حتى لا تسقط هيبة القائد - بقلم / أحمد الربيزي طباعة
مقالات - مقالات عامة
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الثلاثاء, 12 أكتوبر 2010 07:27

 للحراك الجنوبي في جوانب مسيرته التحررية منذ انطلاقه للعلن عام 2007م  كثيراً من الدروس والعبر التي  أوجدتها الظروف التي مر بها وكيف تعامل معها

 والخطوات العملية التي قام بها والتي سيأتي يوم ما مستقبلاً لدراستها وتحليلها علمياً وسياسياً ودراسة مكامن القصور ومكامن القوة وكيف استطاع قيادات الحراك الجنوبي السلمي  بأساليبهم وابتكاراتهم اجتياز العوائق والمطبات واستيعاب المتغيرات المتسارعة من حولهم وتلافي الإخفاقات التي وقعوا فيها من ناحية, ودراسة الجوانب الايجابية من الناحية الأخرى (ولنا تناولات أخرى في هذا الشأن).

ويعلم الجميع أن لدينا شعب عظيم شعب راقي يدرك غالبيته أهمية التعاون والتضامن والتآزر من أجل القضاء على الظلم  والاستبداد المقيت الذي يمارسه الاحتلال اليمني للجنوب منذ 7/7/94م ولهذا  تجد أن المنضويين تحت لواء الحراك الجنوبي من ناشطين ومن  أنصار ومن مساندين ومن معجبين ومن متابعين حريصون كل الحرص على أهمية الحفاظ على مسيرة الحراك الجنوبي السلمي كواجب مقدس, فرغم التشنجات والتباينات والاختلافات التي كثيراً ما تظهر على الساحة من قبل بعض ممن أعطاهم شعبنا الجنوبي ثقته وكانوا إما غير جديرين بالثقة أو تغلب عليهم حب الذات وتضخمها الغير أخلاقي متناسين شيئاً واحداً هو الأهم في كل ما يدور أن من وضعهم في تلك المواقع التي يظن كل واحد منهم أنه الشرعي الوحيد هي جماهير الشعب الجنوبي المناضلة في مسيرة الحراك الجنوبي التي منحتهم شرعية وجودهم في هذه المواقع وملتزمة لهم وطنياً وأخلاقياً ومرتبطة بهم برابط غير مادي ولا يخضع لمصالح ذاتية أو نفعيه آنية.

 فقيادات الحراك  كما يعلم الجميع تستمد شرعيتها من مواقفها النضالية ومن الالتزام الأخلاقي والوطني للجماهير التي تخرج إلى الساحات وتسير في انتظام تلبية لدعوة قياداتها الميدانية ولذا يتوجب عليها أي (القيادات) أن تسخر كل طاقاتها وكل قواها لحماية الجماهير التواقة إلى الحرية والائتمان على أهدافها والحفاظ على مسيرة ثورتها وعلى وسائلها الناجعة وابتداع  طرق ووسائل ممكنة عديدة أخرى تدفع بها نحو الهدف المتمثل بالتحرير واستعادة استقلال وطنها (الجنوب المحتل), وهذا أقل ما يمكن الوفاء به للجماهير الممتثلة لأوامر قياداتها طوعياً.

ولأن هذه الجماهير التي تضع المصلحة الوطنية الجنوبية فوق كل اعتبار  تدرك خطورة التغاضي أو التعامي عن الأخطاء المتعمدة أو الغير متعمدة والإخفاقات التي ترافق مسيرة أي من القيادات (وهي على كل حال تحت المجهر) ولذلك سيأتي يوم ما ترفض الجماهير هذا القائد أو ذاك مهما بلغ نفوذه أوعلا شأنه رفضاً قاطعاً لو شعرت منه تصرفات تناقض أخلاقيات العمل الوطني المكتسبة من (تصالح وتسامح وتآخي وتضامن) أو انحرافه عن الأهداف التحررية التي تردد أصدائها الجماهير الجنوبية من المهرة شرقاً إلى الضالع وباب المندب غرباً ودفعت في سبيل تحقيقها قوافلاً من الشهداء والجرحى والمعتقلين.

ولنا في مسيرة الحراك - رغم قصرها – الكثير من العبر التي تثبت أن الجماهير تستطيع أن تقول كلمتها في الوقت المناسب, وما حصل لقيادات في (المشترك اليمني) في منصة الحبيلين بردفان وفي ميدان الصمود في الضالع وفي ساحة الحرية في مودية ليس بعيداً فعندما حاولت قيادات في اللقاء المشترك الاستحواذ على الجماهير وحرف مسيرة نضالها إلى ما يخدم النظام قامت الجماهير بطرد تلك القيادات ووأد مشروعها ألتأمري قبل ولادته.

وحتى لا يضع القائد نفسه في موضع لا يحسد عليه فإننا نضع نصائحنا التي نراها ونتمنى على كل قائد بأن يأخذ بها حفاظاً على المصلحة العامة لشعبنا الجنوبي وحفاظاً على قياداتنا الأبطال الحاملين لواء الاستقلال.

  وهي عبارة عن  محاذير من بعض التصرفات السلبية التي تنعكس ممارستها على مسيرة الحراك الجنوبي السلمي حاضراً ومستقبلاً وحتى على من يقوم بها دون أدنى شعور بالمسئولية.

فمن المعروف أن لكل قائد ميداني في الحراك الجنوبي أسلوبه في التعامل مع زملائه في القيادة أو أمام جماهيره ومع من حوله وما يؤسف له حقاً أن بعضهم تجده لا يحسن التصرف ولا يجيد فن التعامل مع محيطه وخاصة مع  منتقديه ولذا تراه  يقذف منتقديه بتهم التخوين والعمالة بكل بساطة كما ويسهب في الغيبة على زملائه في قيادة الحراك ممن اختلف معهم أو شعر أنهم منافسون  أقوياء يهددون وضعه في قيادة الحراك ولذا تجده لا يتورع في الكيل لهم من التهم ما يفوق ما قاله مالك في الخمر, متناسياً (يمين رابطة الدم الجنوبي) التي وضعها وأعلنها في ردفان القيادي في الحراك الجنوبي أحمد عمر بن فريد.

 إن القائد الذي يحاول تشويه زميلاً له بطرق مبتذلة وحقيرة إنما هو يسهم بطريقته هذه وبدون وعي في التقليل من شأن القيادة الميدانية التي ينتمي إليها وهي التي تحظى باحترام الجماهير ويسقط عنها المهابة التي اكتسبتها من خلال تحملها المسئولية بجدارة وإقدامها في ساحات النضال بشجاعة وثبات الموقف, ومن العيب ومن الخطأ تشويهها بكل بساطة.

إن الهيبة أو (المهابة) التي يكتسبها القائد الميداني في الحراك الجنوبي من خلال تعامله كقائد منتظم قوي الإرادة وصلب ومتماسك ومتمسك بأهداف الحراك الجنوبي ومبادئه وباتزان سلوكه القويم كقدوة في التعامل الأخلاقي مع من حوله وفي القيام بواجبة تجاه أسر الشهداء وتفقدهم ومواساتهم ومتابعة علاج الجرحى والسؤال عن أحوالهم والعمل على بث روح التآخي بين الجماهير وعدم التخوين لرفاقه من القيادات مهما اختلف معهم وعدم المجاهرة بالشتم أو بالغيبة على زميله هي الأهم في اكتمال شخصيته وهي مهمة جداً لجعله مطاع وموقع ثقة يستطيع من خلال ذلك  تمرير أوامره التي يصدرها بحنكة وبسلاسة, بل وعلى كل قائد حكيم من أجل ترسيخ هيبته وزملائه في نفوس جماهير الشعب هيبة الاحترام وفي نفوس الأعداء هيبة الخوف أن يشيد بكل القيادات في الميدان وبأدوارها البطولية ومواقفها الشجاعة حتى وإن اختلف معهم سياسياً لما لهيبة القائد من فوائد كثيرة.

 ونحن اليوم في أوج هذه الثورة الشعبية المستمرة ونظام الاحتلال على وشك الانهيار فإننا في أمسّ الحاجة لوجود القائد الذي يهاب ويحترم  لكي يستطيع السيطرة على الوضع في حالة سقوط نظام الاحتلال خاصة وجماهير الثورة الجنوبية السلمية لا تتلقى أي مقابل مادي من أجل إطاعة قيادتها الميدانية بقدر ما يدفعها الشعور بالمسئولية والواجب الوطني تجاه بلادها.

كما إن من الأخطاء القاتلة التي يتوجب على القائد (أي قائد) تجنبها إصدار أوامره  تحت ضغط نفسي أو  بردود أفعال متشنجة ومتسرعة لا تعطي الفرصة الكافية لتدخل العقل ودراسة الأمر من مختلف جوانبه خاصة لو أن الأمر هام جداً, كما أن عدم امتثال بعض قيادات الحراك الميدانية لقيادات تنظيمية تتقدمها في الهيكل التنظيمي يعد من الأخطاء التي تكرر كثيراً في مسيرة الحراك الجنوبي السلمي وهذا العمل اللامسئول ولاشك  نتائجه وخيمة لا تنعكس على مسيرة الحراك فحسب  بل وحتى تنعكس سلباً على هذا القائد المتمرد تنظيمياً على قياداته العليا من حيث أنه لن يجد من يحترم قراراته طالما وهو لم يحترم قرارات قياداته ولم يحترم تنظيمه.

بالإضافة إلى ما سبق نضع بعض ما يتوجب على القائد في الحراك الجنوبي العمل به حفاظاً على هيبته وشخصيته كقائد محنك تحترمه الجماهير: 

 عدم تناول المواضيع الخلافية بين القيادات بشكل علني مع عامة الناس وفي المقايل المفتوحة والاكتفاء بتناولها في نطاق محدود لمناقشتها وإيجاد لها حلول ومخارج وعدم نشر الخلافات في وسائل الإعلام لكي لا تحبط الجماهير المتحمسة.


 إظهار الاهتمام بكل ما يتعلق بمسيرة الحراك الجنوبي ومتابعة أخباره والسؤال الدائم على المعتقلين وأسر الشهداء والإلمام بعدد الشهداء والجرحى والمعتقلين والأحاطه بكل جديد على الساحة الجنوبية.

 إجادة فن الخطابة ومعرفة متى وكيف يرفع نبرة صوته وفي أي مواضع من خطابه يتوقف ومتى يستخدم في خطابة نبرة أقل حدة وفي أي موضع.

 التقليل من الكلام في المجالس الذي لا داعي له ولا معنى له  والممازحة التي تقلل من هيبة القائد والاحتفاظ بالهدوء ورجاحة العقل ورزانته وهناك الكثير من الأمور التي لا يسع المجال لذكرها هنا.

وفي الأخير نحمد الله أن لدينا في الحراك الجنوبي السلمي قيادات محنكة استطاعت أن تمضي بمسيرة الحراك الجنوبي بخطى ثابتة وبعزيمة لا تلين حتى وصل اليوم إلى كل بيت جنوبي والى كل المحافل العربية والإقليمية والدولية وأصبحت تتناوله وسائل الإعلام العربية والدولية سواء المقروءة والمرئية والمسموعة.   

(ولنا عودة في طرق الكثير من هذه المواضيع الهامة)