عرض مشاركة واحدة
  #72  
قديم 05-11-2010, 06:22 AM
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 21
افتراضي

من خلال القراءة الهادئة والتأمل الواعي في المحاور والمسائل الرئيسية والفرعية لهذه الرؤية وطريقة صياغة وانتقاء تراكيبها اللغوية والدلالية يمكن استخلاص الأتي .

أولا : هناك فكرة أو مسألة واحدة يلمس المطلع حضورها بقوه في جميع محاور الرؤية وعباراتها التي صيغة بها من أول جملة حتى أخر لفظ فيها حتى يكاد يشعر القارئ الحصيف أن تلك الرؤية كانت ردت فعل دفاعيه من خطر محدق أحدثته فكرة الفيدرالية أو الكنفدرالية المطروحة من أطراف داخليه ودوليه وشخصيات جنوبية كحل للقضية الجنوبية بدلاً عن فكرة فك الارتباط واستعادة الدولة التي يتبناها الحراك الجنوبي والرئيس البيض ، وعليه لو تأملنا مقدمة الرؤية والأسباب الأربعة التي وردة للتدليل على أن القضية الجنوبية أمام منعطف حرج ، سنجد أن فكرة حرف مسار الحراك من خلال طرح وتبني تسويات قصيرة النظر ومجحفة بنضال شعب الجنوب ..الخ فهذه الفكرة تضمنتها الأسباب الأربعة السابق ذكرها بصورة مباشره أو غير مباشره بل إن تلك الأسباب تعود بالتحليل الأخير إلى سبب أو خطر واحد هو محاولة طرح حل للقضية الجنوبية خارج هدف تقرير المصير والاستقلال ، ونفس الأمر في الجزء الثاني من الرؤية الذي تضمن المعالجات والخطوات أللازمة للتعامل مع الأسباب الأربعة السابقة التي جعلت القضية الجنوبية ــ حسب الرؤية ــ أمام منعطف حرج في الوقت الراهن ، فالمتأمل في المحاور الأربعة التي حملت عناوين ( الخيار السلمي ، الوحدة الوطنية ، الحقوق الوطنية ، كمين " اوسلو" لتصفية القضية الجنوبية ) ، يجد أن المسائل الفرعية التي تم التطرق إليها تحت هذه العنوانين جميعها تتركز حول مشروعية هدف تقرير المصير واستعادة الدولة على أساس قرار فك الارتباط المعلن من الرئيس البيض ، وعدم مشروعية ما سواه من تسويات بل وتحريمها .. الخ

وترتيباً على ما سبق فإن الأمر المؤكد أن هدف فك الارتباط والاستقلال محل إجماع مكونات الحراك الجنوبي ومن ثم فإن إبراز مشروعية هذا الهدف وتأصيل مرتكزاته القانونية والسياسية والتاريخية والفكرية .. الخ أمر بالغ الأهمية بل وضروري بدون جدال ، ولكن لا يمكن اختزال أي مشروع رؤية للقضية الجنوبية في الحديث عن هدفها فقط فالهدف هو احد محاور تلك الرؤية هذا من جانب ومن جانب آخر ليس صائباً أن نجعل من تلك الرؤية عبارة عن ردة فعل من حدث أو موقف سياسي صادر من دوله أو عدة دول أو شخصيات سياسية معينة تتطرق إلى مواقفهم تلك الرؤية بالنقد والتحليل وإبداء الأسف من تلك المواقف ، أن الرؤية السياسية لأي قضية وطنية هي عبارة عن تأصيل وتحليل فكري للمقو مات والمرتكزات السياسية والثقافية والقانونية والتاريخية ..الخ لتلك القضية ،لذلك فمن الصعب وصف الرؤية الصادرة عن مكتب الرئيس البيض بأنها رؤية سياسية للقضية الجنوبية فالأنسب بنظري أن تسمى رؤية حول تسوية أوحل القضية الجنوبية ..

ثانياً : تضمنت الرؤية تحليلاً وصفياً لكثير من المسائل التي تهم الحراك في الداخل خصوصاً ما يتعلق منها بتعزيز خيار النضال السلمي والعمل على ابتكار وسائل وطرق عمل تطويره ليصل إلى العصيان المدني الشامل ..الخ وكذلك ما يتعلق بتعزيز الوحدة الوطنية .. إلا أن الرؤية اقتصرت على التأصيل النظري بشان ذلك ولم تتطرق إلى آلية عمليه لتطبيق ذلك على الواقع فلا يمكن الحديث عن الوحدة الوطنية في ظل التشرذم الحاصل في مكونات الحراك بل وغياب العمل المؤسسي في نطاق كل مكون على حده . فإذا كنا قد علمنا بما يجب ويحتم أن يكون عليه عمل الحراك مستقبلاً ، فإنه من الضرورة والواجب أن نعلم بالكيفية التي من خلالها ننتقل مما هو كائن إلى ما يجب أن يكون !!

ثالثاً: مسألة طرح القضية الجنوبية على محكمة العدل الدولية ، مسألة تحتاج ــ بنظري ــ إلى تفكير ودراسة من كافة الجوانب فمشروعية القضية وحده قد لا يكفي في هذه المسألة بل هناك ــ حسب علمي المتواضع ــ متطلبات شكلية وإجرائية ضرورية لقبول وتقديم الدعوى أو الطلب ثم هناك قواعد وشروط للأدلة التي يستند إليها حكم أو قرار المحكمة الذي لا يعتمد على ما قدم في الأوراق وحسب بل وما هو قائم في الواقع بمعنى آخر هل ما ذكر في الأوراق له وجود واقعي صحيح ؟؟.. ثم يجب التفكير بمدى إلزام القرار والتفكير بأسوأ الاحتمالات وهو عدم قبول الدعوى فإن مثل ذلك له انعكاسات خطيرة جدا ، لذلك فالأولية بنظري في هذا المرحلة هو لتعزيز الجبهة الداخلية وتوحيد الهيئات وانجاز مشروع البرنامج السياسي الموحد للحراك فترميم الداخل قبل الخارج
رابعاً : لا تعني الانتقادات السابقة التقليل من أهمية تلك الرؤية أو مما تضمنته من أفكار وتحليلات عميقة جداً تعكس حرص وإخلاص وطني ونظرة ثاقبة في تحليل الأحداث نابعة من مستوى فكري راقٍ وتجربة إنسانية زاخرة ، ولو أتينا لتعداد وتفصيل تلك الأفكار والتحليلات لوجدنا أن ما كتب من نقد حولها لا يكاد يذكر ، ولكن بطبيعة الحال إن كل جهد إنساني مشوب بالقصور والنقد البناء هو الكفيل بتدارك ذلك القصور كما أن النقد في المحصلة النهائية حتى وان لم يكن صائباً فلا يخلوا من فائدة حتى للناقد نفسه في تدارك القصور لديه وتنمية قدراته الفكرية والنقدية ..
خامساً : لازالت القضية الجنوبية اليوم ينقصها حراكاً فكرياً موازياً لحراكها الجماهيري في الميدان لان بدايتها الأولى كانت حراكاً فكرياً قبل أن تتحول إلى حراك ميداني . خالص التحية والتقدير


رد مع اقتباس