((( العاشقدارية في أحضان .. تاج )))

[بو عمر]

العاشقدارية في ضيافة .. تاج




لم تكن مفاجئة وجود اسم الأستاذ / عاشق الدار يتصدر عناوين المنتدى السياسي لموقع التجمع الديمقراطي الجنوبي ( تاج ) خاصة وأن مناقشات طويلة مرت خلال الأشهر الماضية حول التحرك الجاد نحو تشكيل جبهة تحررية قادرة على تخليص حضرموت والجنوب العربي من قيود الاحتلال اليمني الغاشم على بلادنا ، لم تكن أبداً مفاجئة خطوة الأستاذ والأخ والصديق عاشق الدار في خوض تجربة سياسية تعبر في حقيقتها عن رغبة تحقيق الاستقلال الوطني ، لكن هناك ما يدفعني للتأمل فيما سيحدث من تالياً حتى وإن كان الهدف للطرفين هو الخلاص من اليمنيين المحتلين للوطن الجنوبي والحضرمي فالأمر غاية في الأهمية لما سيحتمل من نتائج ...

السؤال الأول لماذا عاشق الدار ؟؟؟ تساؤل لابد وأن يطرح فمن لم يقرأ للأستاذ عاشق الدار فهو لم يقرأ بعد عن خصوصية الدولة الحضرمية وهويتها وظروف احتلالها وما يترتب عليه الاحتلال ، فتجربة عاشق الدار الفكرية هي السقف الأعلى لكل المطالب الوطنية الحضرمية ولن يكون هناك تجنياً أو تجازواً ما في الإشارة إلى أن مشروع عاشق الدار السياسي يتفوق من نواحي مختلفة حتى عن مشروع المناضل / عمر باعباد يرحمه الله تعالى ، مشروع عاشق الدار السياسي يحتوي حضرموت بالناحية السياسية المطلقة دونما اعتبارات لحضرموت الطبيعية وهذا هو التجاوز التاريخي الذي كنا معاشر الحضارمة في جدلية فيه على مدار عقود زمنية لعل تأثيرات الاحتلال اليمني فيها كان هو الضاغط المؤثر الذي تجاوزه عاشق الدار في إطار سياسي حصر المشروع الوطني في إطار ملزم بتثبيت مشروعية الدولة ككيان حقيقي لم يستطع كل أزلام النظام اليمني وأعوانه من تدميره بل انه تنامى واتسع نطاقه لتصبح المطالبة باستقلال حضرموت مطلباً عاماً خاصة من قبل متداولي الفكرة سياسياً ...

لم يعرف الأستاذ عاشق الدار مرتكزاً للتعاطي الفكري بغير استقلال حضرموت ، هذا الارتكاز ضعضع كل المشاريع السياسية الفكرية بما في ذلك التواكب الفكري مع أطروحات التجمع الديمقراطي الجنوبي ( تاج ) على اعتبار سياسي أفرزته حقبة الستينيات الميلادية من القرن العشرين المنصرم على تأثير سقوط مشروع شيخان الحبشي يرحمه الله تعالى والذي تهاوى بالمؤامرة التاريخية التي جرت حضرموت والجنوب العربي إلى ما سمي بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهي التجربة السياسية المريرة التي عاشها الجنوب العربي كاملاً تحت قبضة الشيوعيين وحتى سقوط دولتهم رسمياً مع إعلان دولة الوحدة في الثاني والعشرين من أيار / مايو 1990م ...

المعضلة الفكرية يمكن وضعها في خانة الحركة الإيجابية لأبناء الجنوب العربي قاطبة ، وهي حالة تجاذب واستقطاب بين طرفي الفكرة السياسية التي تهدف في عمقها الظاهر على استقلال الجنوب العربي وليس تحقيق الانفصال عن اليمن الشمالي ، فالإرادة السياسية تهدف أولاً وأخيراً لتحقيق الاستقلال وإنشاء الدولة المستقلة على ترابها الوطني بمسماها الشرعي ( دولة الجنوب العربي ) وهذه هي الشرعية المعلنة على الأقل من طرف التجمع الديمقراطي الجنوبي الذي تجاوز كل المطبات السابقة بعد إحاطته بأن لا وجود لليمن على تراب الجنوب العربي ...

المقدرة في إرداف المشروع الوطني الجنوبي بالرافد الحضرمي هو كينونة اللاحق من الأمور السياسية المناطة بالتجربة العاشقدارية المنتظرة في التجاذب الفكري مع القيادة السياسية لـ ( حركة تاج ) ، ولعل البادرة الأولى تنم عن تباعد قد يقاس بملايين السنوات الضوئية بين الطرفين والسبب يختصر في مسألة أولى هو أن ( حركة تاج ) تتبنى المشروع السياسي الرامي فقط على تحقيق الاستقلال للجنوب العربي دونما أخذ في الاعتبار التجربة السياسية التي تؤرق أبناء حضرموت بشكل خاص وأبناء الجنوب العربي بشكل أعم وأشمل ، فليس يعني تحقق الهدف الواحد بالخروج من قيد الدولة اليمانية المحتلة يعني تجاوز أخطاء الماضي بما احتمله من تجني ، ومن تجربة قاسية كانت قسوتها الأكثر في حضرموت بداية من المشروع الاستيطاني اليماني الباغي استبدال الهوية الحضرمية بالهوية اليمنية الجنوبية تحت شعارات قومية زائفة دفعت حضرموت ثمناً لها من دماء علمائها وأبنائها ولم تنتهي المأساة الحضرمية عند هذا الحد بل وصلت إلى حالة استنزاف مقيت للثروات النفطية والبحرية والزراعية والعلمية وحتى التاريخية أيضاً في أعقاب قيام دولة اليمن الواحدة ...

من الخطأ تجاوز الماضي على اعتبار فقط الخلاص من اليمانيين المحتلين ، فهؤلاء لهم زوال أكيد فلم تعرف البشرية احتلال يدوم لأن الأصل هو نهاية مأساوية لكل التجارب التاريخية القديمة أو المعاصرة ، بل الجدير والأجدر والمحتم على الجميع في التناول الفكري السياسي هو وضع برمجيات صحيحة لكل النقاط بما في ذلك طرق وآليات الحركة التحريرية وما سيتبع ذلك من الاستقلال وما يلي الاستقلال الوطني ...

اختلاف الأيدلوجيات الفكرية هي حالة عربية متوارثة تؤدي في نهايتها لسقوط كل المشاريع في مزالق خطيرة ويمكن جداً الاستدلال بما يجري حالياً في العراق وفلسطين من تناحرات داخلية بين فصائل المقاومة التي كانت في يوم من أيامها ترغب في هدف واحد وهو ما نحن بصدده حالياً كحضرميين وجنوبيين ...

لا أعلم إن كانت ( حركة تاج ) قادرة على تحمل الميراث السياسي الأسود لأربعين عاماً عرفتها حضرموت سوداء بل كاحلة في السواد ، وإن كانت ( حركة تاج ) قادرة على تحمل التبعات والاعتذار عن أخطاء الماضي البغيض يحتمل الانطواء السياسي والتاريخي والحضاري المعاصر تحت راية دولة حضرموت العربية لما تمثله حضرموت من ثقل سياسي وتاريخي يمكن من خلاله فقط تحقيق المبادىء السامية للدولة المتحررة من تجربة الاستبداد في أربعين عام ...

معاشر السادة الشرفاء حضارمة وجنوبيين ...

ما أوردناه لا يعني إطلاقاً فتح الدفاتر القديمة لتصفية حسابات لصالح طرف على طرف ، بل يعني فتح حوارات جادة لوضع وثيقة شرف يلتزم بها جميع الأطراف فما دام الجميع يهدف لغرض واحد فجدير بالجميع بناء جسر قوي يمتد بين الطرفين ليكون ما بعد الاستقلال ما يستحق لأجله التضحية والبذل والعطاء وأن لا تتحول التجربة إلى نقمة ككل الثورات العربية التي تحولت بجهالة أصحابها إلى نقمة وعذاب للشعوب ...