مَشْفى أم مُسْتَشْفى ، والجذور - بقلم - د- محمد فتحي راشد الحريري طباعة
مقالات - صفحة الدكتور/ محمد فتحي راشد الحريري
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأحد, 16 أبريل 2017 11:26
هناك صيغة في العربية تسمى اسم المكان ، اسم المكان ويسمى الموضع هو اسم مشتق للدلالة على مكان وقوع الفعل أو طلبه .
 
وتختلف طريقة صياغة اسم المكان ( واسم الزمان أيضاً ) باختلاف الفعل ، حسب المخطط التالي :
 
أولا - من الفعل الثلاثي :
 
على وزن مَفْعَل بفتح الميم والعين إذا كان الفعل معتل الآخر.أو كان صحيح الآخر ومضارعه مفتوح العين أو مضمومها.
 
مثل: شفى مشفى ، سعى مسعى، رمى مرمى، جرى مجرى، سقى مسقى، لهى ملهى.
 
ومثل: قرأ مقرأ، بدأ مبدأ، لعب ملعب، طعم مطعم .
 
على وزن مفعل بفتح الميم وكسر العين إذا كان الفعل صحيح الآخر ومضارعه مكسور العين أو كان صحيح الآخر معتل الأول بالواو أو معتل الوسط بالياء.
 
مثل: نزل منزل، هبط مهبط، صار مصير، جلس مجلس.
 
ومثل: وعد موعد، وقع موقع، ورد مورد.
 
ويشتق اسم المكان من المصدر الثلاثي التام المتصرف على وزن مفعلة بفتح العين للدلالة على وقوع الفعل، ومكانه.
 
مثل: مزرعة، منامة ، محرقة ، مقبرة.
 
ثانيــاَ - من الفعل غير الثلاثي :
 
على وزن الفعل المضارع مع إبدال حرف المضارعة ميما مضمومة، وفتح ما قبل الآخر
 
مثل: اجتمع يجتمع مجتمع، استودع يستودع مستودع. أخرج يخرج مخرج، استقر يستقر مستقر. استشفى يستشفي مستشفى .
 
وبناء على ما تقدم فنلاحظ أنَّ المشفى والمستشفى اسما مكانين ، وهما مشتقان من الثلاثي (ش ف ي) ، قال ابن فارس :
 
 الشين والفاء والحرف المعتل يدل على الإشراف على الشيء؛ يقال أشفى على الشيء إذا أشرفَ عليه.
 وسمِّي الشِّفاء شفاءً لغلَبته للمرض وإشفائه عليه.
 
والشِّفاء: هو الدواءٌ ، وهو ما يُبرئُ من السَّقَم، والجمعُ أَشْفِيةٌ، وأَشافٍ جمعُ الجْمع، والفعل شَفاه الله من مَرَضهِ شِفاءً، ممدودٌ.
 واسْتَشْفى فلانٌ: طلبَ الشِّفاء.
 وأَشْفَيتُ فلاناً إذا وهَبتَ له شِفاءً من الدواء.
 ويقال: شِفاءُ العِيِّ السؤَالُ. أَبو عمرو: أَشْفى زيد عمراً إذا وَصَفَ له دواءً يكون شِفاؤه فيه، وأَشْفى إذا أَعْطى شيئاً ما؛ وأَنشد: ولا تُشْفِي أَباها، لوْ أَتاها فقيراً في مبَاءَتِها صِماما وأَشْفَيْتُك الشيءَ أَي أَعطيْتُكَه تَستَشْفي به.
 وشفاه بلسانه: أَبْرأَهُ.
 وشفاهُ وأَشْفاهُ: طلب له الشِّفاءَ.
 وأَشْفِني عَسَلاً: اجْعَلْه لي شِفاءً.
 ويقال: أَشْفاهُ اللهُ عسَلاً إذا جعله له شِفاءً؛ حكاه أَبو عبيدة. واسم المكان من الثلاثي (شفى) هو المشفى أي مكان الشفاء ، واسْتَشْفى طلب الشِّفاءَ، واسْتَشْفى: نال الشِّفاء.
 
والمستشفى هو اسم مكان من الفعل (استشفى) أي طلب الشفاء أو مكان طلب الاستشفاء .
 
والمشفى اسم مكان تعني مكان الشفاء كما أسلفنا آنفـــــاَ.
 
في سورية يقولون (مشفى) وفي سائر البلدان العربية يقولون (مستشفى) فما الأصح؟
 
الجواب لغويا ، كلاهما صحيح من حيث الاشتقاق ، أما من الأسلم عقائديا في الاستعمال؟
 
المشفى : مكان الشفاء
 
المستشفى: مكان طلب الشفاء .
 
وقد عرف العرب قديما المستشفيات والمصحّات وبرعوا في تجهيزها واختيار المكان الأنسب لاقامتها بما يؤمن الأجواء الصحية للمرضى ويساعد في شفائهم .
 
وكما نعلم فدينيّاً لا يملك الشفاء إلا الله تعالى وهو الحق الذي ندين به ، لذلك نرجّح صحة استخدام المستشفى ، فهي تشير الى المكان الذي نلتمس فيه الشفاء ، والمُشافي إنما هو الله تعالى ، وقولنا (المشفى) غير صحيح لأنّ مالك الشفاء هو الله ، والمستشفى ليس مكانا للشفاء بل هو مكان لاستجلاب الشفاء من عند الله تعالى ، والله أعلم .