المعصوم الصالح وجرائمه المقدسة طباعة
مقالات - صفحة /عبده النقيب
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الجمعة, 24 أغسطس 2007 06:04
صوت الجنوب / عبدة النقيب: تاج عدن /2007-08-24
حاولت جاهداً البحث عن لقب يناسب المسمى مجازا بالرئيس اليمني فعجزت.. قلبت كل الأسماء التي اشتهرت بالتاريخ بجرائمها المهولة لعلي أجد من يشبهه فأسميه به لكني فشلت فكل أسماء المجرمين التي قرأنا عنها لا تخلوا من بعض الصفات الحميدة ومن العظمة..
فقد عرف التاريخ العتاة من المجرمين الذين حُفرت أسمائهم في جدران الذاكرة البشرية كهتلر ونيرون وهولاكو والحجاج وغيرهم.. جميعهم حتى وإن ظلموا أقوامهم وارتكبوا جرائم عظيمة بالنسبة لأقوام أخرى فقد قدموا أعمال جليلة لشعوبهم ورفعوا من شانها.. فلو أخذنا اثنين من هؤلاء كمثال للمقارنة فقط هما الحجاج ابن يوسف الثقفي والفورهور أدولف وهتلر.. فالحجاج بما عرف عنه من عنف وقسوة كان فقيها جهبذا بلغ مرتبة القمة في اللغة العربية وقواعدها حد أنه تجرأ على القيام بتصحيح 17 خطأً لغوياً في المصحف الشريف.. وكان خطيبا بارعا يجيد السجع والبلاغة في خطبه المرتجلة التي صارت تراثا أدبياً ثميناً.. جاء الحجاج في زمن اللاديمقراطية وبُعث للعراق التي اشتهرت بالتمرد على الحكام وصعوبة الانقياد لهم وهي ميزة لازالت تلازم العراق حتى اليوم.. فكان الحلاج هو الأقدر على ضبط الأمن في العراق ورغم جوره وقسوته فقد أسدى منافع جليلة لآهل العراق وللتاريخ العربي ككل.. ويأتي هتلر كواحد من أشهر المجرمين في التاريخ لما أحدثته افكارة التي تمجد العرق الآري وما نتج عن ذلك من جرائم إبادة عرقية واسعة كانت أفكار حزب الفورهور أدولف هتلر القومية هي المسئولة عنها بسبب تشبعها بالأفكار التي استقت أصولها من فلسفة "هيجل" المعروفة ب"فلسفة الحق" التي قامت على الجمع بين ماهو مثالي وواقعي وإعتبارهما متطابقان وفي وحدة لا تنفصل وهي الفلسفة التي أسست للفكر الشمولي بشقيه اليميني واليساري وكانت مصدر رئيس لكلا الاتجاهين التاريخيين عكست هذه الفلسفة فهمها للتطور بأنه لن يتم إلا عبر الصراع والعنف في المبدأ الشهير "صراع الأضداد" فصار العنف الثوري هو الوسيلة المثلى للتغيير وأستمد النازيون فكرة القوة من فلسفة "نيتشيه" التي بررت للقوة كأداة لحفظ السلم الدائم فصارت الحرب ضرورة إخلاقية لتحقيق ذلك وعلى هذه الأسس الفلسفية يتم تقدّيس فكرة الدولة الشمولية القوية يصل إلى حد الجمع بين العناية الإلهية ودولة العناية التي بموجبها يصبح الشعب والدولة والفرد والعناية الإلهية منظومة موحدة تتماثل وتتداخل في بعضها حتى يصبح الواقف على قمة الهرم هو الممثل لكل هذا الوحدة الشمولية ويصبح الرئيس هو الناطق بأسم الشعب وهو الممثل للعناية الإلهية وهو المعصوم المقدس.. هكذا صار شعار الحزب النازي (أدولف هتلر هو ألمانيا وألمانيا هي أدولف هتلر).. هذا ما وجدته تماما في مشروع القانون المسمى بقانون " حماية الوحدة الوطنية" فقد جسّد المضامين الفلسفية اليمينية النازية بشكل واضح وأكد على وحدة المقدسات أو ما يسمى بالخطوط الحمراء وهي الوحدة الوطنية المشار لها في المادة الثانية الفقرة الأولى من مشروع القانون ويأتي الضلع الثاني للمثلث الشمولي ممثلا بموضوع الأديان السماوية المنصوص عليه في الفقرة السادسة من نفس المادة ثم نأتي على الضلع الثالث للمثلث المقدس الممثل بالرئيس في المادة الحادية عشرة من المشروع السيئ..ليصبح الرئيس هو الناطق بأسم الشعب والحاكم وفقا للدستور الذي يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية فيصبح أي مساس بشخص الرئيس هو اعتداء على الشعب والدستور وهو انتهاك للشريعة الإسلامية.. وهكذا فإن الرئيس وفقا لهذا القانون يصبح مقدسا لا يمس من الناحية النظرية أما في حالة مشروع القانون المضحك المبكي فقد أكد على هذه المسالة بوضوح في المادة الحادية عشرة منه حيث أضحى الرئيس مجسدا وحيدا لإرادة الشعب والجمهورية وأي مساس لشخصه يعد خيانة عظمى بكل المقاييس وطالما وهو المجسد للشعب والجمهورية وسلطة حكمها التي تستمده من الشريعة الإسلامية فإنه بالضرورة يصبح المساس بالرئيس انتهاك للشريعة الإسلامية. وعلى هذا قامت الفتوى الدينية أثناء الانتخابات "الديكورية" في شهر سبتمبر من العام الماضي قضت الفتوى بعدم جواز انتخاب غير الرئيس ليصبح موالاة الرئيس جزء من الواجب الديني مثله مثل العبادة والفروض..
لست هنا بصدد مناقشة موقفي من مشروع قانون تقديس الرئيس فهذا شئ لا يستحق النقاش كون المسألة أصلاً قائمة بدون قانون والرئيس وحاشيته لا يحتاجون إلى قانون ليقضوا به ولو أن الرئيس وزمرته سيتمسكون بهذا القانون فإني أعلن باني سأكون أول المؤيدين لهذا الرئيس لأنه أي الرئيس سيكون أول وأهم المطلوبين وفقا لكل مادة وفقرة من فقرات مشروع قانون تقديس الرئيس التي نجدها تنطبق على عدد لا يحصى من الجرائم التي أرتكبها الرئيس وحاشيته..لذا فلا داعي لمناقشة هذا المشروع حتى لا نمسك النملة ونترك البعير.
حتى لا أنسى النقطة الرئيسية التي بدأت بها موضوعي فإني أعود لأؤكد أني عجزت عن الحصول على شبيه لهذا الرئيس الذي جمع بين الإجرام والغباء.. فهو قد أبدع في جرمه بشكل يفوق جميع الحكام الغاصبين للسلطة لكنه على العكس من الحكام الآخرين الذين وإن ظلموا أقوامهم نراهم وقد بنوا دولا أخذت مكانها اللائق في التاريخ بين الأمم، فجرمانيا ودولة المغول والدولة الأموية وغيرها كلها صارت رموز تاريخية عظيمة ممثلة بحكامها الذين عرفوا بالظلم والجبروت.  لكن ما قام به صالح من عمل إجرامي هو عبارة عن تدمير للدولة وتمزيق اليمن وخلق الفرقة والفتن واغتيال الوطنيين وتهريب الثروات الى الخارج - والتي بدون شك لن تصبح له بعد أن يحاكم لكن اليمن والجنوب لن تستطيعان استعادة كل الثروات المنهوبة -..إن العصابة التي يقودها صالح تحكم اليمن وتحتل الجنوب ليست بحاجة إلى قانون كونها قامت وترعرعت وتعمل وفقا لقانون الغاب والقوة فقط.. ومتى استطاع القضاء أو مجلس النواب أن يجلبان ولو مجرد مجرم واحد فقط من هؤلاء في بلد ضرب حكامها الرقم القياسي في النهب والسلب في وضخ النهار!!؟.. قطعا لن يجرؤ أحد على جلبهم أمام العدالة وهذا المشروع جاء ليضع القدسية على ما يرتكبونه من جرائم وأفعال.. ترى أي داعي لمناقشة جزيئات صحة أو خطأ قانون ما في بلد لا يُحترم فيها القانون من قبل السلطة الحاكمة..الوضع هنا معكوس تماما ففي كل بلدان العالم مهما كانت طبيعة السلطة والنظام السياسي فإن القانون يأتي ليحمي مصالح الطبقة الحاكمة وتصبح السلطة هي المستفيد الأول من التمسك بمبدأ تطبيق القانون.. لا أريد أن أوضح ماهو واضح ففي اليمن والجنوب المحتل من ينتهك القانون هي السلطة بدرجة أولى وهذا شئ لا جدال فيه.. نظريا انتهاك القانون لا يتم إلا من قبل عصابات وأناس خارجين عنه متمردين على السلطة.. لكن أن يصبح انتهاك القانون من قبل السلطة نفسها ومن قبل من يفترض أنهم يسهرون على حماية القانون فإن هذا يضعنا أمام حقيقية ساطعة وهي أن هناك مشروع لتدمير البلد وهذا ما تم إنجازه من قبل صالح وعصابته بجدارة.. ترى من هو يا حضرة الرئيس صالح المطلوب للعدالة أولا !!
وقبل أن أختم مقالي هذا أريد أن أعود للموضوع الذي بدأت به وهو أن الرئيس صالح قد تفوق في سلوكه الإجرامي حدا يمكّنه من أن يدخل موسوعة "جينيس" لكنه ولعمري لم يتعلم التفريق بين استخدامات لم ولن طوال 29 عاما من الخطابة المكثفة وهذا يضعه أمام عدد كبير من الأسئلة أبسطها كيف استطاع غبي كهذا الرجل أن يحكم اليمن طوال هذه المدة رغم أنه لم يستطع تعلم ولو أبسط المبادئ اللغوية !! ثم أن تصرفاته كلها تشير بقوة إلى أننا أمام رجل غير سوي فعندما يخطب بالقوم حدثوا ولا حرج.. حيث تبدأ من الحركات السريعة والمفاجئة لليد التي تحك وتحرث وجهه أما م عدسات الفضائيات ثم لا يتردد في قول شئ والقفز من موضوع إلى آخر بجعل من كلامه المحشو بالكذب غير متناسقا جعل العالم كله يتندر باليمن ورمز تخلفها الرئيس صالح الذي لا يستحق أكثر من لقب "رئيس عصابة".. لذا فقد وجدت اللقب الذي أنا مقتنع بأن أنعته به حتى وإن قدّس نفسه بقانون وأحاط نفسه بالجيوش والحرس نحن كجنوبيين لا يهمنا كل هذا مثلما لا يهمنا صالح نفسه ذهب أم لم يذهب.

*كاتب جنوبي – بريطاني مقيم في بريطانيا

آخر تحديث الجمعة, 24 أغسطس 2007 06:04