المملكة النووية - بقلم - محمد عوده الأغا – باحث في الشأن الإقليمي طباعة
مقالات - صفحة الدكتور/ محمد عوده الأغا-
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
السبت, 01 أغسطس 2015 11:32

 

يمكننا ملاحظة بدايات الاهتمام السعودي بالإستراتيجية العسكرية النووية منذ عام 1999 عندما زار وزير الدفاع آن ذاك الأمير سلطان بن عبد العزيز موقعاً باكستانياً تجري فيه عمليات تخصيب اليورانيوم، ثم تكررت الزيارة بنفس تفاصيلها عام 2002، الأمر الذي يدل على مدى ارتباط البرنامج النووي الباكستاني السري بالمملكة، فلا يعقل استضافة أي مسؤول أجنبي في موقع بالغ السرية، إلا إن كانت الزيارة تقع في إطار التعاون عالي المستوى.

 

ونظراً لحساسية الموقف نفى كلا البلدين وجود أي تعاون نووي يجمعهما، إلا إن تقارير صدرت لاحقاً تشير إلى وجود تفكير استراتيجي سعودي بخصوص امتلاك قدرات نووية عسكرية، قد يكون لباكستان دور فيه، ويحمل ذلك التفكير ثلاث خيارات هي:

الأول: امتلاك قدرة نووية كسلاح ردع.

الثاني: تبني تحالف مع قوة نووية عسكرية.

والخيار الثالث: التوصل إلى اتفاق إقليمي لإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية.

ويبدوا أن اختيار القيادة السعودية وقع على الدمج بين الخيارين الأول والثاني، واستبعاد الخيار الثالث نظراً لصعوبة تحقيقه في ظل امتلاك قوى إقليمية للسلاح النووي وسعي البعض الآخر لامتلاكه؛ والذي يعد أحد مكونات الأمن القومي التي لا يمكن التنازل عنها في ساحة مليئة بالصراعات.

وتحقيقاً لخيار المملكة، تم توقيع صفقة في عام 2003 مع باكستان للتَّزود بصواريخ وأسلحة بالستية تمتلك إمكانيات نووية، وأشارت بعض التقارير أن العلاقة النووية بين البلدين وصلت لحد سعي المملكة للعمل على برنامج نووي سري بخبرات باكستانية بين عامي 2003-2005.

والجدير بالذكر أن المملكة قامت في عام 2007 بتحديث ترسانتها من الصواريخ الصينية من طراز CSS-2 التي تعمل بالوقود السائل، لطراز CSS-5 الأكثر تطوراً والتي تعمل بالوقود الصلب، وكلا الطرازين مصممين لحمل رؤوس نووية مما يعني أن المملكة امتلكت بالفعل الأرضية القوية للسلاح النووي.

وتلاقى سير العمل في المملكة لامتلاك السلاح النووي مع تصريحات القادة السعوديين، حيث نُقِل عن العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قوله: أنه إذا حصلت إيران على قنبلة نووية فإن المملكة ستحذوا حذوها.

ولا أدل على مواقف القادة السعوديين تجاه امتلاك السلاح النووي من استقبال الملك سلمان في بدايات توليه مقاليد الحكم لرئيس هيئة الأركان الباكستاني الجنرال رشيد محمود سلمان، ثم استقبال وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان للجنرال الباكستاني، حيث أتت هذه الزيارة في فترة بدأت فيها المملكة مواجهة التمدد الإيراني في الإقليم، وظهور علامات التقارب الإيراني الغربي والاتفاق على برنامج طهران النووي.

وفي هذا الإطار نُقِل عن أحد المسؤولين في حلف الناتو أنه اطلع على تقارير إستخبارية تفيد بأن الأسلحة النووية المصنعة في باكستان نيابة عن السعودية أصبحت جاهزة للتسليم، وفي ذات السياق قال أموس يالدين الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: إنه إذا نجحت إيران في صنع القنبلة النووية، فإن "السعوديين لن ينتظروا شهراً واحداً، لقد دفعوا ثمن القنبلة، سيذهبون إلى باكستان ويحضرون ما يحتاجون إليه".

وحتى لا نحرف الموضوع تجاه الأغراض العسكرية النووية، وجب ذكر أن المملكة تعمل على امتلاك وتطوير برنامجها النووي السلمي، إذ سيتم بناء ست عشر منشأة نووية على مدى السنوات العشرين القادمة والتي ستوفر للملكة مصدراً مهماً للطاقة في ظل تنامي الطلب العالمي على الموارد النفطية المستنزفة، لذا فالتحول نحو توليد الكهرباء من خلال الطاقة النووية يعد من أهم تطلعات القيادة السعودية.

أي أن المملكة كما تسعى لتحقيق أمنها من خلال البرنامج النووي، فإنها تعمل على تدعيم اقتصادها المُرتَكِز بصورة أساس على مشتقات النفط، كما تعمل على تعزيز مكانتها الدولية بدخولها مجال البحث العلمي المًستند على التكنولوجيا النووية فامتلاك المملكة للتكنولوجيا النووية يعطيها مكانة مرموقة، ويعزز من وضعها الإقليمي كدولة مركزية، وقد بدأت بالفعل في ذلك وأنشأت مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة.

من خلال العرض المقتضب السابق يمكنا استخلاص التالي:

أولاً: لدى المملكة برنامجها للتكنولوجيا النووية السلمية وقد بدأ العمل به، وهو مشروع طموح، ويعد من أهم مكونات الأمن القومي السعودي لما يمثله من ذخر للأجيال القادمة.

ثانياً: تمتلك المملكة الآن الأرضية والبنية التحتية الأساسية للقدرات النووية العسكرية، وهي كما تمتلك الرغبة في امتلاك السلاح النووي، فإنها تمتلك القدرة على إيجاده في أسرع وقت، بل تشير التقارير إلى أنها تمتلك السلاح النووي بالفعل لكن خارج أراضيها.

وفي الختام، نظراً للتسابق الحميم على السيطرة الإقليمية، يعتبر المشروع النووي السعودي حاجة ملحة، وضرورة إقليمية، على أن يتم دعمه سياسياً بصورة جماعية، وأن تنسج له عقيدة ترتبط بالصراع العربي-الإسرائيلي وليس في مواجهة مشاريع نووية أخرى.

هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته