن. أما صيغة الحل فهي تستند إلى واحد من الاحتمالين الآتيين: 1 ـ تعترف المملكة المتحدة بمشروعية المطالب اليمنية فيما يتعلق بعدن و المحمية و تقبل بأن تردها إلى اليمن في موعد يتفق عليه. و بالمقابل تقبل اليمن بتأجير قاعدة عدن أو بإبقاء الوضع الراهن ريثما تسوي قضية القاعدة. 2 ـ تشترك اليمن و بريطانيا في إدارة المحمية، و يتفقان على تسوية خاصة تحدد مستقبل المستعمرة. و يقدر مؤلف الكتاب بأن لندن ما كانت لتقبل بأحد هذين الحلين، و بأنها على العكس كانت ستأخذ موقف الدفاع عن الأمراء حسب المنطق الآتي: 1 ـ إن الزعماء المحليين لا يرغبون بأي حال من الأحوال في أن يروا مناطقهم ملحقة باليمن، و يرفضون الخضوع لسيطرة الإمام . 2 ـ إن حكومة صاحبة الجلالة تلتزم من جهتها بالالتزامات التي تنص عليها معاهدات الحماية و التشاور. 3 ـ إنها لا تنوي أبداً أن تتخلى عن المنطقة قبل أن تأخذ بعين الاعتبار رغبة السكان و المصالح البريطانية. 4 ـ إنها تنوي متابعة سياسة التخلي عن استعمار المنطقة بنفس الشروط المطبقة في معظم الممتلكات البريطانية. و على أثر رفض الإنجليز للمقترحات التي كانت حكومة اليمن على وشك عرضها، تأزم الوضع على الحدود، و زاد الوضع تدهوراً عندما أعلنت لندن عن رغبتها في وضع حد لتشتت الإمارات. و على خلاف بعض المعلومات التي نشرتها الصحف، فأن اليمن عملت ما في وسعها لتجنب التأزم و كانت تدرك مخاطر استفحال الخلاف، و لم تسلك سياسة عدوانية دائمة (9). فقد احتجت على مشروع تجميع الإمارات، و أشارت إلى أن هذا المشروع لا يتفق و أحكام معاهدة عام 1934. إلا أن الوزير المفوض البريطاني في القاهرة أعلن في 12 يناير 1957، بأن ( معاهدات 1934 و 1951 يجب أن تعتبر ملغاة ).في ربيع 1958 بلغت الأزمة الأوج، على أثر إعلان ( اتحاد إمارات الجنوب العربي ) و يعتبر هذا التاريخ هاماً لسببين: 1 ـ فهو يتفق مع بدء مرحلة جديدة من السياسة الاستعمارية تتميز بعزم الحكومة البريطانية على تعزيز وضعها على شاطئ البحر الأحمر. 2 ـ ثم هو يرافق انضمام اليمن إلى الدول العربية المتحدة الذي كانت له على الصعيد الداخلي نتائج لم تكن في الحسبان. فحتى ذلك الوقت، لم يكن شعب عدن و المحمية الغربية في الواقع، لتغريه فكرة الوحدة مع النظام إلا انه منذ بدأ اليمن يساهم في توحيد الأمة العربية، خفت حدة الخصومة التي كان محاطاً بها. كما اشتد ساعد حركة التحرر الوطنية. عادت الأزمة بين اليمن و السلطات البريطانية بين عام 1958 و عام 1962 إلى التوتر. و قد قامت محاولة نهائية لتسوية الأزمة في يوليو 1958 خلال اللقاء الإنجليزي ـ اليمني الذي تم في إثيوبيا ( ديريداوا ) (10). إلا أن المحاولة لم تنجح. و قد أثار توسيعا الاتحاد لغطاً كثيراً في الداخل و الخارج. فوجّه النظام الملكي في آخر مرحلة من احتضاره مذكرة إلى وزارة المستعمرات بتاريخ 17 أغسطس 1962 يحتج على اتفاق إدخال عدن في الدولة الاتحادية، و يؤكد من جديد بأن هذا العمل مخالف لمعاهدة صنعاء. و قد أجابت انجلترا على المذكرة بعبارة جافة تقول فيها ( إن هذا الانظمام لا يلغي المعاهدة المذكورة التي تبقى سارية المفعول ). و قد استمر حوار الطرشان حتى انقلاب سبتمبر الذي أطاح بأسرة حميد الدين. و منذ ذلك الحين أخذت الأحداث مجرى جديداً. فقد كان خوف المملكة المتحدة على قاعدتها البحرية ـ الجوية و حرصها على حماية الاتحاد، يدفعها إلى بذل كل جهودها للحيلولة دون اشتعال الثورة. 1 ـ السير توم هيكينبوتام . ص 176. 2 ـ ( دفاتر الجمهورية ) رقم 8 يوليو ـ أغسطس، باريس 1957. 3 ـ السير توم هيكينبوتام ، ص 55 . 4 ـ ( دفاتر الجمهورية ) العدد 8 يوليو ـ أغسطس، باريس 1957. 5 ـ الوثائق الفرنسية: ملاحظات و دراسات وثائقية، رقم 2186، باريس 1956. 6 ـ السر برنار ريللي ( عدن اليمن ) ص 30. 7 ـ مجلة الاوريان العدد 7 باريس 1958 8 ـ ( عدن و المحمية و اليمن ) ص 23 ـ 24، لندن 1961. 9 ـ مجلة الاوريان، العدد 7. 10 ـ السر برنار ريالي، ص 57. في ظل النظام الجمهوري: إن ثورة 26 سبتمبر 1962 التي لم تكن على غرار المحاولات الانقلابية السابقة التي كان يغذيها الإنجليز، و التي تمت هذه المرة دون علمهم.. إن هذه الثورة تشكل مرحلة حاسمة في تاريخ شبه الجزيرة العربية. فقد أحدثت تبدلاً أساسياً في الخارطة السياسية للمنطقة، حيث انبثق من قلب الحكم المطلق الذي كان يهيمن على المنطقة منذ ألوف السنين، نظام تقدمي يهدف إلى تحويل اليمن من بلد يعيش في ظل عقلية و حياة القرون الوسطى، إلى بلد حديث. إن هذه الثورة تعني بالنسبة لأمراء اليمن الجنوبي و للإقطاعية العربية بصورة عامة، نهاية لدولتهم. فإذا وطدت الجمهورية أقدامها، فإنها لن تلبث أن تحدث تأثيراً كبيراً على سكان المناطق المجاورة و تصبح مركز جذب لهم ، و بالتالي دافعاً لهم للقضاء على الأنظمة الرجعية . كما أن بريطانيا و الولايات المتحدة تخشى أن تمتد آثارها إلى إمتيازاتها و مصالحها البترولية ( شركة النفط العراقية و الآرامكو )، لذلك عملت بريطانيا و السعودية و ما تزالان تعملان على القضاء على هذا النظام الجديد حتى يتخلصا من نتائجه المهددة لمصالحهما. أما الجمهوريون فإنهم لم يسارعوا عشية استلامهم للسلطة في طرح مطالبهم باسترجاع المناطق التي يدور حولها الخلاف اليمني ـ البريطاني. و كان ذلك من قبيل الحذر، و نوعاً من الخطة الرامية إلى إظهار الرغبة في التعايش مع الجوار و لو مؤقتاً. إلا أن حرب الإذاعات ( الإنجليزية مساعدتها للقوات الملكية المعادية للجمهوريين الثوريين. إلا أنهم من جهة ثانية بذلوا كل ما في وسعهم حتى لا يكون في موقف اليمن تجاه اليمن الجنوبي ما يثير مخاوف الوطنيين الذين لا يرغبون في إلحاق الجنوب بالشمال، أو ما يصدم الرأي العام العالمي. كما أن عدم سيطرتهم على الوضع الداخلي كانت تملي بدورها هذه المواقف المرنة. فالحكومة الجمهورية لا تطالب بعودة الجنوب بدون قيد أو شرط. و هي تحرص على استشارة السكان، كما يستنتج من تصريح مندوبها أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها عام 1963. فقد صرح ممثلها بأن ( حكومته تطالب بإعطاء شعب اليمن الجنوبي حقه في تقرير المصير و في الاستقلال و في انتخابات حرة ). أما رغبة سكانه، و هؤلاء لا يملكون أية رغبة في الاتحاد مع اليمن ) . ثمة ملاحظتين تستدعياهما المواقف: 1 ـ التحول الهام من جانب حكومة صنعاء التي يبدو أنها تخلت عن المطالبة بالمناطق المتنازع عليها. و قبلت بأن تترك المسألة للرأي العام الشعبي. 2 ـ التراجع الواضح من جانب الحكومة البريطانية التي كانت تطالب بالاستفتاء الشعبي أيام الحكم الملكي، و التي لم تعد تقبل به في ظل الحكم الجمهوري في اليمن. و على الرغم من توصيات لجنة مكافحة الاستعمار في الأمم المتحدة المتكررة، التي كانت تؤيد الاستفتاء الشعبي حتى تسمح للسكان بتقرير مصير بلادهم، فإن انجلترا انفردت بإعلان استقلال ( الاتحاد ) . وجهة النظر البريطانية: لقد بقيت انجلترا خلال فترة طويلة تسوق حجتين لتبرير معارضتها لفكرة توحيد المناطق التي تسيطر عليها مع اليمن. فهي أولاً كانت تدعي بأن اليمن الجنوبي متطور سياسياً أكثر من الشمال الخاضع للحكم الاستبدادي اللا إنساني. و هي من جهة ثانية كانت تلح على التطور الاقتصادي و الاجتماعي الذي حققه الجنوب بالنسبة للتخلف الشامل في الشمال. و في مثل هذه الشروط، كانت تعتبر توحيد الشمال و الجنوب عملاً فيه غبن لشعب اليمن الجنوبي المشمول بحمايتها. و إذا وضعنا عدن جانباً، بدت لنا المزاعم البريطانية منافية للحقائق التاريخية و يمكن دحضها بسهولة، فمن الخطأ القول بأن الإمارات تتمتع بأجهزة سياسية و إدارية متقدمة على اليمن الملكية، بل العكس هو الصحيح في غالبية الحالات. فقد لاحظنا في الفصلين الأول و الثاني، بأن الإمارات في مجملها تشهد تبدلات كبيرة، و أن السلطة تتجسد فيها دوماً في شخص زعيم إقطاعي، و أن معظمها لا يستحق فعلاً اسم ( دولة ) لأنها لا تعدو كونها في الواقع وحدات صغيرة لا شأن لها. أما الدولة اليمنية فتتميز عن ملحقاتها القديمة بطابعها المركزي القوي الموحد، و هي تملك جيشاً و حكومة و جهازاً دبلوماسياً. و على الرغم من طابعها الرجعي، فقد كانت كاملة السيادة، في حين أن جاراتها لا تعدو كونها إمارات صغيرة خاضعة عملياً لحكم المستشارين البريطانيين الذين كانوا يمسكون بأيديهم زمام السلطة. أما فيما يتعلق بالتقدم الاقتصادي و الاجتماعي المزعوم، فإذا ما استثنينا بعض الإنجازات الزراعية في أبين و لحج، فإن التخلف عام في الإمارات. و أحد المراقبين الإنجليز يقول هو نفسه (1) : إن التناقض بين المحمية و المستعمرة أمر يدعو إلى الحيرة . فالحياة في القسم الأعظم من دول المحمية تبدو و كأنها لم تلمس لا من غريب و لا من بعيد التقدم الحضاري في الغرب ). فعلى الصعيد الاقتصادي الاجتماعي لا مجال للتمييز في المستوى بين المحمية و بين اليمن، فكلاهما متخلف عن العصر بما يعادل قرناً من الزمن. و حتى لو سلمنا بأن ثمة تطوراً سياسياً و اقتصادياً قد تحقق في اليمن الجنوبي، و أن تخلف اليمن في ظل الملكية تخلف كامل، فلا بد من التسليم بأن هذا الوضع قد شهد تبدلاً عنيفاً بعد حلول النظام الجمهوري محل أكثر الأنظمة مدعاة إلى الكراهية في العالم. هذا من جهة، و من جهة أخرى، فإن المزايا الاقتصادية التي تتمتع بها عدن لم تحل، رغم أهميتها، بين السكان و بين تطلعهم إلى الاستقلال و الوحدة. إلا أن بريطانيا لا تريد أن تأخذ هذا العامل بعين الاعتبار. و قد بذل الإنجليز جهدهم بعد قيام الثورة لمساومة الزعماء الجمهوريين في السر أولاً ثم في العلن، من أجل القبول باتحاد الجنوب العربي لقاء الاعتراف بنظامهم الجمهوري. إلا أن سياسة الأمر الواقع هذه لم يكتب لها النجاح. بل عادت على أعداء الثورة بالنفع. فقد تعهد الملكيون بالاعتراف بالدولة الاتحادية بمجرد عودة الملكية، و ذلك لقاء الحصول على مساعدات مالية و عسكرية ضخمة. الأمر الذي يكشف عن الدور الذي تلعبه السلطات الاستعمارية في الحملة ضد النظام الجمهوري في اليمن. إن لندن لم تغفر للنظام الجديد استعانته بالرئيس عبد الناصر، لأن دخول الجمهورية العربية المتحدة إلى مسرح المنطقة التي تعتبرها إنجلترا منطقة نفوذ غربي، عمل يثير مخاوف الإنجليز . و هذا هو السبب الذي دفع بريطانيا إلى مساندة الملكيين من أجل حماية مصالحها الاستراتيجية و البترولية. إن صحيفة ( ومند ) في عددها ( 7 ـ 5 – 964 ) تذكر بهذا الصدد بأن اليمن ( بحكم كونه بلداً ذا تكوين قبلي ، فإن من السهل في نظر وزارة المستعمرات ، أن تعبأ مقاومة جدية للسلطة المركزية . و هكذا فإن أموالاً و أسلحة و مؤونة، قد دخلت سراً إلى اليمن بمساعدة شريف بيحان الزعيم القبلي المؤيد تأييداً كاملاً لوجهة النظر الإنجليزية في اليمن الجنوبي. و قد حققت هذه العملية نجاحاً جزئياً لأنها عززت قوى الملكيين، إلا أنها من جهة ثانية أشعلت المقاومة المسلحة المدعومة من الجمهوريين في قلب الاتحاد نفسه. و هكذا ظهر الغرب أمام الرأي العام العربي بمظهر الدفاع عن الأنظمة البالية، و أصبحت الإمبريالية مدانة على ألسنة القادة العرب. فالبيان الذي صدر عن مؤتمر القمة الأول الذي صدر في القاهرة في يناير عام 1964 يؤكد بقوة ( إيمان الرؤساء و الملوك العرب بمشروعية النضال العربي و بضرورة دعم هذا النضال ضد الإمبريالية في المنطقة المحتلة من اليمن الجنوبي و عمان ). و الخلاصة، فإن كل شيء ينبئ بأن الأمور تتجه نحو أزمة دولية جدية إذا لم تتحقق تسوية سريعة للخلاف الإنجليزي ـ اليمني. أن وجهة النظر البريطانية تتجه نحو طلب تعيين لجنة تحكيم من قبل الأمم المتحدة، مكلفة بتحديد الحدود و المنطقة المجردة من السلاح، و وضع مراقبين دوليين في هذه المنطقة إذا اقتضى الأمر. كما أن انجلترا تتطلع إلى تحكيم محكمة العدل الدولية في لاهاي في القضية. إلا أن الأمل ضعيف في أن يحظى أحد هذين الحلين بموافقة اليمن التي تدين الوضع الراهن نفسه و لا تقف عند مشكلة الحدود، كما أنه ما من شرير يسمح بالقول بأن الأطراف المتنازعة يمكن أن تقبل فعلاً حكماً غير متحيز. لأن المصالح و الحساسيات التي تدخل في هذه المشكلة، تجعل الوساطة أمراً مستحيلاً و التحكيم في غاية الصعوبة. و يمكن أن نستنتج من ذلك مدى صعوبة المسألة. فانجلترا تبدو واثقة من نجاح سياستها، و هي تعتمد على ولاء الأمراء و على وجود فواتها، لقطع دابر المحاولات الانقلابية و الاضطرابات. إلا أن موجة التحرر في المنطقة، و استقطاب الجمهورية اليمنية لأنظار الجماهير العمالية و المثقفين في المستعمرة، باتا يهددان مستقبل الأمراء و مستقبل الوجود البريطاني نفسه تهديداً جدياً و هكذا فإن الخلاف اليمني ـ البريطاني القديم هو في طريقه لأن يأخذ شكل حركة شاملة تطالب بالوحدة و بالنضال ضد الإمبريالية البريطانية و الزعامة القبلية . تابع الصفحة التالية مع تحيات أخوكم: أنا هو. |
قضية اليمن الجنوبي أمام الهيئات الدولية: منذ مؤتمر باندونغ بدأت تطرح قضية الممتلكات البريطانية في جنوب شبه الجزيرة العربية بشكل منتظم، في العديد من المؤتمرات التي نظمتها بلدان آسيوية و إفريقية، أو على صعيد المؤتمرات العربية بوجه خاص. و قد اتخذت مقررات عديدة حول هذه القضية، أعطت الحق تارة لليمن و تارة لإشباع فكرة ( الكيان الخاص بالجنوب العربي ). و جرياً على العادة، فقد بقيت هذه المقترحات أفلاطونية إلى حد بعيد و دون نتائج عملية. و انجلترا لم تعط ذلك أية أهمية طالما أن الأطراف المعنية لم تسو خلافاتها و لم تتقدم بوجهة نظر موحدة. و قد استمدت السياسة البريطانية قوتها من الانقسام القائم بينها. بيد أن انتباه العالم ما لبث أن انجذب إلى الموجة العارمة من النضال المعادي للاستعمار، و إلى الأحداث التي بدأت تجتاح المنطقة من جراء اتساع حملات القمع للمعارضة الوطنية. فقد كتبت الاوبزرفر بهذا الصدد قائلة (2): ( إن القوة لا يمكن أن تعزل إلى الأبد هذه المناطق ( عدن و المحمية ) عن التيارات العربية العامة. فإذا تصرفنا على هذا الأساس كان عملنا غبياً فضلاً عن كونه لا أخلاقياً و مخالف للديمقراطية. إن الزمن لا يسمح حتى في الشرق الأوسط بتصريف الأمور و معالجتها بحد السيف ). تدخل الجامعة العربية: بقيت عدن و محميتها 125 عاماً تحت السيطرة البريطانية معزولة عن كل تدخل خارجي آخر. لقد حاولت الدول العربية دوماً أن تفتح قنصليات في المستعمرة و في الإمارات الهامة على الأقل. إلا أن السلطات البريطانية كانت ترفض السماح بإنشاء مثل تلك المراكز، بحجة أن نشاطها من شأنه أن يشجع الحركة المعادية للإنجليز. و كانت تبرر موقفها بالقول إن المنطقة يجب أن تصل قريباً إلى مرحلة الاستقلال، و بأنها لا ينبغي أن تتخذ منذ الآن مواقف خاصة بالعلاقات الخارجية من شأنها أن تقيد نشاطها الدبلوماسي في المستقبل (3). و أقل ما يمكن أن يقال بهذا الصدد هو أن هذا العذر غير مقنع، لأن سلطات غربية عديدة ( الولايات المتحدة، فرنسا، ايطاليا ) و إفريقيا ( إثيوبيا و الصومال ) و آسيوية ( الهند و لباكستان ) كان لها دوائر قنصلية و تجارية في عدن. و قد كان لرفض السلطات البريطانية مفعول عكسي. فقد اشتدت الحملات الإذاعية المعادية لبريطانيا. كما قد استغلت اليمن الفرصة من اجل التشدد و الإلحاح في مطالبها. و منذ عام 1954 لجأت اليمن على الجامعة العربية طالبة دعمها، و خاصة فيما يتعلق بالصراعات الدائرة حول قضية شبوة و حول تغيير الوضع الراهن بشكل عام. فاليمن تؤكد بأن شبوة حيث اكتشف البترول حديثاً تشكل من الناحيتين التاريخية و الجغرافية جزءاً لا يتجزأ من ارض اليمن. أما بريطانيا فتدًعي على العكس بأن تلك المنطقة تشكل جزءاً من حضرموت. و قد أصبحت بموجب اتفاق عام 1951 منطقة مجردة من السلاح، بعد سلسلة طويلة من الاشتباكات العنيفة بين القوى اليمنية و القوى المحلية الخاضعة للنفوذ البريطاني. إن اهتمام السلطات البريطانية في عدن بالبترول، دفعها إلى احتلال المنطقة المتنازع عليه من جديد بغية استثمارها. و قد احتجت صنعاء و طرحت المسألة لدى الجامعة العربية، و لفتت أنظارها إلى النوايا التي تبييتها وزارة المستعمرات حول تجميع الإمارات في دولة اتحادية تعتبرها اليمن بمثابة تهديد مباشر لسيادتها. و لم تتأخر الجامعة العربية طبعاً عن تأييد وجهة النظر اليمنية. و قد صرح الأمين العام في فبراير 1959 بأن ( جميع الدول الأعضاء سوف يتعاونون على تفشيل المخطط البريطاني الرامي إلى أنشاء اتحاد لدويلات جنوب الجزيرة العربية ) ثم أردف في النهاية قائلاً: ( إن بريطانيا سوف لن تتمكن من تدعيم أوضاعها في هذا الجزء من العالم ) . و قد وعدت المنظمة العربية من ناحية أخرى ببذل قصارى جهدها لدى الدول الصديقة من أجل أن تمارس ضغطاً قوياً على إنجلترا من أجل حملها على إعادة النظر في قرارها. كما أنها قامت بحملة دعائية و إعلامية بهذا الصدد. إلا أنها تجنبت أن تتقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة، لأنها كانت تدرك سلفاً بأن هذا المسعى سوف يفشل، فلم يكن بالا مكان أن تدعم الكتلة الأفريقية ـ الآسيوية مطالب النظام الملكي، لأن جل استعدادها ينحصر في دعم المساعي الهادفة إلى تحرير اليمن الجنوبي من ربقة الاستعمار. و هذا هو السبب الذي جعل الجامعة العربية توكل هذه المبادرة إلى اليمن و على البلاد الشقيقة. إن اليمن كانت تدرك ما يدور في خلد البلدان الأفريقية ـ الآسيوية، لذلك فهي لم تجرؤ على طرح القضية بشكل مكشوف. أما البلدان الشقيقة فإن عواطفها كانت تتجه إلى رجال الحركة الوطنية، و بصورة خاصة مصر التي تبنت سياسة التوازن، و شهدت بحكم تبدل الأوضاع تحولات متعددة. فقد بقيت مصر حتى قيام الجمهورية العربية المتحدة تتبنى تجاه القضية اليمنية موقفاً متأرجحاً. تارة تدعم رابطة الجنوب العربي ضد انجلترا و ضد النظام الملكي المتخلف، و تارة تتقرب من الأخير ضد انجلترا. و قد كان هذا لتأرجح طابع العلاقات فيما بين الدول العربية نفسها التي كانت تتراوح صعوداً و هبوطاً، تبعاً لتطور الأوضاع في الشرق الأوسط. إلا أن دخول اليمن في إطار ( الدول العربية المتحدة ) بعد قيام الجمهورية العربية المتحدة و اتحاد سوريا و مصر، قد جعل الجمهورية العربية المتحدة تتبنى القضية اليمنية نهائياً. إلا أن هذا الارتباط قد حل بعد انفصال سوريا عن مصر. و بعد حل ( الدول العربية المتحدة ) في ديسمبر 1961. و عندئذ عادت مصر إلى سياستها التقليدية. و مع وصول الجمهوريين إلى الحكم اندفعت مصر إلى دعم النظام الجديد مادياً و دبلوماسياً، و إلى إهمال رابطة الجنوب العربي من جديد. و قد كان لتدخلها العسكري إلى جانب القوات الجمهورية أثر في زيادة رصيدها، لأن ذلك أظهرها أمام الجماهير العربية بمظهر المدافع الحقيقي عن القومية العربية. و تجدر الإشارة إلى أن الدول العربية الأخرى لم تكن تشارك الجمهورية العربية المتحدة في وجهة نظرها. فبعضها لم يكن يتبنى المطالب اليمنية و كان يشجب الاستعمار في الأمم المتحدة و ينضاف إلى الكتلة الأفريقية ـ الآسيوية في المطالبة بجلاء الإنجليز عن اليمن الجنوبي دون أن يطالب بضمه إلى اليمن. التوجه إلى الأمم المتحدة: إذا كان تدهور الوضع الداخلي، و على الحدود من جهة، و الشعور بالتضامن مع اليمن من جهة أخرى، هما السبب الذي دفع إلى اللجوء إلى الجامعة العربية، فإن التوجه إلى الأمم المتحدة هو نتيجة لهذا التدهور. و منذ أصبح طرح هذه القضية في الأمم المتحدة طرحاً منتظماً، أصبح تدخل الهيئة الدولية متزايداً و ملحاً. و أصبحت انجلترا يوماً بعد يوم تجد نفسها في موقف حرج إلى درجة رفضت معها التعاون مع اللجنة الفرعية التي جرى تعيينها لاستقصاء الرغبات الحقيقية للسكان. لقد جر الانفجار الشعبي في عدن السلطات الاستعمارية إلى اتخاذ تدابير عنيفة. كما أنها أحالت إلى المحاكم القادة السياسيين و النقابيين و بعض الشبان و الفتيات الذين جرى توقيفهم خلال المظاهرات. و قد نقلت وكالات الأنباء أصداء تلك الحوادث، و عبر الرأي العام العالمي عن استنكاره لتلك التدابير التي لجأت إليها السلطات الاستعمارية. و قد كان رد الفعل الأقوى هو موقف الكتلة الأفريقية ـ الآسيوية التي قدمت عريضة إلى الأمم المتحدة بتاريخ 4 يونيو 1963 تعلن بأن الوضع في ( اتحاد الجنوب العربي ) يشكل خطراً على السلام و الأمن، و تقترح إرسال بعثة من قبل لجنة تصفية الاستعمار لزيارة المنطقة. و قد سبق أن قدمت استراليا و الدانمرك و الولايات المتحدة و ايطاليا مشروع قرار إلى لجنة تصفية الاستعمار ( المعروف بلجنة الأربعة و العشرين ) يعترف بحق سكان عدن و المحمية بحق تقرير المصير و بالاستقلال. و يطالب عدا عن ذلك بإتاحة المجال لهم في المستقبل القريب، بتقرير مصيرهم بحرية. و قد تبنت اللجنة أيضا المشروع الآسيوي ـ الإفريقي القاضي بإرسال لجنة فرعية تتولى التحقيق و الاستقصاء على الطبيعة، و ذلك بأكثرية 18 صوتاً ضد خمسة أصوات ( و هي أصوات القوى الغربية الأربع مضافا إليها صوت بريطانيا ) . و قبل أن يجري التصويت أعلن مندوب بريطانيا بأن حكومته لن تسمح لأعضاء البعثة بزيارة عدن. و كان يزعم بأن عمل البعثة يشكل تدخلاً في الشؤون الداخلية البريطانية لا بد أن يعيق الجهود التي تبذلها بلاده من أجل الأخذ بيد الاتحاد نحو الاستقلال. لذلك جاء في نص الاقتراح الذي تبنته لجنة تصفية الاستعمار، بأن البعثة مخولة باللجوء إلى البلدان المجاورة إذا اقتضى الأمر من اجل استطلاع رأي السكان و بصورة خاصة رأي ممثلي و قادة الأحزاب، و عقد مباحثات مع السلطة الإدارية (4). إن منع دخول اللجنة عدن، دعا اللجنة إلى الاتجاه نحو المملكة العربية السعودية من أجل إنجاز مهمتها. و هكذا استطاعت أن تستطلع رغبات شعب اليمن الجنوبي عن طريق سماع وجهات نظر مختلف الوفود التي أرسلت من المستعمرة و من القاهرة للتحدث إلى ممثلي الأمم المتحدة. و قد طلبت البعثة في تقريرها تنظيم انتخابات حرة. و تمت الموافقة على توصيات البعثة في 11 ديسمبر 1963، ثم تم التصويت على قرار جديد يدعو بريطانيا إلى تنظيم هذه الانتخابات. و قد قوبلت تلك التوصيات بارتياح و حماس من قبل غالبية التشكيلات السياسية المحلية، بما فيها حزب الشعب الاشتراكي. و لكنها رُفضت من طرف الأمراء الذين كانوا يصرون دوماً على معارضة إدخال مبدأ الانتخاب في مناطق نفوذهم و على حرمان أتباعهم من حق أولي أقره ميثاق الأمم المتحدة. أما بالنسبة للسلطة الاستعمارية، فقد كان رد فعلها معتدلاً. لأن القرار ينطبق في جوهرة مع المشروع البريطاني الأولي باستثناء شرط الانتخابات المسبقة في المحمية. أما بالنسبة للمستعمرة، فيمكن تذليل هذه الصعوبة. فقد سبق للمفوض السامي أن أعد نظاماً انتخابياً جديداً على هواه يجري تطبيقه عام 1964 و يستبعد فيه اليمنيين القاطنين في عدن من قائمة الناخبين و يعتبرهم أجانب، بالإضافة إلى اعتبارهم مخربين و مشاغبين. الأمر الذي أثار موجة جديدة من الاحتجاجات ضد هذا التمييز السياسي. و في إنجلترا نفسها قامت بعض الصحف بتسجيل أسفها لأن ثلث السكان في المستعمرة قد حرموا من حق التصويت. حتى أن صحيفة الفاننشل تايمز في عددها بتاريخ 5 ـ 5 ـ 1964 تشير إلى الثمانين ألف يمنياً في قولها: ( إنهم يشكلون فريسة جاهزة لدعاية عبد الناصر. فما على بريطانيا إلا أن تدفع المشايخ في الاتحاد نحو المزيد من الديمقراطية و عدم الحيلولة دون تطور عدن ) . و الخلاصة، فان المشاعر العدائية التي أظهرها الشعب نحو الاتحاد، إنما تنجم عن كون الاتحاد لا يعدو كونه نوعاً من أنواع ( النوادي الخاصة ) التي يتم اختيار أعضائها بدقة من خلال الشخصيات المرتبطة اشد الارتباط ببريطانيا. و لن تتوقف تلك الكراهية إلا عندما يتبدد ذلك الانطباع عن الاتحاد. أما الوعود فأنها محاطة بالشكوك، و لا يمكن أن تهدئ من روع الشعب. و إزالة حالة التوتر تتوقف على شرط وحيد، و هو الدخول في مفاوضات مع رجال الحركة الوطنية الذين لا يريدون أن يخدعوا بالوعود. إن مجموعة من الدلائل أتت حديثاً تؤكد تفاقم الاضطرابات: إلقاء القنابل، إغلاق الحدود، إعلان حالة الطوارئ، و تزايد الأعمال الفدائية. و من ثم أعمال التوقيف و الملاحقة و النفي و الاعتقال و الطرد بالمئات (5).إن تدهور الوضع بشكل دائم دعا مجلس الأمن إلى التصويت بتاريخ 14 ـ 12 ـ 1963 على قرار يدين هذه التجاوزات، و يطالب بوقف أعمال العنف البوليسية مباشرة. و قد قررت ( اللجنة الخاصة ) بإنهاء الاستعمار تشكيل لجنة فرعية مؤلفة من خمسة أعضاء لمراقبة تطور الوضع و إعداد الزيارات لهذه المنطقة. و على أثر القصف الجوي البريطاني للقوات اليمنية في حريب تبنت ( اللجنة الخاصة ) بتاريخ 9 ابريل 1964 قراراً جديداً تعتبر اللجنة بموجبه الجلاء عن القاعدة البريطانية أمراً مستحسناً، و تطلب إلى المملكة المتحدة أن تلغي حالة الطوارئ و التدابير التي من شأنها أن تحد من الحريات و أن توقف قصف القرى (6). و رغم ذلك كله، فقد استمر الوضع في التدهور و أصبح يهدد مصير الاتحاد و السلام في المنطقة. فقد امتد تمرد قبائل ردفان و الأميري التي كانت الإذاعات المجاورة تزيد في اشتعاله، و شمل مناطق أخرى. و بات هم القوات الاتحادية و البريطانية القضاء على مهد الثورة و الحيلولة دون انتشارها، لأن لهيب الثورة إذا ما امتد إلى عدن فإنه يصبح عندئذ بمثابة تهديد جدي للمصالح البريطانية. و قد لفت الهجوم الضاري الذي تقوم به السلطات الاستعمارية على القبائل المتمردة، انتباه لجنة تصفية الاستعمار، فطلبت وقف العمليات التأديبية ضد سكان الاتحاد و شجبت التدخل الإنجليزي، و اعتبرت الإجراءات العسكرية التي اتخذتها بريطانيا في المنطقة تتنافى مع التصريح بمنح الاستقلال للبلدان و للشعوب المستعمرة. إن بريطانيا ترى في حمى التمرد يد الجمهورية العربية اليمنية، و هي تتخذ من هذا الاتهام تبريراً لأعمال القمع. و هي من جهة ثانية تنكر بشدة مساعدتها للعناصر الملكية لتقويض النظام الجمهوري. و ذلك في الحقيقة مخالف للواقع. إن الشرط الأول للسلام هو التوقف عن التدخل في الشؤون الخارجية لليمن. فبدون ذلك لا بد أن يستمر النزاع حول الأراضي، و أن يؤدي ذلك إلى تسميم العلاقة بين اليمن و بين الاتحاد. فالاتحاد لا يمكن أن يفرض نفسه في الداخل و الخارج إلا إذا توصل إلى تعايش سلمي مع الدولة الجارة. كما أن بقاء الاتحاد يتوقف على المهارة التي يجب أن تتجلى في مواقف قادة الاتحاد و أصدقائهم الإنجليز. (1) صحيفة التايمس تاريخ 9 ـ 10 ـ 1961. (2) الاوبزرفر في 27 ابريل 1958. (3) لوم وند في 17 ـ 1 ـ 1961. (4) لوموند، عدد 5 ـ 6 مايو 1963. (5) حسب تقرير صحيفة الطليعة الكويتية في عددها رقم 74 تاريخ 25 ـ 3 ـ 1964، هناك حوالي 993 طُردوا من عدن منذ 19 يناير 1963 تابع الصفحة التالية مع تحيات أخوكم: أنا هو. [/U][/B] |
قضية اليمن الجنوبي أمام الهيئات الدولية: منذ مؤتمر باندونغ بدأت تطرح قضية الممتلكات البريطانية في جنوب شبه الجزيرة العربية بشكل منتظم، في العديد من المؤتمرات التي نظمتها بلدان آسيوية و إفريقية، أو على صعيد المؤتمرات العربية بوجه خاص. و قد اتخذت مقررات عديدة حول هذه القضية، أعطت الحق تارة لليمن و تارة لإشباع فكرة ( الكيان الخاص بالجنوب العربي ). و جرياً على العادة، فقد بقيت هذه المقترحات أفلاطونية إلى حد بعيد و دون نتائج عملية. و انجلترا لم تعط ذلك أية أهمية طالما أن الأطراف المعنية لم تسو خلافاتها و لم تتقدم بوجهة نظر موحدة. و قد استمدت السياسة البريطانية قوتها من الانقسام القائم بينها. بيد أن انتباه العالم ما لبث أن انجذب إلى الموجة العارمة من النضال المعادي للاستعمار، و إلى الأحداث التي بدأت تجتاح المنطقة من جراء اتساع حملات القمع للمعارضة الوطنية. فقد كتبت الاوبزرفر بهذا الصدد قائلة (2): ( إن القوة لا يمكن أن تعزل إلى الأبد هذه المناطق ( عدن و المحمية ) عن التيارات العربية العامة. فإذا تصرفنا على هذا الأساس كان عملنا غبياً فضلاً عن كونه لا أخلاقياً و مخالف للديمقراطية. إن الزمن لا يسمح حتى في الشرق الأوسط بتصريف الأمور و معالجتها بحد السيف ). تدخل الجامعة العربية: بقيت عدن و محميتها 125 عاماً تحت السيطرة البريطانية معزولة عن كل تدخل خارجي آخر. لقد حاولت الدول العربية دوماً أن تفتح قنصليات في المستعمرة و في الإمارات الهامة على الأقل. إلا أن السلطات البريطانية كانت ترفض السماح بإنشاء مثل تلك المراكز، بحجة أن نشاطها من شأنه أن يشجع الحركة المعادية للإنجليز. و كانت تبرر موقفها بالقول إن المنطقة يجب أن تصل قريباً إلى مرحلة الاستقلال، و بأنها لا ينبغي أن تتخذ منذ الآن مواقف خاصة بالعلاقات الخارجية من شأنها أن تقيد نشاطها الدبلوماسي في المستقبل (3). و أقل ما يمكن أن يقال بهذا الصدد هو أن هذا العذر غير مقنع، لأن سلطات غربية عديدة ( الولايات المتحدة، فرنسا، ايطاليا ) و إفريقيا ( إثيوبيا و الصومال ) و آسيوية ( الهند و لباكستان ) كان لها دوائر قنصلية و تجارية في عدن. و قد كان لرفض السلطات البريطانية مفعول عكسي. فقد اشتدت الحملات الإذاعية المعادية لبريطانيا. كما قد استغلت اليمن الفرصة من اجل التشدد و الإلحاح في مطالبها. و منذ عام 1954 لجأت اليمن على الجامعة العربية طالبة دعمها، و خاصة فيما يتعلق بالصراعات الدائرة حول قضية شبوة و حول تغيير الوضع الراهن بشكل عام. فاليمن تؤكد بأن شبوة حيث اكتشف البترول حديثاً تشكل من الناحيتين التاريخية و الجغرافية جزءاً لا يتجزأ من ارض اليمن. أما بريطانيا فتدًعي على العكس بأن تلك المنطقة تشكل جزءاً من حضرموت. و قد أصبحت بموجب اتفاق عام 1951 منطقة مجردة من السلاح، بعد سلسلة طويلة من الاشتباكات العنيفة بين القوى اليمنية و القوى المحلية الخاضعة للنفوذ البريطاني. إن اهتمام السلطات البريطانية في عدن بالبترول، دفعها إلى احتلال المنطقة المتنازع عليه من جديد بغية استثمارها. و قد احتجت صنعاء و طرحت المسألة لدى الجامعة العربية، و لفتت أنظارها إلى النوايا التي تبييتها وزارة المستعمرات حول تجميع الإمارات في دولة اتحادية تعتبرها اليمن بمثابة تهديد مباشر لسيادتها. و لم تتأخر الجامعة العربية طبعاً عن تأييد وجهة النظر اليمنية. و قد صرح الأمين العام في فبراير 1959 بأن ( جميع الدول الأعضاء سوف يتعاونون على تفشيل المخطط البريطاني الرامي إلى أنشاء اتحاد لدويلات جنوب الجزيرة العربية ) ثم أردف في النهاية قائلاً: ( إن بريطانيا سوف لن تتمكن من تدعيم أوضاعها في هذا الجزء من العالم ) . و قد وعدت المنظمة العربية من ناحية أخرى ببذل قصارى جهدها لدى الدول الصديقة من أجل أن تمارس ضغطاً قوياً على إنجلترا من أجل حملها على إعادة النظر في قرارها. كما أنها قامت بحملة دعائية و إعلامية بهذا الصدد. إلا أنها تجنبت أن تتقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة، لأنها كانت تدرك سلفاً بأن هذا المسعى سوف يفشل، فلم يكن بالا مكان أن تدعم الكتلة الأفريقية ـ الآسيوية مطالب النظام الملكي، لأن جل استعدادها ينحصر في دعم المساعي الهادفة إلى تحرير اليمن الجنوبي من ربقة الاستعمار. و هذا هو السبب الذي جعل الجامعة العربية توكل هذه المبادرة إلى اليمن و على البلاد الشقيقة. إن اليمن كانت تدرك ما يدور في خلد البلدان الأفريقية ـ الآسيوية، لذلك فهي لم تجرؤ على طرح القضية بشكل مكشوف. أما البلدان الشقيقة فإن عواطفها كانت تتجه إلى رجال الحركة الوطنية، و بصورة خاصة مصر التي تبنت سياسة التوازن، و شهدت بحكم تبدل الأوضاع تحولات متعددة. فقد بقيت مصر حتى قيام الجمهورية العربية المتحدة تتبنى تجاه القضية اليمنية موقفاً متأرجحاً. تارة تدعم رابطة الجنوب العربي ضد انجلترا و ضد النظام الملكي المتخلف، و تارة تتقرب من الأخير ضد انجلترا. و قد كان هذا لتأرجح طابع العلاقات فيما بين الدول العربية نفسها التي كانت تتراوح صعوداً و هبوطاً، تبعاً لتطور الأوضاع في الشرق الأوسط. إلا أن دخول اليمن في إطار ( الدول العربية المتحدة ) بعد قيام الجمهورية العربية المتحدة و اتحاد سوريا و مصر، قد جعل الجمهورية العربية المتحدة تتبنى القضية اليمنية نهائياً. إلا أن هذا الارتباط قد حل بعد انفصال سوريا عن مصر. و بعد حل ( الدول العربية المتحدة ) في ديسمبر 1961. و عندئذ عادت مصر إلى سياستها التقليدية. و مع وصول الجمهوريين إلى الحكم اندفعت مصر إلى دعم النظام الجديد مادياً و دبلوماسياً، و إلى إهمال رابطة الجنوب العربي من جديد. و قد كان لتدخلها العسكري إلى جانب القوات الجمهورية أثر في زيادة رصيدها، لأن ذلك أظهرها أمام الجماهير العربية بمظهر المدافع الحقيقي عن القومية العربية. و تجدر الإشارة إلى أن الدول العربية الأخرى لم تكن تشارك الجمهورية العربية المتحدة في وجهة نظرها. فبعضها لم يكن يتبنى المطالب اليمنية و كان يشجب الاستعمار في الأمم المتحدة و ينضاف إلى الكتلة الأفريقية ـ الآسيوية في المطالبة بجلاء الإنجليز عن اليمن الجنوبي دون أن يطالب بضمه إلى اليمن. التوجه إلى الأمم المتحدة: إذا كان تدهور الوضع الداخلي، و على الحدود من جهة، و الشعور بالتضامن مع اليمن من جهة أخرى، هما السبب الذي دفع إلى اللجوء إلى الجامعة العربية، فإن التوجه إلى الأمم المتحدة هو نتيجة لهذا التدهور. و منذ أصبح طرح هذه القضية في الأمم المتحدة طرحاً منتظماً، أصبح تدخل الهيئة الدولية متزايداً و ملحاً. و أصبحت انجلترا يوماً بعد يوم تجد نفسها في موقف حرج إلى درجة رفضت معها التعاون مع اللجنة الفرعية التي جرى تعيينها لاستقصاء الرغبات الحقيقية للسكان. لقد جر الانفجار الشعبي في عدن السلطات الاستعمارية إلى اتخاذ تدابير عنيفة. كما أنها أحالت إلى المحاكم القادة السياسيين و النقابيين و بعض الشبان و الفتيات الذين جرى توقيفهم خلال المظاهرات. و قد نقلت وكالات الأنباء أصداء تلك الحوادث، و عبر الرأي العام العالمي عن استنكاره لتلك التدابير التي لجأت إليها السلطات الاستعمارية. و قد كان رد الفعل الأقوى هو موقف الكتلة الأفريقية ـ الآسيوية التي قدمت عريضة إلى الأمم المتحدة بتاريخ 4 يونيو 1963 تعلن بأن الوضع في ( اتحاد الجنوب العربي ) يشكل خطراً على السلام و الأمن، و تقترح إرسال بعثة من قبل لجنة تصفية الاستعمار لزيارة المنطقة. و قد سبق أن قدمت استراليا و الدانمرك و الولايات المتحدة و ايطاليا مشروع قرار إلى لجنة تصفية الاستعمار ( المعروف بلجنة الأربعة و العشرين ) يعترف بحق سكان عدن و المحمية بحق تقرير المصير و بالاستقلال. و يطالب عدا عن ذلك بإتاحة المجال لهم في المستقبل القريب، بتقرير مصيرهم بحرية. و قد تبنت اللجنة أيضا المشروع الآسيوي ـ الإفريقي القاضي بإرسال لجنة فرعية تتولى التحقيق و الاستقصاء على الطبيعة، و ذلك بأكثرية 18 صوتاً ضد خمسة أصوات ( و هي أصوات القوى الغربية الأربع مضافا إليها صوت بريطانيا ) . و قبل أن يجري التصويت أعلن مندوب بريطانيا بأن حكومته لن تسمح لأعضاء البعثة بزيارة عدن. و كان يزعم بأن عمل البعثة يشكل تدخلاً في الشؤون الداخلية البريطانية لا بد أن يعيق الجهود التي تبذلها بلاده من أجل الأخذ بيد الاتحاد نحو الاستقلال. لذلك جاء في نص الاقتراح الذي تبنته لجنة تصفية الاستعمار، بأن البعثة مخولة باللجوء إلى البلدان المجاورة إذا اقتضى الأمر من اجل استطلاع رأي السكان و بصورة خاصة رأي ممثلي و قادة الأحزاب، و عقد مباحثات مع السلطة الإدارية (4). إن منع دخول اللجنة عدن، دعا اللجنة إلى الاتجاه نحو المملكة العربية السعودية من أجل إنجاز مهمتها. و هكذا استطاعت أن تستطلع رغبات شعب اليمن الجنوبي عن طريق سماع وجهات نظر مختلف الوفود التي أرسلت من المستعمرة و من القاهرة للتحدث إلى ممثلي الأمم المتحدة. و قد طلبت البعثة في تقريرها تنظيم انتخابات حرة. و تمت الموافقة على توصيات البعثة في 11 ديسمبر 1963، ثم تم التصويت على قرار جديد يدعو بريطانيا إلى تنظيم هذه الانتخابات. و قد قوبلت تلك التوصيات بارتياح و حماس من قبل غالبية التشكيلات السياسية المحلية، بما فيها حزب الشعب الاشتراكي. و لكنها رُفضت من طرف الأمراء الذين كانوا يصرون دوماً على معارضة إدخال مبدأ الانتخاب في مناطق نفوذهم و على حرمان أتباعهم من حق أولي أقره ميثاق الأمم المتحدة. أما بالنسبة للسلطة الاستعمارية، فقد كان رد فعلها معتدلاً. لأن القرار ينطبق في جوهرة مع المشروع البريطاني الأولي باستثناء شرط الانتخابات المسبقة في المحمية. أما بالنسبة للمستعمرة، فيمكن تذليل هذه الصعوبة. فقد سبق للمفوض السامي أن أعد نظاماً انتخابياً جديداً على هواه يجري تطبيقه عام 1964 و يستبعد فيه اليمنيين القاطنين في عدن من قائمة الناخبين و يعتبرهم أجانب، بالإضافة إلى اعتبارهم مخربين و مشاغبين. الأمر الذي أثار موجة جديدة من الاحتجاجات ضد هذا التمييز السياسي. و في إنجلترا نفسها قامت بعض الصحف بتسجيل أسفها لأن ثلث السكان في المستعمرة قد حرموا من حق التصويت. حتى أن صحيفة الفاننشل تايمز في عددها بتاريخ 5 ـ 5 ـ 1964 تشير إلى الثمانين ألف يمنياً في قولها: ( إنهم يشكلون فريسة جاهزة لدعاية عبد الناصر. فما على بريطانيا إلا أن تدفع المشايخ في الاتحاد نحو المزيد من الديمقراطية و عدم الحيلولة دون تطور عدن ) . و الخلاصة، فان المشاعر العدائية التي أظهرها الشعب نحو الاتحاد، إنما تنجم عن كون الاتحاد لا يعدو كونه نوعاً من أنواع ( النوادي الخاصة ) التي يتم اختيار أعضائها بدقة من خلال الشخصيات المرتبطة اشد الارتباط ببريطانيا. و لن تتوقف تلك الكراهية إلا عندما يتبدد ذلك الانطباع عن الاتحاد. أما الوعود فأنها محاطة بالشكوك، و لا يمكن أن تهدئ من روع الشعب. و إزالة حالة التوتر تتوقف على شرط وحيد، و هو الدخول في مفاوضات مع رجال الحركة الوطنية الذين لا يريدون أن يخدعوا بالوعود. إن مجموعة من الدلائل أتت حديثاً تؤكد تفاقم الاضطرابات: إلقاء القنابل، إغلاق الحدود، إعلان حالة الطوارئ، و تزايد الأعمال الفدائية. و من ثم أعمال التوقيف و الملاحقة و النفي و الاعتقال و الطرد بالمئات (5).إن تدهور الوضع بشكل دائم دعا مجلس الأمن إلى التصويت بتاريخ 14 ـ 12 ـ 1963 على قرار يدين هذه التجاوزات، و يطالب بوقف أعمال العنف البوليسية مباشرة. و قد قررت ( اللجنة الخاصة ) بإنهاء الاستعمار تشكيل لجنة فرعية مؤلفة من خمسة أعضاء لمراقبة تطور الوضع و إعداد الزيارات لهذه المنطقة. و على أثر القصف الجوي البريطاني للقوات اليمنية في حريب تبنت ( اللجنة الخاصة ) بتاريخ 9 ابريل 1964 قراراً جديداً تعتبر اللجنة بموجبه الجلاء عن القاعدة البريطانية أمراً مستحسناً، و تطلب إلى المملكة المتحدة أن تلغي حالة الطوارئ و التدابير التي من شأنها أن تحد من الحريات و أن توقف قصف القرى (6). و رغم ذلك كله، فقد استمر الوضع في التدهور و أصبح يهدد مصير الاتحاد و السلام في المنطقة. فقد امتد تمرد قبائل ردفان و الأميري التي كانت الإذاعات المجاورة تزيد في اشتعاله، و شمل مناطق أخرى. و بات هم القوات الاتحادية و البريطانية القضاء على مهد الثورة و الحيلولة دون انتشارها، لأن لهيب الثورة إذا ما امتد إلى عدن فإنه يصبح عندئذ بمثابة تهديد جدي للمصالح البريطانية. و قد لفت الهجوم الضاري الذي تقوم به السلطات الاستعمارية على القبائل المتمردة، انتباه لجنة تصفية الاستعمار، فطلبت وقف العمليات التأديبية ضد سكان الاتحاد و شجبت التدخل الإنجليزي، و اعتبرت الإجراءات العسكرية التي اتخذتها بريطانيا في المنطقة تتنافى مع التصريح بمنح الاستقلال للبلدان و للشعوب المستعمرة. إن بريطانيا ترى في حمى التمرد يد الجمهورية العربية اليمنية، و هي تتخذ من هذا الاتهام تبريراً لأعمال القمع. و هي من جهة ثانية تنكر بشدة مساعدتها للعناصر الملكية لتقويض النظام الجمهوري. و ذلك في الحقيقة مخالف للواقع. إن الشرط الأول للسلام هو التوقف عن التدخل في الشؤون الخارجية لليمن. فبدون ذلك لا بد أن يستمر النزاع حول الأراضي، و أن يؤدي ذلك إلى تسميم العلاقة بين اليمن و بين الاتحاد. فالاتحاد لا يمكن أن يفرض نفسه في الداخل و الخارج إلا إذا توصل إلى تعايش سلمي مع الدولة الجارة. كما أن بقاء الاتحاد يتوقف على المهارة التي يجب أن تتجلى في مواقف قادة الاتحاد و أصدقائهم الإنجليز. (1) صحيفة التايمس تاريخ 9 ـ 10 ـ 1961. (2) الاوبزرفر في 27 ابريل 1958. (3) لوم وند في 17 ـ 1 ـ 1961. (4) لوموند، عدد 5 ـ 6 مايو 1963. (5) حسب تقرير صحيفة الطليعة الكويتية في عددها رقم 74 تاريخ 25 ـ 3 ـ 1964، هناك حوالي 993 طُردوا من عدن منذ 19 يناير 1963 أخونا المتصفح هذا الكتاب هي وجهة نضر كاتبه أن كل المعلومات التي يحتويها يتطلب التدقيق فيها ولكن عند الإطلاع علية سوف تلا حض تاريخ بعض الحوادث وكيف كان ابنا الجنوب ضحية العواطف والجري وراء الوسائل والتمسك بها والأئمة الزيدية وفي ما بعدهم ما يسما بالمملكة المتوكلة اليمنية من يوم تأسيسها 1918م استخدمت كل الوسائل ضد أبناء الجنوب و كان هدفها الرئيسي هو احتلال ارض الجنوب ولكن الجنوبيين كانوا يجرون ويتقاتلون على الأوهام والنظريات ولم يكون أيمانهم قوي في التمسك بالغاية المنشودة وهي الأرض والشعب والدولة الجنوبية وهذا الشعور كان مبكراً ولجنوبيين لم يتداركوة يأسفاة عليهم. مع تحياتي لكم وللكاتب ويعذرني لأني قمت في تصحيح أخطا مطبعية كثيرة كانت موجودة في النسخة المسحوبة من المجلس اليمن ولا اعرف سبب الأخطاء المطبعية ومصدرها، مع تحياتي أخوكم: أنا هو. |
شقيقة فتاح تعتقد بأنه لازال حياً. شقيقة عبدالفتاح إسماعيل تروي عن طفولة فتاح وخفايا حياة أسرة الزعيم الحزبي المبهم النهاية!! [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] لاشتراكي.نت/ خاص:علي سالم المعبقي قالت سعادة إسماعيل الجوفي، شقيقة مؤسس الحزب الاشتراكي اليمني عبدالفتاح إسماعيل، إنها لا تشعر بالفخر لاستشهاد شقيقها إذا كان قد قتل فعلاً على حد قولها. وقالت سعادة التي تكبر شقيقها عبدالفتاح بنحو ثمان سنوات، أنها تعتقد بأن شقيقها، الذي قتل في أحداث 13 يناير 1986م، ما يزال على قيد الحياة: "أعتقد أنه على قيد الحياة.. أتخيله دائما". وتمنت سعادة (76 عاماً) لو أن شقيقها فتاح لم يشتغل في الشأن السياسي طالما ذلك يودي بحياته. وروت سعادة، التي لا تقرأ ولا تكتب، ذكريات عن أسرة الجوفي الأب معلم القرآن المتزوج من خمس نساء، وعن شقيقها الأصغر عبد الفتاح الذي يوصف بأنه مؤسس أول حزب ماركسي تمكن، أثناء حكمه لجنوب اليمن، من فرض تعليم المرأة ومنع تعدد الزوجات. وروت سعادة ذكريات عن طفولة شقيقها فتاح وذكرت أنه كان يحمل تنكات الماء على كتفه في قرية الأشعب -حيفان- تعز. وامتنعت سعادة عن اتهام فرد أو فصيل في مقتل شقيقها. لكنها كشفت جوانب من حياتها وحياة أسرة الجوفي في حيفان وعدن وصنعاء وتعز. وهي ذكرت أن الجنود البريطانيين الذين كانوا يدهمون منزلهم في "الشيخ عثمان" بحثاً عن المطلوب الرقم واحد للسلطات البريطانية حينها، لم يكونوا يعتدون على أفراد الأسرة، بيد أنها أثناء إقامتها في تعز وصنعاء، شعرت، على حد قولها، بالخوف باعتبارها شقيقة العدو الأول للنظام الحاكم في صنعاء آنذاك. زواج الطفلة لئن شاع في تلك الفترة (أواخر الثلاثينيات ومطلع الأربعينيات من القرن العشرين) زواج صغيرات السن. وهو مستمر حتى وقتنا الحاضر إلا إن ما تعرضت له سعادة يعد جريمة بكل المقاييس. كانت سعادة في حوالي التاسعة حين زفت من قرية "الأشعب" حيفان إلى دار ابن عمها في "الأعبوس". تقول: "كنت مجرد طفلة تلعب على عتبة الدار".. وفي ما يشبه عرف العطايا وُهبت سعادة إلى ابن عمها. لم يكن فارق العمر أو كونه تزوج قبلها ثلاث نساء هو ما جعل ذلك الزواج -إن جازت التسمية- كابوساً ما انفك ينكأ ويطارد ذاكرة سعادة. بل أيضاً لأن الزوج لم ينتظر عروسه الطفلة حتى تكبر بل دخل عليها قبل البلوغ. "لن أسامحه أبداً...شمّت بي شمات.. بقيت أبكي ثلاثة أيام". فظاعة الحادثة دفعت الطفلة إلى هروب متكرر من بيت الزوج. كانت تقطع مسافات جبلية لتصل إلى بيت الأب. وكان أيضاً أن أدى الزواج المبكر إلى عدم تمكن سعادة مواصلة تلقي القرآن على يد والدها. وتصف سعادة عمها وابن عمها (الزوج) بالظالمين.."عاملوني معاملة سيئة، تزوجت وعمري تسع سنوات". و ترى سعادة أن قريتهم "الأشعب" كما كانت في طفولتها تختلف عن منطقة الزوج الأعبوس. "بلادنا ثاني وبلادهم ثاني.. في بلادهم النساء يعملن في حمل الحطب والماء والوجيم". وذكرت سعادة أن أسرة زوجها كانت تفرض عليها القيام بأعمال المنزل وجلب الماء والحطب "كنت أبقى في بيت زوجي شهراً ثم أعود إلى بيتنا لأبقى هناك حوالي سبعة أشهر". وطبقاً لرواية سعادة لا يبدو أن الوالد كان معارضاً تماماً لذلك الزواج. وعلى حد قولها فإن والدها أخبرها بأنه زوَجها لتبقى في بيت الزوج. لكنه -الوالد - وحالما عرف بما تعانيه، رفض إرجاعها. أما التصدي الفعلي لهذا الزواج فتم بعد وفاة الأب. إذ أنبرى الأخ الأكبر عبدالوالي لمشارعة (مقاضاة) الزوج أمام المحكمة. بعدما علم أن أخته كانت تعاد إلى بيت زوجها صباحاً فتهرب منه مساءً. وقالت سعادة أن زوج الطفلة التي كانتها، كان يعمل في عدن ولديه مال كثير. ولهذا السبب، حسب اعتقادها، مضى الزوج قدما في محاولة ردها إلى بيت الطاعة. إلا أن إصرار عبدالوالي ومراسه في (المشارعة)، كان من القوة الأمر الذي شكل حاجزاً أمام مرامي الزوج الذي كان يطالب -على حد قول سعادة- بإحضار زوجته مقيدة. "كان عبدالوالي يرد عليه القيد للرجال وليس للنساء.. هذه رجلي فمد رجلك لنتقيد". وذكرت سعادة أن شقيقها عبدالوالي أمضى حوالي سنة في (مشارعة) ابن عمها، حتى حُكم بطلاقها مقابل أن تترك للزوج كل ما حملته من عفش إلى بيت الزوجية. "كنت أكرهه من كل قلبي". تقول سعادة التي بدت آلام ذلك الزواج بادية على حديثها. الدِّيك المنتقم تعود أسرة إسماعيل علي الجوفي إلى قبيلة "ذو حسين" في محافظة الجوف. ويعتقد إن الجوفي، الجد، قدم إلى حيفان ليشغل وظيفة قاضٍ ثم تزوج من المنطقة واستقر فيها. وذكرت سعادة أن الأسرة كانت تضم عدداً كبيراً من الأولاد والبنات لخمس زوجات آخرهن أم سعادة وعبد الفتاح، عاشوا جميعاً في بيت الأب إسماعيل الذي كان يعمل معلماً للقرآن. وقالت سعادة أن أهالي القرية كانوا ينادونها "ابنة الفقيه" وأنه كان هناك سمسرة للجمال تقع بجانب المنزل. وأن نحو 50 صبياً وصبية كانوا يتلقون القرآن تحت شجرة "الإثابة"، حيث كان الوالد إسماعيل الجوفي يعلم القرآن لأطفال القرية. وفي أواخر حياته يُصاب بمرض يعتقد أنه الباسور. وتصف سعادة كيف تورمت رجلاه وظهرت عليهما الجراح وكيف أن امرأة كانت تأتي لتسم والدها بالنار. قبل وفاة إسماعيل الجوفي حدث أن الدار تهدمت، فانتقلت الأسرة آنذاك إلى منزل مكون من حجرة واحدة "ديمة" بناها الأب قرب المسجد. ولم يكن هناك من يقوم بتعليم القرآن في قرية الأشعب سوى والد سعادة وشقيقه. وتتذكر سعادة بأن والدها، على عكس عمها، لم يكن يطالب تلامذته بجلب البيض والسمن والدجاج كما لم يكن يضرب أياً من أبنائه وبناته إلا عندما يتقاعسون عن حفظ القرآن أو أداء الصلاة لكنه "كان يضرب ضرباً خفيفاً". وقالت سعادة أن والدها كان يطلب بعض السمن فقط عندما يطلب منه أهالي الموتى قراءة القرآن على قبر الميت". كان يستخدم السمن لإشعال القناديل". وتتذكر سعادة أن والدها كان يحمل الجنبية (الخنجر اليمني) عندما يكون ذاهبا إلى "مقر الحكومة" أو لعقد قران. ولا تتذكر سعادة أن أهالي القرية كانوا يعتبرون أفراد أسرة الجوفي أغراباً. وحكت سعادة ما يشبه الخرافات، ومن ذلك أن والدها كان يخبرهم بأنه أثناء أداءه الصلاة في المسجد بمفرده كان يسمع صوتاً يردد بعده "آمين" وحين يلتفت لا يجد أحداً.. ومن الحكايات الغريبة أيضاً أنه وبعد موت عمها كان ثمة ديك يقف على قبر العم ثم يشرع بالصياح. ظل الديك على حال الصياح هذه إلى أن أعتقت ابنة المتوفى أباها برد ما كان يأخذه من بيض ودجاج إلى أهالي تلامذته الصبيان. وحول طفولة شقيقها الأصغر عبدالفتاح تتذكر سعادة رعيهما معا لقطيع الماشية الخاص بالأسرة. وقالت أن فتاح كان يجلب الماء على كتفيه في تنكات. واصفة إياه بالذكي، وقالت انه خلال فترة مابعد الظهيرة كان يلعب كرة مصنوعة من الخرق تخيطها له والدته التي كانت واحدة من ثلاث نساء في القرية يعملن بالخياطة باستخدام إبرة اليد. وتشير سعادة إلى أن قطع القماش كانت تشترى من باعة يعبرون القرية. وتتذكر سعادة ألعاباً شعبية مارستها في طفولتها مثل "الكسيبة"، "القار"، "البتارة"، و"الشعوريور". وهي قالت أن والدها ووالدتها كانا يتناولان القات يوم الخميس فقط. يجلبه الوالد من سوق القرية. وكغالبية سكان الريف خلال النصف الثاني من القرن العشرين، كانت أسرة الجوفي لا تذبح دجاجة إلا في المناسبات. أما الخرفان فتذبح فقط في عيد الأضحى. ولفتت سعادة إلى أن أفراد الأسرة كانوا يحفظون ثياب عيد الفطر إلى عيد الأضحى. وفي الأيام العادية كانت الوجبات الرئيسية متشابهة تقريباً:عند الفطور يقدم "المُقَلَبْ"، و"اللحوح" أو الشعافة (خبز الطاوة) مع قهوة بدون سكر. وللغداء عصيدة بالحقين، و العشاء "شعافة" أو الدجر (فول الصويا). ويتم تحضير "المُقَلَبْ" بمزج كمية من الطحين بالحقين ثم توضع العجينة على الملحة (طاوة من فخار).وحسب سعادة فإن الوالد لم يكن يتناول الحليب صباحاً. إذ كانت الأم تدبش الحليب (ترجُّه) لتحضير الحقين ليحفظ للغداء. في الشيخ عثمان بعد مضي ثلاث سنوات على وفاة الوالد،عانت الأسرة أوضاعاً صعبة: "لم نكن نحصل سوى على ريالين". ثم جاء الأخ الأكبر محمد ليأخذ سعادة وعبدالفتاح وإدريس ولطيفة ليستقروا معه في عدن، فيما ذهبت الأم إلى منزل والدها في الأعبوس، وبقي عبدالوالي -الأخ الأكبر غير الشقيق- في القرية. وفيما بعد ستعود لطيفة، كبرى أشقاء وشقيقات سعادة، لتتزوج وتستقر في القرية، كان ذلك قبل أن تتزوج زوجها الحالي فضل محسن رفيق فتاح والقيادي السابق في الحزب الاشتراكي. كانت أسرة محمد تسكن "الشيخ عثمان" و كان محمد يعمل طباخاً في "كريستن هوتيل" على ما قالت سعادة،. وعدا محمد كان هناك عبدالجليل وأحمد، وهما أيضاً شقيقان لسعادة وعبدالفتاح. وتقول سعادة أن عبدالفتاح بقي في التواهي حيث التحق بمدرسة هناك. وفي تلك الفترة لم يكن يزور منزل الأسرة في "الشيخ عثمان". أما عبدالجليل فكان يعمل مقاولاً، ما أتاح لإدريس وعبدالفتاح العمل معه إلى جانب مواصلة الدراسة. بعدئذ انتقل فتاح إلى مدرسة في الشيخ عثمان ثم إلى البريقة. وتتذكر سعادة انه وخلال إقامة فتاح في عدن -تقريبا في الفترة التي بدأ فيها نشاطه الوطني ضد السلطات البريطانية- كان هناك ثمة من يقول له ساخراً: "أنت يابو معجر ستطرد البريطانيين؟" أبو معجر حسب سعادة كانت تطلق آنذاك على القادمين من مناطق الشمال "الجبالية". و طبقاً لشقيقة فتاح فان السخرية مردها أن فتاح كان نحيلاً. وهي قالت أن فتاح كان نادراً ما يسافر إلى القرية. ولازالت سعادة تتذكر أحداث المواجهات مع السلطات البريطانية في عدن وقيام الشرطة بتوزيع صور شقيقها كمطلوب. آنذاك، أيضاً، وأثناء بحث السلطات البريطانية عنه كان عبدالفتاح يزور الأسرة خلسة، كما تقول سعادة، التي ذكرت أنه كان يروي لهم بأنه كان يبقى ما يقارب العشرة أيام بدون أكل. وقالت سعادة أن فتاح في إحدى المرات اختفى لمدة طويلة، ما أثار قلقهم عليه. اعتقالات تعز بقيت سعادة في عدن 3سنوات تقريبا وفي تلك الفترة خُطبت ثم رحل خطيبها إلى السعودية قبل أن يعود ليتزوجها. وبكت سعادة جراء تذكرها لحظات أليمة عرفتها حياتها كما بكت لفقدها شقيقها" الحنون". ومن تلك الذكريات أنها وأثناء سكنها "الشيخ عثمان". حدث أن شقيقها محمد ضربها. كان ذلك بُعيد إنجابها لمولودها البكر الذي كان يعاني نوبات إغماء. وقالت انه وخلال إحدى الليالي أغمي على الرضيع فأخذت تصرخ مما أدى إلى إيقاظ شقيقها الذي أخذ بضربها. وعلى حد قول سعادة فإن عبدالفتاح وقف إلى جانبها. وتتذكر انه قال لشقيقه أنت كبير ولا يجوز أن تضرب أختي. وأشارت سعادة إلى إنها أنجبت أولادها: جابر، شوقي، توفيق في عدن، ثم رحلت وزوجها، بعد عام 1967م تقريباً، إلى القرية حيث امضوا هناك حوالي السنة ونصف السنة. وقالت سعادة أن زوجها كان يملك سيارة يؤجرها من القرية إلى تعز وعندما حصل على عمل عند الأمريكيين انتقلنا معاً للإقامة في مدينة تعز. ثم انتقل مقر السفارة الأمريكية من تعز إلى صنعاء، مما اضطر زوج سعادة الذي كان يعمل طباخاً إلى أخذ أسرته معه. شتات الأسرة صورة شبه ملتبسة وغير حنون تعطيها سعادة لزوجة شقيقها محمد، دون أن تشير إلى اسمها، تقول سعادة أن زوجة الأخ كانت قاسية في تعاملها معها ومع شقيقها عبدالفتاح. وتصفها بالشخصية "الموسوسة". وبحسب سعادة فإن زوجة الأخ كانت تعارض زواج عبدالفتاح. ونعلم من حديث سعادة أن فتاح تزوج من قريبة له من جهة الأم. وقالت سعادة أن عبدالفتاح تزوج في حفل أقيم في منزل حماه في قرية "الأعبوس"، وبعد حفل الزفاف غادر فتاح وعروسه إلى عدن. لا تذكر سعادة معلومات كثيرة عن شخصية الأم سوى أنها بعد وفاة زوجها إسماعيل الجوفي، ذهبت إلى "الأعبوس" لتبقى في بيت أهلها. ويبدو أن أم سعادة كانت آنذاك لا تزال في سن الشباب وهي كانت كما نعلم آخر الزوجات الخمس لمعلم القرآن إسماعيل الجوفي الذي لم يكن يميز بين أبناء زوجة وأخرى بحسب ما قالت سعادة التي تتذكر أيضاً أن والدتها كانت تتصف بالرقة ولا تعرف عنها أنها ضربت أطفالها. وعلى ضوء ما روته سعادة فإن الأسرة عانت ما يشبه الشتات. حيث ظلت الأم في القرية فيما رحل الأبناء والبنات إلى عدن. لم تمكث سعادة في عدن سوى حوالي 3 سنوات لتغادرها إلى تعز ثم إلى صنعاء. وخلال فترة قيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي تبوأ فيها عبدالفتاح إسماعيل مناصب عدة، بقيت الأم في القرية وكانت ترفض دعوة ابنها فتاح المجيء إلى عدن للعيش معه. وعندما ماتت الأم في القرية لم يحضر أي من عبدالفتاح أو لطيفة أو سعادة مراسم الدفن، وقالت سعادة أن شقيقها فتاح كان وعد والدته قبل وفاتها، بأن يبني لها بيتاً من غرفة واحدة "ديمة". لكنه لم يفعل. فماتت الأم من دون أن تتحقق رغبتها. وطبقاً لما قالته سعادة فإن الأم لم تتلق مالاً من ولدها فتاح سوى مرات قليلة ومبالغ ضيئلة. سعادة ذكرت زيارات قليلة قامت بها الأم إلى عدن لرؤية ولدها فتاح لاسيما بعد عودته من منفاه في الاتحاد السوفيتي. وطبقاً لما روته سعادة فإن الأسرة لم تحز أملاكاً بعدما أوصى الأب إسماعيل بأن يؤول كل ما بحوزته من أراضٍ إلى الوقف. حمى السياسة لم تكن الأسر العادية لوحدها من عانت جراء حمى التشطير. أسر عدة ظلت قبل 1990م مقسمة بين شمال وجنوب اليمن لا تتوفر لها فرص الزيارة سوى في أوقات قليلة وفي ظروف تتسم بالتعقيد. بيد أن أسرة الشخصية الأبرز داخل النظام السياسي الذي كان يحكم آنذاك الشطر الجنوبي، عانت بدورها ذات المعاناة وأشد تقريباً. وتورد سعادة أحداثاً مجزأة وتفاصيل قليلة عن مراحل وأحداث هامة شهدتها علاقة الشطرين، وكل شطر على حدة. وتتذكر سعادة سنوات يُعتقد أنها تنتمي لعقد الستينات من القرن الماضي، إثر تشكل الجبهة القومية ولحظة تواجد القوات العسكرية المصرية في شمال اليمن. وقالت سعادة أن عبدالفتاح كان يأتي إلى تعز، حيث كان يلتقيها خفية وعن طريق أشخاص من خارج الأسرة. كما كانت، اللقاءات، تعقد في منزل شخص غير قريب. وتتذكر سعادة التي كانت تسكن وزوجها حارة "السواني" في تعز حادثة اعتقال عبدالفتاح في تعز ونقله إلى صنعاء، ثم إلى معتقل في العاصمة المصرية القاهرة. كان ذلك خلال فترة السيطرة المصرية في اليمن الشمالي إثر اشتداد الخلاف بين الجبهة القومية وجمال عبدالناصر. بعد إعلان دولة الاستقلال في جنوب اليمن 1967م. بقيت سعادة حوالي 18 عاماً لا تلتقي شقيقها عبدالفتاح. وهي قالت إنها لم تتمكن من زيارة عدن إلا بعد أن "فُتحت الحدود" بين الشطرين. كان ذلك إثر "عودته من الاتحاد السوفيتي" المنفى الاختياري لفتاح . بعدئذ زارته في منزله الواقع على جبل "هيل" مديرية التواهي" عدن، وقالت إنها بكت أثناء اللقاء. ونعلم من حديث سعادة أنها مكثت هناك حوالي أسبوعين وأنها في كل المرات التي كانت تذهب فيها إلى عدن كانت تسافر بمفردها وان أقارب ومعارف الأسرة كانوا ينصحونها بأخذ الحيطة والحذر. سعادة لفتت إلى أنها كانت تسافر بوثيقة هوية تحمل اسم سعادة إسماعيل الجوفي، وقالت أن فتاح عرض عليها أن تستقر وزوجها في عدن إلا أن زوجها الذي لم يسافر إلى عدن منذ زواجهما، رفض ذلك. وقالت سعادة أنها وخلال رحلاتها إلى عدن كانت تشعر بالخوف لكونها شقيقة الزعيم الأبرز في الحزب الاشتراكي الحاكم في الجنوب. لكنها أشارت إلى أنه لم يسبق وأن اعترضتها السلطات الأمنية الشمالية في النقاط الحدودية سوى مرة واحدة في مطار صنعاء إثر عودتها من عدن. حيث طلب منها عدم مغادرة المطار إلا بعد حضور زوجها. سعادة أرجعت ذلك إلى أن وجهة التصريح الذي كانت الجهات الأمنية تمنحه للمسافرين، لم تكن صنعاء. وخلال حديثها تطرقت سعادة إلى أحوال منزل شقيقها على ضوء زيارتها له وهي ذكرت بعض عادات شقيقها، و قالت أن عبدالفتاح خلال وجوده في المنزل كان يبقى هادئاً في الغالب وأحياناً يتعاطى القات. ويفهم من حديثها أنه كان يستفسر عن أحوال أفراد الأسرة في الشمال. فيما كانت سعادة تروي له ذكريات الطفولة. وتصف سعادة أثاث منزل شقيقها بأنه كان بسيطاً جداً رغم المكانة الكبيرة التي كان يشغلها صاحبه داخل السلطة الحاكمة في الجنوب. وقالت سعادة: "عندما كنت أنزل عندهم كنت اشعر بالأسى، إذ لم يكن معاهم مخدة (وسادة) لو جاء ضيف عندهم". وتتذكر سعادة أن المنزل كان يحتوي على حوالي ثلاثة أو أربعة كراسي في الصالة، وكانت هناك غرفة نوم قديمة "مِدْرِي من حق متى". وهي قالت أن أسرة شقيقها كانت تطبخ "دستا" (قدرا) من الفاصوليا، وأحياناً تشتري لحمة أو سمكاً. مشيرة إلى أن فتاح كان يحبذ تناول عصيدة الذرة الحمراء. وتتذكر سعادة أن فتاح، عند زيارتها له بعد عودته من الاتحاد السوفيتي، أعطاها تذكرة طيران ومبلغ 800 شلن. ولفتت سعادة إلى أن زوجة شقيقها كانت تفسر شحة ما يعطيه فتاح لأفراد أسرته لكون فتاح "ليس مغترباً ولا يشتغل". وقالت سعادة أن منزل بنات أخ عبدالفتاح اللاتي كن في عدن، خلا (كان خالياً) من جهاز تلفزيون و آلة الطبخ بالغاز". ولا تعتقد سعادة أن ذلك كان بخلاً من شقيقها "هو حنون شندي (سيعطي) عيونه.. لكن اما أنه كان مايفتكش (لا يجرؤ) أو أن عليه مسؤولية.. يخاف من أن يقول له الله ليش هكذا فعلت". وقالت سعادة أن أوضاع أسرة عبدالفتاح لم تتحسن حتى عندما كان شقيقها على رأس هرم السلطة. وذكرت سعادة أن عبدالفتاح عندما كان يقال له لماذا لا تعطي خواتك. كان يرد "من فين أجيب لهم (أعطيهم)... من حق الشعب؟". أحداث 13 يناير لا تملك سعادة تفاصيل دقيقة حول ما جرى يوم 13 يناير 1986م من اقتتال تفجر أثناء اجتماع لقيادات "الحزب والدولة". سعادة التي زارت عدن بعد الأحداث استخدمت صيغة "قالوا" لرواية ما جرى. وتروي سعادة بأن شخصاً لا تذكر اسمه كان، كما قيل لها، بجانب عبدالفتاح، وأنه على اثر إطلاق الرصاص على أعضاء المكتب السياسي الذين كانوا في صالة الاجتماعات نزع - الشخص- ستارة ليستخدمها في تضميد جراح عبدالفتاح وأنه قال للمصاب "ألم أخبرك بذلك ولم تصدقني". وفيما بات شبه مؤكد أن عبدالفتاح قضى في انفجار دبابة كانت تحاول إنقاذه، إلا أن سعادة لا زالت تشعر على حد قولها بأن شقيقها لازال حياً، .مستدلة على ذلك بعدم العثور على أي أثر لجثمانه كبقية الذين قضوا في تلك الأحداث. وحين سئلت أين تتوقع أن يكون إذا ما كان حياً؟. ردت سعادة "لا يعلم ذلك إلا الله". وعن المسئول عن مقتل شقيقها عبد الفتاح أجابت سعادة: "لا أعلم! ماقدرش (لا أستطيع) أن أظلم أحداً... الذي ظلمه مصيره معه". ولفتت إلى أن "كلام الناس كثير". ولا تعلم سعادة سبب الاقتتال الذي نشب بين فرقاء في الحزب الحاكم آنذاك، وأسفر عن قتل أعداد كبيرة. وذكرت سعادة أنها وحين زيارتها أسرة عبدالفتاح وجدت أفراد الأسرة في حالة يرثى لها، حيث انتقلت أسرة فتاح بعد الأحداث من "التواهي" إلى "خور مكسر". وقالت سعادة أن الأسرة روت لها كيف أنهم خرجوا حافيين ليختبئوا أثناء القتال في إحدى العمارات ولم يعثر على أفراد الأسرة إلا بعد أسبوع حيث تم نقلهم إلى "خور مكسر". زوج سعادة لا تذكر سعادة تفاصيل كثيرة عن زوجها سعيد سوى أنه لا يكترث بالسياسة "من أهل الله... من شغله إلى بيته". وتصف سعادة زوجها سعيد ب"المسالم" وقالت انه لم يسبق وأن اعتدى عليها، وهو كما نعلم منها من أب من "الأعروق" وأم من "الأغابرة". ونفت سعادة أن يكون لزوجها صلات سياسية مع فتاح أو غيره أو أن تكون هي قد عملت ما يشبه ذلك. وحتى وفاته كانت سعادة أنجبت لسعيد خمسة أولاد وبنتاً واحدة. وفي بيت الأسرة حيث جرى اللقاء مع سعادة كانت هناك لوحة معلقة في الغرفة تجمع سعادة وزوجها في سن الشيخوخة، وفي اللوحة التي رسمها زوج ابنتها التشكيلي ورسام الكاريكاتور عبدالله المجاهد، نقلاً عن صورة فوتوغرافية، بدت سعادة بقامة أطول من زوجها لكنها الآن تعاني من أمراض القلب والسكر. |
ياهو لايعجبك العجب ولاالصوم في رجب خل على ينقلع من على الكرسي اولا ونشوف فعل ياسين بعدجرب مابنخسر أكثرمماخسرنا
ثانيا لاتستعجل يمكن علي عبدالله يرشح نفسة وهذه المرة المطلوب انتخاب مدى الحياة وبلاش تظييع وقت الدولة والشعب واموالهم وذلك لأنه في وطننا العربي لايوجدشئ اسمه الرئيس السابق عدا لبنان ولاينقذالشعب من الرئيس الاواحد من اثنين انقلاب ويصفونه بانه منحرف متأمر انفصالي مندس سرق نهب البلدوهلم جرمن النعوت أو عــــــــــــــزرائيل عليه السلام مخلص الامة من طواغيتها0ايهما اسرع هو المخلص والله المستعان واخيرا واعتقدانه الاصح حزب المؤتمرهم الاغلبية لذا يكون الرئيس منهم وبيت الاحمر هم القاده لذا يقف الشعب هنا ويطلع الرئيس طبعا احمر |
سلق التاريخ استخفاف بعقول الناس وهروب من قضايا المستقبل! [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] محمد سعيد عبد الله (محسن) الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان لي شرف الانتماء إليه منذ التحقت بحركة القوميين العرب عام 1963م الفصيل الرئيسي المكون للجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل التي تشكلت في العام 1963م وتكونت من عدد من التنظيمات المنظمات السياسية اليمنية، وقادة النضال المسلح ضد الاستعمار البريطاني، وعملائه وحققت الاستقلال الوطني بفضل الدور العظيم لشعبنا بكل قواه الوطنية والسياسية في الثلاثين من نوفمبر 1967م وبموجب اتفاقية 5 فبراير 75م توحدت الجبهة القومية واتحاد الشعب والطليعة الشعبية ليصبح بعد ذلك التنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية وتواصل الحوار مع عدد من الأحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة اليمنية (الجمهورية العربية اليمنية سابقا) وتكون الحزب الاشتراكي اليمني من 8 أحزاب وتنظيماًت سياسية 3 من الجنوب و 5 من الشمال والذي أعلن عنه في المؤتمر العام الأول في 14 من أكتوبر من عام 1978م ليشمل ساحة الوطن اليمني كله، هذا الحزب العظيم الذي حقق العديد من المنجزات الوطنية الطيبة في مختلف المجالات لا يمكن لعاقل نكران هذه الانجازات أو القفز عليها مهما كانت الغيرة أو درجة الخصومة السياسية أو حتى الحقد، أقول إن هذا الحزب يملك من التاريخ والخبرات السياسية المتراكمة من خلال مسيرته النضالية منذ نشأته على الساحة الوطنية اليمنية قبل قيام الثورتين وحتى اليوم ما يمكنه من تجاوز وتخطي المصاعب، وكل ما يزرع في طريقه من عراقيل، على الرغم من الخسارة الكبيرة لعدد من المناضلين وقياداته التاريخية المجربة نتيجة الخلافات والصراعات الداخلية المتتالية. إن العمل المنظم لتشويه تاريخ هذا الحزب وقياداته المتعاقبة منذ نشأته وحتى اليوم لا يمكن ايجاد تفسير محدد له سوى أن الآخرين يستجرون الماضي ويعملون على الهروب من التصحيح و الاصلاح السياسي والاقتصادي والوطني من أجل تنمية إنسانية مستدامة ومواطنة آمنة مستقرة ومتساوية، ولو نظروا لأنفهسم وراجعوا ما ارتكبوا وما مارسوا من أخطاء لوجدوها أكبر من أن يتصورها عقل ولكنهم نتيجة لمكابرتهم لا يعترفون بها.. الحزب الاشتراكي على عكس الآخرين تماما فهو لا يكابر ويعترف بالثغرات والسلبيات والأخطاء والسياسات التي وقع فيها لأسباب مختلفة نحن ليسنا بصدد تقييمها الآن، فذلك متروك لباحثين ولمؤرخين محايدين ليس لهم خصومة معه أو مع تاريخه أو مع خصومه سواء قبل الاستقلال أو عندما كان حاكما للجنوب من 30 نوفمبر 63م إلى 22 مايو 90م باحثين لا يسعون لتوظيف الصراعات لأهداف ومقاصد سياسية وغيرها، أقول إن هذا الحزب كان وما زال وسيظل حاملا لمشروع تحديثي وطني نهضوي كبير لهذا الوطن معتمدا على كل القوى الخيرة وجماهير الشعب، فهو يمتلك الرؤية البرنامجية والسياسية، هو ليس راكنا أو جامداً وإنما يتطور وتتجدد رؤاه في ضوء المتغيرات والمستجدات المحلية الوطنية والإقليمية والدولية، متمسكا ببرنامجه ونظامه الاجتماعي السياسي ومخلصاً لمصالح وأهداف وتطلعات الشعب اليمني، فهو لا يمكن له أن يبقى مرواحا أو مقيداً بخصومة الماضي، فقربه من هذا الحزب أو ذلك من هذه القيادة أو تلك يتحدد من خلال موقفهم من إزالة مخلفات الصراعات المتتالية ومصالح وقضايا الشعب الأساسية ومستقبل الوطن وتحديثه. إن المراجع المنصف المحايد يمكن له بالمراجعة لتلك الأهداف التي وضعها في أول بيان له وفي ميثاقه الوطني للجبهة القومية المقر في 22/6/1965م في مدينة تعز والذي ناضل من أجل تحقيقها وما حقق منها والمحددة بـ5 أهداف رئيسية وهي: 1- التحرر التام من الاستعمار سياسياً واقتصادياً لكل مناطق الجنوب (الغربية والشرقية) والجزر التابعة لها. 2- تصفية القاعدة الحربية البريطانية الاستعمارية من عدن وكافة فروعها في مناطق الجنوب (الغربية والشرقية) والجزر التابعة لها دون قيد أو شرط. 3- اسقاط الحكم السلاطيني الرجعي العميل. 4- استرجاع الأراضي والثروات المسلوبة واعادتها للشعب. 5- تحقيق وحدة الشعب العربي في اقليم اليمن سيرا نحو وحدة عربية شاملة. إن الحكم على الحزب ينبغي أن يكون بعيداً عن الخصومة السياسية وبعيداً عن عقلية الحاكم أو الثأر القبلي، فما حققه الحزب من هذه الأهداف وانجازات يمكن تكون حكما للتقييم الموضوعي والعادل لتجربته سلبا وايجاباً كجزء لا يتجزأ من التجربة الوطنية اليمنية بالرغم أن الحديث مع الأسف اليوم انحصر عند اهداف ثورة 26 سبتمبر 62م فقط والتي تتصدر الصفحات الأولى من كل صحيفة من الصحف اليمنية وهو أمر يثير الاستغراب والحيرة والتساؤل لهذا التمييز والتفريق بين الثورتين مما يخلق الضغينة والغبن لدى اليمنيين لتجاهل ثورة الرابع عشر من أكتوبر 63م التحررية الوطنية في الجنوب وكأنها ليست يمنية حتى تاريخ 11 فبراير وهو التاريخ الذي صدر به قرار جمهوري عام 67م وحدد ليكون يوما للشهداء الغي وكأنهم ليسوا شهداء ومؤخراً وفي هذا العام 2006م تم ازاحة النصب التذكاري لشهداء ثورة 14 أكتوبر 63م الذي افتتح من قبل المناضل قحطان محمد الشعبي أول رئيس للجمهورية مباشرة الاستقلال في حديقة التواهي عام 67م كما أن من يراجع كافة وثائق مؤتمرات الحزب قبل وبعد الاستقلال في المؤتمر العام الرابع من مارس 68م وبرنامج استكمال مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي في النصف الأول من عام 69م وبرنامج مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية في المؤتمر العام الخامس في مارس 72م وغيرها من البرامج والقرارات التي خرجت بها مؤتمراته المتتالية ودورات القيادة العامة منذ أول يوم للاستقلال ودورات اللجنة المركزية قبل الوحدة وبعدها وآخرها وثائق مؤتمره العام الخامس الأخير من 26-31/7/2005م يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه حزب وحدودي يمني وجد لخدمة الناس ومن أجل مصالحهم، فهو لم يأت إلى السلطة خلسة من أجل أن ينهب ثروات الشعب أو يستحوذ على كل مفاصل السلطة، ولم تأت قياداته المتعاقبة منذ أول رئيس للجمهورية قحطان محمد الشعبي ليبني القصور وليحوش ويتاجر بالأراضي ويبيع القطاع العام، ويجمع النقود ويفتح الأرصدة في الداخل والخارج، فليس هناك من أمين عام أو رئيس للجمهورية قحطان محمد الشعبي ليبني القصور وليحوش ويتاجر بالأراضي ويبيع القطاع العام ويجمع النقود ويفتح الأرصدة في الداخل والخارج، فليس هناك من أمين عام جمهورية أو رئيس وزراء أو وزير منذ أول يوم للاستقلال منذ 30/11/67م حتى - 22 مايو 90 يوم توحد الوطن اليمني من بنى منزلاً شخصياً له أو كان يملك قطعة أرض او حساباً في أي مصرف داخلي أو خارجي، لأنهم كانوا صادقين أوفياء للقسم الذي اقسموه عندما تحملوا المسؤولية كصدقهم مع أنفسهم لأنهم ظلوا منذ بداية حياتهم السياسية متمسكين بقيم وتقاليد وأنظمة لا يمكن لأي منهم تجاوزها، ومهما حاول البعض اليوم التجني عليهم بتشويه تاريخهم وتاريخ هذا الحزب أو النيل منه نتيجة خصومة الماضي السياسية، وإثارة الفتن والنعرات المذهبية والقبلية و يتهربون اليوم من الاعتراف بها كثقافة تشدهم في ممارستهم اليومية مستغلين ومسخرين إمكانيات وأموال الشعب والدولة يجيرون كل ذلك ضد الحزب وضد خصومهم السياسيين من الأحزاب والتنظيمات السياسية عند كل استحقاق. إن هذا الحزب الذي كان له دور في تحقيق الاستقلال الوطني، ووحدة الجنوب اليمني وتحقيق منجزات عظيمة عديدة خلال حكمه للجنوب، كان له شرف عظيم في تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 90م فبدونه ما كان يمكن للوحدة التي يستثمرونها لصالحهم على حساب الشعب أن تتحقق. إن هذا الحزب لا يمكن له إلا أن يظل حزباً وطنياً يمنياً ديمقراطياً وحدودياً يناضل مع كل القوى السياسية وكل الخيرين في هذا الوطن يعمل من أجل إزالة آثار حرب 94م بكل نتائجها، وكل الحروب الداخلية المتتالية..من أجل بناء دولة وطنية ديمقراطية، قائمة على الحقوق والمواطنة المتساوية، والعدالة الاجتماعية، محافظا ومتمسكاً بالوحدة اليمنية بمضامينها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الانسانية، يعمل من أجل مصلحة الانسان اليمني واستقراره وسعادته وتقدمه الاقتصادي والاجتماعي وسيادة سلطة الدستور والقانون، مهما تنكر البعض منهم منتفعين من الأوضاع الحالية، لدوره وتاريخه، واسهاماته وشنوا هجومهم المتواصل والظالم على تاريخه، وعلى قياداته المتعاقبة، الأحياء منهم والأموات أو أنكر أو تنكر اليوم منهم في المواقع الحالية لدوره لا يمكن أن تثنيه عن نضاله في سبيل هذه القضايا.. وعلى من تنكروا اليوم لدور الحزب، عليهم أن يتذكروا أن هذا الحزب هو من أوصل كثيرين منهم إلى المواقع والوضع الذين هم فيه لأنه ذهب إلى الوحدة لتحقيق شعاره ( لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية) كهدف ظل الحزب والحركة الوطنية يناضلان من أجل تحقيقه بنية صادقة. لقد حقق الوحدة معهم لأنه كان يعتقد أنهم بحجم القضية، كان هدف الحزب أن السلطة والثروة ينبغي أن تسخرا لمصلحة الانسان في الوطن اليمني كله، من أجل استقرار اليمن وتحديثه وتقدمه.. لم يكن يدر بخلد أحد أنهم يخططون لتصفية ثارات في ضوء حسابات قديمة في نفوسهم تتحكم في سلوكهم تصدرها تراث ثقافي مستحكم في عقولهم، معتبرين بأن كل شيء ملكا لهم.. الأرض وما عليها، واعتبار الآخرين من بقية الشعب مجرد ضيوف ثقال وفي أحسن الأحوال شقاة ورعية. هناك من قال إن الفساد لم يكن موجوداً قبل الوحدة، وربما أن جزءاً من هذا صحيح لأن الثروات وفي مقدمتها النفط لم تكن موجودة كما هي اليوم، وان الأراضي التي حافظ عليها النظام في الجنوب زراعية وغيرها لم يتم التصرف او المضاربة بها، وأن البيع والمتاجرة كان محرماً وممنوعاً، على عكس ما حدث بعد حرب94م حيث أصبح المال العام والثروات العامة والوظيفة العامة بيد مجموعة محددة.. كما أن القيادات العسكرية وعلى الأخص في الجنوب لم تكن تتدخل في الشؤون المدنية أو الأراضي، ولم تكن هناك رديات من رواتب الجنود الغلابة تنهب، وان التهريب عبر الشواطئ وغيرها لم يكن موجوداً، بل أنه في المحافظات الجنوبية كان ذلك يعتبر جرماً ومحرماً وكان تطبيق القانون رغم نواقصه أفضل بما لا يقاس اليوم، وكان الناس متقاربين في معيشتهم وفوق ذلك فقد كانت قيم الأمس غير قيم اليوم.. المطلوب، إذن هو تصحيح هذه الثقافة وهذه الممارسات. الوحدة التي تحققت في 22 مايو 90م كما قلنا ظلت هدفاً لنا كحزب منذ بداية النشأة، ولا يمكن أن نندم مهما كانت النظرة الدونية من قبل من هم في السلطة للحزب الذي بدونه ما كان يمكن تحقيق الوحدة ومهما كانت الآلام والمتاعب والأنين والتفرقة وانعدام المساواة، وضياع الحقوق، وما نراه من فساد ونهب لثروة الشعب وغياب سلطة القانون، لأن المشكلة ليست في الشعب ولا في الوحدة، وإنما بالنظام السياسي وبسلوك البشر الذين يديرون شؤون هذا الشعب ويتحكمون بكل شيء متجاوزين في الغالب الدستور والقانون،معتمدين على قانون القوة وليس قوة القانون، لم يستوعبوا ويدرسوا تاريخ وتجارب الشعوب جيدا وما حدث في العديد من البلدان، لم يدركوا أن، البشر ليسوا خالدين (لو دامت لغيرك ما وصلت إليك) وأن الظلم لا يمكن أن يستمر، لأن الشعوب لا تقبل أو ترضى باستمرار القهر والإذلال، واستخدام القوة، إلى ما لا نهاية، فمن داخل الشعوب تنبري قوى التغيير من أجل اصلاح الاوضاع في مختلف المسارات. وبالعودة قليلا إلى ما بعد حرب صيف 1994م فقد اطلق الحاكم بعد انتهاء الحرب حكما سياسيا مباشرا من خلال عبارته المشهورة.. (إن على الحزب الاشتراكي اليمني أن يبقى 25 عاماً خارج السلطة، يجب محاصرته، وعدم تمكينه من الاستقرار والنشاط والتوسع) وكان تقديره إن الحزب الاشتراكي اليمني خلال هذه الفترة سوف ينتهي لأنه كما قيل مثل السمكة عندما تخرج من البحر تموت، ولهذا لم يتم حله كما كان يطالب البعض من داخل الحاكم فور انتهاء الحرب ولكن استبدل حله بتضييق الخناق عليه واتخذت سلسلة من الإجراءات ضده لا زالت سارية المفعول حتى اليوم، فقد وضعت امواله ومقراته ووثائقه وإمكانياته الفنية تحت اليد، وتم اقصاء اعضائه وانصاره من الوظيفة العامة ومن المؤسسات المدنية والعسكرية، بل لقد ارغموا على البقاء في بيوتهم قسراً وبدون أي مسوغ قانوني ومن بقي منهم يحالوا بين فترة وأخرى تحت مبررات مختلفة إلى التقاعد وظل الهجوم متواصلاً ومنذ نهاية 1994م بوتيرة متواصلة على الحزب وتاريخه وقياداته المتعاقبة، وعلى مختلف المستويات بمناسبة وبدون مناسبة والمثل يقول (الذي ما يقدر يجازيك يعاديك) كان عليهم أن ينظروا بصدق مع النفس كيف كانوا بالامس قبل 22 مايو 90 م وكيف هم اليوم. الآن بعد مرور 12 عاما على انتهاء كارثة الحرب، ورغم كل ما عمل ويعتمل ضد الحزب ابتداء من الاستخفاف بعقول الناس وسلق تاريخ الشعب، وتشويهه لمجرد خصومة سياسية أو لثقافة متأصلة هدفها الأول والأخير الانفراد والاستحواذ بشؤون البلاد والعباد فإن الحزب لا زال اليوم يناضل وسط الشعب وسوف يظل يناضل مع بقية القوى السياسية وكل الخيرين في اليمن من أجل إعادة المضامين الديمقراطية الحقيقية لوحدة22 مايو 90م والجواب واضح لماذا بقي الحزب حتى الآن؟؟ لأنه كائن حي.. ولأنه لم يأت من خلال انقلاب عسكري.. الخ، وإنما من خلال ثورة شعبية مسلحة ضد الوجود الاستعماري الأجنبي وضد الإمامة شاركت فيها كل القوى السياسية في البلاد وهو صاحب مشروع تحديث وطني. إن من يريد من الآخرين أن يعلقوا ضمائرهم وأن يسكتوا عن كل تلك الأخطاء والممارسات سواء المتجاوزة للدستور والقانون، أو الفساد، وتجاوزات المتنفذين للقانون وسيطرتهم واستحواذهم على الثروة، وبتصرفهم كيفما يشاؤون بالمال العام وثروات الشعب اليمني مستغلين ومستخدمين السلطة والمال العام والوظيفة العامة والاعلام للارهاب الفكري والسياسي بطرق واساليب شتى وفي مقدمتها تزييف وتشويه التاريخ والقفز على الحقائق، وارسال رسائل مبطنة من هنا وهناك لمن ينتقد أو يشير إلى الممارسات والأخطاء لذلك نقول ينبغي عليهم مراجعة حساباتهم وخطابهم السياسي مع شركائهم في هذا الوطن وان يزيحوا تلك الثقافة التي يعتبرون بها الآخرين مجرد ضيوف ثقال. ينبغي عليهم أن يعودوا وأن يتنازلوا قليلا إلى الواقع وإلى الحوار الذي يخدم استقرار وتقدم المواطن والوطن ويساعدهم على الخروج والتقدم خطوات لمصلحة الشعب ويترجموا عملياً ما يقولون بأن الوطن ملك الجميع وأن الجميع شركاء في هذا الوطن لا رعية ولا اجراء ولا شقاة، فانتاج الازمات والدفع نحو التوتر باستدعاء ونبش مشاكل وثقافات الماضي بين فترة وأخرى من شانه الاضرار بالوحدة الوطنية وبالاجيال والمستقبل.. يقول رسول حمزتوف" لا تطلق نيران مسدسك على الماضي.. اطلق المستقبل مدفعه عليك). إن المدخل الفعلي الحقيقي لبناء أسس لنظام مؤسسي مدني حديث وسليم أساسه صيانة وكرامة وحرية وأمن واستقرار المواطن، وضمان حقوقه الدستورية والقانونية بإصلاح سياسي ودستوري وقانوني واقتصادي ومالي واداري، وضمان اجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة وبشفافية كاملة وبرقابة محلية ودولية وليس بالنتيجة وبالتصور المرسومين سلفا كما جرت العادة، فذلك يعني اعادة انتاج لما هو قائم. ومثل هذا السلوك لا يمكن أن ينطلي على أحد مثله مثل الحديث عن بناء دولة المواطنة المتساوية في الخطاب السياسي والبرنامج، وفي الواقع العملي يبنى نظام آخر كما تدل على ذلك السيطرة والتحكم بكل مفاصل الدولة المختلفة. إن الإيمان بالحوار والتمسك بالديمقراطية كحل لمعالجة كافة قضايا الوطن والمواطن ينبغي أن يتجسد ذلك كقناعة وسلوك يومي يمارس وليس المماطلة والاستخفاف بالآخرين والمكابرة والاستقواء بالسلطة، والتهرب من مناقشة القضايا الاساسية ومعالجة ما يعتمل من مآس في واقع الحياة لأن الهروب من كل ذلك يعني الهروب من الدخول في الاصلاح السياسي والاقتصادي الشامل، ومن مناقشة مسؤولة للاختلالات الموجودة، ولضمان سير طبيعي للانتخابات خال من أي تحايل أو تزوير للاستحقاقات القادمة التي ينبغي أن تكون حرة ونزيهة وبشفافية وتحت اشراف ورقابة شعبية ودولية.. أما نحن فنقول ما قاله الامين العام لحزبنا د/ ياسين سعيد نعمان:.. * رئيس الدائرة السياسية بالحزب الاشتراكي اليمني. المصدر: صحيفة الوسط (101)-الأربعاء:24 مايو 2006 م |
منظمة "الاشتراكي" في عدن تصدر بياناً في ختام أعمال دورتها الاعتيادية قالت أن إدعاء السلطة بشأن تحويل مدينة عدن إلى منطقة حرة واعتبارها عاصمة اقتصادية وتجارية مجرد شعار أجوف غير قابل للتنفيذ من قبلها، داعية لإجراء حوار وطني جاد لتحقيق انفراج في الحياة السياسية، معبرة عن ارتياحها لما وصلت إليه العلاقة بأحزاب اللقاء المشترك 01/06/2006 م - 00:38:16 أصدرت لجنة منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة عدن بياناً في ختام دورتها الاعتيادية الرابعة، تضمن جملة من القضايا الوطنية والحزبية، وشرح لما يعانيه أبناء محافظة عدن من هضم لحقوقهم الوظيفية والمدنية، والتعسف الذي طال العديد منهم، إضافة إلى ما يمر به أبناء المحافظة من ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة. وجددت المنظمة دعوتها إلى استعادة الطابع السلمي الديمقراطي للوحدة اليمنية، من خلال إزالة آثار حرب صيف 94 م، وإصلاح مسار الوحدة، وتطبيق وثيقة العهد والاتفاق وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بتلك الحرب، وتعهدات النظام للمجتمع الدولي في 7 / 7 / 1994، كمدخل طبيعي لإخراج البلد من أوضاعها المأزومة، كضمانة أكيدة لترسيخ دعائم الوحدة. وانتقد البيان تكريس ثقافة التخلف والإرهاب النفسي وترويع أبناء عدن نتيجة الاختلالات الأمنية وتزايد المظاهر المسلحة التي أدت وتؤدي إلى إزهاق أرواح عدد من أبناء المحافظة، والاستيلاء على ممتلكاتهم العامة والخاصة والمتمثلة بنهب أراضيهم والسطو عليها بالقوة، من قبل المتنفذين في السلطة. تارة عن طريق ما يسمى بالخصخصة، وتارة أخرى عن طريق تحويل ملكيتها إلى ما يسمى بالمؤسسة الاقتصادية اليمنية. وأشار البيان إلى أن الأمر بهذا الخصوص قد وصل حد تمليك "المؤسسة الاقتصادية اليمنية" المجمع السياحي بخور مكسر(الشاليهات)، بعد أن سبق واستولت "المؤسسة الاقتصادية" على المؤسسة العامة للملح بكامل أصولها وممتلكاتها وأراضيها، التي قال البيان أن "مؤسسة الملح" تعد بمثابة الرئة التي تتنفس من خلالها مدينة عدن. وحمل البيان بشدة على إهمال وإلغاء دور ووظائف ما تبقى من مؤسسات عدن الإستراتيجية، كما يجرى حالياً لمينائي عدن الجوي والبحري التاريخيين، مما يدل –حسب البيان- على أن إدعاء السلطة بشأن تحويل مدينة عدن إلى منطقة حرة واعتبارها عاصمة اقتصادية وتجارية مجرد شعار أجوف غير قابل للتنفيذ من قبلها. واتهمت منظمة "الاشتراكي" بمحافظة عدن اللجنة العليا للانتخابات لعدم حياديتها واللجان المنبثقة عنها وتفردها وإصرارها على إقصاء الأحزاب من عضوية تلك اللجان وتشكيلها من لون سياسي واحد بما يلبي رغبات ومصالح السلطة وحزبها الحاكم، وعدم تعاطيها مع ورقة الضمانات السياسية والقانونية المقدمة من أحزاب اللقاء المشترك. ونددت لجنة منظمة الحزب الاشتراكي بمحافظة عدن، تحريض المؤسسة العسكرية والأمنية ضد أحزاب المعارضة، وقالت أنه "بات من الضروري استحضار العقل والمنطق والابتعاد عن الغطرسة وسياسية استقواء الحزب الحاكم بمؤسسات الدولة، وإجراء حوار وطني جاد وحقيقي لحل مناسب وملائمة تساعد على إجراء انتخابات حرة وديمقراطية بمشاركة جميع القوى السياسية على قدم المساواة، يأتي في مقدمة ذلك تحقيق انفراج في الحياة السياسية". كما عبرت عن ارتياحها وتقديرها للمستوى المتقدم الذي وصلت إليها علاقة المنظمة بأحزاب اللقاء المشترك، التي أثمرت نتائجها الإعلان عن تأسيس اللجنة التنفيذية في المحافظة ولجان تنفيذية مماثلة في المديريات، والقيام بتنفيذ جملة من المهام والأعمال المشتركة خلال الفترة الماضية، يتمثل أبرزها برصد الخروقات والتجاوزات المتعلقة بعملية القيد والتسجيل، مؤكدة على أهمية تعزيز العلاقة بين أحزاب اللقاء المشترك على نحو أقوى وأكبر في المرحلة القادمة وتأطيرها في خطط وبرامج عملية ملموسة. كما أبدى البيان الصادر عن الدورة الاعتيادية الرابعة للجنة منظمة الحزب في عهدن، تأييده للحراك السياسي الذي شهدته العديد من المحافظات، وقال: "لعل البارز في هذا المقام هو لقائي أبين والضالع المتصلين بتعزيز روح الوئام والتصالح والتسامح وطي صفحات الماضي"، مندداً بالحملة الموجهة لتشويه هذه الفعاليات والمشاركين فيها بنعتهم تارة بتهمة الانفصالية وتارة بتهمة المشبوهين وغيرها من النعوت والتهم الباطلة التي لا تتفق وتنسجم والتاريخ النضالي وتضحيات أبناء تلك المحافظات. ودعت منظمة الحزب إلى توسيع نطاق المشاركة في تلك الفعاليات بما يضمن طي صفحات الماضي وإرساء قيم ومبادئ التصالح والتسامح، وتضافر جهود الجميع للوقوف صفاً واحداً ضد مظاهر الظلم والاضطهاد والقهر السياسي. "الاشتراكي.نت" ينشر النص الكامل للبيان البيان الصادر عن نتائج الدورة الرابعة للجنة منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة عدن المنعقدة بتاريخ 2006-5-28 م عقدت لجنة منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة عدن دورتها الاعتيادية الرابعة في تاريخ 2006-5-28 م برئاسة الأخ علي منصر محمد عضو المكتب السياسي السكرتير الأول للمنظمة، جرى خلالها الوقوف أمام جملة من القضايا والمواضيع المتصلة بهموم ومشكلات محافظة عدن وأبناءها، ومناقشة أهم وابرز الأحداث والمستجدات الجارية على الساحة السياسية اليمنية وفي مقدمتها ما أسفرت عنها نتائج عملية القيد والتسجيل في المحافظة، وما رافقتها من خروقات وتجاوزات، أخلت بنزاهة هذه العملية والتحكم بنتائجها من قبل الحزب الحاكم، كما استعرضت نشاط سكرتاريتها بين الدورتين وأشادت بالجهود الايجابية التي تمخضت عنها في المجالات السياسية والحزبية والتنظيمية والثقافية والإعلامية، وأكدت في الوقت نفسه على مواصلة النشاط بفعالية أكبر وتضافر جهود الجميع باتجاه المهمات الوطنية الماثلة أمام المنظمة بكامل هيئاتها وتكويناتها وجميع أعضاءها على طريق تنفيذ قرارات ووثائق المؤتمر العام الخامس ونتائج مؤتمر المحافظة الثامن. وفي بداية الدورة وقف الأعضاء دقيقة حداد ترحماً على أرواح فقداء الوطن والثورة والحزب وهم: 1 ـ محمد ناصر جابر 2 ـ شكيب عوض سعد 3 ـ عصام سعيد سالم 4 ـ معروف حداد 5ـ عبدالباسط سروري 6 ـ امين حمود 7 ـ الشهيد سمير علي محمد 8 ـ عبدالله عبدالرحمن 9 ـ محمد شرف ومما يزيد هذه الدورة مهابة وأهمية خاصتين هو تزامن انعقادها مع حلول الذكرى الـ (16) لإعلان قيام الجمهورية اليمنية في الـ 22 من مايو عام 90م بين النظامين الشطريين السابقين (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية)، حيث كانت مدينة عدن حاضنة تاريخية لهذا الحدث التاريخي العظيم وارتفع علم الوحدة لأول مرة في سمائها، كما كانت عدن الحضن الدافئ للحركة الوطنية في مختلف مراحل النضال الوطني، وبهذه المناسبة المجيدة توجهت لجنة منظمة الحزب الاشتراكي بعدن بالتهاني القلبية الحارة لجماهير شعبنا في محافظة عدن بصفة خاصة وكل أبناء شعبنا في كل ربوع اليمن بصفة عامة، بحلول ذكراها المحفورة في الوجدان وذاكرة الإنسان اليمني، ويحق لحزبنا أن يعتز أيما اعتزاز بدوره الريادي المشهود في تبني قضية الوحدة ومشروعها الوطني الديمقراطي التحديثي، دولة النظام والقانون والحكم المحلي واسع الصلاحيات والمواطنة المتساوية وتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز وشائج الشراكة بين أبناء الوطن الواحد. غير أن حرب صيف 94 م التي دارت رحاها في المحافظات الجنوبية والشرقية مثلت انقلاباً على الوحدة واستهدفت إجهاض مشروعها الوطني الديمقراطي، فلم تبق منها سوى علمها ونشيدها الوطنيين، بعد الالتفاف على الأسس والمبادئ والأهداف التي قامت من اجلها، والاستعاضة عنها بوحدة الضم والإلحاق، وفرض الوحدة بالقوة وإتباع أساليب الغدر تجاه الشريك الأساسي في تحقيقها الحزب الاشتراكي اليمني والتنكر له، وبهذا الصدد تعبر منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بعدن عن إدانتها ورفضها لكل التصرفات والممارسات التي ألحقت اشد الضرر والأذى بالوحدة وأسهمت في تمزيق نسيجها الوطني والاجتماعي وتصدع جدر بنيانها، وتجدد دعوتها إلى استعادة الطابع السلمي الديمقراطي للوحدة من خلال إزالة آثار حرب صيف 94 م، وإصلاح مسار الوحدة، وتطبيق وثيقة العهد والاتفاق وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بتلك الحرب، وتعهدات النظام للمجتمع الدولي في 7 / 7 / 1994، كمدخل طبيعي لإخراج البلد من أوضاعها المأزومة وضمانة أكيدة لترسيخ دعائم الوحدة وخلق المناخات والأجواء المناسبة والملائمة التي من شأنها أن تنفس الاحتقان السياسي وتطبيق مشاريع الإصلاحات الوطنية العامة والشاملة في اليمن. إن عدن الباسلة، العاصمة السياسية والتاريخية للدولة في الجنوب على مدى عقود طويلة من الزمن، ومهد الحركة السياسية والنقابية ومركز الإشعاع الثقافي والفكري والتنويري والحياة المدنية المعاصرة، أضحت وسكانها الأوفياء المسالمين يعانون اليوم من سياسة النهب والاستيلاء على مقوماتها الاقتصادية والاجتماعية والعبث بخيراتها ومقدراتها وثرواتها من قبل القوى التي أشعلت وفجرت تلك الحرب، وتكريس ثقافة التخلف والإرهاب النفسي وترويع أبنائها نتيجة الاختلالات الأمنية وتزايد المظاهر المسلحة التي أدت وتؤدي إلى إزهاق أرواح عدد من أبناء المحافظة، والاستيلاء على ممتلكاتهم العامة والخاصة والمتمثلة بنهب أراضيهم والسطو عليها بالقوة، من قبل المتنفذين في السلطة، تارة عن طريق ما يسمى بالخصخصة، وتارة أخرى عن طريق تحويل ملكيتها إلى ما يسمى بالمؤسسة الاقتصادية اليمنية، حيث وصل الأمر مؤخراً حد تمليكها المجمع السياحي بخور مكسر(الشاليهات)، بعد أن استولت على المؤسسة العامة للملح بكامل أصولها وممتلكاتها وأراضيها، التي تعد بمثابة الرئة التي تتنفس من خلالها مدينة عدن، وتارة ثالثة عن طريق إهمال وإلغاء دور ووظائف ما تبقى من مؤسساتها الإستراتيجية، كما يجرى حالياً لمينائي عدن الجوي والبحري التاريخيين، مما يدل على أن إدعاء السلطة بشأن تحويل مدينة عدن إلى منطقة حرة واعتبارها عاصمة اقتصادية وتجارية مجرد شعار أجوف غير قابل للتنفيذ من قبلها. كما يعاني عشرات الآلاف من عمال وموظفي أبناء عدن في المجالين المدني والعسكري من الظلم وإهدار حقوقهم المكتسبة جراء إحالتهم قسراً إلى التقاعد دون مسوغ قانوني، وإجبار من تبقى منهم الجلوس في منازلهم ومنحهم مرتبات زهيدة أشبه بإعانات، وانعدام فرص عمل جديدة لأبنائها، ومنح ما يخصص لها من فرص عمل رغم قلتها للآخرين الوافدين من خارجها، ممن لا تتوفر لديهم شروط الكفاءة للكادر المؤهل والمقتدر، ووضع العراقيل دون الالتحاق بالمعاهد العسكرية والبعثات الدراسية للخارج. كما يعاني أبناء مدينة عدن من الارتفاع المتصاعد لأسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية وتردي مستوى الخدمات الاجتماعية وفي مقدمتها التعليم والصحة، ومن الانقطاعات اليومية المتكررة للمياه والكهرباء، في ظل المناخ الصيفي الحار والقائظ، مما يترتب عليه تعطيل الأنشطة الاقتصادية، وتكبدهم خسائر مادية فادحة، وتأثيرها السلبي على عملية التحصيل للطلاب المقدمين على الامتحانات في كل المراحل الدراسية، بالإضافة إلى ما يواجه كبار السن والأطفال والمرضى من معاناة بسبب تلك الانقطاعات. ولتكريس المزيد من نهج التهميش والحرمان يجرى حالياً تعريض شريحة من أهم شرائح المجتمع في المحافظة وهم المعلمين والتربويين وأساتذة الجامعة، لإجراءات تعسفية ظالمة، تتمثل بتسريح أعداد كبيرة منهم عن وظائفهم وأعمالهم وذلك بإحالتهم إلى التقاعد الإجباري المبكر دون إعطاء أي اعتبار لكفاءتهم وخبراتهم العلمية والعملية، والأدهى من ذلك أن من يتم إحلاله بديلا عنهم في وظائفهم وأعمالهم لا يعدون فقط أقل كفاءة وتأهيل وخبرة علمية وعملية فحسب بل ويتم الإتيان بهم من خارج محافظة عدن، ويتم كل ذلك دون أن تسوى مرتباتهم وفقاً لما ينص عليه هيكل الأجور والمرتبات رغم كل المساوئ والعيوب التي تعتريه وتشوبه. إن تلك الممارسات والإجراءات التعسفية ليس لها ما يبررها سوى أنها فرضت عليهم كعقوبة لما أبدته تلك الشريحة من مواقف ايجابية شجاعة للمطالبة بحقوقهم التي جرى الالتفاف عليها عند تطبيق هيكل الأجور والمرتبات، وبهذا الصدد فإن لجنة المحافظة إذ تعبر عن إدانتها لتلك الممارسات واستنكارها لها، فإنها في الوقت نفسه تعبر عن تأييدها ودعمها للمواقف التي تتبناها نقابتي المهن التعليمية والمعلمين في سبيل انتزاع وتثبيت حقوق المعلمين والدفاع عن مصالحهم العادلة والمشروعة. وعند وقوفها أمام النتائج التي أسفرت عنها عملية القيد والتسجيل ومراجعة جداول الناخبين، لاحظت لجنة المحافظة أن تلك النتائج التي أفضت إليها تلك العملية قد نجم عنها المزيد من حالات التزوير والتشويه للسجل الانتخابي لصالح الحزب الحاكم، الذي سعى إلى التفرد بتشكيل لجان القيد والتسجيل وبعدم إشراك الأحزاب والتنظيمات السياسية الأخرى في عملية القيد والتسجيل، خلافاً لما ينص عليه قانون الانتخابات، وانتهاكاً لمبدأ التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة التي ينص عليهما دستور الجمهورية اليمنية، كأسس ومبادئ رئيسية يقوم عليهما النظام السياسي. وهو ما يظهر بجلاء عدم حيادية اللجنة العليا للانتخابات واللجان المنبثقة عنها وتفردها وإصرارها على إقصاء الأحزاب من عضوية تلك اللجان وتشكيلها من لون سياسي واحد بما يلبي رغبات ومصالح السلطة وحزبها الحاكم، وعدم تعاطيها مع ورقة الضمانات السياسية والقانونية المقدمة من أحزاب اللقاء المشترك، وقد أدى كل ذلك إلى بروز حالات كثيرة من الخروقات والتجاوزات من أبرزها: إجبار العسكريين على تقييد أسمائهم في عموم المراكز والدوائر الانتخابية في غير مواطنهم الانتخابية، وفقا لما يأمرهم به القادة العسكريين الموكل إليهم الإشراف على العملية الانتخابية، وكذا تسجيل صغار السن والوافدين والباعة المتجولين، وبهذا يكون الحزب الحاكم قد تمكن من الحصول على سجل انتخابي مشوه وغير نزيه يجعل المنافسة الانتخابية شبه معدومة. وبالنظر إلى اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي وعدم إذعان حزب السلطة لصوت العقل والمنطق والحكمة لتسوية الاختلالات المتصلة بالعملية الانتخابية وعدم التعاطي مع المبادرات التي تقدمت بها أحزاب اللقاء المشترك، بما في ذلك ورقة الضمانات وما تضمنته نتائج اللقاء الأول التشاوري لقيادات أحزاب المشترك في المحافظات المنعقد في شهر أبريل في صنعاء، فضلاً عن تحريض المؤسسة العسكرية والأمنية ضد أحزاب المعارضة، بات من الضروري استحضار العقل والمنطق والابتعاد عن الغطرسة وسياسية استقواء الحزب الحاكم بمؤسسات الدولة، وإجراء حوار وطني جاد وحقيقي لحل مناسب وملائمة تساعد على إجراء انتخابات حرة وديمقراطية بمشاركة جميع القوى السياسية على قدم المساواة، يأتي في مقدمة ذلك تحقيق انفراج في الحياة السياسية. وفي معرض تقييم علاقة المنظمة بأحزاب وقوى ومؤسسات وفعاليات المجتمع المدني في محافظة عدن وخارجها، عبرت لجنة المحافظة عن ارتياحها وتقديرها للمستوى المتقدم الذي وصلت إليها علاقة المنظمة بأحزاب اللقاء المشترك، والتي أثمرت نتائجها الإعلان عن تأسيس اللجنة التنفيذية في المحافظة ولجان تنفيذية مماثلة في المديريات، والقيام بتنفيذ جملة من المهام والأعمال المشتركة خلال الفترة الماضية، يتمثل أبرزها برصد الخروقات والتجاوزات المتعلقة بعملية القيد والتسجيل، وإصدار البيانات المنددة بها وتقديم الطعون حولها بصورة موحدة في العديد من المديريات، وتؤكد على أهمية تعزيز هذه العلاقة على نحو أقوى وأكبر في المرحلة القادمة وتأطيرها في خطط وبرامج عملية ملموسة، وعلى نفس الصعيد فان لجنة المحافظة إذ تثمن ما قامت به لجنة التنسيق بين الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في المحافظة، فإنها تدعوها إلى تفعيل آليات عملها ونشاطها خلال المرحلة القادمة. كما تشيد لجنة المحافظة بالحراك السياسي الذي شهدته العديد من المحافظات، ولعل البارز في هذا المقام هو لقائي أبين والضالع المتصلين بتعزيز روح الوئام والتصالح والتسامح وطي صفحات الماضي، بعد أن تم تدشين تلك اللقاءات بعدن في 13 يناير في جمعية أبناء ردفان الخيرية، وبنتائج تلك اللقاءات وما تضمنته البيانات الصادرة عنها، داعين السلطة إلى الاستجابة للمطالب التي خرجت بها تلك اللقاءات، والكف عن سياسية التجاهل لحقوق المواطنين، وإدارة الظهر لمطالبهم العادلة والمشروعة، وندين بشدة كل الخطابات الموجهة لتشويه هذه الفعاليات والمشاركين فيها بنعتهم تارة بتهمة الانفصالية وتارة بتهمة المشبوهين وغيرها من النعوت والتهم الباطلة التي لا تتفق وتنسجم والتاريخ النضالي وتضحيات أبناء تلك المحافظات، ومنظمة الحزب وهي تشيد بتلك الفعاليات فإنها تدعو إلى توسيع نطاق المشاركة فيها، من قبل الفعاليات السياسية والاجتماعية، بما يضمن طي صفحات الماضي وإرساء قيم ومبادئ التصالح والتسامح، وتضافر جهود الجميع للوقوف صفاً واحداً ضد مظاهر الظلم والاضطهاد والقهر السياسي. هذا وقد وقفت الدورة أمام عدد من القضايا والمسائل الحزبية والتنظيمية الداخلية والاستعداد لمهام المرحلة القادمة واتخذ بشأنها القرارات والتوصيات والمعالجات المناسبة، مشيدة بالروح الكفاحية والنضالية التي يتحلى بها أعضاء حزبنا وأنصاره في المحافظة وصمودهم المتواصل والتفافهم حول الحزب في هذه الظروف الصعبة وما أبدوه من مواقف صلبة وشجاعة تعبر عن روح الانتماء والوفاء لتاريخ هذا الحزب العظيم وتضحيات شهداءه الأبطال. صادر عن الدورة الاعتيادية الرابعة لمنظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة عدن |
الحزب الاشتراكي اليمني الوريث للجبهة القومية هو من ضم أتحاد الجنوب العربي الى اليمن في ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧م واليوم هو الحجر العثرة امام التحرير والسيادة والاستقلال لأتحاد الجنوب العربي من الاستعمار الاجنبي اليمني |
ما أكره اللذين ينبشون في الماضي .. الأخ fsa هل أضع ورا اسمك خمس علامات استفهام ؟؟؟؟؟
الموضوع من تاريخ : 2006 |
المصيبة انة لازال بعض مخلفات الحجري عبدالفتاح من النوعين الحجريين المتجنونبين و بعض الحمير الجنوبية الاشتراكية.
فالحمير الجنوبية الاشتراكية ستضل الاداة في ايدي الدحابيش المتجنونبين من امثال الحجري ياسين نعمان وراشد ثابت وبقية عصابة عبدالفتاح. عندما الحمير الاشتراكية الجنوبية تصبح بشر ممن خلق اللة ويتركوا الحزب الاشتراكي اليمني ويتوقفوا ان يصبحوا نعال للدحباشي ياسين نعمان سيكون الاستقلال |
اقتباس:
من لا يؤخذ العبر من الماضي لا يستطيع ان يعمل في الحاضر ولا يصل الى هدفه في المستقبل أن تطرح علامات استفهام هذا من حقك??؟؟ ولكن ليس من حقك ان تصادر ما اعتقد به واذا الموضوع قديم لكن الحزب الاشتراكي اليمني لازال هو هو وباكثر صرامة وشراسة ضد شعب أتحاد الجنوب العربي وانصحك ان تتجنب الكراهية |
اقتباس:
الأخ fsa تأكد أني لا أكره أحد من أبناء الجنوب العربي أبناء وطني ولكن .. انت تبحث عن هذا الموضوع كأنك تبدي رضاك بمافية حتى لوكنت تتناقض في المضمون معه تقبل الأحترام والتقدير |
اقتباس:
من يحب أتحاد الجنوب العربي شعب وارض ودولة وهوية يقع علية قبل كل شي ان يتخلص من اليمن من اليمن الجنوبي من جنوب اليمن من الجنوب فقط من الحزب الاشراكي اليمني لانه الخنجر الذي أستخدمه ولا زال يستخدمه الاستعمار اليمني الاجنبي في تمزيق وتقطيع شعب أتحاد الجنوب العربي أرباً ارباً ومن يريد جنات الجنوب العربي يقع عليه التخلي عن الشيطان اليمني ويقتدي بالرئيس علي سالم البيض الذي أعلن باول بيان له التخلي عن الحزب الاشتراكي اليمن لانه الاخطر من العسكر والامن لك الحق بالاعتقاد ولكن ليس ماتعتقده صائب في اعتقادي لانك لم تدخل الى قلبي وتعرف ما أعتقد |
أخواني أنسوا الماضي ومآسيه
وخلونا يداً بيد للثوره وتحرير الجنوب وأنتم جنوبيون أوفياء وذلك من خلال حديثكم والمحتل لأرضنا ليس سهلاً كما تضنون ولكن أبن الجنوب أشجع منهم والوقت ليس مناسباُ لهذا الطرح وأحييكم على وفاءكم للجنوب العربي وعاش الجنوب العربي حراً أبياً |
اقتباس:
الاخ العزيز الخليج من يريد ان يتعلم السياسة عليه ان يقراء التاريخ واذا لم نقراء تاريخ أتحاد الجنوب العربي لم ولن نصل الى تحريره والماضي وخاصة من ١٩٦٣م هو من وصل أتحاد الجنوب العربي الى مانحن فيه اليوم والاخطاء التي ارتكبت من قبل الجنوبيين العرب نجني نتائجها اليوم وتبادل الافكار هو الطريق الى الصواب ونرحب بحضرتك يا أبن الجنوب العربي الخليج |
الساعة الآن 01:27 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
الحقوق محفوظة لدى منتديات مركز صوت الجنوب العربي (صبر) للحوار 2004-2012م