من أين يأتي الخطر على الثورة؟ طباعة
مقالات - صفحة /عبده النقيب
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الثلاثاء, 25 أغسطس 2009 03:43

*عبده النقيب

أثبتت تجربتنا خلال الخمس السنوات الماضية أن الحرب والمواجهة مع نظام الاحتلال اليمني على الجبهة الإعلامية يكتسب أهمية قصوى حيث لعب دورا محوريا في حشد الشارع الجنوبي كله في هذه المعركة الأمر الذي تجاهله نظام صنعاء في بدايته وقلل من أهميته بعض من

الجنوبيين أنفسهم, لكن التأثير الذي أحدثه الإعلام الثوري كان واضحا أفقد الاحتلال قواه وجعل من أدواته العسكرية والبوليسية عاجزة عن تحقيق الأهداف والحملات التي سخروا لها الأموال الطائلة لقمع ووقف تقدم مسيرة التحرير الجنوبية دون جدوى.

 هكذا أدرك متأخرا هذا النظام العسكري والقبلي المتخلف وأدركت معه الأحزاب السياسية في اللقاء المشترك أن الجبهة الإعلامية التي احتلت الحيز الأهم في مسيرة الثورة السلمية الجنوبية مهما بدت بسيطة تمثل قوة حاسمة في صنع الرأي العام والوعي الجمعي وفي رص الصف الجنوبي من جهة ومن جهة أخرى قوة تلعب دورا مهما في تعرية نظام الاحتلال وفي خلق الإرباك في صفوفه وقواه وبالتالي إضعافه ناهيك عن تأليب الرأي العام الخارجي ضده وإحداث الشلل لأجهزته الدبلوماسية وخلق المصاعب أمام الاستثمارات المحلية والخارجية وشل قطاع السياحة وهي كلها تصب في مواجهة وإضعاف النظام الذي لا أحد يستطيع أن ينكر التدهور والانحدار الذي وصلت إليه حالته في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية وما رافق ذلك من حالة التفكك المؤسساتي للدولة وتغييب لدورها ناهيك عن حالة التفسخ الاجتماعي الذي نتج عن كل هذا التدهور الشامل والمستمر.

 هكذا تسير الحالة والمواجهة الإعلامية مع نظام الاحتلال مهما بدت بسيطة إلا أنها حرب استنزاف مستمرة سببت للمحتلين الجنون وجعلتهم يفقدون توازنهم ويلجأون إلى أساليب قمعية وحشية في إسكات وسائل الإعلام الموالية للثورة التحررية الجنوبية ومشروع الإستقلال من مواقع اليكترونية وصحف نزعت عن الاحتلال وزبانيته آخر قشرة كان يتسترون بها ويدعون وجود الديمقراطية والحرية الإعلامية لديهم وهو مازاد من أزمتهم وألّب عليهم الرأي العام الإقليمي والدولي وأحرج الأطراف التي كانت تغدق عليهم بالدعم بحجة تنمية الديمقراطية.

يمتلك الإعلام في المعركة ضد نظام الاحتلال اليمني أهمية خاصة مع إعلان الثورة الجنوبية لتبني الخيار السلمي وما يمثله من إحراج لزبانية النظام وأي أطراف تدعمه هذا من جانب ومن جانب آخر أن العمل السلمي وأداته الإعلامية ألضاربة مثل حرب استنزاف وإنهاك استراتيجية طويلة المدى تم فيها تحييد القوة العسكرية التي يحتمي نظام الاحتلال بها وخلق ثقافة جديدة لدى الشارع الجنوبي وهي ثقافة المواجهة والمقاومة والمبادرة وهي الثقافة التي حاربها النظام الشمولي الذي حكم الجنوب منذو 1967م حتى عام 1990م وكرس بدلا عنها ثقافة الديكتاتورية والتكفير والخضوع وما تولد عن تلك السياسة من اكتساب لثقافة السلبية والتبعية في سلوك الشخصية الجنوبية التي بدت مشوهه وخاضعة تفتقد لروح المبادرة والمسؤولية الفردية تلك الثقافة التي مهدت لتمرير مؤامرة مايو 1990م ضد الجنوب ومصالح الشعب الجنوبي على وجه الخصوص.

لاشك أن الجانب الإعلامي للثورة السلمية الجنوبية إلي جانب كونه العمود الرئيس في بنيان قوى معركة التحرير والمواجهة مع نظام الاحتلال اليمني فإنه يلعب دورا آخر لا يقل عن دوره الأنف الذكر ويتمثل في تقييم ونقد ألذات الجنوبية من خلال كشف الأخطاء والأمراض التي تضر بتوجهنا وتمنع تسلل الانتهازيين والمندسين داخل صفوفنا الذين تزدهر تجارتهم في الأزمات الكبرى كما أنه يتصدى لكشف المؤامرات الداخلية التي تحاك ضد الثورة من داخلها ومن خارجها أيضا.

هذا ما يفسر وجود الحملة الشعواء المستعرة ضد إعلام التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج) من أطراف مختلفة بالإضافة إلى سلطات الاحتلال اليمني التي توصمنا بالعملاء والخونة تتضامن معها الحملة التي يقودها مطبخ الحزب الاشتراكي اليمني الجناح الموالي للسلطة والتي تصفنا بأننا نخوّن ونقصي الآخرين وأننا نشق الصف وهي حملة مغرضة وخبيثة قد تفعل فعلها لدى من ليس لديه رؤية ثاقبة من ابناء الجنوب وترمي إلى صدنا عن كشف المؤامرات والدسائس وتصدنا عن المواجهة مع مشاريع اليمننة القديمة الجديدة وعن عملنا في كشف زيف الوعي الذي كرسته المدرسة اليمنية الاشتراكية في الجنوب.

 هكذا تبدو ملامح الحملة أنها تتسلح بنفس الأدوات والأساليب التي كرستها مدرسة النظام الشمولي السابق في الجنوب وخاصة في مجال الإعلام الذي كان حكرا علي العنصر اليمني فبدلا عن أن يناقشنا البعض فيما نطرح بالحجة والمنطق وخاصة فيما يتعلق بمعرفة الحقيقة عن هوية الجنوب وتاريخه - وهي القضية الرئيس في معركتنا مع الاحتلال والموالين له - نراهم يرددون ضدنا مصطلحات التكفير والتخوين القديمة التي استخدمت من قبل أثناء عهد التطرف في الجنوب لقمع الوطنيين الجنوبيين وقتلهم وهي أخطر علينا بكثير من القوة العسكرية الخاصة بالاحتلال اليمني لأنها تتحدث بنفس اللغة التي نتحدث بها وهي في نهاية المطاف تهدف إلى إرهابنا وإسكاتنا لكي نفسح المجال لهم ليقوموا بالتمهيد النفسي والإعلامي دون مقاومة لمشاريع اليمننة التي تختفي بداخلهم ودفن قضية الجنوب وإلى الأبد والتي فشلوا في تحقيق أمنيتهم تلك رغم كل ما بذلوه خلال خمسة عقود خلت.

هكذا نستنتج أن العمل على الجبهة الإعلامية بكل ما رافقها من سلبيات هو حجر الزاوية وأن حملة القمع ضد وسائل الإعلام الجنوبية والحملة الشعواء التي يقودها اشتراكيي سلطات الاحتلال ويؤازرها البعض بوعي وبدون وعي هو أمر غاية في الخطورة على الثورة ومستقبلها وأن استمرار تصعيد وتنظيم عملنا علي هذه الجبهة هو أمر حاسم وملح يجب أن تضطلع به مختلف مكونات مسيرة التحرير الجنوبية دون تردد. *

سكرتير دائرة الإعلام

التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج)

 

آخر تحديث الجمعة, 04 سبتمبر 2009 16:26