المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تفاعلاً مع الحملة ضد نوفاك


aden
12-10-2005, 12:48 AM
تفاعلاً مع الحملة ضد نوفاك
من تعز.. "جين نوفاك وديمقراطية واق الواق"


( 09/12/2005 )





كثيرون هم المهتمون في الكتابة عن الشأن اليمني لكن القلة منهم من وضع يده على مكامن الخلل بتشخيص الوضع القائم في البلاد.


ولعل الكاتبة والمحللة السياسية الأميركية جين نوفاك قد احتلت مرتبة متقدمة في قائمة المتخصصين في تحليل الأوضاع في اليمن رغم حداثة عهدها في ذلك.


وما من شك أن الحملة الإعلامية الموجهة ضد نوفاك من قبل الإعلام الرسمي وإعلام الحزب الحاكم ومن دار في فلكه قد دعمت مكانتها، بعد أن انشغلت بمهاجمة نوفاك والتشهير بها عوضاً عن توضيح خطأ ما تذهب إليه في آراءها، وهي تظن أنها بتهمها تقضي على أطروحاتها الموجهة ضد الفساد القائم في البلاد.


خبرة »نوفاك« بدت بمدى ما أحدثته من اهتزاز في الخطاب الرسمي الذي أعلن عن نفسه أمام الجميع في برنامج »من واشنطن الذي بثته الجزيرة قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، وتكرم السكرتير الصحفي للرئيس بإطلاع العالم على الهواء مباشرة بمستوى صحافتنا الرسمية، رغم أن المرأة لم تقدم جديداً سوى أنها تكلمت بحصيلة تقارير وأخبار ودراسات استشهدت بها وسردتها بطريقة منظمة، وكثير من السياسيين والصحفيين وحتى العامة يكتبون ويتكلمون بصورة أقوى عن مواضيع متفرقة جمعتها دفعة واحدة دون أي اعتبار لخطوط حمراء أو خوف من أدنى مساءلة رسمية. عقدة الأجنبي أيضاً أسهمت في الإعلاء من شأن أطروحاتها لدى السلطة والمعارضة، وأيضاً لأنه لم يسبق لأحد قبلها أن تعامل مع القضايا اليمنية بنفس نفَس الجدية والتركيز الذي اعتمدته في فترة وجيزة.


»مطابخ التهم «ليست عاجزة عن التشهير بها، فالخيانة والارتزاق والعمالة تهم رسمية جاهزة ترتبط بالمعارضة وكثير من الصحفيين كلما تحدثوا عن الفساد أو الإصلاح،خصوصاً في الآونة الأخيرة، غير أن تهم «نوفاك» كانت مختلفة عن تلك التي توصم بها المعارضة. فهي إما «صهيونية-ماسونية» أو أنها «أجيرة –فارغة» لم تستوعب مقالاتها الصحف الأميركية واستوعبتها الديمقراطية اليمنية المشهورة بـ170 صحيفة، وفضائية واحدة أكدت طروحات نوفاك بتدهور الديمقراطية اليمنية، بعد تحولها إلى اقطاعية خاصة مسخرة لمصلحة السلطة والحزب الحاكم ولا تفتح أبوابها لاستضافة شخصيات معارضة.


الهجمة على «نوفاك» قدمت لها الكثير، و أكدت لها أنها تسير في الطريق الصحيح، بعد أن ساهم الإعلام الرسمي في وضعها في أولى اهتمامات المتابعين الذين بدأوا يتواصلون معها ويرسلون لها رسائل الشكر والتأييد على موقفها الذي كان يوماً يميل إلى مدح الرئيس وتوجيه بعض الانتقادات التي تعتبرها مخالفة لتوجهاته.


لا أخفي أنني كنت من الذين لفت الإعلام الرسمي انتباههم إلى هذه المرأة وبحثت في موقعها مستعيناً بلغةٍ إنجليزية ضعيفة، ساندتها العديد من القواميس التي مكنتني من ترجمة العديد من المواضيع التي لم تنشر في الصحف اليمنية أو مقالاتها الأخرى عن العراق وفلسطين والعالم العربي.


البداية


نوفاك بدأت تهتم باليمن والشرق الأوسط تقريباً عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر بعد أن وجدت أن كثيراً من الإرهابين ينتمون إلى هذه البلاد. وبدأت تركز على اليمن أكثر مع انعقاد مؤتمر الديمقراطيات الناشئة في صنعاء مطلع العام 2004م.


كان لافتاً للنظر بالنسبة لها منع الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني من تغطية فعاليات المؤتمر وهو ما يتعارض مع السلوك الديمقراطي الذي تسلكه اليمن، التي كانت بالنسبة لها النموذج المثالي للديمقراطية في المنطقة.


كانت نوفاك تقتبس في كثير من مقالاتها عبارة للرئيس في مؤتمر الديمقراطية. وما كانت تفتأ تكتب مقالاً إلا وتشير فيه أن الرئيس اليمني قال«إن الديمقراطية هي سفينة الإنقاذ للأنظمة، وهي خيار العصر لكل الناس«. وكانت انتقاداتها عبارة عن سرد لانتهاكات تحدث في الديمقراطيات رغم تعارضها مع الديمقراطية التي كانت تظن أن الرئيس يرعاها.


غرق السفينة


مع دخول عبدالكريم الخيواني السجن بدأت تكتب عن قضية الخيواني، من وجهة النظر الأميركية، المتمثلة بأن صحة المجتمعات وخلوها من الإرهاب مرتبطة بحرية الصحافة، وأن سجن الخيواني يتنافى مع المبادئ الديمقراطية التي يرعاها الرئيس.


وفي معظم كتاباتها عن الخيواني كانت تناشد الرئيس بالتدخل للافراج عنه. هي لم تكن تعرف حينها صلاحيات الرئيس اللامحدودة في القضاء والقوات المسلحة وغير ذلك مما تحدثت عنه في البرنامج، وإنما كانت مناشداتها حرصاً على السفينة من الغرق في البلد المثالي المهيأ ليكون نموذج الديمقراطية في المنطقة.


ربما لا زال السكرتير الصحفي للرئيس يتذكر أن صحيفته الناطقة بالانجليزية نشرت لـ«الأجيرة، الفارغة» مقالاً بعنوان «اليمن في الربيع»، تحدثت فيه عن الإرهاب واحتمال انتقال الإرهابيين إلى اليمن في حال تفشي الديمقراطية في العراق مستدلة بتصريح للزرقاوي قال فيه إنه سيخيم في أرض أخرى إذا فرضت السلطات العراقية سيطرتها وخرج الاحتلال. ورأت الكاتبة أن الأرض الأخرى ستكون اليمن في ظل ما يحدث فيها من انتهاك للحريات وتضييق على حرية الصحافة وحبس للصحفيين، كون انعدام الحرية في أي دولة يجعلها أرضاً خصبة للإرهابيين الذين يستغلون كراهية الناس لأنظمتهم، ولم تنس أيضاً أن تشيد بسفينة الإنقاذ اليمنية التي يمكن ان تمنع حدوث ذلك.


نوفاك كانت تستيقظ في أوقات متفاوتة من الليل إلى الفجر، وهي أوقات بداية النهار في اليمن. وإذا أخذنا بعين الإعتبار قرابة ثماني ساعات فارق التوقيت بين اليمن ونيوجيرسي نجد أنها كانت تقوم في ذلك الوقت لمتابعة ما كانت تتوقع كل صباح أن تنقله المواقع الالكترونية اليمنية من أخبار سارة عن إطلاق الخيواني، إذ أنها تكن تصبر إلى صباح ولاية نيوجيرسي، وهو ما اعتادت عليه حتى بعد خروج الخيواني بمكرمة رئاسية، وقد ذكرت ذلك في موقعها الشخصي قبل أن يتهمها الإعلام الرسمي اليمني. وبفارق التوقيت بين صنعاء ونيويورك يكمن الفارق بين «الأجير» و«الإنسان«.


ومع استمرار مهزلة المحاكمة ومهاجمة الصحفيين والمحامين في قاعات العدالة أدركت نوفاك أن السفينة غرقت في الفساد الذي يحكم وأنه لا يوجد ثمة حضور لشيء اسمه القانون.


كان مقال «الديمقراطية ووحيد القرن والعدالة في اليمن» الذي نشرته صحيفة الوسط هو بداية معارضتها الصريحة للنظام اليمني ممثلاً بالرئيس، أفرغت فيه كل ما في قلبها من حقد على الفساد وانتهاك الحقوق ومصادرة الحريات في اليمن.


نوفاك والسيستاني


بعد خروج الخيواني من السجن الذي تزامن تقريباً مع بداية أحداث صعده الثانية تقريباً، بدأت نوفاك تكتب عن المآسي التي رافقت الحرب الثانية في صعده، من جهة إنسانية بغض النظر عن طرفي القتال فيها وإن بدت متعاطفة مع جماعة الحوثي بشكل أكبر.


قد يكون موقف السيستاني، الحليف المسالم لأميركا، هو أحد الدوافع التي جعلتها تكتب عن أحداث صعده بنوع من الاتهام للحكومة اليمنية مستدلة ببيان السيستاني الذي اتهم الحكومة بأنها تقود حرب إبادة جماعية في حرب التي كانت الجبهة الأخرى فيها تهتف بالموت لأميركا، رغم أن أبرز قادتها الآن قد مالوا إلى منهج السيستاني في التعامل مع أميركا تاركين شطحات حزب الله، وبدأوا يقضون أيامهم متنقلين بين أوروبا وأميركا يشكون الحكومة اليمنية التي حركت الحرب ضدهم بسبب عدائهم لأميركا وترديد الشعار ضدها.


الصحافة.. هم شاغل


تقرير جين نوفاك عن الصحافة في اليمن الذي جاء عقب حادثة اختطاف جمال عامر وتزامنا مع أسبوع ساخن على الحريات الصحفية طال صحيفة النداء ومكتب الأسوشييتد برس وخالد الحمادي و«بانوراما» محاكمات الثوري. كان التقرير متعصباً لقبيلة الصحفيين ومدافعاً عن حقهم في كشف وتعرية الفساد وممارسة مهنتهم بدون ادنى قيود.


وقد كان ملاحظاً أنها أكدت حقهم في نشر المواضيع التي يرغبون بها بنفس الكيفية التي تم ايذائهم بسببها. فقد ذكرت أسماء بعض من شملهم تحقيق الوسط، مؤكدة بذلك مهنية الوسط وحقها في نشر أسماء ارتكبت أعمال الفساد إذ أن الفساد مقترن بأسماء مقترفيه، وتحدثت عن القوات المسلحة مؤكدة على حق الصحفيين في نشر أخبار المؤسسة العسكرية التي تمثل ميزانيها ربع ميزانية الدولة، معلنة حق الحمادي في الحديث عنها، كما تطرقت إلى التقرير الأخير الذي يحاكم طاقم صحيفة الثوري بسببه.


كان تقريرها عن الصحافة بداية إعلان الصحافة الرسمية وصحافة الحاكم إعلان المواجهة معها، وكانت تهم الصهيونية والماسونية وسيلتها في النيل من الصحفية التي كتبت رصداً تحليلياً متميزاً لواقع حرية الصحافة في اليمن، وأثبت أن المرأة عرفت بطبيعة النظام القائم، وهو ما أثار حفيظة الإعلام الحاكم.

aden
12-10-2005, 12:49 AM
الوحدة وثقافة سامي الشرجبي


كان لافتاً للنظر أن تنشر صحيفة الوحدة لقطة في صفحتها الأخيرة -بعد نشر صحيفة الوسط للتقرير السابق- بعنوان «نوفاك وثقافة أبو غريب»، قالت إنه كان من الواجب على نوفاك ان تكتب على جرائم أبو غريب وجوانتانامو قبل ان تنتقد الديمقراطية في اليمن.


ومع اعتبار كاتب هذه السطور أن ما حدث ويحدث في أبو غريب وجوانتانامو جرائم ضد الإنسانية، إلا أنني أعتقد أن جريمتهم أقل بشاعة ممن يعذبون بني جلدتهم لإستخراج إدانة لأبرياء في السجون اليمنية، في حين أن الأميركيين يتعاملون مع المعتقلين في السجون بصفتهم أعداء، ولم يحدث أن سمعنا أن جندياً أميركيا عذب مواطناً أميركياً او أجنبيا في السجون الأميركية كما فعل ضباط البحث الجنائي بالشاب سامي ياسين الشرجبي، وكما فعل أشاوس الأمن السياسي بالمعتقلين على ذمة أحداث صعده.


ليس من حق نوفاك ان تكتب عن اليمن طالما ان هناك جنوداً أميركيين يعذبون أعداءهم في السجون والمعتقلات، ومن حق الوحدة والإعلام الرسمي والحاكم أن يتغاضى عن محاكمة الضباط المتهمين بتعذيب الشرجبي، وهم يحضرون المحاكمة برتبهم العسكرية دون أن تطالهم يد العدالة، رغم أن الشاب مشلول وطريح الفراش.


نوفاك كتبت عن العراق أواخر عام 2003، مقالة معنونة بـ دعوا أطفال العراق ينشأون في بلد حرة، مؤكدة على حقهم في بلد حر من صدام ومن الاحتلال الأميركي، ولم تكتب مقالتها تلك دفاعاً عن نفسها من التهم الرسمية اليمنية، بل إيماناً بحق الشعب العراقي في الحرية. كما أن «الصهيونية» تكتب عن فلسطين بحيادية أفضل حتى بعض أدعياء القومية وحماية المقدسات. قالت في إحدى موضوعاتها إن أطفال فلسطين بحاجة إلى الرعاية وليس إلى السخرية رداً على موقع ويب أميركي ينشر صور أطفال فلسطينيين يحملون عبوات ناسفة ويعلق على تلك الصور قائلاً «انقذوا أطفال فلسطين».


ديمقراطية واق الواق


كان الدكتور أبوبكر القربي محقاً عندما قال إن تطبيق الديمقراطية في اليمن ليست بالأمر السهل. وكان حديث السنباني ومنع استضافة الدكتور المتوكل في إقطاعية الفضائية اليمنية يؤكد أن الديمقراطية ليست سهلة بالفعل، وانها مستحيلة التحقيق في ظل سلطة ثنائي القبيلة والفساد.


القربي بدا متجهماً بعد استعراض تقارير لا تذكر اسم اليمن إلا عند الحديث عن الفساد، او مقترنا بالارهاب، ونادراً في مكافحته، ووجد نفسه مجبراً على محاولة قلب التقارير التي تشير إلى الفساد وقلة الشفافية، موضحاً أن معظم ما فيها إيجابي وأن التقارير في معظمها تتحدث عن اليمن بإيجابية إلا أن المعارضين -ومنهم نوفاك وحتى الجزيرة- لا يذكرون إلا ما هو سلبي، ونحن لا ندري لماذا أحجمت الصحف الرسمية وصحف الحزب الحاكم عن توضيح إيجابيات تلك التقارير، إلا إذا كان ذلك بسبب انشغالها بترويج ثقافة السب والتخوين ومهاجمة الآخرين، وإن ارتقى الأداء فإلى التسبيح بحمد الحاكم والحديث عن المنجزات والمشاريع الوهمية وأثرها في حياة الناس.


تبقى الديمقراطية أمراً وارداً لدى السلطة طالما أنها لا تنتقد فساداً ولا توريثاً وتغض الطرف عن نهب المال العام وتلتزم بنقد السلطة بموجب مواصفات تحددها هي. وتبقى غرفة عمليات التأديب بانتظار مطبخ التهم التي تنتجها وسائل الإعلام الرسمية والحاكمة لتبدأ بمباشرة عملها في الاختطاف والتهديد والسرقة، بعد صدور تلك التهم.


الديمقراطية لا زالت وهماً في حياة الناس الذين يتمنون العودة إلى زمن الشمولية الذي كان أفضل بالنسبة لهم فيما يتعلق بمستوى معيشتهم، وبالنسبة للسلطة فهي وسيلة لاستدرار المنح والقروض وتكريس لسياسة الفساد والتجويع والزج بالشعب في ويلات الأزمات الاقتصادية التي لن يكون المتضرر منها المواطن وحده- على المدى البعيد على الأقل-، فيما المعارضة لا زالت أصغر من أن نتحدث عن علاقتها بالديمقراطية في وضعها الحالي. ولا أدري متى يدرك أدعياء الديمقراطية أن الشفافية هي رديف الديمقراطية وأنه لا فساد في الديمقراطيات.
Mohezz2010@yahoo.com