المخاطر التي تهدد الحراك الجنوبي ............بقلم /زيد الجمل (لنشر طباعة
مقالات - مقالات عامة
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
السبت, 09 أكتوبر 2010 19:45

بسم الله الرحمن الرحيم

لا شك إن الحراك الجنوبي قد حقق الكثير من المكاسب والانتصارات  وفرض نفسه كحامل وطني للقضية الجنوبية التي أصبحت قضية شعب استطاع الحراك الجنوبي أبرازها مجددا لتستحوذ على تفكير وقناعات الغالبية من الجنوبيين 

 وفرضها بقوة لتتصدر اهتمام وإخبار وقلق الداخل اليمني  وباتت قضية حية وملحة أزعجت السلطة ولخبطت كل حساباتها  وأصبحت القضية الجنوبية تفرض نفسها على أجندة السياسة الخارجية لدى دول العالم وتحضي باهتمام ومتابعة جادة من قبل الأمريكان والبريطانيين ودول الجوار وبالذات السعودية وهو الأمر الذي أوكل ملف الجنوب للبريطانيين والسعودية .

 

لقد استطاع الحراك الجنوبي في ظل فترة قصيرة من الزمن إن يستقطب الكثير من الجنوبيين لمناصرته والالتفاف حوله  هذا الاستقطاب والالتفاف الذي تجاوز الحدود الحزبية  ليشكل تحالف شعبي تميز في تنوعه لمختلف القوى والأطياف والشرائح بتنوعها السياسي والفكري والاجتماعي وهو الأمر الذي مكنه من تحقيق هذه الانتصارات وفي الصمود والاستبسال في مواجهة القمع التي تمارسه السلطة لإخضاع الحراك والقضاء عليه ولذا قدم الجنوبيين الشهداء والجرحى واعتقل وطورد الآلاف دون أن ينال النظام من الحراك الجنوبي أو من عزيمة وإرادة الجنوبيين  بل إن قمع وعناد سلطة صنعاء قد زاد الجنوبيين قوة وإصرار أكثر على مواصلة النضال حتى استعادة دولتهم وحريتهم وشكله عملية التصالح والتسامح الذي أقدم عليها الجنوبيين عامل مهم في تعزيز وترسيخ قاعدة الحراك الشعبية وأسقطت بعض الأوراق التي كان يلعب عليها النظام ويراهن عليها في استغلال خلافات الماضي واستمالة بعض القوى التي تضررت في الماضي ولذا دخل الكثير من هذه القوى من سلاطين ومشايخ وغيرهم في الحراك الجنوبي المنادي باستعادة دول الجنوب  وبرزت العديد من التكتلات السياسية بما أطلق عليها قوى الحراك الجنوبي من هيئات ومنظمات وأحزاب تتبنى الحراك ومطالبه

 وهي بقدر ما هي ظاهرة طبيعية وصحية بقدر ما خلقت مشاكل في عدم وحدة وتناغم الحراك في شعاراته وخطاباته  ورؤيته وخلق ذلك تناقض وخلافات  بين هذه المكونات أضرت بتحالفات قوى الحراك ولعب عليها النظام لأضعاف الحراك وتشويهه وللحيلولة دون توحيد طاقات وإمكانيات الجنوبيين وتوظيفها في مواجهة التحديات وخطط نظام صنعاء الرامية إلى تشويه الحراك وأضعافه وبالتالي القضاء عليه .

 

إن الوضعية التي يعيشها الحراك من تنوع وتعدد مكونات الحراك الغير متفقة وملتقية على برنامج ورؤية سياسية موحدة ومرجعية للحراك قد اوجد تناقض في وسائل وأساليب النضال وفي خطابهم الإعلامي والسياسي وفي التحالف والتعامل مع القوى والأحزاب الأخرى التي لا تتفق مع ما يطرحه الحراك من المطالبة بفك الارتباط على الرغم من تعاطفها مع الحراك وخلافها مع السلطة لذا فقد شكل غياب  العمل السياسي المنظم والقيادة  السياسية الموحدة  إن حدث هناك خلط بين الإستراتيجية والتكتيك وبين تحديد الأولويات بحيث  انه كان ينبغي إن يتم حشد الجنوبيين للقضية الجنوبية وللعداء مع سلطة صنعاء دون إثارة قضايا أخرى أو خلق عدوات مع القوى الأخرى أكانت جنوبية أو شمالية أو مع المواطن والشعب الشمالي وبالرغم إن النظام قد غذاء ومول مثل هذه الأعمال والثقافة ألا أن الجنوبيين بالمقابل مع الأسف قد ساعدوا وسوقوا لذلك من خلال تلك الشعارات والتصريحات والأعلام الجنوبي وللخطاب الجنوبي الغير متجانس والسياسيات التي استفزت الخارج وكذا قوى الداخل  أكانت شمالية أو جنوبية كان يفترض أن لا تستفز ، إضافة إلى التعبئة الخاطئة وبعض الأعمال التي تتنافي مع نضالهم السلمي وتشوهه من المظاهر المسلحة في بعض المظاهرات والدعوات للكفاح المسلح ومن أعمال تقطع واستهداف للمواطن الشمالي وممتلكاتهم والتي خدمت النظام كثيرا أكان في حشد الشماليين ضد الحراك أو في تشويه الحراك وإضعافه كل هذه لعب عليها النظام ولازال يلهب عليها في ظل سكوت أو تقاعس أو تشجيع الحراك لها حتى وان لم يكن هو ورائها بشكل مباشر وباتت تشكل المناطق المحسوبة أنها تحت سيطرة الحراك مناطق خارج السيطرة تشتهر بالفوضى والانفلات الأمني والتقطع وأعمال القتل والسرقة واستهداف الممتلكات العامة والخاصة وغيرها وظل الحراك دون موقف جدي منها ألا في الفترات الأخيرة تجلى ذلك في مهرجان الحد يافع وفي تصريح الداعري  وفي خطابات الخبجي الأخيرة التي تناولها بقوة ووضوح .

 

إن هذه الظواهر والأعمال بقدر ما يشجعها ويستقلها نظام صنعاء إلا أنها حقيقية تشكل مادة لمحاربة الحراك وتشويهه وأضعاف شعبيته ولذا فان التصدي لمثل هذه الأعمال وفضح من يقف ورائها قد باتت مهمة نضالية لا تقل أهميه عن النضال من اجل استعادة الجنوبيين لدولتهم وحريتهم بل واهم لان اتخاذ موقف جدي تجاهها سوف يقلق الطريق تجاه استقلال سلطة صنعاء لها لإلصاقها بالحراك وتشويهه  ويطمئن الناس ويبعد المخاوف والشكوك من المستقبل  . 

 

لقد باتت اليوم عملية تطهير وتنقية الحراك من الشوائب والسلوكيات والإعمال التي تشوه نضالنا عملية ملحة يتطلب من كل الجنوبيين اتخاذ موقف جدي منها ومحاربتها ويمكن إن نوجز أهم القضايا التي يتطلب التصدي لها ومحاربتها وتبرئه الحراك وتنزيهه منها في الأتي :

 

1 – التأكيد في خطابنا وأعلامنا على الطابع السلمي لنضالنا والتمسك فيه إلى النهاية كوسيلة لاستعادة دولتنا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والتمسك بقرارات مجلس الأمن الدولي  ورفض  أي عمل أو سلوك يستهدف أفراغ نضالنا السلمي عن مضمونه وطابعه السلمي أو تلك التي تحاول تشويهه بما في ذلك الدعوة للكفاح المسلح مع التفريق بين رفضنا للكفاح المسلح وبين حق الإنسان في الدفاع عن النفس.

 

2 _ إدانة  كل أعمال وأفعال القاعدة ونبذها والتصدي لها وعدم السماح لتلك العناصر أن تتخذ من المناطق الجنوبية ملجأ لها وفضح تجنيد نظام صنعاء لها وإرسالها لمناطقنا بقصد تشويه الحراك وتصفيته باسم القاعدة ولذا ينبغي أن يحذر الجنوبيين من التسويق الإعلامي للعمليات الإرهابية ونسبها للفصائل المسلحة وغيرها من باب التفاخر بدون إن يعوا مخاطر مثل هذه التصريحات والحماسة والتي نتيجة لردود فعل لما يعانوه من قمع سلطة صنعاء ولذا فان موقفنا الرافض لكل أشكال التطرف والإرهاب هو موقف حقيقي  وثابت صادر عن قناعة دينية  ووعي إنساني وثقافي نشأت على مبادئ ديننا الاسلامي الحنيف  ولذلك علينا أن نطمئن الخارج إن بلادنا لا يمكن إن تكون وكر أو منطلق لأعمال الإرهاب والقرصنة أو للتطرف السياسي وتصدير الثورات ولن تكون ألا دولة سلام تحترم سيادة كل دولة ولا تتدخل في شؤون أي بلد  وتمد يدها للكل على أساس المصالح المشتركة  والاحترام المتبادل.

 

 

3 _ محاربة كل الشعارات والدعوات التي تحاول إن تحول صراعنا مع سلطة صنعاء إلى صراع مع الشعب الشمالي وقواه السياسية وبالذات تلك المختلفة مع النظام والمتعاطفة مع الجنوبيين ولذا ينبغي إن يوجه نضالنا وأعلامنا للتركيز على النظام وحدة وعلينا إن نفهم إخواننا الشماليين إن قضيتنا مع سلطة صنعاء وليست مع المواطن أو الشعب الشمالي كما تحاول أن تسوق لذلك السلطة لما تطلق عليه ثقافة الحقد والكراهية ويجب إن يطمئن كل شمالي أكان من سكنوا الجنوب قديما أو أخيرا وان  حياته وحقوقه وممتلكاته مصانة يحميها النظام والقانون ولا عقاب إلا بقانون.

 

4 _ رفض كل تلك الأعمال من شغب وفوضى وتقطع للطرقات وأعمال البلطجة واستهداف المواطنين الشماليين ومحلاتهم وممتلكاتهم أو التي تستهدف الجنوبيين أنفسهم  وكذا كل تلك الأعمال التي تستهدف زعزعت الأمن والاستقرار واستهداف مباني ومؤسسات وممتلكات الشعب العامة  والسرقة والفساد والتسيب في العمل وخدمات المواطنين وتجارة المخدرات والمسكرات وغيرها من الأعمال التي تدفع بها السلطة لتحويل الجنوب إلى فوضى وفتن ولتشويه الجنوبيين وحراكهم السلمي ولخلق مشاكل ووضع مضطر يصعب السيطرة علية ولذا ينبغي أن يعلم الجميع أننا نناضل من اجل بناء دولة النظام والقانون دولة العدل والمساواة لكل أبناء الجنوب وان التخوف من عودة حكم الحزب الاشتراكي أو من عودة حكم السلاطين غير وارد .

 

5 _المحافظة على المؤسسات العامة  في المناطق الجنوبية وبالذات الخدمات والتعليم والصحة والأمن والقضاء وغيرها حتى لا تفلت الأمور وتخرج عن السيطرة ولذا فانه يتطلب من المشايخ أن يلعبون دور كبير في حث المواطنين والسلطة وبالذات  مطالبة أعضاء المجالس المحلية إن يقومون بدورهم تجاه أهلهم ومناطقهم التي انتخبتهم بدافع وطني جنوبي  وعدم استفزاز أي جنوبي لازال يعمل مع السلطة بما فيهم القياديين وأعضاء المؤتمر وغيرهم ولذلك ينبغي أن نطمئن الجميع إن الوطن ملك الجميع مهما اختلفت توجهاتهم السياسية أو تناقضه برامجهم وأهدافهم وان الكل يعيش في حقوق وواجبات ومواطنة متساوية  .

 

6 _تخلص الحراك من العناصر التي تسئ إليه في سلوكها وأعمالها وأخلاقها لان مثل هذه النوعيات تعطي انعكاس سلبي على شعبية وتأثير الحراك وتنفر الناس من الحراك ولذا فان على نشطاء وقادة الحراك إن يكونوا نموذج في الأخلاق والسلوك وفي العلاقات مع الناس وان يكونوا قدوة حسنة للآخرين وان نستمد أخلاقنا وسلوكنا وتعاملنا من تعاليم ديننا الحنيف .

 

7 _ تجنب استفزاز الجنوبيين أحزاب وهيئات وشخصيات اجتماعية وأفراد وبالذات الذين لهم موقف مع الوحدة والذين لا يتفقون مع الحراك في مطالبة بفك الارتباط وبالذات أن الكثير منهم ليس مع النظام ويقرون بفساده وفشله ويحملونه مسؤولية هذه الأوضاع والأزمات وما أوصل البلاد اليه  ولذا ينبغي إن يكون واضح إن زمن الحزب الشمولي وسياسته وفكرة لم تعد لها مكان ولذلك  يجب إن تتخلص كل مكونات وقيادات الحراك المختلفة من عقلية وثقافة الماضي الشمولي  في التعامل مع الأخر المتمثلة في التفرد بمصير البلاد والإلغاء وتهميش وتخوين الآخرين ويجب إن تغير خطابها ولغتها بحيث تطمئن الآخرين وتبعد المخاوف والشكوك من تكرار تجارب الماضي .

 

8 _ يجب إن نقر إن الحراك بوضعه الحالي وانفتاحه الجماهيري  يستطيع أي جنوبي إن ينخرط فيه دون أي تقييم أو عوائق أو ضوابط ولذا فان عملية الاختراق واردة بل ومؤكدة ولا يمكن للسلطة أن لا تدس عناصرها في مكوناته المختلفة وفي المظاهرات والفعاليات والمواقع الإعلامية وغيرها بغرض تغذية خلافاته وتشويه الحراك والقضاء عليه من داخله ولذلك فانه ينبغي إن ترصد العناصر المشكوك في أعمالها وسلوكها لمعرفة وكشف العناصر المندسة وهذا يتطلب تحري الدقة والأدلة حتى لا نشكك بالناس وننمي ثقافة المؤامرة وتخلق لدينا أزمة ثقة ومشاكل نحن في غناً عنها .

 

 9_ تخليص الحراك الجنوبي من العمل العشوائي والصبياني الغير مسيس والغير منظم والانتقال لعمل سياسي منظم من خلال الهيئات والأطر الرسمية وإيجاد برنامج سياسي يطمئن الداخل والخارج يحدد أهدافنا ورؤيتنا للمستقبل وأشكال وأساليب عملنا الحالية وشكل ومضمون الخطاب السياسي وحدوده وأهدافه ويحدد التحالفات المحلية والدولية والأولويات ووسائل العمل التكتيكي وإيجاد كوادر ومراكز متخصصة للعمل الإعلامي والدبلوماسي وقيادة موحدة قادرة على أدارة عملية الصراع والمناورة والمبادرة بحنكة وكفائه عالية .

 

زيد الجمل


 

8/10/2010