تحليل سياسي: لبنان بين الواقع المرير و التفاؤل طباعة
الاخبار العربية والدولية - أخبار العرب
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الاثنين, 29 أكتوبر 2007 02:43

صوت الجنوب/2007-10-29  
بقلم الكاتب والمحلل السياسي قاسم محمد عثمان

في ضوء التجارب السابقة يخشى ان تتوقف عربة التفاؤل شبه الجماعي في منتصف الطريق فتتبدل المعطيات الايجابية المتفائلة الى ما يشير الى نقطة البداية وذلك من ان متغيرات جذرية لم تحصل، فالمواقف هي ذاتها وإن خفت لهجتها الحادة الا انها تنطوي على ما كان متبادلاً منذ فترة وجيزة اضافة الى التمسك بما يعتبر ثوابت بالنسبة لهذا الجانب او ذاك،
كانت الحملات المتصفة بالتشنج قد خفت سياسياً نوعاً ما فإنها تتناول ما ليس بعيداً عن السياسة بأسلوب آخر يستدعي الرد او التوضيح· ومن خلال هذه الرؤية يدعو الكثيرون الى تحكيم منطق العقل والأخذ بعين الاعتبار الهوة العميقة الفاصلة بين موقفين متباعدين ويشددون على المثل: "لا تقول فول حتى يصبح في المكيول"، واكثر ما يدرك حقيقة ذلك هم المزارعون الذين يعدون انفسهم بموسم الخير والجنى الوافر، ثم فجأة تهب رياح غير مؤاتية فتصفع الامل وإن لم تدفع الى اليأس لان الحياة مستمرة والتوقف عن متابعتها يعني انتظار الاصعب·
وتعود هذه النظرة او الدعوة الى ان شيئاً جوهرياً لم يتغير وكل الذي اشاع الامل بالخروج من دوامة الازمة هو الاتصالات المباشرة التي اعقبت زيارة وزراء خارجية فرنسا وايطاليا واسبانيا واصرارهم على وجوب انجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، هذا مع التحذير الشديد من الوصول الى الفراغ كونه لا يقتصر على هذا البلد وحده وإنما تتفاعل تداعياته على نطاق اوسع، الامر الذي جعل البعض يصف مهمة الترويكا الاوروبية بأنها تخويف اكثر مما هي وساطة لتقريب وجهات النظر· وقد غادر الوفد وهو على صلة بكل اطراف الازمة داخلياً وخارجياً وما زال يتابع دوره بإرادة أقوى·

ويقع في اطار تلك المهمة تلويح فرنسا باللجوء الى مجلس الامن الدولي لاتخاذ قرار يختلف عما سبقه من حيث انطوائه على العزم بإتخاذ خطوات تؤدي الى اخراج لبنان من ازمته والاستعداد لمساعدته في عملية الاعمار والنمو انطلاقاً من وضع مقررات مؤتمر باريس - 3 موضع التطبيق حتى ولو لم تأخذ الاصلاحات التي ينص عليها طريقها الى الواقع بحكم الظرف السياسي السائد والتباين حول ما يجب الاقدام عليه، ولا يخرج عن هذه الدائرة اهتمام الامم المتحدة المتواصل بإيجاد حل لمعاناة الوطن الصغير·

واللافت في هذا الموقف هو تحذير الأمين العام للمنظمة الدولية من الوصول الى ما يتردد عن قيام حكومتين لا تحظيان باعتراف المجتمع الدولي لأن المطلوب انتخابات رئاسية في موعدها وامتلاك الحكومة المقبلة امكانات غير عادية لترسيخ الوحدة الوطنية وطي صفحة الخلاف والتباين بوفاق ثابت بواسطة جامع مشترك يلتقي عنده الاطراف المعنيون· وعراقيل الحل ليست كلها داخلية بل لها امتدادات وتشابك مع سواها بفعل ما تشهده المنطقة من تجاذبات من دون ان تكون هناك بوادر تشير الى الخلافات بالدبلوماسية وليس بأي اسلوب آخر يضاعف من التأزم الحاصل وفق ما تقول به التجاذبات السابقة والمستمرة بعناد ومن هنا دعوة البعض الى التريث في اعتبار الاستحقاق بات قاب قوسين او ادنى لأن أيّاً من الازمات العالقة والمتفاعلة على صعيد المنطقة ما زال دون حلول، فالمؤتمر الدولي الموعود لانهاء ازمة الشرق الاوسط غارق في الفعل وردات الفعل عليه وابرزها رفض المشاركة فيه ما لم يكن له جدول اعمال واضح ومحدد·

وشعوراً بالمسؤولية الوطنية والقومية تندفع الجامعة العربية الى تحرك جديد عبر وفد يصل الى بيروت في نهاية الشهر الحالي اي قبل اثني عشر يوماً من جلسة الاستحقاق، وكان موضع اهتمام ملحوظ دور وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط اذ جاء نتيجة مشاورات واسعة شملت من يملكون التأثير على مجريات الاوضاع في لبنان فبات محبطاً بأبعاد الازمة مما يتيح الدخول في التفاصيل ولكن في اطار الرغبة المخلصة بحل متكامل تقع مسؤوليته على اللبنانيين انفسهم· ولم يدخل في ما يشاع عن اسماء متداولة تاركاً حرية الاختيار للزعماء اللبنانيين·

والرهان على ما تخرج به اللجنة الرباعية من اجتماعاتها في بكركي لم يعد مشبعاً بالامل لان القرار ليس بيد اعضائها لذا فإن النتيجة الايجابية المتوخاة منتظرة من المشاورات بين اقطاب لهم حرية الحركة في اتمام الاستحقاق الرئاسي في الموعد المحدد

آخر تحديث الاثنين, 29 أكتوبر 2007 02:43