حب الجنوب لا يحتاج للمساومة أو المزايدة
جيهان ماجد * (كاتبة لبنانية)
2016/09/26 الساعة 10:14 pm
وقع أحد القراصنة في أسر الإسكندر الكبير الذي سأله : كيف تجرؤ على إزعاج البحر؟ ،كيف تجرؤ على إزعاج العالم بأسره أيها اللص ؟ فأجاب القرصان : لأنني أفعل ذلك بسفينة صغيرة فحسب أُدعى لصا؟! ،وأنت الذي يفعل ذلك بأسطول ضخم تُدعى أمبراطورا ؟! ".
لقد تابعت حديث دولة الرئيس حيدر العطاس الذي قال فيه بأن على الجنوبيين القبول بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني وأي خطوة جنوبية تتخذ اليوم يجب أن تراعي مصالح الحكومة الشرعية والتحالف.
ومن هذا المنطلق أردّد وأقول لك : لنكن أوفياء للمسؤوليات الكبيرة في نصرة الجنوب العربي وأن نقف إلى جانب هذا الشعب المقهور والمظلوم، لا نريد حورا ومصالح حكومية تراعي الشرعية والتحالف على حساب أرواح أبناء الجنوب ، نريد أن يعيش الشعب حرا ، نريد أفعالاً واعترافاً بالقضية الجنوبية ، نريد حقائق واقعية ، وأن تجري الأمور وفق إرادته ويحقق مراده ..
إن مشكلة الجنوب العربي ليس في تخاذل شعبه أو قياداته ، ولكن من تدخُّل وتغطرس ذوي القربى ، وكلاء الأرض المزيفين ، ذوي الأيادي السامة القاتلة التي لم ولن تسمح بأن يقوم بناءً في الجنوب العربي وأن تتكاتف الأيدي لأجل اختيار من يتمتع بخصال ومزايا تؤهله لتسلم راية قيادة المسيرة على أساس متين .
وأذكركم هنا يا من تصرفون مكاسب على طاولة الحوار ، طاولة القمار السياسي حب الجنوب لا يحتاج لمساومة ولا يحتاج لمزايدة ،لأجل الجنوب راقت الدماء وتشرد شعبه، لأجل الجنوب تحمل الشعب ألواناً من العذاب واستمر نبض قلوبهم حباً ووفاءً حتى آخر نبض في الأجساد لأجل الجنوب .عندما انتفض شعبه ضد وحدة تحولت من حلم إلى كابوس، وانتفض انتفاضة واحدة دفاعاً عن أرضه وكرامته وعنفوانه ، وقدّم التضحيات العظام شهداء وجرحى حمل قضيتهم رجال عاهدوا الله وشعبهم على مواصلة الدرب الصعب حتى تحقيق النصر مهما كانت الأثمان باهظة، وحمل قضيته كل شهيد كل جريح كل مشوه كل أرملة ثكلى وطفل مشرد وشيخ طرد من أرضه وعامل سدت بوجهه سبل العمل الكريم وفلاح ومهندس وطبيب ومعلم ما زال ينظر إلى مستقبل زاهر لجيل قادم يبني الوطن بساحاته وبنيانه ومصانعه ومدارسه ومستشفياته والأهم نفوس أبنائه ،وتأتي اليوم يا دولة الرئيس تقول على الجنوبيين القبول بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني!!! ، وأن يراعى الشعب الجنوبي مصالح الحكومة الشرعية والتحالف!!.
مع احترامي لكل ما أوردته نريد أفعالاً واعترافاً ونريد حقائق واقعيه،، وأن تجري الأمور وفق إرادة الشعب الجنوبي وأن يحقق مراده . كل الشعوب في هذه الدنيا، لهم حقوق وعليهم واجبات، ولعل من أهم الحقوق التي تحق للشعب هي حقه في الاستقلالية وفي الانفراد في اتّخاذ القرارات في أي أمر يخصه ويتعلّق به دون أن يرجع إلى الآخرين ليقرروا هم عنه، فكل الشعوب في هذه الدنيا لها كيانها واستقلاليتها اللتان تمنحانها حريتها، ولهم عقول وقلوب وإرادة وروح يستطيعون بها أن يقرروا القرار الذي يتعلق بمستقبلهم وحياتهم.
أمّا إذا تم قمع الشعوب وسلبه هذه الحقوق، فإنه ببساطة شديدة سيكون مسلوب الحرية والإرادة فإنه ببساطة غير قادر على اتخاذ أي قرار يخصه باستخدام الملكات والهبات التي منحه إياها الله تعالى، ومن هنا ضرورياً أن يعمل على أن يصارع من أجل أن يحصل على هذه الحقوق، حتى ولو كلفه هذا حياته، لأنه لا معنى للحياة من دون هذه الحقوق.
تقرير المصير هو حق معروف في العلوم السياسية حيث يشير هذا المصطلح بأنّ لكل شعب أو أمة في أي مكان كانت أن يكون له الحق في اتّخاذ قراره السياسي بشكل مستقل بعيداً عن أية تدخلات خارجية وداخلية.
ومن حقه أن يتخلص أولاً ممن سلبها إياه، فالدول التي يجثم على صدرها دولة محتلة تستنزف خيراتها ومقدراتها وتعمل على أن تقمع شعبها وتتحكم في مصيرها ومقدراتها ومواردها، قطعاً لن تستطيع أن تختار حق تقرير مصيرها، لذا يجب أولاً أن تتخلص ممن ينغص عليها معيشتها ويفسد مقدراتها ويستنزفها حتى تستطيع أن تقرر كل شيء يخصها.